تحریر العروة الوثقی ـ الجزء الأول

تحریر

العروة الوثقی

تقریر البحث آیة الله العظمی

زعیم الحوزة العلمیة

السید ابو القاسم الموسوی الخوئی

دام ظله العالی

تألیف

قربانعلی المحقّق التُّرکمانیّ

الجزء الأول

تحریر العروة الوثقی

فهرس الجزء الأول من تحریر العروة الوثقى

(1 - 103)

(106 - 200)

(201 - 301)

(302 - 401)

(404 - 473)

تقریظ الأستاذ

التمهید

فی فضل الصلاة الیومیة و أنها افضل الأعمال الدینیة

أعداد الفرائض و نوافلها

الکلام فی صلاة الجمعه

الاستدلال علی وجوب الجمعة تعییناً

المناقشة فی الوجوب التعیینی

الصلاة الوسطی هی الظهر لا الجمعة

ما استدل به علی وجوب الجمعة تعییناً

الصفحات (16 - 50)

(16 - 20)

(21 - 25)

(26 - 30)

(31 - 35)

(36 - 40)

(41 - 45)

(46 - 50)

الصفحات (51 - 100)

(51 - 55)

(56 - 60)

(61 - 65)

(66 - 70)

(71 - 75)

(76 - 80)

(81 - 85)

(86 - 90)

(91 - 95)

(96 - 100)

الصفحات (101 - 150)

(101 - 105)

(106 - 110)

(111 - 115)

(116 - 120)

(121 - 125)

(126 - 130)

(131 - 135)

(136 - 140)

(141 - 145)

(146 - 150)

الصفحات (151 - 200)

(151 - 155)

(156 - 160)

(161 - 165)

(166 - 170)

(171 - 175)

(176 - 180)

(181 - 185)

(186 - 190)

(191 - 195)

(196 - 200)

الصفحات (201 - 250)

(201 - 205)

(206 - 210)

(211 - 215)

(216 - 220)

(221 - 225)

(226 - 230)

(231 - 235)

(236 - 240)

(241 - 245)

(246 - 250)

الصفحات (251 - 300)

(251 - 255)

(256 - 260)

(261 - 265)

(266 - 270)

(271 - 275)

(276 - 280)

(281 - 285)

(286 - 290)

(291 - 295)

(296 - 300)

الصفحات (301 - 350)

(301 - 305)

(306 - 310)

(311 - 315)

(316 - 320)

(321 - 325)

(326 - 330)

(331 - 335)

(336 - 340)

(341 - 345)

(346 - 350)

الصفحات (351 - 400)

(351 - 355)

(356 - 360)

(361 - 365)

(366 - 370)

(371 - 375)

(376 - 380)

(381 - 385)

(386 - 390)

(391 - 395)

(396 - 400)

الصفحات (401 - 450)

(401 - 405)

(406 - 410)

(411 - 415)

(416 - 420)

(421 - 425)

(426 - 430)

(431 - 435)

(436 - 440)

(441 - 445)

(446 - 450)

الصفحات (451 - 473)

(451 - 455)

(456 - 460)

(461 - 465)

(466 - 470)

(471 - 473)

تحریر العروة الوثقی

تحریر العروة الوثقی

تحریر العروة الوثقی

تقریر البحث آیة الله العظمی زعیم الحوزة العلمیة السید ابو القاسم الموسوی الخوئی (دام ظله العالی)

: تألیف

قربانعلی المحقّق التُّرکمانیّ

 

الجزء الأول

 النجف الاشرف

1388 هجـ ـ 1969 م

 

_________

قابل یاد آوری است که بقیه جلدهای این اثر که جمعا به ده جلد می رسید و به صورت دست نویس بوده است؛

بعد از مهاجرت حضرت آیت الله العظمی محقق کابلی در ماه دلو (دیماه) 1357

از کابل، که نزد کسی به امانت گذاشته شده بوده و ایشان نیز او از ترس تفتیش  رژیم وقت مجبور به دفن کتاب ها می شود که متأسفانه این امر باعث از بین رفتن نسخه های خطی

نه جلد بعدی این اثر گردد.

 

فهرس الجزء الأول من تحریر العروة الوثقى

فهرس الجزء الأول من تحریر العروة الوثقى

(1 - 103)

(1 - 103)

الصفحة الموضوع

6 أهمیة الصلاة

7 أعداد الفرائض و نوافها

9 أعداد الفرائض و الکلام فی صلاة الجمعة

10 الأقوال فی وجوب صلاة الجمعة و عدمه فی زمن الغیبة

11 الاستدلال علی وجوب الجمعة تعییناً

12 المناقشة فی الوجوب التعیینی

13 الصلاة الوسطی هی الظهر لا الجمعة

14 ما استدل به علی وجوب الجمعة تعییناً

17 المناقشة فی الوجوب التعیینی

19 مادل علی عدم الوجوب التعیینی

23 لایستفاد من الروایات الوجوب التعیینی

24 المستفاد من الروایات وجوب الحضور علی تقدیر الإقامة

25 لامناص من الإلتزام بالتخییر

26 ما استدل به علی عدم مشروعیة الجمعة

30 ما استدل به علی عدم المشروعیة و المناقشة فیه

35 الجواب عما استدل به علی عدم المشروعیة

37 ماذا یقتضیه الأصل العملی فی صلاة الجمعة

38 تفصیل الکلام فی أعداد الفرائض و النوافل

40 هل یجوز القیام فی الوتیرة

42 النوافل فی یوم الجمعة

44 عدد الفرائض و النوافل إحدی و خمسون رکعة

45 هل تسقط الوتیرة فی السفر

47 تحقیق رجالی حول توثیقات العلامة

52 الأظهر عدم سقوط الوتیرة فی السفر

53 هل یجب الإتیان بالنوافل رکعتین رکعتین

55 کیفیة الإتیان بالنوافل

56 هل یجوز النافلة رکعة رکعة

57 هل تجری البرائة فی النوافل

59 التفصیل فی جریان البرائة فی المستحبات

61 صلاة الوتر

63 استحباب القنوت فی النوافل

65 القنوت فی الوتر

67 ما استدل به علی استحباب الغفیلة

69 لادلیل علی استحباب الغفیلة

70 هل یستحب صلاة الوصیة

71 الصلاة الوسطی هی الظهر

73 التنفل جالساً

فصل فی اوقات الیومیة و نوافلها

75 وقت الظهرین

77 تأخیر الظهرین لأجل النافلة

79 وقت الظهرین یدخل بمجرد الزوال

81 مادل علی انتهاء الوقت عند القامة

83 آخر وقت الظهرین

85 مااستدل به علی أن الوقتین للمختار و المضطر

87 مااستدل به علی مختار صاحب الحدائق

91 هل الوقتان اللإختیار و الإضطرار

93 دحض مااستدل به فی الحدائق

96 الوقت المختص للظهرین

97 الاستدلال بمرسلة ابن فرقد للقول بالاختصاص

99 المناقشة فی مرسلة ابن فرقد

103 الاستدلال للقول بالإختصاص بروایة الحلبی

(106 - 200)

(106 - 200)

106 وقت المغرب و العشاء

107 إنتهاء وقت المغرب

109 هل ینتهی وقت المغرب بسقوط الشفق

111 مختار المفید فی وقت المغرب

113 جواز تأخیر المغرب عن سقوط الشفق

115 وقت المغرب یمتد الی نصف اللیل

116 الکلام فی وقت العشاء

118 إمتداد وقت العشاء الی نصف اللیل

123 وقت المختص للمغرب و العشاء

125 حکم العشائین قبل الفجر

128 وقت صلاة الصبح

130 هل ینتهی وقت الصبح بطلوع الحمرة

132 هل الوقتان للمضطر و المختار

134 وقت صلاة الجمعة

135 الأقوال فی وقت صلاة الجمعة

137 عدم تمامیة القول بضیق وقت الجمعة

140 تحقیق رجالی حول محمد بن اسماعیل

143 مختار صاحب الحدائق و المجلسیین فی وقت الجمعة

145 وقت فضیلة الظهرین

149 مادل علی القامة و القامتین

153 مادل علی التحدید بالمثل و المثلین

155 الجمع بین الروایات فی وقت الظهرین

157 أول وقت الفضیلة هو الزوال

159 منتهی وقت الفضیلة هو المثل و المثلان

161 وقت فضیلة المغرب و العشاء

163 وقت فضیلة الصبح

165 إمتداد فضیلة الصبح إلى تجلل السماء

167 هل یمتد فضیلة الصبح الی ظهور الحمرة

168 مایعرف به زوال الشمس

170 الدائرة الهندیة أمارة للزوال

171 مایعرف به الغروب

172 مااُستدل به علی أن المغرب یتحقق بزوال الحمرة عن قمة الرأس

173 ما اُستدل به علی إعتبار زوال الحمرة عن قمة الرأس

181 المشهور تحقق الغروب باستتار القرص

183 مااُستدل للقول المشهور

184 هل یکون القول بزوال الحمرة موافقاً للاحتیاط

185 هل یکون القائلون باعتبار زوال الحمرة أکثر

186 مایعرف به إنتصاف اللیل

187 تحقیق حول إنتصاف اللیل

189 إنتصاف اللیل

190 هل یکون بین الطلوعین من اللیل

191 هل بین الطلوعین من النهار

192 مااُستدل به علی أن بین الطلوعین من النهار

193 بین الطلوعین من اللیل

194 مایعرف به الفجر الصادق

196 مادل علی أول وقت الصبح

198 هل المراد بالتبین هو الحسی

199 حکم الوقت المختص

200 وجوب تأخیر العصر عن الظهر

(201 - 301)

(201 - 301)

201 لو أتی بالثانیة فی الوقت المختص بالأولی

203 لو قدم الثانیة علی الأولی فی الوقت المشترک

205 العدول من الثانیه‌إلی الاُولی

207 فائدة وقت الاختصاص

209 لو تمکن من أربع رکعات فی الوقت المشترک

211 حول الوقت المختص

213 معنی الوقت المختص

215 لا یجوز العدول الی اللاحقة

217 هل یستحب التفریق بین الصلاتین

219 ما اُستدل به علی مرجوحیة الجمع

221 ما اُستدل به علی أفضلیة التفریق

223 هل الجمع بین الصلاتین مرجوح

226 أول فضیلة العصر هو الزوال

227 إستحباب التعجیل إلی الصلاة

229 أفضلیة إنتظار الجماعة من التعجیل

230 أستحباب الغلس بصلاة الصبح

233 تحقیق رجالی حول إسحاق بن عمار

234 حول قاعدة من أدرک

237 ألإشکال علی القاعدة فی بعض الفروض

239 فصل فی أوقات الرواتب

241 ما اُستدل به علی أمتداد وقت النافلة إلی أن یصیر ألفىء مثل الشاخص

243 ردما إستدل المحقق للقول المذکور

245 هل یمتد وقت نافلة الظهرین بامتداد وقت الفریضة

247 تقدیم النافلة علی الزوال

249 الحق هو التفصیل فی جواز التقدیم

251 نوافل یوم الجمعة

253 وقت نافلة المغرب

254 ما اُستدل به علی إنتهاء وقتها بسقوط الحمرة

257 وقت نافلة العشاء

259 وقت الوتیرة قبل الإنتصاف

260 وقت نافلة الصبح

263 جواز الإتیان بها قبل الفجر

267 هل یمتد وقت نافلة الفجر إلی طلوع الشمس

269 هل یجوز تقدیم نافلة الفجر علی نصف اللیل

273 أول وقت نافلة اللیل

275 هل یکون وقت نافلة اللیل من أول اللیل

279 حمل المطلق علی المقید فی المستحبات

281 آخر وقت نافلة اللیل طلوع الصبح

283 مادل علی أفضلیة نافلة اللیل فی السحر

285 مادل علی أن وقتها آخر اللیل

287 الوقت الأفضل لصلاة اللیل

289 الوقت الأفضل لصلاة اللیل

290 هل یجوز تقدیم صلاة اللیل علی نصفه لذوی الأعذار

291 تقدیم نافلة اللیل علی نصفه فی السفر

293 تقدیم صلاة اللیل فی السفر علی نصفه

295 تقدیم صلاة اللیل فی اللیالی القصار

297 تقدیم خائف الجنابة لصلاة اللیل

299 تحقیق رجالی حول محمد بن اسماعیل

301 تقدیم الجاریة لصلاة اللیل

(302 - 401)

(302 - 401)

302 هل التقدیم توسعة فی الوقت أو تقدیم علیه

305 مادل علی أفضلیة القضاء من التقدیم

307 ألإتیان بنافلة اللیل أول اللیل

309 تقدیم صلاة اللیل علی نصف اللیل

311 نافلة اللیل بعد الصبح

313 إتیان الوتر قبل الفریضة بعد الفجر

315 ألإتیان بالنافلة بعد طلوع الفجر

317 لو تلبس بأربع رکعات قبل طلوع الفجر

319 لو إشتغل بنافلة اللیل یتمها بعد الفجر

320 أفضلیة تأخیر الظهرین لمن یأتی بالنافلة

321 هل الأفضل تقدیم الفائتة علی الحاضرة

323 تأخیر المتیمم الصلاة من أول الوقت

324 تأخیر الصلاة لمدافعة الأخبثین

325 أفضلیة التأخیر لحصول الإقبال

327 أفضلیة التأخیر للجماعة

329 ألتأخیر لحضور المسجد أو کثرة المقتدین

331 تأخیر المسافر المغرب إلی ثلث اللیل

332 تأخیر المربیة و المستحاضة للصلاة

335 الأمر بالتأخیر إرفاق للمستحاضة

337 لا أولویة فی تأخیر العصر إلی المثل

338 تأخیر العشائین لمن أفاض من عرفات

339 تأخیر الظهرین لأجل الحر

341 تأخیر الصائم لحصول الإقبال

343 التعجیل فی قضاء النافلة

345 ما اُستدل به علی جواز البدار للمتیمم

347 عدم جواز البدار إلی التیمم

349 هل یجب التأخیر لتعلم أحکام الشکوک

351 تأخیر الصلاة عن أول الوقت للتعلم

353 فصل فی التطوع فی وقت الفریضة

355 التطوع فی وقت الفریضة الأدائیة

357 ما اُستدل به علی عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة

359 ما اُستدل به علی عدم التطوع فی وقت الفریضة

361 التطوع فی وقت الفریضة و تحقیق حول زیاد بن أبی غیاث

365 ما اُستدل به علی جواز التطوع فی وقت الفریضة الأدائیة

370 التطوع فی وقت الفریضة القضائیة

371 ما اُستدل به علی عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة القضائیة

377 حکم التطوع قبل الفریضة القضائیة

378 جواز التطوع قبل الفریضه القضائیة

379 نذر التطوع وقت الفریضة

383 صحة نذر التطوع وقت الفریضة

384 ما یمکن ان یکون متعلق النذر

387 التطوع بعد الصبح و العصر

389 ما اُستدل به علی مرجوحیة النافلة بعد الصبح و العصر و الجواب عنه

391 جواز قضاء النوافل المرتبة فی الوقتین

393 عدم کراهیة قضاء المرتبة فی الوقتین

395 جواز التطوع بعد الصبح و العصر

397 هل یکره التطوع فی الأوقات الثلاثة

399 مادل علی جواز التطوع فی الأوقات الثلاثة

401 هل یکره القضاء عند طلوع الشمس و غروبها

(404 - 473)

(404 - 473)

(فصل فی أحکام الأوقات)

404 مادل علی عدم جواز الصلاة قبل الوقت

405 إعتبار الوقت فی الصلاة

407 هل یکون الظن بدخول الوقت حجة مطلقاً

408 عدم تمامیة الإستدلال علی حجیة الظن بروایة اسماعیل بن ریاح

409 ألمناقشة فی ما اُستدل به علی حجیة الظن

410 الوجه الثانی مما اُستدل به صاحب الحدائق علی حجیة الظن

411 مادل علی عدم حجیة الظن بالوقت

413 عدم حجیة الظن بالوقت

414 ثبوت الوقت بشهادة العدلین

415 حجیة أذان العارف بالوقت

416 حجیة خبر الثقة بدخول الوقت

417 اعتبار أذان الثقة العارف

418 ما اُستدل به علی حجیة الأذان

420 حجیة شهادة العدل بدخول الوقت

422 الدخول فی الصلاة مع عدم إحراز الوقت

424 الصلاة مع الغفلة عن دخول الوقت

425 عدم جریان قاعدة الفراغ مع العلم بالغفلة

426 دخول الوقت فی أثناء الصلاة

429 لو وقع بعض أجزاء الصلاة قبل الوقت

431 هل الظن بالوقت یکفی عند تعذر العلم

432 ألإستدلال علی حجیة الظن بموثقة سماعة

433 ألإستدلال علی حجیة الظن بالوقت

436 ما اُستدل به علی حجیة الظن بالوقت

437 إعتبار الظن بالوقت عند العذر النوعی عن العلم

439 ثبوت الوقت بصیاح الدیک

441 الصلاة مع الظن او الشک بالوقت

443 جریان قاعدة التجاوز عند الشک فی الوقت

444 عدم جریان القاعدة مع العلم بالغفلة

447 إعتبار الترتیب بین الظهرین و العشائین

449 لو دخل فی الثانیة قبل الاُولی عدل إلیها

452 ألعدول من رابعة العشاء إلی المغرب

453 تحقیق رجالی حول معلی بن محمد و الحسین بن محمد

454 لو دخل فی رکوع الرکعة الرابعة قبل المغرب

456 العدول فی القضاء من اللاحقة إلی السابقة

457 عدم صحة العدول من الصلاة ألإحتیاطیة

459 العدول من السابقة إلی اللا حقة

460 العدول من الفریضة إلی النافلة

463 قصد الفریضة أثناء النافلة

465 لو وسوع الوقت للصلاة دون المقدمات

466 لو إرتفع العذر فی آخر الوقت

467 حول قاعدة من أدرک

469 ترک المستحبات فی ضیق الوقت

471 إذا شک فی أثناء العصر فی إتیان الظهر

472 تحقیق فی مجری قاعدة التجاوز

473 إستدراکات

تقریظ الأستاذ

تقریظ الأستاذ

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین و صلی الله علی خیر خلقه و افضل بریته محمد و عترته الطاهرین و لعنة الله علی اعدائهم أجمعین من الآن الی یوم الدین و بعد فان شرف العلم لا یخفی و فضله لا یحصی و قد افترض طلبه علی المسلمین و قیض الله رجالاً لینفروا بغیة التفقه فی الدین متغربین عن أوطانهم طلباً لمرضاة الله تعالی باذلین غایة الجهد فی تحصیل العلوم الدینیة و المعارف الالهیة. و من اولئک جناب العلامة الفاضل رکن الاسلام الحاج الشیخ قربانعلی المحقق الترکمانی الافغانی فانه قد هجر وطنه و هاجر الی النجف الاشرف و حضر ابحاثنا الاصولیة و الفقهیة حضور تفهم و تحقیق و تعمق و تدقیق و بذل الجهد فی ضبط محاضراتنا الفقهیة و جعلها کتابا اسماه (تحریر العروة) و قدم لنا قسماً منه فلا حظنا شیئاً یسیراً منه زائد و ذلک لقلة المجال و کثرة الاشتغال فوجدناه وافیا بالمراد و نرجو أن یکون جمیعه علی غرار ما لا حظناه سائلین المولی جل شأنه أن یزید فی توفیقاته لینال مراتب سامیة من الفضل و الکمال إنه ولی التوفیق و السلام علیه و رحمة الله و برکاته

النجف الاشرف فی 8/ شهر رجب المرجب/ 1388 هـ ابوالقاسم الموسوی الخوئی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 3 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التمهید

التمهید

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، و الصلاة و السلام علی اشرف الأنبیاء و المرسلین محمد و آله الطیبین الطاهرین، و لا سیما من نحن مشرفون بجواره، و لائذون بحرمه، و مستجیرون بذمته علی بن أبی طالب (صلوات الله و سلامه علیه) و اللعنة الدائمة علی اعدائهم من الآن الی یوم الدین.

و بعد فهذا (تحریر العروة) جملة مما استفدناه من محاضرات سیدنا الاستاذ العلامة، زعیم الحوزة العلمیة، آیة الله العظمی «الحاج السید ابو القاسم الموسوی الخوئی» أدام الله ایام افاضاته و متع المسلمین بوجوده الشریف. و نسئل الله تعالی ان یوفقنا لطبع جمیع اجزائه مقرونا بالقبول.

المؤلف

الملاحظة

لا یخفی ان الشیء الیسیر الذی لاحظه سیدنا الاستاذ دام ظله العالی صار اربعین صفحة من هذا الکتاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 4 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی فضل الصلاة الیومیة و أنها افضل الأعمال الدینیة

فی فضل الصلاة الیومیة و أنها افضل الأعمال الدینیة

بسم الله الرحمن الرحیم

کتاب الصلاة

مقدمة

(فی فضل الصلاة الیومیة و أنها افضل الأعمال الدینیة)

اعلم ان الصلاة أحب الأعمال الی الله تعالی، و هی آخر وصایا الأنبیاء و هی عمود الدین اذا قبلت قبل ما سواها، و ان ردت رد ما سواها، و هی أول ما ینظر فیه من عمل ابن آدم، فان صحت نظر فی عمله، و ان لم تصح لم ینظر فی بقیة عمله، و مثلها کمثل النهر الجاری فکما أن من إغتسل فیه فی کل یوم خمس مرات لم یبق فی بدنه شیء من الدرن، کذلک کلما صلی صلاة کفر ما بینهما من الذنوب، و لیس ما بین، المسلم و بین ان یکفر الا ان یترک الصلاة، و اذا کان یوم القیامة یدعی بالعبد فأول شیء یسئل عنه الصلاة، فاذا جاء بها تامة و الا زخ فی النار، و فی الصحیح [1] قال مولانا الصادق علیه السلام: (ما أعلم شیئاً بعد المعرفة افضل من هذه الصلاة، الا تری الی العبد الصالح عیسی بن مریم علیه السلام قال: و أوصانی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 5 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالصلاة و الزکاة مادمت حیا)، و روی الشیخ فی حدیث عنه (ع) [2] قال: (و صلاة فریضة تعدل عند الله الف حجة و الف عمرة مبرورات متقبلات) و قد استفاضت الروایات فی الحث علی المحافظة علیها فی اوائل الاوقات، و ان من استخف بها کان فی حکم التارک لها قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) [3] : (لیس منی من استخف بصلاته) و قال [4] : (لا ینال شفاعتی من استخف بصلاته) و قال [5] (لا تضیعوا صلاتکم فان من ضیع صلاته حشر مع قارون و هامان، و کان حقا علی الله ان یدخله النار مع المنافقین) و ورد [6] (بینا رسول الله صلی الله علیه و آله جالس فی المسجد اذ دخل رجل فقام فصلی فلم یتم رکوعه و لا سجوده فقال (ص): نقر کنقر الغراب لئن مات هذا و هکذا صلاته لیموتن علی غیر دینی) و عن أبی بصیر [7] (قال: دخلت علی ام حمیدة اعزیها بأبی عبدالله علیه السلام فبکت و بکیت لبکائها، ثم قالت: یا أبا محمد لو رأیت أبا عبدالله (علیه السلام) عند الموت لرأیت عجبا فتح عینیه ثم قال: اجمعوا کل من بینی و بینه قرابة قالت: فما ترکنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 6 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(فصل فی اعداد الفرائض (1) و نوافلها)

الصلوات الواجبة ست ـ الیومیة و منها الجمعة و الآیات (2) و الطواف الواجب (3) و الملتزم بعهد او یمین او اجارة (4) و صلاة الوالدین علی الولد الاکبر (5)

 

احدا الا جمعناه، فنظر الیهم ثم قال: ان شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة) و بالجملة ما ورد من النصوص فی فضلها اکثر من ان یحصی، و لله در صاحب الدرة حیث قال: تنهی عن المنکر و الفحضاء * أقصر فهذا منتهی الثناء.

(1) المراد بها هو مطلق الواجب فی قبال النافلة، لا خصوص ما فرضه الله فی الکتاب العزیز و الا فلم یذکر ما ذکر فی الکتاب کصلاة الأموات و الطواف، و الآیات و نحوها.

[1] . الوسائل ب 10 من ابواب اعداد الفرائض ر 1. [2] . هذه ما وجدتها عاجلا (و فی ) روایة یونس عن أبی عبدالله (ع) و صلاة فریضة أفضل من الف حجة و لیس فیها جملة (الف عمرة مبرورات متقبلات) الوسائل ب 10 من اعداد الفرائض ر 8. [3] . الوسائل ب 6 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها (و تمام الحدیث الأول لیس منی من شرب مسکراً لا یرد علی الحوض لا و الله ـ ر 1 ـ و 10. [4] . الوسائل ب 6 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها (و تمام الحدیث الأول لیس منی من شرب مسکراً لا یرد علی الحوض لا و الله ـ ر 1 ـ و 10. [5] . الوسائل ب 7 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 7. [6] . الوسائل ب 8 من أبواب اعداد الفرائض ر 2. [7] . الوسائل ب 6 من أبواب اعداد الفرائض ر 11.

أعداد الفرائض و نوافلها

أعداد الفرائض و نوافلها

(2) یستفاد وجوبها من عدة روایات صرحت بوجوب الصلاة عند الخسوف و الکسوف و الزلزلة و بعضها عام دل علی وجوب الصلاة عند کل أمر مخوف من الأمور الأرضیة و السماویة، و سنتعرض لها مفصلا ان شاء الله.

(3) لا اشکال فی وجوب صلاته لما دل علی اعتبار الطهارة فی الطواف معللا بان فیه صلاة و لغیره مما دل علی وجوبها و البحث عنها موکول الی کتاب الحج ان شاء الله.

(4) و یلحق بها الصلاة التی شرطت فی ضمن العقد اللازم «و الدلیل علی وجوب هذه الصلوات مادل علی وجوب الوفاء بالعقود و الشروط و مادل علی وجوب الوفاء بالنذر أو العهد أو الیمین و هو واضح.

(5) سنتعرض لها فی مبحث القضاء ان شاء الله، و نقول هناک: ان ما فات عن الأب یجب علی الولد الاکبر قضائه لقیام الدلیل علیه، و اما ما فات عن الام فلا دلیل علی وجوب قضائه علی الولد، فلا وجه لقول الماتن هنا: و صلاة الوالدین، بل لابد من ان یقال: و صلاة الوالد علی الولد الاکبر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 7 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و صلاة الاموات (1) اما الیومیة فخمس فرائض (2)

 

(1) للروایات الکثیرة المتواترة الدالة علی وجوبها، و اما کیفیتها فقد تقدم البحث عنها فی کتاب الطهارة فلا حاجة الی الاعادة.

ثم ان الماتن قدس سره لم یتعرض لصلاة العیدین و لم یذکرها فی عداد الصلوات الواجبة، و لعله لعدم وجوبها فی زمن الغیبة، حیث انها من وظائف الامام علیه السلام ـ و اما وجوبها فی الجملة فهو ثابت لقوله تعالی: [8] (انا أعطیناک الکوثر، فصل لربک وانحر،) فان المراد منها صلاة العید للروایات المفسرة لها.

(2) ضرورة من الدین، و لم یخالف فیه احد من المسلمین، و الروایات الدالة علی وجوبها متواترة، و فی بعضها انها من ارکان الدین، و قد اهتم الله تعالی بها فذکرها و أمر بها فی کتابه، قال عز من قائل [9] : (أقم الصلاة لدلوک الشمس الی غسق اللیل) فتشمل هذه الآیة المبارکة الصلوات الأربع الظهرین، و العشائین، حیث ان الواجب من الزوال الی غسق اللیل (و هو انتصافه) هو هذه الصلوات، و قال الله تعالی: [10] (و قرءآن الفجر، ان قرءان الفجر کان مشهوداً) و المراد منه بضمیمة ما ورد فی تفسیره صلاة الفجر ـ و قال الله تعالی [11] : ( اقم الصلاة طرفی النهار و زلفا من اللیل) فان المراد بطرفی النهار الصبح و المغرب، و بزلف من اللیل العشاء. و قال الله تعالی ایضاً: [12] (حافظوا علی الصلوات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 8 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الظهر اربع رکعات، و العصر کذلک، و المغرب ثلاث رکعات و العشاء أربع رکعات و الصبح رکعتان (1) و تسقط فی السفر من الرباعیات رکعتان، کما أن صلاة الجمعة ایضاً رکعتان

 

و الصلاة الوسطی و المراد بالصلاة الوسطی صلاة الظهر کما ورد فی تفسیرها.

ثم إنه یدخل فی الیومیة صلاة الاحتیاط، و صلاة القضاء، فان الاولی جزئها و الثانیة عینها غایة الأمر یؤتی بها فی خارج وقتها.

(1) ضرورة من الدین ایضا و لا خلاف فیه بین المسلمین، فان النبی الاکرم صلی الله علیه و آله کان یصلی بمریء و مسمع من الناس فثبت ذلک للمسلمین طبقة بعد طبقة بالضرورة و الیقین.

[8] . السورة 108 ـ . [9] . السورة 17 ـ الآیة ـ 78. [10] . السورة 17/ الآیة/ 78. [11] . السورة 11/ الآیة/ 114. [12] . السورة 2/ الآیة/ 238.

الکلام فی صلاة الجمعه

الکلام فی صلاة الجمعه

و بالجملة أصل وجوب الصلوات و عدد رکعاتها مما لا ریب فیه و لا خلاف، انما الخلاف و الاشکال فی صلاة الظهر فی یوم الجمعة فی زمان الغیبة فهل هی واجبة فیه بالخصوص کما فی بقیة الأیام أو ان الراجب فیه بالخصوص صلاة الجمعة او ان المکلف مخیر بینهما؟ فالاحتمالات بل الأقوال فی المقام ثلاثة.

(الأول) ان الواجب فی یوم الجمعة فی زمان الغیبة هی صلاة الظهر کبقیة الأیام و لا تجب صلاة الجمعة فیه لا تعیینا و لا تخییرا.

(القول الثانی) وجوب صلاة الجمعة تعیینا، فلا تصح فیه صلاة الظهر.

(القول الثالث) التخییر بینهما فی یوم الجمعة.

القول المشهور بین القدماء هو الأول، بل ادعی علیه الاجماع کما عن الشیخ فی الخلاف، و عن الحلی فی السرائر، و عن المحقق فی المعتبر،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 9 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و عن العلامه فی التحریر، و المنتهی، و التذکرة، و نهایة الأحکام، و عن السید فی الغنیة، و عن الشهید فی الذکری، و عن المحقق الثانی فی جامع المقاصد، و ذکروا ان من شرائط الجمعة حضور الامام (علیه السلام) أو نائبه الخاص، فاذا انتفیا انتفی الوجوب.

و ذهب الشهید الثانی فی رسالته المختصة بصلاة الجمعة الی القول الثانی و هو وجوبها تعیینا، فلا تشرع فی یوم الجمعة صلاة الظهر، و نسب هذا القول الی جماعة أخری منهم صاحب المدارک قدس سره، و التزموا بعدم اشتراطه بوجود الامام (ع) أو نائبه الخاص، ولکن الشهید فی غیر تلک الرسالة ذهب الی وجوبها التخییری، و احتمل صاحب الجواهر قدس سره ان الشهید الف تلک الرسالة فی حداثة سنه، قال فی الجواهر (ص 412): و من مضحکات المقام دعوی بعض المحدثین تواتر النصوص بالوجوب العینی و انها تبلغ مأتی روایة (الی ان قال): و اغرب من ذلک دعوی بعض مصنفی الرسائل فی المسألة کالکاشانی، و غیره الاجماع علی الوجوب العینی مع ان معتمدهم فی هذا الخلاف ثانی الشهیدین فی رسالته فی رسالته فی المسألة التی یظن صدروها منه فی حال صغره، لما فیها من الجرئة التی لیست من عادته علی أساطین المذهب، و کفلاء أیتام آل محمد و حفاظ الشریعة، و لما فیها من الاضطراب، و الحشو الکثیر، و لمخالفتها لما فی باقی کتبه من الوجوب التخییری.

(و اما القول الثالث)، فقد ذهب الیه جماعة من المتأخرین منهم الشهید الثانی فی غیر تلک الرسالة، فالتزموا بوجوبها تخییراً، فالمکلف فی یوم الجمعة مخیر بین صلاة الجمعة، و صلاة الظهر، و هذا هو الأظهر، فلنا دعویان ـ ، احدیهما عدم وجوبها التعیینی، و الآخری اثبات وجوبها التخییری، و یکفی فی اثبات الدعوی الأولی ابطال الأدلة القائلین بالعینیة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 10 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالکلام یقع فی مقامین، الأول فی أدلة القائلین بالوجوب التعیینی، وردها، الثانی فی اثبات الوجوب التخییری ـ و مشروعیتها فی زمن الغیبة.

الاستدلال علی وجوب الجمعة تعییناً

الاستدلال علی وجوب الجمعة تعییناً

(اما الکلام فی المقام الأول)، فهو انه قد استدل القائلون بالوجوب التعیینی بامور (الأول) قوله تعالی [13] یا ایها الذین آمنوا اذا نودی للصلاة من یوم الجمعة، فاسعوا الی ذکر الله، و ذروا البیع ذلکم خیر لکم ان کنتم تعلمون.

تقریب الاستدلال أن المنصرف من الصلاة فی الآیة المبارکة هی صلاة الجمعة، حیث قیدت بیوم الجمعة، فانه لا وجه لاختصاص النداء فیه بالاضافة الی صلاة الظهر، فالمراد انه اذا نودی لصلاة الجمعة یجب علی المکلفین السعی الیها، فان الأمر ظاهر فی الوجوب، و الخطاب عام متوجه الی جمیع المؤمنین، فتکون صلاة الجمعة واجبة علی الجمیع.

المناقشة فی الوجوب التعیینی

المناقشة فی الوجوب التعیینی

و فیه أولا ان الأمر بالسعی مشروط بالنداء، فلو أعمضنا عما سیجییء لقلنا إن وجوب السعی مشروط بالنداء، فلا تدل الآیة علی وجوب النداء و السعی إبتداء کما هو مطلوب القائل بالوجوب التعیینی، فالمراد ان السعی واجب علی تقدیر قیام الجمعة، و النداء الیها و لا یجب السعی علی تقدیر عدم النداء و القیام کما هو قضیة مفهوم الشرط ـ .

و ثانیاً إن المراد من السعی هو السیر السریع، و الظاهر بمناسبة الحکم و الموضوع أن المراد من الذکر هو الخطبة، فانها متصلة بالنداء، و زمانها ضیق، و هو قبل الصلاة، و السعی الیها لا یجب اتفاقا، و باعتراف من القائلین بالوجوب التعیینی، فاذن یکون المراد ان المکلف اذا سمع قول المؤذن: حی علی الصلاة یستحب له ان یسعی الی الخطبة لیسمع المواعظ و یتعظ بها، فتکون الآیة أجنبیة عن الدلالة علی وجوب صلاة الجمعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 11 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو تنزلنا و قلنا: ان المراد من ذکر الله هو نفس الصلاة لا الخطبة فنقول: لا اشکال فی عدم وجوب ادراک الامام عند تکبیرة الاحرام، بل الواجب هو ادراکه فی الرکوع، فاذن یحمل الأمر بالسعی علی الاستحباب لا محالة، لأن السیر السریع الی صلاة الجمعة لا یجب، حتی عند القائلین بالوجوب التعیینی.

و یؤید ما ذکرناه من عدم کون الأمر بالسعی للوجوب قوله (تعالی) بعد ذلک [14] ، ذلکم خیر لکم إن کنتم تعلمون، فان صیغة أفعل التفضیل تدل علی الأرجحیة، و الأفضلیة لاعلی الوجوب، الا اذا قامت قرینة خارجیة علی أن المراد هو الوجوب کما فی قوله تعالی [15] و أولو الأرحام بعضهم أولی من بعض، و قوله تعالی [16] أن تصوموا خیر لکم إن کنتم تعلمون و إلا فقد وردت فی عدة موارد من الکتاب العزیز بمعنی الأحسنیة و الأفضلیة.

منها قوله تعالی [17] : (و للآخرة خیر لک من الأولی) و منها قوله تعالی: (و الله خیر الرازقین)، و قوله تعالی: (و الله خیر الحاکمین) و قوله تعالی، (خیر مما یجمعون) و قوله تعالی (و الباقیات الصالحات خیر عند ربک ثوابا، و خیر أملا) و غیر ذلک مما لا یحصى.

فالمراد من قوله تعالی (ذلکم خیر لکم) أن صلاة الجمعة أفضل من التجارة، و البیع، حیث أن منفعة التجارة موقتة فانیة، و الثواب الاخروی الحاصل من صلاة الجمعة باق دائم، و کذلک المراد من قوله تعالى: (ما عند الله خیر من اللهو و من التجارة)، فان اللذات الدنیویة فانیة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 12 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکن ما اعده الله للمؤمنین، و المطیعین باق، و لا یفنی، فاذن لا یستفاد الالزام من الآیة أصلا.

الثانی قوله تعالى [18] (حافظوا علی الصلوات، و الصلاة الوسطى) بدعوی أن المراد بالصلاة الوسطی هو صلاة الجمعة.

[13] . سورة 62 آیة 9. [14] . سورة 62 آیة 9. [15] . سورة 8 آیة 75. [16] . سورة 2 آیة 184. [17] . سورة 93 آیة 4.

الصلاة الوسطی هی الظهر لا الجمعة

الصلاة الوسطی هی الظهر لا الجمعة

و قد ذکر المحقق الهمدانی (أن فی الاستدلال بهذه الآیة علی وجوب صلاة الجمعة مالا یخفى)، و هو الصحیح فانه لا قرینة علی أن المراد من الصلاة الوسطی هی صلاة الجمعة، بل الروایات الکثیرة التی بعضها صحیحة قد فسرت الصلاة الوسطی بصلاة الظهر.

(منها) صحیحة زرارة، و هی ما رواه محمد بن یعقوب عن علی بن ابراهیم، عن ابیه عن محمد بن یحیى، عن احمد بن محمد، و عن محمد بن اسماعیل عن الفضل بن شاذان جمیعا، عن حماد بن عیسى، عن حریز عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [19] (الی ان قال فی حدیث)، و قال تعالی (حافظوا علی الصلوات، و الصلاة الوسطى) و هی صلاة الظهر الحدیث و رواها الشیخ، و الصدوق ایضاً.

و فی بعضها أن المراد من الصلاة الوسطی العصر ولکنه حمل علی التقیة.

ما استدل به علی وجوب الجمعة تعییناً

ما استدل به علی وجوب الجمعة تعییناً

نعم روی الطبرسی فی مجمع البیان عن علی علیه السلام أنها الجمعة یوم الجمعة، و الظهر فی سائر الأیام [20] و لکنها مرسلة فلا یعتمد علیها.

هذا، علی انه لو فرضنا أن المراد من الصلاة الوسطی، هی صلاة الجمعة، فلا تدل الآیة علی الوجوب، لأن الأمر لم یتعلق بنفس الصلاة بل تعلق بالمحافظة علیها، فهی ترشد الی أهمیتها کالأمر بالاطاعة مثلا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 13 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فیکون المراد أن من وجب علیه صلاة الجمعة تجب علیه المحافظة علیها امتثالا لأمره تعالی، فتکون الآیة ساکتة عن بیان أن من وجب علیه صلاة الجمعة هل هو صنف خاص، أو مطلق أصناف المکلفین؟ سواء کانوا فی زمن الحضور، أو الغیبة، فالمحافظة واجبة بمالها من الأحکام، و الشرائط فلا تدل علی أنها غیر مشروطة بشرط، فالاستدلال بها لاثبات الوجوب عجیب!

(الثالث) الروایات الکثیرة المتواترة اجمالا، فان بعضها صادر عن المعصوم جزما، و لو تنزلنا، و قلنا بعدم تحقق التواتر الاجمالی، فیکفینا الروایات المعتبرة الواردة فی المقام، فان مادل علی وجوب صلاة الجمعة روایات جملة منها صحاح، فلابد من التعرض لها حتی یتضح الأمر.

(منها) صحیحة زرارة، و هی ما رواه الصدوق باسناده، عن زرارة بن اعین، عن أبی جعفر الباقر علیه السلام، [21] قال: انما فرض الله تعالی عز وجل علی الناس من الجمعة الی الجمعة خمسا، و ثلاثین صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل فی جماعة، و هی الجمعة، و وضعها عن تسعة، عن الصغیر، و الکبیر، و المجنون، و المسافر، والعبد، و المرئة، و المریض، و الأعمى، و من کان علی رأس فرسخین؛ و قد رواها الکلینی و الشیخ بطریق صحیح أیضا.

تقریب الاستدلال أن هذه الصحیحة واضحة الدلالة علی وجوب صلاة الجمعة علی کل مکلف عدا ما استثنی.

و لکن المحقق الهمدانی، ناقش فی دلالتها علی المطلوب بما هذا لفظه (و فیه أن الروایة لیست مسوقة إلا لبیان وجوبها علی سبیل الاجمال، و هذا مما لا شبهة فیه، بل هو من ضروریات الدین، و إنما الکلام فی أنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 14 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل یعتبر فی الجماعة التی أوجبها الله فیها أن یکون أحدهما الإمام أو منصوبه کما یعتبر فیها عدالة الامام، و عدم کون عددهم أقل من السبعة أو الخمسة حتی یسقط التکلیف بتعذر شرطه أم لا؟ فکما لو شک فی شرطیة شی آخر لصحة الجمعة، و وجوبها عینا، او شک فی شرطیة شىء آخر، أو جزئیته. لسائر الفرائض الخمس و الثلاثین لا یصح التمسک باطلاق هذا الحدیث عند تعذر ذلک الشیء الذی یشک فی جزئیته، او شرطیته لنفی شرطیته، أو جزئیته فکذلک فیما نحن فیه).

و فیه أن ما ذکره یتم، إذا کان التمسک بالاطلاق لنفی الجزئیة، أو الشرطیة، فانه لا یصح إلا إذا کان الامام علیه السلام فی مقام بیان کیفیة الواجب، و أما فی المقام، فنحن نتمسک بالعموم و هو کلمة (الناس) لا بالاطلاق، فنقول إن کلمة (الناس) جمع معرف باللام و هو یفید العموم، فیکون المعنی (إن هذه الصلوات واجبة علی جمیع المکلفین من الحاضرین، و الغائبین)، فلو کان وجوب الجمعة مختصا بالحاضرین لاستثنی الغائبین کما إستثنی التسعة المذکورة فی الصحیحة. ، فالفارق بینها، و بین غیرها لیس إلا إعتبار الجماعة فیها دون غیرها.

(و منها) صحیحة أبی بصیر، و محمد بن مسلم، [22] قالا: سمعنا أبا جعفر محمد بن علی علیهما السلام یقول: من ترک الجمعة ثلاثا متوالیات بغیر علة طبع الله علی قلبه. ، و لا یخفی أن فی الطریق محمد بن عیسی بن عبید، و قد تقدم أنه ثقة وثقه النجاشی، فتکون الروایة صحیحة و من حیث الدلالة واضحة، فان کلمة (من) ظاهرة فی العموم، فتشمل الحاضرین و الغائبین، الذین لم یدرکوا الامام علیه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 15 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) صحیحة أخری لزرارة قال [23] : قال ابو جعفر علیه السلام الجمعة واجبة علی من إن صلی الغداة فی أهله أدرک الجمعة، و کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) إنما یصلی العصر فی وقت الظهر فی سائر الأیام کی إذا قضوا الصلاة مع رسول الله (ص)، رجعوا إلی رحالهم قبل، اللیل، و ذلک سنة إلی یوم القیامة.

و هذه الصحیحة هی أصرح ما فی الباب فی الدلالة علی وجوب صلاة الجمعة علی کل مکلف إلی یوم القیامة لمکان قوله: و ذلک سنة إلی یوم القیامة فان المراد بالسنة هی الطریقة اللازمة من قبل النبی الأکرم (ص).

(و منها) صحیحة أبی بصیر، و محمد بن مسلم، جمیعا، عن أبی عبدالله علیه السلام، [24] قال: إن الله عز وجل فرض فی کل سبعة أیام خمسا و ثلاثین صلاة منها صلاة واجبة علی کل مسلم أن یشهدها إلا خمسة، المریض و المملوک، و المسافر، و المرئة، و الصبی.

و هذه الروایة أیضا صحیحة سندا و تامة من حیث الدلالة، فانها عامة بالاضافة الی من أدرک الامام و من لم یدرکه.

و هناک روایات أخرى [25] تدل علی الوجوب لا حاجة إلی ذکرها فان ما ذکرناه من الصحاح کاف فی المقام، فانها تشمل الموجودین فی زمن الغیبة ایضاً، و تدل علی وجوبها علی الجمیع.

[18] . سورة 2 آیة 238. [19] . الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ر 1. [20] . الوسائل ب 5 من ابواب اعداد الفرائض. [21] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 [22] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ر 11 [23] . الوسائل ب 4 من ابواب صلاة الجمعة ر 8. [24] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ر 14. [25] . راجع الوسائل ب 1 من ابواب صلاة الجمعة.

الصفحات (16 - 50)

الصفحات (16 - 50)

(16 - 20)

(16 - 20)

و الجواب إنا نسلم دلالتها علی الوجوب العینی التعیینی، و لا شبهة فیها إلا أنها تکون بالاطلاق، فان مقتضی الاطلاق فیها کون صلاة الجمعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 16 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واجبة بالوجوب العینی التعیینی ولکن هنا أمورا توجب تقییدها فتمنعنا من الالتزام بالوجوب التعیینی.

(الأول) إنها لو کانت واجبة بالوجوب التعیینی لشاع، و بان، و ظهر لکل أحد، لأن صلاة الجمعة کانت مما یکثر بها الابتلاء، فیمتنع عادة خفاء حکمها علی المسلمین، سیما بعد ما وقعت معرکة الآراء بین الأعلام و قد نقل أکابر من العلماء الاجماع علی عدم الوجوب التعیینی کما عن الشیخ و السید فی الغنیة، و إبن إدریس، و العلامة، بل حکی عن سلار، و بعض آخر عدم مشروعیتها فی زمن الغیبة، و تبعه جملة من المتآخرین، و لا سیما أن الرویات الدالة علی الوجوب کانت فی مرىء، و مسمع منهم، فمن عدم شیوع الوجوب التعیینی بین المسلمین، و العلماء، نستکشف کشفاً قطعیاً أنها لم تکن واجبة بالوجوب التعیینی، فهذا یوجب أن نرفع الید عن الاطلاقات المتقدمة.

الثانی جریان السیرة من الفرقة الناجیة علی ترک صلاة الجمعة، حتی فی زمن أصحاب الأئمة علیهم السلام، فان أصحابهم، و أتباعهم کانوا یصلون الظهر فی یوم الجمعة، فلو کانت صلاة الجمعة واجبة بالوجوب التعیینی، لردعهم، و لوصل ردعهم الینا، لعدم وجود المانع منه، فمن عدم الردع یعلم عدم الوجوب التعیینی.

و الذی یدل علی أن سیرة الأصحاب کانت جاریة علی الترک روایتان.

إحدیها صحیحة زرارة [26] قال: حثنا أبو عبدالله علیه السلام علی صلاة الجمعة، حتى ظننت أنه یرید أن نأتیه فقلت: نغدو علیک، فقال: لا، إنما عنیت عندکم.

تقریب للاستدلال، إن الحث لمثل زرارة علی الاتیان یکشف عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 17 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن زرارة لم یکن آتیا بها، و مواظبا علیها، فمنه یستکشف أنها لم تکن واجبة بالوجوب التعیینی العینی، و إلا لکان فاعلا لها و مواظبا علی فعلها، و لا یحتمل فی حقه ترکها، فان الصلاة الواجبة لا یترکها إلا من یتجاهر بالفسق، و زرارة هو الذی قد روى جملة من الروایات الدالة علی الوجوب.

و قد تقدم بعضها فکیف یکون تارکا لها؟ مع کونها واجبة بالوجوب التعیینی.

و بالجملة عدم کون زرارة مواظبا علیها إما أن یکون من أجل عدم وجوبها تعیینا، أو لأجل العصیان أو لأجل إختفاء حکمها، و عدم علمه بأنها واجبة بالوجوب التعیینی * و لا ریب، فی أن الأخیرین لا یحتملان فی حق من هو دونه بمراتب فضلا عنه، فیتعین الأول.

(الثانیة) موثقة عبد الملک بابن بکیر عن أبی جعفر علیه السلام [27] قال: قال: مثلک یهلک، و لم یصل فریضة فرضها الله قال: قلت: کیف أصنع؟ قال: صلوا جماعة یعنی صلاة الجمعة.

و هذه الموثقة أصرح من الصحیحة الأولی فی الدلالة علی مواظبة عبد الملک علی الترک، و هو من الثقات، و الأجلاء و أخو زرارة فکیف یحتمل فی حقه ترکها؟ مع کونها واجبة علیه بالوجوب التعیینی، فمنه یستکشف أن ترکه لها لم یکن إلا لأجل عدم وجوبها علیه تعیینا، فتحمل الروایة على أنه کان فی یوم الجمعة آتیا بالظهر، و یختارها علی الجمعة للتخییر بینهما.

و یستفاد ذلک أیضاً مما دل علی الاقتداء بالعامة فی صلاة الجمعة صورة لا حقیقیة، حیث أمر الامام علیه السلام بالاتمام برکعتین بعد تسلیمهم، فتقع صلاتهم أربع رکعات، و لیست هی إلا صلاة الظهر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 18 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الثالث) الروایات الواردة عنهم علیهم السلام فان المستفاد منها عدم وجوبها تعیینا.

(منها) صحیحة محمد بن مسلم، [28] قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الجمعة فقال: تجب علی کل من کان منها علی رأس فرسخین، فان زاد علی ذلک، فلیس علیه شیء .

فان المستفاد من هذه الصحیحة أن من کان علی أزید من فرسخین لا تجب علیه صلاة الجمعة، فمنه یعلم أن الواجب علیه صلاة الظهر یوم الجمعة، فلو کانت صلاة الجمعة واجبة بالوجوب التعیینی لم یکن وجه للسقوط بل یجب علیهم اقامة الجمعة فی أمکنتهم و إحتمال السقوط لأجل إنتفاء العدد المعتبر فیها مدفوع، بأن من کان أبعد من فرسخین، لم یکن شخصاً واحداً، او شخصین، أو ثلثة، بل یکون کثیر من الناس أهل القری،‌فوجود خمسة، أو سبعة متیسر فی کل مکان غالباً، فحمل الروایات الدالة علی السقوط فیما إذا کان المکلف أبعد من الفرسخین علی عدم وجود خمسة أو سبعة حمل علی الفرد النادر، و لا مجال للالتزام به، فاذاً تکون مفاد الصحیحة عدم وجوبها تعییناً، فتکون مقیدة للاطلاقات التی أستفید منها الوجوب التعیینی، و نحوها غیرها مما دل علی عدم وجوبها علی من کان أبعد من فرسخین [29] .

(و منها) الروایات الدالة علی السقوط عند عدم وجود من یخطب و هی عدة روایات، منها صحیحة محمد بن مسلم، و هی ما رواه الشیخ باسناده عن الحسین بن سعید، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 19 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسلم، عن احدهما علیهما السلام [30] قال: سألته عن اناس فی قریة هل یصلون الجمعة جماعة قال: نعم (و) یصلون أربعاً إذا لم یکن من یخطب.

(و منها) صحیحة أو موثقة [31] الفضل بن عبد الملک [32] قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: إذا کان قوم (القوم) فی قریة صلوا الجمعة أربع رکعات، فان کان لهم من یخطب لهم، جمعوا، إذا کانوا خمس نفر الحدیث.

(تقریب الاستدلال) أن المراد بمن یخطب من یقوم بصلاة الجمعة فاذا کان من یخطب، و یتصدی لإقامة الجمعة تجب علیهم، و إلا فیصلون الظهر، فانها المراد بالأربع، و لازم هذا الکلام إن الجمعة واجبة بالوجوب التخییرى، لأن المراد بمن یخطب، لیس من یتمکن من الخطبة، حتی یکون، المراد أنه إن کان هناک من یقدر علی إقامة الجمعة وجب إلقاء الخطبة فتجب علیهم الجمعة و إن لم یوجد و تعذر الخطیب، تجب علیهم صلاة الظهر، و ذلک لأنه فرض لا یقع، فان الخطبة فی صلاة الجمعة لیست مشکلة، حتی لا یقدر علیها کل أحد بل هو أمر سهل یکفی فیها قول الخطیب: الحمد لله، و الصلاة علی رسول الله، أیها الناس إتقوا الله ثم یقرء سورة من القرآن و ان کانت سورة الحمد، و هذه یقدر علیها کل أحد من المتدینین.

هذا و لو تنزلنا و سلمنا عدم تمکن کل أحد من الخطبة، فنقول: إذا کانت صلاة الجمعة واجبة بالوجوب التعیینی، لوجب علی کل أحد تعلم الخطبة کتعلم الصلاة، فکیف یفرض عدم وجود الخطیب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 20 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[26] . الوسائل ب 5 من ابواب صلاة الجمعة ر 1.
[27] . الوسائل ب 5 من ابواب صلاة الجمعة ر 2.
[28] . الوسائل ب 4 من ابواب صلاة الجمعة ر 6.

[29] . راجع الوسائل ب 4 من ابواب صلاة الجمعة.
[30] . الوسائل ب 3 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 2.

[31] . التردید لأجل ابان بن عثمان فانه بما أنه من أصحاب الاجماع تکون روایاته دخلة فی الصحاح، و بما انه ناووسی تکون داخلة فی الموثقات.

[32] . الوسائل ب 3 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 2.

(21 - 25)

(21 - 25)

إن قیل: یمکن عدم وجود الخطیب، و لو لأجل العصیان عن التعلم، فلا منافاة بین وجوب صلاة الجمعة تعیینا، و عدم وجود الخطیب فاذا تعذر الخطیب و لو لأجل العصیان، تعین صلاة الظهر.

قلنا: هذا مما لا یمکن الالتزام به لوجهین:

(الأول) إن السیرة القطعیة قد جرت علی الاقتداء بمن لا یقیم الجمعة و لا یقدم علیها فلو کان ترک الجمعة موجباً للفسق فکیف جرت سیرة المتشرعة علی الاقتداء بمن لا یقیم الجمعة، و لا یتصدی لها مع کونه فاسقاً؟

(الثانی) نفس الروایات الواردة فی المقام.

(منها) موثقة ابن بکیر، و هی ما رواه الشیخ باسناده عن الحسین ابن سعید، عن صفوان، عن عبدالله بن بکیر [33] قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن قوم فی قریة لیس لهم من یجمع بهم أیصلون الظهر یوم الجمعة فی جماعة قال: نعم إذا لم یخافوا.

و منها موثقة سماعة، و هی ما رواه محمد بن یعقوب، عن محمد بن یحیى، عن محمد بن الحسین، عن عثمان بن عیسى، عن سماعة [34] قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الصلاة یوم الجمعة فقال: اما مع الامام، فرکعتان، و أما من یصلی وحده، فهی أربع رکعات بمنزلة الظهر یعنی إذا کان إمام یخطب، فان لم یکن إمام یخطب، فهی أربع رکعات و إن صلوا جماعة.

فان هاتین الموثقتین تدلان علی إمکان الجماعة و صحتها فی صلاة الظهر یوم الجمعة، فلو کانت صلاه الجمعة واجبة تعیینا، و کانت إقامتها و تعلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 21 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خطبتها واجبة، کان الامام الذی یأتمون به عاصیاً فاسقاً لترکه لاقامة الجمعة و لتعلم خطبتها، فکیف یصح الاقتداء به للاربع و هی صلاة الظهر، و کیف یأتی بها جماعة؟ و کیف یصح الاقتداء بالفاسق؟

و مما ذکرنا ظهر فساد ما قد یقال: من أن الأخبار الدالة علی سقوط الجمعة عند عدم وجود من یخطب، (کصحیحة محمد بن مسلم، و صحیحة فضل بن عبد الملک المتقدمتین) جاریة مجری الغالب، فان الغالب فی أهل القری، و الأماکن البعیدة عن المدن عدم وجود من یصلح للامامة فیهم و إن لم نشترط کونه متصوباً من قبل المعصوم، فان المعتبر فیه أن یکون عادلا، جامعاً لشرائط الامامة، فلا یکفی فی فعلیة الجمعة مجرد إجتماع عدة من المسلمین و إن کان فیهم من یقدر علی الخطبة فسقوط الجمعه عند انتفاء شرط من شروطه لا ینافی القول بالوجوب التعیینی فانا نقول: انها واجبة بالوجوب التعیینی ولکنه مشروط بوجود امام صالح للامامة فبانتفائه کما هو الغالب فی أهل القری و البوادی، البعیدة من المدن ینتفی الوجوب فهذا السنخ من الروایات لا یمکن الاستدلال بها علی نفی الوجوب التعیینی.

توضیح الفساد إنه لا یعتبر فی إمام الجمعة إلا ما یعتبر فی إمام الجماعة بعد ما لم نعتبر کونه منصوباً خاصاً، و هو موجود فی غالب القرى، و لا سیما فی تلک الاعصار، فان من یأتم به الناس کان موجوداً فی کل قریة و کان المتعارف إیتمام بعضهم ببعض.

فتحصل مما ذکرناه عدم وجوب الجمعة تعیینا، و أن المطلقات التی یستفاد منها الوجوب التعیینی لابد من رفع الید عنها، للروایات المتقدمة التی یستفاد منها عدم الوجوب التعیینی، فعلیه یکون المکلف مخیراً بین الظهر و الجمعة، نعم لو أقیمت فی البلد یجب الحضور الیها علی الأحوط.

ثم إنه قد استدل ایضاً للقول بالوجوب التعیینی لصلاة الجمعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 22 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بروایات أخری.

منها صحیحة زرارة، و هی ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة [35] قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: علی من تجب الجمعة قال: تجب علی سبعة نفر من المسلمین، و لا جمعة لأقل من خمسة من المسلمین أحدهم الامام، فاذا إجتمع سبعة، و لم یخافوا، امهم بعضهم، خطبهم.

و فیه أن ذکر السبعة إن کان لبیان شرط الصحة تکون الروایة أجنبیة عن المقام، و لا یکون جواب الامام جوابا لما سأل عنه الراوی، فان السؤال فی الروایة عمن تجب علیه الجمعة، علی أنها ینافیها الذیل، حیث دل علی أن الجمعة تنعقد بخمسة.

و إن کان ذکر السبعة، لبیان شرط الوجوب، کما یدل علیه ذیل الروایه (فاذا إجتمع سبعة، و لم یخافوا أمهم بعضهم، و خطبهم) و هو الظاهر منها، فلا تدل الروایة علی الوجوب التعیینی، بل تدل علی الوجوب التخییری، فیکون المراد أنه إن إجتمع سبعة نفر للجمعة، تجب علیهم صلاة الجمعة و إلا فلا و لا تدل الروایة علی وجوب الاجتماع.

و أما إحتمال کون المراد وجود سبعة نفر حتی یکون المراد إن وجد سبعة نفر تجب علیهم الصلاة، و إلا فلا، ففاسد، و ذلک لأن سبعة نفر موجودة فی أی محلة صغیرة أو أی قریة فرضت، فیکون ذکر السبعة لغوا. نعم یمکن فرض الأقل من سبعة فی المسافر، فانه کثیر اما یوجد المسافر یوم الجمعة أقل من سبعة إلا أنه مستثنی من وجوب صلاة الجمعة کما فی عدة من الروایات.

و بالجملة فی کل مسکن للناس، و فرسخین من کل جوانبه یوجد سبعة نفر، فاذاً لابد أن یکون المراد إجتماعهم باختیارهم لصلاة الجمعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 23 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) صحیحة منصور، عن أبی عبدالله علیه السلام [36] فی حدیث قال: الجمعة واجبة علی کل أحد لا یعذر الناس فیها إلا خمسة المرئة و المملوک و المسافر و المریض و الصبی.

قلت: هذه الروایة صحیحة سندا و تامة من حیث الدلالة علی الوجوب التعیینی، و لا یمکن حملها علی الوجوب التخییری، ولکن المراد حضورها علی تقدیر الاقامة، فاذا اقیمت الجمعة فی البلد مثلا یجب الحضور علی کل أحد، و لا یعذر أحد فی ترکه، و الذی یدلنا علی ذلک أمران.

(الأول) مادل علی عدم وجوبه علی من بعد عن فرسخین فان الفرسخین یفرضان من محل اقیمت الجمعة فیه، فیجب الحضور علی من کان دونهما و لا یجب الحضور علی من کان أبعد منهما، و إلا فلا معنی لاستثناء الفرسخین.

و بعبارة أخری، لا تجب الجمعة علی کل أحد حتی علی من کان علی خارج رأس فرسخین لما دل من الروایات علی ذلک، فیکون المراد من وجوبها علی کل أحد: وجوب حضورها علی تقدیر کونه علی مادون الفرسخین، و الفرسخ لا یفرض إلا من مکان اقیمت الجمعة فیه فلا یستفاد من الصحیحة وجوب إقامتها علی کل أحد.

(الأمر الثانی) مادل علی إستثناء المسافر، و هو کثیر، بل نفس هذة الصحیحة التی استدل بها علی الوجوب استثنت المسافر، و المراد من استثنائه، عدم وجوب الحضور علیه لا عدم المشروعیة فانه لم یخالف أحد فی أنها مشروعة علیه فاذاً یکون المراد من الوجوب وجوب الحضور لا وجوب الاقامة کما أن المراد من عدم الوجوب علی المسافر، عدم وجوب الحضور علیه، فاذن یکون المستفاد من الروایة بضمها الی الروایات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 24 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتقدمة وجوب الحضور علی کل أحد کان علی حد فرسخین إن اقیمت الجمعة، و أما أصل الاقامة فلا تجب کما عرفت من الروایات المتقدمة.

(و منها) ما تقدم [37] من صحیحه أبی بصیر، و محمد بن مسلم، قالا (سمعنا أبا جعفر محمد بن علی علیهما السلام، یقول: من ترک الجمعة ثلاثا متوالیات بغیرعلة طبع الله علی قلبه).

(و منها) صحیحة زرارة [38] عن أبی جعفر علیه السلام قال: (صلاة الجمعة فریضة، و الاجتماع الیها فریضة، مع الامام فان ترک رجل من غیر علة ثلاث جمع، فقد ترک ثلاث فرائض، و لا یدع ثلاث فرائض من غیر علة إلا منافق). و نحوهما غیرهما (و الجواب) قد ظهر مما تقدم، فان المراد فی الجمیع الحضور علی تقدیر الاقامة فالمستفاد من الروایات أن الجمعة إذا اقیمت یجب علی کل من کان علی حد فرسخین أن یحضرها فالروایات لا قصور فیها فی الدلالة علی وجوب الحضور علی تقدیر الاقامة ولکن المشهور حیث أفتوا بعدم الوجوب مطلقاً، و لم یفرقوا بین أصل الاقامة و الحضور علی تقدیرها یشکل الجزم بذلک، ولکن الاحتیاط بالحضور لا یترک علی تقدیر الاقامة * فتحصل من جمیع ما ذکرناه أن مقتضی الجمع بین الروایات هو وجوب صلاة الجمعة تخییراً، و علی تقدیر الاقامة لا یترک الاحتیاط بالحضور لمن کان فی الحد المذکور.

و مما یؤکد التخییر ما رواه الکشی باسناده عن محمد بن علی، عن أبیه، عن جده، عن النبی صلی الله علیه و آله فی الجمعة [39] قال: إذا إجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن یجمعوا. * و الروایة و إن کانت ضعیفة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 25 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[33] . الوسائل ب 12 من أبواب صلاة الجمعة ر 1.

[34] . الوسائل ب 5 من صلاة الجمعة ر 3.
[35] . المرویة فی الوسائل ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ر 4.
[36] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ر16.
[37] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ر11 و قد تقدمت فی ص 15.

[38] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ر12.

[39] . الوسائل ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ر11.

(26 - 30)

(26 - 30)

السند لأجل علی بن محمد بن قتیبة، و محمد بن حکیم إلا أنها صالحة للتأیید و التأکید، فان جملة: فلهم أن یجمعوا، یدل علی عدم اللزوم، فکما تصح لهم الجمعة تصح لهم الظهر * ثم لا یخفی أن المذکور فی بعض الروایات سبعة و فی بعضها خمسة و مقتضی الجمع بین الطائفتین حمل السبعة علی الأفضلیة و الخمسة علی أقل ما ینعقد به الجمعة، فانها لا تنعقد بأقل من خمسة * هذا تمام کلامنا فی المقام الأول، و قد أثبتنا أن أدلة القائلین بالوجوب التعیینی لا تتم، و أن مقتضی الجمع بین الأخبار هو الوجوب التخییری، و وجوب الحضور الیها إن أقیمت علی الأحوط.

و أما الکلام فی المقام الثانی، فهو إنه قد یقال: إن صلاة الجمعة غیر مشروعة فی زمن الغیبة، و استدل علیه بوجوه * الوجه الأول دعوی الاجماع و اتفاق الأصحاب علی عدم المشروعیة * و فیه أن الاجماع المنقول لا حجیة فیه کما مر غیر مرة، علی أنا نعلم بعدم تحققه فی المقام، لأن جل الأصحاب قد التزموا بوجوبها التخییری، فکیف تصح دعوی الاجماع علی عدم المشروعیة؟ فهذا الوجه ساقط.

الوجه الثانی إن سیرة النبی (صلی الله علیه و آله) و الأئمة علیهم السلام قد کانت مستمرة علی نصب شخص خاص لامامة الجمعة، کما کان الأمر کذلک للقضاء بین الناس، فکما أن الانسان لیس له أن یجعل نفسه قاضیاً بلا إذن النبی، و الوصی علیهما السلام، فکذلک الأمر فی إمامة الجمعة فانها محتاجة إلی إذن خاص، فعلیه لا تکون صلاة الجمعة مشروعة، لعدم وجود من هو منصوب من قبلهم علیهم السلام.

و بعبارة أخری مشروعیة الجمعة تتوقف علی وجود الامام (ع) أو نائبه الخاص، فمع انتفائهما تنتفی المشروعیة * و فیه أنه لا دلیل علیه أصلا و لم یرد روایة واحدة دلت علی أن النبی (ص)، أو الوصی نصب شخصاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 26 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاصاً لامامة الجمعة فی المدن و القری البعیدة من المدینة المنورة.

نعم کان أمیر المؤمنین علیه السلام ینصب قاضیاً فی البلاد، و القری البعیدة عن الکوفة، و کان الناس یصلون الجمعة معه إلا أن هذا لا یدل علی إعتبار کون إمام الجمعة هو الامام أو نائبه الخاص، بحیث کان إمامة غیرهما لصلاة الجمعة محرمة موجبة لبطلانها، فان الناس کانوا یأتمون به لأجل الاحترام، حیث أنه کان منصوباً من قبله (علیه السلام) لا لأجل الاشتراط.

الوجه الثالث، الاخبار الدالة علی سقوطها عمن بعد عنها بفرسخین (منها) صحیحة [40] محمد بن مسلم المتقدمة صفحة 19 قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام، عن الجمعة، فقال: تجب علی کل من کان منها علی رأس فرسخین، فان زاد علی ذلک فلیس علیه شیء ، و نحوها غیرها مما دل علی هذا المضمون [41] .

تقریب الاستدلال بها أن المراد منها، لیس بیان حکم المسافرین، و عابری السبیل حتی یقال: إن عدم وجوبها علی المسافر مما لا کلام فیه، لکونه من المستثنیات، و إنما الکلام فی مشروعیتها، و عدم مشروعیتها للحاضرین الذین لیس فیهم من هو منصوب من قبل الامام علیه السلام، کما هو ظاهر علی من تأمل فی تلک الروایات أدنی تأمل * و کذلک لیس المراد منها، بیان حکم ما اذا لم یوجد فی تلک الأماکن، و ما حولها إلی فرسخ أو فرسخین عدة أشخاص من المسلمین ینعقد بهم الجمعة، فان هذا فرض بعید لا یتحقق عادة فلا یصح حمل تلک الروایات علیه * و کذلک لیس المراد فیها بیان حکم جماعة لم یوجد فیها من یخطب، فان هذا أیضا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 27 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حمل علی الفرد النادر، فان الغالب هو وجود أئمة الجماعة فی القرى، و الأمصار، و هم قادرون علی إلقاء الخطبة لکونها قلیلة المئونة کما عرفت * بل المراد منها بیان حکم سکنة القری و البراری، و البلدان البعیدة عن المصر الذی یقام فیه الجمعة، فنستکشف منها عدم مشروعیتها علی من لیس فیهم الامام، أو المنصوب من قبله، إذ لو کانت واجبة علیهم لأمرهم الامام علیه السلام بالاجتماع فی أماکنهم، لاقامة صلاة الجمعة و لم یقل (ع): (فان زاد علی ذلک، فلیس علیه شیء ) کما فی الصحیحة * و فیه أن غایة ما یستفاد من تلک الأخبار عدم کونها واجبة بالوجوب التعیینی، علی من بعد عن المکان الذی أقیمت فیه الجمعة، بفرسخین، و عدم وجود الحضور و السعی الیها، و أما عدم المشروعیة فلا یستفاد منها أصلا کیف؟ و قد نطقت جملة من الأخبار بأنه إذا کان بین أهل القرى، من یخطب لهم أن یجمعوا، و یقیموا الجمعة.

(الوجه الرابع) قبح إیجاب الشارع الحکیم علی کافة الناس الاقتداء بواحد غیر معین، و إیکال تعیینه إلی إرادتهم مع أنه لا یکاد یتفق آراء الجمیع علی واحد، مع ما فی نفوس جلهم من الاباء عن الاقتداء بمن یراه مثله، أو دونه فی الأهلیة للامامة، ما لم یکن له ملزم شرعی، مع مجبولیة کل نفس بحب الریاسة لنفسه، فلیس مثل هذا الحکم الا تأسیس مادة الجدال و النزاع، فیمتنع صدوره من الشارع إلا أن یجعل لتعیین من یقتدی به طریقاً لا یبقی معه موقع للخصومة، و لیس ذلک إلا نصب الولی، إذ لا یتعین فی شخص خاص بدونه إجماعاً، و معه یتعین فیه ضرورة.

(و فیه) أولا أن هذا لو تم إنما یتم لو التزمنا بالوجوب التعیینی، و أما لو التزمنا بالوجوب التخییری، کما هو الصحیح، فلهم أن یختاروا الظهر عند خوف المشاجرة و المطاردة فی فرض الاقدام باتیان الجمعة. * (و ثانیا)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 28 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن هذا لایتم، و إن التزمنا بالوجوب التعیینی، فان العدالة معتبرة فی الإمام علی ما هو الصحیح عندنا، و مقتضی عدالتهم أن یتواطئوا علی الاقتداء بأحدهم، و لا یتشاجروا، و یمنع کل منهم مخلصیه عن التنازع، و التشاجر، و قد رأینا أن عدة من الأکابر کانوا یقتدون بالشیخ علی القمی مع أنهم کانوا أفضل منه علما بمراتب.

هذا إذا کانوا معتقدین بعدالة من أراد الناس ان یقتدوا به و إن لم یکونوا معتقدین بعدالته، فلهم أن یقیموا الجمعة فی مکان آخر، و یتواطئوا علی الاقتداء بمن یعتقدون عدالته، و لو زاحمهم من یرید الناس الاقتداء به فهدا لیس من قبل الشارع حتی یقال: إن جعل مثل هذا الحکم تأسیس لمادة النزاع، و الجدال، فیمتنع صدوره من الشارع * نعم، علی ما ذهب الیه العامة من عدم اشتراط العدالة فی الامام، یکون جعل الوجوب التعیینی لاقامة الجمعة مستلزماً للتشاجر و المنازعة إلا أنا لا نقول به.

(الوجه الخامس) ما رواه الصدوق باسناده، عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام [42] قال، إنما صارت صلاة الجمعة إذا کان مع الامام رکعتین، و إذا کان بغیر إمام رکعتین، و رکعتین، لان الناس یتخطون إلی الجمعة من بعد، فأحب الله عزوجل أن یخفف عنهم، لموضع التعب الذی صاروا الیه، و لأن الامام یحبسهم للخطبة، و هم منتظرون للصلاة، و من إنتظر الصلاة، فهو فی الصلاة فی حکم التمام، و لأن الصلاة مع الامام، أتم، و أکمل لعلمه، و فقهه و فضله، ، و عدله، و لأن الجمعة عید و صلاة العید رکعتان، و لم تقصر، لمکان الخطبتین. قال [43] : إنما جعلت الخطبة یوم الجمعة، لأن الجمعة مشهد عام، فأراد أن یکون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 29 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للامیر سبب إلی موعظتهم و ترغیبهم فی الطاعة و ترهیبهم من المعصیة، و توقیفهم علی ما أراد من مصلحة دینهم، و دنیاهم، و یخبرهم بما ورد علیهم من الآفاق (و) من الأهوال التی لهم، فیها المضرة، و المنفعة، و لا یکون الصابر فی الصلاة منفصلا، و لیس بفاعل غیره ممن یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة، و إنما جعلت خطبتین، لیکون واحدة للثناء علی الله و التمجید، و التقدیس لله عز و جل، و الاخری للحوائج، و الأعذار، و الإنذار و الدعاء، و لما یرید أن یعلمهم من أمره و نهیه ما فیه الصلاح، و الفساد.

تقریب الاستدلال بجملتین منها (الاولی) جملة: و لأن الصلاة مع الامام (ع) أتم و أکمل، لعلمه، و فقهه، و فضله، و عدله، و لا شک فی أن هذه الأوصاف غیر معتبرة فی کل من هو إمام الجماعة، بل المعتبر فیه خصوص العدالة فمجمع هذه الأوصاف هو الامام أو نائبه الخاص، للعلم بعدم کون غیرهما من الفضل بمثابة توجب سقوط الرکعتین * الثانیة جملة: فاراد أن یکون للأمیر سبب إلی موعظتهم، و ترغیبهم فی الطاعة، و ترهیبهم من المعصیة، و من الواضح، أن هذه الأمور، هی وظیفة الامام أو نائبه الخاص، فانه الذی لابد أن یکون مطلعا علی ما یقع فی الأماکن من الحوادث المضرة، أو النافعة، و مسیطراً علی أهلها الذین یجتمعون، لاقامة الجمعة، و عارفاً بمصالحهم الدینیة، و الدنیویة.

و فیه (أولا) أن السند ضعیف، فان فی طریق الصدوق إلی الفضل ابن شاذان عبد الواحد بن عبدوس، و علی بن محمد بن قتیبة، و لم یثبت و ثاقتهما، فلا تکون الروایة حجة * (و ثانیا) أن الدلالة غیر تامة فانا و إن لم نشترط إذن الامام علیه السلام فی اقامة الجمعة، إلا أن هذه الصلاة مجمع الناس، و یجتمعون الیها من ستة عشر فرسخا مربعاً، و لها أهمیة کبیرة فی نظرهم فبطبیعة الحال یأتمون بمن هو أفقههم، و أعلمهم، لیکون،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 30 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[40] . الوسائل ب 4 من أبواب صلاة الجمعة ر 6.

[41] . راجع الوسائل ب 4 من ابواب صلاة الجمعة ر 2 و 5.
[42] . الوسائل ب 6 من ابواب صلاة الجمعة ر 3.

[43] . الوسائل ب 25 من ابواب صلاة الجمعة ر 6.

(31 - 35)

(31 - 35)

صالحا علی موعظتهم، و ترغیبهم فی الطاعة، و تخویفهم من المعصیة، و نحو ذلک، فالروایة ناظرة الی ما هو المتعارف خارجا بحسب العادة و لا تدل علی أن الامام لابد أن یکون متصفاً بتلک الأوصاف بحیث لو لم یکن کذلک وقعت الجمعة فاسدة.

و حیث أن الامام فی صلاة الجمعة، یکون أشرف الناس علما، و کمالا و فضلا، و عدالة، کما هو مقتضی الجری الطبیعى علی ما عرفت و الناس یجتمعون من البعید الیها، و الامام یعظهم، و یخطبهم بالوعد و الوعید، أوجب جمیع ذلک سقوط الرکعتین و کان حکمة فیه * (و ثالثاً) لو تنزلنا و سلمنا دلالة الروایة علی اشتراط أن یکون إمام الجمعة متصفاً بهذه الأوصاف فنقول: إعتبار هذه الأوصاف فی إمام الجمعة لا یستلزم أن یکون معصوما أو مأذوناً باذنه الخاص، لا مکان إتصاف غیرهما بتلک الأوصاف أیضا * و دعوی القطع بأن المتصف بهذه الأوصاف لا یکون إلا الامام، أو من هو منصوب من قبله، مجازفة، لأن کثیرا من علمائنا یکون عادلا ورعا تقیا ذا ملکات فاضلة و الاخلاق الحسنة.

(الوجه السادس) موثق سماعة [44] قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن الصلاة یوم الجمعة، فقال: أما مع الامام فرکعتان و أما لمن صلی وحده، فهی أربع رکعات، و إن صلوا جماعة * قال المحقق الهمدانی قدس سره: إنها کالنص فی أن إمام الجمعة الذی هو شرط فی وجوب الرکعتین، لیس مطلق من یصلی بالناس جماعة و إشترط إمام الجمعة بکونه ممن یحسن الخطبة و یتمکن منها، لا یصلح فارقا بینهما کما زعمه صاحب الوسائل، لما أشرنا الیه من قضاء العادة بأن کل من یؤم بالناس یتمکن من أقل ما یجزی من الخطبتین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 31 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و فیه) أن الاستدلال بها لا یتم، لأن الصدوق قد رواها [45] بعین هذا السند، من دون جملة (و ان صلوا جماعة) و نسخة الکافی مختلفة، و قد أوردها فی الوسائل عن الکافی فی (ب 6) من أبواب صلاة الجمعة ر 8، کما عرفت مطابقة لنسخة، و أوردها عنه فی (ب 5) من أبواب صلاة الجمعة ر 3، مطابقة لنسخة أخری و هی هکذا محمد بن یعقوب (بسند معتبر) عن سماعة، [46] ، قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الصلاة یوم الجمعة، فقال: أما مع الامام، فرکعتان، و أما من یصلی وحده، فهی أربع رکعات، بمنزلة الظهر یعنی: إذا کان إمام یخطب، فان لم یکن إمام یخطب، فهی أربع، رکعات، و إن صلوا جماعة.

فنقول: إن هذا التفسیر إن کان من الصادق علیه السلام، فعدم دلالتها علی اشتراط کون إمام الجمعة إمام الأصل أو منصوبا من قبله ظاهر، فان التفسیر یدل علی أن المراد بالامام المذکور فی الصدر: هو الامام الذی یرید إقامة الجمعة، و القاء الخطبة، لا امام الأصل، و هو المعصوم علیه السلام * و إن کان التفسیر المذکور من سماعة، فأیضاً یکفی فی الالتزام بأن المراد من الامام المذکورفى صدر الروایة: هو الامام الذى یکون کتهیئا لا لقاء الخطبة، و إقامة الجمعة، بقرینة الروایات الدالة علی أن أهل القری إذا کان فیهم إمام یخطب، لهم أن یقیموا الجمعة * و بعبارة أخری إن کان التفسیر من سماعة فلا أقل من عدم دلالتها علی أن المراد من الامام: هو امام الأصل، فاذاً یکفینا فی الالتزام بجواز إقامة الجمعة لغیر الامام علیه السلام، الروایات الدالة علی ذلک، کما تقدم تقریبها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 32 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الوجه السابع) مادل من الروایات علی أن الجمعة من مناصب الامام علیه السلام، و مقتضاها عدم مشروعیتها حال، الغیبة (منها) ما عن دعائم الاسلام، عن جعفر بن محمد علیهما السلام [47] إنه قال: لا جمعة إلا مع إمام عدل تقی، و عن علی علیه السلام إنه قال: لایصلح الحکم و لا الحدود، و لا الجمعة إلا بامام عدل (و فی نسخة أخری) إلا للامام أو من یقیمه الامام * (و منها) ما عن کتاب الاشعثیات مرسلا، إن الجمعة، و الحکومة، لامام المسلمین، (و منها) ما عن رسالة الفاضل بن عصفور مرسلا عنهم علیهم السلام: إن الجمعة لنا، و الجماعة لشیعتنا، و کذا روی عنهم علیهم السلام: لنا الخمس، و لنا الأنفال، و لنا الجمعة و لنا صفو المال. (و فی النبوی) أربع الی الولاة الفىء، و الجمعة، و الحدود و الصدقات.، و فی النبوی الآخر، إن الجمعة، و الحکومة، لامام المسلمین.

(و فیه) أولا أن هذه الروایات کلها ضعاف، مراسیل، فلا حجیة فیها، لکى تعارض الروایات التی یستفاد منها عدم الاشتراط، و عدم إعتبار حضور الامام علیه السلام. (و ثانیاً)لو أغمضنا عن إرسالها، و فرضناها معتبرة، لأمکن الجمع بین الروایات المتقدمة الدالة علی عدم اشتراط الحضور، و هذه الروایات، فان هذه الروایات تدل على أن هذه الأمور لمنصب الإمام علیه السلام فی الدرجة الأولى، و لیس لأحد أن یزاحمه (ع) فیها، و هو لا ینافی ما إستکشفناه من الروایات من أن الأئمة علیهم السلام قد أذنوا لشیعتهم إذنا عاما لتولیها. ألا تری أن هذه الروایات تدل علی أن الحکم، و القضاء من مناصبهم علیهم السلام، و مع ذلک لا یمکن الالتزام بعدم جوازه لأحد فی زمن الغیبة، لأنهم (ع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 33 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد رخصوا فی الحکم، و القضاء کما هو المستفاد من مقبولة عمر بن حنظلة و غیرها [48] و بالجملة کما یستفاد الترخیص فی القضاء لمن هو مستجمع للشرائط کذلک، یستفاد الترخیص فی صلاة الجمعة من الروایات، فلا یضر، بما ذکرناه، کونها من مناصب الامام علیه السلام.

