بسم الله الرّحمن الرّحیم
قال الله الحکیم فی کتابه الکریم:
«یا أیها النّاس إنّا خلقناکم من ذکر و أنثی و جعلناکم شعوباً و قبائل لتعارفوا إنّ أکرمکم عند الله أتقاکم إنّ الله علیم خبیر»
أیّها الإخوة فی الإیمان!
إنّ الدین الإسلامی الحنیف هو أکمل الأدیان السماویة و خاتمها و هو الذی نسخ تلک الأیان السابقة لأنه أتی بجمیع متطلبات البشریة من الهدایة و الکمال و السعادة للإتسان إلی یوم القیامة و لذلک هو علی أتم الاستعداد علی الإجابة لجمیع الأسئلة التی تهمّ مصیر الإنسان نحو التعبد الصحیح لله وحده سبحانه و تعالی فی إطار أصول و قواعد خاصّة.
و إنّ نبیّنا محمّد بن عبد الله صلّی الله علیه و آله و سلّم الذی جاء بالإسلام هو خاتم الأنبیاء و المرسلین، و قد بشّر به الأنبیاء السابقون کلهم کما تشهد بذلک الکتب السماویة السابقة.
و لله الحمد إنّ الإسلام قد انتشر علی ربوع الأرض أدناها و أقصاها بقوة المنطق و البراهین الساطعة و إننا نشهد بأن نفوساً حرّة هنا و ضمائر حیّة هناک قد تحرکت صوب ما کان یفقده و توجهت نحو مبتغاها و التقت بضالتها فانتمت إلیه و تعلقت به و تدافع عنه ببسالة و هذا مما یستبشربه المؤمنون بین الفینة و أخری .
إنّ الشّعب الأفغانی المسلم له المیزة الخاصة عبر التأریخ فی التمسّک و الولاء بالدین الإسلامی حیث أثبت ذلک من خلال التمسّک العملی و الدفاع المستمیت عبر النضالات البطولیة ضد الإعتداءات السافرة للأجانب من بریطانیا و أمیرکا منذ الاستقلال إلی عصرنا هذا و التأریخ یشهد بذلک و قد سجّله علی جبینه و لن ینساه أبداً.
لکن الأحداث القاسیة و الأزمات الموجعة فی العقود الأخیرة حکمت علی البلاد ظلماً فحوّلتها إلی الدمار و الویلات حیث أسفرت من جرّائها إلی مآت الآلاف من الشهداء و الملایین من الجرحی و المشرّدین، و بسبب تلک الحروب التی فرضتها قوی الاستکباریة من الخارج و المنظمات العمیلة فی الداخل قد هاجر من المواطنین ما یقارب عشرة ملایین شخصاً و انتشروا فی بلدان الجوار و الدول العربیة و دول الأجانب من أوروبا و أمیرکا و إسترالیا واستوطنوا فیها و أصبحوا مواطنین فیها و هذا الإغتراب أمر مؤسف جداً.
أحبائی فی الإسلام!
إننی أوجّه خطابی و توصیاتی إلیکم أنتم الذین تقطنون بلاد الغربة و تمضون بقیة أیام حیاتکم فی الإغتراب و الهجران عن الأقارب و الأحباب و الأصدقاء و الوطن الأم، بما أن فی تلک البلاد الکافرة شیوع الفساد و مظاهر الافتتان و الإباحیات المتنوعة أکثر من البلدان الإسلامیة ممّا یبعث القلق للجمیع و یوجب الاستضعاف فی نفوس المسلمین خاصة الشباب و الیافعین إلی انجرارهم فی مستنقعات الفسق و الضلالة و الإنحراف عن جادة الصواب و بالتالی إلی الخروج عن ثوب الإیمان و الطاعة لله سبحانه و تعالی، إننی عندما ألاحظ هذه الأوضاع تعصرنی الآلام و الحسرات و دفعتنی إلی أن أمدّ یدی إلی القلم و أسطّر لکم مطالب هامّة و توصیات مصیریة جدیر بکم الإنتباه إلیها بجدیة تامّة و العمل بها قدر المسؤولیة :
1- بما أنکم تعیشون فی بلاد غیر اسلامیة علیکم الحفاظ علی معتقداتکم الإسلامیة الصحیحة التی تستوحی من مصادرها الشرعیة بعیدین عن کلّ ما لا یوافق الشرع القویم و العقل السلیم.
