التمهید

من إحدی الممیزات الرئیسیة البارزة لدی مذهب أهل البیت(علیهم السلام) هو الإجتهاد و المرجعیة الدینیة، انّ الإجتهاد هو من المحفزّات الداعمة فی المجتمع الإسلامی و الذی یمکن من خلاله إعطاء التعلیمات و الأطروحات الدینیة لجمیع الفئات فی الأوساط الدینیة دون التقییدات الزمانیة و المکانیة، وتلک التعلیمات تکون ناشئة من المصادر الاسلامیة مثل القرآن الکریم و السنة الصحیحة و العقل والإجماع، و بذلک نجد الفقه الشیعی محققاً ثابتاً و مجیباً لجمیع تطلبات المجتمع الإنسانی و الأجیال القادمة و بالتالی تکون المدرسة الشیعیة ترد علی کل التساؤلات المطروحة فی الأصعدة المختلفة.
لو لاحظنا التاریخ و الأدوار الإجتهادیة لنری بکل وضوح بأنّه الإجتهاد تکونت بنیتها من عصر الأئمة المعصومین(علیهم السلام)، و أنه کان بعض الصحابة الأجلاء یفتی و یجاوب علی أسئلة المؤمنین، کما أن النوّاب الأربعة الخاصة رضوان الله علیهم لهم دور کبیر فی المواصلة و التواصل العمیقة بین المؤمنین و بین الإمام الحجة الغائب المنتظر(عج). ثم کان الفقهاء العظام هم من یحمل هذه الرایة خفاقةفی سماء الإیمان و العلم فی کل صقع من إصقاع الازمنه الإسلامیة، و کانت هذه الرایة ترفع من مرکزین مهمّین و هما: النجف الأشرف و قم المقدسة، و قد تصدِّ المرجعیة عدید من الفقهاء الکرام علی مرّ التاریخ وکان المؤمنون الشیعة یراجعون الیهم فی الأحکام الإسلامیة و شئوون دینهم تحت عنوان التقلید الذی یعنی به مراجعة العامی إلی الفقیه الأعلم فی استنباط الحکم الشرعی.
و فی هذه المواکبة کانت الشیعة فی أفغانستان من الموالین الصادقین الملتزمین فی خط أهل البیت(ع) یقدمون الوجوهات الشرعیة إلی المراجع العظام رغم وجود الفقر المدقع فی کل أرجاء بلادهم و لم یکونوا من المقصّرین فی دفع الأموال الشرعیة.
إضافة علی ذلک کانوا یبعثون أبنائهم إلی المدارس و الحوزات العلمیة لدراسة العلوم الإسلامیة  آملین وصولهم مدارج الدراسات العلیا لینالوا المرجعیة الدینیة و التصدی لها.
و لکن رغم کل هذه المحاولات الحثیثة لم یبلغوا الهدف المرجوّ ذلک لعوامل تحول دون ذلک من وجود الفقر الشدید و الموانع السیاسیة السائدة فی بلادهم، فقد فشلت المؤهلات الکافیة بواسطة القرارات الظالمة فی البلد، فبقیت شجرة الآمال و الطموحات ذابلة هنا و هناک لأنّ الهواجس تتحرک و تتحسّس بین الفینة و أخرى إلی ان زهرة الأمل قد تفتّحت و بظلّ العنایة الإلهیة و أضواء الکرامة الأئمة الطاهرین(علیهم السلام)  و من برکة التوسلات و الدّعاء المتواصلین برزت نجمة العلم و الفقه لسماحة آیة الله العظمی المحقق الکابلی حفظه الله فی سماء المرجعیة، و بأعتلائه کرسیی المرجعیة تحقق الأمل و الطموح المنشود و من هنا تجذرت الإکتفاء الذاتی و الإعتماد علی النفس فی قلوب الشیعة المخلصة الصادقة المضحیة  فی سبیل الدین و الشریعة الغرّاء، و بعد إرساء سفینة المرجعیة فی ساحل الأمل المحقق فقد انحلّت المآت من الأسئلة الدینیة و أجیبت عنها من قبل هذ المرجع الکریم کما أنه قد تمّ حلّ کثیر من المشاکل الإجتماعیة و الحقوقیة و الفقهیة فی المجالات العدیدة.
هذه الصفحات تحتوی علی نبذة عن حیاة المرجع الدینی الکبیر سماحة آیة الله العظمی الشیخ المحقق الکابلی إدام الله عزه الشریف، ومن الواضح أن تحریر جمیع أبعاد حیاته الکریمة غیر ممکنة فعلاً بل هذا الأمر بحاجة إلی فرصة کبیرة و إلیک التقریر عن حیاته المفعمة بالخیر و البرکة التی عمت البلادو العباد فی ربوع أفغانستان.