و مما ذکرناه ظهر الجواب عما فی الصحیفة السجادیة [49] فی دعاء الجمعة، و ثانی العیدین: أللهم إن هذا المقام لخلفائک و أصفیائک و مواضع أمنائک فی الدرجة الرفیعة التی إختصصتهم بها، قد ابتزوها، و أنت المقدر لذلک الدعاء * فان هذا الدعاء و إن دل علی أن منصب إقامة الجمعة و صلاة العید للخلفاء و الأصفیاء علیهم السلام إلا أن المستفاد من الروایات المتقدمة هو الاذن، و الترخیص لغیرهم فانا قد التزمنا بالجواز لأجلها، فلا تنافی بین کون هذا المنصب لهم و إذنهم لغیرهم.

(الوجه الثامن) مادل من الروایات علی ترخیصهم فی ترکها فیما إذا إجتمعت الجمعة، و العید (منها) صحیحة الحلبی، و هی ما رواه الصدوق باسناده عن الحلبی [50] : أنه سأل أبا عبدالله علیه السلام عن الفطر، و الأضحی إذا اجتمعا فی یوم الجمعة، فقال: إجتمعا فی زمان علی (ع) فقال: من شاء أن یأتی إلی الجمعة، فلیأت، و من قعد، فلا یضره، و لیصل الظهر، و خطب خطبتین، جمع فیهما خطبة العید، و خطبة الجمعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 34 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) ما رواه محمد بن یعقوب باسناده، عن سلمة، عن أبی عبدالله علیه السلام [51] قال: اجتمع عیدان علی عهد أمیر المؤمنین علیه السلام، فخطب الناس فقال: هذا یوم إجتمع فیه عیدان، فمن أحب أن یجمع معنا، فلیفعل و من لم یفعل، فان له رخصة: یعنی من کان متنحیا * (و منها) ما رواه اسحاق بن عمار، عن جعفر عن أبیه [52] : إن علی بن أبی طالب علیه السلام کان یقول: إذا إجتمع عیدان للناس فی یوم واحد، فانه ینبغی للامام أن یقول للناس فی الخطبة الأولى: إنه قد إجتمع لکم عیدان فأنا اصلیهما جمیعا، فمن کان مکانه قاصیا، فأحب أن ینصرف عن الآخر فقد أذنت له،تقریب الاستدلال: إنه (ع) رخص ترک صلاة الجمعة یوم العید، فمنه یعلم أن الحق له، و المنصب مختص به، و إلا، فلم یکن له الترخیص فی الترک (الجواب) إن الامام علیه السلام، بین حکماً کلیاً إلهیا فی فرض إجتماع العید، و الجمعة، و هو جواز ترک الجمعة مطلقاً. کما فی الصحیحة أو لمن کان قاصیا، و متنحیا، کما فی الروایتین الأخیرتین، فهو إستثناء من وجوب الحضور، الی الجمعة، لا أنه ترخیص من قبله (ع) (علی انه) لو کان ترخیصاً من قبله (ع) أیضاً، لکان ظاهراٌ فی بیان حکم الله تعالى، ألا ترى؟ أن الفقهاء‌قد ینسبون الاذن، و الترخیص إلی أنفسهم مع أنه بیان لحکم الله تعالی، لا أنه إذن من قبل أنفسهم واقعاٌ

(و یؤیده) أنه لو کان حقاٌ شخصیاً له (ع) لأذن فی بعض الأحیان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 35 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[44] . الوسائل ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ر 8
[45] . الوسائل ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ر 2

[46] . الوسائل ب 5 من أبواب صلاة الجمعة ر 3
[47] . المستدرک ص 408
[48] . راجع الوسائل ب 1 و 9 و 11 12 من صفات القاضی

[49] . (فی دعائه) فی الأضحی و الجمعة رقم 48

[50] . الوسائل ب 15 من أبواب صلاة العید ر 1
[51] . الوسائل ب 15 من أبواب صلاة العید ر 2 و 3 قال الشیخ فی التهذیب (ص 137 ج 3 من الطبع الحدیث فی ذیل روایة اسحاق بن عمار المذکورة): قال محمد بن أحمد بن یحیى: و أخذت هذا الحدیث من کتاب محمد ابن حمزة بن الیسع رواه عن محمد بن الفضیل و لم أسمع أنا منه.

[52] . . الوسائل ب 15 من أبواب صلاة العید ر 2 و 3 قال الشیخ فی التهذیب (ص 137 ج 3 من الطبع الحدیث فی ذیل روایة اسحاق بن عمار المذکورة): قال محمد بن أحمد بن یحیى: و أخذت هذا الحدیث من کتاب محمد ابن حمزة بن الیسع رواه عن محمد بن الفضیل و لم أسمع أنا منه.

(36 - 40)

(36 - 40)

ترکه فی غیر مورد الاجتماع، لمن کان له شغل ضروری مثلا، و لنقل الینا ذلک مع أنه لم یتحقق فی غیر مورد الاجتماع و لم ینقل الینا أصلا هذا کله بحسب الدلالة.

و أما السند فصحیح فی روایة الحلبی، و أما فی روایة سلمة ففیه معلی ابن محمد، و هو لم یوثق فی کتب الرجال، و إن ترضی الصدوق علیه حیث قال: (معلی بن محمد رضی الله عنه)، ولکنه قد مر غیر مرة أن مجرد الدعاء لشخص بطلب الرحمة، و المغفرة، و الرضوان، لا یدل علی و ثاقته ولکن الذی یسهل الخطب أنه وقع فی اسناد کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق ابن قولویه فتصبح هذه الروایة أیضاً معتبرة. (و أما) روایة إسحاق بن عمار، فقد وقع فی سندها محمد بن فضیل و هو لم یوثق و أیضاً فی سندها محمد بن حمزة بن الیسع و هو مردد بین ثقة و ضعیف، فان کان هو أبا طاهر بن حمزة بن الیسع فهو ثقة و إن کان غیره، فلم یثبت وثاقته * فالمتحصل من جمیع ما ذکرناه إلی حد الآن: أن صلاة الجمعة مشروعة فی زمن الغیبة، بل واجبة بالوجوب التخییری، و أنه لو أقامها من هو مستجمع لشرائط الامامة، یجب علی المکلفین الحضور الیها علی الأحوط * ثم لو فرض عدم وجود دلیل لفظی فی المقام أصلا، فمقتضی مادل علی أن الصلاة الواجبة فی الیوم، و اللیلة سبع عشرة رکعة هو عدم وجوبها، و الروایات الدالة علی ذلک کثیرة لا یبعد بلوغها حد التواتر [53] و مقتضاها هو وجوب الظهر فی یوم الجمعة تعیینا، فان إطلاقها یقتضی أن العدد المذکور واجب علی المکلف فی کل یوم و لیلة سواء أتی بشیء آخر أم لا.

و لو فرضنا عدم وجود المطلقات الدالة علی العدد المذکور فتصل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 36 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و أما النوافل، فکثیرة، أکدها الرواتب الیومیة، و هی فی غیر یوم الجمعة أربع و ثلاثون رکعة (1) ثمان رکعات قبل الظهر، و ثمان رکعات قبل العصر، و أربع رکعات بعد المغرب و رکعتان بعد العشاء من جلوس تعدان برکعة.

النوبة الی الأصل العملی و هو یختلف باختلاف الفروض (فلو فرضنا) العلم الاجمالی بوجوب صلاة الجمعة إما تعیینا، و إما تخییرا، یرجع إلی إصالة البرائة عن التعیین. لما حققنا فی محله من أنه مورد لأصل البرائة فتکون النتیجة هو التخییر * و کذا الکلام إذا علم أن صلاة الظهر یوم الجمعة‌إما واجبة تعیینا أو تخییراً، غایة ما فی الباب أن فی هذا الفرض تجری البرائة عن وجوب تعین الظهر، فالنتیجة واحدة * و لو فرضنا العلم الاجمالی بوجوب الظهر تعیینا أو وجوب الجمعة تعیینا أو التخییر بینهما تجری البرائة فی کلا الطرفین، فان تعین الظهر، و کذا تعین الجمعة، کلاهما کلفة زائدة، فینفی باصل البرائة، فالنتیجة ایضاً هو التخییر. و أما إذا علم المکلف أن الواجب یوم الجمعة إما الظهر تعیینا، أو الجمعة تعیینا، و لا یحتمل التخییر، یجب علیه الجمع بینهما لتنجز التکلیف بالعلم الاجمالی و تساقط الأصول فی الطرفین. (هذا کله) إذا لم نعلم بأن صلاة الجمعة کانت واجبة تعیینا فی زمن الحضور، (و أما) ان علم ذلک، فبناء علی جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة، یستصحب وجوبها التغیینی فی زمان الغیبة، للشک فی البقاء، (و أما) بناء علی عدم جریانه فیها (کما هو الصحیح) فیرجع إلی التفصیل المتقدم، هذا تمام کلامنا فی صلاة الجمعة.

(1) بناء علی جعل رکعتی الوتیرة، رکعة واحدة (علی ما صرحت به صحیحة الفضیل الآتیة) حیث أنهما یوتی بهما عن جلوس، و یستفاد منها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 37 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و من بعض الروایات الآخر [54] أنها بدل الوتر، فعلیه یکون مجموع الفرائض، و النوافل الیومیة: إحدی و خمسین رکعة، حیث أن الفرائض سبع عشرة رکعة، و النوافل ضعفها، و هو أربع و ثلاثون رکعة، و هذا هو المتسالم علیه بین الأصحاب، و قد صرت به صحیحة فضیل و غیرها من الروایات الکثیرة (اما صحیحة فضیل) فهی ما رواه محمد بن یعقوب بسند صحیح، عن فضیل بن یسار [55] قال: سمعت أبا عبدالله (ع) یقول: (فی حدیث) إن الله عز وجل فرض الصلاة رکعتین رکعتین عشر رکعات (إلی أن قال): ثم سنّ رسول الله صلی الله علیه و آله النوافل اربعا و ثلاثین رکعة، مثلی الفریضة، فأجاز الله عز وجل له ذلک و الفریضة و النافلة إحدی و خمسون رکعة‌منها رکعتان بعد العتمة جالسا تعد برکعة مکان الوتر الحدیث. و اما غیرها من الروایات الدالة علی العدد المذکور فکثیرة متضافرة [56] نعم قد ذکر فی بعض [57] الروایات خمسون رکعة، ولکن هذا الاختلاف لیس إختلافاٌ فی أصل التشریع، بل هو مبنی علی أن الوتیرة بدل عن الوتر، فما دل علی أنها إحدی و خمسون رکعة ناظر إلی مطلق ما شرع سواء کان بالاصالة أو بنحو البدلیة، و مادل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 38 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علی أنها خمسون ناظر الی خصوص ما شرع بالاصالة.

(بقی) أمران (الأول) إن المستفاد من عدة من الروایات [58] أن عدد الفرائض و النوافل ست و أربعون رکعة، أو أربع و أربعون رکعة باسقاط الوتیرة و أربع رکعات من نوافل العصر، و رکعتین من نافلة المغرب، أو باسقاط رکعتین من نافلة العصر مع رکعتین من نافلة المغرب ( و لکن) هذه الروایات لابد من أن» تحمل علی التقیة أو علی بیان الأهمیة، و مزید الاهتمام بها، و ذلک لما عرفت من أن الروایات الکثیرة المتضافرة دلت علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 39 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و یجوز فیهما، القیام، بل هو الأفضل (1) و إن کان الجلوس أحوط، و تسمی بالوتیرة، و رکعتان قبل صلاة الفجر

أنها إحدی و خمسون أو خمسون رکعة، و قد عد فیها ثمان رکعات قبل صلاة الظهر و ثمان رکعات بعدها و أربع رکعات بعد المغرب کما فی بعضها أو أربع رکعات بعد صلاة الظهر، و أربع رکعات قبل العصر، و رکعتان بعد المغرب، و رکعتان قبل العشاء، کما فی بعضها الآخر، و المآل واحد و الاختلاف إنما هو فی التعبیر، . (و بالجملة) لا شبهة فی أن النوافل الیومیة التی أکد الشارع بها أربع و ثلاثون رکعة، منها الوتیرة التی شرعت بدل الوتر و یکمل بها ضعف الفریضة.

(الأمر الثانی) إن بعض الروایات ناطق بأن النبی الأکرم صلی الله علیه و آله (کان لا یصلی بعد العشاء حتی ینتصف اللیل) کما فی روایة زرارة [59] ـ و فی مرسلة الصدوق [60] (فاذا سقط الشفق صلی العشاء ثم آوی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الی فراشه و لم یصل شیئاً حتی یزول نصف اللیل الحدیث) ـ فقد یتوهم أن هذا السنخ من الروایات یدل علی عدم إستحبابها (و لکنه) فاسد، و ذلک لأن الوتیرة قد شرعت بدلا عن الوتر کما صرحت به صحیحة فضیل بن یسار المتقدمة (ص 38) و غیرها، و کان النبی الأکرم (صلی الله علیه و آله) یأتی بالوتر و بقیة صلاة اللیل لوجوبها علیه، فلأجل هذا لم تکن محتاجاً الی البدل ـ . ـ علی أن روایة زرارة ضعیفة لأجل موسی بن بکر و الثانیة مرسلة فلا یمکن الاعتماد علیهما.

(1) کما عن غیر واحد من الأصحاب، و إستدلوا علی ذلک بروایتین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 40 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[53] . راجع الوسائل ب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها.
[54] . راجع الوسائل ب 29 من أبواب اعداد الفرائض ر 8

[55] . الوسائل ب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 2

[56] . راجع الوسائل (ب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها).

[57] . کصحیحة معاویة بن عمار (المرویة فی ب 13 من أبواب اعداد الفرائض ر 1) قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: کان فی وصیة النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام أن قال: یا علی أوصیک فی نفسک بخصال فاحفظها عنی، ثم قال: أللهم أعنه (إلی أن قال) و السادسة الأخذ بسنتی فی صلاتی ، و صومی ، و صدقتی ، أما الصلاة فالخمسون رکعة الحدیث.
[58] . منها صحیحة زرارة (ب 14 من أبواب اعداد الفرائض ر 1) قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: إنی رجل تاجر أختلف و أتجر فکیف لی بالزوال و المحافطة علی صلاة الزوال؟ و کم نصلی ؟ قال: تصلی ثمانی رکعات إذا زالت الشمس، و رکعتین بعد الظهر، و رکعتین قبل العصر، فهذه إثنتا عشرة رکعة، و تصلی بعد المغرب رکعتین، و بعدما ینتصف اللیل ثلاث عشرة رکعة، (منها) الوتر و (منها) رکعتا الفجر و ذلک سبع و عشرون رکعة‌سوی الفریضة الحدیث (و منها) صحیحة عبدالله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: لا تصل أقل من أربع و أربعین رکعة قال: و رأیته یصلی بعد العتمة أربع رکعات و هاتان الصحیحتان (کما ترى) ناطقتان بأربع و أربعین رکعة. (و منها) صحیحة أبی بصیر قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن التطوع باللیل و النهار، فقال: الذی یستحب أن لا یقصر عنه ثمان رکعات عند زوال الشمس. و بعد الظهر رکعتان، و قبل العصر رکعتان، و بعد المغرب رکعتان، و قبل العتمة رکعتان، و من (فی ) السحر ثمان رکعات ثم یوتر، و الوتر ثلاث رکعات مفصولة، ثم رکعتان قبل صلاة الفجر، و أحب صلاة اللیل الیهم آخر اللیل. و هذه الصحیحة ناطقة بست و أربعین رکعة. (راجع الوسائل ب 14 من أبواب اعداد الفرائض (رـ 1 ـ و ـ 2 و ـ 4).
[59] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 3

[60] . الوسائل ب 14 من أبواب اعداد الفرائض ر 6

[61] . الوسائل ب 13 من أبواب اعداد الفرائض ر 16 و 9 التهذیب ج 2 ص 9 ر 16

(41 - 45)

(41 - 45)

إحدیهما) موثقة سلیمان بن خالد (بعثمان بن عیسى) عن أبی عبدالله (ع) [61] قال: صلاة الناقلة ثمان رکعات حین تزول الشمس قبل الظهر، و ست رکعات بعد الظهر، و رکعتان قبل العصر، و أربع رکعات بعد المغرب و رکعتان بعد العشاء الآخرة یقرء فیهما مأة أیة، قائماً، أو قاعداً و القیام أفضل، و لاتعدهما من الخمسین الحدیث (الثانیة) صحیحة الحارث بن المغیرة النصری [62] قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: صلاة النهار ست عشرة رکعة، ثمان إذا زالت الشمس، و ثمان بعد الظهر، و أربع رکعات بعد المغرب، یا حارث لا تدعهن فی سفر و لا حضر و رکعتان بعد العشاء الآخرة کان أبی یصلیهما و هو قاعد و أنا أصلیهما و أنا قائم، الحدیث، و فی روایة أخری حمل صلاة أبیه و هو قاعد علی کونه ثقیل البدن کان یشق علیه القیام.

و لکن الظاهر عدم تمامیة الاستدلال المذکور لأن کل مادل علی مشروعیة الوتیرة و إستحبابها یدل علی الجلوس فیکون ثبوت تشریعها مع الجلوس، فاذن لابد من حمل الروایتین علی صلاة أخری غیر الوتیرة و قد روی أن الرضا علیه السلام کان یصلی الوتیرة جالساً مع أنه (ع) لم یکن أن یشق علیه القیام * و الذی یشهد لما ذکرناه صحیحتان (إحدیهما) صحیحة عبدالله بن سنان [63] قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: لا تصل أقل من أربع و أربعین رکعة قال: و رأیته یصلی بعد العتمة أربع رکعات. (الثانیة) صحیحة الحجال عن أبی عبدالله علیه السلام [64]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 41 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واحدی عشرة رکعة صلاة اللیل، و هی ثمان رکعات، و الشفع رکعتان و الوتر رکعة واحدة. و أما یوم الجمعة، فیزاد علی الست عشرة رکعة أربع رکعات (1)

 

قال: کان أبو عبدالله علیه السلام یصلی رکعتین بعد العشاء یقرء فیهما بمأة آیة و لا یحتسب بهما، و رکعتین، و هو جالس یقرء فیهما بقل هو الله أحد و قل یا أیها الکافرون الحدیث.

و هاتان الصحیحتان (کما تری) تدلان علی استحباب، أربع رکعات بعد العشاء، فعلیه تحمل الروایتان المتقدمتان الدالتان علی مشروعیة القیام فی الرکعتین بعد العشاء، و افضلیته (کما فی الموثقة) علی غیر الوتیرة، و هو الذی یکون القیام فیه أفضل، و کل من أفتی بأن القیام فی الوتیرة أفضل أو یجوز القیام فیها، لم یر هذه الصحیحة، فاذن لا دلیل علی مشروعیة الوتیرة قائماً فضلا عن الأفضلیة * و منه یظهر أنه لا وجه لما ذکره المحقق الهمدانی من أن ما رآه عبدالله بن سنان من فعل الصادق علیه السلام أربع رکعات بعد العشاء لم یعرف وجهه، و لعلها صلاة جعفر و نحوها، فلا تنافی الروایات السابقة، و ذلک، لأن صحیحة الحجال ظاهرها أن أبا عبدالله علیه السلام کان یدوم علی ذلک، فمنه یستفاد استحباب أربع رکعات بعد العشاء و ما یجوز فیه القیام منهما لیس من الخمسین او الاحدی و الخمسین، المذکورة فی الروایات بل هی صلاة مستقلة کما هو مدلول الصحیحة حیث دلت علی انه علیه السلام لم یحتسب بهما أی لم یعدهما من الخمسین او الاحدی و الخمسین.

(1) الروایات الدالة علی نوافل یوم الجمعة مختلفة، فبعضها دل علی أن نافلة الجمعة اثنتان و عشرون رکعة و هی صحیحة سعد بن سعد الأشعری [65]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 42 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال: سألته عن الصلاة یوم الجمعة کم رکعة هی قبل الزوال قال: ست رکعات بکرة، و ست بعد ذلک إثنتا عشرة رکعة، و ست رکعات بعد ذلک ثمانی عشرة رکعة، و رکعتان بعد الزوال، فهذه عشرون رکعة، و رکعتان بعد العصر فهذه ثنتان و عشرون رکعة. و بعضها یدل علی أنها عشرون رکعة و هی صحیحة أحمد ابن محمد بن أبی نصر [66] قال: سألت أبا الحسن علیه السلام، عن التطوع یوم الجمعة، قال: ست رکعات فی صدر النهار، و ست رکعات قبل الزوال، و رکعتان إذا زالت، و ست رکعات بعد الجمعة فذلک عشرون رکعة سوی الفریضة. (و بعضها) یدل علی أنها ست عشرة رکعة کبقیة الأیام ولکن الکیفیة مختلفة و هی (صحیحة) سعید الأعرج [67] قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن صلاة النافلة یوم الجمعة، فقال: ست عشرة رکعة قبل العصر، ثم قال: و کان علی (ع) یقول: مازاد فهو خیر، و قال: إن شاء رجل أن یجعل منها ست رکعات فی صدر النهار، و ست رکعات فی نصف النهار، و یصلی الظهر، و یصلی معها أربعة، ثم یصلی العصر. و الروایات الواردة هنا کثیرة و مختلفة کالروایات المتقدمة، ولکن الظاهر أن الاختلاف فیها ناشیء عن إختلاف مراتب الفضل و بیان الترخیص، و أن المکلف له أن یأتی بها بأی نحو شاء من الانحاء التی ذکرت فی الروایات، و یشهد لما ذکرناه الصحیحة المتقدمة آنفاً، بل یظهر منها جواز تقدیم النوافل فی یوم الجمعة کلها علی الزوال حیث قال فیها: (ان شاء رجل) فمنه یظهر أن الاختیار بید المکلف.

ثم لا یخفی أن الصدوق قدس سره التزم بعدم الفرق بین النوافل فی یوم الجمعة، و فی غیره، ولکن الظاهر أنه ناظر الی الترخیص فللمکلف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 43 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعدد الفرائض سبع عشرة رکعة و عدد النوافل ضعفها بعد عد الوتیرة برکعة (1) و عدد مجموع الفرائض و النوافل احدی و خمسون هذا، و یسقط فی السفر نوافل الظهرین (2)

 

أن یأتی بالنوافل فی یوم الجمعة کغیره حیث أن الأمر بید المکلف و إلا فکیف یمکن القول بذلک مع کثرة الروایات الدالة علی الفرق و أن نافلة یوم الجمعة عشرون او اثنتان و عشرون کما عرفت * فالمتحصل أنه لا مانع من الالتزام باستحباب الاکثر لقیام الدلیل علیه، و مادل علی الأقل فهو من باب الترخیص فی الترک فلا تنافی بین الروایات.

(1) ما ذکره صحیح، فان بعض الرویات و إن دل علی أن المجموع خمسون إلا أنک قد عرفت أنه ناظر إلی أصل التشریع و إلی أن الوتیرة لم تشرع بالاصالة، بل انما شرعت بدل الوتر، ولکن بعض الروایات الآخر دل علی أن المجموع إحدی و خمسون، فتکون النافلة ضعف الفریضة، فالوتیرة مستحبة إما لتکمیل العدد او لکونها بدل الوتر کما یستفاد من بعض الروایات المتقدمة.

(2) بلا اشکال، و تدل علیه عدة من الروایات، (منها) صحیحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) [68] قال: سألته عن الصلاة تطوعا فی السفر قال: لا تصل قبل الرکعتین، و لا بعدهما نهاراً شیئاً. و نحوها غیرها [69] ، و هو مما لا خلاف فیه * و کذا لا إشکال و لا خلاف فی أن نافلة اللیل، و نافلة المغرب لا تسقط للروایات المعتبرة الخاصة الواردة فی المقام * (منها) صحیحة أبی بصیر عن أبی عبدالله علیه السلام [70] قال: الصلاة فی السفر رکعتان لیس قبلهما و لا بعدهما شیء إلا المغرب،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 44 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و الوتیرة علی الاقوی (1)

 

فان بعدها أربع رکعات لا تدعهن فی سفر، و لا حضر، و لیس علیک قضاء صلاة النهار، و صل صلاة اللیل، و اقضه، و نحوها غیرها. ثم إنه لو لم تکن الروایات الخاصة دالة علی عدم السقوط، کفت الاطلاقات الأولیة الدالة علی استحبابها، فان مقتضی الاطلاق فیها عدم الفرق بین السفر، و الحضر، و المقدار الذی ثبت خروجه عنها هی نوافل الظهرین و أما نوافل اللیل، و الصبح، و المغرب، فلا دلیل علی خروجها هذا کله مما لا خلاف فیه، و لا اشکال.

(1) کما هو المعروف، بل ادعی علیه الاجماع، ولکنه عن الشیخ فی النهایة عدم السقوط و مال الیه عدة من المتأخرین، و ارتضاه المحقق الهمدانی (قدس سره) و استدلوا علی ذلک بما رواه الصدوق باسناده عن الفضل ابن شاذان، عن الرضا علیه السلام [71] (فی حدیث قال: و إنما صارت العتمة مقصورة و لیس تترک رکعتاها (رکعتیها)، لأن الرکعتین لیستا من الخمسین و انما هی زیادة فی الخمسین تطوعاً، لیتم بها بدل کل رکعة من الفریضة رکعتین من التطوع * و هذه الروایة (کما ترى) صریحة فی عدم السقوط فلا اشکال فی دلالتها، و إنما الکلام فی سندها قال صاحب المدارک قدس سره: ما ملخصه أن الاستدلال بهذه الروایة کان جیداً، لو لم یکن فی الطریق عبد الواحد بن عبدوس، و علی بن محمد بن قتیبة، و بما أنهما وقعا فی طریق الصدوق الی الفضل بن شاذان، و لم یوثقا، فلا یصح الاستدلال بها.

و قد أجاب عنه غیر واحد من الأصحاب، منهم المحقق الهمدانی (قدس سره) بأنه یکفی فی وثاقة عبد الواحد کونه من مشایخ الصدوق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 45 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[62] . الوسائل ب 13 من أبواب اعداد الفرائض ر 16 و 9 التهذیب ج 2 ص 9 ر 16

[63] . الوسائل ب 14 من ابواب اعداد الفرائض ر 4

[64] . الوسائل ب 44 من ابواب المواقیت ر 15
[65] . الوسائل ب 11 من ابواب صلاة الجمعة ر 5.
[66] . الوسائل ب 11 من ابواب صلاة الجمعة ر 6 و 7.

[67] . الوسائل ب 11 من ابواب صلاة الجمعة ر 6 و 7.
[68] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1 و 7.

[69] . راجع الوسائل ب 21 من الابواب المذکورة.

[70] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1 و 7.
[71] . الوسائل ب 29 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 3.

(46 - 50)

(46 - 50)

و هو قد ترضی علیه کثیراً (أی قال رضی الله عنه)، و هو لا یقصر عن التوثیق صریحاً قال المحقق الهمدانی: و لا شبهة فی، أن قول بعض المزکین بأن فلانا ثقة أو غیر ذلک من الألفاظ الذی إکتفوا بها فی تعدیل الرواة لا یؤثر فی الوثوق أزید مما یحصل من إخبارهم بکونه من مشایخ الاجازة * و أما علی بن محمد بن قتیبة فقد قال النجاشی: علی بن محمد ابن قتیبة النیشابوری علیه إعتمد أبو عمرو الکشی فی کتاب الرجال، و لا إشکال فی أن إعتماد الکشی یکفی فی وثاقته، و قد روی عنه عدة من الروایات * هذا علی أن العلامة قدس سره حکم بصحة طریق هذه الروایة فیکفی توثیق العلامة فی وثاقة الرجلین.

قلت: مقتضی التحقیق عدم تمامیة ما ذکروه، أما کون عبد الواحد من مشایخ الصدوق، فلا یثبت وثاقته، فان من مشایخ الصدوق الضبی و هو من أنصب النواصب حیث کان یقول: لا تقولوا: أللهم صل علی محمد و آله بل قولوا: أللهم صل علی محمد فرداً. نعم یظهر من عدة مواضع من کتاب النجاشی أنه ملتزم بأن لا یروی بلا واسطة إلا عن ثقة فنحکم بأن کل من یروی عنه النجاشی بلا واسطه، فهو ثقة، و إن لم یوثق فی کتب الرجال صریحاً و مثل هذا لم یظهر من الصدوق قدس سره حتی یحکم بوثاقة مشایخه، و أما ترضی الصدوق علیه، فکذلک، فانه کان یترضی علی کل من کان من مشایخه إمامیاً، و الأئمة علیهم السلام کانوا یترحمون علی الشیعة، و علی جمیع من کان زائراً للحسین علیه السلام، فلا یمکن الحکم بوثاقة الجمیع، و الاعتماد علی روایاتهم، فالترضی لا یکون توثیقاً و لا یستفاد منه الوثاقة و أما ما ذکره النجاشی من أن الکشی إعتمد علی علی بن محمد بن قتیبة فی رجاله فلم نجد بعد التتبع إلا روایته عنه فی عدة موارد و هو لا یدل علی وثاقته و أنه إعتمد علیه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 46 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و أما توثیق العلامة، فقد مر غیر مرة أنه لا یعتمد علیه، لقوة، إحتمال کونه حدسیاً، فانه من البعید جداً أن یکون توثیقه مستندا الی حس مع بعد عهده عن الراوی (و احتمال) کون توثیقه مستنداً الی توثیق ثقاة کانوا واسطة بین العلامة و الراوی بعید جداً، فلهذا لا یعتمد علی توثیقات العلامة، و مثل هذا الکلام یجری فی توثیق ابن داود و ابن طاووس و المجلسی فی الوجیزة، و قد ذکر الشهید الثانی فی الدرایة: ان من تأخر عن الشیخ إتبعوا آرائه، و لهذا یقال لهم: المقلدة * هذا علی أن العلامة (قدس سره) کان مبناه أن العدالة عبارة عن الایمان، و عدم ورود القدح، فکل امامی لم یرد فیه قدح، یعتمد العلامة علیه، و یحکم بعدالته و کل من لم یکن إمامیاً، فلا یعتمد علیه العلامة، و إن کان ثقة وثقه النجاشی و الشیخ إلا من قام الاجماع علی العمل بروایته * أما الأمر الأول فیظهر مما ذکره فی عدة مواضع من کتابه * منها ما ذکره فی ترجمة ابراهیم بن هاشم حیث قال: لم أقف لأحد من أصحابنا علی قول فی القدح فیه، و لا علی تعدیل بالتنصیص، و الروایات عنه کثیرة، و الأرجح قبول قوله * و منها ما ذکره فی ترجمة أحمد بن اسماعیل بن سمکة حیث قال: هذا الرجل لم ینص علمائنا علیه بتعدیل و لم یرد فیه جرح فالأقوی قبول روایته مع سلامتها عن المعارض * و منها غیر الموضعین مما یطلع علیه المتتبع * راجع الخلاصة القسم الأول ترجمة من یعتمد علی روایته * و أما الأمر الثانی (و هو عدم اعتماده علی من لم یکن إمامیاً و إن کان ثقة إلا من قام الاجماع علی العمل بروایته) فهو أیضاً یظهر من کلامه فی عدة مواضع * (منها) ما ذکره فی ترجمة إسماعیل بن أبی سمال، قال فی الخلاصة: إسماعیل بن سماک بالکاف، و قبل باللام، و قیل بن أبی سماک و هو أخو إبراهیم کان واقفیاً، و قال النجاشی: إنه ثقة واقفی فلا اعتمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 47 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حینئذ علی روایته * (و منها) ما ذکره فی أبان بن عثمان فی جواب إبنه فخر المحققین قال: سألت والدی عنه، فقال: ألأقرب عدم قبول روایته لقوله تعالی: (إن جائکم فاسق)، و لا فسق أعظم من عدم الایمان. (راجع جامع الرواة ترجمة ابان بن عثمان) * (و منها) ما ذکره فی ترجمة إسحاق بن عمار الکوفی الصیرفی، قال: فالأولی عندی التوقف فیما یتفرد به، و وجه توقفه کونه فطحیاً و إلا فقد وثقه النجاشی و الشیخ.

و قد تحصل مما ذکرنا أن توثیقات العلامة لا یعتمد علیها، فما ذکره صاحب الحدائق قدس سره: من أن العلامة فی المختلف بعد ذکره حدیث الافطار علی محرم لم یذکر التوقف فی صحة الحدیث إلا من حیث عبد الواحد بن عبدوس، و قال إنه کان ثقة، و الحدیث صحیح. و هو یدل علی توثیقه لعلی بن محمد بن قتیبة حیث أنه مذکور معه فی السندـ : لا أثر له، و لا ینفعنا، لما عرفت من أن توثیق العلامة مبنی علی إصالة العدالة، (على) أنه مبنی علی الحدس و الاجتهاد کما عرفت (فقد) إتضح مما حققناه أنه لا یتم الاستدلال بروایة الفضل بن شاذان علی عدم سقوط الوتیرة فی السفر * ثم إن المحقق الهمدانی قدس سره بعدما بنى علی اعتبار روایة الفضل أید الاستدلال بها بصحیحة الحلبی [72] قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام: هل قبل العشاء الآخرة، و بعدها شیء ؟ قال: لا، غیر أنی أصلی بعدها رکعتین، و لست أحسبهما من صلاة اللیل * بتقریب أن کونها کذلک یوهن ظهور الأخبار المتقدمة (الدالة علی السقوط) فی إرادتها، بل ربما یستشعر عدم إرادتها من تلک الأخبار مما فی ذیل روایة أبی بصیر المتقدمة ( ص 45) من قوله: و لیس علیک قضاء صلاة النهار، و صل صلاة اللیل واقضه فانه یشعر بأن المقصود

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 48 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقوله فی صدر الروایة: (الصلاة فی السفر رکعتان)، نفى شرعیة نافلة الظهرین: (نقلنا عین عبارته قدس سره).

و فیه أنه یتم لو کان المراد من الرکعتین اللتین صلیهما أبو عبدالله علیه السلام هی الوتیرة، و لا دلیل علی ذلک، بل الظاهر أن المراد بها غیر الوتیرة نافلة أخری، و هی ما تقدم من صلاة رکعتین بعد العشاء یقرء فیهما مأة آیة * و یدل علی ذلک قوله (ع): (و لست أحسبهما من صلاة اللیل) حیث أنها کانت منشأ لأن یتوهم أنها من صلاة اللیل فنفاه (ع) و لا تکون الوتیرة منشأ لأن یتوهم أنها من صلاة اللیل، لأنها رکعتان من جلوس، تعدان برکعة واحدة، فلا یحتمل أن تکون من صلاة اللیل * علی أن السائل هو الحلبی، و المظنون أنه سأل عن نافلة أخری لأنه من البعید جداً أن الحلبی مع جلالة شأنه کان جاهلا بالوتیرة و لا یَعرفها، نعم الرکعتان اللتان غیر الوتیرة، لم تکونا معروفتین فلما رأی أنه (ع) یأتی برکعتین سأل عن أنه هل قبل العشاء الآخرة و بعدها شیء ؟ فأجابه بما هو المذکور فی الروایة.

ثم قال المحقق الهمدانی قدس سره: هذا مع إمکان أن یقال: إن الأخبار المتقدمة، معارضة فی الوتیرة مع الأخبار الوارة فیها بالخصوص مثل خبر أبی بصیر [73] عن أبی عبدالله علیه السلام إنه قال: من کان یؤمن بالله و الیوم الآخر فلا یبیتن إلا بوتر، قال: قلت: تعنی الرکعتین بعد العشاء الآخرة قال: نعم إنهما برکعة، فمن صلاهما (ها)، ثم حدث به حدث، مات علی وتر، فان لم یحدث به حدث الموت، یصلی الوتر فی آخر اللیل، و صحیحة زرارة [74] قال: قال أبو جعفر علیه السلام من کان یؤمن بالله و الیوم الآخر، فلا یبیتن إلا بوتر، و خبر حمران المروی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 49 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن العلل عن أبی جعفر علیه السلام [75] قال: قال رسول الله (ص) لا یبیتن الرجل و علیه وتر.

فان النسبة بین هذه الأخبار، و بین الروایات المتقدمة العموم من وجه، و لیس ظهور تلک ـ الروایات فی إرادة الاطلاق بالنسبة الی نافلة العشاء بأقوی من ظهور هذه الروایات، مع ما فیها من التأکید فی الاطلاق بالنسبة إلی المسافر، بل هذه الروایات، لها نحو حکومة علی تلک الاخبار حیث یفهم منها أن الوتیرة مربوطة بصلاة اللیل، و أن إتیانها بعد العشاء لوقوعها قبل المبیت، لا لارتباطها بالعشاء، و لعله لذا أجاب الامام (ع) بلا فی حسنة الحلبی المتقدمة التی وقع فیها السؤال عن أنه هل قبل العشاء الآخرة و بعدها شیء ؟ فکأنه أراد بقوله غیر أنی أصلی رکعتین، و لست أحسبهما من صلاة اللیل: التنبیه علی أنهما نافلة مستقلة، و لها نحو إرتباط بصلاة اللیل إنتهى.

توضیح کلامه قدس سره أن الطائفتین لها تعارض بالعموم من وجه فان الطائفة الدالة علی السقوط، لها جهة عموم و هی شمولها لنوافل الصلوات المقصورة مطلقاً سواء کانت ظهراً، أو عصراً، او عشاء، وجهة خصوص و هی ورودها فی خصوص السفر * و الطائفة الدالة علی إتیان الوتر، لها جهة عموم و هی شمولها للسفر و الحضر، وجهة خصوص و هی إختصاصها بالوتر و لا تشمل النوافل الأخرى، فمادة الاجتماع هی صلاة الوتیرة فی السفر، فان تم حکومة الطائفة الثانیة علی الأولى فهو، و إلا فیسقط الاطلاق من الطرفین، و یرجع إلی مادل علی أصل مشروعیة الوتیرة، فالنتیجة عدم سقوطها فی السفر.

و فیه أن الأمر لیس کذلک، فان الروایات التی أستدل بها علی عدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 50 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[72] . الوسائل ب 27 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1
[73] . الوسائل ب 29 من ابواب اعداد الفرائض ر8 و 1

[74] . الوسائل ب 29 من ابواب اعداد الفرائض ر 8 و 1.
[75] . الوسائل ب 29 من ابواب اعداد الفرائض ر 5.

الصفحات (51 - 100)

الصفحات (51 - 100)

(51 - 55)

(51 - 55)

السقوط، کلها واردة فی الوتر، و لا تشمل الوتیرة إلا روایة واحدة، و هی روایة أبی بصیر المتقدمة آنفا، و ذکر صاحب الحدائق: أن هذه الروایة دلت علی أن المراد من الوتر هی الوتیره، فیحمل الوتر علی الوتیرة فی بقیة الروایات ایضا * و فیه أن هذه الروایة ضعیفة سنداً لاشتماله علی عدة من المجاهل و المهمل، فلا تصلح لصرف ظهور الروایات الصحیحة المشتملة علی الوتر إلی الوتیرة، و لا سیما أن هذا الاسم، من مستحدثات الفقهاء، و لم یکن مذکورا فی کلمات الائمة. و الأخبار، فعلیه تبقی الروایات الدالة علی السقوط بلا معارض.

و لو تنزلنا و قلنا: إن المراد من الوتر، هی الوتیرة، فلا یبعد أن یقال: إن مادل علی السقوط حاکمة علی مادل علی الثبوت لأن مادل علی الثبوت سیق لبیان أصل المشروعیة، و أن الوتر من المستحبات المؤکدة و مادل علی السقوط سبق لبیان حکمه فی السفر، بعد الفراغ عن أصل المشروعیة فی الجملة، فهو ناظر إلیه، و لسانه لسان الشرح و التفسیر کما هو شأن الدلیل الحاکم بالاضافة إلی الدلیل المحکوم ـ ففی صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله (ع) [76] الصلاة فی السفر رکعتان، لیس قبلهما، و لا بعدهما شیء إلا المغرب ثلاث ـ و فی صحیحة أبی بصیر عن أبی عبدالله (ع) [77] الصلاة فی السفر رکعتان، لیس قبلهما، و لا بعدهما شیء ، إلا المغرب، فان بعدها أربع رکعات، لا تدعهن فی سفر، و لا حضر الحدیث (و فی روایة) أبی یحیی الحناط [78] : یا بنی، لو صلحت النافلة فی السفر تمت الفریضة * و هذه الروایة مؤیدة للصحیحتین، و لا تصلح للدلیلیة لأن أبا یحیی الحناط لم یوثق * و من الواضح أن هذه الروایات، لسانها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 51 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لسان الحکومة، حیث أنها ناظرة إلی حکم النوافل فی السفر، و إلی أنها تسقط إلا نافلة المغرب * و قد یستدل للقول بعدم السقوط بروایه رجاء بن أبی ضحاک عن الرضا علیه السلام، حیث روی أن الرضا علیه السلام لم یترک الوتیرة فی السفر.

و فیه أنه إن کان المراد بها ما فی العیون، فهی لا تدل علی عدم السقوط، بل تدل علی السقوط، و ان کان غیره، فلا وجود لها، لا فی العیون، و لا فی غیره، کما اعترف به صاحب الجواهر قدس سره، و الیک ما رواه فی العیون، عن رجاء بن أبی الضحاک، عن الرضا (ع) [79] إنه کان فی السفر، یصلی فرائضه رکعتین رکعتین، إلا المغرب، فانه کان یصلیهما ثلاثاً و لا یدع نافلتها، و لا یدع صلاة اللیل، و الشفع، و الوتر و رکعتی الفجر فی سفر و لا حضر، و کان لا یصلی من نوافل النهار فی السفر شیئاً.

و هذه الروایة لا تبعد أن تدل علی السقوط، علی أن السند ضعیف لأن من فی السند بعضهم ضعیف و بعضهم مهمل * فقد تحصل أن ما استدلوا به علی عدم السقوط لا یتم شىء منه.

و لکنه مع ذلک کله، یمکن القول بعدم السقوط لوجهین الأول إنه لا دلیل علی أن الوتیرة نافلة للعشاء بل، هی صلاة بدل الوتر کما تدل علیه صحیحة فضیل بن یسار المتقدمة [80] عن أبی عبدالله علیه السلام [81] (فی حدیث) إلی أن قال علیه السلام: و الفریضة و النافلة إحدی و خمسون رکعة، منها رکعتان بعد العتمة جالساً تعد برکعة مکان الوتر الحدیث *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 52 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 1) یجب الاتیان بالنوافل رکعتین رکعتین (1)

 

فان هذه الصحیحة کاشفة عن انها لیست نافلة العشاء، و إنما شرعت بدل الوتر * و لعله لذلک عدت النوافل، و الفرائض بخمسین فی عدة من الروایات فعلیه لا تکون الوتیرة مشمولة لما دل علی أن نوافل الصلوات المقصورة تسقط فی السفر، فیبقی مادل علی أصل المشروعیة و الاستحباب بلا معارض.

الثانی صحیحة محمد بن مسلم عن احدهما علیهما السلام [82] قال: سألته عن الصلاة تطوعاً فی السفر قال: لا تصل قبل الرکعتین و لا بعدهما شیئاً نهارا * فان التقیید بالنهار، یدل علی أن الساقط إنما هی النوافل النهاریة و إلا لم یکن وجه للتقیید بالنهار، و قد ذکرنا فی الأصول: أن مفهوم القید حجة، و إن لم یکن بمثابة مفهوم الشرط و إلا لزم لغویة ذکر القید، علی التفصیل الذی حققناه فی الأصول فالمتحصل مما ذکرنا أن مقتضی الصناعة عدم سقوط الوتیرة فی السفر، ولکنه حیث ان المشهور ذهبوا إلی السقوط، فالأحوط الاتیان بها فی السفر رجاء.

(1) کما هو المعروف بین الأصحاب، بل ادعی علیه الاجماع فی الخلاف و السرائر، و غیرهما ـ ، ولکن المحقق الأردبیلی و من تبعه ذهبوا الی جواز الاتیان بها رکعة رکعة، و ثلاث رکعات و أربع رکعات موصولة * فالمشهور هو وجوب التسلیم بعد رکعتین إلا ما أخرجه الدلیل، کالوتر، و صلاة الاعرابی، و استدلو علیه بوجهین (الأول) الاجماع * و فیه أن الاجماع لو تم لا کلام لنا فیه، ولکنه غیر تام لانه من المظنون قویا ان مدرکه هی الروایات الآتیة، و لا أقل من کونه محتملا، فالاجماع التعبدی غیر متحقق * (الوجه الثانی) الروایات الواردة فی المقام (منها) ما رواه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 53 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبدالله بن جعفر فی (قرب الاسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده علی بن جعفر، عن أخیه موسی بن جعفر علیهما السلام [83] قال: سألته عن الرجل یصلی النافلة أیصلح له أن یصلی أربع رکعات لا یسلم بینهن قال: لا إلا أن یسلم بین کل رکعتین. و فیه أن هذه الروایة ضعیفة السند لأجل عبدالله بن الحسن، فانه و إن کان حفید علی بن جعفر، و شریفا من حیث النسب، الا أنه مجهول لم یتعرض له الأصحاب فی کتب الرجال و قد ناقشنا فی سند الأشعثیات أیضاً لذلک، حیث أنه واقع فیه * و قد یناقش فیها دلالة، بدعوی أنها تدل علی عدم جواز الثلاث، و الأربع و لا تدل علی عدم جواز النافلة رکعة رکعة، فالاستدلال بها أخص من المدعی * و فیه أن هذه المناقشة غیر تامة، فان السؤال و إن کان ناظراً إلی الزیادة إلا أن الجواب حصر الجواز برکعتین، رکعتین، فان قوله إلا أن یسلم بین کل رکعتین لا یکون مستثنی من عدم جواز الاتیان بأربع رکعات متصلة، لأن إستثناء الفرد من الفرد لا یجوز، فان المستثنی لابد أن یکون داخلا فی المستثنی منه، فعلیه یکون الاستثناء راجعاً إلی قوله: (یصلی النافلة) فیکون المراد من یصلی النافلة لابد له أن یسلم برکعتین بلا زیادة و نقیصة، (و بعبارة أخرى) یکون معنی الروایة أن النافلة لا تصلح بأی کیفیة إلا أن یسلم فیها بین کل رکعتین رکعتین، فتکون الروایة نافیة لجواز التسلیم برکعة، و بأربع رکعات، و بثلاث رکعات علی ما هو قضیة الحصر.

و منها ما رواه محمد بن إدریس فی (آخر السرائر) نقلا من کتاب حریز بن عبد الله، عن أبی بصیر [84] (قال: قال أبو جعفر (ع) (فی حدیث): و افصل بین کل رکعتین من نوافلک بالتسلیم) * و قد یناقش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 54 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فیها بأن الراوی لها هو إبن إدریس عن کتاب حریز، و قد تخلل الفصل بینهما بمئآت سنین، فمن أین یعلم أن الکتاب کان کتاب حریز، بل نطمئن أنه إعتمد علیه لأجل بعض القرائن الحدسیة، و إحتمال أن کتاب حریز وصل الیه، و کان ثابتا عنده عن حس بعید.

و فیه أن الفقهاء، یعتمدون علی مثل هذه الروایة، و یعبرون عنه بالصحیحة، و هو الصحیح، لأن إبن إدریس لا یقبل خبر الواحد، فمن إعتماده علیها یستکشف أن کتاب حریز ثبت عنده بالتواتر أو بما یشبهه فالسند صحیح [85] * (نعم) الدلالة غیر تامة، لأنها تدل علی عدم جواز الزیادة علی رکعتین، ولا دلالة لها علی عدم جواز التسلیم برکعة واحدة * (علی ان المتسالم علیه بینهم) عدم حمل المطلق علی المقید فی المستحبات، بل یحمل المقید علی أفضل الافراد، فما دل علی أن نافلة الظهر مثلا ثمان رکعات مطلق یتمسک به، فیحکم بجواز الاتیان بها رکعة رکعة و إن کان الأفضل هو الاتیان برکعتین رکعتین، (و لکنه) موقوف علی تمامیة الاطلاق لما دل علی اعداد النوافل و سیجییء عن قریب أن الاطلاق فیها لا یتم، فانها سیقت لبیان أصل المشروعیة، لا لبیان الکیفیة و (منها) ما رواه الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا علیه السلام [86] (قال: الصلاة رکعتان رکعتان، فلذلک جعل الأذان مثنی مثنی):

و فیه (أولا) انها ضعیفة السند لاجل عبد الواحد بن عبدوس،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 55 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[76] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 3 و 7.

[77] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 3 و 7.

[78] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض ر 4.
[79] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض ر 8.

[80] . ص 38.

[81] . الوسائل ب 13 من ابواب اعداد الفرائض ر 2.
[82] . الوسائل ب 21 من ابواب اعداد الفرائض ر 1.
[83] . الوسائل ب 15 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 3

[84] . الوسائل ب 15 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 3


[85] . قد عدل سیدنا الأستاذ عما ذکره هنا فی بعض المباحث الآتیة، فحکم بعدم حجیة ما رواه إبن ادریس عن کتاب حریز لعدم العلم بأن ما وصل الیه هو کتاب حریز، فیحتمل أنه کتاب غیره و نسب الیه.

[86] . الوسائل ب 15 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 5

(56 - 60)

(56 - 60)

و علی بن محمد بن قتیبة فانهما فی سند الصدوق الی الفضل کما تقدم و لم یوثقا * (و ثانیا) أن الدلالة غیر تامة، لأنها ناظرة إلی الفریضة بقرینة جملة: (فلذلک جعل الأذان مثنی مثنی) فان النافلة لیس فیها أذان، و لا مناسبة بین القول: (ان النافلة رکعتان رکعتان) و القول: (فلأجلها جعل الأذان: فی الفریضة مثنی مثنی) و لا ینافی ذلک کون غیر الصبح من الفرائض أزید من رکعتین، لأن عدة من الروایات دلت علی أن الفرائض کلها کان من قبل الله تعالی رکعتین رکعتین، فأضاف رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلی کل من الظهرین، و العشاء رکعتین، و إلی المغرب رکعة واحدة، فالروایة علی تقدیر تسلیم السند ناظرة إلی ما فرضه الله تعالی أولا * فالی هنا لم یثبت عدم جواز الاتیان بالنافلة رکعة رکعة، فلابد من النظر إلی الاطلاقات هل هی تامة أم لا.

إستدل المحقق الأردبیلی قدس سره علی ما إختاره من جواز الاتیان بالنافلة رکعة، رکعة، و رکعتین، و ثلاث رکعات، فصاعداً ـ باطلاق مادل علی مشروعیة النوافل، و علی بیان عددها مثل مادل علی أن للظهر ثمان رکعات قبلها، و للعصر ثمان قبلها و للمغرب أربع رکعات بعدها، و صلاة اللیل ثمان رکعات، و الوتر ثلاث مثلا ـ و باطلاق مادل علی عدد الفرائض، و النوافل، و أنها خمسون أو إحدی و خمسون رکعة * بدعوی أن مقتضی الاطلاق فیها جواز الاتیان بالنافلة رکعة رکعة و ثلاث رکعات و أربع رکعات، و حیث أنه لا مقید لها، فالاطلاق متبع.

و فیه أن هذا السنخ من الروایات إنما سیقت لبیان أصل المشروعیة و العدد، و لا تکون ناظرة إلی بیان الاجزاء، و الشرائط، و الکیفیة، کیف؟ و لو کان کما ذکره لصح التمسک باطلاقها لرفع مشکوک الجزئیة و الشرطیة بالاضافة إلی الفرائض أیضاً، و هذا مما لم یلتزم به فقیه أصلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 56 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعلیه لا یصح التمسک بها لرفع إعتبار التسلیم بعد الرکعتین، أو رفع مانعیة التسلیم بین الرکعتین، فتکون الکیفیة موکولة الی الخارج * فقد تحصل مما ذکرنا أنه لم یتم شیءمن أدلة الطرفین، فاذن تصل النوبة الی الأصل العملی (ذهب) صاحب الحدائق قدس سره إلی أن متقضی القاعدة فی المقام هو الاشتغال، و عدم جواز التسلیم برکعة، أو ثلاث رکعات إلا رکعة الوتر قال قدس سره فی هذا المقام: إن العبادات توقیفیة متلقاة من صاحب الشرع، و الذی ثبت و صح عنه أن کل رکعتین بتسلیمة، خرج منها رکعة الوتر بالنصوص المستفیضة.

و قد یقال: إن المورد مجری لاصالة البرائة کما عن المحقق الهمدانی (قدس سره) بدعوی أن الشک فی المقام یرجع إلی الشک بین الأقل و الأکثر، لأنا لا نعلم أن ضم الرکعة الثانیة إلی الأولى شرط فی صحتها أم لا؟ أو أن ضم الرکعة الثالثة الی الثانیة مانع عن الصحة أم لا؟ فیرجع إلی البرائة العقلیة، و الشرعیة لنفی الشرطیة و المانعیة إلا إذا لم یعلم أصل المشروعیة کنافلة ذات رکعة واحدة، أو ذات ثلاث رکعات أو خمس، أو نحو ذلک، فمقتضی الأصل عدم مشروعیتها، بل یکفی فی حرمة الاتیان بها بعنوان العبادة مجرد الشک فی تعلق الأمر بالصلاة بهذه الکیفیة من غیر حاجة الی اصالة العدم، ففرق بین الشک فی أصل المشروعیة، و الشک فی کیفیة ما هو مشروع، فالأول یحرم إیجاده لحرمة التشریع، و الثانی مجری لاصالة البرائة لأن المشروعیة ثابتة و الشک إنما هو فی أخذ شیء جزء، أو شرطاً.

و قد یجاب عن هذا بأن البرائة مطلقاً لا تجری فی المقام سواء کانت عقلیة، أو شرعیة، أما البرائة العقلیة، فلعدم احتمال استحقاق العقاب، فانها، لا تنفی إلا العقاب ـ (و أما) البرائة الشرعیة فلأن أدلتها مسوقة 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 57 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لغرض الامتنان و لا إمتنان فی المقام لأن المکلف فی سعة بالاضافة الی ترک المستحب و فعله حیث أنه یجوز له ترک النافلة مطلقاً * علی أن أصل البرائة مثبت فی المقام، فان رفع جزئیة الرکعة الثانیة مثلا لا یثبت أن الرکعة الواحدة‌مأمور بها و لأجل ذلک لا مجال للتمسک باستصحاب العدم ایضاً فلا یمکن التعبد بالمقدار المعلوم مع التشهد و التسلیم باستصحاب عدم اعتبار الزائد.

قلت: الصحیح فی المقام هو التفصیل، فنقول: أما الاستصحاب فلا یجری لا لکونه مثبتاً، بل لأنه معارض باستصحاب آخر، فان الأمر بالرکعة الثانیة کما هو مسبوق بالعدم کذلک الأمر بالرکعة الأولی وحدها فانه أیضاً مسبوق بالعدم، فنقول: الأصل عدم تعلق الأمر بالرکعة الأولی وحدها * (و بعبارة أخری) کما یجری فی المقام إستصحاب عدم التقیید بالرکعة الثانیة، کذلک یجری إستصحاب عدم الاطلاق، فان تعلق الأمر بالرکعة مطلقة مسبوق بالعدم، فالأصل بقائه علی ما کان، و الوجه فی ذلک أن التقابل بین الاطلاق، و التقیید فی مقام الثبوت، هو التضاد، لأن الملحوظ إما هی الطبیعة المطلقة الساریة، أو الطبیعة المقیدة، و هی الحصة الخاصة من الطبیعة الساریة، فنقول: الأصل عدم تعلق الأمر بما لو حظ ساریاً مطلقاً کما أن الأصل عدم تعلق الأمر بما لو حظ مقیداً بقید خاص، فیسقطان بالتعارض * و لو لا هذا لم یکن مانع من جریان الاستصحاب أصلا، لأن إستصحاب عدم التقیید بالرکعة الثانیة یجری، فاذا انضم الیه ما أحرز بالوجدان، و هو تعلق الأمر بالطبیعی، الجامع بین الأقل و الاکثر تکون نتیجته کون الرکعة الواحدة مأموراً بها ظاهراً.

و أما اصالة البرائة فیفصل فی جریانها بین ما إذا کان الشک فی اصل النافلة، و ما کان الشک فی جزئها، أو شرطها، ففی الأول لا تجری

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 58 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إصالة البرائة و فی الثانی تجری ( بیان ذلک) إنا قد ذکرنا فی مبحث إصالة البرائة فی الأصول أنه لیس المراد من رفع الحکم فی ظرف الجهل هو رفعه واقعاً، فان الحکم الواقعی مشترک بین العالم، و الجاهل کما هو المتسالم علیه بینهم، بل المراد هو رفعه فی مرحلة الظاهر فی قبال الوضع فی مرحلة الظاهر، فالرفع الظاهری عبارة عن عدم جعل الاحتیاط تحفظاً علی الواقع، کما أن الوضع عبارة عن جعل الاحتیاط تحفظاً علی الواقع، فاذا کان المحتمل هو التکلیف الالزامی، فللمولی أن یجعل الاحتیاط فی مرحلة الظاهر علی الملکف، حتی تکون النتیجة هو وجوب الاجتناب عما هو مشکوک الحرمة، و وجوب الاتیان بما هو مشکوک الوجوب، و له أن لا یجعل الاحتیاط، بل یحکم بأنه مرفوع عن المکلف، فتکون النتیجة جواز إرتکاب ما هو مشکوک الحرمة، و جواز ترک ما هو مشکوک الوجوب.

و اما إذا لم یکن التکلیف المجهول الزامیاً بل کان إستحبابیاً ، فان کان إستقلالیاً فلیس له إیجاب الاحتیاط، لأن فی فرض العلم بالاستحباب یجوز الترک، فکلیف لا یجوز الترک فی ظرف الجهل به؟ و أما إستحباب الاحتیاط، فهو أمر حسن مرغوب فیه و هو مجعول قطعاً، و لا یکون مشمولا لأدلة الرفع، و لا تکون البرائة مجعولة جزماً، لأنها هنا عبارة عن عدم حسن الاحتیاط، و هو مما یقطع ببطلانه، لأن الاحتیاط حسن علی کل حال * و بالجملة‌الاحتیاط الوجوبی لا یحتمل وضعه حتی یکون مرفوعاً بحدیث الرفع، و الاحتیاط الاستحبابی مما یقطع بأنه موضوع، فلا تجری البرائة، فللمکلف أن یأتی بما هو مشکوک الاستحباب رجاء، و لیس له الاتیان به بقصد الأمر.

و أما إذا کان أصل الاستحباب معلوماً، و کان الشک فی بعض أجزاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 59 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستحب، أو شرائطه، کما إذا شک فی أن الرکعة الثانیة جزء أم لا؟ بل یصح التسلیم فی الرکعة الأولی، فهنا تجری إصالة البرائة و کذا إذا شک فی أن الغسل شرط لزیارة قبور الأئمة أم لا؟ * و الوجه فی ذلک أنه بصح هنا للمولی إیجاب الاحتیاط بأن یقول: إن أردت أن تصلی النافلة یجب علیک الاتیان بکل ما هو محتمل الجزئیة و الشرطیة، فان النافلة یمکن أن تکون مقیدة بجزء أو شرط کما هو الحال فی النافلة بالاضافة إلی الطهارة فان المکلف إن أراد أن یأتی بالنافلة، یجب علیه أن لا یأتی بها إلا مع الطهارة، فالنافلة یجوز ترکها ولکن الاتیان بها، بلا طهارة لا یجوز، ففی محل الکلام حیث أن للمولی أن یحکم بحرمة النافلة رکعة رکعة، و له أن یحکم بوجوب الاتیان بکل ما هو محتمل الجزئیة أو الشرطیة، فکذلک له أن یحکم بالبرائة و جواز ترک ما هو محتمل الجزئیة، أو الشرطیة هذا أولا.

و ثانیاً إن فی رفع القید فی المستحبات أیضاً إمتناناً، و ذلک لأن، المستحب إذا کان غیر مقید بقید، یسهل علی المکلف الاقدام علیه، و یخف اتیانه و أما إذا کان مقیداً به، یثقل علیه إتیانه و کثیراً ما یترکه (ألا تری) أن زیارة الحسین علیه السلام إن کانت مشروطة بالغسل لا یأتی بها المکلف فی کل یوم مرتین أو ثلاث مرات لأن فی إتیان الشرط کلفة زائدة، و أما إذا لم تکن مشروطة به، فیمکن أن یزوره (ع) فی کل یوم ثلاث مرات، أو أربع کما فى أیام الزیارة، و کذا صلاة اللیل إذا کانت مقیدة بالقیام، و بالاتیان بها فی مجلس واحد یکون المکلف فی کلفة، و أما إذا کانت مطلقة بالنسبة إلی القیدین، یکون فی سعة فمنه یعلم أن فی رفع القید و جریان البرائة فی المستحبات ایضاً إمتناناً، فتجری فیها بالاضافة الی قیودها بلا اشکال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 60 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(61 - 65)

(61 - 65)

إلا الوتر، فانها رکعة (1)

 

و أما ما ذکره المستشکل من أن إصالة البرائة، أو الاستصحاب لا یثبت أن الباقی مأمور به، فهو صحیح إلا أنا لا نحتاج إلی اثباته بالأصل للعلم بأن الطبیعی الجامع بین الرکعة، و الرکعتین مأمور به، فتکون الرکعة‌متعلقة للأمر یقینا، و الشک إنما هو فی الزائد فیرجع فی نفیه إلی الأصل فاذا ضم الوجدان إلی الأصل ینتج أن الأقل یصح الاکتفاء به فالمقام داخل فی کبری الشک بین الأقل و الأکثر الارتباطیین، فکل ما قلنا هناک، یجری فی المقام بلاشبهة، فقد تحصل إلی حد الآن أن مقتضی القواعد جواز الاتیان برکعات النوافل موصولة، و مفصولة ـ ولکن الذی یمنعنا من الالتزام بما تقتضیه القاعدة هو إرتکاز المتشرعة فان المرکوز فی اذهانهم أن النافلة رکعتان، و هذا الارتکاز موجود فی ذهن النساء و الاطفال، فضلا عن الرجال، و منشأه أن الفریضة أیضاً کانت مجعولة من قبل الله تعالی رکعتین رکعتین، فکان الواجب فی الیوم و اللیلة عشر رکعات کما هو المستفاد من بعض الأخبار الصحیحة، فزاد النبی الأکرم سبعاً آخر فعلیه إن قام الدلیل الخاص علی أن النافلة الفلانیة رکعة کالوتر، أو ثمان رکعات بتسلیمة واحدة، کصلاة الغدیر (کما قیل) فهو، و إلا فلابد من الأخذ بما هو المرتکز عند المتشرعة، و هو إتیانها رکعتین رکعتین فان هذا الارتکاز یمنع من جریان البرائة

(1) لا یخفى أن الروایات الواردة فی الوتر مختلفة، و هی علی ثلاث طوائف (الطائفة الأولی) ما دلت علی الفصل بین رکعتی الشفع و الوتر (منها) صحیحة معاویة بن عمار [87] (قال: قلت لأبی عبدالله (ع)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 61 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما التسلیم فی رکعتی الوتر؟ فقال توقظ الراقد و تکلم بالحاجة) * (و منها) مصححة سلیمان بن خالد [88] عن أبی عبدالله (ع) (قال: الوتر ثلاث رکعات تفصل بینهن و تقرء فیهن جمیعا بقل هو الله أحد) (و منها) ما رواه الشیخ باسناده عن الحسین بن سعید عن حماد (بن)، عن شعیب، عن أبی بصیر عن أبی عبدالله (ع) [89] (قال: الوتر ثلاث رکعات ثنتین مفصولة و واحدة) و هی أیضاً مصححة و فی بعضها جواز النکاح بعد رکعتی الوتر (الطائفة الثانیة) ما یستفاد منه التخییر بین الفصل و الوصل (منها) صحیحة یعقوب بن شعیب [90] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام، عن التسلیم فی رکعتی الوتر، فقال: إن شئت سلمت و إن شئت لم تسلم) * (و منها) صحیحة معاویة بن عمار [91] قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام فی رکعتی الوتر، فقال: إن شئت سلمت، و إن شئت لم تسلم.

الطائفة الثالثة مادل علی الوصل و هی ما رواه کردویه الهمدانی [92] قال: سألت العبد الصالح (ع) عن الوتر فقال صله * ولکن هذه الروایة ضعیفة، لاجل الکردویه، فانه لم یثبت و ثاقته، فلا یعتمد علیها، و مقتضی الروایات المتقدمة التخییر بین الفصل و الوصل و لا مانع منه و إن کان علی خلاف الشهرة، ولکن الفصل أفضل للأمر به فی بعض الروایات المتقدمة کمصححة سلیمان المتقدمة، و ان کان الوصل أیضاً جائزاً، و أفتى به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 62 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و یستحب فی جمیعها القنوت حتی الشفع علی الأقوی (1) فی الرکعة الثانیة و کذا یستحب فی مفردة الوتر.

 

جماعة من الأکابر.

(1) على ما هوالمشهور بین الأصحاب، ولکن شیخنا البهائی، و صاحبی المدارک و الذخیرة أشکلوا فی قنوت الشفع، و تبعهم صاحب الحدائق قدس سره، و استدلوا علیه بصحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله (ع)، [93] (قال: القنوت فی المغرب فی الرکعة الثانیة و فی العشاء الغداة مثل ذلک و فی الوتر فی الرکعة الثالثة) * بتقریب أن مقتضی الحصر المستفاد من تعریف المبتدأ باللام فی هذه الصحیحة عدم مشروعیته فی رکعتی الشفع، فهذه الصحیحة مخصصة للمطلقات الدالة علی استحباب القنوت فی مطلق الصلوات فی الرکعة الثانیة * ولکن الصحیح هو ما ذهب الیه المشهور من ثبوت الاستحباب فی مطلق الصلوات، فان الروایات الواردة فی المقام مختلفة، ففی بعضها أن القنوت فی المغربین، و الفجر، و الوتر، (و فی بعضها) أن القنوت فی الصلوات الجهریة و فی بعضها غیر ذلک، ولکن موثقة أبی بصیر (بابن فضال و ابن بکیر) دلت علی استحباب القنوت فی صلوات الخمس کلها [94] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن القنوت فقال: فیما یجهر فیه بالقرائة، قال: فقلت له، إنی سألت أباک عن ذلک، فقال: فی الخمس کلها فقال (ع) رحم الله أبی إن أصحاب أبی أتوه، فسألوه، فاخبرهم بالحق، ثم أتونی شکاکاً فأفتیتهم بالتقیة) * و هذه الموثقة (کما ترى) تدل علی أن القنوت فی الصلوات الخمس کلها و هی قرینة علی أن مادل علی الاختصاص ببعض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 63 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصلوات کصحیحة ابن سنان و غیرها صدر تقیة.

هذا علی أن هنا روایات ناطقة بأن القنوت فی کل صلاة (منها) صحیحة زرارة و هی ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام [95] (إنه قال: القنوت فی کل الصلوات) * (و منها) ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (ع) [96] (إنه قال: القنوت فی کل رکعیین، فی التطوع و الفریضة) * (و منها) ما رواه الصدوق باسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمد علیهما السلام (فی حدیث شرایع الدین) [97] (قال: و القنوت فی جمیع الصلوات سنة واجبة فی الرکعة‌الثانیة، قبل الرکوع و بعد القرائة) * (و منها) صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج و هی ما رواه الکلینی عن محمد بن اسماعیل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبی عمیر عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبی عبدالله علیه السلام [98] قال: سألته عن القنوت فقال: فی کل صلاة فریضة و نافلة [99] إلی غیر ذلک من الروایات.

فعلیه تحمل مادل على الاختصاص ببعض الصلوات إما على الأفضلیة و التأکید فی الاستحباب، أو علی التقیة.

ثم لا یخفی أنه لیس المراد من صحیحة عبدالله بن سنان، حصر القنوت فی الوتر فی الرکعة الثالثة، حتی تدل علی نفیه عن الثانیة فی الوتر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 64 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل المراد أن القنوت فی الرکعة الثالثة مستحب، و فی المغرب و العشاء أیضاً مستحب، و موضعه هو الرکعة الثانیة فلا تدل الصحیحة علی نفیه عن ثانیة الشفع حتی تخصص الروایات العامة و المطلقة فقوله (ع)فی المغرب خبر المبتدأ، و هو القنوت، لا أنه قید للقنوت حتی یکون الخبر قوله علیه السلام: فی الرکعة الثانیة، و کذا ما بعد هذه الجملة حتی یقال: إن مقتضی حصر المبتدأ فی الخبر (کما هو المستفاد من تعریفه باللام) هو اختصاص القنوت فی الرکعة الثالثة فی الوتر، فالروایة لیست فی مقام بیان خصوص موضع القنوت فی الصلاة بل فی مقام بیان الصلاة التی فیها القنوت، و موضع القنوت معاً، فلا تدل علی حصر القنوت فی الرکعة الثالثة * و مما یؤیده ما ذکرناه أنه لو کان الامام علیه السلام فی مقام بیان خصوص موضع القنوت من الرکعات، لکان الأنسب أن یقول: القنوت فی الصلوات فی الرکعة الثانیة، و فی الوتر فی الرکعه الثالثة

ثم إن صاحب الحدائق قدس سره إستدل علی ما إختاره بأمرآخر و هو أن الوارد فی الأخبار إستحباب الدعاء فی الوتر، و هو فی ألسنة الأخبار لم یطلق علی الرکعة الواحدة، بل المراد منه فی الأخبار هو الثلاث و قنوتها فی الرکعة الأخیرة، فکل ما ورد من الروایات الدالة علی الدعاء فی الوتر، یکون المراد منها القنوت فی الرکعة الأخیرة منها و لم یرد روایة أطلق الوتر فیها علی الرکعة الواحدة إلا روایة رجاء بن أبی ضحاک [100] و هی ضعیفة لا یعتمد علیها فی مقابل الأخبار الکثیرة الدالة علی أن الوتر ثلاث رکعات، فاذاً یکون المراد من کل مادل علی الدعاء، او القنوت فی الوتر: هو الرکعة الأخیرة من الثلاث.

و فیه أن ما ذکره عجیب منه قدس سره! فانه مع کثرة تتبعه فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 65 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[87] . الوسائل ب 15 من أبواب اعداد الفرائض ر 6
[88] . الوسائل ب 15 من ابواب اعداد الفرائض ر 9 و 10 لا یخفی ان الروایة الثانیة رواها فی التهذیب ج 2 ص 127 عن حماد بن شعیب عن أبی بصیر و حماد هذا لم یوثق فی کتب الرجال فعلیه تصبح الروایة ضعیفة.

[89] . الوسائل ب 15 من ابواب اعداد الفرائض ر 9 و 10 لا یخفی ان الروایة الثانیة رواها فی التهذیب ج 2 ص 127 عن حماد بن شعیب عن أبی بصیر و حماد هذا لم یوثق فی کتب الرجال فعلیه تصبح الروایة ضعیفة.

[90] . الوسائل ب 15 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 16 و17 و 18.

[91] . الوسائل ب 15 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 16 و17 و 18.

[92] . الوسائل ب 15 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 16 و17 و 18.
[93] . الوسائل ب 3 من أبواب القنوت ر 2

[94] . الوسائل ب 1 من ابواب القنوت ر 10
[95] . الوسائل ب 1 من أبواب القنوت ر 1 و 2 و 6 و 8.

[96] . الوسائل ب 1 من أبواب القنوت ر 1 و 2 و 6 و 8.

[97] . الوسائل ب 1 من أبواب القنوت ر 1 و 2 و 6 و 8.

[98] . الوسائل ب 1 من أبواب القنوت ر 1 و 2 و 6 و 8.

[99] . لا یخفی أن هذه الروایة وقع فی سندها محمد بن إسماعیل الذی یروی عن الفضل بن شاذان کثیراً، و هو و ان کان محل کلام طویل فی کتب الرجال إلا أن سیدنا الاستاذ دام ظله إستظهر أخیراً من قرائن عدیدة أنه هو محمد بن إسماعیل البرمکی الذی وثقه النجاشی، فعلیه تکون الروایة صحیحة.
[100] . الوسائل ب 13 من ابواب اعداد الفرائض ر 24

(66 - 70)

(66 - 70)

الأخبار: کیف غفل عن الروایات الکثیرة الواردة‌فی الوتر المراد منها رکعة واحدة؟ فان فی الوسائل عدة روایات، أطلق الوتر فیها علی الرکعة الواحدة‌و هی غیر روایة رجاء بن أبی الضحاک (احدیها) صحیحة فضیل بن یسار (المتقدمة ص 38) عن أبی عبدالله علیه السلام [101] (إلی أن قال): (و الفریضة و النافلة إحدى و خمسون رکعة، منها رکعتان بعد العتمة‌جالساً تعد برکعة‌مکان الوتر الحدیث) * (الثانیة) ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام [102] (إلی ان قال): (و الشفع و الوتر ثلاث رکعات تسلم بعد الرکعتین) * (الثالثة) ما رواه الصدوق باسناده عن الأعمش، عن جعفر بن محمد علیهما السلام [103] (الی أن قال): (و الشفع رکعتان الوتر رکعة) و هذه الثلاثة (کما تری) هی غیر روایة رجاء بن أبی ضحاک المتقدمة * و کذا اطلق الوتر علی الرکعة فی الروایات الواردة فی الوتیرة الدالة علی أنها بدل الوتر [104] فان المراد منه رکعة واحدة لا الثلاث لأن الرکعتین من جلوس تعدان بدل رکعة من قیام، و لا تکونان بدلا من ثلاث رکعات من قیام، و کذا أطلق الوتر علی الرکعة فیما روی فی تفسیر علی بن ابراهیم و فی الفقه الرضوی * هذا علی أن القدماء أیضاً کانوا یطلقون الوتر علی الواحدة، و لا ینبغی الشک فی أن هذا الاصطلاح منهم مأخوذ من الأئمة علیهم السلام، و اما اطلاق الوتر علی الثلاث، فلعله کان للمماشاة مع العامة، حیث أنهم یسمون الثلاث الموصولة بالوتر.

ثم إن المحقق فی المعتبر و جملة، من الأصحاب ذهبوا إلی إستحباب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 66 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 2) الأقوی إستحباب الغفیلة (1) و هی رکعتان بین المغرب و العشاء ولکنها لیست من الرواتب یقرء فیها فی الرکعة الأولی بعد الحمد: [105] (و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر علیه فنادی فی الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانک إنی کنت من الظالمین، فاستجبنا له و نجیناه من الغم و کذلک ننجی المؤمنین).

 

ثلاثة قنوتات فی ثلاثة الوتر بأن یقنت فی الشفع قبل الرکوع، و فی الوتر قبل الرکوع و بعده ـ إستدلوا علی ذلک بما رواه محمد بن یعقوب عن علی بن محمد، عن سهل، عن أحمد بن عبد العزیز قال: حدثنی بعض أصحابنا [106] (قال: کان أبو الحسن الأول علیه السلام إذا رفع رأسه من آخر رکعة الوتر، قال: هذا مقام من حسناته نعمة منک و شکره ضعیف، و ذنبه عظیم و لیس له إلا دفعک و رحمتک الدعاء) * (و فیه أولا) أن الروایة مرسلة لا حجیة فیها ـ (علی) أن فی طریقها عدة من المجاهل و من لم یثبت وثاقته فان علی بن محمد مشترک بین القمی و إبن الکندار و سهل محل کلام و أحمد بن عزیز مجهول * (و ثانیاً) أن الدلالة أیضاً، غیر تامة، فان الدعاء أعم من القنوت.

(1) استدلوا علی استحبابها بعدة روایات رواها الصدوق و الشیخ منها ما رواه الصدوق [107] مرسلا قال: (قال رسول الله (ص): تنفلوا فی ساعة الغفلة و لو برکعتین خفیفتین فانهما تورثان دار الکرامة) قال: و فی خبر آخر دار السلام و هی الجنة، و ساعة الغفلة ما بین المغرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 67 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و فی الثانیة بعد الحمد [108] (و عنده مفاتح الغیب لا یعلمها الا هو و یعلم ما فی البر و البحر و ما تسقط من ورقة الا یعلمها و لا حبة فی ظلمات الأرض و لا رطب و لا یابس إلا فی کتاب مبین

 

و العشاء الآخرة و رواه الصدوق فی العلل و ثواب الأعمال و معانی الأخبار مسنداً [109] (لا یخفی) ان ما الصدوق قدس سره بین مرسل و ضعیف فلا یعتمد علیه (علی) أنها لو کانت صحاحاً ایضاً لا دلالة لها علی أنها غیر نافلة المغرب ـ و یؤیده ما حکی عنهم علیهم السلام من أنهم لم یصلوا غیر نافلة المغرب ـ و وجه تسمیتها بالغضیلة ان النبی الأکرم (ص) کان یصلی العشاء منفصلة عن المغرب فکان الناس یشتغلون بعد المغرب بالاکل و الشرب، و غیر ذلک، فلهذا کانت ساعة غفلة.

و منها ما رواه الشیخ فی المصباح عن هشام بن سالم عن أبی عبدالله (علیه السلام) [110] (قال: من صلی بین العشائین رکعتین یقرء فی الأولی الحمد وذا النون إذ ذهب مغاضباً (إلی قوله) و کذلک ننجی المؤمنین و فی الثانیة الحمد و قوله: (و عنده مفاتح الغیب لا یعلمها إلا هو إلی آخر الآیة) فاذا فرغ من القرائه رفع یدیه و قال: (أللهم إنی أسئلک بمفاتح الغیب التی لا یعلمها إلا أنت أن تصلی علی محمد و آل محمد، و أن تفعل بی کذا و کذا، أللهم أنت و لی نعمتی، و القادر علی طلبتی، تعلم حاجتی، فاسئلک بحق محمد و آله لمّا قضیتها لی) و سئل الله حاجته أعطاه الله ما سئل) * و ظاهر هذه الروایة أنها صلاة مستقله غیر نافلة المغرب و لکنها روایة مرسلة لایعتمد علیها. (و قد یتوهم) أنها روایة معتبرة بدعوی أن طریق الشیخ الی هشام بن سالم صحیح کما یظهر من ملاحظة الفهرست.

و فیه أن ما یرویه الشیخ عن کتاب هشام صحیح کما هو الحال فیما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 68 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواه عنه فی التهذیب، و الاستبصار، حیث أنه یروی فیهما عن کتابه، فطریقه الی کتابه صحیح و أما ما یرویه عنه فی غیر هذین الکتابین، فلم یثبت أنه عن کتابه بل یحتمل أنه یروی عنه بطریق آخر لم نعرفه، فتکون الروایة ساقطة عن الحجیة * و هذه الروایة قد رواها أیضاً السید ابن طاووس فی فلاح السائل عن هشام بن سالم [111] ، ولکن السند هناک أیضاً ضعیف لأجل محمد بن الحسین الأشتر و هو مجهول و أما عباد بن یعقوب و إن لم یوثق فی کتب الرجال، إلا أنه موجود فی أسناد کامل الزیارات، فیشمله توثیق إبن قولویه، ولکن إبن طاووس رواها عن علی بن محمد بن یوسف، عن احمد بن محمد بن سلیمان الزراری، و الفصل بین ابن طاووس و علی بن محمد یکون بثلاث مأة سنه، هذه بناء علی نسخة فلاح السائل، و أما بناء علی نسخة البحار من أن إبن طاووس رواها عن علی بن یوسف بن أحمد بن محمد سلیمان الزراری، فنقول: إن کان علی بن یوسف هو الذی یروی عن أحمد بن محمد فلا بأس به إلا أن إبن طاووس متأخر عنه بثلاث مأة سنة أیضاً فتصبح الروایة مرسلة و کذا الکلام إن کان علی بن یوسف من مشایخ إبن طاووس، فانه مجهول لا نعرفه، علی أن الفصل بینه * ای شیخ بن طاووس و بین الزراری ایضاً کثیر کابن طاووس فعلى جمیع التقادیر تصبح الروایة مرسلة * فتحصل مما ذکرنا أنه لم تقم حجة علی إستحباب الغفیله حتی تکون مخصصة لما نهی عن التطوع فی وقت الفریضة.

ثم انه لو تنزلنا عما عما ذکرنا و سلمنا سند الروایة، فهل تکون الغفیلة خارجة عن نافلة المغرب، أو تکون داخلة فیها الذی ینبغی أن یقال فی المقام: هو التفصیل بتقریب أن المکلف إن أتی بها قبل نافلة المغرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 69 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و یستحب ـ أیضاً ـ بین المغرب و العشاء صلاة الوصیة (1) و هی أیضاً رکعتان، یقرء فی أولاهما ـ بعد ـ الحمد ثلاث عشرة مرة سورة إذا زلزلت الأرض، و فی الثانیة بعد الحمد سورة التوحید خمس عشرة مرة.

 

تعد من نافلة المغرب لاطلاق دلیل النافلة، فانه دل علی إستحباب أربع رکعات بین المغرب و العشاء و لم یقیدها بکیفیة خاصة فتنطبق علیها نافلة المغرب قهراً * و أما إذا أتى بها بعد أربع رکعات المغرب، فتعد صلاة مستقلة، لأن الأمر بالنافلة یسقط باتیان الأربع، فلا مجال لانطباقها علیها، و بما أن الأمر بالغفیلة باق، فیصح الاتیان بها مستقلة * و علی الجملة لو سلمنا سند الروایة یثبت إستحباب الغفیلة غایة ما فی الباب أن المکلف إن أتی بها قبل نافلة المغرب، یسقط الأمر برکعتین من نافلة المغرب أیضاً لانطباقها علیها قهراً، لما عرفت من أن نافلة المغرب لم تقید بکیفیة خاصة، و إن أتی بها بعد نافلة المغرب، یسقط أمر النافلة، و یبقی أمرها، لأنها ثبتت علی کیفیة خاصة * و الأحوط الاتیان بها قبلها، لتعد من نافلة المغرب لأن بعد الاتیان بالنافلة یکون الوقت وقتاً للفریضة، و قد ورد النهی عن التطوع فی وقت الفریضة، و إن حملناه علی التنزیه لا التحریم.