2- لابد الإلتزام الکامل بالأحکام الشرعیة بمعنی تطبیق الواجبات و الإجتناب عن المحرمات، و علیکم بالتجنب من الأمور الإباحیة و تکفیر الناس و تفسیقهم، و أدعوکم إلی إحترام الناس و الإلتزام بالأخوّة الدینیة مع جمیع الفرق الإسلامیة و التزموا مداراة أصحاب الأدیان غیر الإسلامیة و هذا ممّا یأمرنا به الإسلام.
3- علیکم الإهتمام بالأخلاق الإسلامیة و تطبیقها أثناء التعامل من الناس و إیّاکم أن تخالفوا القانون و النظام الإجتماعی فی الأمور المالیة و و الإجتماعیة و العمل الیومی و فی ما خصّص لعامة الناس من الحدائق و المدارس و المنتزهات والأماکن العامة، و أعتقد أن هذه الأمور تعتبر من التکالیف اللازمة علیکم أنتم المواطنون الجدد فی تلک البلاد، إذن علیکم أن تعاشروهم بالتربیة الدینیة و الآداب الإسلامیة کی تدعوهم إلی الإسلام من خلال أخلاقکم العملیة کما طلب منا أئمتنا علیهم السلام بذلک: « کونوا دعاة للنّاس بغیر ألسنتکم »
4- نؤکد لکم بالوحدة و الأخوّة الإسلامیة و نحذرکم عن التفرقة و الانخراط فی الإطار القومی و الطائفی الحزبی و غیرها من الإعتبارات غیر الإسلامیة لأن کل هذه الأمور مرفوضة فی الإسلام و لا قیمة لها بتاتاً، و إنما المعیار فی کرامة الإنسان عند الله عز و جلّ هی التقوی و الأخوّة فی إطار الإیمان و الأعمال الصالحة فحسب، و علیکم بالمعاشرة و العلاقات فیما بینکم علی أسس دینیة و إرشادات إسلامیة التی تنبثق من مدرسة و تعالیم أهل البیت علیهم السلام لأنهم سفن النجاة و أعلام الهدی إلی الحیاة السعیدة.
5- إننی أطالبکم بالتمسّک و العمل بسیرة أهل البیت علیهم السلام بأن تکون التربیة و التعلیم لأولادکم من خلال الدروس الإسلامیة الصحیحة کما یلزم أن تعلموهم المودة بالقرآن و العترة الطاهرة و علموهم الدفاع عن قادة الإیمان المعصومین علیهم السلام و بذلک تکون السعادة فی الدنیا و الآخرة.
6- نظراً إلی أن المجتمع له دور کبیر فی تربیة الإنسان سلباً و إیجاباً لجمیع فئات من الناس خاصة الشباب و الیافعین یلزم علیکم الإهتمام البالغ فی تربیة أنفسکم و أولادکم الذین هم فلذة کبدکم و هم الذخیرة لمستقبلکم و بالتالی هم السفراء لکم المسلمین فی تلک البلاد الکافرة، و لا قدر الله إذا کنتم متساهلین فی تربیتهم السلیمة تکونوا مسؤولین أمام الله سبحانه و تعالی یوم القیامة الذی لاینفع الندم فیه، علماً أنّ القرآن الکریم یحذرنا کل یوم و ینادی: « یا أیّها الذین آمنوا قوا أنفسکم و أهلیکم ناراً وقودها الناس و الحجارة » ولتکن هذه التربیة الإسلامیة تحت إشراف عالم دینی تقی ورع مخلص و فی کل خطوة لازمة.
7- اسعوا جاهدین بأن تبعثوا عدداً من الشباب المؤهلین إلی الحوزات العلمیة مثل النجف الأشرف و قم المقدسة لتعلّم و دراسة الشریعة الإسلامیة أحکامها و معارفها و فضائلها و أخلاقها، و یکونوا هؤلاء الدارسین بعد العودة إلیکم مبشّرین و منذرین للجالیة المسلمة هناک و لمن أحبّ الإطلاع عن الدین الإسلامی.
8- کما تعلمون أنّ الأسر و العوائل فی الإسلام هی کیانات مقدسة و له العنایة الکبیرة فیها حیث شجع الشباب المؤمنین بالتحلّی بها و تکوینها منذ بلوغ الرشد تحت طائلة المسؤولیة، ولکن مع الأسف الشدید أن هذه الکیانات قد تعرضت بالإنفلات والإنهیار و الإباحیة فی زمن الإغتراب و الاستیطان فی البلدان غیر الإسلامیة فلا تماسک بینها حسب المقررات الدینیة و لا تواصل فیها کما أمر به الإسلام! و من هنا إننی أطالبکم بکلّ جدیّة أن تحافظوا علی سلامتها و صیانتها بکلّ وسائل ممکنة کی تکون بعیدة عن الفساد و الإفساد و الهلاک و الإنجذاب إلی ذلک المجتمع العلمانیة السکولاریة الرافضة کلّ الفضائل الإنسانیة، و لکی تکونوا قد أدیتم التکالیف الشرعیة تجاه الأجیال القادمة و بذلک سیزداد لکم التأریخ المشرّف مستقبلاً.