(1) لا دلیل علیها إلا ما رواه الشیخ فی المصباح عن الصادق عن أبیه عن آبائه عن رسول الله صلی الله علیه و آله [112] إنه قال: أوصیکم برکعتین بین العشائین یقرء فی الأولی الحمد، و إذا زلزلت الأرض ثلاث عشرة مرة، و فی الثانیة الحمد مرة و قل هو الله أحد خمس عشرة مرة، فان فعل ذلک فی کل شهر کان من المؤمنین، فان فعل ذلک فی کل سنه کان من المحسنین فان فعل ذلک فی کل جمعة مرة کان من المخلصین فان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 70 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[101] . الوسائل ب 13 من ابواب اعداد الفرائض ر 2

[102] . الوسائل ب 13 من ابواب اعداد الفرائض ر 23 و 25

[103] . الوسائل ب 13 من ابواب اعداد الفرائض ر 23 و 25

[104] . راجع الوسائل ب 29 من ابواب اعداد الفرائض
[105] . السورة الأنبیاء/ الآیة 87.

[106] . الکافی الجزء الأول من الفروع ص 325 من الطبع الحدیث.

[107] . الوسائل ب 20 من أبواب الصلوات المندوبة ر 1
[108] . السورة / الانعام/ الآیة 59.

[109] . الوسائل ب 20 من ابواب الصلوات المندوبة ر 1 و 2

[110] . الوسائل ب 20 من ابواب الصلوات المندوبة ر 1 و 2
[111] . البحار ج 18 ص 544
[112] . الوسائل ب 17 من أبواب الصلوات المندوبة ر 1

(71 - 75)

(71 - 75)

(مسألة 3) الظاهر أن الصلاة الوسطى التی تتأکد المحافظة علیها هی الظهر (1) فلو نذر أن یأتی بالصلاة الوسطی فی المسجد او فی أول وقتها مثلا أتی بالظهر.

 

فعل ذلک کل لیلة زاحمنی فی الجنة، و لم یحص ثوابه إلا الله تعالی * و حیث أن هذه الروایة مرسلة لا تصلح لاثبات الإستحباب، فالأولی أن یدرجها أیضاً فی نافلة المغرب، فمن أتی بالغفیلة و صلاة الوصیة یکون آتیاً بنافلة المغرب، و یسقط أمرها لما عرفت من أن الإنطباق قهری.

(1) علی ما هو: المشهور بینهم فی غیر یوم الجمعة و أما فیها، فهی صلاة الجمعة، و هذه المسئلة لاثمرة لها إلا فی النذر کما مثل فی المتن * و مما یدل علی أنها صلاة الظهر صحیحتا زرارة، و مصححة أبی بصیر (الصحیحة الأولی) ما رواه زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام [113] (الی أن قال) و قال تعالی حافظوا علی الصلوات، و الصلاة الوسطی و هی صلاة الظهر الحدیث * (الصحیحة الثانیة) ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة، عن أبی جعفر علیهما السلام [114] (قال: و قال تعالی حافظوا علی الصلوات و الصلاة الوسطی و هی صلاة الظهر الحدیث) * (و أما المصححة) فهی ما رواه الصدوق باسناده عن أبی بصیر المرادی، [115] قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: صلاة الوسطی صلاة الظهر و هی أول صلاة أنزل الله علی نبیه صلی الله علیه و آله و نحوها غیرها من الروایات.

و بازاء ما ذهب إلیه المشهور ما عن السید المرتضی قدس سره من أن المراد بالصلاة الوسطی: هی صلاة العصر، و إدعی علیه الإجماع * (و فیه) أنه لا إجماع علی ذلک قطعاً، بل لا موافق له من الأصحاب فی ذلک

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 71 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم فی الفقه الرضوی هکذا (قال العالم الصلاة الوسطی العصر) و کذا فی روایة الصدوق عن الحسن بن علی علیهما السلام (الی ان قال) [116] : (و أما صلاة العصر، فهی الساعة التی أکل آدم فیها من الشجرة، فأخرجه الله عزوجل من الجنة، فأمر الله ذریته بهذه الصلاة إلی یوم القیامة و إختارها الله لامتی فهی من أحب الصلوات إلی الله عزوجل، و أوصانی أن أحفظها من بین الصلوات الحدیث)

و فیه أن الفقه الرضوی لا حجیة فیه کما مر غیر مرة، و روایة الصدوق فی سندها عدة من المجاهل، فلا تکون قابلة للاعتماد، فکیف تصلحان لمعارضة الصحاح المتقدمة و غیرها * نعم فی ذیل صحیحة زرارة المتقدمة آنفاً ص 71: (و فی بعض القرائة حافظوا علی الصلوات، و الصلاة الوسطی صلاة العصر) [117] ولکن هذا الذیل لا یعتمد علیه، لمخالفته لنفس هذه الصحیحة، فانها صریحة فی أنها الظهر، فعلیه یکون المراد من بعض القرائة قرائة العامة لا محالة * علی أن ذلک أیضاً لم یثبت، فان فی الکافی و إن نقل کما ذکرنا بلا کلمة (واو) إلا أن فی التهذیب هکذا (و الصلاة الوسطی و صلاة العصر)، فما ذکره السید لا یمکن مساعدته بوجه * نعم حکی عن العامة فی المقام أقوال کثیرة فعن بعضهم أنها الظهر، و (عن) الآخر أنها المغرب، و عن ثالث أنها العشاء، و عن رابع أنها الصبح و عن خامس أنها مجموع الصلوات الخمس، (و قیل) إنها الصلاة علی محمد و آل محمد و قیل إنها الجمعة. (و لا دلیل) علی هذه الأقوال أصلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 72 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 4) النوافل المرتبة و غیرها یجوز اتیانها جالساً و لو فی حال الاختیار (1) و الأولی حینئذ عد کل رکعتین برکعة (2) فیأتی بنافلة الظهر ست عشرة رکعة، و هکذا فی نافلة العصر و علی هذا یأتی بالوتر مرتین کل مرة رکعة.

 

(1) بلا خلاف إلا من إبن إدریس قدس سره فانه لم یلتزم بجواز الجلوس إلا فی الوتیرة و علی الراحلة ولکن الروایات الواردة فی المقام حجة علیه لصراحتها بجواز الجلوس فیها عمداً * (منها) موثقة سدیر الناطقة بالجواز [118] (قال: قلت لأبی جعفر (علیه السلام): أتصلی النوافل و أنت قاعد، فقال: ما أصلیها إلا و أنا قاعد، منذ حملت هذا اللحم و ما بلغت هذا السن) * (و منها) ما رواه الصدوق باسناده عن سهل بن الیسع [119] (أنه سئل أبا الحسن الأول علیه السلام، عن الرجل یصلی النافلة قاعداً، و لیس به علة فی سفر أو حضر، فقال: لا بأس به) و السند صحیح فان إبراهیم بن هاشم وقع فیه و هو ثقة لوقوعه فی إسناد کامل الزیارات و لأن السید رضی الدین بن طاووس إدعی الإتفاق علی وثاقة رواة هو منهم [120] و هو یکشف عن أنه وثق بتوثیق واحد أو اثنین أو ثلاثة لا محالة.

(2) للروایات الدالة علیه (منها) صحیحة علی بن جعفر و هی ما رواه المجلسی فی البحار عن علی بن جعفر فی کتابه عن أخیه [121] (قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 73 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل فی أوقات الیومیة و نوافلها وقت الظهرین ما بین الزوال و المغرب (1)

 

سئلته عن المریض إذا کان لا یستطیع القیام کیف یصلی قال: یصلی النافلة و هو جالس و یحسب کل رکعتین برکعة، و أما الفریضة فیحتسب کل رکعة برکعة، و هو جالس، إذا کان لا یستطیع القیام)، و قریب منها غیرها.

فصل فی أوقات الیومیة

(1) کما هو المتسالم علیه عند الأصحاب، و لم یخالف فیه أحد منا فالکلام یقع فی مقامین، الأول، فی المبدء، و الثانی، فی المنتهی * (أما المقام الأول)، فملخص الکلام فیه هو أنه لا ریب فی أن أول وقت الظهرین هو زوال الشمس، و هو مما تسالم علیه أصحابنا، نعم ذهب بعض العامة إلی جواز تقدیم الظهر علی الزوال فی السفر ولکنه شاذ لا یعتنى به (و یدل) علیه الکتاب، و السنة، (أما الکتاب) فقوله تعالی [122] : (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل)، فان المراد بالدلوک هو الزوال، کما صرح به جماعة من أهل اللغة، و لیس المراد فی المقام إصفرار الشمس قطعاً، و إن عدوه أیضاً معنی للدلوک، و ذلک لأن إصفرار الشمس یکون عند الغروب، و هو لم یجعل وقتاً لأی صلاة فی الشریعة المقدسة *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 74 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا علی أن الدلوک قد فسر بالزوال فی صحیحة زرارة المتقدمة المشتملة علی الصلاة الوسطی.

(و أما السنة) فهی الأخبار الکثیرة المتضافرة لا یبعد بلوغها حد التواتر الإجمالی، فان دعوی القطع بصدور بعضها عن المعصوم، قریبة جداً، (منها) صحیحة زرارة المتقدمة عن أبی جعفر علیه السلام [123] (إلی أن قال ع) (قال الله تعالی لنبیه: أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل، و دلوکها زوالها، و فیما بین دلوک الشمس إلی غسق اللیل أربع صلوات، سمّاهن الله و بیَّنهن و وقَّتهن، و غسق اللیل إنتصافه الحدیث). (و منها) صحیحته الأخری باسناده عن زرارة [124] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر فاذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة) (و منها) ما رواه الصدوق باسناده عن عبید بن بن زرارة [125] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر و العصر، فقال: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه قبل هذه، ثم أنت فی وقت منهما جمیعاً حتی تغیب الشمس): و قریب منها غیرها [126]

و لکن بازاء هذه الروایات روایات اخری، دلت علی أن وقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 75 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[113] . الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ر 1

[114] . الوسائل ب 5 من الابواب المذکورة ر 1 و 2

[115]. الوسائل ب 5 من الابواب المذکورة ر 1 و 2
[116] . الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ر 7

[117] . الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1
[118] . الوسائل ب 4 من أبواب القیام ر 1.

[119] . الوسائل ب 4 من أبواب القیام ر 2.

[120] . الوسائل ب 5 من أبواب القیام ر 5.

[121] . و إلیک نص عبارته قال (فی الفصل التاسع عشر من کتاب فلاح السائل): عن إبن بابویه أنه قال فی أمالیه: حدثنا موسی بن المتوکل، قال حدثنا علی بن إبراهیم عن أبیه ابراهیم بن هاشم عن محمد بن أبی عمیر، قال حدثنی من سمع أبا عبدالله الصادق علیه السلام: یقول: ما أحب الله من عصاه ثم تمثل فقال: (أتعصی الاله و أنت تظهر حبه * هذا محال فی القیاس بدیع * لو کان حبک صادقاً لأطعته * إن المحب لمن یحب مطیع *) ثم قال السید): أقول: و لعل قائلا یقول: هذان البیتان لمحمود الوراق فنقول: إن الصادق علیه السلام تمثل بهما و رواة الحدیث ثقات بالإتفاق و مراسیل ابن أبی عمیر کالمسانید عند أهل الوفاق.
[122] . السورة 17/ الآیة 78.
[123] . الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1

[124] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 1 و 5 و لا یخفی ان ما رواه عبید بن زرارة قد رواه الشیخ بعدة طرق فیها قاسم بن عروة و هو لم یوثق و أما طریق الصدوق إلیه، فهو صحیح، فان الحکم بن مسکین الواقع فیه و إن لم یوثق فی کتب الرجال، إلا أنه واقع فی أسناد کامل الزیارات، فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه.

[125] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 1 و 5 و لا یخفی ان ما رواه عبید بن زرارة قد رواه الشیخ بعدة طرق فیها قاسم بن عروة و هو لم یوثق و أما طریق الصدوق إلیه، فهو صحیح، فان الحکم بن مسکین الواقع فیه و إن لم یوثق فی کتب الرجال، إلا أنه واقع فی أسناد کامل الزیارات، فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه.

[126] . راجع الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت.

(76 - 80)

(76 - 80)

الصلاة یدخل بعد ما صار الفىء مقدار قدم، و قدمین، أو ذراع و ذراعین، أو مقدار قدمین و أربعة أقدام علی اختلاف ألسنتها، و کلها متفق علی عدم دخول الوقت بمجرد الزوال، و فیها أیضاً روایات معتبرة بحسب السند (منها) صحیحة إسماعیل بن عبد الخالق [127] (قال سئلت أبا عبدالله (ع) عن وقت الظهر: فقال: بعد الزوال بقدم، أو نحو ذلک إلا فی یوم الجمعة أو فی السفر، فان وقتها حین تزول) (و منها) موثقة سعید الأعرج [128] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال سألته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک، إلا فی السفر، أو یوم الجمعة، فان وقتها إذا زالت).

فلابد من الجمع بین الطائفتین * الذی یمکن أن یقال فی مقام الجمع: هو أن الطائفة الأولی، و هی ما دلت علی أن وقت الصلاتین یدخل بالزوال، ناظرة إلی وقتهما بالذات، و بحسب الجعل الأولی.

(و أما الطائفة الثانیة) و هی ما إشتملت علی القدم و القدمین و أربعة أقدام و نحو ذلک، فهی ناظرة إلی التحدید بالعرض، و أن التأخیر بذلک المقدار إنما هو لأجل الإتیان بالنافلة، فان نافلة الظهرین قبلهما، فلا بد من أن یکون لها وقت حتی لا تزاحم الفریضة و لا تقع فی وقتها إذ الاتیان بالنافلة فی وقت الفریضة منهی عنه و فیه حزازة و منقصة و إن حملنا النهى علی التنزیه * و الذی یشهد لهذا الجمع روایات (منها) موثقة زرارة (بابن بکیر) عن أبی عبدالله علیه السلام [129] قال: صلی رسول الله صلی الله علیه و آله بالناس الظهر و العصر حین زالت الشمس فی جماعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 76 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من غیر علة، و صلی بهم المغرب و العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غیر علة فی جماعة، و إنما فعل ذلک رسول الله (ص) لیتسع الوقت علی أمته.

(و منها) صحیحة الحارث بن المغیرة، و عمر بن حنظلة، و منصور بن حازم جمیعاً [130] (قالوا کنا نقیس الشمس بالمدینه بالذراع فقال أبو عبدالله علیه السلام ألا أنبئکم بأن أبین من هذا إذا زالت الشمس، فقد دخل وقت الظهر أن بین یدیها سبحة، و ذلک إلیک إن شئت طولت، و إن شئت قصرت. (و منها) صحیحة محمد بن أحمد بن یحیی [131] (قال: کتب بعض أصحابنا إلی أبی الحسن الأول: روی عن آبائک القدم، و القدمین و الأربع، و القامة و القامتین، و ظل مثلک، و الذراع و الذراعین، فکتب علیه السلام: لا القدم و لا القدمین إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین، و بین یدیها سبحته، و هی ثمان رکعات، فان شئت طولت و إن شئت قصرت، ثم صل الظهر، فاذا فرغت کان بین الظهر و العصر سبحة، و هی ثمانی رکعات إن شئت طولت، و إن شئت قصرت، ثم صل العصر) و نحوها أو قریب منها غیرها [132] فهذه الطائفة (کما تری) تشهد شهادة صریحة بان الوقت یدخل بمجرد الزوال، و التأخیر إنما هو لأجل الإتیان بالنافلة فمن أراد الإتیان بالنافلة یأتی بالظهرین بعد القدمین و الأربع مثلا، و من لم یأت بالنافلة یأتی بالظهرین قبل القدمین، و لا باس به أصلا، بل هو راجح، لأنه من المسارعة إلی المغفرة، و الإستباق الی الخیرات ثم لا یخفی أن مقتضی القاعدة کون القدم و ما عطف علیه فی الصحیحة مرفوعاً لأنه نائب فاعل (روی)، فالنصب أو الجر إنما هو لأجل حکایة عین عبارة الإمام (ع) و عدم تغییرها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 77 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و مما یؤکد ما ذکرناه من أن الوقت یدخل بمجرد الزوال و التأخیر إلی القدم أو القدمین أو الذراع أو الذراعین مثلا إنما هو لأجل الإتیان بالنافلة: الروایات الواردة فی یوم الجمعة و فی المسافر و هی کثیرة (منها صحیحة إسماعیل بن عبد الخالق [133] (قال سئلت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر، فقال بعد الزوال بقدم، أو نحو ذلک إلا یوم الجمعة أو فی السفر، فان وقتها حین تزول الشمس). و قریب منها غیرها * و منها أیضاً ما رواه موسی بن بکر عن زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام [134] (قال: صلاة المسافر حین تزول الشمس، لأنه لیس قبلها فی السفر صلاة، و إن شاء أخرها إلی وقت الظهر فی الحضر غیر أن أفضل ذلک أن یصلیها فی أول وقتها حین تزول). و هذه الروایة ضعیفة لأجل موسی بن بکر فانه لم یوثق و حیث أن فی یوم الجمعة تقدم النافلة علی الزوال، و فی السفر تسقط النافلة بیّن الإمام علیه السلام أنَّ وقتها حین تزول الشمس.

بقی الکلام فی وجه إختلاف الروایات المشتملة علی القدم و القدمین و الأربعة و الذراع و الذراعین، فیقال: لماذا إختلفت الروایات فی تحدید الوقت (فنقول): مادل على التحدید بالقدم و القدمین یحمل علی بیان الأفضلیة، فیقال: إن الأفضل أن یأتی بالنافلة إلی قدم، فیصلی الظهر ثم یأتی بنافلة العصر، فیصلی العصر و مادل علی التحدید بالذراع و الذراعین یحمل علی بیان أن نافلة الظهر صحت إلی الذراع و نافلة العصر صحت إلی ذراعین، و هو المراد من القدمین و أربعة، أقدام، فان کل ذراع یساوی قدمین، فینتهی وقت نافلة الظهر ببلوغ الفیء ذراعاً، و ینتهی وقت نافلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 78 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العصر ببلوغه ذراعین کما یدل علی ذلک صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام [135] (قال سئلته عن وقت الظهر، فقال: ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان (ع) من وقت الظهر فذاک أربعة أقدام من زوال الشمس، ثم قال: إن حائط مسجد رسول الله کان قامة (إلی أن قال) فاذا بلغ فیئک ذراعاً من الزوال بدأت بالفریضة و ترکت النافلة، و إذا بلغ فیئک ذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة.) * و هذه الصحیحة (کما تری) کالصریح فی إنتهاء وقت النافلة بالذراع و الذراعین حیث أمر بترک النافلة عند بلوغ الفىء ذلک الحد.

ثم إن الجمع الذی ذکرناه بین الروایات الدالة علی القدم و القدمین و الأربع و الذراع و الذراعین، لیس جمعاً تبرعیاً بل یشهد له موثقة ذریح المحاربی عن أبی عبدالله علیه السلام [136] (قال: سئل أبا عبدالله علیه السلام أناس و أنا حاضر ( إلى أن قال): فقال بعض القوم إنا نصلی الأولی إذا کانت علی قدمین و العصر علی أربعة أقدام، فقال أبو عبدالله علیه السلام: النصف من ذلک احب الی) * فان هذه الموثقة أقوی شاهد علی أن الأفضل أن یأتی بالظهر بعد القدم و بالعصر بعد القدمین، و دونه فی الفضل أن یاتی بالظهر بعد القدمین و بالعصر بعد الأربعة * فتحصل مما ذکرناه أن وقت الظهرین یدخل بمجرد الزوال، ولکن الأفضل أن یاتی المکلف بالنافلة إلی قدم، فیصلی الظهر، ثم یأتی بالنافلة إلی قدمین، فیصلی العصر، و دونه فی الفضل أن یاتی بالنافلة إلی قدمین، فیصلی الظهر ثم یاتی بالنافلة إلی أربعة أقدام، فیصلی العصر هذا هو المستفاد من الجمع بین الروایات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 79 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و لکن هنا روایات مشتملة علی القامة و القامتین و المثل و المثلین فقد یتخیل أن التحدید بالقامة أو المثل ینافی ما ذکرناه، فلابد من التکلم حولها حتی یتضح الأمر فنقول: تلک الروایات علی طائفتین (إحدیهما) ناظرة إلی التحدید بالإضافة إلی آخر الوقت و هی خارجة عن محل کلامنا فعلا و سنتعرض لها إنشاء الله تعالی فیما یاتی * ما (الطائفة الثانیة) هی ناظرة إلى التحدید بالاضافة إلى أوّل الوقت (منها) موثقة زرارة (بابن فضال و ابن بکیر) [137] (قال: سئلت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت صلاة الظهر فی القیظ، فلم یجبنی، فلما أن کان بعد ذلک قال لعمر بن سعید بن هلال: إن زرارة سئلنی عن وقت صلاة الظهر فی القیظ، فلم أخبره فخرجت (فحرجت ص) من ذلک فاقرأه منی السلام، و قل له: إذا (کان ظلک مثلک، فصل الظهر، و إذا کان ظلک مثلیک، فصل العصر) * و هذه الموثقة واضحة الدلالة علی أن وقت الظهر یدخل إذا صار الظل مثل الشاخص و وقت العصر یدخل بعد ما صار مثلیه ـ مع أن الروایات المتقدمة دلت علی أن الوقت یدخل بالزوال، و التأخیر بمقدار القدم أو الذراع أو القدمین او الذراعین إنما یکون لمکان النافلة و لا سیما أن فی صحیحة زرارة المتقدمة هکذا: إذا بلغ فیئک ذراعاً من الزوال بدأت بالفریضة و ترکت النافلة.

(الجواب) إن هذه الموثقة و ما یجری مجریها قد وردت فی أیام الحرفان السئوال فیها عن وقت صلاة الظهر فی القیظ (و هو الحر) فالتحدید بالمثل إنما هو للابراد حیث ان شدة الحر تزول عندئذ ـ و فی روایة اخری قد صرح بالإبراد، و هی ما رواه الصدوق باسناده عن معاویة بن وهب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 80 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[127] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 11 و 17 و هناک روایات کثیرة بهذا المضمون.

[128] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 11 و 17 و هناک روایات کثیرة بهذا المضمون.

[129] . الوسائل ب 7 من أبواب المواقیت ر 6.
[130] . الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 1 و 13.

[131] . الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 1 و 13.

[132] . راجع الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت.
[133] . الوسائل ب 8 من ابواب صلاة الجمعة ر 7 و ب 8 من ابواب المواقیت ر 11.

[134] . الوسائل ب 6 من أبواب المواقیت ر 1.
[135] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 3 و 22.

[136] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 3 و 22.


[137] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 13.

(81 - 85)

(81 - 85)

عن أبی عبدالله علیه السلام [138] انه (قال: کان المؤذن یأتی النبی صلی الله علیه و آله فی الحر فی صلاة الظهر، فیقول له رسول الله: أبرد ابرد) ولکن سندها ضعیف لأجل محمد بن علی ما جیلویه فانه لم یثبت و ثاقته فتکون الروایة مؤیدة لما ذکرنا فعلیه نلتزم بالموثقة فی خصوص موردها و هو الحر، فنقول: الأفضل هو التأخیر فی ایام الحر إلی هذا الحد ـ و کأن ذلک لأجل حضور القلب و التوجه و الإقبال فی الصلاة، فان فی شدة الحر حیث ان الانسان، یتأذی بالحرارة لا یبقی له خضو ع و خشوع و اقبال، بخلاف ما اذا کان الهواء معتدلا، فان حضور القلب هنا ممکن.

نعم فی روایة محمد بن حکیم دلالة علی التحدید بالقامة و القامتین فی الشتاء و الصیف [139] (قال: سمعت العبد الصالح و هو یقول: إن أول وقت الظهر زوال الشمس، و آخر وقتها قامة من الزوال و أول وقت العصر قامة و آخر وقتها قامتان، قلت: فی الشتاء و الصیف سواء قال: نعم) * و هذه الروایة (کما تری) لم یفرق بین الشتاء و الصیف، فلا یجری فیها التوجیه المتقدم ولکن الذی یهون الخطب أن السند فیها ضعیف، لأجل محمد بن حکیم و هو لم یوثق، و أما عبیس، فهو إبن هشام الثقة، فاذاً تطرح،‌ الروایه * و علی تقدیر عدم الطرح، فنحملها علی أن القامة بمعنی الذراع کما ورد فی روایة علی بن حنظلة [140] قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: فی کتاب علی علیه السلام القامة ذراع، و القامتان الذراعان، * و هذا الحمل قد إلتزم به صاحب الحدائق قدس سره ولکنه بعید، فان کون القامة بمعنی الذراع فی کتاب علی علیه السلام لا یستلزم أنها بمعنی الذراع حتی فی کلام الصادق علیه السلام مع أن هذه الروایة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 81 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أیضاً ضعیفة السند لأجل علی بن حنظلة [141] .

بقی فی المقام شیء و هو أنه قد أخذ فی ألسنة الروایات المتقدمة القدم و القدمان و الذراع و الذراعان، و هذا یختلف باختلاف الأجسام طولا و قصراً و صغراً و کبراً، فان الجسم الطویل إذا نصب عمودیاً قد یکون ظله فی أول الزوال أکثر من القدم و القدمین بل من الذراع و الذراعین هذا إذا لم ینعدم الفىء و أما إذا انعدم فالجسم الطویل یصیر فیئه بمقدار القدم فی مدة قلیلة و الجسم القصیر لا یبلغ فیئه هذا المقدار إلا بعد مدة طویلة، فکیف یصح التحدید بالقدم و الذراع؟ * (و الجواب) أن التحدید المذکور ناظر إلی جدار مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله فانه کان بمقدار القامة کما ورد فی عدة روایات [142] و بما أن القامة تکون سبعة أقدام، فالقدم یکون سبعها و القدمان سبعاها و الذراع یکون، سبعیه و الذراعان أربعة اسباعها فعلیه یکون المراد سبع الشاخص و سبعیه و أربعة اسباعه، و هذا لا یختلف باختلاف الأجسام، فان سبع الجسم الطویل طویل و سبع القصیر قصیر و هذا واضح.

ثم لا یخفی أن الظل قد ینعدم فی نصف النهار و قد لا ینعدم فان إنعدم الظل عند إنتصاف النهار یحسب القدم و القدمان بعدما یظهر الفیء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 82 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلی الجانب الشرقی، و إن لم ینعدم الظل عند الانتصاف یحسب القدم و القدمان

أو الذراع و الذراعان بعد إنتهاء النقصان حین الشروع فی الزیادة * ثم إن البلاد التی تکون خارجة عن المیل الأعظم الشمالی کایران و عراق و أفغانستان و باکستان لا ینعدم فیها الظل أصلا فی أی فصل من فصول السنة بل ینقص شیئاً فشیئاً إلی أن ینتهی النقصان عند انتصاف النهار ثم یشرع فی الزیادة * (و أما) البلاد الواقعة فی داخل المیل الأعظم، فالظل فیها ینعدم عند الانتصاف فی بعض فصول السنة لا دائماً، و ذلک یختلف باختلاف الفصول و الأمکنة و التفصیل موکول إلی محله * و بالجملة یعتبر القدم و الذراع من حین الحدوث بعد الانعدام أو من حین الزیادة بعد النقصان و هذا واضح لا سترة فیه فتحصل من جمیع ما ذکرناه إلی حد الآن أن الوقت یدخل بمجرد الزوال و التأخیر الی القدم و القدمین أو الذراع و الذراعین إنما یکون لأجل النافلة هذا تمام کلامنا بالاضافة إلی أول وقت الظهرین.

و أما آخر وقتهما فلا إشکال و لا خلاف فی الجملة فی أنه الغروب، کما لا إشکال و لا خلاف فی الجملة فی أن الأفضل إتیان الصلاتین فی أول الوقت، إنما الخلاف و الاشکال فی أن وقتهما هل یمتد للمختار إلی الغروب أم لا؟ المشهور بینهم أن الوقت یمتد إلی الغروب حتی للمختار و إن کان الأفضل هو الاتیان إلی القدمین او أربعة اقدام * ولکن جماعة منهم صاحب الحدائق قدس سره ذهبوا إلی ان الوقت للمختار إلی قدمین و اربعة اقدام، فلا یجوز له التأخیر عن ذلک و أما المضطر فیمتد الوقت له إلی الغروب.

و یدل علی القول المشهور الکتاب و السنة، (أما الکتاب) فما تقدم من قوله تعالی [143] (أقم الصلاة لدلوک الشمس الی غسق اللیل)، فانه یدل علی ان وقت الصلاة من زوال الشمس إلی نصف اللیل، و معلوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 83 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ان بین هذین الوقتین اربع صلوات، و ظاهر الآیة المبارکة ان بین الحدین کله وقت للصلاة، و هو لا یتم إلا ان یکون وقت الظهرین ممتداً إلی الغروب و إلا فلا یکون مجموع بین الحدین وقتاً للصلاة * (نعم) قد قام الدلیل الخارجی علی أن الظهرین لا یجوز تأخیرهما إلی ما بعد الغروب، و العشائین لا یجوز تقدیمهما علی الغروب، فنلتزم بذلک، و أما تحدید وقت الظهرین بوقت مقدم علی الغروب فلم یثبت، فاذاً نأخذ بظاهر الآیة المبارکة ـ (و یؤیده) ذیل الآیة المبارکة (و قرءآن الفجر إن قرءآن الفجر کان مشهودا). ، فان ذکر صلاة الفجر بانفرادها کاشف عن أن صدر الآیة فی مقام بیان وقت الصلوات الأربع و أن وقتها من الدلوک إلی الغسق، و أما الصلاة الخامسة و هی الصبح، فوقتها هو الفجر و هو المراد من قرآن الفجر، و حیث أن وقتها کان خارجاً من وقت الصلوات الأربع افردها بالذکر.

و أما السنة فهی روایات کثیرة نکتفی بایراد بعضها (منها) صحیحة الحلبی [144] (قال: سئلته عن رجل نسی الأولی و العصر جمیعاً ثم ذکر ذلک عند غروب الشمس فقال: إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحدیهما فلیصل الظهر ثم یصل العصر، و إن هو خاف أن تفوته فلیبدء بالعصر و لا یؤخرها فتفوته، فیکون قد فاتتاه جمیعاً، ولکن یصلی العصر فیما قد بقی من وقتها ثم لیصلی الأولی بعد ذلک علی إثرها * ، فان قوله (ع): (إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحدیهما، فلیصل الظهر ثم یصل العصر) کالصریح فی أنه إذا بقی بالغروب مقدار الاتیان بالصلاتین، فیأتی بهما لم تفته الظهر و لا العصر، بل تکونان أداء و هذا هو المسلک المشهور.

و منها ما رواه الصدوق باسناده عن عبید بن زاررة [145] (قال: سئلت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر و العصر، فقال: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه قبل هذه ثم أنت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 84 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی وقت منهما جمیعاً حتی تغیب الشمس) و هذه الروایة صحیحة سنداً و واضحة الدلالة بل صریحة الدلالة علی المسلک المشهور * و لا یخفی أن الشیخ أیضاً روی هذه الروایة عن عبید بن زرارة ولکن فی سنده إلیه وقع قاسم بن عروة و هو لم یوثق نعم ورد توثیقه فی المسائل الصاغانیة المنسوبة إلی المفید قدس سره و لکنها لم تثبت أنها للمفید قدس سره و إن کان للمفید أیضاً کتاب مسمی بالمسائل الصاغانیة ولکن إتحادهما غیر ثابت. (و أما) طریق الصدوق إلیه و إن وقع فیه الحکم بن مسکین، و هو محل کلام، بل لم یوثق فی کتب الرجال إلا أنه، موجود فی أسناد کامل الزیارات، فیکون ثقة لأجل توثیق إبن قولویه لرواته.

و أما القول الآخر و هو الذی إختاره جماعة من الأصحاب منهم صاحب الحدائق قدس سره کما عرفت من أن الوقت الأول للمختار و الثانی للمضطر فقد استدلوا علیه بروایات (منها) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [146] (قال: سمعته یقول: لکل صلاة وقتان و أول الوقت أفضله و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا فی عذر من غیر علة * (تقریب الاستدلال) أن قوله ع (و لیس لأحد الخ) کالصریح فی عدم جواز التأخیر إلی الوقت الثانی من غیر علة، بل یجوز ذلک لعذر * (و فیه) أن الروایة و إن کانت صحیحة السند ألا أن المراد لیس کما ذکر فان أول الوقت الأول لیس بأفضل یقیناً، بل الأفضل هو التأخیر لأجل النافلة کما عرفت، فالظاهر أن أول الوقت أفضله غلط من الناسخ و ما یقتضیه سیاق الکلام هو أن الصادر عن الامام علیه السلام هکذا أول الوقتین أفضلهما کما یشهد بذلک صحیحته الأخری عن أبی عبدالله علیه السلام فی حدیث [147] (قال: لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما، و لا ینبغی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 85 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[138] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 5.

[139] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 29 و 26.

[140] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 29 و 26.
[141] . هذا ما بنی علیه سیدنا الأستاذ دام بقائه هنا ولکنه دام ظله فی مبحث القرائة عدل عن هذا و بنی علی أن علی بن حنظلة ثقة، لأن محمد بن الحسن الصفار أورد روایة صحیحة فی بصائر الدرجات عن أبی الحسن علیه السلام أنه (ع) خاطب علی بن حنظلة بأنک رجل ورع و هذا الکلام منه (ع) یکون فوق التوثیق، لأن الورع یطلق علی من یتحرز عن جمیع المعاصی، فعلیه تکون الروایة موثقة (بالحسن بن محمد بن سماعة). فلا مناص من الحمل المذکور.

[142] . راجع الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت.
[143] . السورة 17/ الآیة 78.
[144] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 18 و 5.

[145]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 18 و 5.
[146]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 13 و 4.

[147] . الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 13 و 4.

(86 - 90)

(86 - 90)

تاخیر ذلک عمداً ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سها أو نام و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو علة) * فان هذه الصحیحة ظاهرة فی أن الوقت الأول هو الأفضل و الوقت الثانی هو المفضول، و قوله (ع): أفضلهما، قرینة علی حمل قوله (ع): (لاینبغی) علی المرجوحیة و حمل قوله (ع): (و لیس لأحد)، علی نفی الحسن لانفی الجواز لأن غیر الأفضل جائز یقیناً. هذا بناء على أن عبدالله بن سنان رواها مرة واحدة و إختلاف المتن یکون لأجل إختلاف النسخة و یحتمل أنه رواها مرتین علی نحوین فعلیه أیضاً یکون المراد منهما هو ما ذکرنا من أن الوقت الأول هو الأفضل و الثانی هو المفضول، لما عرفت من أن الأفضل هو الوقت الأول، لا أول الوقت فان أول الوقت هو وقت النافلة، (نعم) من لم یرد الاتیان بالنافلة أو کانت ساقطة عنه کالمسافر أو أتی بها قبل الزوال کما فی یوم الجمعة یکون الأفضل بالاضافة إلیه هو أول الوقت.

ثم إنه قد یقال: إن المراد من قوله (ع) (و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً هو أن یتخذه وقتاً للصلاة دائماً، فالمعنی أنه لا یجوز لأحد أن یتخذ آخر الوقتین لصلاته دائماً تشریعاً لأنه إعراض عن سنة رسول الله صلی الله علیه و آله و هو حرام * و هذا التوجیه و إن کان بعیداً عن ظاهر الصحیحة إلا أنه موهن فی الجملة للاستدلال بها علی هذا القول * (و منها) ما رواه الصدوق مرسلا [148] (قال: قال الصادق علیه السلام: أول الوقت رضوان الله و آخره عفو الله و العفو لا یکون إلا عن ذنب) و فیه (أولا) أنها مرسلة، فلا یعتمد علیها (و ثانیاً) أنه من المظنون قویاً أن یکون جملة (و العفو لا یکون إلا عن ذنب) من إجتهاد الصدوق لاجزءً للروایة * و یؤیده أن هذه الروایة مذکورة فی الفقه الرضوی و لیس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 86 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فیها هذه الجملة * فالمراد منها أن الصلاة فی أول الوقت توجب رضوان الله و هو الغایة القصوی للعباد و أهمیتها معلومة واضحة و فی آخر الوقت توجب عفو الله، لذنوبه و مرتبة العفو لیست فی مرتبة الرضوان، فالمرسلة تدل علی أفضلیة أول الوقت علی آخره.

و منها ما رواه ربعی عن أبی عبدالله علیه السلام [149] (قال: إنما لنقدم و نؤخر و لیس کما یقال: من أخطأ وقت الصلاة فقد هلک و إنما الرخصة للناسی و المریض و المدنف و المسافر و النائم فی تأخیرها * فان قوله: (من أخطأ وقت الصلاه فقد هلک) کالصریح فی أن الوقت الأول للمختار و الثانی للمضطر * و فیه (أولا) أنها ضعیفة السند، فان إسماعیل بن سهل فی سندها، و النجاشی قال: قد ضعف أصحابنا إسماعیل بن سهل * (و ثانیا)

أن الدلالة غیر تامة، بل تدل علی العکس و هو القول المشهور، فان قوله: إنا لنقدم و نؤخر صریح فی جواز التأخیر إختیاراً، و جملة: (من أخطأ الی آخر الروایة) تکون مقولة قوله: (لیس کما یقال)، فالمعنی لیس کما یقال: (إن الرخصة للخمسة المذکورة فی الروایة و أن من أخطأ وقت الصلاة فقد هلک) بل الرخصة عامة لجمیع العباد، فلهم تأخیر الصلاة إختیاراً.

و منها صحیحة أخرى لعبد الله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [150] (قال: لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما، و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر ألى أن یتجللالصبح السماء، و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً، ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سهی أو نام و وقت المغرب حین تجب الشمس إلی أن تشتبک النجوم، و لیس لأحد أن یجعل آخر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 87 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقتین وقتا إلا من عذر أو من علة) * (و الجواب) عن هذه الصحیحة قد ظهر مما تقدم فان قوله: (أفضلهما) قرینة علی أن المراد من قوله: (لا ینبغی) الکراهة، اذ الظاهر من الأفضلیة أن التاخیر جائز إلی آخر ما عرفت * .

(و منها) ما رواه الشیخ باسناده عن إبراهیم الکرخی [151] (قال سئلت أبا الحسن موسی علیه السلام متی یدخل وقت الظهر قال: إذا زالت الشمس، فقلت: و متی یخرج وقتها فقال: من بعد ما یمضی من زوالها أربعة أقدام إن وقت الظهر ضیق لیس کغیره قلت: فمتی یدخل وقت العصر، فقال: إن آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر، فقلت فمتی یخرج وقت العصر فقال: وقت العصر إلی أن تغرب الشمس و ذلک من علة و هو تضییع، فقلت له لو أن رجلا صلی الظهر بعدما یمضی من زوال الشمس أربعة أقدام أکان عندک غیر مؤد لها؟ فقال: إن کان تعمد ذلک لیخالف السنة و الوقت لم یقبل منه کما لو أن رجلا أخر العصر إلی قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غیر علة لم یقبل منه إن رسول الله صلی الله علیه و آله قد وقت للصلاة المفروضات أوقاتا وحد لها حدوداً فی سنته للناس، فمن رغب عن سنته من سنة الموجبات کان مثل من رغب عن فرائض الله) * (تقریب الاستدلال) أن عدة فقرات منها (کما تری) تدل علی أن المختار لا یجوز له التاخیر و الاتیان بالصلاة فی آخر الوقت نعم یجوز ذلک للمضطر و لمن به علة

و فیه (أولا) أن الروایة ضعیفة السند لأجل إبراهیم الکرخی، فانه لم یوثق فلا یعتمد علیها و إن کان غیره ممن فی السند ثقاة (و ثانیا) أن الدلالة أیضاً غیر تامة، فان المستفاد منها بملاحظة الصدر و الذیل هو الاعراض عن السنة لا مجرد التأخیر و لا سیما قوله: (إن کان تعمد ذلک لیخالف السنة و الوقت لم یقبل منه). فانه واضح الدلالة علی أن المراد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 88 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو تعمد التأخیر لأجل مخالفة السنة.

و منها صحیحة‌داوود بن فرقد [152] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: قوله تعالی: (إن الصلاة کانت علی المؤمنین کتاباً موقوتا) قال: کتاباً ثابتاً و لیس إن عجلت قلیلا أو أخرت قلیلا بالذی یضرک ما لم تضیع تلک الاضاعة، فان الله عز وجل یقول لقوم: (أضاعوا الصلوات، و اتبعوا الشهوات، فسوف یلقون غیاً) * (تقریب الاستدلال) * أن الاضاعة تلک الاضاعة هی التأخیر عن وقت الفضیلة بلا عذر * (و فیه) أنه تأویل بعید عن ظاهر الروایة بحسب الفهم العرفی، فان المراد من الاضاعة إما ترک الصلاة رأسا، و إما تأخیرها عمداً إلی آخر الوقت تهاوناً بها فانه أیضاً، رغبة عن السنة، و من المعاصی و أما تاخیرها عن القدمین و أربعة أقدام فلا یعد إضاعة عند العرف.

و منها موثقة أبی بصیر [153] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: إن الموتور أهله و ماله من ضیع صلاة العصر، قلت: و ما الموتور قال لا یکون له أهل و لا مال فی الجنة، قلت: و ما تضییعها، قال یدعها حتی تصفر (او) و تغیب). [154] (تقریب الاستدلال) واضح، فان تأخیر العصر إلی إصفرار الشمس عد تضییعاً و هو یوجب أن لا یکون له اهل و مال فی الجنة * قلت: هذه الموثقة ذیلها فی الوسائل (حتی تصفر و تغیب) و فی الحدائق و غیره (حتی تصفر او تغیب) و الظاهر صحة ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 89 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی الوسائل لأن عطف الغیبوبة علی الاصفرار بکلمة (او) لا معنی له فی المقام [155] فالمراد من الاصفرار علی ما فی الوسائل هو معناه، و عطف الغیبوبة علیه لأجل الاهتمام بشأن الصلاة، فکأن الاصفرار و الغیبوبة أمر واحد، و تأخیرها إلیه تضییع لها.

(و الجواب) أن هذه الموثقة علی العکس أدل، فانه (ع) لم یقل إنه عاص بل قال: لیس له أهل و مال فی الجنه، و هو لا یکون إلا منقصة فان من یدخل الجنة فهو من السعداء و إن لم یکن له فیها أهل و مال ففی التاخیر فوات الفضل (و منها) ما فی کتاب الفقه الرضوی (إعلم ان لکل صلاة وقتین اول و آخر فاول الوقت رضوان الله و آخره عفو الله الخ) [156] و حیث انه لاحجیة فی الفقه الرضوی کما مر غیر مرة، فلا حاجة إلی تعرض ما فیه و نقله * (و منها) صحیحة ابان بن تغلب عن الصادق علیه السلام [157] (قال: کنت صلیت خلف ابی عبدالله علیه السلام بالمزدلفة، فلما إنصرف إلتفت إلی فقال: یا ابان: الصلوات الخمس المفروضات من اقام حدودهن و حافظ علی مواقیتهن لقی الله یوم القیامة، و له عنده عهد یدخله به الجنة، و من لم یقم حدودهن و لم یحافظ علی مواقیتهن، لقی الله و لا عهد له إن شاء الله عذبه و إن شاء غفر له. و هذه الصحیحة رویت بثلاثة طرق کلها صحیح [158] ولکن الاستدلال بها لایتم لأنها لا إشعار لها بما إدعوه فضلا عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 90 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[148] . الوسائل ب 3 من ابواب المواقیت ر 16.
[149] . الوسائل ب 7 من ابواب المواقیت ر 7.

[150] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 5.
[151] . الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 32.
[152] . الوسائل ب 7 من ابواب اعداد الفرائض ر 4.

[153] . الوسائل ب 9 من أبواب المواقیت ر 1.

[154] . لا یخفی أن حسین بن هاشم الواقع فی السند هو الحسین بن أبی سعید هاشم بن حیان المکاری أبو عبدالله قال النجاشی: و کان الحسین ثقة فی حدیثه ذکره أبو عمر الکشی فی جملة الواقفة فعلیه تکون الروایة موثقة.


[155] . لایخفی ان الموجود فی التهذیب المطبوع حدیثاً ج 2 ص 257 موافق للوسائل، و اما فی الحدائق فقد رواها عن التهذیب بالعطف بکلمة (او).

[156] . المستدرک ص 186 ـ الفقه الرضوی ص 2.

[157] . الوسائل ب 1 من ابواب المواقیت ر 1.

[158] . الأولال ما رواه الکلینی (بسند صحیح) عن ابان بن تعلب (الثانی) ما رواه (بطریق صحیح) عن عبد الرحمان بن الحجاج (الثالث) ما رواه الصدوق (فی ثواب الأعمال) (بطریق صحیح) عن ابن ابی عمیر.

(91 - 95)

(91 - 95)

الدلالة، فالاستدلال بها علیه غریب!.

و منها موثقة معاویة بن وهب عن ابی عبدالله علیه السلام [159] (قال: أتى جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة فاتاه حین زالت الشمس، فامره فصلی الظهر ثم أتاه حتی زاد الظل قامة فامره فصلی العصر ثم أتاه حین غربت الشمس، فامره فصلی المغرب ثم أتاه حین سقط الشفق فامره فصلی العشاء ثم أتاه حین طلع الفجر، فامره فصلی الصبح ثم أتاه من الغد حین زاد فی الظل قامة، فامره فصلی الظهر ثم أتاه حین زاد فی الظل قامتان، فامره فصلی العصر ثم أتاه حین غربت الشمس، فامره فصلی المغرب ثم أتاه حین ذهب ثلث اللیل، فصلی العشاء ثم أتاه حین نور الصبح فامره فصلی الصبح ثم قال: ما بینهما وقت) * (تقریب الاستدلال) دعوی ظهور هذه الروایة فی أن تلک الأوقات التی أتی بها جبرئیل فی أول الأمر قد جعلت لجمیع المکلفین ثم حصلت الرخصة لذوی الأعذار و الإضطرار بالتأخیر الی الوقت الثانی.

و فیه أن نفس هذه الموثقة تدل علی جواز إتیان العصر قبل القامتین و بعدهما و جواز إتیان الظهر قبل القامة و بعدها و الروایات المتقدمة دلت علی جواز إتیانهما فی أول الوقت بل علی أفضلیته، فتکون الموثقة مسوقة لبیان أن التقدیم أفضل و إن کان التأخیر عن القامتین أیضاً جائزاً ـ علی أن الذراع و الذراعین قد فسرتا بالقامة و القامتین کما فی موثقة علی بن حنظلة [160] ، فعلیه یکون مفادها مفاد الروایات المتقدمة المشتملة علی الذراع و الذراعین و کیف ما کان لا دلالة لها علی القول المذکور * (و منها)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 91 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحیحة عبید الله الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام [161] قال: إذا صلیت فی السفر شیئاً من الصلوات فی غیر وقتها، فلا یضرک) ـ تقریب الاستدلال) أن المراد بغیر وقتها غیر وقت الفضیلة عند المشهور، فبالمفهوم یدل علی أنه لا یجوز فی غیر السفر.

و فیه (أولا) أن المراد بشیء من الصلوات النافلة فان إتیانها فی غیر الوقت لا یجوز إلا للسافر أو غیره من ذوی الأعذار کما سیجیء إنشاء الله و الشیء نکرة فی سیاق الإثبات، فلا یفید العموم، فلا تدل الروایة علی ما إدعاه صاحب الحدائق قدس سره، (و ثانیاً) أن الشرطیة لا مفهوم لها، فان مفهومها السلب بانتفاء الموضوع و هو أن یقال: إذا لم تصل فی السفر شیئاً من الصلوات فی غیر وقتها فیضرک و هذا لا معنی له (نعم) بناء علی اعتبار مفهوم الوصف ـ حذراً عن اللغویة ـ یدل المفهوم علی غایة، المر جوحیة إذا أتى بشیء من الصلوات ـ الفرائض ـ و من الوقت ـ هو وقت الفضیلة ـ تدل الموثقة علی غایة مرجوحیة الإتیان بالصلاة فی غیر الوقت الأول ـ و هو وقت الفضیلة ـ فی غیر السفر.

و منها موثقة أبی بصیر [162] (قال سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: کل سهو فی الصلاة یطرح فیها غیر أن الله یتم بالنوافل إن أول ما یحسب به العبد الصلاة، فان قبلت قبل ما سواها إن الصلاة إذا إرتفعت فی وقتها رجعت إلی صاحبها و هی بیضاء مشرقة تقول حفظتنی حفظک الله، و إذا إرتفعت فی غیر وقتها بغیر حدودها رجعت إلی صاحبها و هی سوداء مظلمة تقول: ضیعتنی ضیعک الله) * (قلت) هذه الموثقة علی النحو الذی حررناها و أوردناها موافقة للحدائق و التهذیب و هی غیر مشتملة علی کلمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 92 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(أول وقتها) ولکنها فی الوسائل و الکافی مشتملة علی کلمة (أول وقتها) و حیث أن الکافی أضبط یقدم علی الحدائق و التهذیب، فعلیه لا دلالة لها علی ما ذکره صاحب الحدائق قدس سره، فان إتیان الصلاة فی أول الوقت لا یجب حتی عنده قدس سره و لم یفت به غیره أیضاً من أصحابنا * (و لو تنزلنا) عن هذا و سلمنا نسخة الحدائق و التهذیب و قلنا: إن المراد هو الوقت الأول فأیضاً لا دلالة لها علی ما إدعاه صاحب الحدائق قدس سره و ذلک لأن المذکور فی الروایة هکذا (و إذا إرتفعت فی غیر وقتها بغیر حدودها) فان الظاهر أن ترک الحدود یوجب البطلان لا أن التأخیر عن الوقت الأول یوجبه * و علی الجملة لا یتم الإستدلال المذکور و إن سلمنا أن المراد من الوقت هو الوقت الأول.

و منها ما رواه الصدوق فی المجالس عن أبی عبدالله علیه السلام [163] (قال من صلی الصلوات المفروضات فی أول وقتها، و أقام حدودها رفعها الملک إلی السماء بیضاء نقیة و هی تهتف به تقول: حفظک الله کما حفظتنی و إستودعک الله إستودعتنی ملکاً کریماً، و من صلاها بعد وقتها من غیر علة، و لم یقم حدودها رفعها الملک سوداء مظلمة و هی تهتف به ضیعتنی ضیعک الله کما ضیعتنی، ولا رعاک الله کما لم ترعنی الحدیث). و هذه الروایة (کما تری) متحدة المضمون مع موثقة أبی بصیر المتقدمة و متنها مخالف لها یسیراً، فیرد علیها ما أوردناه علی الموثقة * (علی) أنها ضعیفة السند لأجل الحسین بن إبراهیم بن ناتانة و هو لم یوثق و إن کان أستاذاً للصدوق قدس سره، وقد تقدم غیر مرة أن مجرد کون الشخص أستاذاً له لا یوجب وثاقته، فان من مشایخ الصدوق الضبی و هو ناصبی کما تقدم و العجب من صاحب الحدائق قدس سره کیف عبر عنها بالموثقة مع أنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 93 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من أهل هذا الفن !؟.

و منها ما رواه الحسن بن محمد الطوسی فی المجالس باسناده عن أبی اسحاق الهمدانی عن أمیر المؤمنین علیه السلام [164] (قال: لمّا ولّى أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام محمد بن أبی بکر مصر و أعمالها کتب له کتاباً (إلی أن قال) ثم إرتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها و لا تعجل بها قبله لفراغ و لا تؤخرها عنه لشغل، فان رجلا سئل رسول الله عن أوقات الصلاة، فقال: أتانی جبرئیل فأرانی وقت الظهر (الصلاة) حین زالت الشمس، فکانت علی حاجبه الأیمن ثم أرانی وقت العصر و کان ظل کل شیء مثله ثم صلی المغرب (إلی أن قال): فصل لهذه الأوقات و ألزم السنة المعروفة و الطریق الواضح الحدیث) و رویت هذه الروایة فی نهج البلاغة أیضاً: (تقریب الاستدلال) أنها تدل علی أن الظهر لابد أن یؤتی بها فی أول الزوال و العصر لابد أن یؤتی بها إذا صار ظل کل شیء مثله فالتأخیر لا یجوز فی حال الاختیار.

(و فیه أولا) أنها ضعیفة السند فان سندها ذکر فی الوسائل فی ب 15 من أبواب الوضوء ـ الروایة 19 ـ و فیه عدة من المجاهل * ( و ثانیاً) أنها ضعیفة الدلالة أیضاً بل لا دلالة لها علی ما إدعاه صاحب الحدائق قدس سره، فانها تدل علی أن إتیان الصلاة فی هذه الأوقات أفضل و لا تدل علی أنه واجب لازم * (و ثالثاً) أنها مشتملة علی ما لم یلتزم به صاحب الحدائق و لا غیره و هو إتیان صلاة العصر حین صیرورة الظل مثل الشاخص، و قد إتفقوا علی جواز الاتیان بها قبلها و تدل علیه الروایات الکثیرة.

بقی فی المقام روایتان ربما یتخیل أنهما تدلان علی ما إختاره صاحب الحدائق قدس سره (إحدیهما) ما رواه الکلینی (بسند صحیح) عن معمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 94 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بن عمر (یحیى خ ل) [165] (قال: سئلت أبا جعفر علیه السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلی الأولى؟ قال: لا إنما تصلی الصلاة التی تطهر عندها) * (الثانیة) موثقة الفضل بن یونس [166] (قال سئلت أبا الحسن الأول علیه السلام: قلت: المرئة تری الطهر قبل غروب الشمس کیف تصنع بالصلاة؟ قال: إذا رأت الطهر بعدما یمضی من زوال الشمس أربعة أقدام، فلا تصلی إلا العصر لأن وقت الظهر دخل علیها و هی فی الدم و خرج عنها الوقت و هی فی الدم، فلم یجب علیها أن تصلی الظهر، و ما طرح الله عنها من الصلاة و هی فی الدم أکثر الحدیث).

و لکنهما متروکتان و لم یعمل بهما الأصحاب و معارضتان بالروایات الکثیرة الدالة علی امتداد وقتهما الی الغروب (منها) الصحیحتان المتقدمان [167] للحلبی و لعبید بن زرارة (و منها) ما ورد فی خصوص المقام و هو عدة‌روایات دلت علی أن الحائض إن طهرت قبل الغروب صلت الظهر و العصر (منها) روایة عبدالله بن سنان [168] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: إذا طهرت المرئة قبل غروب الشمس، فلتصل الظهر و العصر، و إن طهرت من آخر اللیل فلتصل المغرب و العشاء) و نحوها غیرها [169] ولکن هذه الروایات الواردة‌فی خصوص المقام کلها رواها الشیخ باسناده عن علی بن الحسن بن فضال و طریقه إلیه ضعیف لأجل أحمد بن عبدون، و علی بن محمد بن الزبیر، حیث أنهما لم یوثقا، فهذه الروایات مؤیدة للروایات الداله علی إمتداد الوقت إلی الغروب * و على الجملة لا مجال للاعتماد علی الروایتین لمعارضتهما للروایات الکثیرة ‌الدالة علی إمتداد وقتهما الی الغروب علی أنه لا عامل بهما من الأصحاب فلا بد من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 95 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[159] . الوسائل ب 10 من ابواب المواقیت ر 5.

[160] . المرویة فی الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 26.
[161] . الوسائل ب 13 من ابواب المواقیت ر 9.

[162] . الوسائل ب 1 من ابواب الموقیت ر 2 .
[163] . الوسائل ب 3 من ابواب المواقیت ر 17.

[164] . الوسائل ب 10 من أبواب الموقیت ر 12.



[165] . الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 2 و 3 و 10 .

[166] . الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 2 و 3 و 10 .

[167] . ص 84 .

[168] . الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 2 و 3 و 10 .

[169] . راجع الوسائل ب 49 من أبواب الحیض.

(96 - 100)

(96 - 100)

و یختص الظهر بأوله مقدار أدائها(1) بحسب حاله و یختص العصر بآخره کذلک.

 

حملهما علی التقیة لموافقتهما لمذهب العامة حیث إنهم لا یقولون بامتداد وقت الظهر الی الغروب هذا مضافاً الی أن الروایتین وردتا فی مقام بیان وظیفة المضطر، و صاحب الحدائق یلتزم بجواز إتیان المضطر لکلتا الصلاتین فی العصر فهو أیضاً لم یعمل بهما فی موردهما * فقد تحصل من جمیع ما ذکرناه أنه لا وجه لما ذهب إلیه الجماعة و صاحب الحدائق من أن الوقتین للمختار و المضطر، بل مقتضی الاخبار الواردة فی المقام هو أن الوقتین للفضیلة و الاجزاء، فالصحیح هو ما ذهب إلیه المشهور.

(1) هذه المسئلة محل کلام بین الاعلام و قد إتفقوا علی بطلان العصر قبل الظهر عمداً بلا فرق بین إتیانها فی أول الوقت أو فی أثنائه، و وجهه واضح، فان مقتضی مادل علی إعتبار الترتیب بین الظهر و العصر هو البطلان لو أخل به عمداً و کذا لو دخل فی العصر قبل الظهر سهواً و إلتفت فی الاثناء أنه لم یأت بالظهر فلو لم یعدل إلی الظهر یحکم ببطلانها، و أما لو عدل إلیها فیحکم بالصحة للروایات الدالة علی ذلک و هو مما لا إشکال فیه * (إنما الکلام) و الاشکال فیما هو المشهور بینهم من أن معنی الاختصاص هو بطلان العصر فی الوقت المختص بالظهر و إن وقعت سهواً، و کذا العکس، و هذا مما لا دلیل علیه أصلا، فان المستفاد من الروایات الکثیرة هو أن زوال الشمس یوجب دخول وقت کلتا الصلاتین إلی أن تغرب الشمس فالوقت بین الحدین مشترک بین الصلاتین إلا أن الترتیب معتبر بینهما

و قد استدل للقول بالاختصاص بروایتین (إحدیهما) ما رواه داوود بن فرقد ـ عن بعض أصحابنا عن أبی عبدالله علیه السلام [170] (قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 96 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات، فاذا مضی ذلک، فقد دخل وقت الظهر و العصر حتی یبقی من الشمس مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات، فاذا بقی مقدار ذلک، فقد خرج وقت الظهر، و بقی وقت العصر حتی تغیب الشمس) * (تقریب الإستدلال) واضح، فان هذه الروایة کالصریح فیما ذهب إلیه المشهور * (و فیه) أن الروایة مرسلة لا یعتمد علیها ودعوى: الإنجبار بعمل المشهور قد تقدم الکلام فیها صغری و کبری غیر مرة، فلا عبرة بها أصلا

و لکن شیخنا الأنصاری قدس سره قد التزم بحجیة هذه المرسلة لوجه آخر و إلیک نص عبارته فی کتاب صلاته قال فی أول صفحة منه (: و هذه الروایة و إن کانت مرسلة إلا أن سندها الی الحسن بن فضال صحیح و بنو فضال ممن أمر بالأخذ بکتبهم و روایاتهم) * و هذا الکلام منه قدس سره عجیب! فان معنی العمل بروایاتهم علی تقدیر صحة مادل علی ذلک ـ : أن إنحرافهم لا یوجب طرح روایاتهم، لوثاقتهم، لا أن کل ما رووه و إن کان مرسلا یؤخذ به، فان مرسلات زرارة و محمد بن مسلم و أمثالهما من الأجلاء لا تقبل فکیف تقبل من الغیر الذی دونهم هذا اولا * (و ثانیاً) أن الروایة الدالة علی ذلک ضعیفة، و هی ما ورد من أن حسین بن روح سئل عن کتاب شلمغانی، فأجاب یأتی أقول فیه: ما (قال العسکری علیه السلام فی بنی فضال: خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا) فان الشیخ رواها فی کتاب الغیبة [171] عن أبی حسین بن تمام و عبدالله الکوفی خادم حسین بن روح و کلاهما لم یوثقا فاذاً تکون حال روایات بنی فضال حال غیرها ـ فان کان الطریق معتبراً و کان من قبلهم و من بعدهم من الثقاة تقبل و إلا فلا ـ فعلیه لا مجال للعمل بروایة داود بن فرقد لارسالها، و إن کانت مطابقة لفتوی المشهور ـ نعم نسب إلی الصدوق قدس سره القول بعدم الاختصاص، فذهب إلی أن جمیع الوقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 97 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشترک بین الصلاتین إلا أن الترتیب معتبر بینهما.

ثم إن صاحب المدارک قدس سره قد إستدل علی أن أول الوقت مختص بصلاة الظهر بأنه لا معنی لوقت الفریضة إلا ما جاز إیقاعها فیه و لو علی بعض الوجوه، و لا ریب فی أن إیقاع العصر عند الزوال علی سبیل العمد ممتنع، و کذا مع النسیان علی الأظهر، لعدم الاتیان بالمأمور به علی وجهه، و إنتفاء ما یدل علی الصحة مع المخالفة، و إذا إمتنع وقوع العصر عند الزوال مطلقاً إنتفی کون ذلک وفتاً لها * (و فیه أولا) أن الدلیل علی الصحة موجود فی فرض النسیان و هو صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام [172] (أنه قال: لا تعاد الصلاة إلا من خمسة الطهور و الوقت و القبلة و الرکوع السجود) فلو صلی المکلف العصر قبل الظهر سهواً أو نسیاناً صحت لأنه لم یفته الا الترتیب و هو لیس من الخمسة المستثناة (و ثانیاً) أنه یمکن أن تقع العصر صحیحة فی أول الزوال عمداً و هو الوقت المختص بالظهر عندهم، و ذلک کما إذا صلی الظهر قبل الزوال معتقداً لتحققه أو معتمداً علی أمارة معتبرة کاذان العارف بالوقت مثلاً ثم إنکشف أن الزوال قد تحقق عند التشهد الأخیر، فسلم الظهر، فشرع فی العصر فان العصر قد وقعت فی الوقت المختص بالظهر و مع ذلک یحکم بصحة کلتا الصلاتین فلو قلنا بالاختصاص لابد من الصبر حتی یمضی من الوقت مقدار أربع رکعات.

و مما ذکرنا ظهر فساد قول العلامة قدس سره، و ملخصه أن القول باشتراک الوقت حین الزوال بین الصلاتین مستلزم لأحد الباطلین (أحدهما) التکلیف بما لا یطاق (و الثانی خرق الاجماع) بیان الاستلزام أن التکلیف حین الزوال إما أن یتعلق بالعبادتین معا أو باحدیهما لا بعینها أو بواحدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 98 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معینة، و الثالث خلاف فرض الاشتراک (علی) أن المعینة إن کانت هی الظهر ثبت المطوب، و إن کانت هی العصر لزم خرق الاجماع ـ (و علی الاحتمال الأول) یلزم التکلیف بما لا یطاق، فان المکلف فی آن واحد لا یمکن له الاتیان بالصلاتین معاً (و علی الاحتمال الثانی) یلزم خرق الاجماع أیضاً إذ لا خلاف بین المسلمین فی أن الظهر مرادة بعینها حین الزوال لا أنها أحد فردی الواجب، و الفرد الآخر العصر حتی یجوز الشروع بکل منهما (توضیح الفساد) أنک قد عرفت أنه فی الفرضین المتقدمین یحکم بصحة العصر، فلم یلزم التکلیف بما لا یطاق و لا خرق الاجماع، فاذاً لا یمکن تتمیم وقت الاختصاص بدلیل.

ثم إنه لو تنزلنا عما ذکرنا و سلمنا سند روایة داود بن فرقد فنقول: إن دلالتها محل مناقشة و إشکال (بیان ذلک): أن المراد من جملة: حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات (إما هو الوقت الفعلی) الذی یقع الظهر فیه فی الخارج طبعاً فان المکلف یأتی بالظهر أولا ثم یأتی بالعصر و من الواضح أن صلاة الظهر تشغل مقدار من الزمان ـ (و إما هو الوقت الامکانی و الشأنی) بمعنی أن مقدار الاتیان بأربع رکعات مختص بالظهر و إن لم تقع الظهر فیه فی الخارج * (و الأول) مخالف لظاهر الروایة فان ظاهر قوله: حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات . هو الوقت الامکانی و الشأنی، لا الوقت الفعلی، بل لا یمکن أن یکون المراد من الروایة هو الوقت الفعلی و ذلک، لقوله بعد تلک الجملة: (فاذا مضی ذلک فقد دخل وقت الظهر و العصر) و لا معنی لأن یکون وقت فعلی الظهر و العصر بعد الاتیان بالظهر فی أول الوقت فان الأمر بها قد سقط باتیانها، فکیف یکون الوقت الثانی وقتاً فعلیاً لهما؟

(و أما الاحتمال الثانی) و هو أن یکون المراد من تلک الجملة هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 99 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقت الشأنی الامکانی ـ فهو الظاهر من الروایة من قوله: (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات، فاذا مضی ذلک فقد دخل وقت الظهر و العصر الحدیث) فانها فی غایة الظهور فی الوقت الإمکانی الشأنی، فیکون المستفاد منها عدم صحة إتیان العصر فی الوقت المذکور و هو معنی الاختصاص (و لکنه) یشکل علی ذلک بان هذا الوقت الذی یکون مختصاً بالظهر (هل یلاحظ) بالاضافة إلی عموم المکلفین و جمیع أصنافهم من الصنف الذین یصلون علی النحو المتعارف و من الصنف الذین یصلون بالسرعة و من الصنف الذین یصلون بالبطوء (أو یلاحظ) بالاضافة إلی صنف خاص منهم (أو یلاحظ) بالاضافة إلی کل فرد من افراد المکلفین؟.

فعلی الأول یختلف الوقت المختص باختلاف أصناف المکلفین مثلا لو فرضنا أن الأفراد المتعارفة یصلون الظهر فی ثمانی دقائق و الصنف الآخر یصلون فی أربع دقائق و الصنف الثالث یصلون فی عشر دقائق لعدم تسلطهم علی القرائة تسلطاً تاماً کالفأفأ و نحوه أو لأجل قرائة سورة طویلة مثلا فلا ینضبط الوقت المعین المختص بصلاة الظهر حتی لا یجوز إتیان العصر فیه (و علی الثانی) فان لو حظ الوقت المختص بالاضافة إلی الصنف الذین یصلون علی النحو المتعارف فقط و المفروض أنهم یصلون الظهر فی ثمان دقائق، فاذاً یسئل لو إستعجل المکلف و صلی الظهر فی أربع دقائق، فهل یصح إتیان العصر بعدها أم لا؟ فان قیل بالأول (و هو صحة صلاة العصر بعدها) یلزم الخلف و عدم کون الوقت الأول مختصاً بالظهر * (و إن قیل) بالثانی (و هو بطلان صلاة العصر قبل مضی مقدار ثمان دقائق من الزوال) فهو خلاف الضرورة و لم یقل به أحد، فان إتیان العصر بعد الظهر صحیح بضرورة من المذهب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 100 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[170] . الوسائل ب 4 من ابواب المواقیت ر 7 .
[171] . صفحة 254 طبع ایران سنة 1323 هجری .
[172] . الوسائل ب 10 من ابواب الرکوع ر 5.

الصفحات (101 - 150)

الصفحات (101 - 150)

(101 - 105)

(101 - 105)

و إن لو حظ الوقت المختص بالاضافة إلی الصنف الذین یصلون بالسرعة و الإستعجال و یقتصرون علی خصوص الواجبات، فنقول: هذا خلاف ظاهر روایة داود بن فرقد نفسها فان هذا الصنف من الأفراد النادرة و لا یصح حمل الروایة علی النادر (علی) أنه قد تقدم صحة العصر فی بعض الفروض قبل مضی هذا المقدار من الوقت أیضاً، کما إذا إعتقد دخول الوقت، فشرع فی الظهر و دخل الوقت قبل الفراغ منها بقلیل، فهی محکومة بالصحة، و یصح الدخول فی العصر بلا فصل (و منه) قد ظهر فساد لحاظ الوقت المختص بالاضافة إلی خصوص الصنف الذین یصلون بالبطؤ فان الاشکال المتقدم یجری هنا بوجه أوضح (و علی الثالث) بأن یلاحظ الوقت المختص بالاضافة إلی کل فرد من أفراد المکلفین بأن یغایر الوقت المختص بالاضافة إلی شخص ما هو الوقت المختص بالاضافة إلی شخص آخر فهو خلاف ظاهر الروایة و خلاف ضرورة الدین (أما الأول) فلأن ظاهر الروایة أن الوقت المختص بالاضافة إلی جمیع المکلفین علی حد سواء، و علی نهج واحد لا أنه یختلف باختلاف الأشخاص * (و أما الثانی) فلان إشتراک الحکم بین جمیع المکلفین من ضروریات الدین و واضح لکل أحد.

هذا کله مع أن روایة داود بن فرقد معارضة بالروایات الکثیرة الدالة علی دخول وقت کلتا الصلاتین بالزوال (منها) ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [173] (قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر، فاذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة) و الروایة صححیة من حیث السند و واضحة الدلالة علی دخول الوقتین بالزوال و قریب منها غیرها [174] (و مما ذکرنا) ظهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 101 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فساد الاستدلال علی الوقت المختص بما فی الروایات المعتبرة من قوله (ع) (إلا أن هذه قبل هذه) (منها) ما رواه الصدوق باسناده عن عبید بن زرارة [175] (قال: سئلت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: إذا زالت الشمس، فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه، قبل هذه ثم أنت فی وقت منهما حتی تغیب الشمس.

(تقریب الإستدلال) أن هذه الصحیحة دلت علی أن الزوال و إن أوجب دخول الوقتین إلا أن قوله (ع): (إلا أن هذه قبل هذه) یوجب إختصاص أول الوقت بالظهر ـ و قد تقدم أن طریق الصدوق إلی عبید بن زرارة صحیح، فان الحکم بن مسکین و إن کان محل کلام بل لم یوثق إلا أنه وقع فی أسناد کامل الزایارات فیکون ثقة * (توضیح الفساد) أن هذه الصحیحة و ما یجری مجریها لا تدل علی إختصاص الظهر بوقت لا یصح إتیان العصر فیه، بل تدل علی إعتبار الترتیب بین الصلاتین فلهذا لا یجوز تقدیم العصر علی الظهر عمداً و إن مضی من الوقت مقدار عشر صلوات مثلا * نعم دلت صحیحة زرارة [176] علی أنه من قدم العصر علی الظهر نسیاناً ثم تذکر و لو کان بعد الفراغ من العصر یجعلها ظهراً فیأتی بالعصر ثانیاً، و هذا أمر آخر سیجیء الکلام فیه إنشاء الله تعالی و الکلام فعلا فیما تقتضیه القاعدة و قد ظهر أن الصحیح هو القول بعدم الإختصاص بالنسبة إلی أول الوقت ـ و مما ذکرنا ظهر أن أول وقت المغرب أیضاً لا یکون مختصاً بها بالمعنی الذی ذکروه.

و أما الکلام فی آخر الوقت فان لم یبق من الوقت إلا مقدار أربع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 102 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رکعات فلابد من إتیان العصر فیه و إتیان الظهر فی خارج الوقت و سنتکلم فیه إنشاء الله تعالی (و أما) إذا صلی العصر قبل الظهر سهواً أو نسیاناً و بقی من الوقت مقدار أربع رکعات فان بنینا علی ما دلت علیه الصحیحة المشار الیها من أن ما أتی بها یجعلها ظهراً فالأمر واضح ـ (و أما) إن لم نبن علی ذلک و قلنا: إن ما أتی به وقع عصراً فهل یصح إتیان الظهر فیه أم لا؟ لا دلیل علی عدم الصحة أصلا و روایة داود بن فرقد قد تقدم الکلام فیها و قلنا: إنها مرسلة لا تصلح أن تکون مدرکاً للحکم الشرعی * و الروایات الدالة علی إشتراک الوقت بین الصلاتین من المبدء الی المنتهی تدل علی الصحة.

الروایة الثانیة التی أستدل بها علی القول بالاختصاص ما رواه الشیخ باسناده عن الحسین بن سعید عن إبن سنان عن إبن مسکان عن الحلبی (فی حدیث) [177] (قال: سئلته عن رجل نسی الأولی و العصر جمیعاً ثم ذکر ذلک عند غروب الشمس فقال: إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحدیهما فلیصل الظهر ثم یصل العصر و إن هو خاف أن تفوته فلیبدأ بالعصر و لا یؤخرها فتفوته فیکون قد فاتتاه جمیعاً ولکن یصلی العصر فیما قد بقی من وقتها ثم لیصلی الأولی بعد ذلک علی إثرها) * (تقریب الإستدلال) أن هذه الروایة تدل علی أن الوقت إن لم یکن وافیاً بالصلاتین معاً فلابد من أن یصلی العصر فقط فان صلی فیه الظهر یکون قد فاتتاه جمیعاً أما فوات العصر فواضح و أما فوات الظهر فلا جل وقوعها فی الوقت المختص بالعصر و هو کوقوعها فی خارج الوقت.

و فیه أن هذه الروایة لم تثبت حجیتها من حیث السند بل الظاهر أنها ضعیفة السند و إن عبر عنها بعضهم بالصحیحة، و ذلک لأنه من المظنون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 103 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن المراد من إبن سنان هو محمد بن سنان و ذلک بقرینة روایة الحسین بن سعید عنه و روایته عن إبن مسکان، فان الحسین بن سعید یروی غالباً عن محمد بن سنان و هو یروی غالباً عن إبن مسکان، فبحکم الغلبة یظن أن المراد من إبن سنان هو محمد لا عبدالله بن سنان و لا أقل من الشک فی ذلک فنسقط الروایة عن الحجیة * فالمتحصل من جمیع ما ذکرناه أن القائلین بالوقت المختص بالنسبة إلی أول الوقت و آخره قد إستدلوا بروایة داود بن فرقد و روایة الحلبی و الروایات الدالة علی الترتیب بین الصلاتین و قد عرفت أن شیئاً منها لا یصلح للاستدلال، فاذاً یبقی القول بالاختصاص بلا دلیل.

ثم لا یخفی أنه إذا لم یبق من آخر الوقت إلا مقدار أربع رکعات لابد من إتیان العصر فیه لا لأجل عدم قابلیة الوقت للظهر، فانه قابل فی نفسه لکل من الصلاتین، فان الروایات دلت علی أنه (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه قبل هذه ثم أنت فی وقت منهما جمیعاً حتی، تغیب الشمس) بل لأجل أن المستفاد من الروایات أن الممتد إلی الغروب وقت کلتا الصلاتین مع کون الظهر قبل العصر، فمقتضی القبلیة أن الظهر لا تزاحم العصر فی الوقت المذکور فیکون وقتاً فعلیاً للعصر طبعاً‌* (نعم) لو قدم العصر علی الظهر نسیاناً أو سهواً فقد عرفت أنه لا مانع من إتیان الظهر فی الوقت المذکور لعدم الدلیل علی الإختصاص بالمعنی المشهور *.

(ثم) إنه لو أغمضنا عما ذکرنا فنقول: المتصور عندما بقی من الوقت مقدار أربع رکعات أمور ثلاثة (أحدها) بقاء الأمر بالظهر فقط (الثانی) بقاء الأمر بالعصر فقط (الثالث) بقاء الأمر بالجامع بین الظهر و العصر حتی تکون النتیجة هو التخییر لا قائل بالأول من فقهائنا أصلا ـ علی أنه مخالف لظاهر قوله ـ ع ـ ( إلا أن هذه قبل هذه) فان مقتضی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 104 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القبلیة أن الظهر تؤتی قبل العصر فلا تزاحمها فی الوقت التی تحتاج العصر إلیه و تستوعبه * (و کذا الثالث) فان أحداً من علمائنا لم یقل به فاذاً یتعین الثانی و هو المستفاد من الروایات إذ مقتضی إشتراک الوقت بینهما إلی الغروب أن وقت ثمانی رکعات ینتهی بالغروب فیکون الأمر بالظهر ساقطاً عند بقاء الوقت بمقدار أربع رکعات، إذ الأمر بکلیهما فی وقت لا یسع إلا لأحدهما غیر معقول.

و تدل علی ما ذکرناه صریحا الروایات الواردة فی الحائض فیما إذا طهرت عند العصر فانها دلت علی أنها تصلی العصر فقط (منها) ما رواه معمر بن عمر (یحیی) [178] (قال سئلت أبا جعفر علیه السلام عن الحائض تطهر عند العصر، تصلی الأولی، قال: لا انما تصلی الصلاة التی تطهر عندها) (و منها) روایة منصور بن حازم عن أبی عبدالله علیه السلام [179] (قال: إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر و العصر فان طهرت فی آخر وقت العصر صلت العصر) ولکن هذه الروایة ضعیفة السند لأجل أحمد بن عبدون و علی بن محمد بن الزبیر (نعم) لو أتی بالعصر قبل الظهر سهواً أو نسیاناً و لم نجعلها ظهراً کما هو المشهور صحت الظهر فی الجزء الأخیر من الوقت لأنک قد عرفت أنه لم یثبت وقت الإختصاص للعصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 105 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[173] . راجع الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 1 و هناک روایات کثیرة ناطقة بدخول وقت الصلاتین بالزوال.

[174] . راجع الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 1 و هناک روایات کثیرة ناطقة بدخول وقت الصلاتین بالزوال.
[175] . راجع الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 5.

[176] . الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 1.
[177] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 18.


[178] . لا یخفی أن هذه الروایة رواها فی الوسائل ب 49 من أبواب الحیض عن معمر بن عمر و هو لم یوثق ولکن الموجود فی التهذیب المطبوع حدیثاً ج 1 ص 389 معمر بن یحیی و کذا فی الاستبصار،‌و هو ثقة وثقه النجاشی فلو کان الصواب ما فی الوسائل تکون الروایة ضعیفة و لو کان الصواب ما فی التهذیبین تکون الروایة معتبرة و لا یمکن التمییز بالراوی عنهما فانه ثعلبة بن میمون و هو یروی عن کلیهما فعلیه لم تثبت حجیة هذه الروایة.

[179] . الوسائل ب 49 من أبواب الحیض ر 6.

(106 - 110)

(106 - 110)

و ما بین المغرب و نصف اللیل وقت المغرب (1) و العشاء

 

بمعنى عدم قابلیة الوقت للظهر بوجه من الوجوه بل ثبت الإختصاص بمعنی أن الشریک لا یزاحم ذات الوقت فلا تزاحم الظهر العصر فی آخر الوقت کما أن العصر لا تزاحم الظهر فی أول الوقت هذا هو المستفاد من الروایات مضافاً إلی التسالم و دعوی الاجماع علی جواز إتیان الظهر فی آخر الوقت إن قدم العصر علیها سهواً أو نسیاناً فان الفائت لیس إلا الترتیب و هو شرط ذکری لا واقعی فشرطیته ترتفع حین السهو و النسیان لأجل حدیث (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة) فان الترتیب لیس منها و أما علی المختار من أنه لا مانع من العمل بالصحیحة المتقدمة الدالة علی جعل ما أتی به ظهراً و إتیان العصر بعد ذلک کما تقدم، فتکون المسئلة خارجة عن محل الکلام، لأن العصر تقع فی آخر الوقت لا الظهر حتی یقال: إنها وقعت فی الوقت المختص بالعصر.

(1) لا إشکال فی أن وقت المغرب هو غروب الشمس و تحقیق معنی الغروب سیجیء إنشاء الله تعالی * (و أما) آخر الوقتین ففیه أقوال (القول الأول) ما هو المعروف بینهم من أنه إنتصاف اللیل إلا أن العشاء تختص من الآخر بمقدار أربع رکعات کالعصر * (القول الثانی) أن آخر الوقتین یمتد للمضطر إلی طلوع الفجر إلا أن العشاء تختص من الآخر بمقدار أربع رکعات و هذا القول نسبه المحقق قدس سره فی المعتبر إلی بعض الأصحاب و إختاره * (القول الثالث) أن آخر وقت المغرب غیبوبة الشفق و هی الحمرة المغربیة و آخر وقت العشاء ثلث اللیل للمختار، و نصف اللیل للمضطر کما عن الخلاف و إختاره ابن البراج * (القول الرابع) التفصیل بین الحاضر و المسافر بالنسبة إلی آخر المغرب فللحاضر ینتهی بغیبوبة الشفق و للمسافر یمتد إلی ربع اللیل و أما العشاء فیمتد وقتها إلی ثلث اللیل و هذا القول هو مختار المفید قدس سره * (القول الخامس)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 106 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن وقت المغرب ینتهی للمختار بغیبوبة الشفق و للمضطر یمتد إلی ربع اللیل کما عن الشیخ فی أکثر کتبه و عن إبن بابوبه و إختاره إبن حمزة و أبو صلاح و أما آخر وقت العشاء فقال الشیخ فی المبسوط آخره ثلث اللیل للمختار و للمضطر نصف اللیل، و إختاره إبن حمزة.

إذا عرفت هذا فنقول: الکلام یقع فی مقامین (أحدهما) فی بیان آخر وقت المغرب (و الآخر) فی بیان وقت العشاء * (أما الکلام فی المقام الأول) فهو أن الصحیح فیه هو ما ذهب إلیه المشهور و ذلک لقوله تعالی: [180] أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل. و غسقه هو إنتصافه کما تدل علیه صحیحة زرارة المتقدمة [181] عن أبی جعفر علیه السلام (إلی أن قال) (و فیما بین دلوک الشمس إلی غسق اللیل أربع صلوات سمّاهن الله و بیّنهن و وقّتهن و غسق اللیل هو إنتصافه) * فالمراد أن وقت الظهرین من الزوال إلی الغروب و وقت العشائین من الغروب إلی الغسق ـ و مادل علی إنتهاء وقتها بغروب الشفق أو عند ربع اللیل أو ثلثه لابد من حمله علی الأفضلیة بمعنی أن إتیان المغرب إلی غروب الشفق أفضل و لو أخر عنه، فالأفضل إتیانها إلی ربع اللیل و إن أخر فالأفضل إلی ثلث اللیل و أما بعد ذلک إلی نصف اللیل فیکون وقت الإجزاء.

و لا مجال لحملها علی حال الاختیار بأن یقال: إن الوقت للمختار ینتهی عند ثلث اللیل مثلا، و أما المضطر فیمتد له الوقت إلی نصف اللیل و ذلک لأن الآیة المبارکة غیر قابلة للحمل علی حال الاضطرار، فان الله عزوجل فی مقام بیان وقت الصلوات الأربع و المخاطب هو النبی الأکرم صلی الله علیه و آله و هو کان مختاراً و لم یکن مضطراً و کذا وقت الظهرین کما تقدم فانه من الزوال إلی الغروب *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 107 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و أما) ما نسب إلی الشیخ و غیره من أن وقت المغرب ینتهی بغیبوبة الشفق فقد أستدل علیه (بصحیحة) زرارة و الفضیل [182] (قالا: قال أبو جعفر علیه السلام: إن لکل صلاة وقتین غیر المغرب، فان وقتها واحد و وقت وجوبها و وقت فوتها سقوط الشفق) * (و بموثقة) معاویة بن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام [183] (قال أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة فأتاه حین زالت الشمس فأمره فصلی الظهر ثم أتاه حین زاد الظل قامة، فأمره، فصلی العصر ثم أتاه حین غربت الشمس فامره فصلی المغرب ثم أتاه حین سقط الشفق فامره فصلی العشاء ثم أتاه حین طلع الفجر فامره فصلی الصبح، ثم أتاه من الغد حین زاد فی الظل قامة فامره فصلی الظهر، ثم أتاه حین زاد فی الظل قامتان فامره فصلی العصر، ثم أتاه حین غربت الشمس فأمره فصلی المغرب، ثم أتاه حین ذهب ثلث اللیل فأمره فصلی العشاء ثم أتاه حین نوّر الصبح فأمره فصلی الصبح، ثم قال: ما بینهما وقت) و سیجیء أن أحد طریقی الشیخ إلی الحسن بن محمد بن سماعة معتبر فتکون الروایة موثقة * (تقریب الاستدلال) أن هاتین الروایتین (کما تری) ناطقتان بأن وقت المغرب واحد و هو وقت وجوبها کما فی الصحیحة و قد دلت علی أن وقت فوتها سقوط الشفق، فالموثقة و صدر الصحیحة تدلان علی أن للمغرب وقتاً واحداً و هو حین غروب الشمس * و ذیل الصحیحة صریح فی أن وقت فوتها سقوط الشفق.

و فیه أن الموثقة و صدر الصحیحة ناظرتان إلی تعدد أوقات الصلوات الأربع لأجل النافلة حیث أنها شرعت قبلها، فنافلة الصبح و الظهرین شرعت قبلها، و نافلة المغرب شرعت قبل العشاء، فلو ترک المکلف النوافل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 108 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یکون الوقت الأفضل للفرائض أول الوقت و إن أتی بها یکون الوقت الأفضل بعدها، فلهذا یکون لها وقتان و أما المغرب فیما أنه لا نافلة لها قبلها فوقت الأفضل لها وقت وجوبها و هو وقت واحد، و لیست کبقیة الصلوات حتی یلاحظ لها وقتان باعتبار إتیان النافلة قبلها و عدم اتیانها قبلها و حمل الوقتین علی ما ذکرناه هو أحسن وجوه الحمل التی ذکروها.

(و أما) ذیل الصحیحة، فالاستدلال به صحیح بظاهره فانه صریح فی أن المغرب تفوت بسقوط الشفق و توافقه فی هذا المدلول عدة من الروایات (منها) ما رواه إسماعیل بن مهران [184] (قال) :کتبت إلی الرضا علیه السلام (إلی أن قال) فکتب: کذلک الوقت غیر أن وقت المغرب ضیق و آخر وقتها ذهاب الحمرة و مصیرها إلی البیاض فی أفق المغرب. وهذه الروایة ضعیفة لأجل سهل بن زیاد (و منها) موثقة إسماعیل بن جابر (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی عبدالله علیه السلام [185] (قال) سئلته عن وقت المغرب قال: ما بین غروب الشمس إلی سقوط الشفق.

و لا یخفی أن للشیخ إلی الحسن بن محمد بن سماعة طریقین فی أحدهما أبو طالب الأنباری و هو لم یوثق ـ ولکن الطریق الأخر إلیه صحیح حیث قال الشیخ فی مشیخة التهذیب: (و أخبرنی أیضاً الشیخ أبو عبدالله و الحسین بن عبید الله و أحمد بن عبدون کلهم عن أبی عبدالله الحسین بن سفیان البزوفری عن حمید بن زیاد عن الحسن بن محمد بن سماعة) * و هذ الطریق لا بأس به، فان المراد بالحسین بن سفیان هو الحسین بن علی بن سفیان بن خالد بن سفیان البزوفری. و هو ثقه وثقه النجاشی فعلیه تکون الروایة موثقة، و کذا روایة معاویة بن وهب المتقدمة.

و منها صحیحة بکر بن محمد الأزدی عن أبی عبدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 109 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه السلام [186] (إنه سئله سائل عن وقت المغرب، فقال: إن الله یقول فی کتابه لإبراهیم: فلما جن علیه اللیل رأی کوکباً قال: هذا ربی، و هذا أول الوقت، و آخر ذلک غیبوبة الشفق، و أول وقت العشاء ذهاب الحمرة، و آخر وقتها إلی غسق اللیل یعنی نصف اللیل) * و هذه الروایات (کما تری) مطبقة علی إنتهاء وقت المغرب بسقوط الشفق و ذهاب الحمرة المغربیة * ولکنه مع ذلک لا یمکن الأخذ بظاهرها، و الالتزام بانتهاء وقت المغرب بسقوط الشفق، بل لابد من حملها علی الأفضلیة، و ذلک لأجل الروایات الکثیرة الواردة فی المقام (فیها الصحاح و الموثق) الناطقة بجواز تأخیرها عن سقوط الشفق، فان بعضها یدل علی جواز التأخیر الی ربع اللیل، و بعضها یدل علی جواز التأخیر الی ثلث اللیل، و سنتعرض لها عن قریب إنشاء الله تعالی (علی) أن الآیة المبارکة دلت علی إمتداد وقتها الی الغسق، و قد عرفت تفسیر الغسق بالانتصاف فی الصحیحة المتقدمة.

و أما ما ذهب إلیه المفید قدس سره (من أن الوقت للحاضر ینتهی بغیبوبة الشفق، و للمسافر یمتد الی ربع اللیل) و ما ذهب الیه الشیخ (فی أکثر کتبه) و إبن حمزة، و أبو صلاح (من أن الوقت للمختار ینتهی بغیبوبة الشفق، و للمضطر یمتد الی ربع اللیل)، فدلیل کل من القولین یبطل القول الآخر، فان بعض الروایات یدل علی جواز التأخیر للمسافر الی ربع اللیل کصحیحة عمر بن یزید الآتیة و إطلاق هذه الصحیحة یدفع قول الشیخ، حیث أن إطلاقها یشمل المسافر المختار، و الشیخ: یقول: إن الوقت للمختار ینتهی بغیبوبة الشفق * و بعض الروایات یدل علی أن تأخیر المغرب الی ما بعد الشفق لعلة لا بأس به، کموثقة جمیل بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 110 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[180] . السورة 17/ الآیة 78.

[181]. الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ر 1.
[182]. الوسائل ب 18 من أبواب المواقیت ر 2.

[183]. الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 5.
[184] . الوسائل ب 18 من أبواب المواقیت ر 4 و 14.

[185] . الوسائل ب 18 من أبواب المواقیت ر 4 و 14.
[186] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 6.

(111 - 115)

(111 - 115)

دراج [187] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: ما تقول فی الرجل تصلی المغرب بعدما یسقط الشفق، فقال: لعلة لا بأس) * فان مقتضى الاطلاق فیها، عدم الفرق فی جواز التاخیر للمضطر و ذوی الأعذار بین الحضر و السفر، فهو یدفع قول المفید من أن الحاضر لا یجوز له التاخیر عن سقوط الشفق. * (هذا کله) إذا کان تفصیل المفید ناظراً إلی خصوص الحاضر و المسافر، و کان تفصیل الشیخ و إبن حمزة و أبی صلاح ناظراً الی خصوص المضطر و المختار.

و یمکن أن یقال: إن الخصوصیة غیر مرادة لهم، بل مراد المفید قدس سره من المسافر کل ذی عذر و إضطرار، و ذکره إنما یکون من باب المثال و مراده من الحاضر کل من کان مختاراً و الحاضر أیضاً ذکر من باب المثال * و کذا مراد الشیخ من المضطر: کل من له عذر و إن کان هو السفر، و مراده من المختار: کل من لیس له عذر أو علة * فعلیه یصبح القولان قولا واحداً، و یمکن الاستدلال له بروایات کثیرة ناطقة بجواز تأخیر المسافر، و ذوی الأعذار إلی ربع اللیل [188] .

ولکنه مع ذلک لا یمکن الالتزام بهذا القول لوجوه (الأول) أن صحیحة عمر بن یزید صریحة فی جواز التاخیر للمسافر إلی ثلث اللیل [189] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: وقت المغرب فی السفر إلی ثلث اللیل) (تقریب الاستدلال) واضح، فان الثلث أکثر من الربع کما هو ظاهر لکل أحد * (الوجه الثانی) ما عرفت من قوله تعالی: (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل) فانه بضمیمة الصحیحة المفسرة له یدل علی إمتداد وقت الصلاتین إلی نصف اللیل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 111 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الوجه الثالث) الروایات الکثیرة الناطقة بجواز تأخیر المغرب عن سقوط الشفق فی غیر فرض الاضطرار * (منها) صحیحة أخری لعمر بن یزید [190] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أکون مع هؤلاء و أنصرف من عندهم عند المغرب، فأمرّ بالمساجد فاقمت الصلاة، فان أنا نزلت أصلی معهم، لم أستمکن (أتمکن) من الأذان و الاقامة و إفتتاح الصلاة فقال: إیت منزلک و انزع ثیابک، و إن أردت أن تتوضأ، فتوضأ وصل فانک فی وقت إلی ربع اللیل).

و هذه الصحیحة (کما تری) ناطقة بجواز التأخیر بلا فرض الاضطرار و قد یقال: إن الروایة ضعیفة لأجل قاسم بن محمد الجوهری، فانه لم یوثق فی کتب الرجال (و فیه) أنه واقع فی أسناد کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه فتکون الروایة صحیحة (و منها) موثقة عمار [191] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: سئلته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل یجوز أن تؤخر ساعة؟ قال علیه السلام: لا بأس إن کان صائماً أفطر ثم صلی و إن کانت له حاجة قضاها ثم صلی. و هذه الموثقة أیضاً کما تری تدل علی جواز التاخیر بلا فرض الاضطرار، فان قضاء الحاجة أو الافطار قد یتفق إلی ما بعد سقوط الشفق.

و (منها) صحیحة اخری لعمر بن یزید [192] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أکون فی جانب المصر فتحضر المغرب و أنا أرید المنزل، فان اخّرت الصلاة حتی أصلی فی المنزل کان أمکن لی، و أدرکنی المساء، أفأصلی فی بعض المساجد؟ فقال: صل فی منزلک).

و هذه الصحیحة (کما تری) تدل علی جواز التأخیر عن سقوط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 112 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشفق لأدنی مرجح، و لم یفرض فیها أی إضطرار.

(و منها) صحیحة إسماعیل بن همام [193] (قال: رأیت الرضا علیه السلام و کنا عنده، لم یصل المغرب حتی ظهرت النجوم، ثم قام، فصلی بنا علی باب دار إبن أبی محمود).

و هذه الصحیحة تدل علی جواز التأخیر إختیاراً فان فرض کونه (ع) مضطراً مع جمیع جلساته بعید جداً ـ نعم یحتمل أنه علیه السلام کان مشغولا ببیان الأحکام أو نحوه مما هو أهم من درک وقت فضیلة الصلاة.

و منها صحیحة داود الصرمی [194] (قال: کنت عند أبی الحسن الثالث علیه السلام یوماً، فجلس یحدث حتی غابت الشمس، ثم دعا بشمع و هو جالس یتحدث، فلما خرجت من البیت نظرت فقد غاب الشفق قبل أن یصلی المغرب، ثم دعا بالماء، فتوضأ فصلی).

و لا یخفی أن داود الصرمی و إن لم یوثق فی کتب الرجال إلا أنه واقع فی أسناد کامل الزیارات، فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه و هذه الصحیحة ظاهرة فی جواز التأخیر عن الشفق إختیاراً، و تأخیره (ع) الصلاة عن وقت الفضیلة، و إن یحتمل أنه کان لمرجح أهم من درک وقت الفضیلة إلا أنه لا ینافی الإختیار ـ بل قد عرفت أن جواز التأخیر إلی نصف اللیل مستفاد من الآیة المبارکة المفسرة بالصحیحة حیث فسرت الغسق بالانتصاف.

فالمتحصل من جمیع ما ذکرناه فی هذا المقام أن تأخیر المغرب عن سقوط الشفق، جائز اختیاراً، فما دل من الروایات المتقدمة علی فوات المغرب بسقوط الشفق لابد من حملها علی فوات الوقت الأفضل لا علی فوات الوقت رأساً کما نسب إلی الشیخ قدس سره فی الخلاف و إلی ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 113 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البراج (و کذا) قد ظهر أن التفصیل المنسوب إلی الشیخ فی أکثر کتبه و إلی المفید و الی ابن حمزة و أبی صلاح بین المختار و المضطر لا وجه له، فان الروایات المتقدمة دلت علی جواز التأخیر عن غیبوبة الشفق اختیاراً و صحیحة عمر بن یزید دلت علی جواز التأخیر الی ثلث اللیل و الآیة المبارکة، (أقم الصلاة لدلوک الشمس الی غسق اللیل) بضمیمة التفسیر دلت علی جواز التأخیر اختیاراً الی نصف اللیل و قد ظهر بما ذکرناه بطلان ما ذهب الیه صاحب الحدائق ایضاً قال قدس سره ـ ما ملخصه ـ : ان الوقت بالنسبة الی المغرب ثلاثة أقسام: ـ الأول ـ الی مغیب الشفق ـ و الثانی ـ الی ربع اللیل أو ثلثه ـ و الثالث ـ الی ماقبل الانتصاف بقدر العشاء، و الجمع بین الأخبار یقتضی حمل الوقت الأول علی الاختیار، و الوقت الثانی علی الاضطرار و الثالث کسابقه الا أنه للأشد ضرورة کنوم و نسیان و حیض و نحوها.

و ذلک لأن الجمع بین الأخبار و الآیة المبارکة یقتضی حمل الروایات المحددة للوقت بسقوط الشفق، أو بربع اللیل، أو بثلثه علی مراتب الفضل فالأفضل أن یؤتی بها قبل سقوط الشفق. و دونه فی الفضل أن یؤتی بها الی ربع اللیل و دونه الی ثلثه و یکون أداء الی نصف اللیل، فان حمل مادل علی جواز التأخیر الی نصف اللیل علی الاضطرار بلا موجب. (ثم) ان هنا روایات تؤید ما ذکرناه (منها) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام (فی حدیث) [195] قال: لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما، و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً، ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سهی أو نام، و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو علة) فان قوله (ع): أفضلهما ـ قرینة علی أن الوقتین للفضیلة و الاجزأ لا للاختیار و الاضطرار (و کذا) قوله (ع): ولکنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 114 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقت من شغل ـ فانه یشمل الشغل العرفی العادی ایضاً کالکتابة و الخیاطة و أکل الطعام و نحوها.

(و منها) روایة ربعی المتقدمة عن أبی عبدالله علیه السلام [196] (قال: إنا لنقدم و نؤخر، و لیس کما یقال: من أخطأ وقت الصلاة فقد هلک و انما الرخصة للناسی و المریض و المدنف و المسافر و النائم فی تأخیرها).

و قد تقدم أن جملة: من أخطأ إلی آخر الروایة ـ مقولة قوله: (لیس کما یقال) ـ ، و حیث أن سندها ضعیف لأجل إسماعیل بن سهل أوردناها للتأیید.

(و منها) مرسلة داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبی عبدالله علیه السلام [197] (قال: اذا غابت الشمس، فقد دخل وقت المغرب حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی ثلاث رکعات، فاذا مضی ذلک، فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتی یبقی من انتصاف اللیل مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات و اذا بقی مقدار ذلک، فقد خرج وقت المغرب، و بقی وقت العشاء الی انتصاف اللیل) (و منها) روایة عبید ابن زرارة [198] .

(المقام الثانی) فی بیان وقت العشاء، المشهور هو أن وقت العشاء یدخل بالغروب کصلاة المغرب، ولکن جماعة من الأصحاب خالفوا فی المقام، فذهبوا إلی أن وقت العشاء یدخل بعد ذهاب الحمرة من المغرب، و هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 115 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[187] . الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 13 و 1.

[188]. الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت.

[189]. الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 13 و 1.
[190]. الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 11 و 12.

[191] . الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 11 و 12.

[192] . الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 14.
[193] . الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 9 و 10.

[194] . الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 9 و 10.
[195]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 4.
[196]. الوسائل ب 7 من أبواب المواقیت ر 7.

[197]. الوسائل ب 17 من ابواب المواقبت ر4 و لا یخفی أن هذه المرسلة و المرسلة المتقدمة ص 97 متحدتان من حیث السند ولکن متنهما مختلف.

[198]. راجع الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 4.

(116 - 120)

(116 - 120)

الذی عبر عنه فی الروایات بسقوط الشفق * و الصحیح هو ما ذهب الیه المشهور و یدل علیه الکتاب و السنة (أما) الکتاب، فهو ما تقدم من قوله تعالی [199] (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل)، فانها بضمیمة التفسیر الوارد فی صحیحة زرارة المتقدمة دلت علی أن وقت الظهرین من الزوال إلی الغروب، و وقت العشائین من الغروب إلی انتصاف اللیل.

و (أما) السنة فهی الروایات الواردة فی المقام.

(منها) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [200] (قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر فاذا غابت الشمس، دخل الوقتان المغرب، و العشاء الآخرة).

(و منها) موثقة زرارة (بعبد الله بن بکیر) عن أبی عبدالله علیه السلام [201] (قال: صلی رسول الله صلی الله علیه و آله بالناس الظهر و العصر حین زالت الشمس فی جماعة من غیر علة، و صلی بهم المغرب و العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غیر علة فی جماعة، و إنما فعل ذلک رسول الله صلی الله علیه و آله لیتسع الوقت علی أمته).

(و منها) صحیحة زرارة المتقدمة (ص 75) المفسرة للآیة المبارکة (و منها) موثقة زرارة (بالحسن بن علی بن فضال) [202] (قال: سألت أبا جعفر و أبا عبدالله علیهما السلام عن الرجل یصلی العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، فقال: لا بأس به).

(و منها) موثقة عبید الله و عمران إبنی علی الحلبیین [203] (قالا:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 116 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کنا نختصم فی الطریق فی الصلاة صلاة العشاء الأخرة قبل سقوط الشفق و کان منّا من یضیق بذلک صدره، فدخلنا علی أبی عبدالله علیه السلام فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقال: لا بأس بذلک قلنا: و أی شیء الشفق، فقال: الحمرة) و قد فسر الشفق فی موثقة إبن فضال و غیرها أیضاً بالحمرة [204] (قال: سأل علی بن أسباط أبا الحسن علیه السلام. و نحن نسمع: الشفق الحمرة أو البیاض، فقال: الحمرة لو کان البیاض کان إلی ثلث اللیل).

و هذه الروایات (کما تری) صریحة فی جواز إتیان العشاء قبل سقوط الشفق فمنها، یستفاد أن وقت العشاء یدخل بالغروب، کما هو المشهور، فاذاً نرفع الید بها عن ظاهر عدة من الروایات المعتبرة الدالة علی أن وقت العشاء یدخل بعد سقوط الشفق.

(منها) موثقة معاویة بن وهب المتقدمة عن أبی عبدالله علیه السلام [205] قال: أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة (الی ان قال): ثم أتاه حین سقط الشفق، فأمره، فصلى العشاء الحدیث).

و لا یخفی أن هذه الروایة رواها الشیخ باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ـ کما تقدم ـ و للشیخ إلیه طریقان، کما فی مشیخة التهذیب فی أحدهما أبو طالب الأنباری، و هو لم یوثق، و فی الآخر حسین بن علی بن سفیان و هو ثقة، فتکون الروایة موثقة و دلالتها علی أن مبدء وقت العشاء سقوط الشفق واضحة (و لکنه) لابد من حملها علی الأفضلیة، للروایات المتقدمة الدالة علی جواز إتیانها قبل سقوط الشفق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 117 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) صحیحة عمران بن علی الحلبی [206] (قال: سألت أبا عبدالله (ع) متی تجب العتمة قال: إذا غاب الشفق، و الشفق الحمرة، فقال عبید الله (أصلحک الله) إنه یبقی بعد ذهاب الحمرة ضوء شدید معترض، فقال أبو عبدالله علیه السلام: إن الشفق إنما هو الحمرة و لیس الضوء من الشفق).

(و منها) صحیحة بکر بن محمد المتقدمة عن أبی عبدالله علیه السلام [207] (الی ان قال): (و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة و آخر وقتها إلی غسق اللیل یعنی نصف اللیل).

و هذه الروایات لابد من رفع الید عن ظاهرها، و حملها علی بیان الوقت الأفضل، لأن الروایات المتقدمة صریحة فی جواز التقدیم علی سقوط الشفق، بل عرفت أن صحیحة زرارة دلت علی دخول وقت المغرب و العشاء بمجرد غیبوبة الشمس و هی ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام (إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر، و إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة).

هذا کله بالإضافة إلی أول وقت العشاء.

و أما آخر وقت العشاء، فالمشهور أنه نصف اللیل و قال الشیخ المفید قدس سره: آخره ثلث اللیل * و قال صاحب الحدائق قدس سره: و الأظهر عندی هو إمتداد وقت المضطر و المعذور إلی نصف اللیل، و غیرهما إلی ثلث اللیل أو ربعه * و الصحیح هو ما ذهب إلیه المشهور للکتاب و السنة (أما الکتاب) فهو الآیة المبارکة المتقدمة (أقم الصلاة لدلوک

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 118 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشمس الی غسق اللیل) [208] و قد عرفت أنها فسرت بصحیحة زرارة المتقدمة الدالة علی أن وقت الصلوات الأربع من الزوال إلی نصف اللیل.

(و أما السنة) فهی الروایات الکثیرة الدالة علی أن وقتها ینتهی بانتصاف اللیل و سنتعرض لها إنشاء الله تعالی، فالقائل بأن وقتها ینتهی بثلث اللیل إن أراد أنه وقت لها مطلقاً، فهو مخالف للکتاب و السنة، فان الآیة المبارکة و الروایات ناطقة بامتداد وقتها إلی نصف اللیل ـ و إن أراد أنه وقت للمختار، و أما المضطر فیمتد الوقت له إلی نصف اللیل ـ کما هو مختار صاحب الحدائق قدس سره ـ ، فهو أیضاً مما لا دلیل علیه، بل الدلیل علی خلافه و هو قوله تعالی: (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل). فان الخطاب و إن کان متوجها إلی النبی الأکرم صلی الله علیه و آله، إلا أنه عام بحسب الواقع لجمیع المکلفین، و لیس فی مقام بیان خصوص وظیفة المضطرین ـ و کذا الروایات الکثیرة الواردة فی المقام الدالة علی امتداد وقتها إلی نصف اللیل * (نعم) صحیحة معاویة بن عمار تدل علی إنتهاء وقتها بثلث اللیل [209] (فی روایة أن وقت العشاء الآخرة إلی ثلث اللیل * فان المستفاد من مفهوم الغایة أن الوقت ینتهی بمضی ثلث اللیل.

(و لکنها) لابد من حملها علی وقت الفضیلة، فنلتزم بانتهاء وقت الفضیلة بثلث اللیل، لا أن أصل الوقت ینتهی بذلک ـ و ذلک، لأن الآیة المبارکة و الروایات مطبقة علی إمتداد وقتها إلی نصف اللیل کما عرفت، فهی قرینة علی حمل الصحیحة علی خلاف ظاهرها.

(و أما) موثقة معاویة بن وهب المتقدمة (ص 108)، فلا دلالة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 119 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لها علی إنتهاء وقت العشاء بثلث اللیل، لأن المذکور فیها هکذا (ثم أتاه (جبرئیل) حین ذهب ثلث اللیل، فأمره فصلی العشاء الحدیث) فان هذه الجملة (کما تری) تدل علی بقاء الوقت بعد ذهاب الثلث لا علی انقضائه به * (نعم) فی الفقه الرضوی ذکر التفصیل الذی إختاره صاحب الحدائق (و لکنه) مع عدم حجیته فی نفسه یخالف الروایات الدالة علی إمتداد الوقت إلی الإنتصاف.

و ینبغی التعرض للروایات الدالة علی القول المشهور، لیظهر ما فی بقیة الأقوال من الضعف و الفتور ـ (منها) صحیحة بکر بن محمد الأزدی المتقدمة عن أبی عبدالله علیه السلام [210] (الی أن قال): (و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة و آخر وقتها إلی غسق اللیل یعنی نصف اللیل).

( ومنها) صحیحة زرارة المفسرة للآیة المبارکة عن أبی جعفر علیه السلام [211] (الی أن قال): (قال الله تعالی لنبیه: أقم الصلاة لدلوک الشمس الی غسق اللیل و دلوکها زوالها و فیما بین دلوک الشمس إلی غسق اللیل أربع صلوات سمّاهن الله و بیّنهن و وقّتهن، و غسق اللیل هو إنتصافه الحدیث).

(و منها) روایة عبید بن زرارة عن أبی عبدالله (ع) [212] (فی قوله تعالی: أقم الصلاة لدلوک الشمس الی غسق اللیل، قال: إن الله إفترض أربع صلوات أول وقتها زوال الشمس إلی إنتصاف اللیل منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلی غروب الشمس إلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 120 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[199] . السورة 17/ الآیة 78.

[200] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 1.

[201]. الوسائل ب 7 من أبواب المواقیت ر 6.

[202] . الوسائل ب 22 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.

[203] . الوسائل ب 22 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.
[204]. الوسائل ب 23 من أبواب المواقیت ر 2.

[205] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 5.
[206]. الوسائل ب 23 من أبواب المواقیت ر 1.

[207]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 5.
[208] . السورة 17/ الآیة 78.

[209]. الوسائل ب 21 من أبواب المواقیت ر 4.
[210]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 5.

[211] . الوسائل ب 2 ب أبواب اعداد الفرائض ر 1

[212] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 4

(121 - 125)

(121 - 125)

أن هذه قبل هذه و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلی إنتصاف اللیل إلا أن هذه قبل هذه).

و هذه الروایة قد عبّر عنها صاحب الحدائق بالصحیحة و لکنها لیست بصحیحة فان الضحاک بن زید (یزید) الواقع فی طریقها لم یوثق فتکون الروایة ضعیفة.

و منها روایة أخری لعبید بن زرارة عن أبی عبدالله علیه السلام [213] (قال: إذا غربت الشمس، فقد دخل وقت الصلاتین إلی نصف اللیل إلا أن هذه قبل هذه الحدیث).

و هذه الروایة أیضاً ضعیفة السند، فان فی طریقها القاسم مولی أبی أیوب و هو قاسم بن عروة و لم یوثق.

(و منها) موثقة أبی بصیر (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی جعفر علیهما السلام [214] (قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: لو لا أنی أخاف أن أشق علی أمتی لاخرت العتمة إلی ثلث اللیل، و أنت فی رخصة إلی نصف اللیل و هو غسق اللیل الحدیث).

(و منها) موثقة الحلبی (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی عبدالله علیه السلام [215] (قال: العتمة إلی ثلث اللیل أو إلی نصف اللیل و ذلک التضییع) و نحوها غیرها.

و هذه الروایات توجب حمل مادل علی إنتهاء وقتها بالثلث علی الأفضلیة، فالأفضل هو إتیان العتمة إلی الثلث، فالتحدید به ناظر إلی انتهاء وقت الفضیلة بالثلث ـ (علی) أن موثقة معاویة بن وهب المشتملة علی الثلث، قد دلت علی بقاء وقتها بعد ثلث اللیل علی ما عرفت، و إلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 121 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فکیف أمر جبرئیل النبی الأکرم صلی الله علیه و آله بالصلاة بعد مضی ثلثه؟ * فقد تحصل مما ذکرناه أن القول بانتهاء وقت العشاء عند مضی ثلث اللیل لا دلیل علیه، بل الدلیل علی خلافه علی ما عرفت، و کذا قول صاحب الحدائق قدس سره من التفصیل بین المختار و المضطر، فان المستفاد من الآیة و الروایات أن الوقت باق الی نصف اللیل حتی بالاضافة إلی المختار. بقی الکلام فی عدة روایات یتخیل أنها ناطقة بترجیح تأخیر العشاء إلى ثلث اللیل أو نصفه (منها) موثقة أبی بصیر المتقدمة آنفاً.

(و منها) روایته الأخری عن أبی جعفر علیه السلام [216] (قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: لولا أن أشق علی أمتی لاخرت العشاء الی نصف اللیل). و فی سندها أحمد بن عبدالله القروی، و هو لم یوثق (و منها) موثقة أخرى لأبی بصیر عن أبی عبدالله (ع) [217] (قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: لو لا نوم الصبی و غلبة (علة) الضعیف لاخرت العتمة الی ثلث اللیل).

(و منها) موثقة ذریح عن أبی عبدالله علیه السلام [218] (فی حدیث إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: لولا أنی أکره أن أشق علی أمتی لأخرتها یعنی العتمة الی ثلث اللیل).

فقد یتخیل أن المستفاد من هذه الروایات هو أفضلیة التأخیر و المستفاد مما دل علی إتیانها بعد سقوط الشفق أفضلیة التقدیم و إتیانها قبل أن یزول البیاض المعترض فی المغرب، فکیف التوفیق بین الطائفتین؟.

فنقول: غایة ما یمکن أن یقال فی وجه الجمع: ان المراد من قوله (ص): لأخرت العتمة إلی نصف اللیل لیس هو التأخیر عملا و بحسب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 122 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و یختص المغرب بأوله بمقدار أدائه و العشاء بآخره کذلک (1) هذا للمختار

 

الخارج، لأن تأخیره (ص) وحده لا یوجب المشقة علی الأمة، بل المراد هو التأخیر بحسب التشریع، فکأن المقتضی، لتشریع التاخیر کان موجوداً و ان کان هو تفریق أربع و عشرین ساعة علی الصلوات الخمس، حتی تجعل لکل خمس ساعات أو أقل صلاة و لکن، المشقة علی الأمة‌کانت مانعة عن هذا الجعل، فلم یجعل (ص) التأخیر، بل الجعل تعلّق بافضلیة التقدیم فوقت فضیلة العشاء من ذهاب الحمرة إلی ثلث اللیل، لا أن الأفضل تأخیرها إلی ثلث اللیل أو نصف اللیل.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب، ولکنه قد تقدم فی الظهرین أن الاختصاص بالمعنى الذی ذکروه لاوجه له، و کذا الکلام فی المغرب و العشاء و أما الاختصاص بالمعنی الذی ذکرناه هناک ثابت هنا أیضاً، و هوعبارة عن عدم مزاحمة الشریک شریکه فی الوقت المختص به کما عرفت. فمعنی إختصاص المغرب بأول الوقت: أن العشاء لاتزاحمها فی هذا الوقت ما دامت الذمة مشغولة بها، و معنی إختصاص العشاء بآخر الوقت: أن المغرب لا تزاحمها فی آخر الوقت، فان سبع رکعات تجب علی المکلف مع ملاحظة الترتیب فطبعاً یکون مقدار أداء ثلاث رکعات من الأول مختصاً بالمغرب، و مقدار أداء أربع رکعات من الآخر مختصاً بالعشاء.

(فعلیه) لو أتی بالعشاء قبل المغرب نسیاناً مثلا و بقی من الآخر ثلاث رکعات یجب إتیان المغرب فیه، فان الوقت فی نفسه یصلح لکلتا الصلاتین علی ما هو المستفاد من الروایات و المانع کان هو الشریک المزاحم.

(و کذا) لو صلی المغرب قبل الوقت باعتقاد دخول الوقت، فدخل فی التشهد الأخیر مثلا صحت المغرب، فلو أتی بصلاة العشاء بعدها بلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 123 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و أما المضطر لنوم او نسیان او حیض او نحو ذلک من احوال الإضطرار فیمتد وقتهما الی طلوع (1) الفجر و یختص العشاء من آخره بمقدار ادائها دون المغرب من أوله ـ أى ما بعد نصف اللیل ـ

 

فصل صحت أیضاً، لأن الروایات دلت علی أن وقت کلتا الصلاتین یدخل بالغروب، و المانع من إتیان العشاء فی هذا الوقت کان صلاة المغرب، و فی مفروض المثال قد إرتفع المانع لحصول فراغ الذمة عن المغرب.

و مدرک الإختصاص بالمعنی الذی ذکرناه: هو قوله (ع) فی عدة رویات (: إذا غربت الشمس، فقد دخل وقت الصلاتین إلی نصف اللیل إلا أن هذه قبل هذه).

و اما الإختصاص بالمعنی المشهور فلا یمکن تتمیمه بدلیل، فان روایة داود بن فرقد و ان دلت علی ذلک إلا أنها مرسلة لا حجیة فیها ـ کما عرفت ـ و هی ما رواه عن بعض أصحابنا عن أبی عبدالله علیه السلام [219] قال: إذا غابت الشمس، فقد دخل وقت المغرب حتی بمضی مقدار ما یصلی المصلی ثلاث رکعات، فاذا مضی ذلک، فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتی یبقی من إنتصاف اللیل مقدار ما یصلی المصلی أربع رکعات و إذا بقی مقدار ذلک فقد خرج وقت المغرب و بقی وقت العشاء إلی إنتصاف اللیل.

و هذه المرسلة من حیث السند متحدة مع المرسلة المتقدمة ص 97 ولکن متنهما مختلف، فانها مشتملة علی وقت الإختصاص للظهرین، و هذه مشتملة علی وقت الاختصاص للعشائین.

(1) لا إشکال و لا خلاف فی عدم جواز تأخیر المغرب أو العشاء عن نصف اللیل عمداً و ذلک، للآیة المبارکة و الروایات الدالة علی أن آخر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 124 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقت الصلاتین غسق اللیل و هو إنتصافه: فالتأخیر یکون إتیاناً للصلاة فی خارج وقتها المحدد لها شرعاً، و من الواضح المعلوم عدم جوازه عمداً هذا بالإضافة إلی الحکم التکلیفی (و أما) الحکم الوضعی، فبالإضافة إلی العامد سیجیء الکلام فیه عند تعرض الماتن له عن قریب ( و أما) بالإضافة إلی المعذور فالکلام فیه هو أن المستفاد من صحیحة أبی بصیر أنهما أداء بالنسبة إلیه إلی طلوع الفجر و هی ما رواه عن أبی عبدالله علیه السلام [220] (قال: إن نام رجل و لم یصل صلاة المغرب و العشاء أو نسی، فان إستیقظ قبل الفجر قدر ما یصلیهما کلتیهما، فلیصلهما و إن خشی أن تفوته إحدیهما فلیبدء بالعشاء الآخرة، و إن إستیقظ بعد الفجر، فلیبدأ فلیصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف أن تطلع الشمس، فتفوته إحدى الصلاتین، فلیصل المغرب و یدع العشاء الآخرة حتی تطلع الشمس و یذهب شعاعها ثم لیصلها). و هذه الروایة قد عبر عنها بعضهم بالموثقة، و لکنها صحیحة لأن الشعیب الذی فی طریقها هو شعیب عقرقوقی الثقة فان النجاشی وثقه، فالسند صحیح و الدلالة علی المطلوب واضحة، اذ المستفاد منها أن الصلاتین أداء إلی طلوع الفجر للمعذور، و یترتب علیه وجوب إتیانهما قبل طلوع الفجر، فان الصلاة الأدائیة لا یجوز تاخیرها عن وقتها، بخلاف ما إذا قیل بأنهما بعد الإنتصاف قضاء، فانه بناء علیه یجوز تأخیرهما عن طلوع الفجر علی ما هو صحیح من القول بالمواسعة فی قضاء الفوائت.

و یؤیدها روایات أخری (منها) روایة أبی صباح الکنانی عن أبی عبدالله علیه السلام [221] (قال إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 125 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[213] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 24

[214] . الوسائل ب 17 من أبواب المواقیت ر 7 و 9

[215] . الوسائل ب 17 من أبواب المواقیت ر 7 و 9
[216] . الوسائل ب 21 من أبواب المواقیت ر 5 و 6

[217] . الوسائل ب 21 من أبواب المواقیت ر 5 و 6

[218] . الوسائل ب 17 من أبواب المواقیت ر 10


[219] . الوسائل ب 17 من أبواب المواقیت ر 4
[220] . الوسائل ب 62 من أبواب المواقیت ر 3

[221] . الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 7

(126 - 130)

(126 - 130)

صلت المغرب و العشاء، و إن طهرت قبل أن تغیب الشمس صلت الظهر و العصر). لا یخفی أن بعض الأصحاب عبر عنها بالصحیحة، ولکن الأمر لیس کذلک، فان الشیخ رواها باسناده عن علی بن الحسن بن فضال و فی طریقه إلیه أحمد بن عبدون و علی بن محمد الزبیر و هما لم یثبت و ثاقتهما کما مر غیر مرة.

(و منها) روایة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [222] (قال: إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس، فلتصل الظهر و العصر، و إن طهرت من آخر اللیل، فتصل المغرب و العشاء).

(و منها) روایه داود الزجاجی عن أبی جعفر علیه السلام [223] (قال: إذا کانت المرأة حائضاً فطهرت قبل غروب الشمس، صلت الظهر و العصر، و إن طهرت من آخر اللیل صلت المغرب و العشاء الآخرة). و هاتان الروایتان أیضاً رواهما الشیخ باسناده عن علی بن الحسن بن فضال و قد عرفت أن فی طریقه إلیه أحمد بن عبدون و علی بن محمد بن الزبیر ـ علی أن داود الزجاجی أیضاً مجهول، فهذه الروایات الثلاث تکون مؤیدة للصحیحة المتقدمة.

ثم إن المذکور فی صحیحة أبی بصیر المتقدمة هو النوم و النسیان، فهل یکون الحکم مختصاً بالنائم و الناسی أو عام لکل معذور؟ و إنما ذکرا للمثال لا لخصوصیة فیهما، الظاهر هو الثانی، لعدم إحتمال الخصوصیة للنوم و النسیان فعلیه یشمل الحکم للحائض و النفساء ـ إذا ظهر تا قبل طلوع الفجر ـ و لکل معذور، فیحکم بأن الصلاتین إن أتی بهما قبل طلوع الفجر و بعد الانتصاف أداء من کل معذور، إذ العرف لا یفهم الخصوصیة من النوماو النسیان المذکور فی الصحیحة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 126 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و الأقوی أن العامد فی التأخیر الی نصف اللیل ایضاً کذلک (1) ـ أى یمتد وقته الی الفجر ـ و ان کان آثماً بالتأخیر لکن

 

(1) الأقوی خلافه، و ذلک لعدم الدلیل علی الالحاق فان صحیحة أبی بصیر و الروایات الثلاث الأخری کلها (کما تری) واردة فی المعذور فلا یمکن الحاق العامد به و إن إغمضنا عن سند الثلاث و قلنا باعتبارها فان الحاق بقیة ذوی الأعذار بالنائم و الناسی کان لأجل عدم الخصوصیة لهما فی نظر العرف بالنسبة الی بقیة الأعذار.

(و أما) العامد، فلا یساعد الفهم العرفی علی إلحاقه بالمغذور ـ علی ان الالحاق خلاف ظاهر الآیة المبارکة المفسرة بالصحیحة،‌فان ظاهر التحدید بالغسق و الانتصاف هو أن الوقت ینقضی عند الانتصاف مطلقاً خرجنا عنه بالنسبة إلی المعذور لقیام الدلیل ـ و هو صحیحة‌أبی بصیر ـ علیه و أما غیره فهو باق لعدم المقتضی للخروج (ثم) إنه قد یتخیل فی المقام أن روایة عبید بن زرارة تدل علی العموم فتشمل العامد أیضاً عن أبی عبدالله علیه السلام [224] (قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتی تغیب الشمس، و لا صلاة اللیل حتی یطلع الفجر و لا صلاة الفجر حتی تطلع الشمس).

(تقریب الاستدلال) أن هذه الروایة مطلقة و مقتضی الاطلاق عدم فوات صلاة اللیل إلی طلوع الفجر للعامد أیضاً ـ و أما صحیحة أبی بصیر، فلا مفهوم لها حتی یوجب تقیید إطلاق هذه الروایة، فانها تدل علی ثبوت الحکم للناسی و النائم و لا تدل علی انتفائه عن غیرهما ـ و لا یبعد أن یکون نظر الماتن الی هذه الروایة حیث قال: (و الأقوی أن العامد فی التأخیر إلی نصف اللیل أیضاً کذلک ـ أی یمتد وقته الی الفجر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 127 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحوط ان لا ینوی الأداء و القضاء، بل الأولی، ذلک فی المضطر ایضاً * و ما بین طلوع الفجر الصادق الی طلوع الشمس وقت الصبح (1)

 

و ان کان آثماً بالتأخیر).

(و فیه) أنه تخیل فاسد، فان روایة عبید بن زرارة ضعیفة لأجل علی بن یعقوب الهاشمی، فانه لم یوثق (علی) أنها مخالفة للروایات الدالة علی إنتهاء الوقت بالإنتصاف ـ و هی تقرب أن تبلغ حد التواتر ـ و مخالفة للآیة المبارکة الظاهرة فی إنتهاء الوقت بغسق اللیل (مع) ان الصدوق رواها مرسلة مذیلة بقوله: (و ذلک للمضطر و العلیل و الناسی) [225] فهی تؤید ما ذکرناه من عدم الحاق العامد بالمعذور و توهن الإطلاق للروایة، فما ذکره الماتن قدس سره لا یتم.

(1) لا إشکال و لا خلاف بین المسلمین فی أن مبدأ وقت الصبح هو طلوع الفجر الصادق، و إن کان الکلام فیما یتحقق به الفجر، و هذا بحث صغروی و المراد من قوله تعالی [226] : (و قرآن الفجر إن قرآن الفجر کان مشهودا). هو صلاة الفجر کما دلت علیة صحیحة زرارة [227] المتقدمة و المستفاد من هذه الآیة أیضاً هو أن وقت صلاة الصبح هو الفجر فهذا مما لا شبهة فیه.

(و أما) آخر وقت الصبح، فهل هو طلوع الشمس أو طلوع الحمرة المشرقیة، فیه خلاف، المشهور و المعروف بینهم أنه طلوع الشمس و خالف فی المقام إبن أبی عقیل و ابن حمزة، و الشیخ فی بعض کتبه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 128 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فافتوا بأن وقت المختار إلی طلوع الحمرة و وقت المعذور إلی طلوع الشمس و مال الیه فی الحدائق أیضاً.

(و استدل) علی القول المشهور بروایتین (احدیهما) روایة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [228] (قال: وقت صلاة الغداة ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس).

(الثانیة) روایة عبید بن زرارة عن أبی عبدالله علیه السلام [229] (لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة، لا تفوت صلاة النهار حتی تغیب الشمس، و لا صلاة اللیل حتی یطلع الفجر و لا صلاة الفجر حتی تطلع الشمس). ولکن الروایتین ضعیفتان (الأولی) لأجل موسی بن بکر، فانه لم یوثق ـ (و الثانیة) لأجل علی بن یعقوب الهاشمی فانه أیضاً لم یوثق ـ کما تقدم ـ و من الغریب أن صاحب المدارک عبّر عنها بالموثقة مع أنه من أهل التحقیق و التدقیق فی الرجال.

و یمکن الاستدلال علی القول المشهور بصحیحة عبدالله بن سنان [230] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سهی أو نام و وقت المغرب حین تجب الشمس إلی أن تشتبک النجوم و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو من علة).

(و هذه) الصحیحة و إن استدل بها علی القول الآخر کما سیجییء إلا أنها علی القول المشهور أدل، و ذلک لوجهین (الأول) قوله (ع): (و أول الوقتین أفضلهما)، فان هذه الجملة ظاهرة فی أن الوقت الثانی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 129 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مفضول و مرجوح، لا أن التأخیر الیه لا یجوز، فهی قرینة علی أن المراد من قوله (ع): (و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً) هو کراهة التأخیر و مرجوحیته لا عدم جوازه ـ و المراد من قوله: (و لیس لأحد أن یجعل الخ) هو الالتزام بذلک دائماً و هو خلاف سنة رسول الله (ص)، فلا یجوز و أما مجرد التأخیر من غیر أن یجعل آخر الوقتین وقتاً دائمیاً فلا بأس به. (الثانی) قوله (ع): (ولکنه وقت من شغل) فان الشغل بما أنه لم یقید بالشغل الضروری یصدق علی کل شغل عادی عرفی، فاذاً یجوز التأخیر لأجل الاشتغال بالکتابة و الخیاطة و نحو ذلک، فمنه یستکشف أن الوقت للمختار لا ینقضی بتجلل السماء، و إلا لما کان الشغل العرفی، موجباً لجواز التأخیر فهذه الجملة قرینة أخری علی جواز التأخیر بلا فرض الاضطرار، فالمستفاد منها بملاحظة القرینتین أن للصبح وقتین (أحدهما) للفضیلة و هو، من طلوع الفجر الی تجلل السماء (الثانی) منه إلی طلوع الشمس و هو وقت الأجزاء، فهذه الصحیحة هی العمدة للقول المشهور و أما الروایتان الأولتان فهما مؤیدتان لها هذا (علی) أن فی الروایات الآتیة أیضاً ما یدل علی القول المشهور کما سننبه علیه ان شاء الله.

و أما قول الشیخ و ابن أبی عقیل و إبن حمزة، فاستدل له بروایات (منها) صحیحة الحلبی [231] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: وقت الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء، و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً، ولکنه وقت لمن شغل أو نسی أو نام).

(و فیه) أن قوله: (لمن شغل) ـ کما عرفت ـ قرینة علی جواز التأخیر، و إن کان ذلک، لأجل شغل عادی عرفی و لا دلیل علی أن المراد هو الشغل الضروری، فاذا کان مطلق الشغل موجباً لجواز التأخیر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 130 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[222] . الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 10 و 11

[223] . الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 10 و 11
[224] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 9
[225]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 3.

[226] . السورة 17/ الآیة 78.

[227]. الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ر 1
[228]. الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.

[229]. الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 9.

[230]. الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 5 و 6
[231]. الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 1

(131 - 135)

(131 - 135)

تدل الروایة علی التوسعة إلی طلوع الشمس غایة الأمر التأخیر العمدی مرجوح و لا إشکال فیه، فان المستفاد من الصحیحة أن الوقت الأفضل هو من طلوع الفجر الی تجلل السماء و الوقت المفضول منه الی طلوع الشمس. (و منها) روایة یزید بن خلیفة عن أبی عبدالله علیه السلام [232] (قال وقت الفجر حین یبدو حتی یضییء). (و فیه) أن یزید بن خلیفة لم یوثق فی کتب الرجال، فتکون الروایة ساقطة عن الاعتبار.

(و منها) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [233] (قال: لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء، و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سهی أو نام، و وقت المغرب حین تجب الشمس إلی أن تشتبک النجوم، و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو من علة).

(تقریب الاستدلال) أن جملتین من هذه الصحیحة ظاهرتان فی عدم جواز التأخیر (إحدیهما) قوله (ع): (و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً) (الثانیة) قوله (ع): (و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو علة) فقوله (ع): (و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء) قد عین الوقت الأول ـ و هو وقت المختار ـ فالتأخیر عنه لا یجوز إلا لذوی الأعذار. کالمشغول و الناسی و الساهی و النائم. و هذه هی عمدة ما استدل به القائل بعدم جواز التأخیر (و الجواب) عنه قد تقدم (ص 130) فلا حاجة إلی الإعادة، و قد عرفت أنها علی جواز التأخیر أدل، فتکون الصحیحة دلیلا علی القول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 130 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تدل الروایة علی التوسعة إلی طلوع الشمس غایة الأمر التأخیر العمدی مرجوح و لا إشکال فیه، فان المستفاد من الصحیحة أن الوقت الأفضل هو من طلوع الفجر الی تجلل السماء و الوقت المفضول منه الی طلوع الشمس. (و منها) روایة یزید بن خلیفة عن أبی عبدالله علیه السلام [232] (قال وقت الفجر حین یبدو حتی یضییء). (و فیه) أن یزید بن خلیفة لم یوثق فی کتب الرجال، فتکون الروایة ساقطة عن الاعتبار.

(و منها) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [233] (قال: لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء، و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سهی أو نام، و وقت المغرب حین تجب الشمس إلی أن تشتبک النجوم، و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو من علة).

(تقریب الاستدلال) أن جملتین من هذه الصحیحة ظاهرتان فی عدم جواز التأخیر (إحدیهما) قوله (ع): (و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً) (الثانیة) قوله (ع): (و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو علة) فقوله (ع): (و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء) قد عین الوقت الأول ـ و هو وقت المختار ـ فالتأخیر عنه لا یجوز إلا لذوی الأعذار. کالمشغول و الناسی و الساهی و النائم. و هذه هی عمدة ما استدل به القائل بعدم جواز التأخیر (و الجواب) عنه قد تقدم (ص 130) فلا حاجة إلی الإعادة، و قد عرفت أنها علی جواز التأخیر أدل، فتکون الصحیحة دلیلا علی القول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 131 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهور. (و منها) موثقة عمار بن موسی عن أبی عبدالله علیه السلام [234] (فی الرجل إذا غلبته عینه أو عاقه أمر أن یصلی المکتوبة من الفجر ما بین أن یطلع الفجر إلی أن تطلع الشمس، و ذلک فی المکتوبة خاصة) (الحدیث).

(تقریب الاستدلال) أنها تدل علی عدم جواز التأخیر، إلا لمن غلبه النوم أو عاقه أمر علی ما هو قضیة مفهوم الشرط.

(و فیه) أنها لا تدل علی عدم جواز التأخیر، بل تدل علی جواز التأخیر إلی أن تطلع الشمس، و ذلک، لأجل قوله (ع): (إذا عاقه أمر) فان الأمر المعوّق قد یکون أمراً عرفیاً عادیاً، و لم یفرض فیها أن یکون الأمر المعتوّق أمراً ضروریاً یصعب تأخیره، فاذاً یکون مفاد الروایة جواز التأخیر، لأجل شغل عادی عرفی، و هو مستلزم لامتداد الوقت إلی طلوع الشمس، فالاستدلال بها علی التوسعة أولی من الاستدلال علی التضییق. (و منها) صحیحة أبی بصیر لیث المرادی [235] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام، فقلت متی یحرم الطعام و الشراب علی الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر، فقال: إذا إعترض الفجر فکان کالقبطیة البیضاء، فثم یحرم الطعام على الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر، قلت أفلسنا فی وقت إلی أن یطلع شعاع الشمس، قال: هیهات أین یذهب بک تلک صلاة الصبیان).

(و فیه) أن هذه الصحیحة علی العکس أدل، فانها تدل علی جواز التأخیر إذ المستفاد منها أن التأخیر لا یناسب الکبار، لا أن وقت الکبار ینتهی و وقت الصبیان یبقی إلی طلوع الشمس، فان الوقت الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 132 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بما أنه أفضل ینبغی للکبار أن لا یتأخروا عنه. (و منها) صحیحته الأخری [236] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الصائم متی یحرم علیه الطعام، فقال: إذا کان الفجر کالقبطیة البیضاء، قلت: فمتی تحل الصلاة، فقال: إذا کان کذلک، فقلت ألست فی وقت من تلک الساعة إلی أن تطلع الشمس، فقال: لا إنما نعدها صلاة الصبیان، ثم قال: إنه لم یکن یحمد الرجل أن یصلی فی المسجد ثم یرجع فینبه أهله و صبیانه).

(و فیه) أن هذه الصحیحة أیضاً تناسب القول بجوار التأخیر، فان المستفاد منها مرجوحیة التأخیر إلی طلوع الشمس، لا عدم جوازه،

ثم لا یخفی أنه مما یدل علی عدم صحة هذا القول عنوان تجلل السماء المذکور فی صحیحتى الحلبی و عبدالله بن سنان المتقدمتین، فان تجلل السماء لیس له وقت محدود بحیث لا یتقدم و لا یتأخر، بل هو أمر یتحقق شیئا فشیئاً و یبسط الشعاع تدریجا، فکیف یمکن أن یکون وقت الصبح الذی لا یجوز التأخیر عنه محدداً به، مع أنه یختلف باختلاف الأنظار و الأشخاص فلو کان الوقت الأول مما لا یجوز التأخیر عنه، فلابد من أن یحدد بحد لا یقع فیه الإختلاف لانضباطه و ظهوره، فنفس التعبیر بتجلل الصبح السماء، یکشف عن جواز التأخیر عنه إختیاراً.

(بقی الکلام) فی ما عبّر به أصحاب هذا القول من التحدید بطلوع الحمرة‌حیث ذهبوا إلی إنتهاء‌الوقت الأول به، مع أن التحدید به لم یذکر فی إحدی من الروایات، بل المذکور فیها هو التحدید بتجلل الصبح السماء، فیقال: کیف حددوا بذلک؟ مع أنه غیر مذکور فی إحدی الروایات و هو یتحقق قبل ظهور الحمرة بقلیل (نعم) ورد ظهور الحمرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 133 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و وقت الجمعة من الزوال إلی أن یصیر الظل مثل الشاخص (1) فان أخرها عن ذلک مضی وقته و وجب علیه الإتیان بالظهر ،

 

فی صحیحة‌علی بن یقطین [237] (قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل لا یصلی الغداة حتی یسفر و تظهر الحمرة و لم یرکع رکعتى الفجر أیرکعهما أو یؤخرهما؟ قال: یؤخرهما).

(و فی) هذه الصحیحة (کما تری) لم یذکر ظهور الحمرة فی کلام الإمام علیه السلام بل ذکر فی کلام الراوی، و هذه الصحیحة أیضاً فیها إشعار بأن إنتهاء الوقت بطلوع الشمس، فکأن المرتکز فی ذهن الروای کان جواز إتیان الفریضة بعد طلوع الحمرة فسأل عن تقدیمها علی النافلة، و تأخیرها عنها: فالأولی أن یعبر بما فی الروایات و هو تجلل الصبح السماء (و هو یتحقق قبل ظهور الحمرة بقلیل) لا بظهور الحمرة لکنهم اعرفون بما قالوا.

(1) إختلفوا فی وقت الجمعة علی خمسة أقوال (القول الأول) إنه من الزوال إلی الفراغ منها مشتملة علی الآذان و الخطبة، فاذا مضی من الوقت مقدار الأذان و الخطبة و رکعتى الفریضة، فقد فاتت و لزم أدائها ظهراً، و هذا القول إختاره أبو صلاح الحلبی و ابن زهرة و ادعی الثانی الإجماع علیه. (القول الثانی) ما إختاره الشهید فی الدروس و البیان و الحلی فی السرائر: من أن صلاة الجمعة‌کالظهر یمتد وقتها إلی الغروب فالفرق بینهما بالکمیة لا بالکیفیة حیث أن الظهر أربع رکعات،‌ و الجمعة رکعتان، فهذان القولان متقابلان: (القول الثالث) ما ذهب إلیه المشهور ـ و هو الوسط بین القولین ـ من أن وقتها من الزوال إلی صیرورة الظل مثل الشاخص، و قد إدعی العلامة فی المنتهی الاجماع علیه و هو مختار الماتن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 134 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قدس سره، فالتزموا بفوات الجمعة بعد مقدار الشاخص و بوجوب الظهر تعییناً (القول الرابع) ما ذهب الیه الجعفی: من أن وقتها من الزوال إلی الساعة بعده. (القول الخامس) هو أن وقتها من الزوال إلی صیرورة الظل مقدار القدمین، و هذا القول إختاره المجلسیان و صاحب الحدائق قدس الله أسرارهم: ثم إنه ذکر جماعة من الأصحاب: إن القول المشهور لا دلیل علیه و لا یستفاد من شىء من الروایات أصلا. (و أما) القول بالتضییق الذی إختاره أبو صلاح و إبن زهرة: من أن وقتها من الزوال إلی مقدار الأذان و الخطبة و رکعتى الفریضة، فهو یستفاد من جملة من الروایات.

(منها) صحیحة الفضلاء عن أبی جعفر علیه السلام [238] (قال: إن من الأشیاء أشیاء موسعة و أشیاء مضیقة، فالصلاة مما وسع فیه تقدم مرة و تؤخر أخری، و الجمعة مما ضیّق فیها، فان وقتها یوم الجمعة ساعة تزول و وقت العصر فیها وقت الظهر فی غیرها). (و منها) صحیحة‌زرارة [239] (قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: إن من الأمور أموراً مضیقة و أموراً موسعة، و إن الوقت وقتان و الصلاة، مما فیه السعة فربما عجل رسول الله و ربما أخر إلا صلاة الجمعة، فان صلاة الجمعة من الأمر المضیق، إنما لها وقت واحد حین تزول، و وقت العصر یوم الجمعة‌وقت الظهر فی سائر الأیام. (و منها) صحیحة إبن مسکان (إبن سنان) عن أبی عبدالله علیه السلام [240] (قال: وقت صلاة الجمعة‌عند الزوال، و وقت العصر یوم الجمعة‌وقت صلاة الظهر فی غیر یوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 135 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[232] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 3 و 5

[233] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 3 و 5
[234] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 7

[235] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 1
[236] . الوسائل ب 28 من أبواب المواقیت ر 2
[237] . الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 1
[238] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 3 و 5 .

[239] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 3 و 5 .

[240] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 3 و 5 .

(136 - 140)

(136 - 140)

الجمعة و یستحب التکبیر بها): (و نحوها غیرها من الروایات [241] (تقریب الاستدلال): أن هذه الرویات صریحة فی القول المذکور، فلا مناص من الالتزام به.

(و فیه) أن الروایات و ان تکون ظاهرة فی الضیق إلا أنه لا یمکن الالتزام بظاهرها لوجوه (الأول) انه إن أرید من الضیق الضیق الحقیقی بحیث لابد من الشروع فیها أول الزوال بحسب الدقة، فهو تکلیف لا یمکن إمتثاله عادة إلا للنبی صلی الله علیه و آله و أمثاله، فان جبرئیل کان بخبره بالزوال فکان إتیانه (ص) لها فی أول الزوال ممکناً، و أما عامة المکلفین، فمن أین یعلمون أول الزوال بالدقة، بحیث یکون أول جزء من أذان صلاة الجمعة مقارناً لأول الزوال ـ فعلیه یکون جعل مثل هذا التکلیف لغواً لعدم إمکان إمتثاله لعامة‌المکلفین ـ (و الصلاة) لا تقاس بالصوم، فانه یمکن أن یقع من أول النهار بحسب الدقة، لامکان الامساک قبله من باب المقدمة، و أما الصلاة، فلا یمکن أن یقع جزء منها قبل الوقت لبطلانها بذلک.

(الوجه الثانی) أن الدلیل علی التأخیر موجود و هو صحیحة عبدالله ابن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [242] (قال: کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) یصلی الجمعة حین تزول الشمس قدر شراک، و یخطب فی الظل الأول، فیقول جبرئیل: یا محمد قد زالت الشمس فانزل فصل، و إنما جعلت الجمعة‌رکعتین من أجل الخطبتین، فهی صلاة حتی ینزل الامام علیه السلام). فان هذه الصحیحة تدل علی أنه (ص) کان یأتی بالجمعة حین صیرورة الظل قدر شراک (أى سیر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 136 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النعل علی ظهر القدم) و من الواضح ان الظل یصیر قدر الشراک بعد مضی مقدار من الزوال، فهی تکون قرینة علی أن المراد من الروایات المتقدمة لیس لزوم إتیان الجمعة فی أول آن من الزوال بحیث لو آخر عنه لفاتت بل المراد منها هو الوقت الأفضل ـ کما سیجیء ـ .

(الوجه الثالث) أن الروایات المبینة لوقت الصلاة فی یوم الجمعة علی انحاء (منها) ما هو مشتمل علی خصوص صلاة الجمعة کالصحاح الثلاثة المتقدمة، (و منها) ما هو مشتمل علی خصوص صلاة الظهر (کصحیحة) إسماعیل بن عبد الخالق [243] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر، فقال: بعد الزوال بقدم، أو نحو ذلک إلا یوم الجمعة أو فی السفر، فان وقتها حین تزول الشمس). (و کموثقة) سماعة [244] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: وقت الظهر یوم الجمعة حین تزول الشمس). (و منها) ما هو مطلق کصحیحة‌عبد الله بن سنان [245] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: إذا زالت الشمس یوم الجمعة فابدأ با لمکتوبة). و قریب منها غیرها.

و هذه الروایات ـ کما تری ـ سیقت علی نهج واحد و وتیرة واحدة، و المستفاد منها أن وقت صلاة الجمعة و صلاة الظهر فی یوم الجمعة واحد. و هو حین زوال الشمس، و بما أن وقت الظهر فی یوم الجمعة لایکون مضیقا بل موسع کسائر الأیام بالضرورة، فوقت الجمعة کذلک فان التعبیر بالمضیق و نحو ذلک إنما یکون بانسبة الی أول الوقت حیث أن النافلة یوم الجمعة تتقدم علی الزوال، فیکون وقت الفریضة داخلا بمجرد الزوال و یصدق أن وقتها ضیق ... و علی‌الجملة الروایات الدالة علی الضیق أو علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 137 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن وقتها حین تزول الشمس، لابد من أن تحمل على الأفضلیة و إلا فبعضها وردت فی خصوص الظهر و بعضها تشمل الظهر، و لم یقل أحد أن وقتها یوم الجمعة مضیق حتی أبی صلاح و إبن زهرة.

و مما یؤیّد ما ذکرناه أمران (الأول) قوله فی ذیل جملة من الروایات المتقدمة: (و وقت العصر یوم الجمعة وقت الظهر فی سائر الأیام). فان هذه الجملة أیضاً سیقت لبیان الوقت الأفضل لصلاة العصر لا لبیان أصل الوقت بحیث لایجوز تأخیرها عنه بداهة عدم الفرق فی جواز تأخیر العصر بین یوم الجمعة و غیره فمقتضی وحدة السیاق أن صدرها أیضاً سیقت لبیان الوقت الأفضل (الثانی) ما رواه محمد بن أبی عمر (عمیر) [246] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الصلاة یوم الجمعة، فقال: نزل بها جبرئیل مضیقة إذا زالت الشمس فصلها، قال: إذا زالت الشمس صلّیت رکعتین ثم صلّیتها، فقال أبو عبدالله علیه السلام: أما أنا فاذا زالت الشمس لم أبدأ بشیء قبل المکتوبة). فان هذه الروایة مساقها مساق الروایات الدالة علی ضیق وقت صلاة الجمعة حیث قال: (نزل بها جبرئیل مضیقة) و قال: (أما أنا فاذا زالت الشمس لم أبدأ بشیء قبل المکتوبة) (مع) أن المراد منها صلاة الظهر و ذلک لأجل جملتین منها الجملة الأولی قول الراوی: (اذا زالت الشمس صلّیت رکعتین ثم صلّیتها) الجملة الثانیة قول الامام (علی تقدیر الصدور) (و أما أنا فاذا زالت الشمس لم أبدأ بشیء قبل المکتوبة).

فان الظاهر من هاتین الجملتین أنهما أتیا بالمکتوبة فرادی و هی لا تکون إلا الظهر إذ الجمعة لاتؤتی إلا جماعة، فالمستفاد منها أن لیوم الجمعة خصوصیة توجب أن تؤتى المکتوبة فیه فی أول الزوال فالوقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 138 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأفضل فیه للصلاة هو أول الزوال سواء أتى بصلاة الظهر أو الجمعة و الوجه فی ذلک أن المستفاد من الروایات التی تأتی فی محلها إنشاء الله هو أن الفریضة فی سائر الأیام تؤخر من الزوال إلی القدم أو القدمین أو الذراع أو الذراعین، لمکان النافلة لئلا تزاحم الفریضة، و بما أن النافلة فی یوم الجمعة تتقدم علی الزوال یکون الأفضل أن یؤتى فیه بالفریضة فی أول الزوال ـ کما نطقت به الأخبار المتقدمة: ( و لا یخفی) أن فی سند روایة إبن أبی عمیر قاسم بن عروة و هو لم یوثق فلاجل هذا أوردناها للتأیید.

و قد تحصل مما ذکرناه أمور (الأول) أنه لیس المراد من الضیق المأخود فی ألسنة الروایات ما ذکره أبو صلاح و ابن زهرة من إنقضاء وقت الجمعة بمضی مقدار أدائها من الزوال، بل المراد منه هو الوقت الأفضل (الثانی) أن التعبیر بالضیق فی ألسنة الروایات إنما یکون لأجل عدم فصل النافلة بین الزوال و الفریضة، حیث إن النافلة فی یوم الجمعة تتقدم علی الزوال، فالوقت الأفضل یدخل بمجرد الزوال.

(الأمر الثالث) أن أفضلیة الأتیان بالفریضة فی أول الزوال فی یوم الجمعة لیست مختصة بصلاة الجمعة بل نعم صلاة الظهر أیضاً علی ما هو المستفاد من الروایات. هذا کله إن اراد المستدل من الضیق المأخوذ فی ألسنة الروایات المتقدمة الضیق الحقیقی، و قد عرفت أنه لا یمکن أن یکون مراداً بالاضافة إلی أصل وقت صلاة الجمعة بحیث یلزم من فواته فواتها. (و أما) إن أراد منه الضیق العرفی بمعنی أنه إذا تحقق الزوال فی یوم الجمعة و ثبت عند عامة المکلفین وجب الاتیان بصلاة الجمعة و إلا لخرج وقتها بعد مضی زمن یسع لها و لمقدماتها فهو أمر ممکن فی نفسه و لا یلزم منه الاستحالة و لا اللغویة، لامکان الامتثال لعامة المکلفین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 139 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلا أنه علی خلاف ظاهر الروایات الدالة علی التحدید بالزوال، فان الظاهر منها هو التحدید الحقیقی * ففی صحیحة الفضلاء (وقتها یوم الجمعة ساعة تزول) و فی صحیحة زرارة (انما لها وقت واحد حین تزول) و فی صحیحة ابن مسکان (وقت صلاة الجمعة عند الزوال) و فی صحیحة ابن سنان (اذا زالت الشمس یوم الجمعة فابدء بالمکتوبة) و نحوها ما ورد فی خصوص الظهر ففی صحیحة إسماعیل (فان وقتها حین تزول الشمس) و فی موثقة سماعة (وقت الظهر یوم الجمعة حین تزول الشمس). فعلیه لابد من حمل هذه الروایات علی الضیق الحقیقی بالاضافة إلی الوقت الأفضل، فنقول إن أفضل أوقات صلاة الجمعة هو أول الزوال لا أنه هو وقتها و لا وقت لها سواه ـ کما زعمه ابو صلاح و ابن زهرة قدس سرهما ـ و کذا الکلام بالاضافة إلی صلاة الظهر فی یوم الجمعة کما عرفت. (بقی شىء) ینبغی التنبیه علیه و هو أن روایة سماعة المتقدمة آنفاً رواها (محمد بن یعقوب عن محمد بن اسماعیل عن الفضل بن شاذان)، و محمد بن إسماعیل هذا محل کلام طویل بین الأصحاب، و هو مردد بین البرمکی، و النیسابوری الذی هو تلمیذ الفضل بن شاذان و إبن بزیع علی بعد [247] لبعد العهد بینه و بین الکلینی لا اشکال فی وثاقة إبن بزیع، و کذا البرمکی فان النجاشی وثقه (و أما) تضعیف إبن الغضائری له (علی ما حکاه العلامة فی الخلاصة) فلا یعتنى به لان الکتاب المنسوب إلیه لم یثبت عندنا أنه له (نعم) لو قال الشیخ أو النجاشی أن فلاناً ضعفه ابن الغضائری یعتمد علیه، ولکن الکلام فیما هو الموجود فی مانسب إلیه من الکتاب (و منه)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 140 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[241] . راجع الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة

[242] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 4 .
[243] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 7 و 14 و 15.

[244] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 7 و 14 و 15.

[245] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 7 و 14 و 15.
[246] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 16
[247] . فان محمد بن اسماعیل بن بزیع من اصحاب الکاظم و الجواد علیهما السلام و کان محمد بن یعقوب فی زمن الغیبة الصغری و لم یرو عن العسکری علیه السلام.

(141 - 145)

(141 - 145)

یظهر حال قول العلامة: إن فلانا ضعفه ابن الغضائری لأنه اخذه من الکتاب المذکور (و أما) النیسابوری فلم یرد فیه توثیق و لا تضعیف، فاذاً یکون من یروی عنه الکلینی کثیراً و هو یروی عن الفضل بن شاذان مردداً بین ثقة و مجهول. (و لکن) الذی یهون الخطب أن هذا السند بعینه موجود فی أسناد کامل الزیارات، فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه فاذاً تصبح الروایات التی هو فی سندها معتبرة. هذا (علی) أن هناک أموراً تقرّب أن محمد بن إسماعیل هذا هو البرمکی علی ما ذکره الاردبیلی فی جامع الرواة.

و اما قول الجعفی من أن وقتها یمتد إلى ساعة بعد الزوال، فأستدل له بروایتین (إحدیهما) ما رواه الشیخ (فی المصباح) باسناده عن حریز عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [248] (قال: أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلی أن تمضی ساعة تحافظ علیها، فان رسول الله صلی الله علیه و آله قال: لا یسئل الله عزوجل فیها عبد خیراً إلا أعطاه الله). (الثانیة) ما رواه الصدوق مرسلا و هی مطابقة لما رواه الشیخ، فمن المظنون أنهما روایة واحدة رواها الشیخ مسندة و رواها الصدوق مرسلة (ثم) لا یخفی ان ما رواه الشیخ صحیح من حیث السند لانه قدس سره قال فی الفهرست فی ترجمة حریز: ما ملخصه: (ان جمیع کتبه و روایاته وصل إلیه بثلاثة طرق). ـ و کلها معتبر [249] فعلیه یکون إسناده الیه صحیحاً مطلقاً سواء وقع فی التهذیبین او فی المصباح او فی غیرها و هذا بخلاف ما ذکره فی مشیخة التهذیب فان هناک قال: (ما ذکرناه فی هذا الکتاب عن) فلان مثلا ـ الحسین بن سعید ـ فقد أخبرنا به فلان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 141 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مثلا ـ الشیخ أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان المفید... الخ. و هذا الکلام منه یختص بکتاب التهذیب و لا یشمل غیره، فلو وجدنا منه روایة فی المصباح ـ مثلا ـ یروی عن الحسین بن سعید، لا مجال للحکم بان الواسطة بینهما کان هو المفید قدس سره. لان المفروض أنه لم یقل: إن جمیع روایاته و کتبه وصل إلی بواسطة المفید، هذا ما یرجع إلی سندها. (و أما) دلالتها، فغیر تامة، لان الساعة المذکورة فی الصحیحة لیس المراد منها الساعة المتعارفة فی زمننا ـ و هی ستون دقیقة ـ لأن الساعة بهذا المعنی لم تکن متعارفة فی زمن صدور الروایات یقینا، بل المراد منها قد یکون مطلق الوقت کما فی قوله علیه السلام: (اول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس) اى وقت تزول الشمس و قد یکون المراد: مقدار من الزمان کما فی قوله علیه السلام (الی أن تمضی ساعة) فالمراد منها مقدار من الوقت فقد تطلق علی الاقل و قد تطلق علی الأکثر، فعلیه لا تنافی هذه الصحیحة ما ذهب إلیه المشهور من إمتداد الوقت إلی أن یصیر الفیء مثل الشاخص، فان مقداراً من الوقت قابل للانطباق علی صیرورة الفیء مثل الشاخص. (و بعبارة واضحة) أن قوله (ع): (الی أن تمضی ساعة) إن أرید منه مضی مقدار أداء الفریضة من الزوال، فتکون حال هذه الصحیحة حال الروایات المتقدمة الدالة علی أن وقت الصلاة یوم الجمعة اول الزوال، فتحمل علی الافضلیة مثلها.

و إن ارید منه مضی مقدار أزید منه، فهو قابل لأن ینطبق علی مقدار صیرورة الفیء مثل الشاخص کما هو مختار المشهور، و علی أى تقدیر لا تکون الصحیحة منافیة للقول المشهور، بل قابلة للإنطباق علیه * (و لو تنزلنا عن ذلک) و سلمنا أن المراد من الساعة: هی الساعة المتعارفة یکون المراد منها هو الوقت الأول، فتکون الصحیحة فی مقام بیان الوقت الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 142 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذی هو الأفضل لا جمیع الوقت ـ (و الذی یؤکده) ما فی ذیل الصحیحة من قوله (ع): (لا یسئل الله فیها عبد خیرا إلا أعطاه الله) فان الوقت الذی یستجاب فیه الدعوات هو الوقت الأول الأفضل. فلا یستفاد من هذه الصحیحة أن بعد هذا الوقت لا تکون الجمعة مشروعة حتی تکون منافیة للقول المشهور.

و أما القول بانتهاء وقت الجمعة عند صیرورة الفیء مقدار القدمین کما إختاره المجلسیان و صاحب الحدائق قدس الله أسرارهم، فلا دلیل علیه إلا أحد أمرین علی سبیل منع الخلو (الأول) ما فی بعض الروایات [250] من أن (وقت العصر فی یوم الجمعة هو وقت الظهر فی سائر الأیام)، و حیث ثبت أن وقت الظهر بعد القدمین و الذراع لأجل النافلة فی بقیة الایام ففی یوم الجمعة. بما أنه لا نافلة قبلها بعد الزوال، فطبعا یصیر وقت الجمعة من أول الزوال إلی القدمین و وقت العصر من القدمین إلی آخر الوقت. (و بعبارة اخری) إن صلاة الجمعة تقع فی وقت النافلة، فصلاة العصر تقع فی وقت الظهر طبعاً، و حیث أن وقت النافلة فی بقیة الأیام ینتهی عند بلوغ الفیء مقدار القدمین، فوقت الجمعة یوم الجمعة کذلک، فلو أخرها عنه لابد من الاتیان بصلاة الظهر.

و فیه أن الروایات و إن نطقت بذلک إلا أن التضییق لا یستفاد منها بحیث لا تکون الجمعة مشروعة بعد مقدار القدمین، و ذلک لأن هذه الروایات غیر مختصة بمن یصلی الجمعة بل مطلقة تشمل جمیع المکلفین و إن لم یصل الجمعة کالمسافر و المریض و الفاقد لبعض شرائط الجمعة و الذی یختار الظهر للتخییر بینهما و ان کان واجداً للشرائط فلازم هذا القول أن وقت الظهر أیضاً مضیق فی یوم الجمعة، فتفوت صلاة الظهر فیها بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 143 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القدمین و لا یجوز التأخیر عن ذلک، و هذا مقطوع الفساد، فعلیه لا تکون هذه الروایات ناظرة إلا إلی عدم النافلة فی یوم الجمعة بعد الزوال، فلا موجب لتأخیر العصر إلی ذراعین و أربعة أقدام، لا أنه لا تکون الجمعة مشروعة بعد القدمین و لا العصر بعد أربعة اقدام، فکما أن الظهر غیر مضیقة فی یوم الجمعة فکذلک الجمعة.

(الامر الثانی) أن الأدلة الدالة علی وجوب الظهر من الزوال إلی الغروب مطلقة تشمل جمیع الأیام، و الخارج منها یوم الجمعة حیث أن الظهر لا تجب فیها علی الفرض، بل الواجب فیها هی صلاة الجمعة، و القدر المتیقن عدم وجوب الظهر من الزوال إلی القدمین، فبعدما صار الظل مقدار القدمین نشک فی وجوب الجمعة و الظهر، فمقتضی الاستصحاب وجوب الجمعة، و مقتضی الاطلاقات وجوب الظهر و بما أن مقتضی التحقیق فی مثل المقام هو التمسک بالعموم و الاطلاق لا التمسک باستصحاب حکم المخصص، یکون المتعین فی المقام هو التمسک بالاطلاق و الالتزام بوجوب الظهر فقط، فان الأصل اللفظی مقدم علی الأصل العملی، فیحکم بسقوط الجمعة إذا بلغ الفیء مقدار القدمین.

و فیه أنه لیس المورد من موارد دوران الامر بین التمسک بالعموم و الاطلاق و التمسک باستصحاب حکم المخصص، بل الامر دائر بین التمسک باطلاق الدلیل المخصص و التمسک باطلاق الدلیل العام، و ذلک، لأن مادل علی وجوب صلاة الجمعة أیضاً مطلق لا قصور فی إطلاقه أصلا، فاذاً لا إشکال فی أن المتعین هو الأخذ بالخاص و رفع الید عن العام بمقدار الدلیل الخاص لما هو المحقق فی محله من أن إطلاق الدلیل الخاص حاکم علی إطلاق الدلیل العام، فعلیه یکون الأوجه فی بدو النظر ما إختاره الشهید و إبن إدریس من إمتداد وقت الجمعة إلی الغروب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 144 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و وقت فضیلة الظهر من الزوال (1) إلی بلوغ الظل الحادث بعد الانعدام أو بعد الانتهاء مثل الشاخص، و وقت فضیلة العصر من المثل الی المثلین علی المشهور، ولکن لا یبعد ان یکون من الزوال الیهما.

 

(ولکن) الذی یمنعنا من الالتزام بذلک وجهان (الأول) تسالم الفقهاء علی انتهاء وقت الجمعة بصیرورة الفیء مثل الشاخص و العلامة فی المنتهی إدعی علیه الاجماع و لم یعتن بالمخالف. (الثانی) انه لم یعهد من الأئمة و لا من غیرهم الاتیان بصلاة الجمعة بعد صیرورة الظل مثل الشاخص و لو مرة واحدة، و لم یرد روایة واحدة علی جواز تأخیرها عن ذلک الحد، فلو وقع لنقل إلینا جزماً، لأن صلاة الجمعة کانت مورد الابتلاء لعامة الناس، فمن ذلک نطمئن أن الأوجه هو القول المشهور و إن ذکروا أنه لا دلیل علیه.

(1) نسب الی المشهور أن وقت فضیلة الظهر الی المثل و وقت فضیلة العصر منه إلی المثلین و قبله یختص وقت الفضیلة بالظهر ولکن الماتن کما عرفت إختار أن أول وقت فضیلة العصر من الزوال الی المثلین، فالکلام یقع فی مقامین (المقام الأول) فی مبدء وقت الفضیلة، فنقول: الروایات الواردة فی المقام علی ثلاث طوائف (الطائفة الأولی) ما یستفاد منه أن مبدء فضیلة الظهر من القدم و مبدء فضیلة العصر من القدمین و هی عدة روایات (منها) صحیحة إسماعیل بن عبد الخالق [251] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر، فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک إلا فی یوم الجمعة أو فی السفر فان وقتها حین تزول).

فان المستفاد من هذه الصحیحة بقرینة استثناء السفر و یوم الجمعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 145 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[248] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 19.

[249]. راجع الفهرست ترجمة حریز ص 88 من النسخة المطبوعة سنة 1380.
[250] . راجع الوسائل ب 8 من ابواب صلاة الجمعة ر 1 و 3 و 5 و غیرها.
[251]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 11.

(146 - 150)

(146 - 150)

هو أن الامام علیه السلام فی مقام بیان وقت الفضیلة، فان النافلة بما أنها تسقط فی السفر و تتقدم فی یوم الجمعة علی الزوال یکون أول الزوال وقت فضیلتها و أما فی الحضر و غیر یوم الجمعة فبما أن النافلة مستحبة بعد الزوال فالوقت من الزوال إلی القدم وقت للنافلة، فیکون الأفضل إتیان الظهر بعدها و المراد من قوله: (أو نحو ذلک) ما یقرب من القدم و المستفاد منه أنه لا خصوصیة للقدم بل العبرة بالفراغ من النافلة.

(و منها) موثقة سعید الأعرج (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی عبدالله علیه السلام [252] (قال: سألته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک إلا فی السفر أو یوم الجمعة، فان وقتها إذا زالت).

و هذه الموثقة کالصحیحة المتقدمة من حیث الدلالة، فالمستفاد منها أن وقت الفضیلة بعد القدم أو ما یقرب منه (و أما) أصل الوقت فقد تقدم أنه یدخل بالزوال جزماً، فالتأخیر إلی القدم لأجل النافلة.

(و منها) موثقة ذریح المحاربی [253] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: سئل أبا عبدالله علیه السلام أناس و أنا حاضر (الی أن قال:) فقال بعض القوم: إنا نصلی الأولی إذا کانت علی قدمین و العصر علی أربعة أقدام،‌فقال أبو عبدالله علیه السلام: النصف من ذلک أحب إلی).