9- علیکم بالعلاقات الوطیدة و التواصل المستمر مع المؤسسات الدینیة ومکاتبنا فی إیران و أفغانستان لتتمکن الجهات المسؤولة بإرسال البعثات التبلیغیة إلیکم وقت الحاجة و لأن تستفیدوا من أفکار و نظریات العلماء الأفاضل کالمرحوم آیة الله الشیخ محمد عیسی المحقق الخراسانی (ره) و غیره، و لأن تزوّدوا من التجارب الإداریة و التربویة و التعلیمیة لهم فی قضایاکم الدینیة و الإجتماعیة و الأخلاقیة.
10- إننی أطلب من الإخوة المسؤولین فی الهیئات الإجتماعیة و المؤسسات الدینیة أن یکونوا فی صلة دائمة مع العلماء و المبلغین للتشاور معهم حول الإدارة الصحیحة للمساجد و الحسینیات و المراکز التوعویة لأن لهم الخبرة الواسعة و التجربة الکافیة فیها فلا تتغافلوا عن ذلک ما دامت المراکز الدینیة قائمة هناک.
11- أدعو و أوصی جمیع المسلمین شیعة و سنّة الذین یستوطنون فی تلک البلاد غیر الإسلامیة إلی نقطتین مهمتین:
الأولی: یلزم علیکم أن تکنّوا فی قلوبکم الإحترام البالغ للعلماء الکرام و الطلبة المحترمین، و إیّاکم التباعد عنهم لأنهم ثلّة عارفة لدینکم الإسلام العزیز و هم الذین عکفوا للتبلیغ الإسلامی فیما بینکم، و بهم یعرّف القرآن الکریم و یرفع الأذان من بیوت الله و یذکر عزّ اسمه بالغدوّ و الآصال.
الثانیة: یلزم علیکم أن تلتفتوا إلی أنّ هؤلاء العلماء هم الذخائر الدینیة و هم أصحاب الحل للمشاکل الإجتماعیة، و هم الذین یحملون أوزار العبء التربوی للجیل الحاضر و هم السبب فی إهتداء الأجیال المقبلة و رفع الشأن الإسلامی فی بلاد الغربة.
12- أطالب إخوانی العلماء و الإخوة المتخرّجین و الطلبة الأعزاء هناک أن تلتزموا بالأمور التالیة دون تساهل:
أولاً: الحضور المستمر بین هؤلاء الجالیة المسلمة للقیام فی تشریح المبادئ الإسلامیة کما هی فی مصادرها الناصعة و أن تبلغوا الأحکام الشرعیة الصحیحة ولا تقصّروا فی تبیین المعارف الدینیة و الأخلاق الطیبة مهما أمکن.
ثانیاً: علیکم الإلتزام الدؤوب بالأخلاق الحسنة و التحلّی بالزیّ الدینی إذ لهما أثر کبیر فی نفوس المؤمنین نحو العادات الإسلامیة الجمیلة و التجربة خیر شاهد علی ذلک.
ثالثاً: علیکم بالمزید من الدراسات و التحقیقات العلمیة و الدینیة فی المجالات المختلفة بالوسائل و الأدوات الحدیثة کی تتمکنوا بأداء التکالیف الشرعیة علی أحسن الأحوال.
رابعاً: علیکم بمصاحبة العلماء الأفاضل و المبلغین الکرام الذین لهم الباع الطویل فی اختصاصاتهم ذلک للتشاور و التباحث فی إیجاد سبل النجاح للأهداف التعلیمیة و التربویة بین المسلمین هناک.
خامساً: علیکم العنایة الخاصة للشباب الحدث و الیافعین الذین فیهم الأرضیة و الاستعدادات المناسبة فی استیعاب المعارف الإسلامیة لأن لهم القلوب الصافیة و القبول الأسرع، و قد ورد فی النصوص الدینیة روایات عدیدة تحثنا بالإنتباه إلی هذه النخبة الخاصة و منها هذه الروایة: « علیکم بالأحداث » و المقصود من الأحداث الذین بلغوا من قریب.
13- إننی أطالب کل الشباب المسلم شیعة و سنة علی أن تنتهزوا الفرص و تستغلوا الإمکانات العلمیة الهائلة و الصناعات المتطورة لدی تلک الدول الأجنبیة أن تنخرطوا فی المؤسّسات العلمیة و المدارس التجربیة لتدرسوا فیها بدقة کافیة إلی مرحلة التقانة و القدرات الحاسمة و التأهل اللازم و هذه الدراسات هی من حقکم.