(تقریب الاستدلال) واضح، فان نصف القدمین و أربعة أقدام هو القدم. و القدمان، فالمستفاد منها أن المحبوب إتیان الظهر بعد القدم و إتیان العصر بعد القدمین و هو معنی وقت الفضیلة. و قریب منها غیرها.

(الطائفة) الثانیة مادل علی الذراع و الذراعین و القدمین و أربعة أقدام (منها) صحیحة الفضلاء [254] عن أبی جعفر و أبی عبدالله علیهما السلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 146 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(أنهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلک قدمان و هذا أول الوقت إلی أن تمضی أربعة أقدام للعصر). هذا علی ما رواه الشیخ (وأما) علی ما رواه الصدوق فآخر الروایة قوله (ع): (قدمان) و الذیل و هو قوله: (و هذا أول الوقت إلی أن تمضی أربعة أقدام للعصر) غیر موجود (و قد یتوهم) أن هذه الصحیحة ناظرة إلی المنتهی بدعوی أن القدمین آخر وقت فضیلة الظهر و أربعة أقدام آخر وقت فضیلة العصر فتکون الروایة أجنبیة عما هو محل الکلام فعلا.

(و فیه) أولا أنه خلاف ظاهر الصحیحة، فانها ظاهرة فی المبدء ـ (و ثانیاً) أن ذیلها ـ بناء علی روایة الشیخ کما نقلنا ـ یدل علی أن المراد هو المبدأ حیث قال (ع) : (و هذا أول الوقت إلی أن تمضی أربعة أقدام للعصر) و هذه الجملة (کما تری) صریحة فی أن المراد هو أول الوقت ـ نعم لم یذکر الذیل فی روایة الصدوق، ولکنه لا یضر، فان طریق الشیخ أیضاً صحیح.

(و منها) صحیحة زرارة و هی ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [255] (قال: سألته عن وقت الظهر، فقال ذراع من زوال الشمس، و وقت العصر ذراعان (ع) من وقت الظهر، فذاک أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال: إن حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة و کان إذا مضی منه ذراع صلی الظهر و اذا مضی منه ذراعان صلی العصر) (الحدیث).

و ذیل هذه الصحیحة (کما تری) صریح فی أن وقت الظهر بعد الذراع من الزوال ووقت العصر بعد الذراعین منه ـ و لا إشکال فی أن المراد هو وقت الفضیلة ـ و إلا فأصل الوقت یدخل بالزوال کما عرفت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 147 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [256] (فی حدیث) (قال: کان حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله قبل أن یظلل قامة، و کان إذا کان الفیء ذراعاً و هو قدر مربض عنز صلی الظهر، فاذا کان ضعف ذلک صلی العصر).

و هذه الروایة رواها الکلینی أیضاً ولکن فی سنده سهل بن زیاد و هو ضعیف لم یثبت وثاقته. و أما سند الشیخ فصحیح، فان ابراهیم بن هاشم الواقع فیه ثقة لأجل وقوعه فی اسناده کامل الزیارات و لأن إبن طاووس إدعی الاتفاق علی وثاقته و هی ظاهرة الدلالة علی أن فضیلة الظهر بعد الذراع و فضیلة العصر بعد الذراعین.

(و منها) موثقة إسماعیل الجعفی عن أبی جعفر علیه السلام [257] (قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان قال: قلت: لم؟ قال: لمکان الفریضة لئلا یؤخذ من وقت هذه و یدخل فی وقت هذه).

و هذه الروایة (کما تری) واضحة الدلالة علی أن وقت الظهر بعد الذراع و وقت العصر بعد الذراعین و علی أن الذراع و الذراعین وقت للنافلة. (و أما) سندها ففیه کلام فان إسماعیل الجعفی مرددبین إسماعیل بن عبد الرحمن الجعفی و إسماعیل بن عبد الخالق الجعفی و إسماعیل بن جابر الجعفی و الأولان لا بأس بهما [258]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 148 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکن الأخیر محل کلام طویل ذکره النجاشی و لم یوثقه، و ذکر الشیخ إسماعیل بن جابر الخثعمی و وثقه حیث قال فی رجاله: (إسماعیل بن جابر الخثعمی الکوفی ثقة ممدوح له أصول رواها عنه صفوان بن یحیی).

(ولکن) الظاهر أن الخثعمی إشتباه، فان إسماعیل بن جابر الخثعمی لا وجود له فی کتب الرجال أصلا ـ (علی) أن العلامة نقل عن الشیخ إسماعیل بن جابر الجعفی و الموجود فی الرجال المطبوع جدیداً فی أصفهان أیضاً هو الجعفی، فان القوبائی (و هو معرّب کوبائی) نقل فیه عن رجال الشیخ إسماعیل بن جابر الجعفی فعلیه یکون ضبط الخثعمی إشتباهاً من النّساخ، و یکون الذی وثقه الشیخ فی رجاله هو إسماعیل بن جابر الجعفی فاذاً تکون الروایة معتبرة لأن اسماعیل الجعفی الواقع فی سندها ثقة أیاً من الثلاثة کان.

و کیفما کان الروایات الدالة علی الذراع و الذراعین و القدمین و أربعة أقدام لا یبعد أن تبلغ حد التواتر الاجمالی، للعلم بأن بعضها صادر من المعصوم علیه السلام.

(الطائفة الثالثة) هی الروایات الدالة علی القامة و القامتین و هی ما أستدل بها للقول المشهور ـ و هی عدة روایات (منها) روایة یزید ابن خلیفة [259] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: إن عمر بن حنظلة أتانا عنک، بوقت، فقال: إذاً لا یکذب علینا، قلت: ذکر أنک قلت: إن أول صلاة إفترضها الله علی نبیه (ص) الظهر، و هو قول الله عزوجلّ: أقم الصلاة لدلوک الشمس، فاذا زالت الشمس لم یمنعک إلا سبحتک، ثم لا تزال فی وقت إلی أن یصیر الظل قامة و هو آخر الوقت، فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر، فلم تزل فی وقت العصر حتی یصیر الظل قامتین و ذلک المساء قال صدوق).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 149 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و هذه الروایة واضحة الدلالة علی أن وقت الظهر یدخل بعد النافلة و یمتدّ إلی القامة، و وقت العصر یدخل بعدها و یمتد إلی قامتین و المراد بالقامه هو قامة الانسان یقینا و لا یحتمل أن یکون المراد هو الذراع و الذراعان، و ذلک لقوله: (و ذلک المساء) فان المساء یتحقق عرفاً و لو بالمسامحة بعد ما یصیر الظل مقدار قامتى الانسان، و أما بعد ما صار الظل مقدار ذراعین، فلا یتحقق المساء بوجه لا حقیقة و لا مسامحة.

(ولکنها) ضعیفة السند لأجل یزید بن خلیفة، فانه لم یوثق، فلا حجیة فیها.

(و منها روایة محمد بن حکیم [260] (قال: سمعت العبد الصالح و هو یقول: ان أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و أول وقت العصر قامة و آخر وقتها قامتان، قلت: فی الشتاء و الصیف سواء، قال: نعم). و هذه الروایة أیضاً واضحة الدلالة علی القول المشهور، فان المراد بالقامة قامة الشخص لا الذراع کما التزم به صاحب الحدائق قدس سره، و ذلک لأنه خلاف الظاهر، و لا یمکن الالتزام به بلا دلیل (نعم) وردت روایات فسّرت القامة بالذراع (منها) روایتان [261] لعلی بن حنظلة (و منها) روایتان لعلی بن أبی حمزة [262] ولکنها ضعیفة إلا روایة واحدة لعلی بن حنظلة و هی موثقة قال: قال ابو عبدالله علیه السلام (فی کتاب علی علیه السلام، القامة ذراع و القامتان الذراعان) ولکن دلالتها غیر تامة فان کون القامة بمعنی الذراع فی کتاب علی (ع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 150 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[252]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 17 و 22 و 1.

[253] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 17 و 22 و 1.

[254] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 17 و 22 و 1.
[255] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 3.
[256]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 7 ـ على طریق الشیخ ـ

[257] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 21.

[258] . أما إسماعیل بن عبد الخالق، فقد وثقه النجاشی صریحاً، و أما إسماعیل بن عبد الرحمان فقد ذکره النجاشی فی ترجمة بسطام قال بسطام بن الحصین بن عبد الرحمان الجعفی ابن أخی خیثمة و إسماعیل کان وجهاً فی أصحابنا و
أبوه و عمومته و کان أوجههم إسماعیل). قال سیدنا الأستاذ دام ظله: إن ظاهر هذا الکلام أنه کان أوجههم فی الروایة، فیستفاد منه حسنه.
[259]. الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 1.
[260] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 29 و 14 و 26 و 15 و 16 و موثقة علی بن حنظلة هی ما رواه الشیخ باسناده عن الحسن بن محمد ابن سماعة عن محمد بن زیاد عن خلیل العبدی عن زیاد بن عیسی عن علی بن حنظلة، و قد تقدم (فی ص 83) ثبوت وثاقة علی بن حنظلة فراجع.

[261] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 29 و 14 و 26 و 15 و 16 و موثقة علی بن حنظلة هی ما رواه الشیخ باسناده عن الحسن بن محمد ابن سماعة عن محمد بن زیاد عن خلیل العبدی عن زیاد بن عیسی عن علی بن حنظلة، و قد تقدم (فی ص 83) ثبوت وثاقة علی بن حنظلة فراجع.

[262]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 29 و 14 و 26 و 15 و 16 و موثقة علی بن حنظلة هی ما رواه الشیخ باسناده عن الحسن بن محمد ابن سماعة عن محمد بن زیاد عن خلیل العبدی عن زیاد بن عیسی عن علی بن حنظلة، و قد تقدم (فی ص 83) ثبوت وثاقة علی بن حنظلة فراجع.

الصفحات (151 - 200)

الصفحات (151 - 200)

(151 - 155)

(151 - 155)

لا یستلزم أنه کذلک فی کلام الصادق (ع) (نعم) محمد بن حکیم أیضاً لم یوثق، فلا یتم الاستدلال بها علی القول المشهور (و منها) ما رواه الحسن بن محمد الطوسی فی المجالس [263] (بأسناد أوردها صاحب الوسائل فی کیفیة الوضوء) عن أمیر المؤمنین علیه السلام (الی أن قال (ع) فان رجلا سئل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم عن أوقات الصلاة، فقال (ص): أتانی جبرئیل فأرانی وقت الظهر (الصلاة) حین زالت الشمس، فکانت علی حاجبه الأیمن ثم أرانی وقت العصر و کان ظل کل شیء مثله ثم صلی المغرب حین غربت الشمس الحدیث.)

و هذه الروایة أیضاً دلالتها علی القول المشهور تامة و لکنها ضعیفة السند فان فی طریقها عدة من المجاهیل.

(و منها) صحیحة أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی. [264] (قال: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر، فکتب قامة للظهر و قامة للعصر). و هذه الصحیحة إن کانت ناظرة إلی المبدء و المنتهی تم الإستدلال إلا أن الظاهر أنها ناظرة إلی المنتهاء فقط، و ذلک، لأنه من البعید أن البزنطی کان لا یعرف أن أول الوقت هو الزوال، فسئله عنه، بل الظاهر أن المبدء کان مفروغاً عنه عنده فسئل عن المنتهی، فتکون حال هذه الصحیحة حال صحیحة أحمد بن عمر [265] عن أبی الحسن علیه السلام (قال: سألته عن وقت الظهر و العصر فقال: وقت الظهر إذازالت الشمس إلى أن یذهب الظل قامة و وقت العصر قامة و نصف إلی قامتین).

 

فان هذه الصحیحة ظاهرة فی بیان المنتهی و ناظرة الیه، و لا یحتمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 151 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تکون ناظرة إلی المبدء أیضاً لأنه لم یقل أحد أن مبدء وقت العصر من قامة و نصف، فالمراد أن المبدء هو الزوال و الظهر منه الی القامة و العصر منه إلی قامة و نصف إلی قامتین، فلا تدل علی ما اختاره المشهور من أن وقت العصر بعد المثل الی المثلین * و صحیحة ابن أبی نصر کذلک فانه من المحتمل قویاً ان السؤال و الجواب ناظران إلی المنتهى، فتدل علی انتهاء وقتهما بالقامه و القامتین و أما أن وقت العصر یدخل فی أى زمان، فلا دلالة لها علیه.

(و منها) موثقة زرارة [266] (قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن وقت صلاة الظهر فی القیظ، فلم یجبنی، فلما أن کان بعد ذلک قال لعمر بن سعید بن هلال: إن زرارة سألنی عن وقت صلاة الظهر فی القیظ، فلم أخبره فخرجت (حرجت) من ذلک، فاقرأه منی السلام و قل له: إذا کان ظلک مثلک فصل الظهر، و إذا کان ظلک مثلیک فصل العصر).

(و هذه الموثقة) أیضاً لا تدل علی المسلک المشهور، لأنها (کما تری) تدل علی أن مبدء وقت الظهر المثل و مبدء وقت العصر المثلان، و المشهور أنهما منتهی الوقتین، فاذاً لابد من حملها علی عنوان ثانوی و هو إرادة الابراد لأجل شدة الحر، فیکون المستفاد من الروایة إستحباب التأخیر إلی المثل و المثلین فی شدة الحر، و لعل الوجه فیه هو أن الحر اذا کان شدیداً یتأذی المصلی من الحرارة، فیسلب عنه الخضوع و الخضو ع و الاقبال الی الصلاة بخلاف ما اذا إنخفضت الحرارة فان حصول الخضوع و الاقبال ممکن حینه، فلهذا أمر بالتأخیر، فالاستدلال بها علی المسلک المشهور لا یتم جزماً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 152 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) موثقة معاویة بن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام [267] (قال: أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة، فأتاه حین زالت الشمس فأمره فصلی الظهر ثم أتاه حین زاد الظل قامة فأمره فصلی العصر ثم أتاه حین غربت الشمس فأمره فصلی المغرب ثم أتاه حین سقط الشفق، فأمره فصلی العشاء ثم أتاه حین طلع الفجر، فأمره فصلی الصبح ثم أتاه من الغد حین زاد فی الظل قامة، فأمره فصلی الظهر ثم أتاه حین زاد فی الظل قامتان فأمره فصلی العصر ثم أتاه حین غربت الشمس فامره فصلی المغرب ثم أتاه حین ذهب ثلث اللیل فامره فصلی العشاء ثم أتاه حین نوّر الصبح فامره فصلى الصبح ثم قال: ما بینهما وقت) * (و هذه الموثقة) تامة من حیث السند و واضحة الدلالة علی القول المشهور فانها کالصریح فی أن أول وقت العصر قامة و آخره قامتان و قد تقدم أن إرادة الذراع من القامة خلاف الظاهر و لا یمکن المصیر الیه بلا دلیل.

(وقد یقال): إن هذه الموثقة معارضة بروایتین أخیرتین (إحدیهما) ما رواه معاویة بن میسرة عن أبی عبدالله علیه السلام [268] (قال: أتی جبرئیل (و ذکر مثلها) إلا أنه قال بدل القامة و القامتین: ذراع و ذراعین).

(الثانیة) ما رواه مفضل بن عمر [269] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: نزل جبرئیل (و ذکر مثلها) إلا أنه ذکر بدل القامة و القامتین قدمین و أربعة أقدام).

و حیث أن الموثقة مبتلاة بمعارضة هاتین الروایتین و لا علم لنا بأن الصادر عن الامام علیه السلام هل هو القامة و القامتان أو الذراع و الذراعان اللذان هما یوافقان القدمین و أربعة أقدام تسقط عن صلاحیة الاستدلال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 153 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بها للقول المشهور.

(ولکن) ما ذکره هذا القائل لایتم و ذلک لأن الطریقین الآخرین کلاهما ضعیف (الأول) لأجل معاویة بن میسرة (الثانی) لأجل مفضل ابن عمر و هما لم یوثقا فی کتب الرجال، فلا تصلحان لمعارضة الموثقة ـ فاذاً تبقی الموثقة بلا معارض، و مقتضاها الأخذ بما التزم به المشهور من أن وقت فضیلة الظهر من زوال الشمس إلی أن یصیر الظل مثل الشاخص و وقت فضیلة العصر من المثل إلی المثلین.

(ولکن) الذی یمنعنا من الأخذ بمقتضاها مخالفتها للروایات الکثیرة المتواترة إجمالا کما أشرنا الیها حیث دلت علی أن فضیلة الظهر بعد القدم و القدمین، و فضیلة العصر بعد ذراع و ذراعین أو بعد قدمین و أربعة أقدام و لاشک فی أن بعضها صادر عن المعصوم ـ (و أما) موثقة إبن وهب فهی شاذة نادرة، فلابد من طرحها أو تأویلها، لأنها مخالفة للسنة القطعیة، فلا تصل النوبة إلی التعارض هذا أولا.

(و ثانیاً) لو تنزلنا عما ذکرنا و قلنا بعدم التواتر الاجمالی فی تلک الروایات تقع المعارضة بینها و الموثقة، فمقتضی الموثقة الانتظار لدرک فضیلة العصر إلی المثل و مقتضی تلک الروایات عدم الانتظار، بل الأفضل الاتیان بها بعد القدمین و حیث أن الموثقة للعامة لأن القول بالمثل و المثلین حکی عنهم تتقدم تلک الروایات علیها، لأنها مخالفة للعامة و هی من المرجحات فی باب التعارض فعلیه تطرح الموثقة أو تحمل القامة المذکورة فیها علی قامة، رحل رسول الله (ص) فأنها کانت مقدار ذراع، فیکون المراد من القامة ذراعاً و من القامتین ذراعین، و إن کان الحمل بعیداً، و لکنه ورد فی عدة من الروایات کما مرت الاشارة الیها و هو أولی من الطرح.

(و على الجملة) الموثقة أما تطرح أو تحمل علی التقیة أو تحمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 154 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علی بعض المحامیل و إن کان بعیداً.

بقی الکلام فی وجه الجمع بین تلک الروایات، فان بعضها یشتمل علی القدم و القدمین و بعضها یشتمل علی القدمین و أربعة أقدام و بعضها یشتمل علی ذراع و ذراعین (فنقول): وجه الجمع بینها الحمل علی مراتب الفضیلة، ‌فمادل علی إتیان الظهر بعد القدم و العصر بعد القدمین یحمل علی الأفضلیة و مادل علی إتیان الظهر بعد القدمین و العصر بعد أربعة أقدام یحمل علی الفضیلة، فالأفضل إتیان الظهر بعد القدم و العصر بعد القدمین یحمل و دونه فی الفضل إتیان الظهر بعد القدمین و العصر بعد أربعة أقدام و کذا الذراع و الذراعان، فالاتیان بالظهر قبل ذراع و بالعصر قبل ذراعین أفضل من تأخیرهما عن هذا المقدار.

(و یشهد) لهذا الجمع مادل من الروایات علی التعجیل ما استطعت و أوضح روایة منها تدل علی ذلک موثقة ذریح المحاربی [270] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: سأل أبا عبدالله علیه السلام أناس و أنا حاضر (الی أن قال) فقال بعض القوم إنا نصلی الأولی إذا کانت علی قدمین و العصر علی أربعة أقدام، فقال أبو عبدالله علیه السلام: النصف من ذلک أحب الی) فان نصف القدمین هو القدم و نصف الأربعة قدمان، فهی تدل علی أفضلیة الصلاتین بعد القدم و القدمین . ـ هذه (علی أنه) یمکن الإستدلال علیه بآیتى المسارعة و الإستباق فان المستفاد منهما أفضلیة الصلاة فی أول الوقت حیث أن إتیانها فی أول الوقت من المسارعة إلی المغفرة و من الإستباق إلی الخیر.

إن قلت إن ما ذکرتم من أفضلیة الإتیان بالصلاتین بعد القدم و القدمین ینافیه ما هو المنقول من فعل النبی الأکرم صلی الله علیه و آله فقد ورد فی عدة روایات أنه صلی الله علیه و آله صلى الظهر بعد الذراع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 155 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[264] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 12و 9.

[265] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 12و 9.
[266] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 13.
[267] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 7.

[268] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 7

[269] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 7
[270] . الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 22

(156 - 160)

(156 - 160)

و العصر بعد ذراعین. (منها) موثقة إسماعیل الجعفی (باسحاق بن عمار) عن أبی جعفر علیه السلام [271] (قال: کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا کان فىء الجدار ذراعاً صلی الظهر و إذا کان ذراعین صلی العصر (الحدیث).

(و منها) موثقة زرارة (بالحسن بن محمد بن سماعة) [272] (قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: کان حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله قامة، فاذا مضی من فیئه ذراع صلی الظهر، و إذا مضی من فیئه ذراعان صلی العصر ثم قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان قلت: لا، قال: من أجل الفریضة إذا دخل وقت الذراع و الذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة).

(و منها) صحیحة زرارة المتقدمة ص 147 (و منها) صحیحة عبدالله بن سنان المتقدمة ص 148 و نحوها غیرها. (فیقال) کیف یکون الأفضل هو الإتیان بعد القدم و القدمین و النبی الأکرم کان یصلی بعد الذراع و الذراعین و من الواضح أن کل ذراع یساوی قدمین و الذراعان یساویان أربعة أقدام.

قلت: إن عمله صلی الله علیه و آله کان لأجل التوسعة‌علی الناس فکان یؤخر لیجتمع الناس و یدرکوا الجماعة و لا یکونوا فی ضیق، فلا تنافی بین أن یکون الأفضل هو التقدیم إذا لو حظت الصلاة من حیث هی و أن یکون هناک جهة أخری تقتضی أفضلیة التأخیر و هی الجماعة، فلو دار الأمر بین الصلاة فرادی فی أول الوقت و جماعة بعد القدمین لاشک فی أفضلیة الثانی فعمله (ص) هذا لایدل علی أفضلیة التأخیر مطلقاً * (علی) أنه یمکن أن یقال: لا تحدید بالنسبة إلی أول الوقت أصلا فمن أول الزوال یدخل وقت فضیلة الظهر و بعد الاتیان بها یدخل وقت فضیلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 156 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العصر، (و ذلک) لأن عدة من الروایات دلت علی أنه اذا دخل الوقت لایمنعک إلا سبحتک، فالتأخیر إلی القدم و القدمین إنما یکون لأجل النافلة (بل) فی صحیحة محمد بن أحمد بن یحیی صرح بنفی القدم و القدمین [273] (قال: کتب بعض أصحابنا إلی أبی الحسن علیه السلام: روی عن آبائک القدم و القدمین و الأربع و القامة و القامتین و ظل مثلک و الذراع و الذراعین فکتب علیه السلام: لا القدم و لاالقدمین، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین و بین یدیها سبحة و هی ثمانی رکعات فإن شئت طوّلت و إن شئت قصرت ثم صل الظهر فاذا فرغت کان بین الظهر و العصر سبحة و هی ثمانی رکعات ان شئت طولت و ان شئت قصرت ثم صل العصر).

و المستفاد من هذه الصحیحة أن المکلف إن خفف النافلة و أتى بالظهر قبل القدم و بالعصر قبل القدمین، فقد أتی بالصلاة فی وقتها الأفضل * (و الذی) یدل علی ما ذکرناه أیضاً الروایات الدالة علی إتیان الظهر فی یوم الجمعة و فی السفر فی أول الزوال، فان النافلة حیث إنها تسقط فی السفر و تتقدم علی الزوال فی یوم الجمعة أمروا علیهم السلام باتیان الظهر أول الزوال.

(منها) صحیحة إسماعیل بن عبد الخالق [274] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر، فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک إلا فی یوم الجمعة أو فی السفر، فان وقتها حین تزول). (و منها) موثقة سعید الأعرج (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی عبدالله (ع) [275] (قال: سألته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک إلا فی السفر أو یوم الجمعة، فان وقتها إذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 157 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زالت). (و منها) موثقة سماعة عن أبی عبدالله علیه السلام [276] (قال: وقت الظهر یوم الجمعة حین تزول الشمس). (و منها) صحیحة عبدالله ابن سنان [277] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: اذا زالت الشمس یوم الجمعة، فابدء بالمکتوبة). (و منها) صحیحة حریز [278] (قال: سمعته یقول: أما أنا اذا زالت الشمس یوم الجمعة بدأت بالفریضة و أخرت الرکعتین إذا لم أکن صلیتهما). (و منها) روایة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [279] (قال: صلاة المسافر حین تزول الشمس، لانه لیس قبلها فی السفر صلاة) (الحدیث) و هذه الروایة ضعیفة لأجل موسی بن بکر حیث أنه فی سندها و لم یوثق فتکون مؤیدة للروایات الأخری.

و المستفاد من هذه الروایات أن التأخیر فی غیر السفر و یوم الجمعة إنما یکون لأجل الاتیان بالنافلة حیث قال فی بعضها: (بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک) و أما فیهما فیما أنه لا نافلة قبلها بعد الزوال فتؤتی الفریضة فی أول الزوال، لانه لا مقتضی للتأخیر أصلا کما صرح بهذا فی روایة زرارة (و منه) یظهر أنه لو لم یرد المکلف الاتیان باالنافلة کان الأفضل له أن یأتی بالظهرین فی أول الوقت إذ المقتضی للتأخیر لیس إلا النافلة. هذا تمام کلامنا فی المقام الأول. (المقام الثانی) فی المنتهی، المشهور بینهم أن انتهاء فضیلة الظهر صیرورة ظل الشاخص مثله، و انتهاء‌فضیلة العصر صیرورة الظل مثلیه ـ کما اختاره الماتن. و هو الصحیح، لأنه هو المستفاد من الروایات *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 158 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(منها) موثقة‌معاویة بن وهب المتقدمة ص 153 عن أبی عبدالله علیه السلام [280] (قال: أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة فأتاه حین زالت الشمس، فأمره فصلی الظهر، ثم أتاه حین زاد الظل قامة، فأمره، فصلی العصر (إلی أن قال): ثم أتاه من الغد حین زاد فی الظل قامة فأمره فصلی الظهر ثم أتاه حین زاد فی الظل قامتان فأمره فصلی العصر (إلی أن قال): و ما بینهما وقت).

فان الظاهر من هذه الموثقة أن من الزوال إلى القامة وقت فضیلة الظهر و من القامة إلی القامتین وقت فضیلة العصر و أما الزائد عن الحدین فهو وقت الأجزاء ـ فنلزم بمدلولها بالنسبة إلی المنتهی

و أما بالنسبة إلی مبدء وقت فضیلة العصر فلا یمکن الأخذ بمدلولها لما عرفت من أنها مخالفة للروایات البالغة حد التواتر الدالة علی أن وقت فضیلة العصر یدخل بعد القدمین و الذراع، بل قد عرفت أن المستفاد من الروایات هو أن وقت فضیلة العصر بالنسبة إلی من لا یأتی بالنافلة یدخل بالفراغ من الظهر.

(و منها)‌صحیحة إبن أبی النصر البزنطی المتقدمة [281] (قال: سئلته عن وقت صلاة الظهر و العصر، فکتب قامة للظهر و قامة للعصر).

و قد تقدم إستظهار أنها ناظرة إلی المنتهى، فتکون فی مقام تحدید إنتهاء وقت فضیلة الصلاتین، فیکون المراد منها أن وقت فضیلة الظهر ینتهی عند القامة، و وقت فضیلة العصر ینتهی عند القامتین.

(و منها) صحیحة أحمد بن عمر المتقدمة ص 151 عن أبی الحسن علیه السلام [282] (قال: سألته عن وقت الظهر و العصر، فقال: وقت الظهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 159 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا زاغت الشمس إلی أن یذهب الظل قامة و وقت العصر قامة و نصف إلی قامتین).

و هذه الصحیحة (کما تری) ظاهرة فی تحدید وقت فضیلة الظهر من المبدء الی المنتهى و أما بالنسبة الی العصر فقد حدّدت وقت فضیلتها من حیث المنتهی فقط لما عرفت من انه لا یمکن حمل قامة و نصف الی قامتین علی أول وقت فضیلة العصر، لأنه لم یقل به أحد من الأصحاب.

(و لا یخفی) أن المراد بالظل هو ما یحدث بعد الانعدام أو یزید بعد إنتهاء النقصان (و الأول) یتفق فی بعض الأیام من فصول السنة فی البلاد التی لایتجاوز عرضها عن ثلاث و عشرین درجة من خط الاستواء (و الثانی) یتفق فی هذه البلاد کثیراً، و فی البلاد التی یتجاوز عرضها عن ثلاث و عشرین درجة دائماً، فان البلاد الخارجة عن المیل الأعظم الشمالی أو الجنوبی لا ینعدم الظل فیها فی أی فصل من فصول السنة، و التفصیل موکول إلی محله و سیأتی إن شاء الله.

(ثم) لا یذهب علیک أن المذکور فی صحیحة الفضلاء المتقدمة ص 147 [283] عن أبی جعفر و أبی عبدالله علیهما السلام هکذا (قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر بعد ذلک قدمان) (و قد زاد فی روایة الشیخ) و هذا أول وقت إلی أن تمضی أربعة أقدام، للعصر).

و فی هذه الصحیحة إحتمالان (أحدهما) أن یکون المراد من الذیل بیان وقت العصر و أنه بعد أربعة أقدام إلی أربعة أقدام، فیکون إنتهائه ثمانیة أقدام من الزوال، فعلیه تکون الصحیحة منافیة للروایات الدالة علی امتداد وقت فضیلة العصر الی المثلین و القامتین، فحینئذ لابد من حملها علی الأفضلیة، فیکون الأفضل أن لا یؤخر العصر عن ثمانیة أقدام و هی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 160 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[271] . الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 10 و 27

[272] . الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 10 و 27
[273] . الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 13.

[274] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 11 و 17

[275] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 11 و 17
[276] . الوسائل ب 8 من ابواب صلاة الجمعة ر 14 و 15 و 20.

[277] . الوسائل ب 8 من ابواب صلاة الجمعة ر 14 و 15 و 20.

[278] . الوسائل ب 8 من ابواب صلاة الجمعة ر 14 و 15 و 20.

[279] . الوسائل ب 6 من ابواب المواقیت ر 1
[280] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 5.

[281] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 12 و 9.

[282] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 12 و 9
[283] . الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 21

(161 - 165)

(161 - 165)

و وقت فضیلة المغرب من المغرب (1) الی ذهاب الشفق، أی

 

قامة و سبع لأن کل قامة یساوی سبعة‌أقدام و دونها فی الفضل قامتان.

(و ثانیهما) أن یکون المراد من الذیل هو أن وقت الظهر من الزوال إلی أن تمضی أربعة أقدام للعصر، فالتعبیر بأربعة أقدام لأجل مقدمیتها للعصر فان دخول وقت العصر متوقف علی مضی أربعة أقدام، فعلیه تکون الصحیحة مثل الروایات الدالة علی الذراع و الذراعین، فیستفاد منها أن وقت العصر بعد أربعة أقدام، فعلیه لاتکون الصحیحة فی مقام بیان آخر وقت العصر، و حینئذ لاتنافی بینها و بین مادل علی أن إنتهاء‌وقت العصر القامتان أو المثلان، و هذا الاحتمال هو الأظهر عرفاً.

(و یؤید) ما ذکرناه من المثل و المثلین روایة یزید بن خلیفة المتقدمة ص 149 [284] (الی أن قال): فاذا زالت الشمس لم یمنعک إلا سبحتک ثم لا تزال فی وقت إلی أن یصیر الظل قامة و هو آخر الوقت، فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر، فلم تزل فی وقت العصر حتی یصیر الظل قامتین، و ذلک المساء قال: صدوق * (فقد) تحصل مما ذکرناه أن المستفاد من الروایات ما هو المشهور من إمتداد وقت الفضیله إلی المثل و المثلین، هذا بالاضافة إلی المنتهی ـ و أما بالنسبة إلی المبدء، فقد تقدم أن مبدء فضیلة العصر عند المشهور هو المثل ولکنک عرفت أن المستفاد من الروایات لیس ذلک، بل المستفاد منها أن المبدء لوقت فضیلة کلتا الصلاتین هو الزوال، فاذاً یکون الأقوی ما إختاره الماتن قدس سره.

(1) اتفقت الروایات علی أن مبدء وقت المغرب و فضیلتها من المغرب و أما أن المغرب بأی شیء یتحقق، فهو محل کلام بین الفقهاء و سیجیء* تحقیقه انشاء الله ـ و کذا إتفقت الروایات علی أن إنتهاء‌فضیلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 161 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمرة المغربیة، و وقت فضیلة العشاء من ذهاب الشفق (1) الی ثلث اللیل فیکون لها وقتا اجزاء ذهاب الشفق، و بعد الثلث الی النصف

 

المغرب بذهاب الحمرة و سقوطها عن طرف المغرب، و مادل من الروایات علی إنتهاء وقت المغرب بذهاب الشفق و الحمرة المغربیة قد حملت علی إنتهاء وقت الفضیلة کما تقدم هذه بالنسبة إلی الحاضر، و أما المسافر، فیمتد وقت الفضیلة له إلی ربع اللیل کما عرفت.

(1) الروایات فیها أیضاً متفقة علی أن أول وقت فضیلتها ذهاب الشفق و إنتهائه ثلث اللیل، فعلیه یکون للعشاء وقتا إجزاء (أحدهما) من الغروب إلی ذهاب الحمرة (الثانی) من ثلث اللیل إلی نصفه، و مادل علی وقت فضیلتها عدة روایات.

(منها) موثقة معاویة بن وهب المتقدمة عن أبی عبدالله علیه السلام [285] (قال: أتی جبرئیل رسول الله بمواقیت الصلاة (إلی أن قال): ثم أتاه حین غربت الشمس فأمره فصلی المغرب ثم أتاه حین سقط الشفق فأمره فصلی العشاء (إلی أن قال): ثم أتاه حین ذهب ثلث اللیل، فأمره فصلی العشاء (إلی أن قال) و ما بینهما وقت). فان المستفاد من هذه الموثقة أن ما بین سقوط الشفق إلی ثلث اللیل وقت للفضیلة، و إلا فأصل وقت العشاء من الغروب إلی نصف اللیل کما تقدم. (و منها) موثقة ذریح المحاربی عن أبی عبدالله علیه السلام [286] (قال: أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله فأعلمه مواقیت الصلاة (إلی أن قال): وصل العتمة إذا غاب الشفق (إلی أن قال) وصل المغرب قبل سقوط الشفق، وصل العتمة حین ذهب ثلث اللیل ثم قال: ما بین هذین الوقتین وقت) (الحدیث).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 162 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و وقت فضیلة الصبح من طلوع الفجر الی حدوث الحمرة فی المشرق (1)

 

(تقریب الاستدلال) ما تقدم من أن التحدید من سقوط الشفق إلی ثلث اللیل ناظر إلی وقت الفضیلة و إلا فوقت العشاء من الغروب إلی نصف اللیل کما هو المستفاد من الآیة و الروایات المتقدمة. (و منها) روایة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام [287] (إلی أن قال): (فاذا غاب الشفق دخل وقت العشاء و آخر وقت المغرب إیاب الشفق فاذا آب الشفق دخل وقت العشاء و آخر وقت العشاء ثلث اللیل) (الحدیث). و هذه الروایة واضحة من حیث الدلالة، فان التحدید بایاب الشفق و ثلث اللیل ناظر إلی وقت الفضیلة، لما تقدم من أن وقت العشاء من الغروب أی نصف اللیل ـ و لکن السند ضعیف لأجل موسی بن بکر فانه لم یوثق (نعم) روی الکشی روایتین علی مدحه قد یستظهر منهما حسنه ولکن الراوی هو نفسه فلا یثبت مدحه بروایة نفسه (فقد تحصل) مما إستفدناه من روایات الباب أن مبدء وقت المغرب و فضیلتها هو غروب الشمس، و منتهی وقت فضیلتها سقوط الشفق و مبدء وقت فضیلة العشاء سقوط الشفق، و منتهاه ثلث اللیل ـ و من الغروب إلی سقوط الشفق، و من ثلث اللیل إلی نصف اللیل وقتا إجزاء للعشاء.

(1) قد تقدم أن المشهور هو ما ذکره الماتن قدس سره و بعد طلوع الحمرة وقت إجزاء أو إضطراری على خلاف تقدم و قد تقدم أن وقت الاجزاء یمتد إلی طلوع الشمس و أما الحمرة فلم تذکر أنها إنتهاء‌وقت الفضیلة حتی فی روایة ضعیفة نعم ذکرت فی الروایات أربعة عناوین (الاضائة و التنویر و الاسفار و التجلل) فما إشتمل علی الاضائة روایتان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 163 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إحداهما روایة یزید بن خلیفة عن أبی عبدالله علیه السلام [288] (قال وقت الفجر حین یبدو حتی یضیء). و المراد بالاضائة هی إضائة جمیع السماء حتی لاتبقی الظلمة فی ناحیة‌منها و أما إضائة المشرق، فهی تتحقق بعد طلوع الفجر بدقائق و هی من وقت الفضیلة کما إشتملت علیها الروایة الآتیة ـ و مقتضی الجمع بین هذه الروایة و الروایات الدالة علی إمتداد وقت الصبح إلی طلوع الشمس حملها علی بیان وقت الفضیلة إلا أن الروایة ضعیفة لأجل یزید بن خلیفة. فلا یعتمد علیها.

(الثانیة) روایة زرارة المتقدمة آنفاً الحاکیة لفعل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم [289] (إلی أن قال): (فاذا طلع الفجر و أضاء صلی الغداة) ـ ولکن المراد من الإضائة هنا إضائة خصوص المشرق لا إضائة جمیع السماء ـ کما هو المراد فی روایة یزید بن خلیفة، فان النبی الأکرم (ص) کان یصلی فی وقت الفضیلة لا بعدها (ولکن) هذه الروایة أیضاً ضعیفة لأجل موسی بن بکر، فانه لم یوثق فی کتب الرجال کما عرفت، فلا یعتمد علیها.

(و أما ما إشتمل علی التنویر) فهی موثقة معاویة بن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام [290] (قال: أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بمواقیت الصلاة (الی أن قال) ثم أتاه حین طلع الفجر فأمره فصلی الصبح (الی أن قال): ثم أتاه حین نوّر الصبح فأمره. فصلی الصبح ثم قال: ما بینهما وقت.

(و اما ما اشتمل علی الإسفار) فهی موثقة ذریح عن أبی عبدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 164 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه السلام [291] (قال: أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله، فأعلمه مواقیت الصلاة فقال: صل الفجر حین ینشق الفجر (الی أن قال): ثم أتاه من الغد، فقال: أسفر بالفجر فأسفر (الی أن قال): و ما بین هذین الوقتین وقت) (الحدیث).

(و اما ما اشتمل علی التجلل) فصحیحتان (إحدیهما) صحیحة الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام [292] (قال وقت الفجر حین ینشق الفجر الی أن یتجلل الصبح السماء و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً، ولکنه وقت لمن شغل أو نسی أو نام. (الثانیة) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام [293] (قال لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما و وقت صلاة الفجر حین ینشق الفجر إلی أن یتجلل الصبح السماء) (الحدیث). و الظاهر ان العناوین الأربعة المذکورة فی هذه الروایات بمعنی واحد و هو تنوّر السماء أجمع بحیث لا تبقی الظلمة فی ناحیة منها الا فی روایة زرارة، فان المراد فیها إضائة خصوص المشرق. فان ثبت أن الحمرة ملازمة لها صح ما ذکره المشهور من أن وقت فضلیة الصبح ینتهی بظهور الحمرة (ولکن) الظاهر عدم ثبوت الملازمة، و لا یبعد أن یکون تجلل السماء و تنورها قبل ظهور الحمرة بقلیل، فاذاً یکون وقت الفضیلة ممتداً إلى هذا الحد لا إلى ظهور الحمرة لما عرفت من أنها لم ترد فی مقام التحدید ـ نعم ذکرت الحمرة فی الفقه الرضوی ـ و کتاب دعائم الاسلام ـ ففی الأول (ص 2) (و آخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة فی أفق المغرب و قد رخص للعلیل و المسافر و المضطر إلی طلوع الشمس). و فی کتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 165 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[284] . الوسائل ب 10 من ابواب المواقیت ر 1
[285] . الوسائل ب 10 من المواقیت ر 5 و 8 .

[286] . الوسائل ب 10 من المواقیت ر 5 و 8 .
[287] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 3 .
[288] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 3 .

[289] . الوسائل ب 10 أبواب المواقیت ر 3 و 5.

[290] . الوسائل ب 10 أبواب المواقیت ر 3 و 5.
[291] . الوسائل ب 10 من أبواب المواقیت ر 8

[292] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 1و 5

[293] . الوسائل ب 26 من أبواب المواقیت ر 1و 5

(166 - 170)

(166 - 170)

دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد علیهما السلام [294] (قال: أول وقت صلاة الفجر إعتراض الفجر فی أفق المشرق، و آخر وقتها أن یحمر أفق المغرب) (الحدیث) (ولکنهما) یدلان علی خلاف ما ذکره المشهور و هو ظهور الحمرة فی المغرب و المشهور هو ظهور الحمرة فی المشرق و لم یقل أحد بظور الحمرة فی المغرب * (علی) أنهما ضعیفان فان روایة دعائم مرسلة، و الفقه الرضوی لم یثبت کونه روایة فضلا عن حجیته کما مر غیر مرة.

نعم وردت الحمرة فی صحیحة علی بن یقطین [295] (قال: سئلت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل لا یصلی الغداة حتی یسفر و تظهر الحمرة و لم برکع رکعتى الفجر أیرکعهما أو یؤخرهما؟ قال: یؤخرهما) (و قد یتخیل) أنه یستفاد من هذه الصحیحة أن وقت فضیلة الصبح یمتد إلی طلوع الحمرة بتقریب أن سؤال علی بن یقطین عن الاتیان بالنافلة بعد ظهور الحمرة یدل علی أن السؤال إنما وقع عن تقدیم النافلة و تأخیرها لأجل أن وقت فضیلة الصبح ینتهی بظهور الحمرة فکأن جواز الاتیان بالنافلة قبل الفریضة عند بقاء وقت فضیلتها کان أمراً مرتکزاً فی ذهن علی بن یقطین ـ و جواب الامام علیه السلام بالتأخیر مشعر بأن وقت الفضیلة حیث أنه ینتهی بظهور الحمرة، فلا ینبغی تأخیرها عن ذلک و أما النافلة فلا بأس بتأخیرها.

( ولکنه) تخیل فاسد و ذلک لأن السؤال فیها ناظر الی أن وقت النافلة یبقی إلی هذا الحد أم لا فکأن المرتکز فی ذهن الراوی کان بقاء وقتها الی قرب ظهور الحمرة و إنتهائه به فقرره الامام علیه السلام علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 166 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 1) یعرف الزوال بحدوث ظل (1) الشاخص

 

ذلک، فلا دلالة فیها علی أن ظهور الحمرة آخر وقت الفضیلة ـ نعم فیها إشعار بانتهاء وقت النافلة بظهور الحمرة فکأنه کان مرتکزاً فی ذهن الراوی فقرّره الامام علیه فحکم بتأخیر النافلة (ولکنه) لو تم هذا الاشعار للزم منه مزاحمة النافله للفریضة فی وقت فضیلتها بناء علی المشهور من أن وقت الفضیلة یمتد إلی ظهور الحمرة و ذلک لأن مقتضی هذا الاشعار أنه لو بقی من طلوع الحمرة مقدار أداء النافلة قدمت علی الفریضة مع أنه یوجب وقوع الفریضة فی خارج وقت الفضیلة و هذا معنی المزاحمة.

(و قد تقدم) أن المستفاد من الروایات المشتملة علی الظهرین و نوافلهما أن النافلة لا تزاحم الفریضة فی وقت فضیلتها (و فیه) أنه لا مانع من الالتزام به، و لا وجه للاستیحاش بعد قیام الدلیل علیه، فان المتبع أوامرهم علیهم السلام، فالصحیحة علی تقدیر تمامیة دلالتها تکون مقیدة للاطلاقات الدالة علی أن النافلة لا تزاحم الفریضة فی وقت فضیلتها، ولکنک عرفت أنه لا دلیل علی بقاء وقت فضیلة الفریضة إلی ظهور الحمرة، بل ینتهی وقت الفضیلة بتجلل السماء بل نفس هذه الصحیحة مؤکدة لما ذکرناه من إنتهاء وقت فضیلة الصبح بتجلل الصبح السماء، و ذلک، لاجل قوله (ع) (حتی یسفر و تظهر الحمرة) فان الاسفار بمعنی تجلل السماء کما عرفت.

و احتمال کون جملة (و تظهر الحمرة) عطفاً تفسیریاً لقوله: یسفر بعید إذ الظاهر أنه من ذکر الخاص بعد العام، فان الأسفار فی أول تحققه یفترق عن ظهور الحمرة و بعد زمان قلیل یجتمعان و أما ظهور الحمرة فلا یفارق الأسفار بل ملازم لها.

(1) ما ذکره صحیح، فان الشمس إذا طلعت یحدث لکل شاخص علی وجه الأرض ظل ممتد الی المغرب، فکلما إرتفعت الشمس ینقص

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 167 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المنصوب معتدلا فی أرض مسطحة بعد إنعدامه، کما فی البلدان التی تمر الشمس علی سمت الرأس کمکة فی بعض الأوقات أو زیادته بعد انتهاء نقصانه، کما فی غالب البلدان و مکة فی غالب الأوقات.

 

الظل شیئاً فشیئاً، فاذا بلغت الشمس إلی دائرة نصف النهار ینعدم الظل فی البلدان التی تمر الشمس علی سمت الرأس و ینقص غایته فی البلدان التی لا تمر علی سمت الرأس، فان کان المدار شمالیاً بالنسبة الیها یکون الظل جنوبیاً و إن کان المدار جنوبیاً یکون الظل شمالیاً، فاذا جاوزت الشمس دائرة نصف النهار یحدث الظل إلی جهة المشرق فی فرض الانعدام، و یزید شیئاً فشیئاً فی فرض النقصان، فحدوث الظل بعد الانعدام أو زیادته بعد النقصان علامة قطعیة للزوال. (بیان ذلک) أن دائرة نصف النهار خط موهومی یمر القطبین ـ أی قطبى الجنوب و الشمال ـ فهذا الخط یقسم العالم نصفین و خط الاستواء خط موهومی آخر یفرض من نقطة الشرق إلی نقطة الغرب و هو أیضاً یقسم العالم نصفین أحدهما الشمالی و الآخر الجنوبی و حیث أن هذا الخط یقاطع خط نصف النهار ینقسم العالم الی أربعة أقسام فالشمس فی أول برج الحمل و أول برج المیزان یکون مدارها هو خط الاستواء، فالبلاد الواقعة تحت خط الاستواء ینعدم الظل فیها فی ذینک الیومین، و البلاد الواقعة بین المیل الأعظم الجنوبی و المیل الأعظم الشمالی ینعدم الظل فیها یومین أحدهما عند الصعود و الآخر عند الهبوط (و أما) البلاد المسامتة للمیل الأعظم الشمالی و المیل الأعظم الجنوبی، فینعدم الظل فیها فی یوم واحد و هو أول السرطان فی المیل الأعظم الشمالی و اول الجدی فی المیل الأعظم الجنوبی.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 168 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و یعرف أیضاً بمیل الشمس الی الحاجب الأیمن لمن واجه نقطة الجنوب (1) و هذا التحدید تقریبی کما لا یخفی. و یعرف

 

ثم إن المیل الأعظم یساوی ثلاثاً و عشرین درجة من عرض البلاد فالبلاد الواقعة فی عرض خط الاستواء بثلاث و عشرین درجة ینعدم الظل فیها عند المیل الأعظم یوماً واحداً بلا فرق بین العرض الشمالی و العرض الجنوبی کما عرفت، و الشمس فی تسعین یوماً تبلغ من خط الاستواء الی المیل الأعظم الجنوبی و الی المیل الأعظم الشمالی فیستوعب کل درجة من عرض البلاد أربعة أیام تقریباً (و أما) البلاد الواقعة فی عرض اکثر من ثلاث و عشرین درجة، فلا ینعدم الظل فیها أصلا، لان الشمس لا تکون مسامتة لرؤوس أهلها فی فصل من الفصول فان الشمس فی الربیع تسیر من خط الاستواء الی المیل الأعظم الشمالی،‌و فی الصیف ترجع منه الی خط الاستواء و فی الخریف تسیر منه الی المیل الأعظم الجنوبی، و فی الشتاء ترجع منه إلی خط الاستواء، فالبلاد الخارجة عن المیل الأعظم الشمالی یکون الظل فیها جنوبیاً دائماً ـ و لا فرق فیما ذکرنا بین القول بحرکة الأرض و سکون الشمس و عکس ذلک، فان النتیجة واحدة، لما عرفت من أن حدوث الظل بعد الأنعدام أو زیادته بعد النقصان أمارة قطعیة للزوال.

(1) ما ذکره صحیح، فان میل الشمس إلی الحاجب الأیمن علامة تقریبیة، و ذلک لوجهین (الأول) عدم إمکان إستقبال نقطة الجنوب حقیقة بحسب للعادة بحیث إذا فرض الخط من الجبهة وصل نقطة الجنوب مثل الخط المار من نقطة الشمال إلی نقطة الجنوب فان إستقبال نقطة الجنوب حقیقة ملازم لکون الخط المار من نقطة الشمال إلی نقطة الجنوب علی قمة الرأس و الجبهة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 169 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أیضاً بالدائرة الهندیة، و هی أضبط و أمتن (1) و یعرف المغرب

 

حقیقة،‌و إحراز هذا مشکل عادة.

( الثانی) لو فرض إحراز الاستقبال الحقیقی لنقطة الجنوب فلا یمکن إحراز میل الشمس إلی الحاجب الأیمن فی أول زمانه، بل هذا یحتاج إلی مضی زمان غیر قلیل، فلهذا لا یمکن إحراز أول الزوال بذلک تحقیقاً (و أما) ما ذکره المحقق و جماعة من أن الزوال یتحقق عند میل الشمس إلی الحاجب الأیمن عند إستقبال القبلة، فهو لا یتم إلا فی البلاد التی تکون قبلتها واقعة فی نقطة الجنوب کالموصل مثلا،) (و أما) البلاد التی لا تکون قبلتها کذلک بل کانت واقعة بین الجنوب و المشرق کما فی لبنان و ما قاربها أو بین الجنوب و المغرب کما فی بعض نقاط ایران أو کانت واقعة فی نقطة المشرق کما فی جدة او فی بعض جهات أخری، فلا یتم فیها أصلا، فان فی لبنان تمیل الشمس الی الحاجب الأیمن عند استقبال القبلة قبل الزوال و فی بعض نقاط إیران لا تمیل الشمس الی الحاجب الأیمن عند استقبال القبلة و لو بعد الزوال إلا بعد مضی مدة من الزوال و فی البلاد التی تکون قبلتها فی نقطة الشمال تمیل الشمس عند الزوال إلی الحاجب الأیسر، و هکذا یختلف باختلاف قبلة البلاد.

(1) الأمر کما ذکره فانها أمارة للزوال تحقیقاً لا تقریبا و هی معروفة واضحة (بیانها) أنه یرسم الدائرة علی أرض مستویة و ینصب مقیاس محدّد الرأس فی مرکزها بحیث تکون نسبة المقیاس إلی محیط الدائرة متساویة من حیث القرب و البعد من کل طرف منها، و لا یلزم أن یکون طول المقیاس مقدار ربع قطر الدائرة بل اللازم کونه بمقدار یدخل ظله فی الدائرة عند إرتفاع الشمس، فاذا طلعت الشمس یکون ظله خارجاً عن الدائرة، فکلما إرتفعت الشمس ینقص الظل حتی یدخل فیها، فاذا دخل الظل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 170 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[294] . المستدرک ب 20 من ابواب المواقیت

[295] . الوسائل ب 51 من ابواب المواقیت ر 1

(171 - 175)

(171 - 175)

بذهاب الحمرة المشرقیة عن سمت الرأس (1) و الأحوط زوالها عن تمام ربع الفلک من طرف المشرق

 

علمّ علامة فی موضع الدخول ثم تترصد خروج الظل، فعلمّ علامة فی موضع الخروج ثم رسّم خطا من المدخل الی المخرج و نصّفه ثم رسّم خطا من المنتصف إلی المرکز، فبعد ذلک الیوم کلما و صل ظل الشاخص الی هذا الخط یعلم أن الشمس علی دائرة نصف النهار، فاذا جاوزه یتحقق الزوال تحقیقاً، و هذه العلامة لا تتخلف أبداً و الظاهر أن جداری الصحن الشریف فی النجف الأشرف الشرقی و الغربی مساویان لدائرة نصف النهار، لأنه کلما زالت الشمس یستوعب الضوء الجدار الشرقی و یحدث الظل للغربی و الأمر کذلک فی جمیع الفصول الأربعة کما جربنا مراراً، فلعل شیخنا البهائی راعی حساب الدائرة الهندیة عند تأسیس الصحن الشریف.

(1) لاخلاف بین المسلمین فی أن وقت صلاة المغرب و إنتهاء وقت الظهرین هو الغروب انما الخلاف فیما یتحقّق به الغروب المعروف بین المتأخرین هو أن الغروب یتحقق بزوال الحمرة المشرقیة عن سمت الرأس کما هو مختار الماتن قدس سره ـ (و العامة‌بأجمعهم) ذهبوا الی أنه إستتار القرص حساًً و إختاره جماعة کثیر منا کالسید المرتضی و الصدوق فی العلل و من لا یحضر و الشیخ فی المبسوط و إبن الجنید و المحقق فی الشرائع قال فیه: و یتم الغروب باستتار القرص و قیل بذهاب الحمرة و هو الأشهر (و نسب الی بعضهم) ذهاب الحمرة‌عن جمیع جهة الشرق من مابین قطبى الجنوب و الشمال، و هذا القول لم نعرف له قائلاً جزماً فالأقوال فی المسألة ثلاثة (القول الأول) ما هو المعروف بین المتأخرین و اختاره الماتن من أنه یتحقق بذهاب الحمرة‌عن سمت الرأس (القول الثانی) هو أنه یتحقق بإستتار القرص (القول الثالث) ما نسب الی بعضهم من أن الغروب یتحقق بذهاب الحمرة عن جمیع جهة الشرق و منشأ الاختلاف هو إختلاف الروایات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 171 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلابد من نقلها و ملاحظتها و استدل للقول الأول (و هو ما اختاره الماتن قدس سره و قال المحقق: قیل بذهاب الحمرة و هو الأشهر) بعدة من الروایات (منها) روایة یزید بن معاویة العجلی [296] عن أبی جعفر (ع) (قال: إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی من المشرق، فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها).

(تقریب الاستدلال) أن زوال الحمرة من طرف المشرق ملازم لزوالها عن قمة الرأس إلی المغرب.

(و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند لأجل القاسم بن عروه فانه لم یثبت وثاقته، فلا حجیة فیها.

(و ثانیاً) أن الدلالة أیضاً غیر تامة، فان غیبوبة الحمرة من المشرق تتحقق بمجرد إستتار القرص حیث إن المراد من المشرق هو موضع طلوع الشمس لا جمیع جهة المشرق من قطب الجنوب إلی قطب الشمال، و تمامیة الاستدلال موقوفة علی أن یکون المراد من المشرق جمیع النصف الشرقی و یکون المراد من زوال الحمرة من المشرق زوالها عن قمة الرأس و إن بقیت فی طرف الجنوب الشرقی و الشمال الشرقی و هو خلاف ظاهرها، فاذا تکون الروایة دالة علی ما هو المشهور من إعتبار إستتار القرص دون زوال الحمرة، هذا بناء علی طریق الکلینی و أحد طریقى الشیخ، فان الکلینی رواها هکذا [297] (إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأراضی و غربها). فانها علی هذا الطریق موافقة معنی لأحد طریقى الشیخ و هو الذی رواه الشیخ باسناده عن یزید بن معاویة عن أحدهما علیهما السلام [298] (قال، اذا غابت الحمرة من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها). فان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 172 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی هذه الروایة لم یذکر الجانب (و أما) ما رواه الکلینی فذکر فیه (الجانب) ولکنه فسر بقوله: (من المشرق).

(و أما) الطریق الآخر للشیخ فهو هکذا [299] (إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی ناحیة المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض و من غربها).

فعلیه تکون الروایة دالة علی ما نسب إلی جماعة من الأصحاب من أن الغروب الشرعی یتحقق بزوال الحمرة من تمام ربع الفلک، إذ الظاهر من ناحیة المشرق هو هذا، * فقد ظهر ان الروایة رویت بثلاثة طرق مع إختلاف یسیر فی المتن ولکنها لا تدل علی القول الأشهر بأى منها * و لا یخفی أن الطرق الثلاثة کلها تنتهی الی القاسم بن عروة فلا ینفع التعدد فی اعتبارها.

(ثم أنه قد یستشکل فی دلالتها بأن ترتب الجزاء علی الشرط فی الروایة لیس بلحاظ الوجود الخارجی إذ لا ترتب للجزاء علی الشرط خارجاً بل بلحاظ الوجود العلمی حیث إن العلم بغیبوبة الشمس من شرق الأرض و غربها موقوف علی العلم بغیبوبة الحمرة من جانب الشرق و ترتب الجزاء علی الشرط علماً لا یقتضی اقترانهما حدوثاً بل یجوز، أن یتقدم حدوث الجزاء علی حدوث الشرط کما تقول: إذا ستطعمک زید فهو جائع.

(و فیه) أن ذلک صحیح بحسب الواقع و نفس الأمر إلا أن ظاهر الروایة فی المقام هو إقترانهما حدوثاً، فغیبوبة الشمس مقارنة لغیبوبة الحمرة من المشرق بحسب ظاهر الروایة، فالعمدة فی المناقشة ما ذکرناه * (و منها) مرسلة علی بن أحمد بن اشیم عن بعض أصحابنا عن أبی عبدالله (ع) [300] (قال: سمعته یقول وقت المغرب إذا، ذهبت الحمرة من المشرق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 173 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و تدری کیف ذلک قلت: لا قال: لأن المشرق مطلّ علی المغرب هکذا و رفع یمینه فوق یساره، فاذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا )

(تقریب الاستدال) أن ذهاب الحمرة من المشرق یلازم تجاوزها عن قمة الرأس * (و فیه) أولا أنها مرسلة. (و ثانیاً) أن علی بن أحمد بن أشیم لم یوثق. (و ثالثاً) أن الدلالة غیر تامة، بل تدل علی القول بأن الغروب بتحقق باستتار القرص، فالمراد إذا إستترت تحت الأفق ذهبت الحمرة من المشرق و هو مطلع الشمس و علله بأن المشرق مطلّ (ای مرتفع علی المغرب)، فالملازمة بین إستتار القرص و ارتفاع الحمرة من المشرق واضحة لأجل کرویة الأرض.

(و منها) مرسلة ابن أبی عمیر عن أبی عبدالله (ع) [301] (قال: وقت سقوط القرص و وجوب الإفطار من الصیام أن تقوم بحذاء القبلة و تتفقد الحمرة التی ترتفع من الشرق، فاذا جازت قمة الرأس الی ناحیة المغرب فقد وجب الإفطار و سقط القرص.)

(و فیه) أن الروایة مرسلة و ضعیفة لأجل سهل بن زیاد فلا یعتمد علیها و ان کانت أظهر الروایات فی الدلالة علی القول الأشهر ( و دعوی) أن مراسیل ابن أبی عمیر کمسانیده و أن الأمر فی سهل سهل لا یصغی الیها کما مر غیر مرة هذا و یمکن المناقشة فی دلالتها أیضاً و ذلک من جهة عدم انطباقها علی الخارج و الواقع و ذلک، لأن المراد من سقوط القرص إن کان غیبوبته تحت الأفق فی مقابل الطلوع حیث إن المراد منه بروزه فوق الأفق، فهو یتحقق قبل ذلک قطعاً فان الطلوع کما یتحقق بظهور القرص فوق الأفق کذلک الغروب، یتحقق باستتاره تحت الأفق و عدم رؤیته و ان کان المراد من السقوط أمراً آخر فهو مجهول لابد من بیانه: (علی)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 174 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا جربنا مراراً أن الحمرة بعد ما ترتفع تنعدم ثم تظهر فی المغرب ـ و لیست کالشمس حتی ترتفع شیئاً فشیئا ثم تزول عن قمة الرأس ولکن العمدة هی المناقشة فی السند.

(و منها) روایة أبان بن تغلب [302] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أى ساعة کان رسول الله یوتر فقال: علی مثل مغیب الشمس إلی صلاة المغرب: (تقریب الاستدلال) أن المستفاد منها أن غیبوبة الشمس لیست أول وقت الصلاة بل الوقت یدخل بعد ذلک، فلابد من فصل زمان بمقدار زمان صلاة الوتر و من الواضح أن بعد مضی هذا المقدار من الزمان تزول الحمرة عن قمة الرأس.

(و فیه) أولا أن الروایة ضعیفة السند لأجل اسماعیل بن أبی سارة فانه لم یوثق (و ثانیاً) أن الدلالة غیر تامة حیث إن المذکور هو التحدید من مغیب الشمس إلی نفس صلاة المغرب لا إلی وقتها و من الظاهر ان الصلاة نفسها حسب العادة تتأخر عن أول الوقت بزمان قلیل و لا أقل من جهة الأذان و الاقامة بل ان التأخیر فی صلاة الجماعة یکون اکثر و ذلک لانتظار إجتماع الناس فان النبی الاکرم لم یکن یصلی أول الوقت، بل کان ینتظر إجتماع الناس لیصلی جماعة.

(و منها) صحیحة بکر بن محمد عن أبی عبدالله (ع) [303] (أنه ساله سائل عن وقت المغرب، فقال: إن الله یقول فی کتابه لإبراهیم (ع) فلما جن علیه اللیل رأی کوکباً قال هذا ربی و هذا أول الوقت و آخر ذلک غیبوبة الشفق و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة و آخر وقتها الی غسق اللیل) (تقریب الاستدلال) أن رؤیة الکوکب لا یکون الا عند ذهاب الحمرة عادة و لا یمکن رؤیته بمجرد غیبوبة القرص (و فیه)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 175 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[296] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 1 و 11

[297] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 1 و 11.

[298] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 1 و 11.
[299] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 7 و 3.

[300] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 7 و 3.
[301]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 4.
[302]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.

[303]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.

(176 - 180)

(176 - 180)

أن سند الروایة و إن کان صحیحاً، فان طریق الصدوق إلی بکر بن محمد صحیح إلا أن دلالتها غیر تامة، فان الکوکب یری عند غروب الشمس قبل ذهاب الحمرة عن قمة الرأس کما جربنا مراراً، و لا سیما الکواکب النیرة و ذوات أجرام کبیرة و لا سیما أن المذکور فیها کوکب واحد، فیستفاد منها أن وقت المغرب یدخل بمجرد رؤیه کوکب واحد و لا شک فی إمکانها لغالب الناس بمجرد الاستتار، فتکون الروایة علی العکس أدل

(و منها) روایة یزید بن معاویة العجلی بأحد طریقى الشیخ [304] (قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی ناحیة المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها)

(و فیه) أنه قد تقدم أن روایة یزید بهذا الطریق تدل علی إعتبار زوال الحمرة و ذهابها عن جمیع ربع الفلک مما فی جهة الشرق من القطب الجنوبی إلی القطب الشمالی، و القائلون بالقول الأشهر لا یقولون به بل یقولون بإعتبار زوال الحمرة عن قمة الرأس و إن بقیت فی بعض الأطراف کشرق الشمال و شرق الجنوب فهذه الروایة تکون دالة علی القول الثالث و هو إعتبار زوال الحمرة و ذهابها عن جمیع ناحیة الشرق من القطبین یعنی عن ربع الفلک هذا أولا (و ثانیاً) أن الروایة ضعیفة لأجل قاسم بن عروة کما تقدم فانه لم یوثق (و منها) روایة محمد بن علی [305] (قال: صحبت الرضا (ع) فی السفر فرأیته یصلی المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق یعنی السواد).

(و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند لأجل محمد بن علی، فانه لم یوثق (و ثانیاً) أن إقبال الفحمة من مطلع الشمس یکون فی أول الغروب عند إستتار الشمس، فلا إشعار فیها علی المسلک الاشهر فضلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 176 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن الدلالة، فان الشمس إذا غربت ترتفع الحمرة من المشرق فیتبعها السواد، فدعوی أن السواد لا یقبل إلا بعد تجاوز الحمرة عن قمة الرأس مخالفة للحس و التجربة، فان المحسوس لکل أحد أن السواد من مطلع الشمس یقبل بمجرد استتار القرص و علیه فالروایة علی المسلک المشهور (و هو دخول الوقت باستتار القرص) أدل (و ثالثاً) لو سلنا أن السواد من المشرق لا یقبل الا عند تجاوز الحمرة عن قمة الرأس فلا دلالة فی الروایة علی أنه أول الوقت لانه حکی فعله علیه السلام و لا علم لنا بأنه صلی فی أول الوقت بل یحتمل التأخیر لأجل الأفضلیة (و منها) روایة شهاب ابن عبد ربه [306] (قال: أبو عبدالله علیه السلام یا شهاب إنی أحب إذا صلیت المغرب أن أری فی السماء کوکباً). (و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند لأجل محمد بن حکیم فانه فی سندها و لم یوثق، فتکون ساقطة عن الاعتبار (و ثانیاً) أن الحب لا یدل علی التعین و اللزوم بل یدل علی الأفضلیة. (و ثالثاً) أن الکوکب یری فی أول الغروب عند استتار القرص کما تقدم فالروایة ظاهرة فیما ذهب الیه المشهور لا ما ذهب الیه الأکثر.

(و منها) روایة عمار الساباطی عن أبی عبدالله (ع) [307] (قال: إنما أمرت أبا الخطاب أن یصلی المغرب حین زالت الحمرة من مطلع الشمس، فجعل هو الحمرة التی من قبل المغرب و کان یصلی حین یغیب الشفق.) (و فیه أولا) أن فی سندها علی بن یعقوب الهاشمی و هو لم یوثق فلا حجیة فیها * (و ثانیاً) لو أغمضنا عن السند فالدلالة غیر تامة فان الظاهر من مطلع الشمس هو مکان طلوعها و زوال الحمرة منه یکون عند الاستتار و أول الغروب، فتکون الروایة دالة علی المسلک المشهور لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 177 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علی القول الأشهر.

(و منها) روایة محمد بن شریح [308] عن أبی عبدالله (ع) (قال: سألته عن وقت المغرب، فقال إذا تغیرت الحمرة فی الأفق و ذهبت الصفرة و قبل أن تشتبک النجوم). بتقریب أن تغیر الحمرة و ذهاب الصفرة لا یتحققان قبل زوال الحمرة عن قمة الرأس (و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند لأجل علی بن الحارث و بکار حیث أن الأول مهمل و الثانی ضعیف (و ثانیاً) أن (تغییر الحمرة یکون فی أول الغروب علی ما تشهد به التجربة فالروایة ظاهرة فیما إختاره المشهور و لا تکون دلیلا لما هو الأشهر.

(و منها) صحیحة یعقوب بن شعیب [309] عن أبی عبدالله (ع) (قال: قال لی: مسّوا بالمغرب قلیلا فان الشمس، تغیب من عندکم قبل أن تغیب من عندنا).

(و فیه أولا) أن المعلوم بالضرورة و المستفاد من الروایات أن العبرة فی کل بلد بغروب الشمس عنها لا عن بلد أخری فان الأرض کرویة یختلف الطلوع و الغروب بحسب اختلاف الأمکنة، ففی کل وقت تفرض تطلع الشمس علی قوم و تغرب عن آخرین، فلکل قوم مشرقهم و مغربهم فاذاً لا یفهم الغرض من الأمر بالتأخیر، فلابد من حمل الصحیحة علی اتفاق أفق البلدین و أن کان فی بلد الراوی حاجب من جبل و نحوه بحیث تغیب الشمس ورائه قبل أن تغیب من الأفق فعلیه لابد من الانتظار حتی تغیب الشمس تحت الأفق.

(و ثانیاً) لو سلمنا أن الأمر بالتأخیر کان بعد الغروب و الاستتار فلابد من حمله علی الاستحباب، لمادل من الروایات، علی دخول الوقت باستتار القرص * (و منها) روایة عبدالله بن وضاح [310] (قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 178 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کتبت إلی العبد الصالح علیه السلام یتواری القرص و یقبل اللیل ثم یزید اللیل إرتفاعاً و تستر عنا الشمس و ترتفع فوق الجبل حمرة و یؤذن عندنا المؤذنون أفأصلی حینئذ و أفطر إن کنت صائماً أو أنتظر حتی تذهب الحمرة اللتی فوق الجبل؟ فکتب إلىّ: أری لک أن تنتظر حتی تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدینک) (تقریب الاستدال) أنه علیه السام أمر بالانتظار لعدم دخول الوقت قبل ذهاب الحمرة عن قمة الرأس و أما التعبیر بالاحتیاط فانه لأجل التقیة حیث إن العامة یقولون بدخول الوقت بمجرد إستتار القرص فلو أمر بالتأخیر جزماً کان مخالفاً لهم فعبر بالاحتیاط لیتخیلوا أنه لیس مخالفاً لهم (و فیه) أن دلالتها غیر تامة لأنه لم یفرض فی الروایة تواری القرص تحت الأفق فیحتمل تواریه خلف الجبل فلم یظهر منها أن الراوی کان مستیقناً باستتار القرص بل الظاهر منها أنه کان شاکاً فی ذلک و ذلک بقرینة قوله (و ترتفع فوق الجبل حمرة) فان المراد من الحمرة شعاع الشمس حیث إن الشمس حینما تغرب یظهر شعاعها فوق الجبل فی ناحیة المغرب، فعلیه الأمر بالاحتیاط لیس لأجل التقیة بل إنما هو أمر، واقعی کسائر الأوامر الاحتیاطیة الواردة فی الشبهات الموضوعیة و إن شئت فقل هذا الاحتیاط لیس إحتیاطاً فی الشبهة الحکمیة، حتی یقال: أنه لا معنی له بالنسبة إلی الامام فانه عالم بالأحکام الواقعیه، فلابد من الحمل علی التقیة، بل الإحتیاط إحتاط بالنسبة إلی الشبهة الموضوعیة، لأجل أن السائل کان شاکاً فی الغروب، فاذاً لا دلالة لها علی ما نسب إلی الأشهر بل تدل علی المسلک المشهور. (و أما) سندها فلابأس به، فان سلیمان بن داوود المنقری الواقع فیه قد وثقه النجاشی و أما تضعیف ابن الغضائری له فلم یثبت لعدم ثبوت کتابه عندنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 179 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) روایة جارود [311] (قال: قال لی أبو عبدالله (ع) یا جارود ینصحون فلا یقبلون، و إذا سمعوا بشىء نادوا به أو حدثوا بشىء أذاعوه قلت لهم مسّوا بالمغرب قلیلا، فترکوها حتی اشتبکت النجوم فانا الآن أصلیها إذا سقط القرص). (تقریب الإستدلال) أنه (ع) أمرهم بالتأخیر و حیث إنهم أذاعوه و أخّروا الصلاة إلی أن تشتبک النجوم و لم یتقوا صلی (ع) حین سقط القرص تقیة، و إلا فکیف أمرهم بالمساء قلیلا؟ (و فیه) أنه لا دلالة للروایة علی ذلک و لا یحتمل أنه (ع) صلی قبل الوقت تقیة، بل إتیانه (ع) بالصلاة حین سقوط القرص یدل علی دخول الوقت بمجرد الإستتار، فیکون الأمر بالمساء للندب و یکون التأخیر قلیلا أفضل فهذه الروایة ایضاً تدل علی القول المشهور. (فقد تحصل) أن شیئاً من الروایات لا ینهض دلیلا علی القول الأشهر إما لضعف السند أو الدلالة أو کلیهما.

و قد یستدل للقول المذکور بأن تأخیر صلاة المغرب عن أول الغروب من شعار الشیعة و هم یعرفون به بخلاف العامة فانهم یأتون بها فی أول الغروب فمنه یعلم أن الوقت لا یدخل قبل زوال الحمرة و إلا فکیف صار التأخیر شعارهم و یرشد إلی ذلک روایة أبان بن أرقم و الربیع بن سلیمان [312] و غیرهم (قالوا: أقبلنا من مکة حتی إذا کنا بوادی الأخضر إذا نحن برجل یصلی و نحن ننظر إلی شعاع الشمس، فوجدنا فی أنفسنا فجعل یصلی و نحن ندعو علیه حتی صلی رکعة و نحن ندعو علیه و نقول: هذا شباب من شباب أهل المدینة، فلما أتیناه إذا هو أبو عبدالله جعفر بن محمد علیهما السلام، فنزلنا فصلینا معه و قد فاتتنا رکعة، فلما قضینا الصلاة قمنا إلیه، فقلنا جعلنا فداک هذه الساعة تصلی؟ فقال: إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 180 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[304]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 7 و 8.

[305]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 7 و 8.
[306]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 9 و 10.

[307]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 9 و 10.
[308]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 12 و 13 و 14.

[309]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 12 و 13 و 14.

[310]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 12 و 13 و 14.
[311]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 15 و 23.

[312]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 15 و 23.

(181 - 185)

(181 - 185)

فیستفاد منها أن التأخیر کان شعاراً للشیعة و إلا فکیف غضبوا من فعله قبل أن یعرفوا أنه الصادق (ع) فالمراد من قوله: فوجدنا فی أنفسنا هو الغضب حیث أن سیرة الشیعة کانت جاریة علی التأخیر و کان المقرر عندهم أن الوقت لا یدخل إلا بذهاب الحمرة المشرقیة عن قمة الرأس.

(و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند، لأن فیه عدة من المجاهل (و ثانیاً) أنا نسلم أن شعار الشیعة هو التأخیر و عدم الإتیان بالصلاة عند إستتار القرص، ولکنه لا یدل علی أن التأخیر واجب بل یمکن أن یکون التأخیر للاستحباب (ألا تری) أن القنوت فی الصلاة مستحب و مع ذلک صار شعاراً للشیعة بحیث إنهم یعرفون به فکون الشىء شعاراً لا یدل علی الوجوب و لا ملازمة بین الأمرین أصلا علی أن ذیل نفس الروایه یدل علی أن الوقت یدخل بمجرد غیبوبة الشمس. فاذاً لا دلیل علی ما نسب إلی الأکثر و قیل: إنه الأشهر.

(و أما) القول المشهور ـ و هو أن الوقت یدخل بمجرد إستتار القرص ـ فتدل علیه جملة من الروایات (منها) صحیحة عبدالله بن سنان [313] عن أبی عبد الله (ع) (قال: سمعته یقول: وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها). (و منها) صحیحة زرارة [314] (قال: قال أبو جعفر علیه السلام وقت المغرب إذا غاب القرص، فان رأیت بعد ذلک و قد صلیت أعدت الصلاة و مضی صومک و تکف عن الطعام إن کنت أصبت منه شیئاً). (و منها) صحیحة أخری لزرارة [315] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر و إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الأخرة).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 181 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) موثقة إسماعیل بن الفضل الهاشمی [316] عن أبی عبدالله (ع) (قال: کان رسول الله علیه و آله: یصلی المغرب حین تغیب الشمس حین تغیب حاجبها). و التعبیر بالحاجب لأجل أنه إذا غاب أکثر أجزائها و بقی جزء منها یشبه الحاجب، و هذه الموثقة أصرح روایات الباب فی الدلالة علی أن الوقت یدخل بمجرد الإستتار. و ما إحتمله صاحب الوسائل من النسخ أو وجه آخر لا وجه له أصلا (و منها) موثقة اسماعیل بن جابر [317] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: سألته عن وقت المغرب قال: ما بین غروب الشمس إلی سقوط الشفق). ( و منها) صحیحة صفوان بن مهران الجمال [318] (قال: قلت لأبی عبدالله (ع): إن معی شبه الکرش المنشور (نوع مرض) فأأخر صلاة المغرب حتی عند غیبوبة الشفق ثم أصلیهما جمیعاً یکون ذلک أرفق بی، فقال: إذا غاب القرص فصل المغرب، فانما أنت و مالک لله).

(و منها) موثقة سماعة بن مهران [319] (قال: قلت لأبی عبدالله (ع): فی المغرب إنا ربما صلینا و نحن نخاف أن تکون الشمس خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل قال: فقال: لیس علیک صعود الجبل). و هذه الروایة رواها الشیخ و الصدوق و فی طریق الشیخ أحمد بن هلال و هو و إن قیل فی حقه: إنه لا دین له لأنه نسب إلی الغلو تارة و إلی النصب أخری ولکننا إستظهرنا أخیراً وثاقته فلا بأس بروایته و أما طریق الصدوق فلا اشکال فی اعتباره فان عثمان بن عیسی و إن وقع فیه إلا أنه من أصحاب الإجماع، فالروایة معتبرة من حیث السند و واضحة الدلالة علی أن أول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 182 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقت هو سقوط القرص، فان خوف عدم الغروب یتحقق فی هذا الفرض و أما فی فرض کون أول الوقت ذهاب الحمرة عن قمة الرأس فلا یحتمل عدم غروب الشمس أصلا، إذ الحمرة لا تزول عن قمة الرأس إذا خیف أن الشمس وراء الجبل فاذا زالت الحمرة یحصل القطع بالإستتار.

(ثم) إن جماعة من الأصحاب منهم صاحب الحدائق قدس سره حملوا هذه الروایة علی التقیة لأجل أن ظاهرها جواز إتیان صلاة المغرب مع الشک فی إستتار القرص و هو مما لم یلتزم به أحد و لم یقل به فقیه منا * (قلت) لا یبعد أن تحمل الروایة علی فرض وجود الأمارة علی الغروب و هو إرتفاع الحمرة عن المشرق و مطلع الشمس و قد تقدم أن سقوط القرص عن الأفق ملازم لارتفاع الحمرة من المشرق فیحتمل أن سماعة لم یکن عالماً بهذه الملازمة و کان محتملا أن إرتفاع الحمرة یتحقق بمطلق إرتواء الشمس و إن کان خلف الجبل (و نظیرها) روایة أبی أسامة أو غیره [320] (قال: صعدت مرة جبل أبی قبیس و الناس یصلون المغرب فرأیت الشمس لم تغب إنما توارت خلف الجبل عن الناس فلقیت أبا عبدالله (ع) فأخبرته بذلک، فقال لی: و لم فعلت ذلک؟ بئس ما صنعت إنما تصلیها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت ما لم یتجللها سحاب أو ظلمة تظلها، و إنما علیک مشرقک و مغربک و لیس علی الناس أن یبحثوا) (و هذه) الروایة لا یمکن الإلتزام بها حیث دلت علی دخول الوقت و إن غابت خلف الجبل و هذا مما لم یقل به أحد من الأصحاب، فهی تطرح لمعارضتها لجمیع الروایات الکثیرة التی لا یبعد دعوی التواتر الإجمالی فیها (ولکن الذی یسهل الخطب أنها ضعیفة السند لأن الراوی الأخیر مردد بین أبی أسامة و غیره فتکون فی حکم المرسلة هذا علی طریق الشیخ * و أما طریق الصدوق ففیه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 183 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبو جمیلة مفضل بن صالح و هو ضعیف و ان ینتهی طریقه إلی زید الشحام و هو أبو اسامة و هو ثقة وثقه الشیخ. (و لا یخفی) أن ما أوردناه من الروایات دلیلا للقول المشهور هی الروایات المعتبرة عدة منها صحاح وعدة منها موثقات و أما الروایات الضعیفة فکثیرة [321] فدعوی التواتر الاجمالی فی المجموع من الصحاح و الموثقات و الضعاف قریبة جداً فاذاً لا مناص من الالتزام بهذا القول و هو المختار.

(و ینبغی) التنبیه علی أمور (الأول) أنه قد یقال: إن الروایات الدلة علی زوال الحمرة عن قمة الرأس موافقة للاحتیاط، فلابد من ترجیحها علی الروایات الدالة علی دخول الوقت باستتار القرص لمخالفتها له (و فیه) أن الأمر لیس کذلک، فان المستفاد من قوله تعالی [322] (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل و قرآن الفجر إن قرآن الفجر کان مشهودا) أن کل جزء من ما بین الحدین وقت لإحدی الصلوات الأربع، فالی غروب الشمس یکون وقت الظهرین و منه إلی الغسق یکون وقت العشائین کما هو المستفاد مما ورد فی تفسیر هذه الآیة الکریمة، فعلی القول الأشهر لابد من الالتزام بأحد أمرین، (إما) الالتزام بامتداد وقت الظهرین الی ما بعد الغروب حتی تزول الحمرة عن قمة الرأس، (و أما) الالتزام بخروج هذا الجزء (من الغروب إلی زوال الحمرة) عن وقت الصلوات الأربع و کلا الأمرین لا یمکن الالتزام به (أما الأول) فلأنه مخالف للاحتیاط جزماً بل ادعی الاجماع علی إنتهاء وقتهما بالغروب و أن آخر وقتهما أول وقت المغرب کما صرح به صاحب الریاض * (و أما الثانی) فلأنه مخالف لظاهر الآیة و الروایة و ما أدعی من الاجماع علی أن آخر وقت الظهرین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 184 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أول وقت المغرب فعلیه کیف یکون القول الأشهر موافقاً للاحتیاط؟

(الأمر الثانی) أن الظاهر من کلام المحقق قدس سره أن القائلین باعتبار زوال الحمرة عن قمة الرأس أکثر من القائلین بأن العبرة باستتار القرص فی دخول وقت المغرب حیث عبر عنه بالمشهور و عن القول الأول بالأشهر ولکن المصرحین بزوال الحمرة عن قمة الرأس قلیلون، و الأکثر صرحوا بزوال الحمرة المشرقیة و ذهابها، و هذه الجملة لا تکون ظاهرة فی زوالها عن قمة الرأس، بل تکون ظاهرة فی زوالها عن المشرق و مطلع الشمس و لا أقل من إحتمال ذلک، فعلیه ینعکس الأمر و یکون الأشهر هو القول باستتار القرص. (الأمر الثالث) ان الروایات التی أستدل بها للقول بزوال الحمرة عن قمة الرأس قد عرفت أنها بین ظاهر فی القول المختار و مجمل لا یدل علی أحد القولین و لیس فیها ما تدل علی زوال الحمرة عن قمة الرأس إلا مرسلة إبن أبی عمیر و هی لا حجیة فیها فی نفسها علی أنها مخالفة للروایات الکثیرة المستفیضة بل المتواترة إجمالا کما عرفت فیبقی ما قیل إنه أشهر بلا دلیل، کما أنه لا دلیل علی إعتبار ذهاب الحمرة عن تمام ناحیة المشرق کما إختاره جماعة من الأصحاب.

(الأمر الرابع) أنه إن قلنا: إن المراد بالغروب هو إستتار القرص کما هو المختار فالأمر فی الطلوع واضح فهو عبارة عن ظهور القرص فوق الأفق، و إن قلنا إن المراد من الغروب هو زوال الحمرة المشرقیة عن قمة الرأس فهل یمکن الالتزام بمثله فی الطلوع أیضاً بأن یقال إن طلوع الشمس یتحقق قبل ظهورها فوق الأفق بعشر دقائق مثلا کما أن الغروب یتحقق بعد استتار القرص بعشر دقائق * فاذاً یکون الفرق بین الطلوع العرفی و الشرعی أم لا؟ * ذهب بعض المتأخرین إلی ذلک و أفتی بأن صلاة الصبح تقضی قبل الطلوع الحسی بعشر دقائق قیاساً له بالغروب حیث إن وقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 185 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[313]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 16 و 17.

[314] . الوسائل ب 16 من ابواب المواقیت ر 16 و 17

[315]. الوسائل ب 17 من أبواب المواقیت ر 1.
[316]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 27 و 29.

[317]. الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 27 و 29.

[318]. الوسائل ب 18 من أبواب المواقیت ر 24.

[319]. الوسائل ب 20 من أبواب المواقیت ر 1.
[320]. الوسائل ب 20 من أبواب المواقیت ر 2.
[321]. راجع الوسائل ب 16 و 17 و 18 من أبواب المواقیت.

[322]. السورة 17/ الآیة 78.

(186 - 190)

(186 - 190)

و یعرف نصف اللیل بالنجوم الطالعة أول الغروب إذا مالت عن دائرة نصف النهار الی طرف المغرب و علی هذا فیکون المناط نصف ما بین غروب الشمس و طلوعها (1)

 

المغرب یدخل بعد الغروب الحسی بعشر دقائق. (و فیه) أنه واضح الفساد فان مفهومى الطلوع و الغروب مفهومان واضحان عند العرف و یعرفهما کل أحد و لا إجمال فیهما أصلا غایة ما فی الباب و ردت روایات ظاهرة فی أن الغروب یتحقق بزوال الحمرة و بعضها صریح فی إعتبار زوال الحمرة عن قمة الرأس ـ کمرسلة إبن أبی عمیر ـ فلو إلتزمنا لأجلها بأن الغروب لا یتحقق إلا بعد زوال الحمرة عن قمة الرأس فلا یلزم منه الالتزام بأن الطلوع یتحقق قبل ظهور الشمس عن الأفق بعشر دقائق (و بعبارة أخری) إذا خرجنا عن المفهوم العرفی فی الغروب لأجل الروایات الواردة فی المقام، لا یلزم منه الخروج عن المفهوم العرفی فی الطلوع أیضاً فلا ملزم لنا لارتکاب خلاف الظاهر فیه، کیف؟ و قد وردت روایات کثیرة فی المقام و لم یذکر فی شىء منها أن المراد من الطلوع غیر معناه العرفی مع کونها مسوقة فی مقام البیان فلا شبهة فی إمتداد وقت الصبح إلی أن تبرز الشمس من الأفق للسکوت فی مقام البیان فی الروایات المشتملة علی آخر وقت الصبح، فانها دلت علی إنتهائه بطلوع الشمس، فیراد منه المعنی العرفی.

(1) علی ما هو الأظهر و ذلک لقوله تعالی: (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل) بضمیمة الروایات المفسرة للغسق بانتصاف اللیل، فان التعبیر عن الانتصاف بالغسق أقوی شاهد علی أن المراد من الانتصاف هو الانتصاف من غروب الشمس إلی طلوعها (بیان ذلک) أن الغسق عبارة عن شدة الظلمة ـ و ان یطلق علی مطلق الظلمة و ابتدائها أیضاً ـ إلا أن المراد هنا هو شدة الظلمة التی تتحقق عند انتصاف اللیل و هی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 186 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لکنه لا یخلو عن إشکال لإحتمال ان یکون نصف ما بین الغروب و طلوع الفجر (1) کما علیه جماعة و الأحوط مراعاة الإحتیاط هنا فی صلاة اللیل التی أول وقتها بعد نصف اللیل

 

لا تتحقق إلا عند انتهاء بعد الشمس عن قوس النهار و هو عند بلوغ الشمس تحت الأرض فی دائرة نصف اللیل و هو قوس اللیل من الدائرة فان الخط الموهومی المار علی قطبى الجنوب و الشمال یکون محیطاً علی الأرض فالنصف الذی یکون فوق الأرض یسمی بقوس النهار و النصف الذی یکون تحت الأرض یسمی بقوس اللیل و من المعلوم أن الشمس لا تصل ذلک القوس تحت الأرض إلا بعد مضی نصف الزمن الذی بین غروب الشمس و طلوعها و أما إن لوحظ الانتصاف من غروب الشمس الی طلوع الفجر فلا تصل الشمس ذلک القوس و لا تکون الظلمة شدیدة عنده کما أن الأمر کذلک فوق الأرض، فان الشمس لا تصل قوس النهار ـ و هی دائرة نصف النهار ـ إلا بعد مضی نصف النهار من طلوع الشمس الی غروبها، فعلیه لا مناص من الالتزام بأن نصف اللیل عبارة عن النصف الذی یعتبر من غروب الشمس الی طلوعها، و المراد بنصف اللیل هو ذلک فی جمیع العالم و ذلک، لأن ساعة اثنتی عشرة من النهار هو نصف النهار و ساعة اثنتى عشرة من اللیل هو نصف اللیل عند الجمیع.

و مما ذکرنا یظهر وجه کون الظلمة شدیدة فی نصف اللیل فان الضوء و النور فی العالم ناش عن الشمس فعند إنتهاء قربها إلینا و هو نصف النهار یکون النور شدیداً کما أن عند إنتهاء بعدها عنا و هو نصف اللیل تکون الظلمة شدیدة لأنها تصل إلی قوس اللیل، فاتضح مما ذکرنا أن التعبیر عن نصف اللیل بالغسق إنما هو لشدة الظلمة فیه.

(1) لا وجه لهذا الاحتمال بل ظهر بطلانه مما تقدم آنفاً توضیحه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 187 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنه بناء علی ذلک ینتصف اللیل قبل أن تصل الشمس إلی قوس اللیل لأن قوس اللیل عبارة عن نصف الدائرة و هو الخط الموهومی المار علی قطبى الجنوب و الشمال المحیط علی الأرض. فاذا تصل الشمس قوس النهار عند انتصاف النهار من طلوع الشمس الی غروبها کما هو المسلم المفروض، فلازم ذلک أن تصل الی قوس اللیل عند إنتصافه من الغروب إلی الطلوع، فدعوی انتصاف اللیل قبل أن تصل الشمس الی الخط المعبر عنه بقوس اللیل واضحة الفساد جداً و الغسق بمعنی شدة الظلمة لا یتحقق قبل ذلک جزماً، اذا الشمس قبل ذلک لا تکون فی انتهاء البعد عنا، لأنها لم تصل الی الخط المقابل لخط نصف النهار هذا مع أن المعلوم من العرف فی کل بلدة و مکان أن أوّل النهار طلوع الشمس و آخره غروبها و أول اللیل غروبها و آخره طلوعها (ثم) إن من الروایات المفسرة للغسق بانتصاف اللیل صحیحة زرارة [323] (قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عما فرض الله عز وجل من الصلاة فقال: خمس صلوات فی اللیل و النهار، فقلت هل سمّاهن الله و بیّنهن فی کتابه قال: نعم قال الله تعالی لنبیه صلى الله علیه و آله: أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل و دلوکها زوالها و فیما بین دلوک الشمس إلی غسق اللیل أربع صلوات سمّاهن الله و بیّنهن و وقّتهن و غسق اللیل هو انتصافه ثم قال تبارک و تعالی: و قرآن الفجرإن قرآن الفجر کان مشهوداً فهذه الخامسة و قال تبارک و تعالی فی ذلک: أقم الصلاة طرفى النهار و طرفاه المغرب و الغداة، و زلفا من اللیل و هی صلاة عشاء الآخرة، و قال تعالی: حافظوا علی الصلوات و الصلاة الوسطی و هی صلاة الظهر) (الحدیث) (و منها) صحیحة بکر بن محمد [324] عن أبی عبدالله علیه السلام (أنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 188 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سأله سائل عن وقت المغرب فقال: إن الله تعالی یقول فی کتابه لإبراهیم فلما جن علیه اللیل رأی کوکباً قال: هذا ربی، و هذا أول الوقت و آخر ذلک غیبوبة الشفق و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة و آخر وقتها إلی غسق اللیل یعنی نصف اللیل.) و قد عرت ان المراد من النصف هو النصف من الغروب الی طلوع الشمس.

و یؤید ما ذکرناه روایتان (إحدیهما) روایة عمر بن حنظلة [325] (أنه سأل أبا عبدالله (ع) فقال له: زوال الشمس نعرفه بالنهار فکیف لنا باللّیل فقال (ع) للّیل زوال کزوال الشمس قال فبأی شىء نعرفه قال (ع) بالنجوم إذا انحدرت.) و حیث إن عمر بن حنظلة لم یوثق أوردناها للتأیید ثم لا یخفی ان کون انحدار النجوم امارة لانتصاف اللیل یتوقف علی أمرین (الأول) أن یکون طلوع الکوکب عند غروب الشمس (الثانی) أن یکون مداره موافقاً لمدار الشمس فلو انتفی الأول بأن طلع الکوکب قبل الغروب أو بعده لا یکون انحداره و زواله علامة لانتصاف اللیل لأنه فی الفرض الأول یتحقق زواله قبل إنتصاف اللیل و فی الفرض الثانی یتحقق بعد إنتصاف اللیل و هو واضح و لو انتفی الثانی بأن لم یکن مدار الکوکب موافقاً لمدار الشمس فلا یکون زواله علامة للانتصاف، لأن مدار الکوکب إن کان أقصر من مدار الشمس یتحقق زواله قبل الانتصاف و إن کان أطول منه یتحقق زواله بعد الانتصاف و ان کان طلوعه مقارناً لغروب الشمس، فلو تحقق الأمران یکون زواله و انحدراه علامة للانتصاف إذا لوحظ من الغروب الی طلوع الشمس کما ذکرنا و أما اذا لو لحظ الانتصاف من الغروب الی طلوع الفجر کما هو مختار الجماعة، فلا یکون انحدار النجوم علامة للانتصاف لعدم تقارنهما، بل یتحقق الانتصاف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 189 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبل الانحدار (الثانیة) روایة أبی بصیر [326] عن أبی جعفر علیه السلام دلوک الشمس زوالها و غسق اللیل بمنزلة الزوال من النهار وجه التأیید واضح فان قوله غسق اللیل بمنزلة الزوال من النهار ظاهر فی انه یتحقق عندما تزول الشمس عن دائرة نصف اللیل المحاذیة لدائرة نصف النهار و حیث أن هذه الروایة أیضاً ضعیفة السند [327] فلا تصلح الا للتأیید.

ثم إن المعروف لعله هو القول الآخر کما فی الجواهر، و هو أن انتصاف اللیل یعتبر من غروب الشمس الی طلوع الفجر إما لدعوی أن ما بین طلوع الفجر الی طلوع الشمس من النهار کما هو المعروف (و إما) لدعوی أنه لیس من اللیل و لا من النهار کما ذهب إلیه بعضهم و هو ضعیف و قائله شاذ (و استدل للقول الثانی بروایتین (إحدیهما) روایة أبی هاشم الخادم [328] قال: قلت لأبی الحسن الماضی علیه السلام لم جعلت صلاة الفریضة و السنة خمسین رکعة لا یزاد فیها و لا ینقص منها؟ قال:‌لأن ساعات الیل إثنتا عشرة ساعة و فیما بین طلوع الفجر الی طلوع الشمس ساعة و ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة فجعل الله لکل ساعة رکعتین و ما بین غروب الشمس إلی سقوط الشفق غسق فجعل للغسق رکعة. (و فیه) أن فی سندها عدة‌من المجاهل منهم أبو هاشم الخادم فلا حجیته فیها، (علی)

أنها تدل علی أن بین غروب الشمس و سقوط الشفق أیضاً خارج من اللیل و هو مما لم یقل به أحد (الثانیة) روایة أبان الثقفی کما فی الجواهر أو عمر بن أبان الثقفی کما فی المستدرک، (أن نصرانیاً سأل محمد بن علی الباقر(ع) عن الساعة التی لیست من اللیل و لا من النهار (قال القسیس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 190 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[323]. الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ر 1.

[324] . الوسائل ب 16 من أبواب المواقیت ر 6
[325] . الوسائل ب 55 من أبواب المواقیت ر 1
[326] . الوسائل ب 55 من أبواب المواقیت ر 2

[327] . فان فی سندها أحمد القروی و هو لم یوثق

[328] . الوسائل ب 13 من أبواب اعداد الفرائض ر 20

(191 - 195)

(191 - 195)

أخبرنی عن ساعة لیست من ساعات اللیل و لا من ساعات النهار، فقال (ع) هی ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس بهذا فیها المبتلی و یرقد فیها الساهر و یفیق فیها المغمی علیه جعلها الله فی الدنیا رغبة للراغبین و فی الآخرة للعاملین لها دلیلا واضحاً و حجاباً مانعاً علی الجاحدین المتکبرین و التارکین لها... الحدیث) [329] . (و فیه) أنها أیضاً ضعیفة السند فان فی طریقها عدة من المجاهل، فلا یعتمد علیها أصلا، فاذاً لا دلیل علی خروجها من ساعات اللیل و النهار.

و أما القول المشهور (و هو أن بین الطلوعین داخل فی النهار) فاستدل له تارة بالآیات و أخری بالروایات (أما الآیات) فقد استدل فی الجواهر بعدة منها لا تکون ظاهرة فیه و عمدتها قوله تعالی [330] (و أقم الصلاة طرفى النهار و زلفاً من اللیل) بدعوی أن طرفى النهار الصبح و المغرب و طرف الشىء داخل فیه فیکون الصبح داخلا فی النهار (و فیه) أن طرف الشىء و إن یطلق علی ما هو داخل فیه کالجزء الأول منه و الجزء الأخیر إلا أنه قد یطلق علی ما هو خارج منه إذا کان ینتهی الیه و المراد فی الآیة المبارکة لیس هو المعنی الأول جزماً لأن أحد الطرفین فی الآیة هو المغرب و الطرف الآخر الغداة کما فسرت بذلک فی صحیحة زرارة المتقدمة و هی ما رواه عن أبی جعفر علیهما السلام [331] (الی ان قال): و قال تبارک و تعالی فی ذلک: أقم الصلاة طرفى النهار و طرفاه المغرب و الغداة و زلفا من اللیل و هی صلاة العشاء الآخرة الحدیث) و حیث إن المغرب داخل فی اللیل قطعاً فیکون الطرف الآخر و هو الغداة کذلک فتکون الآیة المبارکة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 191 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بضمیمة التفسیر علی العکس أدل.

(و أما الروایات فمنها) موثقة إسحاق بن عمار عن أبی عبدالله علیه السلام [332] (قال: قلت لأبی عبدالله(ع): أخبرنی عن أفضل المواقیت فی صلاة الفجر قال: مع طلوع الفجر إن الله تعالی یقول: إن قرآن الفجر کان مشهودا یعنی صلاة الفجر تشهده ملائکة اللیل و ملائکة النهار، فاذا صلی العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبت له مرتین تثبته ملائکة اللیل و ملائکة النهار). (تقریب الاستدلال) أنها لو لم تکن من الصلوات النهاریة لم تشهدها ملائکة النهار (و الجواب) أن الروایة و إن کانت معتبرة من حیث السند الا أنها غیر تامة من حیث الدلالة لأن صلاة الصبح تتأخر عن أول الوقت و لو لاحراز دخول الوقت بدقیقة أو دقیقتین أو اکثر فان کان بین الطلوعین من النهار یلزم تأخر صعود ملائکة اللیل من إنتهائه و ان کان من اللیل یلزم تقدم نزول ملائکة النهار من اوله و کل منهما محتمل فلا یتم الاستدلال لامکان الالتزام بأنه من اللیل و تنزل ملائکة النهار قبل النهار و طلوع الشمس نعم لو أمکن بحسب العادة اتیان صلاة الصبح اول طلوع الفجر دقة لتم الاستدلال الا ان ذلک لا یمکن إلا للمعصوم (و منها) ما رواه الصدوق باسناده عن یحیی بن أکثم القاضی [333] (أنه سأل أبا الحسن الأول عن صلاة الفجر لم یجهر فیها بالقرائة و هی من صلاة النهار و انما یجهر فی صلاة اللیل فقال لأن النبی (ص) کان بغلس بها فقربها من اللیل)و رواه بطریق آخر أیضاً (و الجواب) أن السند ضعیف، فان فی کلا الطریقین عدة من المجاهل و یحیی بن اکثم أیضاً مجهول فلا یمکن الاعتماد علیها. نعم لو صح الطریق کانت الدلالة تامة حیث أقرّه علی أن بین الطلوعین من النهار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 192 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و أما القول المختار) ـ و هو أن بین الطلوعین داخل فی اللیل ـ فیمکن الاستدلال علیه بالکتاب و السنة (أما الکتاب) فهو قوله تعالی [334] (أقم الصلاة طرفی النهار و زلفا من اللیل) بالتقریب المتقدم فان طرفی النهار قد فسرا فی صحیحة زرارة المتقدمة (ص 188) بالغداة و المغرب و بما أن المغرب داخل فی اللیل فالغداة کذلک (و أما السنة) فهی روایات کثیرة و ان کانت جملة منها ضعیفة، (منها) صحیحة محمد بن مسلم عن أبی عبدالله علیه السلام [335] (قال: اذا سافر الرجل فی شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعلیه صیام ذلک الیوم و یعتد به من شهر رمضان (الحدیث) و المراد من النصف هو الزوال قطعاً لعدة من الروایات المفصلة بین السفر قبل الزوال و بعده (و منها) صحیحة الحلبی [336] عن أبی عبدالله (ع)، (أنه سأل عن الرجل یخرج من بیته و هو یرید السفر و هو صائم قال: فقال: إن خرج من قبل أن ینتصف النهار فلیفطر و لیقض ذلک الیوم و إن خرج بعد الزوال فلیتم صومه). و هذه الصحیحة کما تری ـ صریحة فی ان نصف النهار هو الزوال و معلوم أن هذا یکون صحیحاً اذا لاحظنا إنتصاف النهار من أول طلوع الشمس الی غروبها إذ علی تقدیر أن لوحظ من أول طلوع الفجر الی الغروب یتحقق الانتصاف قبل الزوال بثلاثة أرباع الساعة تقریباً و هذا مخالف لصریح الصحیحة فاذاً یکون بین الطلوعین خارجاً من النهار قطعاً (و منها) صحیحة زرارة المتقدمة عن أبی جعفر علیه السلام [337] (الی ان قال): (و قال تعالی حافظوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 193 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و یعرف طلوع الفجر باعتراض البیاض (1) الحادث فی الأفق المتصاعد فی السماء الذی یشابه ذنب السرحان و یسمی بالفجر الکاذب و إنتشاره علی الأفق و صیرورته کالقبطیة البیضاء و کنهر سوراء بحیث کلما زدته نظراً أصدقک بزیادة حسنه و بعبارة أخری انتشار البیاض علی الأفق بعد کونه متصاعداً فی السماء،

 

علی الصلوات و الصلاة الوسطی و هی الظهر و هی أول صلاة صلاها رسول الله (ص) و هی وسط النهار و وسط صلاتین بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر) (الحدیث) فان المستفاد من قوله: (و هی وسط النهار) أن الزوال وسط حیث ان صلاة الظهر لم تشرع قبله فعلیه یکون المبدء هو طلوع الشمس کما ان المنتهی غروبها (نعم) قوله: (و وسط صلاتین بالنهار) یدل علی أن صلاة الصبح نهاریةفیبطل الاستدلال، (ولکنه) یمکن الجواب عنه بأن صلاة الصبح حیث إنها أداء قبل طلوع الشمس بقلیل و الناس أیضاً یأتون بها فی هذا الوقت غالباً أطلق علیها الصلاة النهاریة تغلیباً (و یؤیده) ما هو المصطلح عند أهل الهیئة و المنجمین من أن الدائرة الموهومة المحیطة بالعالم تنقسم إلی قسمین أحدهما یسمی بقوس اللیل و هو من غروب الشمس الی طلوعها و الآخر یسمی بقوس النهار و هو من طلوع الشمس الی غروبها.

(1) بلا خلاف فیه بین الامامیة و وافقهم فیه اکثر العامة بل هو مختار المذاهب الأربعة و المخالف شاذ خارج عنها و کیف کان فقد استدل لذلک بعدة من الروایات (منها) صحیحة‌زرارة [338] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلی رکعتى الصبح و هی الفجر اذا اعترض الفجر و اضاء حسناً). (و فی) أن هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 194 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصحیحة و إن تدل علی أن النبی الأکرم (ص) کان یصلی فی هذا الوقت دائما کما هو الظاهر من (کان) الا أنه فعل خارجی لا دلالة له علی أنه أول الوقت، فیحتمل أن مداومته (ص) لاتیان الفجر فی ذلک الوقت کان لأجل الأفضلیة، فالدلالة قاصرة لاحتمال دخول الوقت قبل ذلک (و منها) ما رواه الصدوق مرسلاً [339] قال: وروی أن وقت الغداة إذا إعترض الفجر فأضاء حسناً و أما الفجر الذی یشبه ذنب السرحان فذلک الفجر الکاذب و الفجر الصادق هو المعترض کالقباطی). (و هو ثوب یصنع فی مصر) (و فیه) أن إرسالها مانع عن الاعتماد علیها و إن کانت دلالتها واضحة (و منها) ما رواه [340] علی بن مهزیار (قال: کتب أبو الحسن بن الحصین إلی أبی جعفر الثانی علیه السلام معی: جعلت فداک قد إختلف موالوک (موالیک) فی صلاة الفجر فمنهم من یصلی إذا طلع الفجر الأول المستطیل فی السماء و منهم من یصلی إذا اعترض فی أسفل الأفق و استبان و لست أعرف أفضل الوقتین فاصلی فیه فان رأیت ان تعلمنی أفضل الوقتین و تحده لی و کیف أصنع مع القمر و الفجر لا یتبین (تبین) معه حتی یحمر و یصبح؟ و کیف أصنع مع الغیم و ما حد ذلک فی السفر و الحضر؟ فعلت إن شاء الله، فکتب علیه السلام بخطه ـ و قرأته ـ الفجر یرحمک الله ـ هو الخیط الأبیض المعترض و لیس هو الأبیض صعدا، فلا تصل فی سفر و لا حضر حتی تبینه، فان الله تبارک و تعالی لم یجعل خلقه فی شبهة من هذا، فقال: و کلوا و اشربوا حتى یتبین لکم الخیط الأبیض من الخیط الأسود من الفجر، فالخیط الأبیض هو المعترض الذی یحرم به الأکل و الشرب فی الصوم و کذلک هو الذی یوجب به الصلاة) و هذه الروایة رواها الشیخ باسناده عن أحمد بن محمد بن عیسی عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 195 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[329] . الحدائق ج 6 ص 53

[330] . السورة 11/ الآیة 114

[331] . الوسائل ب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1
[332] . الوسائل ب 28 من أبواب المواقیت ر 1

[333] . الوسائل ب 25 من أبواب القراءة فی الصلاة ر 3
[334] . السورة 11/ الآیة 114

[335] . الوسائل ب 5 من ابواب من یصح منه الصوم ر 1 و 2

[336] . الوسائل ب 5 من ابواب من یصح منه الصوم ر 1 و 2

[337] . الوسائل ب 2 من ابواب اعداد الفرائض و نوافها ر 1
[338] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 5.
[339] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 3 و 4.

[340] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 3 و 4.

(196 - 200)

(196 - 200)

الحسین بن سعید عن الحصین (بن أبی الحصین) عن أبی جعفر (ع) (و فیه) أن الطریقین کلیهما ضعیفان فان فی الأول سهل بن زیاد و هو لم یوثق و إن قیل فیه: إن الأمر فی سهل سهل، و فی الثانی الحصین و هو أیضاً لم یوثق، نعم دلالتها تامة ولکنها لا تنفع مع ضعف السند (و منها) ما رواه [341] هشام بن الهذیل عن أبی الحسن الماضی علیه السلام (قال سألته عن وقت صلاة الفجر فقال حین یعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء) و هذه الروایة أیضاً ضعیفة لأجل هشام بن الهذیل (و منها) صحیحة أبی بصیر لیث المرادی [342] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام فقلت: متی یحرم الطعام و الشراب علی الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر فقال: إذا اعترض الفجر فکان کالقبطیة البیضاء، فثم یحرم الطعام علی الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر، قلت: أفلسنا فی وقت إلی أن یطلع شعاع الشمس، قال هیهات أین یذهب بک تلک صلاة الصبیان) و هذه الصحیحة تامة سنداً و دلالة بل صریحة فی المطلوب. (ولکن) صاحب المنتقی إستشکل فی سندها بأن الشیخ رواها عن أبی بصیر المکفوف و هو لم یوثق و الکلینی رواها عن أبی بصیر المطلق، فلا یعلم أنه هل هو لیث المرادی کما فی روایة الصدوق أو المکفوف کما فی روایة الشیخ فاذاً تسقط الروایة عن الحجیة (ولکن) صاحب الحدائق رجح لیث المرادی بقرینة أن الراوی عنه عاصم بن حمید و هو إبن مسکان یرویان عن المرادی لاعن المکفوف (قلت): لا حاجة إلی تحقیق هذا الأمر لأن أبا بصیر المکفوف أیضاً ثقة ورد فیه التوثیق فالروایة معتبرة علی التقدیرین و المرادی و المکفوف کلاهما ثقتان مشهوران، فعلیه لا وجه لمناقشة صاحب المنتقی قدس سره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 196 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) ما رواه الصدوق باسناده [343] عن علی بن عطیة عن أبی عبدالله علیه السلام (أنه قال: الصبح (الفجر) هو الذی اذا رأیته کان معترضاً کأنه بیاض نهر سوراء.) (و قد یقال): إن فی طریق الصدوق إلی علی بن عطیة علی بن حسان و هو مردد بین الواسطی الثقة و الهاشمی الضعیف حیث أنه کتب تفسیراً لیس فیه من دین الاسلام شىء و هو کذاب علی ما ذکره أرباب الرجال [344] (و فیه) أن ما فی الطریق هو الواسطی [345] الثقة لأنه هو الذی یروی عن علی بن عطیة و أما الهاشمی فهو لم یرو عن علی بن عطیة روایة بل لم یرو إلا عن عمه عبد الرحمن و لم یوجد له روایة عن غیره، و الواسطی هو المعروف یروی عن علی بن عطیة و عن غیره، فیحمل ما فی الطریق علی الواسطی لامحالة فتصح الروایة سنداً و دلالة فالعمدة فی المقام هاتان الروایتان اللتان قد رویتا بطرق مختلفة فی الکافی و التهذیب و الفقیه و مقتضاهما عدم جواز صلاة الصبح إلا بعد طلوع الفجر الصادق الذی هو عبارة عن ظهور البیاض المعترض فی الأفق بعد ارتفاع السواد الذی یظهر بعد ذهاب البیاض المستطیل المعبر عنه بالفجر الکاذب و شبه ذنب السرحان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 197 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقی الکلام فی التبین المأخوذ فی قوله تعالی [346] (و کلوا و اشربوا حتی یتبین لکم الخیط الأبیض من الخیط الأسود من الفجر ثم أتموا الصیام إلی اللیل) فهل المراد منه مطلق العلم بتحقق الفجر أو التبین الحسی؟ لا اشکال فی أنه اذا کان عدم التبین لأجل مانع خارجی کالغیم و الجبل و العجاج مثلا و علم المکلف بطلوع الفجر یحرم علیه الأکل فی شهر رمضان و تجب علیه صلاة الصبح و لا خلاف فیه بین الأصحاب و لم نر أحداً إستشکل فیه و أما إذا کان المانع من التبین النور کضوء القمر مثلا فهل یعتبر هنا التبین الحسی و لا تصح الصلاة قبله و إن علم أنه لو لم یکن ضوء القمر لکان الفجر متبیناً أو لا یعتبر ذلک بل یکفی مطلق العلم و إن لم یتبین الخیط الأبیض حسّا؟ قد یقال بالأول کما عن المحقق الهمدانی قدس سره فانه قال: (مقتضی ظاهر الکتاب و السنة و کذا فتاوی الأصحاب إعتبار إعتراض الفجر و تبینه فی الأفق بالفعل، فلا یکفی التقدیر مع القمر لو أثر فی تأخر تبین البیاض المعترض فی الأفق و لا یقاس ذلک، بالغیم و نحوه، فان ضوء القمر مانع عن تحقق البیاض ما لم یقهره، ضوء الفجر و الغیم مانع عن الرؤیة لا عن التحقق و قد تقدم فی مسئلة التغیر التقدیری فی مبحث المیاه من کتاب الطهارة ماله نفع للمقام فراجع) إنتهی. (ولکن) الصحیح هو الثانی، لأن ضوء القمر أیضاً مانع عن التبین کالغیم و الجبل و الشجر و نحوها و التبین فی الآیة أخذ طریقاً للفجر لا أنه موضوع لتحقق الفجر و ذلک للعلم بأنه لا فرق فی أصل تحقق البیاض بین اللیل المقمر و غیره، فالعلم بالفجر من أى شىء تحقق و حصل یحرم الأکل حینه علی الصائم و تجب الصلاة، و لا یقاس المقام بتغیر الماء حیث إعتبرنا، هناک التغیر الحسی و قلنا لا عبرة بالتقدیری منه لأن الظاهر من الروایة هناک

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 198 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 2) المراد باختصاص أول الوقت بالظهر و آخره بالعصر و هکذا فی المغرب و العشاء عدم صحة الشریکة فی ذلک الوقت مع عدم أداء صاحبته (1) فلا مانع من إتیان غیر الشریکة فیه کما إذا أتی بقضاء الصبح أو غیره من الفوائت فی أول الزوال أو فی آخر الوقت و کذا لا مانع من إتیان الشریکة إذا أدی صاحبة الوقت فلو صلی الظهر قبل الزوال بظن دخول الوقت فدخل الوقت فی أثنائها و لو قبل السلام حیث أن صلاته صحیحة لا مانع من إتیان العصر أول الزوال و کذا إذا قدم العصر علی الظهر سهواً و بقی من الوقت مقدار أربع رکعات لا مانع من إتیان الظهر فی ذلک الوقت و لا تکون قضاء و إن کان الأحوط عدم التعرض للاداء و القضاء بل عدم التعرض لکون ما یأتی به ظهراً أو عصراً لاحتمال احتساب العصر المقدم ظهراً، و کون هذه الصلاة عصراً.

 

هو التغیر الحسی (و بعبارة أخری) قد إستفدنا من الروایة أن التغیر هو الموضوع للنجاسة، فلابد من تحققه حساً بخلاف التبین، فان المتبادر منه عرفاً أنه مرءاة و طریق إلی الواقع لا أنه موضوع، فعند تحقق المانع من الرؤیة کضوء القمر و الکهرباء إذا علم المکلف بطلوع الفجر کیف یجوز له الأکل فی شهر رمضان؟

(1) قد تقدم معنی الاختصاص و قلنا: لیس معناه عدم صلاحیة الوقت المختص للصاحبة و لا لصلاة أخری أصلا بل معناه أنه إذا وقع التزاحم بین ذات الوقت و غیرها قدمت علیه سواء کان هو الصاحبة أو صلاة أخری فلو صلی العصر قبل الظهر سهواً و لم یبق من الوقت إلا مقدار أربع رکعات صح الظهر فیه علی کلام یأتی فی المسألة الآتیة و أما اذا أتى بالظهر قبل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 199 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 3) یجب تأخیر العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب، فلو قدم احدیهما علی سابقتها عمداً بطلت سواء کان فی الوقت المختص او المشترک و لو قدم سهواً فالمشهور علی أنه إن کان فی الوقت المختص بطلت (1)

 

الوقت باعتقاد دخوله فوقع جزء منها فی الوقت صحت و یصح الأتیان بالعصر بعدها و إن وقعت فی أول الوقت کل ذلک لأجل الروایات الواردة فی المقام کما نتعرض لها فی المسئلة الآتیة انشاء الله.

(1) الصور المتصورة هنا ثلاث (الأولی) أن یتذکر أنه لم یأت بالأولی بعد ما فرغ من الثانیة ـ کما إذا أتى بالعصر فی أول الزوال أو أتی بالعشاء قبل المغرب بحیث یقع جمیعها قبل الوقت المشترک کما إذا شرع فی العشاء قبل أن یدخل وقت المغرب و بعد الاتیان برکعة منها دخل وقت المغرب فتقع ثلاث رکعات من العشاء فی الوقت المختص بالمغرب، فهل یحکم بالبطلان أولا؟ المشهور هو الأول لا لأجل فوات الترتیب ـ فانه شرط ذکری ـ أى شرط فی حال الذکر لا مطلقاً ـ بل لأجل وقوع الثانیة قبل وقتها ـ و الوقت من الخمسة التی تعاد الصلاة من أجلها ـ و وقت العصر عندهم یدخل بعد مضی مقدار أربع رکعات من الزوال و وقت العشاء یدخل بعد مضی مقدار ثلاث رکعات من المغرب، (و أما) علی المختار من أن الوقت مشترک من الأول لمادل علی دخول الوقتین عند الزوال للظهر و العصر و دخول الوقتین عند الغروب للمغرب و العشاء فلابد من الحکم بالصحة لأن الوقت فی نفسه قابل لهما و المانع من إتیان الثانیة فی أول الوقت هو إعتبار الترتیب بینهما، و معنی الاختصاص لیس عدم دخول وقت الثانیة إلا بعد مضی زمان یسع للاولی بل معناه عدم قابلیة الثانیة أن تکون مزاحمة للاولی و الا فالوقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 200 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[341] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 6 و 1

[342] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 6 و 1
[343] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 2.

[344] . قال النجاشی فی ترجمته: ضعیف جداً ذکره بعض أصحابنا فی الغلاة فأسد الاعتقاد له کتاب تفسیر الباطن تخلیط کله.

[345] . قال النجاشی: علی بن حسان الواسطی أبو الحسین القصیر المعروف بالمنمس عمر أکثر من مائة سنة و کان لا بأس به روى عن أبی عبدالله علیه السلام و قال الکشی: قال محمد بن مسعود: سألت علی بن الحسن بن فضال عن علی بن حسان قال عن أیهما سألت أما الواسطی فهو ثقة و أما الذی عندنا ـ یشیر الی علی بن حسان الهاشمی ـ یروی عن عمه عبد الرحمن بن کثیر فهو کذاب و هو واقفی أیضاً.
[346] . السورة 2/ الآیة 187.

الصفحات (201 - 250)

الصفحات (201 - 250)

(201 - 205)

(201 - 205)

صالح لهما من أوله لقول الصادق (ع)[347] (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه قبل هذه ثم أنت فی وقت منهما جمیعاً حتی تغیب الشمس) . و ما ذکره المشهور مخالف لظاهر هذه الصحیحة و غیرها[348] (نعم بالاضافة إلی العصر إما أن نلتزم بوقوع المأتی به عصراً لحدیث لا تعاد، و إما أن نلتزم بوقوعه ظهراً لصحیحتى زرارة و الحلبی الآتیتین (الصورة الثانیة) ما إذا تذکر فی الفرض المتقدم فی الأثناء مع بقاء وقت العدول کما إذا کان ما تلبس بها عصراً أو کان عشاء و لم یرکع للرابعة، و المشهور هنا أیضاً البطلان، بدعوی أن أدلة العدول إنما تکون ناظرة إلی الصلاة التی تکون صحیحة من سائر الجهات غیر الترتیب و لا تکون شاملة لما هو فاسد لأجل فقدان جزء أو شرط آخر و ما تلبس بها المکلف هی فاقدة للشرط و هو الوقت مع کونها فاقدة للترتیب أیضاً. (ولکن) المحقق قدس سره مع الالتزام بالوقت المختص کالمشهور حکم بالصحة إذا تذکر فی الاثناء و عدل إلی الظهر أو عدل إلی المغرب مع أنه قدس سره إلتزم بالبطلان إذا تذکر بعد الفراغ کالمشهور بدعوی أنها وقعت قبل الوقت حیث أن وقت العصر یدخل بعد الوقت المختص بالظهر. (و الصحیح) هو ما ذهب إلیه المحقق قدس سره من الحکم بالصحة ـ إذا تذکر فی الاثناء ـ و إن بنینا علی الوقت المختص کالمشهور و ذلک لأن مادل علی العدول کصحیحة زرارة و غیرها غیر قاصر الشمول للمقام حیث أنها مطلقة و مقتضی الاطلاق جواز، العدول سواء کان فی الوقت المختص أو المشترک. (و دعوی) أن الاطلاق یشمل ما إذا کانت الصلاة، صحیحة فی نفسها و فی المقام حیث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 201 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرع فی العصر فی الوقت المختص بالظهر وقعت فاسدة من الأول، فکیف یحکم بصحتها؟ مدفوعة ـ بأن الفساد إن کان من غیر ناحیة الوقت کالطهارة مثلا و کان ما أتی به فاقداً لها لا یمکن الحکم بصحتها بوجه عدل عنها أو لم یعدل و أما إذا کان الفساد من جهة الوقت فقط فیمکن الحکم بصحتها لأن المستفاد من أدلة جواز العدول أنها قابلة لأن تقع ظهراً فبالعدول یکون ما وقع ظهراً و هی وقعت فی وقتها، فالحکم بالفساد یکون علی تقدیر عدم العدول و مختص بما إذا أتمها عصراً و أما إذا أتمها ظهراً کما هو المستفاد من إطلاق أدلة العدول، فلا مانع من الحکم بالصحة أصلا. (و من هنا) ظهر الفرق بین هذا الفرض و ما إذا تذکر بعد الفراغ کما تقدم، فان الحکم بالفساد هناک کان لأجل عدم ورود دلیل خاص علی الصحة فان صحیحة زرارة و مضمرة الحلبی الآتیتین لم تشملهما أدلة الحجیة علی مذاقهم لإعراض المشهور عنهما فتبقی المسألة مشمولة للمستثنی فی (حدیث لا تعاد)، فان الوقت من الخمسة التی تجب الاعادة لأجلها بخلاف المقام، فان إطلاقات أدلة العدول غیر قاصرة الشمول له (الصورة الثانیة) ما إذا تذکر بعد الرکوع للرکعة الرابعة فی العشاء و هنا لا مناص من الحکم بالبطلان، لأن (حدیث لا تعاد) لا یشمل المقام إذ المستفاد منه أجزاء المأتی به ناقصاً ـ إذا کان سهواً أو نسیاناً ـ عن المأمور به لا أنه یصح الاتیان بالناقص أو الفاقد للشرط و لو عمداً و کم بینهما من الفرق، و مقامنا من الثانی، فان الترتیب شرط فی العشاء فی مجموعها بمعنی أن جمیع أجزائها لابد أن تقع بعد المغرب، فاذا تذکر فی الرکوع للرکعة الرابعة أنه لم یأت بالمغرب فکیف یحکم باتمام هذه الرکعة مع الالتفات إلی أنها فاقدة للترتیب؟ و سیتضح لک أکثر من هذا عند التکلم فی الجهة الثالثة من جهات البحث فی الوقت المشترک فانتظر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 202 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و إن کان فی الوقت المشترک (1) فان کان التذکر بعد الفراغ صحت، و إن کان فی الأثناء عدل بنیته إلی السابقة إذا بقی محل العدول و إلا کما إذا دخل فی رکوع الرکعة الرابعة من العشاء بطلت و إن کان الأحوط الإتمام و الإعادة بعد الإتیان بالمغرب و عندی فی ما ذکروه إشکال، بل الأظهر فی العصر المقدم علی الظهر سهواً صحتها و إحتسابها ظهراً إن کان التذکر بعد الفراغ لقوله علیه السلام: إنما هی أربع مکان أربع فی النص الصحیح لکن الأحوط الإتیان بأربع رکعات بقصد ما فی الذمة من دون تعیین أنها ظهر أو عصر و إن کان فی الأثناء عدل من غیر فرق فی الصورتین بین کونه فی الوقت المشترک أو المختص و کذا فی العشاء إن کان بعد الفراغ صحت و إن کان فی الأثناء عدل مع بقاء محل العدول ـ علی ما ذکروه ـ لکن من غیر فرق بین الوقت المختص و المشترک أیضاً.

(1) الکلام هنا یقع فی جهات (الجهة الأولی) فیما إذا وقعت العصر مقدماً علی الظهر أو العشاء مقدماً علی المغرب سهواً و تذکر بعد الفراغ، فالحکم بالصحة مما لا إشکال فیه، فان کان ما قدم هو العشاء صحت عشاء، لأن حدیث (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة) یشملها بلا إشکال إذا الفائت هو الترتیب و هو لیس داخلا فی المستثنی بل داخل فی المستثنی منه فاذاً یأتی بالمغرب بعدها (و أما) اذا کان ما قدم هو العصر فهل یحسب عصراً و یتعین الاتیان بالظهر بعدها؟ أو یحسب ظهراً، فیتعین الاتیان بالعصر بعدها؟ المشهور هو الأول، فحکموا بصحتها عصراً، لأجل حدیث (لا تعاد)، فان الفائت لیس إلا الترتیب و هو لیس من الخمسة المستثناة فیحکم بصحة ما قصده و أتی به فلابد من إتیان الظهر بعدها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 203 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و قیل) إن القول بالخلاف شاذ نادر و إن کانت صحیحة زرارة و صحیحة الحلبی تدلان علیه: (الأولی) ما رواه عن أبی جعفر علیهما السلام[349] (قال: إذا نسیت الصلاة أو صلیتها بغیر وضوء و کان علیک قضاء صلوات، فابدأ بأولهن فأذن لها و أقم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة إقامه لکل صلاة و قال: قال أبو جعفر علیه السلام: و إن کنت قد صلیت الظهر و قد فاتتک الغداة فذکرتها فصل الغداة أى ساعة ذکرتها و لو بعد العصر و متی ما ذکرت صلاة فاتتک صلیتها و قال: إذا نسیت الظهر حتی صلیت العصر فذکرتها و أنت فی صلاة أو بعد فراغک فانوها الأولی ثم صل العصر فانما هی أربع مکان أربع، و إن ذکرت أنک لم تصل الأولی و أنت فی صلاة العصر و قد صلیت منها رکعتین، فانوها الأولی ثم صل الرکعتین الباقیتین و قم فصل العصر) (الحدیث).

(الصحیحة الثانیة) ما رواه الحلبی[350] (قال: سألته عن رجل نسی أن یصلی الأولی حتی صلی العصر قال فلیجعل صلاته التی صلی الأولی ثم لیستأنف العصر.) (الحدیث) و هاتان الصحیحتان ( کما تری) تدلان علی خلاف المشهور صریحاً ولکن المشهور أعرضوا عنهما فلم یعملوا بهما مع کونهما بمرأی و مسمع منهم، فعلی القول بأن إعراض المشهور کاسر للسند و موهن للروایة تسقطان عن الحجیة، فلا مجال للعمل بهما و لابد من الإلتزام بما هو المشهور و هو القول الأول و أما إذا قلنا: إن إعراضهم لا أثر له و لا یوجب الوهن لأن العبرة فی الحجیة بوثاقة الراوی کما هو المستفاد من الأدلة و قد حققناها فی الأصول فلابد من العمل بهما و جعل ما أتی به ظهراً ثم الإتیان بالعصر و هذا هو الصحیح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 204 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الجهة الثانیة) فیما إذا تذکر فی الأثناء فان کان فی أثناء العصر یعدل إلی الظهر مطلقاً و أما إذا کان فی أثناء العشاء فیعدل إلی المغرب إن لم یرکع للرکعة الرابعة و إلا فیحکم بفسادها کما سیجییء، و یدل علی جواز العدول عن العصر جملة من النصوص (منها) صحیحة زرارة المتقدمة[351] (إلی أن قال) اذا نسیت الظهر حتی صلیت العصر فذکرتها و أنت فی الصلاة أو بعد فراغک فانوها الأولی ثم صلّ العصر (إلی أن قال) (و إن کنت قد ذکرت أنک لم تصل العصر حتی دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان کنت قد صلیت المغرب فقم فصل العصر و إن کنت قد صلیت من المغرب رکعتین ثم ذکرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمّها رکعتین ثم تسلم ثم تصلی المغرب، فان کنت قد صلیت العشاء الأخرة و نسیت المغرب فقم فصل المغرب، و إن کنت ذکرتها و قد صلیت من العشاء الأخرة رکعتین أو قمت فی الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة) (الحدیث) نعم ربما یتخیل عدم جواز العدول فی العشائین لأجل روایة حسن بن زیاد الصیقل[352] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل نسی الأولی حتی صلی رکعتین من العصر قال: فلیجعلها الأولی و لیستأنف العصر. قلت: فانه نسی المغرب حتی صلی رکعتین من العشاء ثم ذکر قال: فلیتم صلاته ثم لیقض بعد المغرب قال: قلت له: جعلت فداک قلت حین نسی الظهر ثم ذکر و هو فی العصر: یجعلها الأولی ثم یستأنف و قلت لهذا: یتم صلاته بعد المغرب فقال: لیس هذا مثل هذا إن العصر لیس بعدها صلاة و العشاء بعدها صلاة) و المراد بالجملة الأخیرة أن العصر لیس بعدها صلاة لا فریضة و لا نافلة فلو لم تجعل الأولی ظهراً بل جعلت عصراً یلزم الإتیان بالظهر بعد العصر، فیکون بعد العصر صلاة و أما العشاء فبعدها صلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 205 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[347]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 5 و 1 (الأولى) هو مارواه الصدوق باسناده عن عبید بن زرارة (و الثانیة) هی مارواه الصدوق باسناده عن زرارة.

[348]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 5 و 1 (الأولى) هو مارواه الصدوق باسناده عن عبید بن زرارة (و الثانیة) هی مارواه الصدوق باسناده عن زرارة.
[349]. الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 4 و 1 و قد مر الکلام فی سند روایة الحلبی فی (ص 103) فلا تغفل.

[350]. الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 4 و 1 و قد مر الکلام فی سند روایة الحلبی فی (ص 103) فلا تغفل.
[351]. الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 5 و 1.

[352]. الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 5 و 1.

(206 - 210)

(206 - 210)

و هی صلاة اللیل فلا إشکال فی إتیان المغرب بعدها (و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند، فان الحسن بن زیاد الصیقل لم یوثق فلا یعتمد علیها (و ثانیاً) أنها معارضة بصحیحة زرارة المتقدمة الدالة علی العدول فی العشاء أیضاً و قد حملها فی الوسائل علی تضیّق وقت العشاء (أى وقوعها فی الوقت المختص) دون العصر و یؤیده قوله لیقض المغرب بعده بناء علی أن یکون المراد من القضاء الإتیان فی خارج الوقت کما هو المصطلح عند الفقهاء (ولکن) هذا الحمل بعیداً جداً فان الأمر لو کان کذلک لعلّله بوقوع العشاء فی الوقت المختص و بوقوع العصر فی الوقت المشترک، فان العصر أیضاً لو وقعت فی الوقت المختص لا یمکن العدول عنها إلی الظهر بل لابد من إتمامها و قضاء الظهر بعدها.

(الجهة الثالثة) فیما اذا دخل فی الرکوع للرکعة الرابعة من العشاء و تذکر أنه لم یصل المغرب، فهل یحکم بالفساد أو بالصحة و لزوم الاتمام ثم الاتیان بالمغرب؟ المشهور هو الأول و إختار جماعة من المتأخرین و شیخنا الأستاذ الثانی ناسباً له إلی کاشف اللثام بدعوی: أن حدیث لا تعاد کما یشمل ما بعد العمل یشمل الاثناء أیضاً فان المصلی لم یفت منه إلا الترتیب سهواً أو ناسیاً و لا یکون قابلا للتدارک، فیحکم باتمامها عشاء و بعدم لزوم الاعادة فان الاعادة کما تتحقق بالاتیان ثانیاً بعد الفراغ من العمل کذلک تتحقق بالاتیان به ثانیاً بعد رفع الید عن العمل فی الاثناء. (و فیه) أن حدیث (لا تعاد) لا یشمل المقام لا لأجل عدم صدق الاعادة فانها تصدق إذا قطعها و إستأنف و قد ورد فی الروایة من تکلم فی صلاته عمداً أعادها، بل لأجل أن المستفاد من الحدیث إجزاء المأتی به ناقصاً ـ إذا کان سهواً أو نسیاناً ـ عن المأمور به لا أنه یصح الاتیان بالناقص أو الفاقد للشرط و لو عمداً و کم بینهما من الفرق، و مقامنا من الثانی، فان الترتیب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 206 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و علی ما ذکرنا یظهر فائدة الإختصاص فیما إذا مضی من أول الوقت مقدار أربع رکعات، فحاضت المرأة فان اللازم حینئذ قضاء خصوص الظهر (1) و کذا إذا طهرت من الحیض و لم یبق إلا مقدار أربع رکعات، فان اللازم حینئذ إتیان العصر فقط و کذا إذا بلغ الصبی و لم یبق إلا مقدار أربع رکعات فان

 

شرط فی العشاء فی مجموعها بمعنی أنها بجمیع أجزائها لابد من أن تقع بعد المغرب کما هو المستفاد من الروایة إذا غربت الشمس دخل الوقتان إلا أن هذه قبل هذه، فاذا تذکر فی الرکوع للرکعة الرابعة أنه لم یأت بالمغرب، فکیف یحکم باتمام هذه الرکعة مع الالتفات إلی أنها فاقدة للترتیب و نظیر المقام ما اذا دخل فی الصلاة بغیر ساتر سهواً فتذکر فی الاثناء أنه غیر متستّر فهل یمکن الحکم باتمامها و ان لم یتمکن من الستر لأجل حدیث لاتعاد؟ لم یعهد من فقیه أن یلتزم بذلک بل لابد من رفع الید عنها و تحصیل الساتر ثم الاستئناف لأن الحکم بالاتمام ملازم للحکم بسقوط الستر فی حال الاختیار، نعم لو علم أنه لم یتستر سهواً فی رکعة أو أکثر أو أقل فستر فی الاثناء حین الذکر صحت صلاته لأجل حدیث لا تعاد و بعبارة أخری حدیث لا تعاد یدل علی سقوط جزء أو شرط ترک سهواً أو نسیاناً و لا یدل علی جواز الاتیان بالناقص عمداً و کم بینهما من الفرق هذا کله فیما إذا أتی بالثانیة قبل الأولی فی الوقت المشترک.

(1) صح ما ذکره ـ فان المستفاد من الروایات و إن کان دخول الوقتین بالزوال إلا أن التکلیف بهما معاً مستحیل لکونه تکلیفاً بما لا یطاق و التکلیف بهما تخییراً مناف لمادل علی أن الظهر قبل العصر، فان المستفاد منه أن التکلیف بالظهر مطلق و بالعصر مقید بأن تقع بعد الظهر، و لازم ذلک وجوب الظهر علیها فقط، فان أتى بالعصر یحکم بالبطلان، لأنها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 207 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الواجب علیه خصوص العصر فقط (1).

 

مشروطة بالظهر و مترتبة علیها و أما الظهر فلا تکون مشروطة بأن تلحقها العصر. و إن لم تأت بالظهر تجب علیها قضائها لتفویتها الواجب الفعلی.

(1) صح ما ذکره فان معنی الاختصاص أنه إذا طهرت المرأة قبل إنتهاء الوقت بمقدار أربع رکعات تعین علیها العصر إذا التکلیف بهما معاً لا یمکن و التخییر مخالف لما هو المتسالم علیه بینهم و لقوله (ع): (الا أن هذه قبل هذه) فان مقتضى القبلیة أن الظهر لا تزاحم العصر بل تؤتی قبل الوقت الذی تحتاج إلیه العصر و تستوعبه هذا ـ (علی) أن الروایات الواردة فی خصوص الحائض إذا طهرت فی آخر وقت العصر ـ ناطقة باتیان العصر فقط و قد تقدم بعضها (ص 105) و فی روایة الحلبی الواردة فی الناسی قد صرح بذلک[353] (قال: سألته عن رجل نسی الأولی و العصر جمیعاً ثم ذکر ذلک عند غروب الشمس، فقال إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحدیهما فلیصل الظهر ثم یصل العصر، و إن هو خاف أن تفوته فلیبدأ بالعصر و لا یؤخرها فتفوته فیکون قد فاتتاه جمیعاً ولکن یصلی العصر فیما قد بقی من وقتها، ثم لیصلی الأولی بعد ذلک علی إثرها): و تفصیل الکلام قد مر (ص 104 و 105 فراجع) و مما ذکرنا یظهر حال کثیر من الفروع ـ کما إذا بلغ الصبی أو أفاق المجنون أو أسلم الکافر و لم یبق من الوقت إلا مقدار أربع رکعات فانه مختص بالعصر و یکون وقتاً فعلیاً لها. (و أما) القضاء فکذلک فان لم یأت هؤلاء بالعصر فی ذلک الوقت یجب علیهم قضائها بالخصوص و لا یجب علیهم قضاء الظهر إذ القضاء تابع لأحد أمرین علی سبیل منع الخلو إما فوت الواجب و إما فوت الملاک الملزم و شىء منهما لم یتحقق بالنسبة الی الظهر أما عدم فوت الواجب فلان المفروض عدم وجوبها، فی الوقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 208 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و أما إذا فرضنا عدم زیادة الوقت المشترک عن أربع رکعات فلا یختص باحدیهما (1) بل یمکن أن یقال بالتخییر بینهما کما إذا أفاق المجنون الأدواری فی الوقت المشترک مقدار أربع رکعات أو بلغ الصبی فی الوقت المشترک ثم جن أو مات بعد مضی مقدار أربع رکعات و نحو ذلک.

 

المختص بالعصر و أما عدم فوت الملاک فلعدم الدلیل علی وجوده بالإضافة الی المجنون و الحائض فانه قد مر غیر مرة أن طریق احراز الملاک منحصر بالأمر و هو مفقود فمن أین یحرز الملاک و کذا الکلام بعینه فیما اذا حاضت أو جن بعد مضی مقدار أربع رکعات من أول الزوال فان وجوب القضاء مختص بالظهر و أما العصر فلا یجب قضائها لعدم وجوبها فی الوقت و لعدم احراز فوت الملاک أیضاً.

(1) الوجوه المتصورة هنا ثلاثة (الأول) لزوم إتیان خصوص العصر تنزیلا له منزلة آخر الوقت، فان الآخر مختص بها علی ما تقدم فکذا المقام حیث إن الوقت ینتهی باتیان العصر فیکون مختصاً بها (و فیه) أنه قیاس محض، فان المستفاد من الروایات أن مقدار أربع رکعات من آخر الوقت و هو قریب الغروب مختص بالعصر و مقدار أربع رکعات عند إنتصاف اللیل مختص بالعشاء فکیف یلحق المقام بهما مع کونه من الوقت المشترک بحسب ذاته (الثانی) التخییر بین الظهر و العصر کما إلتزم به الماتن قدس سره لأن الوقت صالح لهما حیث إنه مشترک علی الفرض، فلا وجه لترجیح إحدیهما علی الأخری مع کون کل منهما مقدورة علی تقدیر ترک الاخری، فالمقام داخل فی المتزاحمین (و فیه) أن کلا من الصلاتین لیس مقدوراً بل المقدور خصوص الظهر حیث إنها لا تکون مشروطة بشىء بخلاف العصر فانها مشروطة بأن تقع بعد الظهر لأجل أدلة الترتیب. و أما الظهر فلا تکون مشروطة بأن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 209 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 4) إذا بقی مقدار خمس رکعات إلی الغروب قدم الظهر و إذا بقی مقدار أربع رکعات أو أقل قدم العصر و فی السفر إذا بقی ثلاث رکعات قدم الظهر و إذا بقی رکعتان قدم العصرو اذا بقی الی نصف اللیل خمس رکعات قدم المغرب و إذا بقی أربع رکعات أو أقل قدم العشاء و فی السفر إذا بقی أربع رکعات قدم المغرب (1)

 

تلحقها العصر، فاذاً تتعین الظهر لأن العصر غیر مقدورة لعدم التمکن من شرطها و هو الترتیب و التزاحم إنما یتحقق فیما إذا کان کل من التکلیفین مطلقاً و کان العجز من المکلف من الجمع بین الامتثالین کما هو واضح (ثم لا یخفی) أن ما فرضه الماتن من کون الوقت المشترک مقدار أربع رکعات مجرد تمثیل و إلا فالتخییر علی مختاره و تعین الظهر علی مختارنا یجری و إن وسع الوقت مقدار سبع رکعات، فلو فرض أن المرأة کانت مجنونة و أفاقت فی الوقت المشترک و تعلم أن بعد مضی مقدار سبع رکعات تری الحیض لا تجب علیها إلا صلاة واحدة بخلاف ما إذا طهرت فی آخر الوقت و لم یبق من الوقت إلا مقدار خمس رکعات فانها هنا مکلفة بالصلاتین معاً و الفرق واضح، فان قاعدة من أدرک موجبة لتوسعه الوقت و لتنزیل خارج الوقت بمنزلة الوقت هنا و هذا التنزیل لا یجری فیما إذا کان ضیق الوقت من أجل طروّ الحیض فان الحائض لا یمکن أن تنزّل منزلة الطاهر فتکون مکلفة بالصلاة.

(1) الوجه فیما ذکره واضح فانه إذا بقی من الوقت المشترک مقدار رکعة تجب کلتا الصلاتین لأن قاعدة (من أدرک) توجب التوسعة فی الوقت فیوسع وقت الصلاة الأولی من الوقت المختص بالصلاة الثانیة و یوسع وقتها من خارج الوقت و أما إذا بقی الوقت المختص بالثانیة فقط فلا یجوز إتیان الظهر أو المغرب، لأن کلتا الصلاتین تقعان فی خارج الوقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 210 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[353]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 18.

(211 - 215)

(211 - 215)

و إذا بقی أقل قدم العشاء (1) و یجب المبادرة إلی المغرب بعد

 

کما یصرح بذلک ما رواه الحلبی[354] (فی حدیث) (قال: سألته عن رجل نسی الأولی و العصر جمیعاً ثم ذکر ذلک عند غروب الشمس فقال إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحدیهما فلیصل الظهر ثم یصل العصر و إن هو خاف أن تفوته فلیبدأ بالعصر و لا یؤخرها فتفوته فیکون قد فاتتاه جمیعاً ولکن یصلی العصر فیما قد بقی من وقتها ثم لیصلی الأولی بعد ذلک علی إثرها). ولکنه قد مر الکلام فی سندها (فی ص 103 فراجع) (و مما ذکرنا) یظهر أنه اذا لم یبق إلی نصف اللیل إلا مقدار أربع رکعات و کان المکلف حاضراً تجب علیها العشاء وحدها و لا تجری قاعدة (من أدرک) بالنسبة إلی صلاة المغرب لأن المکلف لم یدرک مقدار رکعة منها فاتیانها قبل العشاء یکون فی الوقت المختص بالعشاء و هو لا یجوز و إن لم یستلزم ذلک وقوع العشاء أجمع فی خارج الوقت بل تقع رکعة، منها فی الوقت إلا أنه یستلزم وقوع ثلاث رکعات منها، فی خارج الوقت اختیاراً و لا دلیل علی مشروعیة ذلک (و أما) إذا بقی إلی نصف اللیل مقدار أربع رکعات و کان المکلف مسافراً تجب علیه الصلاتان، فان رکعتین من المغرب تقعان فی الوقت المشترک و رکعة منها تقع فی الوقت المختص بالعشاء و رکعة من العشاء تقع فی خارج الوقت و لا، إشکال فیه، فان قاعدة (من أدرک) توجب التوسعة هنا کما عرفت.

(1) کما إذا لم یبق إلی نصف اللیل فی السفر إلا مقدار ثلاث رکعات ولکن الکلام فی وجه ذلک مع أن مقدار رکعة من المغرب بقی من الوقت المشترک، فالکلام یقع (تارة) علی ما هو المختار فی الوقت المختص من أنه بمعنى عدم جواز مزاحمة الشریکة صاحبة الوقت لا بمعنى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 211 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم صلاحیة الوقت للاتیان بالشریکة فان الوقت المختص فی نفسه، قابل و صالح لوقوع کلتا الصلاتین فیه و أن أیاً منهما تقع فیه تکون أداء غایة ما فی الباب أن مزاحمة ذات الوقت لا تجوز باتیان غیرها فیه إختیاراً علی ما تقدم (و أخری) علی المسلک المشهور فی معنی الوقت المختص (أما علی المختار) فالأمر یدور بین إتیان کلتا الصلاتین فی الوقت مع عدم مراعاة الترتیب و إتیان خصوص المغرب فی الوقت و العشاء فی خارجه مع مراعاة الترتیب، فانه لو صلی العشاء قبل المغرب تقع رکعة من المغرب أیضاً فی الوقت فبمقتضی قاعدة (من أدرک) تکون المغرب أیضاً أداء و لو أتی بالمغرب قبل العشاء تقع المغرب بأجمعها فی الوقت ولکن العشاء بأجمعها تقع فی خارج الوقت، فاذاً یدور الأمر بین مراعاة الوقت و الترتیب لا إشکال فی لزوم مراعاة الوقت و تقدیمه لأن الصلاة لا تسقط بحال کما هو المستفاد من صحیحة زرارة[355] الواردة فی المستحاضة و هو المتسالم علیه بین الأصحاب و مقتضاه سقوط الترتیب و مراعاة الوقت فانه حاکم علی أدلة الأجزاء و الشرائط إلا الطهور ـ فالتحفظ علی الترتیب مستلزم لتجویز ترک صلاة العشاء فی الوقت و هو بمعنی سقوطها ـ علی ـ أن الوقت من الخمسة التی تعاد الصلاة من أجلها ـ کما فی صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[356] (أنه قال لا تعاد الصلاة إلا من خمسة الطهور و الوقت و القبلة و الرکوع و السجود الحدیث) و المستفاد من هذا الحدیث أن الوقت رکن، فلابد من تقدیمه و مراعاته عند دوران الأمر بینه و بین غیره من الأجزاء و الشرائط هذا (علی) أنه یمکن أن یقال إن أدلة اعتبار الترتیب لا تشمل مثل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 212 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقام فإن المستفاد من مثل قوله علیه السلام[357]: (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر إلا أن هذه قبل هذه) هو إعتبار الترتیب بین الصلاتین فی الوقت، فلو فرض أن التحفظ علی الترتیب یستلزم فوات الوقت کما فی المقام، فکیف یمکن الإلتزام باعتبار الترتیب لأجل هذا الدلیل الذی لیس مفاده إلا إعتبار الترتیب فی الوقت فاذاً یکون إعتبار الترتیب عند التمکن من الصلاة فی الوقت (و علی الجملة) أن مقتضی مادل علی أن الصلاة لا تسقط بحال، و مادل علی أن الوقت رکن و مادل علی أن الوقت مشترک بین الصلاتین من الغروب إلی نصف اللیل، هو الإتیان بالصلاتین فی الوقت و إن فات الترتیب، فان مادل علی إعتبار الترتیب بین الصلاتین لا یشمل مثل المقام مما یلزم منه فوات الوقت و سقوط الصلاة إذ تجویز ترک الصلاة فی وقتها عبارة عن سقوطها، فکیف یمکن الإلتزام به تحفظاً علی الترتیب (و أما) علی المسلک المشهور من أن معنى الوقت المختص إختصاص صاحبة الوقت به والاتیان بالشریکة فیه إتیان بها فی خارج الوقت فالأمر یدور بین إتیان العشاء باجمعها فی الوقت مع عدم مراعاة الترتیب و بین إتیان رکعة من المغرب فی الوقت و الباقی فی خارجه، مع مراعاة الترتیب فان الوقت المختص بالعشاء فی حکم خارج الوقت بالاضافة الی المغرب علی الفرض و الاظهر هنا أیضاً تقدیم العشاء، فان الأمر دائر بین صلاة إختیاریة هی العشاء مع عدم مراعاة الترتیب و صلاة عذریة هی المغرب مع مراعاة الترتیب و لا إشکال فی تقدیم الأولی، فان الصلاة الاختیاریة مقدمة علی الصلاة العذریة و لا یخفی أن الوجه فی کون صلاة المغرب عذریة هو أنها لو قدمت علی العشاء تقع رکعة منها فی الوقت المشترک و الباقی یقع فی الوقت المختص بالعشاء و هو فی حکم خارج الوقت علی المسلک المشهور فتکون الصلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 213 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تقدیم العشاء إذا بقی بعدها رکعة أو أزید (1) و الظاهر أنها حینئذ أداء و إن کان الأحوط عدم نیة الأداء و القضاء (2)

 

محکومة بالصحة لأجل قاعدة من أدرک و هذا بخلاف ما إذا قدمنا العشاء، فان الحکم بصحتها لایحتاج إلی قاعدة‌من أدرک ـ نعم یفوت الترتیب فی هذا الفرض و لا مانع منه، فان مادل علی أن الصلاة لاتسقط بحال أو مادل علی أن الوقت رکن حاکم علی أدلة الأجزاء و الشرائط کما تقدم، فیکون الترتیب معتبراً حال الاختیار لامطلقاً فما ذکره الماتن من تقدیم العشاء مطلقاً هو الصحیح

(1) هذا یتم على ما سلکناه فی معنی الوقت المختص من أنه صالح لکل من الصلاتین، فیجب المبادرة لأن المفروض بقاء الوقت بمقدار رکعة‌و لا تزاحمها العشاء لفراغ الذمة عنها فبمقتضی قاعدة من أدرک یکون المکلف مدرکاً للصلاة فی وقتها و أما علی المسلک المشهور من أن الوقت المختص لا یصلح لغیر ذات الوقت أصلا فلا وجه لوجوب المبادرة لأن وقت المغرب قد إنقضی بمجرد دخول الوقت المختص بالعشاء

(2) قد یقال: انه لم یتضح الوجه فیما قد یظهر من العبارة من جزمه (أى الماتن) بوجوب المبادرة إلی المغر ب و عدم جزمه بکونه أداء (و فیه) أنه یعد من الغرائب لأن الماتن جزم بکون المغرب أداء حیث أفتى بوجوب المبادرة و قال: و الظاهر أنها حینئذ أداء، فما ذکره من الاحتیاط بعدم نیة الأداء و القضاء إستحبابی، فان الجزم بمقتضی الدلیل لا ینافی الاحتیاط المبتنی علی احتمال خلافه لأجل إحراز الوقع و الجمع بین هذا النحو من الجزم و الاحتیاط کثیر فی عبارات الفقهاء حیث یقولون هذا هو الأقوی و إن کان الأحوط کذا (ثم) إنه قد یقال فی المقام: إن المکلف یأتی برکعة من المغرب أولا ثم یصلی العشاء ثم یتم المغرب بعدها ـ کما عن شیخنا الاستاذ قدس سره ـ حیث بنی علی جواز الاتیان بصلاة بین صلاة أخری (و فیه) أن الالتزام بذلک مشکل، فانه مستلزم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 214 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 5) لایجوز للعدول من السابقة الی اللاحقة، و یجوز العکس، فلو دخل فی الصلاة بنیة الظهر ثم تبین له فی الاثناء أنه صلیها لایجوز له العدول الی العصر (1) بل یقطع و یشرع فی العصر بخلاف ما إذا تخیل أنه صلی الظهر فدخل فی

لوقوع الفصل الکثیر، بالفعل الکثیر المشتمل علی التسلیم بین الرکعة الأولی و الأخیرتین، و هذا النحو من الفصل لم یقم علی جوازه دلیل إلا فی صلاة الآیات، (علی) أنه خلاف ظاهر الدلیل فان المستفاد ممادل علی الترتیب بینهما إتیان العشاء بعد المغرب بأجمعها فعلیه الصحیح هو ما أفاده الماتن فإن إعتبار الترتیب إذا سقط بالتقریب المتقدم یکون المتعین تقدیم العشاء علی المغرب بأجمعها.

(1) و ذلک لعدم الدلیل علیه اذ لم یقم دلیل علی أن ما أتاه بقصد الظهر یحسب عصراً و یجوز الاکتفاء به فی مرحلة الامتثال، فان الظهر و العصر و إن کانتا بحسب الصورة و الکیفیة واحدة‌إلا أنهما بحسب الماهیة و الحقیقة مختلفتان کما هو المستفاد ممادل علی وقت کل منهما من حیث الفضیلة و الاختصاص و من قوله (ع): (الا أن هذه قبل هذه) و لاشک فی أن ما یتحقق به التغایر بینهما لا یکون إلا النیة و قصد العنوان فلو نوی الظهر و قصد عنوانها لا تتحقق ماهیة العصر فالاجتزاء بما أتی به عن العصر یحتاج الی دلیل و هو مفقود: و بالجملة المستفاد من الروایات الدالة علی الترتیب و علی وقت الفضیلة و الاختصاص أمران (أحدهما) تغایر ماهیة هذه الصلوات (و الآخر) عدم جواز تقدیم الثانیة علی الأولی و یترتب علی الأمر الأول عدم جواز العدول مطلقاً إلا فیما قام علیه دلیل بالخصوص کالعدول من الثانیة الی الأولی.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 215 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[354]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 18.
[355] . الوسائل ب 1 من أبواب الاستحاضة ر 5.

[356] . الوسائل ب 10 من أبواب الرکوع ر 5.
[357] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 5 علی طریق الصدوق.

(216 - 220)

(216 - 220)

العصر ثم تذکر أنه ما صلی الظهر فانه یعدل إلیها (1).

(مسئلة 6) إذا کان مسافراً و قد بقی من الوقت أربع رکعات فدخل فی الظهر بنیة القصر ثم بداله الاقامة فنوی الاقامة بطلت صلاته، و لا یجوز له العدول الی العصر فیقطعها و یصلی العصر (2) و إذا کان فی الفرض ناویاً للاقامة فشرع بنیة العصر لوجوب تقدیمها حینئذ ثم بداله فعزم علی عدم الإقامة فالظاهر أنه یعدل بها الی الظهر قصراً (3).

 

(1) للنصوص الواردة فی المقام (منها) صحیحة[358] زرارة المتقدمة (ص 204) فانها دلت علی جواز العدول من العشاء الی المغرب و من العصر الی الظهر فراجع.

(2) صح ما ذکره فان العدول علی خلاف الأصل لا یمکن الإلتزام به بلا دلیل فان الدلیل مختص بالعدول عن الثانیة الی الأولی فاذن یتعین القطع و الشروع فی العصر، لأنه الوقت المختص بها.

(3) هذا مما لایمکن الالتزام به لأن صحیحة زرارة المتقدمة الدالة علی جواز العدول من اللااحقة إلی السابقة لا تشمل المقام فانها وردت فیمن نسی الأولی و دخل فی الثانیة فتذکر فی الأثناء و فی المقام، لم ینس الأولی بل ترکها لأجل إنقضاء وقتها فان ما بقی من الوقت کان مختصاً بالعصر مالم یعدل عن قصده فالإقدام علی العصر کان عن علم و عمد و کانت هی وظیفته، قبل العدول واقعاً و فی نفس الأمر بخلاف مورد الصحیحة الدالة علی العدول فان موردها ما إذا کان المکلف موظفاً بالأولی لو لا النسیان، فکیف یمکن التعدی عن موردها إلی فرض آخر و هو ما إذا کان وظیفته الفعلیة هی العصر و دخل فیها عن علم و عمد حیث کان بانیاً علی الإقامة ثم، بداله فعدل عن قصد الإقامة فهنا تبدل الموضوع فصار وظیفته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 216 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 7) یستحب التفریق بین الصلاتین المشترکتین فی الوقت (1) کالظهرین و العشائین.

 

الفعلیة هی الظهر لأنه مسافر و الوقت یسع لکلتا الصلاتین فلابد من قطعها و الإتیان بالظهر ثم بالعصر (و علی) الجملة مادل علی العدول من اللاحقة إلی السابقة ناظر إلی الشروع فی اللاحقة لأجل الغفلة و النسیان، فلا یشمل فرض العلم و العمد.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب، و تحقیق الکلام فی المقام یقتضی التکلم فی مرحلتین، (إحدیهما) الجمع من حیث الوقت، (و الأخری) الجمع من حیث الاتصال و عدم الفصل بینهما خارجاً (أما الکلام فی المرحلة الأولی) فهو أن الجمع بین المغرب و العشاء فی وقت إحدیهما لا إشکال فی مرجوحیته ـ کما إذا أخر المغرب إلی أن یذهب الشفق و الحمرة من ناحیة المغرب أو قدم العشاء علی سقوط الشفق ـ و ذلک لأن المستفاد من الروایات أفضلیة المغرب قبل سقوط الشفق و أفضلیة العشاء بعده إلا فی جلمة من الموارد ـ کالسفر و الاستعجال و نحوهما ـ فترتفع المرجوحیة فیها ـ و کذا الکلام فی الظهرین فلو أخر الظهر إلی أن صار الظل مثل الشاخص ثم جمع بینها و العصر لاریب فی مرجوحیته، لاطباق الروایات علی ذلک و إن کان بینها إختلاف من جهة الاشتمال علی القدم و القدمین و أربعة أقدام (ولکن) هذا لاختلاف محمول علی إختلاف مراتب الفضل فالأفضل إتیانها إلی القدم ثم إلی القدمین ثم إلی الأربعة ـ علی ما تقدم مفصلا ـ (نعم) لو عکس الأمر کما إذا جمع بین الظهرین فی وقت فضیلة الظهر لا مرجوحیة‌ فیه و ذلک لما تقدم من أن المستفاد من الروایات أن وقت الصلاتین یدخل بالزوال و لا موجب للتأخیر إلا الإتیان بالظهر و النافلة فلو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 217 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتی بهما الی القدمین مثلا بعد الزوال یکون الأفضل الإتیان بالعصر حین الفراغ منها و قد تقدم أنه لو لم یرد المکلف الإتیان بالنافلة أو کان مسافراً أو کان الیوم یوم الجمعةیکون الأفضل له هو الإتیان بالصلاتین فی أول الزوال ـ (و علی الجملة) لا مناص من الإلتزام بأفضلیة إتیان کل صلاة فی وقت فضیلتها فلو کان وقت الفضیلة مشترکاً بین الصلاتین ـ کما فی الظهرین قبل ـ المثل ـ لاموجب للتفریق و لا دلیل علی أفضلیته أصلا فالجمع المرجوح هو الإتیان بهما فی وقت فضیلة إحدیهما أو فی خارج وقت الفضیلة هذه کله بالنسبة إلى الجمع بین الصلاتین بملاحظة الوقت.

(و أما الکلام فی المرحلة الثانیة) و هو الجمع بینهما بمعنی الإتصال الخارجی و عدم الفصل بینهما ـ فهل هو مرجوح و التفریق هو الأفضل أم لا؟ لا دلیل علی مرجوحیة الجمع و أفضلیة التفریق هنا فیمکن الجمع بینهما مع عدم المرجوحیة أصلا کما إذا أخر المغرب بمقدار یبقی من وقت الفضیلة مقدار ثلاث رکعات فصلاها ثم یأتی بالعشاء بعد الفراغ من المغرب بلافصل فان الجمع بینهما قد تحقق خارجاً مع أن کلا من الصلاتین وقعت فی وقت فضیلتها حیث إن صلاة المغرب وقعت فی آخر وقت فضیلتها و صلاة العشاء وقعت فی أول وقت فضیلتها (فعلیه) تکون النسبة بین الجمعین عموماً من وجه فقد یتحقق الجمع بالمعنی الثانی و لا یتحقق بالمعنی الأول کالفرض المتقدم، فان الجمع الخارجی موجود هنا ولکن الجمع بملاحظة وقت الفضیلة مفقود إذ المکلف لم یجمع بینهما فی وقت فضیلة إحدیهما بل جمع بینهما فی وقت فضیلة کلتیهما و قد یتحقق الجمع بالمعنی الأول و لا یتحقق بالمعنی الثانی کما إذا أتی بالظهر بعد صیرورة الظل مثل الشاخص و لم یأت بالعصر متصلة بها بل أتى بها بعد فصل مقدار من الزمان، فان کلتا الصلاتین وقعت فی وقت فضیلة العصر، ولکن الجمع الخارجی لم یتحقق بینهما و قد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 218 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یتحقق کلا الجمعین کما إذا أتی بالصلاتین بلا فصل بینهما بعد خروج وقت فضیلة الأولی أو قبل دخول وقت فضیلة الثانیة، فان الجمع الخارجی و الجمع فی الوقت قد تحققا هنا کلیهما (و بالجملة) لا دلیل علی إستحباب التفریق الخارجی و أفضلیته إلا الشهرة الفتوائیة فان ما استدل به من الروایات علی ذلک بین ضعیفة السند أو الدلالة علی سبیل منع الخلو، فلابد من التعرض لها و لمناقشتها (منها) ما رواه محمد بن مکی الشهید فی (الذکری) نقلا من کتاب عبدالله بن سنان عن أّبی عبدالله (ع)[359] (إن رسول الله (ص) کان فی السفر یجمع بین المغرب و العشاء و الظهر و العصر انما یفعل ذلک إذا کان مستعجلا قال: و قال: و تفریقهما أفضل) (و فیه) أن الدلالة و إن کانت فیها تامة، فانها تدل علی مرجوحیة الجمع بین الظهر و العصر خارجاً حیث أن النافلة ساقطة فی السفر فوقت فضیلة العصر یدخل بعد مضی الوقت المختص بالظهر فأفضلیة التفریق و الحال هذه لیست إلا لأجل مرجوحیة الجمع الخارجی إلا أن السند غیر تام لأن الواسطة بین الشهید و کتاب عبدالله بن سنان مجهولة و إحتمال أن الشهید روى عن کتاب عبدالله. ورآه و کان ذلک الکتاب کتابه ضعیف جداً لأنه لو کان لعبدالله کتاب لکان معروفاً مشهوراً و لوصل إلی الکلینی و الصدوق و الشیخ ولکنه لم یصل الیهم و لا الی غیرهم من الأکابر فلم یثبت أنه کتابه فعلیه تسقط الروایة عن الحجیة (ثم) لا یخفی أن الروایة لو لم تکن مشتملة علی الظهر و العصر لأمکن المناقشة فی دلالتها أیضاً بدعوی أن تقدیم العشاء علی ذهاب الحمرة المغربیة یکون من الجمع بینهما فی وقت فضیلة المغرب و هو من الجمع فی الوقت و لا إشکال فی مرجوحیته و کلامنا فی الجمع الخارجی إلا أن إشتمالها علی الظهر و العصر یمنعنا من هذه المناقشة (نعم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 219 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو بنی علی أن الإتیان بالعصر قبل صیرورة الظل مثل الشاخص مرجوح لعدم دخول وقت فضیلتها قبل ذلک لأمکن المناقشة فی الدلالة بدعوی أنها ناظرة إلی الجمع فی الوقت لا إلی الجمع الخارجی إلا أن المبنی فاسد، لأن وقت فضیلة العصر یدخل قبل ذلک فاذاً لا مجال للمناقشة فی الدلالة.

(و منها) روایة معاویة ـ أو معبد بن میسرة[360] قال: (قلت لأبی عبدالله (ع): إذا زالت الشمس فی طول النهار للرجل أن یصلی الظهر و العصر قال: نعم و ما أحب أن یفعل ذلک کل یوم). تقریب الاستدلال أن جملة: (و ما أحب أن یفعل ذلک فی کل یوم تدل) علی مرجوحیة الجمع و أفضلیة التفریق (و فیه أولا) أنها ضعیفة السند لأن أحمد بن بشیر و معاویة بن میسرة لم یوثقا و معبد بن میسرة (علی ما فی بعض النسخ) مهمل. (و ثانیاً) أنها ضعیفة الدلالة فانها ظاهرة فی ترک النافلة حیث إن الجمع بین الصلاتین عند الزوال یستلزم ترک النافلة و ذلک لأجل ذیلها فان قوله (و ما أحب ان یفعل ذلک فی کل یوم) یستفاد منه مرجوحیة ذلک اذا صنع هکذا فی کل یوم دون بعض الأیام فان ترک النافلة فی بعض الأیام لا مرجوحیة‌فیه و أما مرجوحیة الجمع عند القائل بها فلا اختصاص لها ببعض الأیام دون بعض، بل هی مطلقة (و بالجملة) لا ظهور للروایة فی أن عدم المحبوبیة لأجل مجرد الجمع بل الظاهر أنه لأجل ترک النافلة کما هو الأنسب بالذیل (و منها) موثقة زرارة[361] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أصوم فلا أقیل حتی تزول الشمس فاذا زالت الشمس صلیت نوافلی ثم صلیت الظهر ثم صلیت نوافلی ثم صلیت العصر ثم نمت و ذلک قبل أن یصلی الناس، فقال: یازرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت ولکنی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 220 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[358] . الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 1 .
[359] . الوسائل ب 31 من أبواب المواقیت ر 7.
[360] . الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 15
[361] . الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 10.