وقد ورد فی الإسلام عن سید الحکماء أمیر المؤمنین علی علیه السلام یقول: « الحکمة ضالة المؤمن یأخذها حیث وجدها » و قد فسّرت الحکمة بالعلم، و کما فی کلمة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : « اطلبوا العلم ولو بالصّین » و فی حدیث مشهور عنه صلی الله علیه و آله و سلّم : « طلب العلم فریضة علی کلّ مسلم ».
ثمّ علیکم أن تعلموها إلی شبان المسلمین کما تعلمتم فإذن لا تقصّروا و لا تتوانوا منهجیة التعلم و التعلیم مدی الحیاة أین ما کنتم.
14- إنّ من الآلیات و الوسائل المهمة فی الحیاة الثقافیة و منها الإلتفات نحو الماضی و الترابط بینه و بین الحاضر و المستقبل أمران ضروریان لا ینبغی التغافل عنهما:
الأمر الأول: إنّ اللغة الفارسیة التی هی لغة الأمّ بالنسبة لکم الجالیة الأفغانیة و هی لغة الحضارات منذ آلاف السنین و العهود الغابرة فی رقعة واسعة من البسیطة و لها دور هام فی التواصل و الترابط بین دین الإسلام و بین جموع إنسانی هائل ما هو معروف بالفرس، الفرس یعنی جمع کبیر من الناس هم أصحاب اللغة الفارسیة و یتکلم بها ما یقارب: 150،000،000 إنساناً فی العالم، إن هذه اللغة قد خدمت لنا کثیراً حیث تعرفنا من خلالها إلی دین الإسلام مبادئه و مبانیه و معارفه و أخلاقه و تربیته و تاریخه و قوانینه فلا ننساها و إن کنا فی الاغتراب.
الأمر الثانی: إنّ اللغة العربیة لها شأن کبیر فی الإسلام إذ یعتبرها لغة الشریعة و لغة القرآن و لغة أهل الجنة، و هی أدقّ اللغات فی العالم حیث ألفت مآت المجلدات من الکتب فی معرفة أصولها و قواعدها واسرارها و دقائقها،و یتکلم بها ما یقارب من: 400،000،000 شخصاً فی العالم، و من هنا أنصحکم أن لا تنسوا هاتین اللغتین و علموهما لأولادکم الذین ولدوا هناک و اجعلوهما لغة الدراسة و التعلم سیّما فی العلوم الإسلامیة لأنه کما تعلمون أنّ القرآن و الروایات و الکتب الدینیة مدوّنة بهاتین اللغتین، کما لا بأس بکم إذا تعلمتم لغات غیرهما.
15- الإخوة المؤمنین! إننی أطالبکم جمیعاً بالتأکید سیّما أولئک الذین لهم الکفاءات العلمیة والاستطاعة المالیة أن تسعوا جاهدین بإنشاء المراکز الدینیة و الهیئات التعلیمیة ذلک فی إطار المقررات الحکومیة هناک کی لا تواجهوا الاشکالیات الإداریة لاحقاً، ویکون القصد و الهدف من إنشاء هذه المراکز هو إحیاء المناسبات الدینیة و الندوات التربویة و المجالس الإجتماعیة و التأریخیة، و لیشارک فیها جمیع الأطیاف الشعبیة من الأطفال و النساء والشباب الیافعین علی مرّ الشهور و السنوات، و علیکم الإلتفات بإقامة تلک المحاضرات فی الشهور التی فیها المناسبات أکثر من غیرها مثل رمضان المبارک و محرّم الحرام و صفر الخیر.
کما یلزم علیکم أن لا تغیب عنکم إقامة صلاة الجماعات و الجُمُعة و الأعیاد و کذلک أقیموا فیها محافل تلاوة القرآن الکریم و مجالس الدعاء و المواعظ الدینیة باستمرار، ولتکن کل هذه الأمور مع التنسیق و التشاور و إشراف علماء الدین و أهل الخبرة فیها لأنّ زلة قدم واحدة لا سمح الله فی مثل هذه القضایا سوف تعکس الإسائة إلی الإسلام و المسلمین و أنتم فی بلاد کافرة یتربّص بکم الأعداء و سیأخدون علیکم ممسکاً إن لم تکونوا فی وعی و حذر، و فی الشریعة الإسلامیة نبهنا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بإتقان العمل حیث یقول: « رحم الله إمرءاً یعمل عملاً فأتقنه ».
16- علی جمیع الإخوة المؤمنین التجنب من الإسراف و التبذیر و التجملات الزائدة و التکالیف الباهظة فی الأموال و الأعراس و الحفلات و اللبس و الأکل و الشرب، بل علیهم الإلتزام بأمرین مهمین فی الشرع الإسلامی:
الأمر الأول: دفع الحقوق الشرعیة و الصدقات الواجبة بل المستحبة منها لأنها حقوق الله سبحانه و حقوق الناس من ذوی الحقوق والفقراء و المحتاجین.
الأمر الثانی: لیعلم الجمیع أن فی وطنکم الأم أفغانستان عوائل الشهداء و المعوقون و الفقراء و العجزة و الأیتام تعیش فی الفقر المدقع لا حول لهم سوی الأمل بالله و بأهل الخیر فلا تنسوا هؤلاء ومُدوا أیادیکم إلیهم بالمعونات و المساعدات اللازمة لیسدّوا حوائجهم الیومیة و لا شک أن هذه الإمدادات تزوّد حسنات فی سجل الأعمال الحسنة لمن قام بها خالصاً لوجه الله تبارک و تعالی.
17- إخوتی فی الإیمان! إننی أوصیکم بأن یکون تعاملکم الیومی مع المواطنین غیر المسلمین علی أسس الأخلاق الإسلامیة و لا یجوز الإسائة إلیهم و إن کانوا یخالفونکم فی الدین و الثقافة و التقالید لأن تکریم الإنسان بما هو إنسان هو من صمیم الإسلام و من الأداب الدائمة للمسلمین أینما یکونوا، علماً أن سوء التعامل مع غیر المسلمین و فی ظرف المعاشرة المشترکة سوف یبعدهم عن الإسلام و أتباعه و هذا مما لا تقبله الشریعة الإسلامیة السمحة بل علی العکس نحن مطالبون بتألیف القلوب و دعوة غیرنا إلی الإسلام بالمنطق القوی و الأخلاق الحسنة و العلاقات الطیبة.
18- إعلموا أن الإعتداء علی ممتلکات غیر المسلمین لایجوز شرعاً، سراً أم علنا، قلیلاً کان أم کثیراً، و علی هذا یلزم علی المسلمین إحترام أموال غیرهم و إلا سوف یؤدی إلی إهانة الأقلیات المسلمة هناک و بالتالی سیضرّ بکم و بالمجتمع المشترک.
19- إنّ التوهین و هتک الحرم بالقول أو الفعل علی المعتقدات و المقدسات و القیم للأدیان غیر الإسلامیة لیس من دأب المسلمین بل علیهم عند الضرورة التمسّک بالحوار السلیم و البرهان القویم و الدعوة النافعة و الموعظة الحسنة مع جمیع الطوائف الدینیة للوصول إلی المبتغی المنشود کما أمرنا بها القرآن الکریم، إذن علیکم بالإبتعاد عن جمع أشکال العنف و التحقیر و الإهانة لغیر المسلمین و یقول القرآن الحکیم: « لا تسبّوا الذین یدعون من دون الله فیسبّوا الله عدواً بغیر علم » فکما تلاحظون أن القرآن ینهانا عن السبّ علی غیرنا و هو الإسائة بالقول فقط فکیف بنا إذا قمنا بالأعمال ضد مقدسات الطوائف و الأدیان؟
20- أخیراً و لیس آخراً، أناشدکم بالإنتیاه اللازم بهذه التوصیات و المطالب الهادفة لتفعیلها و التذکر بها فیما بینکم قدر الإمکان، إننی رأیت نفسی مسؤولة أمام الله سبحانه و تعالی أن أسطّر لکم هذه التوجیهات و التوصیات کما هو مقتضی الظروف الراهنة فی العالم الإسلامی، أسأل الله العلی القدیر أن یتحف لی و لکم التوفیق فی سبیل تطبیق الشریعة المحمدیة الطاهرة تحت ظلّ ولیّ أمرنا الإمام الحجة المنتظر عجّل الله تعالی فرجه الشریف.
« اللّهم انّا نرغب الیک فی دولة کریمة تعزّ بها الإسلام و اهله، و تذلّ بها النّفاق و اهله، و تجعلنا فیها من الدّعاة الی طاعتک و القادة الی سبیلک، و ترزقنا بها کرامة الدّنیا و الآخرة»
و السلام علیکم و علی من اتبع الهدی.
الحوزة العلمیة فی قم المقدسة ـ الشیخ قربان علی المحقق الکابولی
21 / 2 / 1392 الشمسی 12 / 5 / 2013 المیلادی.