(221 - 225)

(221 - 225)

أکره لک أن تتخذه وقتاً دائماً). (تقریب الاستدلال) واضح فانها تدل علی مرجوحیة الجمع و علی أن الفصل بالنافلة لا یکفی و هی أحسن روایة أستدل بها علی ذلک حیث إنها واضحة من حیث الدلالة و موثقة من حیث السند، لأجل (الحسن بن محمد بن سماعة) و أما عبدالله بن یحیی الکاهلی فثقة لأنه و إن کان ممدوحاً فی کتب الرجال و مقتضاه أنه من الحسان إلا أنه وقع فی أسانید کامل الزیارات، فعلیه یکون ثقة (ولکنها) معارضة بعدة من الروایات المتقدمة[362] الدالة علی أنه اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین و لا یمنعک إلا سبحتک. و علی أن وقت العصر فی یوم الجمعة وقت الظهر فی سائر الأیام، فان المستفاد منها رجحان الجمع بین الصلاتین فی أول الزوال بلا فصل کما فی یوم الجمعة‌أو مع الفصل بالنافلة کما فی سائر الأیام فاذاً لا مجال للاستدلال بها علی مرجوحیة‌الجمع و یمکن حملها علی التقیة لأن الخطاب فیها متوجه إلی شخص زرارة فان زرارة حیث کان من المعروفین و الأکابر و کان له مکانة و عظمة عند الناس و شدة إتصال به (ع) فلو کان یصلی کذلک دائماً و لم یحضر جماعتهم لکان معرضاً للتهمة و العیب بل کان من الجائز أن یتوجه الیه (ع) أیضاً فمن أجله قال أکره لک أن تتخذه وقتاً دائماً‌(علی) أن التقیید بالدوام یفید عدم الکراهة أحیاناً ولکن العمدة هی جهة المعارضة.

(و منها) ما رواه عبدالله بن سنان[363] (قال: شهدت صلاة المغرب لیلة مطیرة فی مسجد رسول الله فحین کان قریباً من الشفق نادوا و أقاموا الصلاة فصلوا المغرب ثم أمهلوا الناس حتی صلوا رکعتین ثم قام المنادی فی مکانه فی المسجد فأقام الصلاة فصلوا العشاء ثم إنصرف الناس إلی منازلهم فسألت أبا عبدالله علیه السلام عن ذلک، فقال: نعم قد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 221 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کان رسول الله صلی الله علیه و آله عمل بهذا). (تقریب الاستدلال) واضح، فان المستفاد منها أن التفریق بین العشائین کان من سیرة أصحاب أبی عبدالله (ع) و مرجوحیة الجمع کانت مرتکزة عندهم بحیث إن عبدالله بن سنان تخیل عدم جوازه، فسأل الصادق علیه السلام فأجاب بجوازه.

(و فیه أولا) أنها ضعیفة السند لأجل سهل بن زیاد فانه لم یوثق، (و ثانیاً) أنها لا تدل علی المطلوب و هو مرجوحیة الجمع بحسب العمل الخارجی بل یظهر منها مرجوحیة تقدیم العشاء علی ذهاب الشفق حیث إنهم أخروا المغرب إلی قرب ذهاب الشفق و أتوا بالعشاء بعذ ذلک حین ما أتوا برکعتى النافلة فالروایة ناظرة إلی تأخیر المغرب و تقدیم العشاء علی ذهاب الشفق لا إلی مطلق الجمع و لاشک فی أن تقدیم العشاء علی ذهاب الشفق مرجوح لأنه وقت فضلیة المغرب ولکنه خارج عما هو محل الکلام فعلا. (و منها) ما رواه صفوان الجمال[364] قال: (صلی بنا أبو عبدالله علیه السلام الظهر و العصر عندما زالت الشمس بأذان و إقامتین: و قال: إنی علی حاجة فتنفلوا). (تقریب الاستدلال) واضح فان المستفاد منها أن التفریق أفضل عند عدم الحاجة و الجمع مرجوح. (و فیه أولا) أن السند ضعیف فان فیه أبا یحیی و هو مجهول و الولید بن أبان و هو لم یوثق. (و ثانیاً) أنها ناظرة إلی الجمع فی الوقت و عدم الفصل بالنافلة بین الصلاتین، و قد التزمنا بذلک فی حال الاختیار و قلنا إن وقت فضیلة العصر یدخل بعد الاتیان بالنافلة فیما إذا کانت نافلتها مشروعة‌کما إذا لم یکن المصلی مسافراً فالمرجوحیة مستندة إلی تقدیم العصر علی وقت فضیلتها لا الی الجمع الخارجی بین الصلاتین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 222 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) صحیحة الحلبی[365] عن أبی عبدالله علیه السلام قال: (کان رسول الله (ص) إذا کان فی سفر أو عجلت به حاجة یجمع بین الظهر و العصر و بین المغرب و العشاء الآخرة قال: و قال أبو عبدالله علیه السلام: لا بأس أن یعجل العشاء الآخرة فی السفر قبل أن یغیب الشفق (تقریب الاستدلال) أن هذه الصحیحة، تدل علی مرجوحیة الجمع بین الصلاتین عند عدم العذر فان النبی الأکرم صلی الله علیه و آله کان یجمع فی السفر أو عند الحاجة لا إختیاراً و بلا حاجة. (و فیه) أنها أیضاً تدل علی مرجوحیة الجمع فی الوقت و لا یستفاد منها مرجوحیته مطلقاً و إن وقع کل صلاة فی وقتها کما یشهد علیه قوله (ع) لا بأس أن یعجل العشاء الآخرة فی السفر، قبل أن یغیب الشفق. فانه یدل علی عدم مرجوحیة الجمع فی الوقت باتیان العشاء قبل غیبوبة الشفق) فی السفر و أما فی غیر السفر فهو مرجوح کما تقدم و قد إلتزمنا به ولکنه أجنبی عن المقام و هو الجمع بینهما خارجاً.

و قد استدل لهذا القول أیضاً بعدة[366] روایات اخری أکثرها حاک لفعل رسول الله صلی الله علیه و آله و قد علل فی بعضها بأنه صلی الله علیه و آله جمع بین الصلاتین توسیعاً علی الأمة ولکن فی بعضها لم یذکر التعلیل و بعضها ناف للبأس عنه (تقریب الاستدلال) أن مقتضی تعلیل الجمع بالتوسعة علی الأمة: أنه لو لم تکن هذه العلة لم یجمع (ص) بینهما و من المعلوم أن هذا یدل علی مرجوحیة الجمع و أفضلیة التفریق (و فیه) أن هذه الروایات ناظرة الی الجمع فی الوقت و لا یستفاد منها أزید من کراهة الجمع فیه و قد التزامنا بذلک و یشهد لما ذکرناه موثقة زرارة عن أبی عبدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 223 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و فی الاکتفاء بمجرد فعل النافلة وجه الا أنه لا یخلوا عن اشکال (1).

 

علیه السلام[367] (قال: صلى رسول الله صلی الله علیه و آله بالناس الظهر و العصر حین زالت الشمس فی جماعة من غیر علة و صلی بهم المغرب و العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غیر علة فی جماعة و إنما فعل رسول الله صلی الله علیه و آله لیتسع الوقت علی أمته). و هذه الروایة ـ کما تری ـ صریحة فی أن الجمع بین الصلاتین کان فی وقت الصلاة الأولی و هو لا إشکال فی مرجوحیته کما تقدم و قس علیها غیرها من الروایات التی نقلها صاحب الوسائل فی باب (32) و هو (باب جواز الجمع بین الصلاتین لغیر عذر) فالمتحصل مما ذکرناه أنه لا دلیل علی مرجوحیة الجمع بین الصلاتین بحسب العمل الخارجی و الروایات لا تنهض دلیلا علی ذلک فیبقی ماالتزم به المشهور بلا دلیل.

(1) لو تنزلنا و سلمنا کراهة الجمع مطلقاً فهل ترتفع بالتطوع بین الصلاتین أم لا؟ وجهان ذهب جماعة إلی الأول و استدلوا علی ذلک بروایتین (الأولی) ما رواه محمد بن حکیم عن أبی الحسن علیه السلام[368] قال: (سمعته یقول: إذا جمعت بین صلاتین فلا تطوع بینهما). (الثانیة) أیضاً ما رواه محمد بن حکیم[369] قال: (سمعت أبا الحسن علیه السلام یقول: الجمع بین الصلاتین اذا لم یکن بینهما تطوع فاذا کان بینهما تطوع فلا جمع). قلت غیر خفی أن الروایتین بحسب الظاهر روایة واحدة نقلت بطریقین و السند ضعیف لأجل محمد بن حکیم فانه لم یوثق فی کتب الرجال و إن کان من أرباب الکلام و کان من المناظرین المباحثین مع المخالفین فی المسائل المتفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 224 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 8) قد عرفت أن للعشاء وقت فضیلة ـ و هو من ذهاب الشفق الی ثلث اللیل ـ و وقتى إجزاء من الطرفین (1) و ذکروا

 

من الکلام و من أجل ذلک أظهر الامام علیه السلام، الرضا عنه علی ما رواه الکشی قدس سره[370] ولکن مجرد إظهار الرضا عنه لا یدل علی توثیقه کما مر غیر مرة هذا (علی) أن فی طریق الأولی سلمة بن الخطاب و قد ضعفه النجاشی فلا یجدی عندئذ وقوعه فی أسانید کامل الزیارات لأن توثیق إبن قولویه یکون معارضاً بتضعیف النجاشی و نسب الی ابن الغضائری أیضاً تضعیفه ـ و فی طریق الثانیة محمد بن موسی و محمد (علی) بن عیسی و الأول قد ضعفه ابن الولید و الثانی مردد بین محمد و علی لاختلاف النسخة فان کان الصواب هو نسخة (محمد بن عیسی) فهو العبدی و لا بأس به و إن کان الصواب هو نسخة (علی بن عیسی) فهو مجهول و بما أن النسخة الصحیحة لم تثبت تکون الروایة ساقطة عن الاعتبار من هذه الناحیة أیضاً (و أما) دلالة الروایة فأیضاً غیر تامة فانها ناظرة الی التشریع، فالمراد هو أن فی کل مورد لم تشرع النافلة و التطوع بین الصلاتین کالمسافر و کالحاج لیلة العید فی (جمع) أى المزدلفة شرع الجمع بین الصلاتین هناک ـ و لو إستحباباً ـ لا أنه لو ترکت النافلة و التطوع بین الصلاتین یتحقق الجمع المرجوح و لو أتی بها بینهما ترتفع المرجوحیة و ما ذکرناه هو الظاهر منها و علی تقدیم عدم الظهور فلا أقل من أنه محتمل فتصبح الروایة مجملة غیر قابلة للاستدلال بها و لو اغمضنا عن السند.

(1) صح ما ذکره و لا إشکال فیه للروایات الدالة علی ذلک و قد مر الکلام فیه مفصلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 225 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[362] . راجع صفحة 157 و 158 و 138.
[363] . الوسائل ب 31 من أبواب المواقیت ر 1 .
[364] . الوسائل ب 31 من أبواب المواقیت ر 2.
[365] . الوسائل ب 31 من أبواب المواقیت ر 3.
[366]. راجع الوسائل ب 32 من أبواب المواقیت.
[367]. الوسائل ب 32 من أبواب المواقیت ر 8.
[368]. الوسائل ب 33 من أبواب المواقیت ر 2 و 3.
[369]. الوسائل ب 33 من أبواب المواقیت ر 2 و 3.
[370]. عن حمدویه قال: حدثنی محمد بن عیسى قال: حدثنی یونس بن عبد الرحمن عن حماد قال: کان أبو الحسن (ع) یأمر محمد بن حکیم أن یجالس أهل المدینة فی مسجد رسول الله (ص) و ان یکلمهم و یخاصمهم حتی کلمهم فی صاحب القبر فکان اذا انصرف إلیه قال له: ما قلت لهم و ما قالوا لک و یرضی بذلک منه.

(226 - 230)

(226 - 230)

 

 

أن العصر أیضاً کذلک فله وقت فضیلة و هو من المثل إلی المثلین و وقت إجراء من الطرفین لکن عرفت نفى البعد فی کون إبتداء وقت فضیلته هو الزوال (1).

 

(1) قد تقدم أنه هو المستفاد من الروایات فلها وقت إجزاء و وقت فضیلة أما وقت الإجزاء فهو من المثلین الی الغروب و أما وقت الفضیلة فقد تقدم.[371] أنه من بعد الإتیان بالظهر و نافلة العصر و إن کان قبل الذراعین أو القدمین و الروایات التی یستفاد منها أفضلیة الإتیان بالعصر قبل بلوغ الظل مثل الشاخص کثیرة و بعضها صریح فی نفی المثل و المثلین و الذراع و الذراعین و القدم و القدمین کصحیحة محمد بن أحمد أحمد بن یحیی المتقدمة (ص 157) و المستفاد من موثقة ذریح المتقدمة (ص 155) أفضلیة الإتیان بالعصر عند القدمین، و المستفاد من موثقة سلیمان بن خالد عن أبی عبدالله علیه السلام أن تأخیرها إلی ستة أقدام تضییع لها[372] قال: (العصر علی ذراعین فمن ترکها حتی تصیر علی ستة أقدام فذلک المضیع). و فی الروایات الواردة فی یوم الجمعة: أن وقت العصر فی یوم الجمعة وقت الظهر فی غیره ففی صحیحة ربعی و فضیل عن أبی عبدالله علیه السلام هکذا[373] (الی أن قال): (و الجمعة مما ضیق فیها فان وقتها یوم الجمعة ساعة تزول و وقت العصر فیها وقت الظهر فی غیرها). و فی صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[374] أنه قال (فی حدیث): (و وقت العصر یوم الجمعة وقت الظهر فی سائر الأیام). و فی صحیحة ـ إبن مسکان ـ ص 226

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 226 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نعم الأحوط (1) فی إدراک الفضیلة الصبر الی المثل.

(مسألة 9) یسحب التعجیل فی الصلاة فی وقت الفضیلة و فی وقت الاجزاء (2)، بل کلما هو أقرب إلی الأول یکون

 

أو ـ إبن سنان ـ عن أبی عبدالله علیه السلام[375] قال: (وقت صلاة الجمعة عند الزوال و وقت العصر یوم الجمعة وقت صلاة الظهر فی غیر یوم الجمعة و یستحب التکبیر بها).

و المستفاد من هذه الصحاح أفضلیة الاتیان بالعصر فی یوم الجمعة بعد الاتیان بالظهر أو الجمعة و قد تقدم أنه لا خصوصیة لیوم الجمعة إلا أن نافلته تتقدم علی الزوال فتکون النتیجة من ضمّ هذه الصحاح الی الروایات المتقدمة الدالة علی القدم و القدمین و الذراع و الذراعین أن التأخیر إلی هذا المقدار إنما هو لأجل النافلة و إلا فالوقت الأفضل للصلاتین هو من أول الزوال کما مرّ ـ هذا ـ مضافاً الی آیتى المسارعة و الاستباق و الروایات الدالة علی أفضلیة أول الوقت لکل صلاة کما ستمر علیک جملة منها فی المسئلة الآتیة.

(1) لا وجه لهذا الاحتیاط بل هو علی خلاف الروایات المتقدمة الناطقة بأفضلیة اتیان العصر قبل المثل ـ و علی خلاف الروایات الآتیة الدالة علی أفضلیة أول الوقت لکل صلاة.

(2) بلا ریب و لا إشکال، للروایات الکثیرة الدالة علی التعجیل و قد عقد لها فی الوسائل باباً و إلیک جملة منها، (منها) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام[376] قال: (لکل صلاة وقتان و أول الوقتین أفضلهما و لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ولکنه وقت من شغل أو نسی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 227 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو سهی أو نام و لیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلا من عذر أو علة).

(و منها) روایة زرارة[377] قال: (قال أبو جعفر علیه السلام: أحب الوقت الی الله عزوجل أوله حین یدخل وقت الصلاة فصل الفریضة فان لم تفعل فانک فی وقت منهما حتی تغیب الشمس). ولکن هذه الروایة ضعیفة لأن فی سندها موسی بن بکر و هو لم یوثق. (و منها) روایة سعید بن الحسن[378] قال: (قال أبو جعفر علیه السلام: أول الوقت زوال الشمس و هو وقت الله الأول و هو أفضلهما). و هذه الروایة أیضاً ضعیفة السند لأن سعید بن الحسن لم یوثق. (و منها موثقة ذریح عن أبی عبدالله علیه السلام[379] قال: (قال جبرئیل لرسول الله صلی الله علیه و آله (فی حدیث): أفضل الوقت أوله (و منها) صحیحة زرارة[380] قال: (قال أبو جعفر علیه السلام: إعلم أن أول الوقت أبداً أفضل فعجل الخیر ما استطعت و أحب الأعمال عندالله ما داوم علیه العبد و إن قلّ).

(و منها) صحیحته الأخری[381] قال: (قلت لأبی جعفر علیه السلام أصلحک الله وقت کل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟ قال: أوله إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال إن الله عزوجل یحب من الخیر ما یعجل). و نحوها غیرها و هذه الروایات واضحة الدلالة علی استحباب التعجیل خصوصاً ما اشتمل علی الأمر بالتعجیل فلا مناص من الالتزام به (علی) أن الحکم و هو استحباب التعجیل ـ مما نطق به الکتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 228 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أفضل إلا إذا کان هناک معارض کانتظار الجماعة أو نحوه (1)

 

(قال الله تعالی: (و سارعوا الی مغفرة من ربکم). و قال تعالی: (فاستبقوا الخیرات). فالحکم بأفضلیة أول الوقت و استحباب التعجیل مما لا ریب فیه.

(1) لا اشکال فی أفضلیة انتظار الجماعة ان لم یوجب خروج وقت الفضیلة فانه یوجب الجمع بین الفضیلتین فضیلة الوقت و فضیلة الجماعة (و أما) إذا أوجب ذلک کما إذا إنعقد الجماعة، بعد خروج وقت الفضیلة فلا أفضلیة فی الانتظار لأن تأخیرها عن وقت الفضیلة عد تضییعاً لها ولکنه قد استدل علی أفضلیة الانتظار حتی فی هذا الفرض بروایة الصدوق و هی ما رواه باسناده، عن جمیل بن صالح[382] (أنه سئل أبا عبدالله علیه السلام: أیهما أفضل یصلی الرجل لنفسه فی أول الوقت أو یؤخرها قلیلا و یصلی بأهل مسجده اذا کان إمامهم؟ قال: یؤخر و یصلی بأهل مسجده اذا کان الامام).

(و فیه أولا) أن الروایة مختصة بالامام فالتعدی عنه الی المأموم مشکل بل الروایة مشتملة علی جملة شرطیة (یؤخر و یصلی بأهل مسجده إذا کان الامام) و مقتضی مفهومها أن هذا الحکم مختص بالامام دون المأموم، فالروایة بالنسبة الی حکم المأموم ساکتة بل ناطقة بعدم أفضلیة الانتظار له فلو فرض وجود اطلاق علی أفضلیة الانتظار أمکن تقییده بهذا المفهوم و الالتزام بعدم الأفضلیة للمأموم (و ثانیاً) أن الروایة ضعیفة السند لأن الصدوق لم یذکر طریقه الی جمیل بن صالح فی المشیخة، فیکون مجهولا، فالذی ینبغی أن یقال فی المقام: ان انتظار الجماعة فی وقت الفضیلة أفضل من الاتیان بها فی أول وقت الفضیلة و هو لا یحتاج الی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 229 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 10) یستحب الغلس بصلاة (1) الصبح، أی

 

دلیل، فانه جامع بین الفضیلتین و السیرة القطعیة المستمرة من زماننا الی زمن الرسول صلی الله علیه و آله محققة، فان المسلمین فی کل صقع و ناحیة لا یصلون بمجرد دخول الوقت و الأذان الاعلامی بل ینتظرون حضور الامام و انعقاد الجماعة بمقدار عشر دقائق أو أقل أو أکثر هذا.

(علی) أن القاعدة أیضاً تقتضی ذلک فان أهمیة الجماعة المستفادة من الروایات أکثر بمراتب من أهمیة الصلاة فی أول وقت الفضیلة فان الروایات الکثیرة وردت فی الحث علی الجماعة و المستفاد من بعضها[383] أن من ترک الجماعة بغیر عذر فهو فاسق فعلیه یرجح ما هو معلوم الأهمیة و هو الجماعة عند التزاحم و دوران الأمر بینهما و بین الاتیان بالصلاة فی أول الوقت فرادی هذا کله إذا لم یوجب انتظار الجماعة خروج وقت الفضیلة و أما اذا أوجب الانتظار خروجه فیکون الأمر بالعکس فیرجح فضیلة الوقت علی فضیلة الجماعة و ذلک لمادل من الروایات علی أن تأخیرها عن وقت فضیلتها تضییع لها و لمادل علی تخفیف النافلة لادراک وقت الفضیلة و لأجل هذا السنخ من الروایات ذهب جمع من الأصحاب الی عدم جواز تأخیر الصلاة عن وقت الفضیلة الا للمضطر کما مر (علی) أن السیرة من المسلمین مستقرة علی عدم انتظار الجماعة إلى أن یخرج وقت الفضیلة بل یصلون فرادى إذالم تنعقد الجماعة فی وقت الفضیلة نعم لو کانت الفرادی أیضاً واقعة خارج وقت الفضیلة قدمت الجماعة بلا اشکال و هو خارج عن محل الکلام فان الکلام فی فرض التزاحم بین فضیلة الوقت و فضیلة الجماعة.

(1) قد استدل علی استحبابه بروایات (منها) موثقة إسحاق بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 230 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[371]. راجع ص 157.
[372]. الوسائل ب 9 من أبواب المواقیت ر 2.
[373]. الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 3.
[374]. الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 3.
[375]. الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 5.
[376]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 4.
[377]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 8 و 10 و 12.
[378]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 8 و 10 و 12.
[379]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 8 و 10 و 12.
[380]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 8 و 10 و 12.
[381]. الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 8 و 10 و 12.
[382]. الوسائل ب 9 من أبواب الجماعة ر1.
[383]. راجع الوسائل ب 41 من أبواب الشهادات ر 1 و 2.

(231 - 235)

(231 - 235)

 

 

الاتیان بها قبل الاسفار فی حال الظلمة.

 

عمار[384] قال: (قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أخبرنی عن أفضل المواقیت فی صلاة الفجر قال: مع طلوع الفجر ان الله تعالی یقول: إن قرآن الفجر کان مشهوداً یعنی صلاة الفجر تشهده ملائکة اللیل و ملائکة النهار فاذا صلی العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبت له مرتین تثبته ملائکة اللیل و ملائکة النهار). و هذه الروایة رواها المشایخ الثلاثة بطرق مختلفة کلها ضعیفة الا طریق واحد للصدوق، فان فی طریق الشیخ عبد الرحمان بن سالم و فی طریق الکلینی هو مع سهل بن زیاد و هما لم یوثقا و أما الصدوق فقد رواها بطریقین فی أحدهما عبد الرحمن المذکور و الطریق الآخر لا بأس به فان غیاث بن کلوب و إن وقع فیه و هو لم یوثق فی کتب الرجال الا أنه یظهر من کلام الشیخ فی العدة و ثاقته و ان کان عامیاً فاذاً تکون الروایة معتبرة من حیث السند و واضحة الدلالة علی استحباب الغلس حیث قال (ع): (مع طلوع الفجر).

ولکن صاحب المدارک قدس سره قد ناقش فی سندها ـ بناء علی ما یراه من عدم حجیة خبر غیر الأمامی و ان کان متحرزاً عن الکذب بتقریب أن اسحاق بن عمار مردد بین الساباطی و الصیرفی (و الأول) فطحی علی ما صرح به الشیخ (قدس سره) فی الفهرست[385] (و الثانی) إمامى علی ما یظهر من عبارة النجاشی[386] و غیره و بما أن من فی السند مردد بینهما تسقط الروایة عن الاعتبار لأنه لا طریق لنا الی إحراز أنه هو الصیرفی. و فی تعلیقة جامع الرواة. فی ذیل ترجمة إسحاق بن عمار الکوفی الصیرفی قال: الحق أن هذا لیس ابن عمار الساباطی الفطحی بل هو ابن عمار بن حیان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 231 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصیرفی الکوفی و لم یکن هو و لا أبوه و لا إخوته یونس و یوسف و غیرهما فطحیاً بل هو من الثقات الأجلة کما یظهر من الأخبار أیضاً... الخ).

ولکن التحقق الذی یقتضیه النظر الدقیق أنهما رجل واحد قد یعبر عنه بالصیرفی لکونه صرافاً و قد یعبر عنه بالسباطی لکونه من قریة ساباط و الوجه فی ذلک أن الشیخ قدس سره لم یتعرض لهما لا فی الفهرست و لا فی رجاله بل قال فی رجاله عند التعرض لأصحاب الصادق علیه السلام: (إسحاق بن عمار الکوفی الصیرفی): و قال عند التعرض لأصحاب الکاظم علیه السلام: (إسحاق بن عمار ثقة له کتاب). فلو کانا إثنین لعنون کلا منهما مستقلا فی قبال الآخر ـ و قال فی الفهرست: (إسحاق بن عمار الساباطی له أصل و کان فطحیاً إلا أنه ثقة و أصله معتمد علیه)، و لم یذکر فیه الصیرفی أصلا مع أنه (قدس) ملتزم بان یذکر فیه أرباب الکتب و قال النجاشی (له کتاب نوادر یرویه عنه عدة من أصحابنا) فلو کانا اثنین و کان الصیرفی غیر الساباطی لذکره فیه، فمن عدم عنوانه لهما لا فی أصحاب الصادق و لا فی أصحاب الکاظم علیهما السلام و لا فی الفهرست یستکشف أنهما واحد.

و یمکن أن یستفاد ذلک من کلام النجاشی و البرقی أیضاً حیث إنهما لم یعنونا الساباطی بل عنونا خصوص الصیرفی ـ قال البرقی (إسحاق ابن عمار الصیرفی مولی بنی تغلب کوفی). و قال النجاشی فی رجاله: (إسحاق بن عمار بن حیان مولی بنی تغلب أبو یعقوب الصیرفی شیخ من أصحابنا ثقة و إخوته یونس و یوسف و قیس و إسماعیل و هو فی بیت کبیر من الشیعة و أبناء أخیه علی بن إسماعیل و بشیر بن إسماعیل کانا من وجوه من روی الحدیث روی إسحاق عن أبی عبدالله و أبی الحسن علیهما السلام). فلو کانا إثنین لعنوناهما و ذکرا کلا منهما مستقلا، و لا سیما النجاشی فانه (قدس) و ان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 232 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کان معاصراً للشیخ (قدس) الا أن تألیفه کتاب رجاله کان متأخراً عن تألیف الشیخ للرجال و الفهرست حیث أنه تعرض فیه لترجمة الشیخ وعد کتبه و ذکر فی عدادها کتابى الرجال و الفهرست فمنه یظهر أنهما کانا بمرئى* منه فلو کان الساباطی غیر الصیرفی لم یترکه مع أن الشیخ عنون الساباطی فی الفهرست کما عرفت.

و مما یؤید الاتحاد أیضاً أن الکشی فی رجاله و الصدوق فی مشیخة الفقیه ذکراه مطلقاً و لم یقیداه بالساباطی أو الصیرفی فلو کانا إثنین لزمهما التوصیف بالساباطی أو الصیرفی و کذا فی الروایات التی هو فی سندها ذکر مطلقاً و لم یقید بالساباطی أو الصیرفی. فالمستفاد من الجمیع انهما رجل واحد. (و أما) روایته فهی حجة لما هو الصحیح من حجیة خبر مطلق الثقة و من کان متحرزاً عن الکذب و إن لم یکن امامیاً و لا وجه لما ذهب الیه صاحب المدارک (قدس) فعلیه یتم إستحباب الغلس بصلاة الصبح لتمامیة مادل علیه سنداً و دلالة (هذا) علی أنه یمکن الاستدلال علیه بالمطلقات المتقدمة الدالة علی أفضلیة الاتیان بالصلاة فی أول الوقت، فانها شاملة لجمیع الفرائض.

(و منها) مارواه الصدوق باسناده عن یحیی بن أکثم القاضی[387] (أنه سئل أبا الحسن الأول عن صلاة الفجر لم یجهر فیها بالقرائة؟ و هی من صلوات النهار؟ و إنما یجهر فی صلاة اللیل، فقال: لأن النبی صلی الله علیه و آله و سلم کان یغلس بها فقربها من اللیل). و رواها فی العلل بطریق آخر (و فیه) أن طریق الصدوق إلی یحیی بن أکثم مجهول و یحیی المذکور کذلک فالروایة ساقطة عن الاعتبار فلا مجال للاستدلال بها علی استحباب الغلس. (و أما) طریق الصدوق فی العلل ففیه عدة من المجاهیل فلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 233 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسأله 11) کل صلاة أدرک من وقتها فی آخره مقدار رکعة فهو أداء و یجب الاتیان به فان من أدرک رکعة من الوقت فقد أدرک الوقت (1) لکن لا یجوز التعمد فی التأخیر الی ذلک.

 

یجدی تعدد الطریق.

(1) و هو المشهور بل قیل: إنه المتسالم علیه بین الفقهاء. و الظاهر أن أصل وجوب الاتیان مما تسالموا علیه و إن إختلفوا فی أنه أداء أو قضاء أو مؤلف منهما. و قد إستدل علی ذلک بخمس روایات (الروایة الأولی) ما رواه محمد بن مکی الشهید فی (الذکری)[388] قال: (روی عن النبی صلی الله علیه و آله، أنه قال: من أدرک رکعة من الصلاة فقد أدرک الصلاة). (الثانیة) أیضاً ما ذکره الشهید فی الذکرى[389] قال: (و عنه صلی الله و آله و سلم من أدرک من العصر قبل أن یغرب الشمس فقد أدرک الشمس). و هاتان الروایتان لأجل إرسالهما لا مجال للاعتماد علیهما (الثالثة) ما رواه الشیخ فی التهذیب باسناده عن الاصبغ بن نباتة[390] قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام: (من أدرک من الغداة رکعة قبل طلوع الشمس فقد أدرک الغداة تامة).

(و هذه) الروایة أیضاً ضعیفة لأجل المفضل بن صالح فانه فی طریقها و قد ضعفه عدة من أرباب الرجال و قیل: إن للاصبغ روایة أخری أیضاً ولکنه لا أصل له، فانا لم نجد له غیر الروایة المتقدمة.

(الرابعة) ما رواه عمار الساباطی عن أبی عبدالله علیه السلام (فی حدیث)[391] قال: (فان صلی رکعة من الغداة ثم طلعت الشمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 234 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلیتم الصلاة و قد جازت صلاته و ان طلعت الشمس قبل أن یصلی رکعة فلیقطع الصلاة و لا یصلی حتی تطلع الشمس و یذهب شعاعها). و هذه الروایة أیضاً ضعیفة لأن فی سندها علی بن خالد و هو لم یوثق فلا یمکن الاستدلال بها أیضاً (الخامسة) ما رواه عمار بن موسی عن أبی عبدالله علیه السلام (فی حدیث)[392] قال: (فان صلی رکعة من الغداة ثم طلعت الشمس فلیتم و قد جازت صلاته). و هذه الروایة موثقة من حیث السند و ظاهرة من حیث الدلالة و هی عمدة ما استدل به فی المقام.

(ولکنها) قد نوقش فیها بوجهین (الأول) أن هذه الموثقة و ردت فی صلاة الغداة. فالتعدی عنها الی غیرها یحتاج الی دلیل مفقود فاذاً لابد من الالتزام بالحکم المذکور فی خصوص صلاة الغداة (و الجواب) أن الدلیل علی التعدی أمران (الأول) هو الجزم بالقول بعدم الفصل بین الغداة و بقیة الصلوات و القطع بعدم الخصوصیة للغداة فاذا ثبت الحکم فیها ثبت فی غیرها أیضاً فان کل من قال بهذا الحکم فیها قال فی غیرها (الأمر الثانی) الأولویة العرفیة فان بعد طلوع الشمس من الأوقات التی یکره الصلاة فیها فکانت صلاة الصبح مورداً لأن یتوهم فیها عدم جواز جزء منها بعد طلوع الشمس و أما بقیة الصلوات فلا مجال لهذا التوهم فیها فاذاً ان ثبت الحکم فی الغداة یثبت فی غیرها بطریق أولی لعدم کراهة الاتیان بالصلاة بعد الغروب أو بعد انتصاف اللیل فیمکن أن یکون عدم بیان الامام علیه السلام حکم غیر الغداة إتکالا علی ما بینه فی الغداة.

(الوجه الثانی) أن المذکور فی الروایة عنوان (ان صلی رکعة من الغداة ثم طلعت الشمس) و ظاهره کون المصلی غافلا عن إنقضاء الوقت و معتقداً لبقائه أو محتملا لذلک بمقدار الصلاة فاتفق فی الاثناء طلوع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 235 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[384]. الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 1.
[385]. ص 39.
[386]. رجال النجاشی ص 55.
[387]. الوسائل ب 25 من أبواب القرائة فی الصلاة ر 3.
[388]. الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 4 و 5.
[389]. الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 4 و 5.
[390]. الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 2 و 3.
[391]. الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 2 و 3.
[392]. الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 1.

(236 - 240)

(236 - 240)

الشمس ولکن الذی عنون فی کلام الفقهاء هو عنوان من أدرک و یکون المبحوث عنه و المفتی به بینهم هو فرض القطع بعدم بقاء الوقت الا مقدار رکعة فالعنوان المأخوذ فی الموثقة لا ینطبق علی ما هو المعنون فی کلام الفقهاء فاذاً کیف یمکن الاستدلال بالموثقه علی ما افتوا به و کیف یمکن الحکم بمشروعیة الدخول فی الصلاة مع العلم بأنه لا یمکن الاتیان بجمیع اجزائها فی الوقت.

و الجواب أن الشرطیة فی الموثقة لیست قضیة شخصیة خارجیة ناظرة الی شخص خاص فی واقعة مخصوصة بل قضیة حقیقیة وردت فی مقام بیان حکم کلی فیصح التمسک باطلاقها و الحکم بصحة الصلاة مطلقاً و ان کان قاطعاً بعدم بقاء الوقت الا مقدار رکعة فان اطلاق الشرطیة غیر قاصر الشمول لهذا الفرض فعلیه یحکم علی المؤتی به بالاداء لأن الظاهر من الموثقة أن إدراک رکعة فی الوقت بمنزلة إدراک جمیع الصلاة فی الوقت فإذاً لا مجال للقول بأنه ملفق من الاداء و القضاء أو قضاء محض و ان کان هذا النزاع لا أثر له لحصول برائة الذمة علی کل تقدیر نعم بناء علی اعتبار قصد الاداء و القضاء فی الصلاة تظهر الثمرة فی النیة و الا فلا.

بقی هنا شىء* ینبغی التعرض له و هو أنَّ المکلف اذا کان متطهراً و لم یبق من الوقت الا مقدار رکعة فلا اشکال فی کونه مکلفاً بالصلاة فی الوقت و کذا اذا کان من الأول فاقداً للماء و کان وظیفته التیمم فلم یصل حتی لم یبق من الوقت الا مقدار رکعة فلا إشکال فی وجوب التیمم و الصلاة علیه (انما الکلام) فیما اذا کانت وظیفته الطهارة المائیة فأخر عمداً أو سهواً حتی لم یبق من الوقت إلا مقدار إتیان رکعة واحدة مع التیمم فهل تجب علیه الصلاة مع الطهارة الترابیة أم لا حیث إن مادل علی مشروعیة التیمم لضیق الوقت القدر المتیقن منه ما إذا تمکن المکلف من اتیان جمیع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 236 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصلاة فی الوقت و أما المقام فلا یستفاد منه مشروعیة التیمم فیه.

(و قد یقال) فی المقام: إن التنزیل المستفاد من موثقة عمار إن کان ناظراً الی الوقت و اوجب توسعته تجب علیه الصلاة مع التیمم لأن وقت الرکعة نزل منزلة وقت أربع رکعات فاذا لم یتمکن المکلف من الطهارة المائیة کما هو المفروض تجب علیه الطهارة الترابیة لأن الوقت بعد التنزیل یسع للصلاة معها (و أما) إن کان التنزیل ناظراً إلی الصلاة و أن إدراک رکعة منها بمنزلة إدراک أربع رکعات فیشکل الحکم بمشروعیة التیمم و ذلک لأن تنزیل الرکعة‌منزلة أربع موقوف علی مشروعیة التییم و الا فالتنزیل غیر متحقق لأن رکعة من الصلاة مع الطهارة تقوم مقام أربع رکعات فان لم یکن التیمم مشروعاً لاتقوم الرکعة مقامها لأن الصلاة بلا طهارة لیست بصلاة و مشروعیة التیمم موقوفة علی التنزیل المذکور لأنه إن لم یکن التنزیل متحققاً لامسوغ للتیمم اذ المفروض أن المکلف واجد للماء و متمکن من إستعماله لغیر الصلاة (و بعبارة أخری) مشروعیة التیمم موقوفة علی الأمر بالصلاة و الأمر بها موقوف علی تمامیة التنزیل و تحققه و الا فالأمر بالصلاة ساقط لعدم التمکن منها بجمیع أجزائها فی الوقت و تمامیة التنزیل موقوفة على مشروعیة التیمم و هذا دور واضح. (و الجواب) أن التنزیل و الأمر بالصلاة موقوف علی مشروعیة التیمم ولکن مشروعیة التیمم لاتتوقف علی التنزیل فان مشروعیته مستفادة من دلیله و هو قوله تعالی[393] (و إن کنتم مرضی أو علی سفر أو جاء أحد منکم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتیمموا صعیداً طیباً فامسحوا بوجوهکم و أیدیکم منه) (و هذه الآیة المبارکة) و إن کانت ناظرة الی الصلاة المستجمعة لجمیع الأجزاء و الشرائط الواقعة فی الوقت فان الظاهر من الصلاة المذکورة فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 237 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أول الآیة هی الصلاة المتعارفة الواقعة بتمام أجزائها فی الوقت و کذلک الروایات فان المستفاد منها أن من أقدم علی الصلاة المتعارفة فان کان متمکناً من الطهارة المائیة فلابد له من تحصیلها و إن لم یتمکن منها لأجل شیء من الموانع منها ضیق الوقت فلابد له من الطهارة الترابیة فعلیه لا یکون المقام مشمولا لتلک الأدلة إلا أن المستفاد منها أن المکلف إذا أخر الصلاة عمداً او لعذر إلی أن یبقی من الوقت مقدار أربع رکعات فقط، یتبدل ما کان وظیفته من الصلاة مع الطهارة المائیة إلی الصلاة مع الطهارة الترابیة و الظاهر أن هذه الوظیفه باقیة إلی أن لایبقی من الوقت إلا مقدار رکعة واحدة لأن المفروض أنه لم یتحقق ما یوجب إرتفاعها أو تبدلها بالوظیفة الأولیة و هی الصلاة مع الطهارة المائیة فمنه یتبین أن مشروعیة التیمم لاتتوقف علی التنزیل المذکور و إن کان التنزیل یتوقف علی المشروعیة بل مشروعیة التیمم مستفادة من قوله تعالی (فلم تجدوا ماء فتیمموا) و من (الروایات الواردة فی هذا المقام) و هی باقیة بنفسها إلی أن یبقی من الوقت مقدار رکعة واحدة.

و مما یشهد لما ذکرناه هو أن المکلف إذا أقدم علی الصلاة فی آخر الوقت بحیث یبقی من الوقت مقدار أربع رکعات یکون موظفاً باتیان الرکعة الأولی مع الطهارة الترابیه کبقیة الرکعات فکذلک إذا لم یبق من الوقت إلا مقدار رکعة واحدة (هذا) علی أنه یمکن الاستدلال فی المقام بما هو المتسالم علیه من أن الصلاة لاتسقط بحال، فاذا إنضم إلیه مادل علی أنه لاصلاة إلا بظهور تکون النتیجة وجوب الاتیان بالصلاة مع الطهارة الترابیة و قد مر نظیر ذلک فی بعض أبحاثنا المتقدمة (ص 212).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 238 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فصل فی اوقات الرواتب

(مسألة 1) وقت نافلة الظهر من الزوال إلی الذراع و العصر إلی الذراعین (1) أى سبعى الشاخص و أربعة أسباعه بل إلی آخر وقت إجزاء الفریضتین علی الأقوى، و ان کان الأولی بعد الذراع تقدیم الظهر و بعد الذراعین تقدیم العصر و الاتیان بالنافلتین بعد الفریضتین فالحدان الأولان للافضلیة و مع ذلک الأحوط بعد الذراع و الذراعین عدم التعرض لنیة الاداء و القضاء فی النافلتین.

 

فصل فی اوقات الرواتب

(1) الأقوال فی المقام ثلاثة (الأول) ما هو المشهور بین الأصحاب و نسب إلی المشهور تارة و إلی الأشهر أخری و هو أن وقت نافلة الظهر إلی الذراع و القدمین و وقت نافلة العصر إلى الذراعین و أربعة أقدام (الثانی) أن وقت نافلة الظهر یمتد الی أن یصیر الفىء مثل الشاخص و وقت نافلة العصر یمتد إلی المثلین کما إختاره الشیخ فی الخلاف و تبعه الفاضلان و المحقق و الشهید الثانیان (الثالث) إمتداد وقت نافلتیهما بامتداد وقتیهما فیجوز الاتیان بهما فی أى جزء من أجزاء وقت الفریضة مع ملاحظة الترتیب کما ذهب إلیه صاحب المستند ناسباً له إلی جماعة و إستظهره من جماعة أخری و هذا القول هو الذی قواه الماتن (قدس).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 239 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و قد استدل للقول المشهور بعدة روایات (منها) صحیحة زرارة[394] عن أبی جعفر علیه السلام قال: (سألته عن وقت الظهر فقال: ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان من وقت الظهر فذاک أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال: إن حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة و کان إذا مضی منه ذراع صلى الظهر و إذا مضى منه ذراعان صلی العصر ثم قال. أتدری لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم جعل ذلک؟ قال: لمکان النافلة لک أن تتنفل من زوال الشمس إلی أن یمضی ذراع فاذا بلغ فیئک ذراعاً من الزوال بدأت بالفریضة و ترکت النافلة و إذا بلغ فیئک ذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة). و هذه الصحیحة کما تری تدل علی ماذهب إلیه المشهور بوضوح حیث أمر علیه السلام بترک النافلة عند بلوغ الفىء ذراعاً أو ذراعین و هو ظاهر فی انقضاء وقتها.

(و منها) موثقة[395] عمار عن أبی عبدالله علیه السلام فی (حدیث) (قال): وقت صلاة الجمعة إذا زالت الشمس شراک أو نصف و قال: للرجل أن یصلی الزوال مابین زوال الشمس إلی أن یمضی قدمان و إن کان قد بقی (صلی) من الزوال رکعة واحدة أو (و) قبل أن یمضی قدمان أتم الصلاة حتی یصلی تمام الرکعات فان مضی قدمان قبل أن یصلی رکعة بدء بالأولی و لم یصل الزوال إلا بعد ذلک و لله جل أن یصلی من نوافل الاولى (العصر) ما بین الأولى إلی أن تمضی أربعة أقدام فان مضت الأربعة أقدام و لم یصل من النوافل شیئاً فلا یصلی النوافل) (الحدیث): و هذه الموثقة أیضاً واضحة الدلالة علی المسلک المشهور فان أربعة أقدام تساوی الذراعین کما مر فی بعض المباحث المتقدمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 240 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[393] . السورة المائدة الآیة 6.
[394] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 3 .
[395] . الوسائل ب 40 من أبواب المواقیت.

(241 - 245)

(241 - 245)

(و منها) موثقة زرارة (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی جعفر علیه السلام[396] (قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان قلت: لم؟ قال: لمکان الفریضة لک أن تتنفل من زوال الشمس الی أن تبلغ ذراعاً فاذا بلغت ذراعاً بدأت بالفریضة و ترکت النافلة). و هذه الموثقة أیضاً واضحة الدلالة علی القول المشهور. و نحوها غیرها من الروایات الکثیرة البالغة حد الاستفاضة.

(و أما القول الثانی) فقد استدل علیه بأمور (الأول) أن المراد من الذراع فی الروایات المثل و من الذراعین المثلان علی ما أفاده المحقق فی المعتبر بتقریب أن المذکور فی صحیحة زرارة المتقدمة: أن حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة. و المراد منها هو الذراع حیث إن حائط مسجده (صلی الله علیه و آله) کان مقدار ذراع فعلیه یکون المراد من القامة هو الذراع و المثل و الیک نص عبارته (قدس سره) قال فی المعتبر: (وقت نافلة الظهر من الزوال حتی یبلغ زیادة الظل قدمین و نافلة العصر الی أربعة أقدام هذا قول الشیخ فی (النهایة) و قال فی (الجمل) و (الخلاف) من زوال الشمس حتی یصیر الفىء مثل الشخص و العصر بعد الفراغ من الظهر حتی یصیر الفىء مثلین و بمعناه قال فی المبسوط (و اختلفت الروایات من أهل البیت علیهم السلام فی ذلک و أشهرها مادل علیه لفظه فی الخلاف): یدل علیه مارواه عبدالله بن سنان و زرارة عن أبی عبدالله (قال: ان حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة و کان إذا مضی من فیئه الذراع صلی الظهر و إذا مضی من فیئه الذراعان صلی العصر الحدیث) و هذا یدل علی بلوغ المثل و المثلین لأن التقدیر أن الحائط ذراع فحینئذ ماروی من القامة و القامتین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 241 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جار هذا المجری و یدل علیه ماروی علی بن حنظلة عن أبی عبدالله علیه السلام[397] قال: (فی کتاب علی علیه السلام القامة ذراع و القامتان الذراعان و عنه علیه السلام[398] (و کم القامة؟ قال ذراع إن قامة رحل رسول الله صلی الله علیه و آله کانت ذراعاً) فبهذا الاعتبار یعود اختلاف کلام الشیخ لفظیاً) إنتهى ما فی المعتبر.

و یظهر من عبارته هذه ان استدلاله بهذه الصحیحة یتقوم بأمرین أحدهما أن المراد من القامة فیها و فی غیرها الذراع کما صرح بذلک فی الروایتین المشار الیهما فعلیه یکون بلوغ ظل حائط مسجده صلی الله علیه و آله مقدار ذراع بمعنی بلوغ ظل کل شاخص مثله، فیکون وقت نافلة الظهر من الزوال إلی أن یبلغ الفىء* مثل الشاخص (ثانیهما) أن المراد من الذراع و الذراعین فی الصحیحة و غیرها المثل و المثلان و التعبیر بذلک کان لأجل أن حائط المسجد کان مقدار ذراع فعند بلوغ الفىء ذراعاً کان یبلغ فىء کل شىء مثله فعلیه یستفاد من الروایات بوضوح أن وقت النافلة یمتد إلی المثل و المثلین.

(و فیه أولا) أن حمل الذراع و الذراعین علی المثل و المثلین خلاف الظاهر و لایمکن الأخذ به، فان ما إشتمل علی المثل و المثلین لایصلح للقرینیة لما تقدم فی وجه الجمع بین الروایات من حمله علی مراتب الفضل و کذلک الکلام فی ما إشتمل علی القامة کالصحیحة المتقدمة فان حملها علی الذراع خلاف الظاهر و الروایات الدالة على أن المراد من القامة هو الذراع ضعیفة السند إلا روایة واحدة لعلی بن حنظلة و هی موثقة ولکنه قد تقدم (ص 150) أن دلالتها غیر تامة فان کون القامة ذراعاً فی کتاب علی علیه السلام لایستلزم أنها ذراع فی کلام الصادق علیه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 242 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و ثانیاً) أنه لایمکن لنا الالتزام بذلک فی المقام و ذلک لأجل کلمة (من) المذکورة فی کلامه: علیه السلام (فکان اذا مضی منه ذراع) فان المستفاد منها التبعیض و هو لایجتمع مع حمل القامة علی الذراع لأن الظاهر منه أن الذراع جزء من فىء القامة لاجمیعه. (و ثالثاً) لو تنزلنا عن ذلک لما أمکن الالتزام بما ذکره من ناحیة أخری و هی أن المذکور فی ذیل الصحیحة هکذا (فاذا بلغ فیئک ذراعاً من الزوال بدأت بالفریضة و ترکت النافلة و إذا بلغ فیئک ذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة). فان هذه الجملة کالصریح بل نص فی أن المراد من القامة هی قامة الانسان و الذراع و الذراعان انما لوحظتا بالنسبة الیها فاذاً لامجال لما ذکره المحقق قدس سره أصلا بل مخالف لصریح الصحیحة.

(الأمر الثانی) ما عن الشهید الثانی فی روض الجنان من أن النبی صلی الله علیه و آله کان یصلی الظهرین عند المثل و المثلین علی مادلت علیه الاخبار و إذا ضممنا إلیه أنه صلی الله علیه و آله کان یوصل بین النافلة و الفریضة ینتج إمتداد وقت النافلة الی المثل و المثلین (فیه أولا) أنه لم یثبت أنه صلی الله علیه و آله کان یوصل بین الفریضة و النافلة فیحتمل أنه (ص) کان یصلی النافلة فی بیته ثم یخرج الی المسجد للفریضة (و ثانیاً) أن المستفاد من عدة من الروایات التی منها الصحیحة المتقدمة أنه (ص) کان یصلی عند الذراع و الذراعین فعلیه یسقط الاستدلال المذکور و یکون المنصور ماذهب الیه المشهور.

(الأمر الثالث) الاطلاقات الغیر المقیدة بالذراع و الذراعین و هی طائفتان (إحدیهما) الاطلاقات الدالة علی اعداد النوافل حیث دلت علی أن للصبح رکعتین و للظهر ثمان رکعات و للعصر ثمان و للمغرب أربع فانها لم تقید بشىء لا بالذراع و لابغیرها و مقتضاها الامتداد الی المثل و المثلین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 243 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الثانیة) مادل علی أنه لاحد للنافلة و الاختیار إنما هو بید المکلف إن شاء طول و إن شاء قصر و الروایات الدالة علیه کثیرة مستفیضة قد عقد لها فی الوسائل باباً[399] و تقریب الاستدلال بها واضح فانها لأجل الاشتمال علی قوله علیه السلام (و ذلک إلیک إن شئت طولت و إن شئت قصرت) و قوله علیه السلام (فان أنت خففت سبحتک فحین تفرغ من سبحتک و إن طولت فحین تفرغ من سبحتک) تدل علی أن المکلف مخیر بین التقصیر و التطویل و لا شک فی أن إطلاقها یقتضی امتداد وقت النافلة الی المثل و المثلین، فان وقتها لو کان ینتهی عند الذراع و الذراعین لقیده بهما.

(و فیه) أن الاستدلال بهذه الاطلاقات ساقط من أصله و ضعیف جداً، فان الطائفة الأولی لیست الا فی مقام بیان العدد و لا نظر لها إلی الوقت أصلا فکیف یتمسک بالاطلاق فی الجهة التی لا تکون الروایات فی مقام البیان من تلک الجهة (و أما الطائفة الثانیة) فهی ناظرة إلی الفریضة و إلی بیان وقتها من حیث المبدء و أن وقت الظهرین یدخل بمجرد الزوال و لا تتوقف علی الذراع و الذراعین و القدمین و أربعة أقدام فیصح إتیانهما بعد الاتیان بنافلتهما و إن کان قبل بلوغ الفىء ذراعا و ذراعین فالمستفاد منها أن الفریضة بعد الزوال غیر موقتة بوقت خاص و لا یمنع من إتیانها إلا إتیان النافلة و الروایات الدالة علی ذلک کثیرة.

(منها صحیحة منصور بن حازم و غیره[400] (قالوا کنا نقیس الشمس بالمدینة بالذراع فقال أبو عبدالله علیه السلام: الا أنبئکم بأبین من هذا إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أن بین یدیها سبحة و ذلک الیک إن شئت طولت و إن شئت قصرت). و هذه الصحیحة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 244 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و غیرها من روایات الباب لا إشعار فیها إلی إمتداد وقت النافلة إلی المثل و المثلین فضلا عن الدلالة هذا أولا.

(و ثانیاً) لو تنزلنا و سلمنا الاطلاق فیها فمقتضاه هو القول الثالث من إمتداد وقت النافلة إلی الغروب کالفریضة ولکنه مع ذلک لا یمکن الالتزام بالاطلاق و الأخذ به و ذلک لأجل الروایات المقیدة الدالة علی ترک النافلة بعد الذراع و الذراعین کصحیحة زرارة المتقدمة قال (ع) فیها: (و إذا بلغ فیئک ذراعاً من الزوال بدأت بالفریضة و ترکت النافلة و إذا بلغ فیئک ذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة)، و کذا غیرها، فانها صالحة للتقیید حیث نهت عن اتیان النافلة بعد الذراع و الذراعین فلو کان الاطلاق بنفسه تاما لرفعنا عنه الید لأجل الروایات الدالة علی التقیید فانها مصرحة بترک النافلة بعد الذراع و الذراعین.

(فان قلت) المطلق انما یحمل علی المقید فیما إذا اشتمل الدلیلان علی التکلیف الالزامی و أما إذا إشتملا علی التکلیف الاستحبابی فلا یحمل المطلق علی المقید بل المقید یحمل علی أفضل الأفراد (قلت): ما ذکرتم صح فیما إذا کان المطلق و المقید مثبتین أو نافیین و أما اذا کان أحدهما أمراً و الآخر نهیاً کما فی المقام حیث إن الأمر تعلق باتیان النافلة مطلقاً و المنهی عنه إتیانها بعد الذراع و الذراعین، فلا إشکال فی أن المطلق هنا یحمل علی المقید علی ما حققناه فی الأصول.

(و أما القول الثالث) و هو إمتداد وقت النافلة إلی آخر وقت الفریضة کما ذهب إلیه صاحب المستند و إختاره الماتن (قدس سره) فقد أستدل له تارة بالاطلاقات و أخری بالروایات الخاصة التی سنتعرض لها إنشاء الله (و فیه) أنک قد عرفت أن الاطلاق بالاضافة إلی هذه الجهة غیر موجود، فان الاطلاق لم یتم بالامتداد إلی المثلین فکیف إلی آخر الوقت و علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 245 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[396] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 20.
[397] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 26 و 16.
[398] . الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 26 و 16.
[399] . راجع الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت.
[400] . الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 1.

(246 - 250)

(246 - 250)

 

تقدیر تسلیمه یقید بما ذکر فی الصحیحة المتقدمة و غیرها کما عرفت من أن الظل اذا بلغ الذراع و الذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة.

(و مما) یدل علی التقیید موثقة إسماعیل الجعفی[401] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان؟ قال: قلت: لم؟ قال: لمکان الفریضة، لئلا یؤخذ من وقت هذه و یدخل فی وقت هذه). فان هذه الموثقة کالصریح فی عدم إمتداد وقت النافلتین إلی ما بعد الذراع و الذراعین و أن ما بعد الذراع و الذراعین مختص بالفریضة.

(و أما) الروایات الخاصة التی أستدل بها علی هذا القول (فمنها) صحیحة محمد بن عذافر[402] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: صلاة التطوع بمنزلة الهدیة متی ما أتی بها قبلت فقدم منها ماشئت و أخر منها ما شئت).

(و فیه) أنها و إن کانت معتبرة من حیث السند إلا أنها أجنبیة عن المقام فان الکلام فی تعیین وقت نافلة الظهر و العصر بعد المفروغیة عن أن لها وقتاً و ظاهر هذه الروایة أنه لا وقت لها فلو أتی بها قبل الزوال لابد من الالتزام بالصحة کما إذا أتی بها بعده و هذا مما لم یقل به أحد فیما أعلم فان من یقول بجواز التقدیم إنما یقول به لعذر کما سیأتی و لا یقول: إن إتیانه قبل الزوال إتیان لها فی وقتها فان کون الزوال أول وقت النافلة مما لا إشکال فیه و لا خلاف. (فتحصل) من جمیع ما ذکرناه أن الصحیح هو ما ذهب إلیه المشهور من أن وقت النافلتین ینتهی عند بلوغ الفىء ذراعاً و ذراعین.

(بقی الکلام) فی أصل المسألة و هو أنه هل یجوز تأخیر النافلة إلی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 246 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 2) المشهور عدم جواز تقدیم نافلتى الظهر و العصر فی غیر یوم الجمعة، علی الزوال (1) و ان علم بعدم التمکن من إتیانهما بعده، لکن الأقوی جوازه فیهما خصوصاً فی الصورة المذکورة.

 

الغروب أم لا و ملخص الکلام فیه هو أن التأخیر عن الذراع و الذراعین بل عن المغرب أیضاً جائز و ذلک لأجل الروایات الدالة علیه (منها) موثقة عنبسة العابد[403] (قال: سئلت أبا عبدالله علیه السلام عن قول الله عزوجل و هو الذی جعل اللیل و النهار خلفة لمن أراد أن یذکر أو أراد شکوراً قال: قضاء صلاة اللیل بالنهار و صلاة النهار باللیل). فان کلا من اللیل و النهار خلیفة للآخر فیجوز ذکر الله و شکره فی کل منهما بدل الآخر (نعم) لا إشکال فی کونها قضاء بعد الغروب و هل هی کذلک قبل الغروب و بعد الذراع و الذراعین أیضاً أم لا؟ یحتمل الثانی و إن کان الظاهر هو الأول ولکنه لا ثمرة عملیة له لما بنینا علیه من کفایة إتیان العبادة مضافاً إلی المولی و عدم وجوب نیة القضاء و الأداء فیها.

(نعم) هنا بحث آخر و هو أن تقدیم النافلة علی الفریضة بعد الذراع و الذارعین جائز أم لا و هو مبنی علی جواز التطوع فی وقت الفریضة و عدمه فان قلنا بعدم جوازه کالصوم ـ فان التطوع بالصوم لا یجوز مع شغل الذمة بالصوم الواجب ـ فلابد من تقدیم الفریضة و أما إن قلنا بجوازه مطلقاً أو فی خصوص الرواتب فلا مانع من تقدیم نوافل الظهرین علیهما و لو بعد الذراع و الذراعین ولکنه خارج عن محل کلامنا فعلا و سیجیء التعرض له انشاء الله.

(1) المشهور هو عد جواز التقدیم مطلقاً ـ کما ذکره الماتن ـ و ذهب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 247 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشیخ (قدس) إلی جواز التقدیم إذا علم أنه یشتغل بعد الزوال و لا یتمکن منها بعده و ذهب بعضهم إلی جواز التقدیم إختیاراً و إن کان التأخیر أفضل. و منشأ الاختلاف هو إختلاف الروایات و قد استدل للقول الأخیر بعدة من الروایات (منها) روایة القاسم بن الولید الغسانی عن أبی عبدالله علیه السلام[404] قال: (قلت له جعلت فداک صلاة النهار صلاة النوافل فی کم هی قال: ست عشرة رکعة فی أی ساعات النهار شئت أن تصلیها صلیتها إلا أنک إذا صلیتها فی مواقیتها أفضل.

(و منها) مرسلة علی بن الحکم عن بعض أصحابه عن أبی عبدالله علیه السلام[405] (قال: قال لی: صلاة النهار ست عشرة رکعة فی أی النهار شئت إن شئت فی أوله و إن شئت فی وسطه و إن شئت فی آخره). (و منها) روایة عبد الأعلی ـ أو ابنه[406] قال: سئلت أبا عبدالله علیه السلام عن نافلة النهار قال: ست عشرة رکعة متی ما نشطت إن علی ابن الحسین علیه السلام کانت له ساعات من النهار یصلی فیها فاذا شغله ضیعة أو سلطان قضاها إنما النافلة مثل الهدیة متی ما اتی بها قبلت. ولا یخفی أن هذه الروایات بما أنها مرسلة أو ضعیفة فلا یعتمد علیها فان فی طریق الروایة الأولی عمار بن المبارک و هو لم یوثق و القاسم بن الولید کذلک و الروایة الثانیة مرسلة (نعم) هنا روایة معتبرة و هی صحیحة محمد بن عذافر[407] (قال: قال أبو عبدالله (ع) صلاة التطوع بمنزلة الهدیة متی ما اتی بها قبلت فقدم منها ما شئت و أخر منها ما شئت).

و هذه الروایة و إن کانت صحیحة السند و واضحة الدلالة ولکن المشهور لم یلتزموا بمضمونها علی الاطلاق بل التزموا بعدم جواز التقدیم و هو الصحیح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 248 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأنها لم تبق علی إطلاقها بل قیدت بمادل علی جواز التقدیم إذا شغل فی الوقت ـ کما إختاره الشیخ ـ و هو صحیحة إسماعیل بن جابر[408] (قال:قلت لأبی عبدالله علیه السلام إنی أشتغل قال: فاصنع کما تصنع صل ست رکعات إذا کانت الشمس فی مثل موضعها من صلاة العصر یعنی إرتفاع الضحی الأکبر و اعتد بها من الزوال). و مضمون هذه الصحیحة و هو إرتفاع الضحی الأکبر ینطبق تقریباً علی ساعتین قبل الزوال و هذه الصحیحة صالحة لتقیید الصحیحة المتقدمة، فان المستفاد من قوله (ع) (فاصنع کما تصنع) تفریعاً لقول السائل (إنی أشتغل) هو أنک إذا إشتغلت، فاصنع کما تصنع و هذه جملة شرطیة دالة علی المفهوم و هو أنک إن لم تشتغل فلا تصنع کذلک أى لا تقدم النافلة علی الزوال فالنتیجة هو التفصیل فی جواز التقدیم بین فرض الاشتغال و عدمه، لأن إطلاق الصحیحة المتقدمة یقید بمفهوم هذه الصحیحة (و یؤید ذلک روایة یزید ـ أو ـ برید بن ضمرة اللیثی عن محمد بن مسلم[409] (قال: سئلت أبا جعفر علیه السلام عن الرجل یشتغل عن الزوال أیعجل من أول النهار؟ قال: نعم إذا علم أنه یشتغل فیجعلها فی صدر النهار کلها). فان هذه الروایة صریحة فی جواز التقدیم فی فرض العلم بالاشتغال (ولکنها) حیث إنها ضعیفة السند أوردناها للتأیید و ذلک لأجل یزید بن ضمرة فانه مجهول و کذا برید بن ضمرة فلا تکون الروایة صالحة للاستدلال.

(و یؤکد) ما ذکرناه روایات أخری (إحدیها صحیحة عمر بن أذینة[410] عن عدة (أنهم سمعوا أبا جعفر علیه السلام یقول کان أمیر المؤمنین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 249 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه السلام لا یصلی من النهار شئیاً حتی تزول الشمس و لا من اللیل بعد ما یصلی العشاء الآخرة حتی ینتصف اللیل) (و هذه) الصحیحة صریحة فی أن أمیر المؤمنین علیه السلام لم یکن یأتی بالنافلة قبل الزوال فتؤکد أن جواز التقدیم إنما هو لمن یشتغل بعد الزوال لا مطلقاً. (لا یخفی) أن هذه الصحیحة بحسب ما یظهر من نسخة الوسائل رویت عن محمد بن یحیی لأن الضمیر فی قوله: (عنه) یرجع إلیه و هو غلط جزماً، لأن الکلینی و الشیخ (قدس سرهما) رواها عن علی بن إبراهیم عن أبیه... الخ (راجع الکافی ج 3 من الطبع الجدید (ص 289) و راجع التهذیب ج 2 من الطبع الجدید (ص 266) فقد وقع التقدیم و التأخیر فی الوسائل فقدم ما رواه محمد بن یحیی و أخر ما رواه علی بن إبراهیم.

(الثانیة) روایة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[411] (قال: کان علی علیه السلام لا یصلی من اللیل شیئاً إذا صلی العتمة حتی تزول (الشمس). و هذه الروایة ـ کما تری ـ تدل علی أنه علیه السلام کان تارکاً للنافلة قبل الزوال (ولکنها) ضعیفة لأجل علی بن السندی الواقع فی سندها فانه لم یوثق. (الثالثة) ما رواه موسی بن بکر عن زرارة[412] (قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: کان رسول الله صلی الله علیه و آله لا یصلی من النهار شیئاً حتی تزول الشمس، فاذا زال النهار قدر نصف إصبع صلی ثمانی رکعات (الحدیث). و هذه الروایة أیضاً ضعیفة لأجل موسی بن بکر. (ولکنها) بضمها إلی الروایة المفصلة ـ تؤکد ما إختاره الشیخ من التفصیل بین من شغل و من لم یشغل (فتحصل) من جمیع ما ذکرناه أن الصحیح هو ما إختاره الشیخ من التفصیل بین من یشغل فیجوز له التقدیم و من لم یشغل فلا یجوز له.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 250 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[401]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 21.
[402]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 8.
[403]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 2.
[404]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 7.
[405]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 7.
[406]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 5 و 6 و 7.
[407]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 8.
[408]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 4.
[409]. الوسائل ب 37 من أبواب المواقیت ر 1.
[410]. الوسائل ب 36 من أبواب المواقیت ر 5.
[411]. الوسائل ب 36 من أبواب المواقیت ر 6 و 7.
[412]. الوسائل ب 36 من أبواب المواقیت ر 6 و 7.

الصفحات (251 - 300)

الصفحات (251 - 300)

(251 - 255)

(251 - 255)

 

(مسألة 3) نافلة یوم الجمعة عشرون رکعة (1) و الأولی تفریقها بأن یأتی ستاً عند إنبساط الشمس و ستاً عند إرتفاعها و ستاً قبل الزوال، و رکعتین عنده (2).

 

(1) قد تقدم (فی ص 43) أن الروایات الواردة فی عدد نافلة یوم الجمعة و کیفیتها مختلفة، فان المستفاد من صحیحة سعد بن سعد الأشعری[413] أنها إثنتان و عشرون رکعة بکیفیة خاصة و المستفاد من صحیحة إبن أبی نصر البزنطی[414] أنها عشرون رکعة بکیفیة اخری، و صحیحة سعید الأعرج[415] دلت علی أنها ست عشرة رکعة قبل العصر و بینت لها کیفیة تغایر مادلت علیه الصحیحتا المتقدمان و صحیحة یعقوب بن یقطین دلت علی نحو آخر[416] عن البعد الصالح علیه السلام (قال: سئلته عن التطوع فی یوم الجمعة قال: إذا أردت أن تتطوع فی یوم الجمعة فی غیر سفر صلیت ست رکعات إرتفاع النهار و ست رکعات قبل نصف النهار و رکعتین اذا زالت الشمس قبل الجمعة و ست رکعات بعد الجمعة) و قریب منها غیرها.

(و علی الجملة) الروایات الواردة فی المقام کثیرة و مختلفة من حیث العدد و الکیفیة، و بما أن أکثرها معتبرة من حیث السند فلابد من حملها علی التخییر و الالتزام بجواز کل من هذه الکیفیات من جهة الوقت و العدد غایة ما فی الباب أن إختیار الأکثر أفضل من الأقل و هو واضح.

(2) و هو الوقت الذی یترقب فیه الزوال و لم یحصل العلم بتحققه و إلا فالمستفاد من الروایات أن الفریضة تتقدم علی الرکعتین إن حصل العلم بالزوال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 251 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 4) وقت نافلة المغرب من حین الفراغ من الفریضة إلی زوال الحمرة المغربیة (1).

 

ففی صحیحة حریز[417] (قال: سمعته یقول: أما أنا إذا زالت الشمس یوم الجمعة بدأت بالفریضة و أخرت الرکعتین إذا لم أکن صلیتهما): و فی صحیحة عبدالله بن سنان[418] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: إذا زالت الشمس یوم الجمعة فابدأ بالمکتوبة). و نحوهما غیرهما.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب بل ادعی التسالم علیه. (ولکن) جماعة من الأصحاب کالشهید و صاحب المدارک و کاشف اللثام و صاحب الذخیرة ذهبوا إلى إمتداد وقتها بامتداد وقت الفریضة، لأنه لم یرد فی المقام مادل علی التحدید بذهاب الحمرة مثل ماورد فی الظهرین من التحدید بالذراع و الذراعین فعلیه المتبع هو الاطلاقات (و قد إستدل فی الجواهر للقول المشهور بوجوه،

(الأول) دعوى أنه المعهود من فعل النبی و الأئمة علیهم السلام فانهم کانوا یأتون بها قبل ذهاب الحمرة من المغرب. (و فیه) أنه إن أرید من المعهودیة عملهم فی الخارج علی هذا النحو و التزامهم بذلک فی مقام العمل فهو لایدل علی التحدید و علی أنها بعده قضاء لأن جهة العمل غیر معلومة و لعلها کانت هی الأفضلیة. (فان قلت) العبادات أمور توقیفیة یقتصر فیها بما هو ثابت و معهود فیکفی فی عدم مشروعیة التأخیر عدم ثبوته من فعلهم علیهم السلام. (قلت) یکفی فی مشروعیة التأخیر الاطلاقات الآمرة باتیانها بعد المغرب مع ما فی جملة منها من الاهتمام بها و عدم ترکها فی حضر و لا سفر، فلابد من الأخذ بالاطلاق مادام لم یرد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 252 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دلیل مقید له. (و ان) ارید منها أنهم علیهم السلام إذا فاتتهم النافلة قبل ذهاب الحمرة المغربیة لایأتون بها أدائاً بعده بل یأتون بها قضائاً (ففیه) أنه لم یثبت و أنی له باثباته لعدم الدلیل علیه.

(الوجه الثانی) أن المنساق من الروایات الآمرة بها هو ذلک فالاطلاقات منصرفة إلیه، فاذاً لا إطلاق یتمسک به علی جواز التأخیر عن ذهاب الحمرة المغربیة (و فیه) أن هذا منه عجیب فان الانصراف یحتاج الی منشأ و سبب و لیس فی المقام منشأ للانصراف أصلا، فان الروایات دلت علی إتیان أربع رکعات نافلة لصلاة المغرب بعدها فلو أخر المکلف صلاة المغرب إلی ما بعد ذهاب الحمرة فأی مانع من الاتیان بها بعدها.

(الوجه الثالث) مادل من الروایات علی أن وقت المغرب ضیق یخرج بذهاب الحمرة المغربیة، فاذا کان هذا حال الفریضة، فوقت نافلتها ضیق بطریق أولی (و فیه) أنه إن أرید من الضیق الحقیقی بمعنی فوات المغرب بعد ذلک و صیرورتها قضاء، فلا یلتزم صاحب الجواهر و لا نحن بذلک فان الأصحاب بأجمعهم حملوها علی الأفضلیة (و إن) ارید منه الضیق الادعائی بمعنی أن التأخیر حیث انه یوجب فوات الفضیلة الثابتة لأول الوقت فهو بمنزلة فوات الصلاة نفسه کما هو الصحیح، فلا دلالة له إلا علی مرجوحیة النافلة بعد ذهاب الحمرة و لا تدل علی عدم جوازها بعده. هذا (علی أنه) قد تقدم منا توجیه الضیق باعتبار أول الوقت حیث إنه لا نافلة قبل المغرب فیکون وقتها ضیقاً،

(علی أنه) لو سلمنا أن المستفاد من الروایات هو الضیق الحقیقی و أن وقت فریضة المغرب یخرج بذهاب الحمرة المغربیة فنقول لا دلیل علی الملازمة بین خروج وقت الفریضة و خروج وقت النافلة فانها شرعت بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 253 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفریضة فمن الممکن بقاء وقتها و إن إنقضی وقت الفریضة (و دعوی) أن وقت الفریضة إن کان ضیقاً فوقت النافلة ضیق بطریق أولی مدفوعة بأن الأولویة غیر ثابتة بل یحتمل العکس و هو أن یکون وقت الفریضة ضیقاً لأجل أهمیتها و أما النافلة، فیما أنها لیس لها کثیر أهمیة لامانع من إتیانها بعد ذهاب الحمرة و إنقضاء وقت الفریضة (ولکن) هذا مجرد فرض لا واقع له لما عرفت من أن صاحب الجواهر لایقول بالضیق الحقیقی و غیره من الأصحاب أیضاً لم یلتزموا بذلک و قد حملوا النصوص الدالة علی الضیق علی الأفضلیة.

(الوجه الرابع) ما ذکره المحقق قدس سره من أن الروایات دلت علی عدم التطوع فی وقت الفریضة، فبعد ذهاب الحمرة تنقضی فضیلة المغرب و یدخل وقت العشاء، فالتطوع فی هذا الوقت منهی عنه (و بعبارة أوضح بیاناً): أن بین صلاة المغرب و ذهاب الحمرة وقت یستحب فیه تأخیر العشاء لیدخل وقت فضیلتها و الأمر بالنافلة موجود، فلابد لمن یرید التنفل أن یتنفل فی هذا الوقت لوجود المقتضی و عدم المانع و أما إذا زالت الحمرة عن جهة المغرب، فالأمر بالعشاء فعلی من جمیع الجهات حتی من جهة وقت الفضیلة فالاتیان بالنافلة فی هذا الوقت تطوع فی وقت الفریضة و هو منهی عنه فی الروایات الکثیرة.

(منها) موثقة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام[419] (قال: لی رجل من أهل المدینة: یا أبا جعفر مالی لا أراک تتطوع بین الأذان و الاقامة کما یصنع الناس؟ فقلت: إنا إذا أردنا أن نتطوع کان تطوعنا فی غیر وقت فریضة فاذا دخلت الفریضة، فلا تطوع). و هذه الروایة رواها الشیخ باسناده عن الطاطری ـ و باسناده عن الحسن بن محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 254 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابن سماعة و طریق الشیخ إلی الطاطری و إن کان ضعیفاً إلا أن طریقه إلی الحسن بن محمد بن سماعة معتبر، فتکون الروایة موثقة، و دلالتها علی عدم مشروعیة التطوع فی وقت الفریضة واضحة، حیث قال: فاذا دخلت الفریضة فلا تطوع.

(و بالجملة) إذا دخل وقت الفریضه و لم یکن هناک مایوجب أرجحیة التأخیر لایجوز إتیان النافلة قبلها بلا فرق بین کون الأمر بها الزامیاً ـ کما فی آخر الوقت و کونه ندبیاً ـ کما فی أول الوقت و وسطه، فان المکلف مأمور بالتعجیل و باتیان الفریضة أول الوقت ما إستطاع، للروایات الکثیرة الدالة علی أفضلیة أول الوقت: فان أول الوقت رضوان الله، و آخره عفو الله فاذاً تکون النتیجة إنقضاء وقت نافلة المغرب بذهاب الحمرة المغربیة، فان المطلقات الآمرة بنافلة المغرب بعدها تتقید بمادل علی عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة کالموثقة المذکورة و غیرها[420].

(قلت): هذا الوجه الذی أفاده المحقق (قدس سره) هو أحسن الوجوه التی إستدلوا بها فی المقام ـ ولکنه مع ذلک غیر تام، لأنه إن التزمنا بأن النهى عن التطوع فی وقت الفریضة تنزیهی، فهو لایدل إلا علی مرجوحیة الایتان بنافلة المغرب بعد ذهاب الحمرة المغربیة و لا یصلح لتقیید المطلقات الدالة علی إستحباب أربع رکعات بعد صلاة المغرب حتی تکون النافلة بعد ذهاب الحمرة المغربیة قضاء فان مرجوحیة النافلة فی هذا الوقت لا تنافی بقاء وقتها (و إن التزمنا) بان النهى عن التطوع فی وقت الفریضة تحریمی، فالمستفاد منه و إن کان عدم جواز الاتیان بنافلة المغرب بعد ذهاب الحمرة إلا أنه لا یستلزم إنقضاء وقتها، عنده بحسب طبعه و مع قطع النظر عن الهنی عن التطوع فی وقت الفریضة لأن الکلام فی قابلیة الوقت فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 255 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[413]. الوسائل ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ر 5 و 6 و 7 و 10.
[414]. الوسائل ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ر 5 و 6 و 7 و 10.
[415]. الوسائل ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ر 5 و 6 و 7 و 10.
[416]. الوسائل ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ر 5 و 6 و 7 و 10.
[417] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 20 و 15.
[418] . الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 20 و 15.
[419] . الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 3.
[420] . راجع الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت.

(256 - 260)

(256 - 260)

 

(مسألة 3) نافلة یوم الجمعة عشرون رکعة (1) و الأولی تفریقها بأن یأتی ستاً عند إنبساط الشمس و ستاً عند إرتفاعها و ستاً قبل الزوال، و رکعتین عنده (2).

 

(1) قد تقدم (فی ص 43) أن الروایات الواردة فی عدد نافلة یوم الجمعة و کیفیتها مختلفة، فان المستفاد من صحیحة سعد بن سعد الأشعری[413] أنها إثنتان و عشرون رکعة بکیفیة خاصة و المستفاد من صحیحة إبن أبی نصر البزنطی[414] أنها عشرون رکعة بکیفیة اخری، و صحیحة سعید الأعرج[415] دلت علی أنها ست عشرة رکعة قبل العصر و بینت لها کیفیة تغایر مادلت علیه الصحیحتا المتقدمان و صحیحة یعقوب بن یقطین دلت علی نحو آخر[416] عن البعد الصالح علیه السلام (قال: سئلته عن التطوع فی یوم الجمعة قال: إذا أردت أن تتطوع فی یوم الجمعة فی غیر سفر صلیت ست رکعات إرتفاع النهار و ست رکعات قبل نصف النهار و رکعتین اذا زالت الشمس قبل الجمعة و ست رکعات بعد الجمعة) و قریب منها غیرها.

(و علی الجملة) الروایات الواردة فی المقام کثیرة و مختلفة من حیث العدد و الکیفیة، و بما أن أکثرها معتبرة من حیث السند فلابد من حملها علی التخییر و الالتزام بجواز کل من هذه الکیفیات من جهة الوقت و العدد غایة ما فی الباب أن إختیار الأکثر أفضل من الأقل و هو واضح.

(2) و هو الوقت الذی یترقب فیه الزوال و لم یحصل العلم بتحققه و إلا فالمستفاد من الروایات أن الفریضة تتقدم علی الرکعتین إن حصل العلم بالزوال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 251 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 4) وقت نافلة المغرب من حین الفراغ من الفریضة إلی زوال الحمرة المغربیة (1).

 

ففی صحیحة حریز[417] (قال: سمعته یقول: أما أنا إذا زالت الشمس یوم الجمعة بدأت بالفریضة و أخرت الرکعتین إذا لم أکن صلیتهما): و فی صحیحة عبدالله بن سنان[418] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: إذا زالت الشمس یوم الجمعة فابدأ بالمکتوبة). و نحوهما غیرهما.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب بل ادعی التسالم علیه. (ولکن) جماعة من الأصحاب کالشهید و صاحب المدارک و کاشف اللثام و صاحب الذخیرة ذهبوا إلى إمتداد وقتها بامتداد وقت الفریضة، لأنه لم یرد فی المقام مادل علی التحدید بذهاب الحمرة مثل ماورد فی الظهرین من التحدید بالذراع و الذراعین فعلیه المتبع هو الاطلاقات (و قد إستدل فی الجواهر للقول المشهور بوجوه،

(الأول) دعوى أنه المعهود من فعل النبی و الأئمة علیهم السلام فانهم کانوا یأتون بها قبل ذهاب الحمرة من المغرب. (و فیه) أنه إن أرید من المعهودیة عملهم فی الخارج علی هذا النحو و التزامهم بذلک فی مقام العمل فهو لایدل علی التحدید و علی أنها بعده قضاء لأن جهة العمل غیر معلومة و لعلها کانت هی الأفضلیة. (فان قلت) العبادات أمور توقیفیة یقتصر فیها بما هو ثابت و معهود فیکفی فی عدم مشروعیة التأخیر عدم ثبوته من فعلهم علیهم السلام. (قلت) یکفی فی مشروعیة التأخیر الاطلاقات الآمرة باتیانها بعد المغرب مع ما فی جملة منها من الاهتمام بها و عدم ترکها فی حضر و لا سفر، فلابد من الأخذ بالاطلاق مادام لم یرد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 252 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دلیل مقید له. (و ان) ارید منها أنهم علیهم السلام إذا فاتتهم النافلة قبل ذهاب الحمرة المغربیة لایأتون بها أدائاً بعده بل یأتون بها قضائاً (ففیه) أنه لم یثبت و أنی له باثباته لعدم الدلیل علیه.

(الوجه الثانی) أن المنساق من الروایات الآمرة بها هو ذلک فالاطلاقات منصرفة إلیه، فاذاً لا إطلاق یتمسک به علی جواز التأخیر عن ذهاب الحمرة المغربیة (و فیه) أن هذا منه عجیب فان الانصراف یحتاج الی منشأ و سبب و لیس فی المقام منشأ للانصراف أصلا، فان الروایات دلت علی إتیان أربع رکعات نافلة لصلاة المغرب بعدها فلو أخر المکلف صلاة المغرب إلی ما بعد ذهاب الحمرة فأی مانع من الاتیان بها بعدها.

(الوجه الثالث) مادل من الروایات علی أن وقت المغرب ضیق یخرج بذهاب الحمرة المغربیة، فاذا کان هذا حال الفریضة، فوقت نافلتها ضیق بطریق أولی (و فیه) أنه إن أرید من الضیق الحقیقی بمعنی فوات المغرب بعد ذلک و صیرورتها قضاء، فلا یلتزم صاحب الجواهر و لا نحن بذلک فان الأصحاب بأجمعهم حملوها علی الأفضلیة (و إن) ارید منه الضیق الادعائی بمعنی أن التأخیر حیث انه یوجب فوات الفضیلة الثابتة لأول الوقت فهو بمنزلة فوات الصلاة نفسه کما هو الصحیح، فلا دلالة له إلا علی مرجوحیة النافلة بعد ذهاب الحمرة و لا تدل علی عدم جوازها بعده. هذا (علی أنه) قد تقدم منا توجیه الضیق باعتبار أول الوقت حیث إنه لا نافلة قبل المغرب فیکون وقتها ضیقاً،

(علی أنه) لو سلمنا أن المستفاد من الروایات هو الضیق الحقیقی و أن وقت فریضة المغرب یخرج بذهاب الحمرة المغربیة فنقول لا دلیل علی الملازمة بین خروج وقت الفریضة و خروج وقت النافلة فانها شرعت بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 253 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفریضة فمن الممکن بقاء وقتها و إن إنقضی وقت الفریضة (و دعوی) أن وقت الفریضة إن کان ضیقاً فوقت النافلة ضیق بطریق أولی مدفوعة بأن الأولویة غیر ثابتة بل یحتمل العکس و هو أن یکون وقت الفریضة ضیقاً لأجل أهمیتها و أما النافلة، فیما أنها لیس لها کثیر أهمیة لامانع من إتیانها بعد ذهاب الحمرة و إنقضاء وقت الفریضة (ولکن) هذا مجرد فرض لا واقع له لما عرفت من أن صاحب الجواهر لایقول بالضیق الحقیقی و غیره من الأصحاب أیضاً لم یلتزموا بذلک و قد حملوا النصوص الدالة علی الضیق علی الأفضلیة.

(الوجه الرابع) ما ذکره المحقق قدس سره من أن الروایات دلت علی عدم التطوع فی وقت الفریضة، فبعد ذهاب الحمرة تنقضی فضیلة المغرب و یدخل وقت العشاء، فالتطوع فی هذا الوقت منهی عنه (و بعبارة أوضح بیاناً): أن بین صلاة المغرب و ذهاب الحمرة وقت یستحب فیه تأخیر العشاء لیدخل وقت فضیلتها و الأمر بالنافلة موجود، فلابد لمن یرید التنفل أن یتنفل فی هذا الوقت لوجود المقتضی و عدم المانع و أما إذا زالت الحمرة عن جهة المغرب، فالأمر بالعشاء فعلی من جمیع الجهات حتی من جهة وقت الفضیلة فالاتیان بالنافلة فی هذا الوقت تطوع فی وقت الفریضة و هو منهی عنه فی الروایات الکثیرة.

(منها) موثقة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام[419] (قال: لی رجل من أهل المدینة: یا أبا جعفر مالی لا أراک تتطوع بین الأذان و الاقامة کما یصنع الناس؟ فقلت: إنا إذا أردنا أن نتطوع کان تطوعنا فی غیر وقت فریضة فاذا دخلت الفریضة، فلا تطوع). و هذه الروایة رواها الشیخ باسناده عن الطاطری ـ و باسناده عن الحسن بن محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 254 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابن سماعة و طریق الشیخ إلی الطاطری و إن کان ضعیفاً إلا أن طریقه إلی الحسن بن محمد بن سماعة معتبر، فتکون الروایة موثقة، و دلالتها علی عدم مشروعیة التطوع فی وقت الفریضة واضحة، حیث قال: فاذا دخلت الفریضة فلا تطوع.

(و بالجملة) إذا دخل وقت الفریضه و لم یکن هناک مایوجب أرجحیة التأخیر لایجوز إتیان النافلة قبلها بلا فرق بین کون الأمر بها الزامیاً ـ کما فی آخر الوقت و کونه ندبیاً ـ کما فی أول الوقت و وسطه، فان المکلف مأمور بالتعجیل و باتیان الفریضة أول الوقت ما إستطاع، للروایات الکثیرة الدالة علی أفضلیة أول الوقت: فان أول الوقت رضوان الله، و آخره عفو الله فاذاً تکون النتیجة إنقضاء وقت نافلة المغرب بذهاب الحمرة المغربیة، فان المطلقات الآمرة بنافلة المغرب بعدها تتقید بمادل علی عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة کالموثقة المذکورة و غیرها[420].

(قلت): هذا الوجه الذی أفاده المحقق (قدس سره) هو أحسن الوجوه التی إستدلوا بها فی المقام ـ ولکنه مع ذلک غیر تام، لأنه إن التزمنا بأن النهى عن التطوع فی وقت الفریضة تنزیهی، فهو لایدل إلا علی مرجوحیة الایتان بنافلة المغرب بعد ذهاب الحمرة المغربیة و لا یصلح لتقیید المطلقات الدالة علی إستحباب أربع رکعات بعد صلاة المغرب حتی تکون النافلة بعد ذهاب الحمرة المغربیة قضاء فان مرجوحیة النافلة فی هذا الوقت لا تنافی بقاء وقتها (و إن التزمنا) بان النهى عن التطوع فی وقت الفریضة تحریمی، فالمستفاد منه و إن کان عدم جواز الاتیان بنافلة المغرب بعد ذهاب الحمرة إلا أنه لا یستلزم إنقضاء وقتها، عنده بحسب طبعه و مع قطع النظر عن الهنی عن التطوع فی وقت الفریضة لأن الکلام فی قابلیة الوقت فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 255 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[421] . الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 1.
[422] . الوسائل ب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 2.
[423] . الوسائل ب 29 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1و 8.
[424] . الوسائل ب 29 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1و 8.
[425] . راجع الوسائل ب 7 من أبواب العود إلی منى ر 1 و 4 و 14 و 20 و 23.
[426] . الوسائل ب 42 من أبواب بقیة الصلوات المندویة ر 5.
[427] . الوسائل ب 29 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1.
[428] . الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 1 و 3
[429] . الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 1 و 3

(261 - 265)

(261 - 265)

 

إنهما من صلاة اللیل ثلاث عشرة رکعة صلاة اللیل، أترید أن تقایس لو کان علیک من شهر رمضان أکنت تطوع؟ ، إذا دخل علیک وقت الفریضة فابدأ بالفریضة).

(و منها) صحیحة اخری لمحمد بن أبی نصر[430]قال: قلت لأبی الحسن علیه السلام: و رکعتى الفجر أصلیهما قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال: قال أبو جعفر علیه السلام: أحش بهما صلاة اللیل، و صلهما قبل الفجر) . (و منها) صحیحة أخری لزرارة[431] قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: الرکعتان اللتان قبل الغداة أین موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر، فاذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة) (و منها) صحیحة ثالثة لزرارة[432] قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: إنی رجل تاجر اختلف و اتجر، فکیف لی بالزوال و المحافظة علی صلاة الزوال و کم نصلی؟ قال: تصلی ثمانی رکعات إذا زالت الشمس و رکعتین بعد الظهر (الی أن قال) و بعد ما ینتصف اللیل ثلاث عشرة رکعة منها الوتر و منها رکعتا الفجر (الحدیث) و نحوها غیرها.

(و کذا) لا ریب فی جواز الاتیان بها بعد طلوع الفجر الی طلوع الحمرة المشرقیة لصحیحة علی بن یقطین و غیرها[433] (قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل لا یصلی الغداة حتی یسفر و تظهر الحمرة و لم یرکع رکعتى الفجر أیرکعهما أو یؤخرهما؟ قال: یؤخرهما).

فان هذه الصحیحة تدل علی جواز الاتیان بها بعد الفجر إلی أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 261 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تطلع الحمرة المشرقیة حیث إن جواز الاتیان بها قبل طلوع الحمرة کان مرتکزاً فی ذهن السائل، فسأل عن تقدیمها علی الفریضة بعد طلوع الحمرة (هذا) و سیجیء الکلام فی کلا الأمرین عند تعرض الماتن لهما (انما الاشکال) فی أمرین (أحدهما) جواز تقدیمها علی الفجر فی غیر فرض الدس کما إذا لم یصل صلاة اللیل (ثانیهما) جواز تأخیرها عن ظهور الحمرة فنقول ظاهر کلام هؤلاء الجماعة عدم جواز التقدیم علی طلوع الفجر حیث حددوا وقتها من طلوع الفجر الی الحمرة ولکن یظهر من صاحب الوسائل الجواز.

(و الذی ینبغی أن یقال فی المقام) أنه مع الفصل الطویل بین هذه النافلة و طلوع الفجر لا یجوز التقدیم و ذلک لأن مجرد تسمیتها بنافلة الفجر یقتضی ذلک و هی کافیة فی عدم جواز الاتیان بها عند انتصاف اللیل أو قربه فان مقتضی کونها نافلة الفجر هو أن یؤتی بها قربه أو فیه.

(و یؤیده) ما رواه محمد بن مسلم[434] (قال: سألت أبا جعفر (ع) عن أول وقت رکعتى الفجر فقال سدس اللیل الباقی). فان سدس اللیل یشمل ما بین الطلوعین و قلیلا من ما قبل الفجر ـ و هو فی بعض فصول السنة مقدار ربع ساعة تقریباً ـ هذا بناء علی ما هو الأظهر من أن بین الطلوعین داخل فی اللیل. و هذه الروایة من حیث الدلالة لا بأس بها ولکنها ضعیفة السند لأجل محمد بن حمزة بن بیض فانه فی سندها و لم یوثق و لأجل هذا جعلناها مؤیدة.

(و أما) جواز تقدیمها قبل الفجر فدلت علیه صحیحتان (إحدیهما) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[435] (قال: سألته عن رکعتى الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر فقال قبل الفجر إنهما من صلاة اللیل ثلاث عشرة رکعة صلاة اللیل، أترید أن تقایس؟ لو کان علیک من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 262 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شهر رمضان أکنت تطوع؟ إذا دخل علیک وقت الفریضة. فابدأ بالفریضة) (الثانیة) صحیحته الأخری[436] (قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: الرکعتان اللتان قبل الغداة أین موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر فاذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة) و رواها الشیخ باسناده عن علی بن ابراهیم و باسناده عن محمد بن یعقوب أیضاً (فان) المستفاد منهما جواز التقدیم بل افضلیته.

(ولکن) بازائهما صحیحتین أخیرتین (إحدیهما) صحیحة عبد الرحمن ابن الحجاج[437] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: صلهما بعدما یطلع الفجر). (الثانیة) صحیحة یعقوب بن سالم البزاز[438] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: صلهما بعد الفجر و اقرأ فیهما فی الأولی قل یا أیها الکافرون و فی الثانیة قل هو الله أحد). (قد یتخیل) أن هاتین الصحیحتین، ظاهرتان فی أن وقتهما بعد طلوع الفجر فتعارضان الصحیحتین المتقدمتین (ولکن) الظاهر أنهما لا تصلحان للمعارضة للصحیحتین المتقدمتین لوجوه.

(الأول) أن الضمیر فیهما لا یعلم أنه راجع إلی النافلة و لا قرینة علیه غیر أن أرباب الکتب ذکروهما فی أبواب النافلة و هو لا یصلح للقرینیة، فمن المحتمل رجوعه الی الفریضة بخلاف الاولیین فانهما صریحتان فی النافلة.

(الثانی) لو تنزلنا عما ذکرنا و قلنا: إنهما وردتا فی النافلة فمقتضی الجمع بینهما حمل الاولیین علی أفضلیة التقدیم و الاخریین علی بیان الترخیص فی الاتیان بهما بعد الفجر یرفع الید عن ظهور الأمر فیهما فی التحدید و الاستحباب، و ذلک لأن صحیحتى زرارة صریحتان فی جواز التقدیم و هاتان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 263 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصحیحتان ظاهرتان فی أن وقتهما بعد طلوع الفجر فتصرفان عن ظاهرهما بالحمل علی الترخیص، فان النص یکون قرینه علی الظاهر.

(الثالث) لو تنزلنا عما ذکرنا أیضاً و قلنا: إن الأخیرتین أیضاً صریحتان فی أن وقتهما بعد طلوع الفجر تقع المعارضة بین الطائفتین و لا إشکال فی أن الترجیح مع الطائفة الأولی لأنها مخالفة للعامة، فانهم یرون أن وقتهما بعد الفجر و لا یجوز تقدیمهما علیه (و یؤید) ذلک روایة أبی بصیر[439] قال: (قلت لأبی عبدالله علیه السلام: متی أصلی رکعتى الفجر؟ قال: فقال لی: بعد طلوع الفجر قلت له: إن أبا جعفر (ع) أمرنی أن أصلیهما قبل طلوع الفجر، فقال: یا أبا محمد إن الشیعة أتوا أبی مسترشدین، فافتاهم بمر الحق، و أتونی شکاکاً، فافتیتهم بالتقیة). و هذه الروایة و ان کانت صریحة فی أن الحکم الواقعی هو جواز التقدیم و ان عدم جوازه صدر لأجل التقیة إلا أن سندها ضعیف لأجل علی بن أبی حمزة البطائنی، فنا إستظهرنا ضعفه و إن قال الشیخ فی العدة: عمل الطائفة بأخباره) و لأجل هذا جعلناها مؤیدة لا دلیلا و لولاه لکان المتعین حمل الأخیرتین علی التقیة لأجلها (و لا سیما) أن الاولیین نقلتا عن الباقر و الأخیرتین نقلتا عن الصادق علیهما السلام.

(و مما یدل) علی أن مبدء وقتهما هو قبل الفجر عدة روایات صحاح الدالة علی إتیانهما قبل الفجر و مع الفجر و بعده و تلک الصحاح متظافرة قد عقد لها فی الوسائل باباً مستقلا (منها) صحیحتا محمد بن مسلم (الأولی)[440] (قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: صل رکعتى الفجر قبل الفجر و بعده و عنده): (الثانیة)[441] (قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 264 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رکعتى الفجر قال: صلهما قبل الفجر و مع الفجر و بعد الفجر).

(و منها) صحیحة ابن أبی یعفور[442] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رکعتى الفجر متی أصلیهما؟ فقال: قبل الفجر و معه و بعده) و نحوها غیرها.

فالنتیجة أن مبدأ نافلة الفجر قبل الفجر لا نفس الفجر کما ذکره الجماعة و لا یجوز اتیانها فی نصف اللیل أو قربه ان لم یدسها فی صلاة اللیل. لأن مقتضی کونها نافلة الفجر أن تقع فیه أو قبله أوبوره، فان نفس الاضافة تقتضی ذلک و قد عرفت أن الأفضل إتیانها قبل الفجر و إن جاز الاتیان بها بعده أیضاً ولکنه مرجوح لدخول، وقت الفریضة حینئذ. (هذا کله) فی جواز تقدیم رکعتى الفجر علیه لمن لم یأت بصلاة اللیل و قد عرفت جوازه بل أفضلیته.

(و أما) جواز تأخیرهما عن ظهور الحمرة فلا دلیل علیه بل مقتضی الاضافة فی هذه الروایات و غیرهما عدم الفصل الطویل بینهما و بین الفجر فلو کنا نحن و هذه الروایات لحکمنا بانتهاء وقتهما بعد الفجر بحیث لو أتی بها فی ذلک الوقت لم یصدق علیها نافلة الفجر ولکنا خرجنا عنه بصحیحة علی بن یقطین المتقدمة و قلنا: إن المستفاد منها جواز الاتیان بها أداء قبل ظهور الحمرة المشرقیة، فان المرتکز فی ذهنه کان جواز إتیانها الی قرب ظهور الحمرة فلهذا سأل عن إتیانها عند ظهورها فعدم ردعه عن إرتکازه یدل علی إمتداد وقتها إلی ظهور الحمرة و أما بعده إلی طلوع الشمس، فلا تدل الصحیحه علی الامتداد الیه، فان قوله (یؤخرهما) لا یدل علی کونها أداء بعد الحمرة. بل لا یبعد دعوی أن سؤال علی بن یقطین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 265 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[430]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 6 و 7.
[431]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 6 و 7.
[432]. الوسائل ب 14 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1.
[433]. راجع الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 1 و غیرها من الروایات المرویة هناک و فی ب 52 من أبواب المواقیت.
[434]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 3 و 5.
[435]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 3 و 5.
[436]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 7.
[437]. الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.
[438]. الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 5 و 6.
[439]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 2.
[440]. الوسائل ب 52 من أبواب المواقیت ر 1 و 3.
[441]. الوسائل ب 52 من أبواب المواقیت ر 1 و 3.
[442]. الوسائل ب 52 من أبواب المواقیت ر 2.

(266 - 270)

(266 - 270)

 

و جواب الامام علیه السلام ظاهران فی سقوط الأمر الأدائی بعد ظهور الحمرة و لا أقل من عدم دلالته علی بقاء الأمر الادائی بعد ظهور الحمرة فاذاً صح ما ذهب الیه المشهور من إنقضاء الوقت بظهور الحمرة.

(و ینبغی التنبیه علی أمور الاول) أنه قد یتوهم أن صحیحة علی بن یقطین معارضة بصحیحة الحسین بن أبی العلاء[443] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: الرجل یقوم و قد نوّر بالغداة قال: فلیصل السجدتین اللیلتین (اللتین ظ) قبل الغداة ثم لیصل الغداة).

(بتقریب) أن هذه الصحیحة آمرة باتیان النافلة بعدما تنوّر السماء و ظهرت الحمرة، فتکون معارضة لصحیحة علی بن یقطین المتقدمة (ص 261) حیث إنها آمرة باتیان الفریضة ثم بالنافلة إذا ظهرت الحمرة.

(و فیه) أن مقتضی التحقیق عدم المعارضة بینهما، و ذلک، لأن التنویر أعم من ظهور الحمرة، فان العالم یصیر منوراً و مضیئاً قبل ظهور الحمرة بمدة ثم تظهر الحمرة، فاذاً تقید هذه الصحیحة بالصحیحة المتقدمة و تکون النتیجة أن المکلف إن قام و نوّر السماء و لم تظهر الحمرة قدم النافلة و ان قام و قد ظهرت الحمرة قدم الفریضة.

(الأمر الثانی) قد یقال: إن روایة الحسین مخدوشة سنداً لأن فی سندها قاسم بن محمد الجوهری و هو لم یوثق فی کتب الرجال، فتسقط الروایة عن الإعتبار. (و فیه) أن قاسم بن محمد و إن لم یوثق فی کتب الرجال إلا أنه موجود فی أسانید کامل الزیارات، فیکون مشمولا لتوثیق ابن قولویه (قدس سره).

(الأمر الثالث) قد یتوهم أن صحیحة الحسین بن أبی العلاء معارضة بمرسلة إسحاق بن عمار عمن أخبره عنه علیه السلام[444] (قال: صل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 266 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرکعتین ما بینک و بین أن یکون الضوء حذاء رأسک، فان کان بعد ذلک فابدء بالفجر). فان هذه الروایة ناطقة بتقدیم الفریضة بعدما وصل الضوء حذاء الرأس و إن لم یتنور السماء تنویراً کاملا فضلا عما إذا تنور کاملا و صحیحة الحسین ناطقة بتقدیم النافلة علی الفریضة و إن تنور السماء تنویراً کاملا. (و فیه) أن روایة إسحاق بن عمار ضعیفة من وجهین (إحدیهما) أن فی طریقها محمد بن سنان و هو ضعیف (و ثانیهما) أنها مرسلة فلا حجیة فیها فکیف تعارض الصحیحة المتقدمة.

(الأمر الرابع) أنه قد یقال: إنه حکی عن الشهید فی الذکرى و من تبعه أن صحیحة سلیمان بن خالد تدل علی إمتداد وقت النافلة إلی طلوع الشمس[445] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الرکعتین قبل الفجر قال: ترکعهما حین تنزل (تترک) الغداة إنهما قبل الغداة). (و فیه) أن الروایة و إن کانت صحیحة السند، إلا أنها مضطربة المتن جداً، فان متنها قد رسم بنسخ مختلفة (إحدیها) ترکعهما حین ترکع الغداة (الثانیة) تترکهما حین تترک الغداة (الثالثة) ترکعهما حین تنزل الغداة (الرابعة) ترکعهما حین تترک الغداة (الخامسة) یرکعهما حین تزول الغداة (السادسة) یترکهما حین ترکع (تزول) الغداة.

قال فی الوسائل: (و فی روایة اخری حین تنور الغداة) فلو کان الصحیح هو النسخة الأولی أو الثانیة لتم ما ذکره الشهید (قدس سره) و أما إن کان الصحیح غیرهما، فلا یتم ما ذکره ـ کما هو واضح ـ و حیث إن ما صدر عن الامام (ع) لم یتعین عندنا لسقط الاستدلال بها.

(الأمر الخامس) أن المستفاد من صحیحة علی بن یقطین المتقدمة أنه إذا بقی بظهور الحمرة مقدار رکعتین تقدم النافلة علی الفریضة، فعلیه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 267 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تکون النافلة مزاحمة للفریضة فی وقت فضیلتها مع أن المستفاد من الروایات أن النافلة لا تزاحم الفریضة فی وقت فضیلتها، فان تقدیم النافلة فی هذا الفرض یوجب وقوع الفریضة فی خارج وقت فضیلتها.

(و فیه) أنه لا مجال للاستیحاش بعد قیام الدلیل علی ذلک، فان المتبع أوامرهم علیهم السلام (مع) أنه موافق لفتوی المشهور من أن وقتها یمتد من طلوع الفجر إلی ظهور الحمرة. (و بعبارة اخری) صحیحة علی بن یقطین تکون مقیدة، للاطلاقات الدالة علی أن النافلة لا تزاحم الفریضة فی وقت فضیلتها.

(ثم) إنه قد تقدم أن المکلف إذا صلی صلاة اللیل یجوز له دس نافلة الفجر فیها و هذا الحکم هل هو مختص بما إذا صلی صلاة اللیل بعد إنتصافه أو مطلق یشمل قبل الانتصاف أیضاً؟ ـ کما إذا صلی صلاة اللیل قبل الانتصاف لعذر کالمسافر و المریض و الشاب الذی لا یستیقظ، بعد الانتصاف ـ فیجوز لهؤلاء دس نافلة الفجر فیها و علی الأول، فهل یجوز إتیانها مع صلاة اللیل عند انتصاف اللیل أو لا یجوز ذلک؟ بل جواز الدس مختص بما إذا أتی بصلاة اللیل عند السحر و آخر اللیل مثلا، فالکلام یقع فی موضعین.

(الأول) فیما إذا أتی بنوافل اللیل عند الانتصاف فنقول لا ینبغی الشک فی جواز الدس هنا و إن کان فی أول زمان تحقق الانتصاف و ذلک لوجهین (الوجه الأول) إطلاقات الدالة علی جواز دسها فی صلاة اللیل فانها غیر قاصرة الشمول للمقام و لا دلیل علی التقیید (الوجه الثانی) موثقة زرارة (بابن بکیر)[446] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: إنما علی أحدکم اذا إنتصف اللیل أن یقوم فیصلی صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 268 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رکعة ثم إن شاء جلس، فدعا و إن شاء نام و إن شاء ذهب حیث شاء). و هذه الموثقة ـ کما تری ـ واضحة الدلالة علی المطلوب بل صریحة فی الدس فی أول زمان تحقق الانتصاف.

(الموضع الثانی) فیما إذا أتى بصلاه اللیل قبل الانتصاف لعذر من الاعذار المشار الیها و الأظهر جواز دس نافلة الفجر فیها هنا ایضاً لوجهین (الأول) اطلاقات الروایات الدالة علی جواز دسها فی صلاة اللیل.

(منها) صحیحة أحمد بن محمد بن أبی نصر[447] (قال: سألت الرضا علیه السلام عن رکعتى الفجر فقال احشوا بهما صلاة اللیل). فان هذه الصحیحة مطلقة بالاضافة إلی فروض الدس فتشمل محل الکلام لعدم المقید لها فی المقام ـ و نحوها غیرها[448] (الوجه الثانی) الاطلاقات الدالة علی انها من صلاة اللیل (منها) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[449] قال: سألته عن رکعتى الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر، فقال: قبل الفجر إنهما من صلاة اللیل ثلاث عشرة رکعة صلاة اللیل) (الحدیث) (و منها) صحیحته الاخری[450] (قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: إنی رجل تاجر اختلف و اتجر فکیف لی بالزوال و المحافظة علی صلاة الزوال و کم نصلی؟ قال علیه السلام: تصلی ثمانی رکعات إذا زالت الشمس (الی أن قال) و بعدما ینتصف اللیل ثلاث عشرة رکعة منها الوتر و منها رکعتا الفجر (الحدیث). (تقریب الاستدلال) أن لسان هاتین الصحیحتین لسان الحکومة حیث حکمتا بأن رکعتى الفجر من صلاة اللیل و مقتضی الحکومة و التنزیل هو ترتیب الآثار الظاهرة لصلاة اللیل علیهما و لا شک فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 269 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 7) اذا صلی نافلة الفجر فی وقتها، أو قبله و نام بعدها یستحب اعادتها (1)

 

أن جواز تقدیم صلاة اللیل علی الانتصاف عند العذر من الآثار الظاهرة لصلاة اللیل فهو یترتب علی الحکومة و التنزیل فیثبت لرکعتى الفجر، فعلیه یجوز الاتیان بهما معها قبل الإنتصاف عند العذر.

(و یؤید) ما ذکرناه من جواز التقدیم ما رواه الصدوق باسناده عن أبی جریر بن ادریس عن أبی الحسن موسی بن جعفر علیه السلام[451] (قال: صل صلاة اللیل فی السفر من أول اللیل فی المحمل و الوتر و رکعتى الفجر). و هذه الروایة و إن کانت صریحة من حیث الدلالة إلا أن سندها ضعیف من وجهین (الأول) أن أبا جریر هو زکریا بن إدریس القمی علی ما صرح به فی باب الکنی و الالقاب ـ فی کتب الرجال و هو لم یوثق (الثانی) أن فی طریق الصدوق إلی أبی جریر محمد بن علی ما جیلویه و هو أیضاً لم یوثق ـ نعم هو من شیوخ الصدوق، فان إکتفینا فی الوثاقة بمجرد کونه شیخا له فهو من الحسان و إن لم نکتف به کما هو الأظهر ـ علی ما مر فلا یعتمد بروایاته. (و أما) ما فی الوسائل من أنه أبو حریز إبن إدریس فهو غلط جزماً، لأن الصدوق لیس له طریق إلی أبی حریز.

(1) لا دلیل علی إستحباب الإعادة علی الاطلاق إلا الشهرة الفتوائیة فان مادل علی إستحباب الاعادة انمادل علیه فی فرض خاص و هو ما اذا قدّم نافلة الفجر علیه و نام ثم استیقظ قبل الفجر أو عنده و مادل علی استحباب الاعادة فی هذا الفرض روایتان (إحدیهما)صحیحة حماد بن عثمان[452] (قال: لی أبو عبدالله علیه السلام: ربما صلیتهما و علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 270 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[443]. الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 4 و 7.
[444]. الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 4 و 7.
[445]. الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 2.
[446]. الوسائل ب 35 من أبواب التعقیب ر 2.
[447]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 1 و 3 و غیرهما.
[448]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 1 و 3 و غیرهما.
[449]. الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 1 و 3 و غیرهما.
[450]. الوسائل ب 14 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 1.
[451]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 6.
[452] . الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 8

(271 - 275)

(271 - 275)

 

 

(مسألة 8) وقت نافلة اللیل ما بین نصفه و الفجر الثانی (1) و الأفضل إتیانها فی وقت السحر و هو الثلث الأخیر من اللیل، و أفضله القریب من الفجر.

 

لیل، فان قمت و لم یطلع الفجر أعدتهما). (الثانیة) موثقة زرارة[453] (قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: إنی لاصلی صلاة اللیل و أفرغ من صلاتی و أصلی الرکعتین فأنام ما شاء الله قبل أن یطلع الفجر، فان استیقظت عند الفجر أعدتهما) (و اما) اذا صلی نافلة الفجر فی اللیل و نام فاستیقظ بعد الفجر، فلا تشمله الروایتان إذ موردهما هو القیام من النوم قبل الفجر أو عنده و لا إطلاق لهما حتی تشملا فرض الاستیقاظ بعد الفجر (و کذا الأمر) إذا صلی نافلة الفجر فی اللیل و لم ینم بعدها إلی طلوع الفجر فان الروایتین لا تشملان لهذا الفرض أیضاً إذ الموثقة صریحة فی الاعادة بعد النوم، و الصحیحة ظاهرة فیه لمکان قوله (ع) (فان قمت) فان الظاهر منه هو القیام من النوم، فما فی بعض الکلمات ـ من دعوی الإطلاق فی المقام ـ لایمکن المساعدة علیه، فاذاً لم یبق فی المقام إلا الشهرة الفتوائیة علی استحباب الاعاده مطلقاً و من الواضح أنها لاتثبت الإستحباب إلا علی القول بقاعدة التسامح، و لما کانت القاعدة غیر ثابتة مطلقا عندنا ـ علی ما حققناه فی الأصول ـ فلا مجال للفتوی باستحباب الاعادة

(وقت نافلة اللیل)

(1) الکلام هنا یقع فی مقامین (المقام الأول) فی وقت نافلة اللیل من حیث المبدأ (و المقام الثانی) فی بیان وقتها من حیث المنتهی.

(أما المقام الأول) فالمشهور فیه أن أول وقت صلاة اللیل هو نصفه فلا یجوز تقدیمها علیه إلا لأعذار تأتی و قد استدلوا علی ذلک بوجوه. ص 271

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 271 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الأول) الاجماع المدعى فی المقام علی أن أول وقت صلاة اللیل نصفه (و فیه) أنه إن أرید من الإجماع جواز إتیانها بعد إنتصاف اللیل فهو مما لاشک فیه و لم یخالف فیه أحد ولکنه لا یثبت عدم جوازها قبل الانتصاف (و إن) أرید منه عدم جواز الاتیان بها قبل الإنتصاف فهو مما لایحصل لنا به الظن فضلا عن القطع لعدم العلم بأن کلامهم ناظر إلی عدم جوازها قبل الإنتصاف و لا أقل من الشک فی شمول الاجماع له و إن کان المظنون عدم الشمول.

(الثانی) الروایات الدالة علی أن النبی و علیاً علیهما السلام کانا ملتزمین باتیان صلاة اللیل بعد نصفه فهو دلیل علی عدم جوازه قبله و إلا لفعلا قبله أیضاً.

(و فیه) أن مجرد الالتزام لا یدل علی عدم الجواز قبل الإنتصاف فانهم علیهم السلام کانوا یختارون الفرد الأفضل (ألا تری) أنهم علیهم السلام کانوا یصلوا الظهرین فی وقت الفضیلة و لم یرد روایة دلت علی أن أحدهم صلی الظهرین أو أحدهما قریب الغروب مع أنه جائز یقیناً فالعمل الخارجی لا دلالة له علی التوقیت و علی أن وقتهما ینقضی قبل الغروب بساعة مثلا.

(الثالث) مرسلة الصدوق[454] قال: و قال أبو جعفر علیه السلام وقت صلاة اللیل ما بین نصف اللیل إلی آخر. (و فیه) أنها مرسلة و لا حجیة فی المراسیل فلا یصح الاستدلال بها.

(الرابع) الروایات الدالة علی جواز التقدیم لعذر کالبرد و خوف الجنابة و المرض و السفر و الشباب بدعوی أن المستفاد منها عدم جواز التقدیم علی النصف عند عدم هذه الأعذار و هذه معنی أن وقتها بعد النصف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 272 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و إلا لکان التقدیم جائزاً للمعذور و غیره (و فیه) أنه لایستفاد منها إلا الرجحان و الأفضلیة بعد النصف و أن الاتیان بها قبله مرجوح و یرتفع المرجوحیة لذوی الأعذار و أما ان تقدیم غیر ذوی الأعذار لایجوز لعدم دخول الوقت ـ فلا یستفاد منها أصلا فمن المحتمل أن یکون الوقت من أول اللیل و الأفضل هو بعد الإنتصاف.

(الخامس) روایة محمد بن مسلم[455] (قال: سألته عن الرجل لایستیقظ من آخر اللیل حتی یمضی لذلک العشر و الخمس عشرة فیصلی أول اللیل أحب الیک أم یقضی؟ قال: لا بل یقضی أحب إلی إنی أکره أن یتخذ ذلک خلقاً و کان زرارة یقول کیف تقضی صلاة لم یدخل وقتها إنما وقتها بعد نصف اللیل). (و فیه) أولا أن الروایة ضعیفة السند لأجل محمد بن سنان الواقع فی سندها (و ثانیاً) أنها ناقلة لفتوی زرارة و إجتهاده و هو لاتکون حجة، فان الحجة هو قول الامام، فتحصل أن الوجوه المذکورة لایتم شىء منها (ولکن) الذی یصح الاستدلال بها علی القول المشهور روایات اخری.

(إحدیها) موثقة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[456] (قال: إنما علی أحدکم إذا انتصف اللیل أن یقوم فیصلی صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة رکعة ثم إن شاء جلس فدعا و إن شاء نام و إن شاء ذهب حیث شاء). فهذه الموثقة بمفهومها تدل علی أنه لیس ذلک علی أحد قبل إنتصاف اللیل و هی واضحة الدلالة علی أن وقتها بعد الانتصاف، (ولکنه) لم یسبقنی أحد فی الاستدلال بهذه الموثقة فی المقام (الثانیة)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 273 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحیحة الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام[457] (قال: ان خشیت أن لاتقوم فی آخر اللیل (او) و کانت بک علة أو أصابک برد فصل و أوتر من أول اللیل فی السفر). و رواها الصدوق باسناده عن الحلبی[458] و رواها الشیخ بطریق آخر أیضاً عن أبی بصیر[459] ولکن قید (فی السفر) لم یذکر فیها، (و کیف ماکان) لا إشکال فی صحة ما رواه الشیخ باسناده عن الحلبی، فالروایة من حیث السند صحیحة، و دلالتها علی المطلوب واضحة، فان مفهوم قوله (ع): (إن خشیت أن لاتقوم فی آخر اللیل... الخ) هو عدم جواز التقدیم عند عدم الخوف.

(الثالثة) الروایات الدالة علی تقدیم القضاء علی الاتیان بها فی أول اللیل ـ إذا دار الأمر بینهما ـ و هی عدة روایات (منها) صحیحة معاویة‌ابن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام[460] (آنه قال: قلت له: إن رجلا من موالیک من صلحائهم شکی إلیّ ما یلقی من النوم و قال: إنی أرید القیام باللیل (للصلاة) فیغلبنی النوم حتی أصبح فربما قضیت صلاتی الشهر المتتابع و الشهرین أصبر علی ثقله، فقال: قرة عین و الله قرة عین و الله. و لم یرخص فی النوافل (الصلاة) أول اللیل، و قال: القضاء بالنهار أفضل): و هذه الصحیحة رواها المشایخ الثلاثة بطرق مختلفة، و نحوها غیرها[461].

(تقریب الاستدلال) أن هذه الطائفة واضحة الدلالة علی أن قبل النصف لیس وقتاً لها وإلا فلا مجال للقول بتقدیم القضاء علی الأداء و أرجحیته علیه (و بعبارة اخری) لو کان قبل النصف وقتاً لها لرجح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 274 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إتیانها قبله علی القضاء لأنه لاریب فی أن الصلاة فی الوقت مقدمة علی الصلاة فی خارجه.

(و ذهب بعضهم) إلی أن وقت نافلة اللیل من أول اللیل إلی آخره فیجوز الإتیان بها قبل الإنتصاف عمداً و فی حال الإختیار (و ما یمکن) أن یستدل به علی هذا القول فعدة من الاطلاقات. (منها) إطلاق قوله تعالى[462] : (یا أیها المزّمّل قم اللیل إلا قلیلا نصفه أو انقص منه قلیلا أو زد علیه و رتّل القرآن ترتیلا). (فانه) تعالی خیّر نبیه بین قیام النصف أو أکثر منه أو أقل، فیستفاد منه أن الوقت جمیع اللیل.

(و منها) إطلاقات الروایات الدالة بمشروعیة ثمانی رکعات فی اللیل و مقتضاها جواز الاتیان بها فی أی وقت من اللیل شاء (و منها) اطلاق موثقة سماعة عن أبی عبدالله علیه السلام[463] (قال: لا بأس بصلاة اللیل فیما بین أوله إلى آخره إلّا أن أفضل ذلک بعد إنتصاف الیل) (و منها) اطلاق صحیحة محمد بن عیسى[464] (قال: کتبت الیه أسأله یا سیدی روی عن جدک أنه قال: لابأس أن یصلی الرجل صلاة اللیل فی أول اللیل فکتب: فی أی وقت صلی فهو جائز ان شاء الله). (و هذه الروایة) صحیحة أو حسنة لأجل محمد بن عیسی والد أحمد بن محمد بن عیسی فلأجل وقوعه فی أسانید کامل الزیارات صح عده من الثقات و من أجل أنه لم یوثق بخصوصه صریحاً ولکنه من وجوه القمیین و شیخهم صح عده من الحسان (ثم لایخفی) أن الضمیر فی کتبت الیه یرجع ـ بحسب الظاهر ـ إلی أبی الحسن الرضا (ع) فانه یروی عنه (ع) کثیراً و ان کان یروی عن الجواد علیه السلام أیضاً أحیاناً (ثم) إن المظنون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 275 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[453] . الوسائل ب 51 من أبواب المواقیت ر 9
[454] . الوسائل ب 43 من أبواب المواقیت ر 2
[455] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 7
[456] . الوسائل ب 35 من أبواب التعقیب ر 2
[457] . التهذیب ج 3 ص 227 ر 87
[458] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 12
[459] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 12
[460] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 1 وغیرها
[461] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 1 وغیرها
[462] . السورة 73/ الآیة 1 و 2 و 3 و 4
[463] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 9 و 14
[464] . الوسائل ب 44 من أابواب المواقیت ر9 و 14.

(276 - 280)

(276 - 280)

 

أن یکون المراد من قوله (روی عن جدک) روایة سماعة التی رواها عن أبی عبدالله علیه السلام و قد عرفت أنها صریحة فی الدلالة علی المطلوب.

(و منها) ما رواه إبراهیم بن مهزیار عن الحسین بن علی بن بلال[465] (قال: کتبت الیه فی وقت صلاة اللیل، فکتب عند زوال اللیل و هو نصفه أفضل فان فات فأوله و آخره جائز). و هذه الروایة و إن کانت تامة بحسب الدلالة إلا أنها ضعیفة السند لأجل الحسین بن علی بن بلال فانه مجهول لم یعرف أنه من هو فتکون الروایة ساقطة عن الإعتبار (و اما) إبراهیم بن مهزیار فهو واقع فی أسانیدکامل الزیارات فلذلک لابأس به و إن کان توثیق أرباب الرجال له محل مناقشة و إشکال.

(و قد إستدل المحقق الهمدانی) (قدس سره) علی هذا القول بمادل علی أن خائف الجنابة یعجل صلاة اللیل و الوتر فی أول اللیل و هو صحیحة یعقوب بن سالم عن أبی عبدالله علیه السلام[466] (قال: سألته عن الرجل یخاف الجنابة فی السفر أو البرد أیعجل صلاة اللیل و الوتر فی أول اللیل؟ قال: نعم).

(تقریب الاستدلال) أنه لو لم یکن أول اللیل وقتاً للنافلة لما أوجب خوف الجنابة جواز التقدیم، فان الجنب إن لم یتمکن من الطهارة المائیة فی الوقت یتیمم و یأتی بالصلاة فیه (ألا تری) أن من یعتقد أو یخاف انه یجنب بعد الزوال، و لایتمکن من الطهارة المائیة لایجوز له أن یأتی بالظهر قبل الزوال مع الطهارة المائیة إذ الأمر بالصلاة قبل الزوال مفقود فکیف یأتی بها قبله، و إذا دار الأمر بین رعایة الوقت و الطهارة المائیة لاشک فی تقدم الأول ففی تجویز التقدیم لخائف الجنابة دلالة علی أن وقتها من أول اللیل، (هذه جملة ما استدل به) علی أن وقت نافلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 276 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللیل من أوله.

(و الجواب) أن ما استدل به فی المقام علی طائفتین (الطائفة الأولی) ما هی مطلقة قابلة للتقیید کالآیة المبارکة و الروایات الدالة علی إستحباب ثمانی رکعات فی اللیل فانها و ان کانت مطلقة بالإضافة إلی ما قبل الإنتصاف و ما بعده إلا أن صحیحة الحلبی و موثقة زرارة المتقدمتین تقیدانها بما بعد الانتصاف ـ کما تقدم ـ (و أما موثقة سماعة و صحیحة محمد بن عیسی) و إن کانتا صریحتین فی التوسعة إلا أنهما مطلقتان بالنسبة إلی ذوی الأعذار و غیرهم فنقیدان بذوی الاعذار کالمسافر و الشاب و خائف الجنابة أو البرد و نحو ذلک فیقال: إن الوقت بالاضافة الیهم من أول اللیل و بالنسبة إلی المختار و من لا یکون له عذر من نصف اللیل.

(الطائفة الثانیة) هی الروایات الواردة فی مقام بیان وظیفة ذوی الاعذار المشار الیهم ـ کالخائف من الجنابة و المسافر و الشاب و أمثالهم ـ و هذه الروایات مختصة بمواردها و مخصصة لمادل علی التحدید بالانتصاف فنلتزم بتوسعة الوقت بالاضافة إلیهم من ذوی الأعذار دون مطلق من یأتی بصلاة اللیل و سنتعرض لها مفصلا عند تعرض الماتن لهذه العناوین فی المسألة التاسعة إن شاء الله فهذا السنخ من الروایات ـ کصحیحة یعقوب بن سالم و غیرها لا یمکن الاستدلال بها علی أن وقت نافلة اللیل من أول اللیل بالاضافة الی جمیع المکلفین بل یقتصر بها علی مواردها، (و ما ذکر فی تقریب الاستدلال بها) غیر تام إذ لا مقتضی للتعدی عن موردها و قیاس المقام علی الخائف من الجنابة بعد زوال الشمس غیر تام لأن الدلیل هناک علی جواز التقدیم مفقود و فی المقام قام الدلیل علی جواز التقدیم بالاضافة الیه و غیره من ذوی الاعذار فنلتزم بتوسعة الوقت بمقدار دلالة الدلیل، فما استدل به المحقق الهمدانی لا یثبت التوسعة إلا لخائف الجنابة، فنلتزم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 277 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بتوسعة وقت النافلة له و أما المختار، فوقته بعد النصف عملا بمادل علی التحدید و علی أن وقتها بعد الإنتصاف. (و کذا الحال) فی غیر خائف الجنابة من ذوی الأعذار فانا نلتزم بالتوسعة لهم لأجل الروایات الدالة علیها.

(و قد یقال: إن مقتضی الجمع بین مادل علی التوسعة کالموثقة و الصحیحة و غیرهما من المطلقات و مادل على التحدید بالانتصاف کصحیحة معاویة بن وهب المتقدمة و غیرها حمل الطائفة الثانیة علی الأفضلیة، فنلتزم بأن الوقت من أول اللیل إلی آخره ولکن الأفضل الاتیان بها بعد الإنتصاف فان المقید ـ فی باب المستحبات ـ یحمل علی الأفضلیة ـ علی ما هو القاعدة المعروفة فیها.

(و فیه) أن الأمر لیس کذلک بل یتوقف حمل المقید علی الأفضلیة علی أمور ثلاثة (الأول) أن یکون المطلق و المقید متوافقین فی الایجاب و السلب (الثانی) أن لا یکون مدلول الدلیل المقید نفس التقیید (الثالث) أن لا یکون له مفهوم یخالف المطلق ـ و ذلک ـ کما إذا امرنا بزیارة الحسین علیه السلام مطلقاً ثم امرنا بزیارته (ع) لیلة عرفة، فمقتضی إطلاق المطلق إستحباب زیارته (ع) فی کل الأوقات، و مقتضی الدلیل المقید هو استحباب زیارته (ع) فی لیلة عرفة، فالأمر دائر بین رفع الید عن إطلاق المطلق و حمله علی المقید و بین بقائه علی إطلاقه و حمل المقید علی أفضل الأفراد، و بما أن المقید متضمن للترخیص فی الترک. فلا تنافی بین المطلق و المقید فاذاً لا مقتضی لحمله علیه إذ العرف فی مورد تضمن المقید للترخیص فی الترک لا یرون المقید قرینة عرفیة علی التقیید فعلیه لا مناص من حمل المقید علی الأفضلیة.

(و أما) إذا لم یکن کذلک بأن کان المقید مخالفاً للمطلق فی الإیجاب و السلب، أو کان مدلول المقید نفس التقیید أو کان له مفهوم یخالف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 278 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلق، فلابد من حمل المطلق علی المقید (اما القسم الأول) فهو کما إذا أمر المولی بالإقامة بقوله: أقم فی الصلاة، ثم قال: لا تقم جالساً أو لا تقم إلا و أنت متطهر، فهنا لا مناص من حمل المطلق علی المقید و الالتزام بعدم مشروعیة الاقامة إلا قائماً أو متطهراً لأن المقید فی المثالین فی نظر العرف ظاهر فی الارشاد إلى شرطیة القیام و الطهارة فی الإقامة.

(و أما القسم الثانی)، فهو کماا إذا قال المولى: (أقم الصلاة) ثم یقول: (فلیکن اقامتک حال القیام أو حال الطهارة). فهنا أیضاً یحمل المطلق علی المقید فتکون النتیجة عدم مشروعیة الإقامة إلا قائماً و متطهراً لأن الدلیل المقید ظاهر عند العرف فی الإرشاد إلی شرطیة الطهارة و القیام فی الاقامة.

(و أما القسم الثالث) ـ و هو ما إذا کان للدلیل المقید مفهوم یخالف المطلق ـ فهو ینطبق علی ما نحن فیه فان مقتضی المطلقات هو أن وقت صلاة اللیل من أوله إلی آخره کما عرفت و مقتضی موثقة زرارة المقدمة: (إنما علی أحدکم إذا انتصف اللیل أن یقوم فیصلی صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة رکعة... الخ) هو أن وقتها بعد الإنتصاف و بما أن لها مفهوماً یخالف المطلقات تکون مقیدة لها فیکون وقت صلاة اللیل بعد إنتصافه إذ مفهومها: أنه لیس علی أحدکم ذلک قبل الانتصاف (و لا ریب) فی أن العرف یرونها مقیدة للمطلقات و لا یحملونها علی أفضل الأفراد (و کذا) الأمر فی صحیحة الحلبی المتقدمة فان المستفاد منها عدم جواز التقدیم عند عدم الخوف و البرد و العلة.

(هذا علی أنک) قد عرفت أن صحیحة معاویة بن وهب و غیرها دلت علی أفضلیة القضاء علی التقدیم فی أول اللیل، فلو بنینا علی أن المقید یحمل علی الأفضلیة و الوقت واسع من أول اللیل یلزم کون القضاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 279 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أفضل من الأداء و هو مما لا یمکن الالتزام به أصلا. (فالمتحصل) من جمیع ما ذکرناه أن مادل علی التحدید بالانتصاف یحمل علی المختار و غیر المعذور لا علی الأفضلیة، و مادل علی أن الوقت من أول اللیل إلی آخره یحمل علی ذوی الأعذار (و ذلک) للروایات الدالة علی أن المسافر و الخائف من الجنابة و المریض یجوز لهم الاتیان بها فی أول اللیل، فاذاً صح ما هو المشهور من أن الوقت بعد الانتصاف هذا تمام کلامنا فی المقام الأول.

(و أما المقام الثانی) ـ و هو الکلام فی آخر وقت صلاة اللیل ـ فالمشهور بل المتسالم علیه بینهم أنه أول طلوع الفجر الثانی (ولکن) نسب إلی السید المرتضی أن وقتها ینتهی عند الفجر الکاذب.

(و أما ذکره قدس سره) لا دلیل علیه، بل الدلیل قام علی عدمه فان الروایات الدالة علی التعجیل باتیان صلاة اللیل عند الخوف من طلوع الصبح شاهدة علی إمتداد وقتها إلی الصبح. نعم یحتمل أن یکون مراده قدس سره إنتهاء وقت فضیلة صلاة اللیل بالفجر الأول حتی یکون بین الفجرین مختصاً بصلاة الوتر فان المستفاد من غیر واحد من الروایات[467] إستحباب الاتیان بالوتر بین الفجرین، فعلیه لا بأس بما ذکره.

(و أما القول المشهور) فبناء علی ما هو مختار الجماعة أو المشهور: من أن اللیل ینتهی بطلوع الصبح و ما بین الطلوعین إما من النهار أو لا منه و لا من اللیل ـ فوجهه واضح و لا حاجة إلی إقامة دلیل إذ بعد الطلوع ینتفی الموضوع فلا مجال لدعوی أن ما بعده وقت لصلاة اللیل.

(و أما علی المختار) من أن ما بین الطلوعین من اللیل علی ما أوضحناه تفصیلا عند التکلم فی إنتصاف اللیل، فنحتاج فی تحدید آخر وقت صلاة اللیل بطلوع الصبح إلی دلیل و یکفینا فی المقام ـ مضافاً الی التسالم و الاجماع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 280 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[465] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 10 و 13
[466] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 10 و 13
[467]. راجع الوسائل ب 54 من أبواب المواقیت.

(281 - 285)

(281 - 285)

 

القطعی علی أن وقت صلاة اللیل ینتهی بطلوع الصبح ـ الروایات (منها) صحیحة جمیل بن دراج[468] (قال: سألت أبا الحسن الأول علیه السلام عن قضاء صلاة اللیل بعد الفجر إلی طلوع الشمس، فقال: نعم و بعد العصر إلی اللیل، فهو من سر آل محمد المخزون). و هی عمدة روایات الباب (و المراد) أن إتیان صلاة اللیل قضاء بعد طلوع الفجر إلی طلوع الشمس و بعد العصر إلی اللیل من سر آل محمد المخزون حیث إن العامة لا یرون قضائها فی هذین الوقتین.

(ثم لا یخفی) أن المراد بابراهیم الواقع فی سندها هو إبراهیم بن هاشم فانه الذی یروی عن محمد بن عمرو الزیات و هو یروی عن جمیل و کلاهما ثقة، فان محمد بن عمرو الزیات قد وثقه النجاشی و إبراهیم بن هاشم قد تقدم (فی ص 73) ثبوت وثاقته فاذاً تکون الروایة صحیحة السند و واضحة الدلالة فما فی نسخة الوسائل من کتابة محمد بن عمر الزیات بلا کلمة (واو) غلط قطعاً، لأن محمد بن عمر الزیات لم یقع فی سند الروایات و إنما الواقع هو محمد بن عمرو الزیات و هو الذی یروی عن جمیل بن دراج و یروی عنه إبراهیم بن هاشم.

(و أمادلالة الروایة) فکالصریح حیث إن الراوی کان معتقداً کونها قضاء بعد طلوع الصبح و سأل عن جوازه فأجاب الامام علیه السلام بقوله: (نعم) و قرره علی ما کان قد إعتقد به و هو إنتهاء الوقت بطلوع الصبح.

(و یؤکده) عدة من الروایات (منها) صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام[469] (قال: سألته عن الرجل یقوم من آخر اللیل و هو یخشی أن یفجأه الصبح یبدء بالوتر أو یصلی الصلاة علی وجهها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 281 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حتی یکون الوتر آخر ذلک قال: بل یبدء بالوتر و قال: أنا کنت فاعلا ذلک). (و هذه الروایة) صحیحة من حیث السند و تامة من حیث الدلالة فان أمره (ع) بالوتر و ترک نافلة اللیل خوفاً من مفاجأة الصبح أقوی شاهد علی إنتهاء وقت نافلة اللیل بطلوع الصبح.

(و منها) صحیحة معاویة بن وهب[470] (قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام: یقول: أما یرضی أحدکم أن یقوم قبل الصبح و یوتر و یصلی رکعتى الفجر و یکتب له بصلاة اللیل). (و هذه الصحیحة) أیضاً یستفاد منها إنتهاء الوقت بطلوع الصبح و ذلک لأجل قوله (ع): أن یقوم قبل الصبح... الخ، فان الوقت لو لم ینته بطلوع الصبح و کان الوقت باقیاً لأمر باتیان صلاة اللیل بعد الصبح فکفایة الوتر و رکعتى الفجر قبل الصبح عن صلاة اللیل تدل علی أن الوقت ینتهی بطلوع الصبح (و منها) مادل علی[471] (التعجیل و الاکتفاء بالحمد وحده إن خاف طلوع الصبح (و منها) مادل علی أن المکلف إذا قام من النوم و شک فی طلوع الصبح فله أن یأتی بنافلة اللیل فی حال شکه و أما إن قام و طلع الصبح، فلیبدء بالفریضة و لا یصلی غیرها مثل[472] ما رواه المفضل بن عمر (و هذه الطائفة) ظاهرة الدلالة علی المطلوب فان الوقت لو لم ینته بطلوع الصبح لما أمر بالتعجیل و الاکتفاء بالحمد وحده، و لما أمر باتیان الفریضة و ترک النافلة بعد طلوع الفجر فهذه الروایات کافیة فی المقام و یستفاد منها بوضوح ان الوقت ینتهی بطلوع الصبح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 282 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و الأفضل اتیانها فی وقت السحر و هو الثلث الاخیر (1) من اللیل، و أفضله القریب من الفجر.

 

(1) قد صرح غیر واحد من الأصحاب بأن الأفضل إتیانها فی الثلث الأخیر من اللیل، و صرح بعضهم بأنه کلما قرب الفجر فاتیانها أفضل و قد صرح به الماتن أیضاً (ولکن) هذه الجملة الأخیرة لا دلیل علیها و لم یقم دلیل علی أفضلیة إتیانها قریب الفجر نعم الثلث الأخیر ورد فی الروایات و لا مناص من الالتزام بافضلیتها فیه و کذلک لفظ السحر فانه أیضاً مأخوذ فی بعض الروایات.

(و مما) اشتمل علی الثلث الأخیر من اللیل صحیحة إسماعیل بن سعد الأشعری[473] (قال: سألت أبا الحسن الرضا علیه السلام عن ساعات الوتر قال: أحبها إلی الفجر الأول و سألته عن أفضل ساعات اللیل قال: الثلث الباقی) (الحدیث). و هذه الصحیحة ـ کما تری ـ مشتملة علی أفضلیة الوتر فی الفجر الأول و لا دلالة لها علی أفضلیة نافلة اللیل فی آخره بل تدل علی أن الوقت الأفضل هو الثلث الباقی و هو الثلث الأخیر.

(نعم) ذکر السحر فی بعض الآیات و الروایات (فمن) الآیات قوله تعالی[474] : (و بالأسحار هم یستغفرون) و قوله تعالی[475] : (و المستغفرین بالأسحار).

(و من) الروایات صحیحة أبی بصیر الآتیة و ذکر فیها (و فی السحر ثمان رکعات)[476] و لا یخفی أنه لا تنافی بین لفظ السحر و الثلث الباقی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 283 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوارد فی صحیحة إسماعیل المتقدمة فان السحر و إن فسر بالسدس الأخیر کما فی کلام بعض الفقهاء و أهل اللغة إلا أن المراد من الثلث الباقی هو السدس الأخیر مع ضم ما بین الطلوعین الیه، فانهما بمقدار ثلث اللیل تقریباً إذ ما بین الطلوعین بمقدار سدس اللیل تقریباً و هو من اللیل علی المختار ـ کما تقدم ـ فالمراد من السحر هو النصف الأول من الثلث الأخیر و هو بمقدار سدس اللیل و المراد من الثلث الباقی هو ذلک السدس منضماً إلی ما بین الطلوعین.

(و لولا) أن الروایات ناطقة بانتهاء وقت نافلة اللیل بطلوع الفجر لالتزمنا بامتداد وقتها إلی طلوع الشمس إلا أن الروایات دلت علی إنتهاء وقتها بطلوع الصبح فعلیه یکون المراد من الثلث المأخوذ فی لسان بعض الروایات هو السدس الأول من الثلث الأخیر حیث إن کل ثلث یساوی سدسین.

(ثم) إن الثلث قد یکون مقدار اربع ساعات و قد یکون مقدار ثلاث ساعات تقریباً و قد یکون أفل و قد یکون أکثر و ذلک لأجل إختلاف طول اللیل و قصره باختلاف الفصول.

(فقد تبین) مما ذکرناه أنه لا تنافی بین السحر و ثلث اللیل فان المراد منهما واحد، و هو ما قبل طلوع الفجر مقدار ساعة و نصف إلی ساعتین تقریباً.

(ثم) لا یخفی أن لفظ السحر ذکر فی عدة روایات إلا أنها ضعیفة السند إلا روایة واحدة و هی صحیحة أبی بصیر المشار إلیها، و الثلث الباقی أیضاً ذکر فی بعض الروایات المعتبرة ـ کما عرفت ـ ولکن الذی ذکر فی عدة من الروایات المعتبرة هو عنوان آخر اللیل، فقد دلت علی استحباب إتیان نافلة اللیل فیه (منها) موثقة سلیمان بن خالد عن أبی عبدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 284 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه السلام[477] (قال: صلاة النافلة ثمان رکعات حین تزول الشمس (إلى أن قال) و ثمان رکعات من آخر اللیل تقرء فی صلاة اللیل بقل هو الله أحد و قل یا أیها الکافرون فی الرکعتین الاولیین) (الحدیث).

(و لا یخفی) أن عثمان بن عیسی وقع فی طریقها و هو لم یوثق صریحاً إلا أن الکشی حکی عن بعضهم أنه عده من أصحاب الاجماع مکان فضالة بن أیوب (ولکن) الذی یهون الخطب أنه وقع فی أسانید کامل الزیارات، فیکون موثقاً و إن کان واقفیاً حیث توقف فی موسی بن جعفر علیه السلام و قال: إنه لم یمت فلم یعترف بامامة الرضا علیه السلام، لأجل مال الدنیا و حطامها، و مع ذلک تکون الروایة موثقة لما هو الصحیح من کفایة الوثاقة فی الراوی و هی ثابتة بتوثیق ابن قولویه.

(و منها) موثقة ابن بکیر عن زرارة[478] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام ما جرت به السنة فی الصلاة؟ فقال: ثمان رکعات الزوال (إلی أن قال) و ثلاث عشرة رکعة من آخر اللیل منها الوتر و رکعتا الفجر)، (الحدیث). و هذه الروایة أیضاً موثقة و صریحة الدلالة علی أن وقتها آخر اللیل.

(و منها) موثقة مرازم عن أبی عبدالله علیه السلام[479] (قال: قلت له: متی أصلی صلاة اللیل؟ فقال صلها آخر اللیل) (الحدیث) و هذه الروایة صریحة الدلالة موثقة من حیث السند، فان علی بن الحکم الواقع فی سندها ثقة علی الظاهر و هارون کذلک فانه هو هارون بن خارجة بقرینة إتحاد الطبقة من حیث الراوی و المروی عنه و هو ممن لا إشکال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 285 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[468]. الوسائل ب 56 من أبواب المواقیت ر 1.
[469]. الوسائل ب 46 من أبواب المواقیت ر 2.
[470]. راجع الوسائل ب 46 من أبواب المواقیت ر 3 و غیرها.
[471]. راجع الوسائل ب 46 من أبواب المواقیت ر 3 و غیرها.
[472]. الوسائل ب 48 من أبواب المواقیت ر 4.
[473]. الوسائل ب 54 من أبواب المواقیت ر 4.
[474]. السورة 51/ الآیة 18.
[475]. السورة 3/ الآیة 15.
[476]. الوسائل ب 14 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها ر 2.
[477]. الوسائل ب 13 من ابواب أعداد الفرائض و نوافلها ر 16.
[478]. الوسائل ب 14 من ابواب أعداد الفرائض و نوافلها ر 3.
[479]. الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 6.

(286 - 290)

(286 - 290)

 

و لا کلام فی وثاقته (و منها) موثقة إبن بکیر[480] (قال: أبو عبدالله (ع): ما کان یحمد (یجهد) الرجل أن یقوم من آخر اللیل، فیصلی صلاته ضربة واحدة ثم ینام و یذهب). (و منها) صحیحة أبی بصیر عن أبی عبدالله (ع)[481] (إلی أن قال): (و أحب صلاة اللیل الیهم آخر اللیل). و هناک روایات أخری دلالتها واضحة ولکنها ضعیفة السند فهی صالحة للتأیید لا للاستدلال.

(ثم لا یخفی) أن المستفاد من هذه الروایات أفضلیة الإتیان بها آخر اللیل و المستفاد من صحیحة إسماعیل المتقدمة أفضلیة الثلث الباقی فاذاً یقع الکلام فی وجه الجمع بینهما (فنقول): یحتمل أن یکون المراد من آخر اللیل هو الثلث الباقی فعلیه لا منافاة بینهما.

(و یحتمل) أن یکون المراد من آخر اللیل أقل من ذلک کما هو الأظهر، فتکون المنافاة باقیة. (ولکنه) یمکن الجمع بینهما بأحد وجهین (الأول) أن تکون صحیحة إسماعیل ناظرة إلی من یأتی بصلاة اللیل بجمیع سننها و آدابها من المقدمات و التعقیب الواردة فی الروایات علی ما ذکرها الشیخ فی کتاب المصباح فان الآتی بها جمیعاً لابد، من أن یقوم أول الثلث الباقی لیسع الوقت لها مستجمعة للسنن و الآداب، (و الروایات) المشتملة علی آخر اللیل تکون ناظرة إلی من یقتصر علیها و لا یأتی بالآداب و السنن و التعقیب، فان مقدار نصف ساعة أو أقل یفی بها فلا حاجة إلی القیام أول الثلث الباقی.

(الوجه الثانی) أن تحمل الروایات علی مراتب الفضل فعلیه یکون المستفاد من مجموع روایات الباب أن وقت نافلة اللیل یدخل عند إنتصاف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 286 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللیل ولکن الأفضل تأخیرها إلی الثلث الباقی عملا بظاهر صحیحة إسماعیل و أفضل من ذلک تأخیرها إلی آخر اللیل عملا بالروایات المشتملة علی ذلک فاذاً لا منافاة بینها أصلا. (و قد یتخیل) أن صحیحة إسماعیل بن سعد الأشعری لایدل علی أفضلیتها فی الثلث الباقی لأن المذکور فیها أفضل ساعات اللیل، لا أفضل ساعات صلاة اللیل.

(وفیه) أن ما قبل هذه الجملة قرینة علی أن المراد من أفضل ساعات اللیل هو أفضل ساعات صلاة اللیل فان السؤال وقع أولا عن ساعات الوتر، فقال الرضا علیه السلام: أحبها إلی الفجر الأول ثم سأل الراوی عن أفضل ساعات اللیل، فبقرینة الجملة المتقدمة یکون المراد من هذه الجملة: السؤال عن أفضل ساعات صلاة اللیل.

(بقی فی المقام شىء) و هو أن المستفاد من بعض الروایات المعتبرة أن النبی الأکرم صلی الله علیه و آله کان یصلی صلاة اللیل بعد ثلث اللیل و فی بعضها أنه (ص) کان یصلی بعد نصفه، فکیف یمکن الالتزام بأن الأفضل هو آخر اللیل؟ مع کونه منافیاً لفعله (ص) فلا بأس بایراد بعض الروایات المشتملة لفعله (ص) لکى یتضح الأمر.

(منها)صحیحة معاویة بن وهب[482] (قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول و ذکر صلاة النبی (ص) قال کان یؤتی بطهور فیخمر عند رأسه و یوضع سواکه تحت فراشه ثم ینام ما شاء الله، فاذا إستیقظ جلس، ثم قلب بصره فی السماء ثم تلی الآیات من آل عمران (إلی أن قال) ثم یقوم إلی المسجد، فیرکع أربع رکعات (إلی أن قال) ثم یعود إلى فراشه، فینام ما شاء الله ثم یستیقظ فیجلس (إلى أن قال) و یقوم إلی المجسد و یصلی الأربع رکعات کما رکع قبل ذلک، ثم یعود إلی فراشه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 287 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فینام ما شاء الله (إلی أن قال) و یقوم إلی المسجد، فیوتر و یصلی الرکعتین ثم یخرج إلی الصلاة).

و هذه الصحیحة ـ کما تری ـ یستفاد منها أن شروعه (ص) فی صلاة اللیل کان قبل الثلث الأخیر من اللیل (و منها) صحیحة الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام[483] (قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله کان إذا صلی العشاء الآخرة أمر بوضوئه و سواکه، فوضع عند رأسه مخمراً فیرقد ما شاء الله ثم یقوم فیستاک و یتوضأ و یصلی أربع رکعات، ثم یرقد ثم یقوم فیستاک و یتوضأ و یصلی أربع رکعات ثم یرقد حتی إذا کان فی وجه الصبح قام فأوتر ثم صلی الرکعتین ثم قال لقد کان لکم فی رسول الله أسوة حسنة قلت: متی کان یقوم قال بعد ثلث اللیل): قال الکلینی: و قال فی حدیث آخر: بعد نصف اللیل. (فان) هذه الصحیحة واضحة الدلالة علی أنه صلی الله علیه و آله کان یصلی صلاة اللیل بعد ثلثه أو نصفه فکیف یکون الأفضل آخر اللیل؟ مع أنه مناف لفعله و کیف یکون النبی صلی الله علیه و آله تارکاً للأفضل؟.

(و ربما) یتخیل أن هذا النحو من التقدیم و التفریق یمکن أن یکون من خصائصه صلی الله علیه و آله، فعلیه لا یکون منافیاً للروایات المبینة لوظیفة المکلفین. (و فیه) أن آخر صحیحة الحلبی مانع عن هذا الحمل و هو قوله (ع): لقد کان لکم فی رسول الله أسوة حسنة، فان المستفاد من هذه الجملة إستحبابه و أفضلیته لعموم المکلفین تأسیاً به (ص).

(فالأولی) أن یقال فی مقام الجمع: إن المکلف إن أراد أن یأتی بها متفرقة فالأفضل هو التأسی بالنبی الأکرم و هو الشروع فیها بعد نصف اللیل أو ثلثه. (و إن أراد) أن یأتیها مرة واحدة، فالأفضل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 288 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو الاتیان بها آخر اللیل کما هو المستفاد من الروایات المتقدمة و فی موثقة إبن بکیر المتقدمة إشارة الیه حیث قال (ع) فیها: (ما کان یحمد (یجهد) الرجل أن یقوم من آخر اللیل، فیصلی صلاته ضربة واحدة ثم ینام و یذهب)،[484].

(فالمتحصل) أن الأفضل فی فرض التفریق هو القیام لصلاة اللیل بعد ثلثه أو نصفه و أما فی فرض الاتیان بها مرة واحدة فالأفضل هو الاتیان بها آخر اللیل قبیل الفجر. (و أما) ماذکره المشهور من انه کلما کان أقرب إلی الفجر فهو أفضل، فلا یستفاد من الروایات.

(بقی الکلام) فی صحیحة أبی بصیر و هی تشتمل علی السحر و آخر اللیل معاً[485] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن التطوع باللیل و النهار، فقال: الذی یستحب أن لایقصر عنه ثمان رکعات عند زوال الشمس و بعد الظهر رکعتان و قبل العصر رکعتان و بعد المغرب رکعتان و قبل العتمة رکعتان و من (فی) السحر ان ثم یوتر و الوتر ثلاث رکعات مفصولة ثم رکعتان قبل صلاة الفجر و أحب صلاة‌اللیل الیهم آخر اللیل).

و لایخفی) أن المراد من الحسین بن سعید الواقع فی سندها هو الأهوازی و المراد بشعیب هو شعیب عقرقوفی الثقة بقرینة أن الراوی عنه هو حماد بن عیسی فانه الذی یروی عن العقرقوفی فالروایة صحیحة من حیث السند و الجمع بینها و بین مادل علی الاتیان بها فی الثلث الباقی قد تقدم و هو أن المراد بالسحر هو السدس الأخیر من المغرب إلی طلوع الفجر ـ علی ما نص به عدة من الفقهاء و أهل اللغة و المراد بالثلث الباقی المذکور فی صحیحة إسماعیل المتقدمة هو هذا السدس المنضم إلی ما بین الطلوعین و حیث إن الروایات دلت علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 289 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 9) یجوز للمسافر و الشاب الذی یصعب علیه نافلة الیل فی وقتها تقدیمها علی النصف و کذا کل ذی عذر کالشیخ و خائف البرد أو الاحتلام و المریض (1) و ینبغی لهم نیة التعجیل لا الأداء.

 

انتهاء وقتها بطلوع الفجر حمل الثلث الباقی علی نصفه الأول و هو السدس الأخیر من المغرب إلی طلوع الصبح.

(ثم) إن هذه الصحیحة تشهد علی أن آخر اللیل أقل من السدس الباقی الذی هو المراد من السحر و ذلک لأن الصادق علیه السلام بیّن أولا أن ثمان رکعات فی السحر، ثم قال فی ذیلها: و أحب صلاة اللیل الیهم آخر اللیل، فمنه یستفاد أن آخر اللیل أقل من السحر المفسر بالسدس و أظن أن التعبیر بالسحر فی هذه الصحیحة و بالثلث الباقی فی صحیحة إسماعیل ابن سعد مبنی علی أن بین الطلوعین من اللیل إذ علیه ینطبق السحر علی النصف الأول من الثلث الباقی فیکون المراد منهما واحداً.

(1) ما ذکره (قدس سره) هو المعروف المشهور بین الأصحاب و هو الصحیح الا بالاضافة إلی الشیخ و المریض اذا لم یکونا مسافرین علی ما یأتی و أما غیرهما من العناوین المذکورة فیجوز لهم التقدیم، لأن الروایات الکثیرة البالغة حد الاستفاضة ناطقة بذلک و فیها الصحاح و الموثقات.

(ولکنه) نسب إلی إبن إدریس عدم جواز التقدیم و لم یعرف له وجه صحیح و یمکن أن یکون ذلک لبنائه علی عدم جواز العمل بخبر الواحد ولکن المبنی فاسد و لا سیما أن الأخبار الدالة علی جواز التقدیم متضافرة مستفیضة.

(و نسب هذا القول) إلی زرارة أیضاً و ذلک، لأجل روایة محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 290 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[480]. الوسائل ب 53 من أبواب المواقیت ر 5.
[481]. الوسائل ب 14 من ابواب أعداد الفرائض و نوافلها ر 2.
[482] . الوسائل ب 53 من أبواب المواقیت ر 1
[483] . الوسائل ب 53 من أبواب المواقیت ر 2
[484] . الوسائل ب 53 من أبواب المواقیت ر 5
[485] . الوسائل ب 14 من أبواب اعداد الفرائض ر 2

(291 - 295)

(291 - 295)

 

ابن مسلم المتقدمة[486] (قال: سألته عن الرجل لایستیقظ من آخر اللیل حتی یمضی لذلک العشر و الخمس عشرة، فیصلی أول اللیل أحب الیک أم یقضی؟ قال: لا، بل یقضی أحب إلیّ إنی أکره أن یتخذ ذلک خلقاً و کان زرارة یقول: کیف تقضی صلاة لم یدخل وقتها؟ إنما وقتها بعد نصف اللیل).

(قیل): إن زرارة سمع هذا القول من الامام (ع) لأنه من البعید أن یقول: هذا الکلام برأیه. (و فیه) (أولا) أنه لم یثبت هذا القول من زرارة لأن الروایة ضعیفة السند لأجل محمد بن سنان. (و ثانیاً) لو سلمنا السند، فنقول: إن المفروض فی الروایة هو الرجل العادی المتعارف حیث إن السؤال وقع عنه، و کلامنا فی المعذور، فالمنع عن تقدیم الأول لایدل علی المنع علی الاطلاق حتی لایجوز ذلک للمعذور أیضاً، فالروایة أجنبیة عن المقام، فانا أیضاً نلتزم بعدم الجواز لغیر ذوی الأعذار.

(و نسب) إلی إبن أبی عقیل و الصدوق القول بعدم جواز التقدیم لغیر المسافر و استدل الصدوق علی ذلک بأن الروایات الدالة علی التقدیم مجملة أو مطلقة و مادل علی جواز التقدیم للمسافر مبین و مفصل، فیحمل المطلق و المجمل علی المفصّل و المبین. (و فیه) أنه لاوجه لما ذکره أصلا فان الأعذار المذکورة فی الروایات عناوین مستقلة لا معنی لحمل أحدها علی الآخر کما سیتضح ذلک (إن شاء الله)، فیقع الکلام فی کل من العناوین المذکورة فی الروایات.

فنقول: (منها) عنوان السفر فقد دلت الروایات الکثیرة المعتبرة علی جواز تقدیم نافلة اللیل فی السفر فی أول اللیل و خمس روایات منها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 291 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معتبرة و البقیة ضعاف، فتکون مؤیدة لها (فمن الروایات المعتبرة) صحیحة الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام[487] (قال: إن خشیت أن لاتقوم فی آخر اللیل أو کانت بک علة أو أصابک برد فصل و أوتر فی أول اللیل فی السفر). و رواها الشیخ أیضاً بسند صحیح فکلا الطریقین صحیح و الدلالة واضحة. (و منها) موثقة سماعة بن مهران[488] (أنه سأل أبا الحسن الأول علیه السلام عن وقت صلاة اللیل فی السفر؟ فقال: من حین تصلی العتمة إلی أن ینفجر الصبح). و هذه الموثقة ـ کما تریـ واضحة الدلالة علی أن الوقت للمسافر من أول اللیل.

(و منها) صحیحة عبدالرحمن بن أبی نجران[489] (فی حدیث) قال: (سألت أبا الحسن علیه السلام عن الصلاة باللیل فی السفر فی أول اللیل فقال: إذا خفت الفوت فی آخره)، و هذه الصحیحة أیضاً واضحة الدلالة.

(و منها) صحیحة محمد بن حمران عن أبی عبدالله (ع)[490] (قال: سألته عن صلاة اللیل اصلیها أول اللیل قال: نعم إنی لأفعل ذلک فاذا أعجلنی الجمّال صلیتها فی المحل). و هذه الروایة صحیحة سنداً و تامة دلالة، فان صدرها و إن کان مطلقا إلا أن الذیل (و هو قوله إذا أعجلنی الجّمال) قرینة علی أن المراد هو إتیانها فی أول اللیل فی السفر.

(و أما) الروایات الضعاف الواردة فی المقام، فصالحة للتأیید لا الاستدلال. (منها) ما رواه محمد بن مکی الشهید فی (الذکری) نقلا عن کتاب محمد بن أبی قرة باسناده عن إبراهیم بن سیابة[491] قال: کتب بعض أهل بیتی إلی أبی محمد علیه السلام فی صلاة المسافر أول اللیل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 292 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صلاة اللیل؟ فکتب: فضل صلاة المسافر من أول اللیل کفضل صلاة المقیم فی الحضر من آخر اللیل). (و فیه أولا) أنها مرسلة لعدم العلم بالواسطة بین محمد بن أبی قرة و ابراهیم و کذا لاعلم لنا بطریق الشهید إلی هذا الکتاب (و ثانیاً) أن محمد بن أبی قرة لم یوثق (و ثالثاً) أن إبن سیابة ضعیف. (فالمتحصل) أنه لاریب فی جواز تقدیم المسافر صلاة اللیل فی أوله فی الجملة، ولکن المهم هو التکلم فی أمرین.

(الاوّل) فی أن جواز تقدیم صلاة اللیل للمسافر فی اوّل اللیل هل هو مطلق أو مقید بفرض خوف الفوت فی آخره. (الثانی) فی أن تقدیمها على الانتصاف هل هو أداء بالاضافة إلى المسافر أو لیس بأداء بل تعجیل و تقدیم، فتکون الصلاة مشروعة قبل وقتها.

(أما الأمر الأول) فالصحیح فیه هو أنه مقید بالخوف أو الصعوبة فی آخر اللیل، فاذا خاف فوتها فی آخر اللیل أو صعب علیه القیام فیه یجوز له التقدیم و الاتیان فی أول اللیل، فان بعض روایات الباب و إن کان مطلقاً و مقتضاه جواز التقدیم مطلقاً إلا أن صحیحتى الحلبی و ابن نجران تقید انه، ففی صحیحة الحلبی[492] عن أبی عبدالله علیه السلام (ان خشیت أن تقوم فی آخر اللیل أو کانت بک علة أو أصابک برد فصل و أوتر فی أول الیل فی السفر) فهذه الصحیحة بمفهومها تدل علی أنه إن لم تخش فی السفر فوتها فی آخر اللیل لم یشرع فی حقک التقدیم. (و فی صحیحة) عبدالرحمن[493] أیضاً قید جواز الاتیان فی أول اللیل للمسافر فی فرض خوف الفوت فی آخره لامطلقاً (قال: سألت أبا الحسن (ع) عن الصلاة باللیل فی السفر فی أول اللیل، فقال: إذا خفت الفوت فی آخره). و لا إشکال فی أن مقتضی قاعدة حمل المطلق علی المقید تقیید

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 293 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلقات بهاتین الصحیحتین.

(لایقال) إن قاعدة حمل المطلق علی المقید مختصة بالواجبات و أما المستحبات فالمقید فیها یحمل علی أفضل الأفراد کما اذا أمر المولی بقرائة القرآن مطلقاً و أمر بقرائته متطهراً، فان الأمر بالقرائة متطهراً یحمل علی الأفضلیة، لا علی أن الأمر منحصر فیه و لا أمر بالقرائة المطلقة (لأنا) نقول: الأمر کما ذکرتم اذا کان المطلق و المقید مثبتین و أما اذا کان أحدهما مثبتاً و الآخر ناهیاً ـ کما فی المقام ـ ، فلا مناص من حمل المطلق علی المقید فان مفهوم صحیحة الحلبی هکذا (ان لم تخش أن لاتقوم فی آخر اللیل فلا تصل و لا توتر فی أول اللیل فی السفر).

و مفهوم صحیحة عبدالرحمن هکذا (إن لم تخف الفوت فی آخره فلا تصل صلاة اللیل فی السفر فی أوله). و لا فرق فی حمل المطلق علی المقید بین (أن یکون) التقیید مستفاداً من الدلالة المطابقیة ـ کما فی قولنا إعتق رقبة و لا تعتق رقبة کافرة ـ (و ان یکون) مستفاداً من الدلالة الالتزامیة ـ کما فی المقام ـ فان دلالة الشرطیة علی المفهوم بالالتزام. (فالنتیجة) هو اختصاص جواز التقدیم فی السفر فی فرض خوف الفوت بعد انتصاف اللیل أو صعوبة القیام لأجل علة أو برد.

(و أما الأمر الثانی) فالصحیح فیه أن یقال: ان التقدیم أداء و إن أفتی الماتن بأنه ینبغی لهم نیة التعجیل لا الاداء و ذلک لظهور موثقة سماعة المتقدمة فی ذلک، فانه سأل الامام علیه السلام عن وقت صلاة اللیل فی السفر لاعن کیفیة الاتیان بها فی السفر قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن وقت صلاة اللیل فی السفر؟ فقال: من حین تصلی العتمة إلی أن ینفجر الصبح). (فانه) کالصریح فی توسعة الوقت فاذاً لاوجه لما ذکره الماتن من أنه ینبغی لهم نیة التعجیل لا الأداء هذا تمام کلامنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 294 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی المسافر.

(و من العناوین المذکورة) فی الروایات الدالة علی جواز التقدیم المصلی فی اللیالی القصار کالصیف و هو مذکور فی صحیحة لیث المرادی[494] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الصلاة فی الصیف فی اللیالی القصار صلاة اللیل فی أول اللیل، فقال: نعم، نعم ما رأیت و نعم ما صنعت یعنی فی السفر). و قد وقع الکلام فی أن جملة یعنی (فی السفر) من الروایة أو من الصدوق؟ الظاهر أنه من الصدوق (قدس سره) فانه حیث یری إختصاص جواز التقدیم بالمسافر قید الروایة بما استفاده من الروایات حسب إجتهاده و نظیر هذا التفسیر وقع منه قدس سره فی غیر واحد من الموارد، فعلیه یؤخذ باطلاق الروایة و لا یعتنى باجتهاد الصدوق (قدس سره).

و لو تنزلنا عن ذلک و فرضنا أنها مرددة بین کلام الصدوق و لیث المرادی تصبح الروایة مجملة لا حتفافها بما یصلح للقرینیة فتسقط عن صلاحیة الاستدلال. (و أما) احتمال کونها من کلام الإمام علیه السلام فضعیف جداً ـ کما هو واضح لمن له معرفة بخصوصیات الروایات الصادرة عنهم علیهم السلام ـ فلا مجال للاستدلال بها. (و أما سند الروایة) فصحیح لأجل صحة طریق الصدوق إلی ابن مسکان و وثاقة لیث المرادی.

(ثم لا یخفی) أنه لا یضر بالاستدلال إجمال روایة الصدوق لأن الشیخ رواها بلا جملة (یعنی فی السفر) باسناده عن عبدالله بن مسکان و طریقه الیه صحیح و هو ثقة، فالروایة تامة سنداً و دلالة. (ولکن) الأردبیلی (قدس سره) قال فی جامع الرواة: إن سند الشیخ الی عبدالله ابن مسکان مجهول فی المشیخة و الیه صحیح فی الفهرست. (و فیه) أنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 295 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[486] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 7
[487] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 5 و 7 و 11 و 19
[488] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 5 و 7 و 11 و 19
[489] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 5 و 7 و 11 و 19
[490] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 5 و 7 و 11 و 19
[491] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 5 و 7 و 11 و 19
[492] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 7
[493] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 2 و 7
[494] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 1

(296 - 300)

(296 - 300)

 

سهو منه (قدس سره)، فان الشیخ لم یذکر طریقه إلی ابن مسکان فی المشیخة أصلا.

(ثم لا یخفی) أن الشیخ روی فی موضع آخر من التهذیب هذه الروایة باسناده عن صفوان عن ابن مسکان و الظاهر أنه صفوان بن یحیی بقرینه روایته عن ابن مسکان فانه کثیراً ما یروی عنه و طریق الشیخ إلی صفوان بن یحیی صحیح علی ما فی الفهرست. و لو فرض أنه صفوان بن مهران الجمال فهو أیضاً ثقة و طریق الشیخ الیه صحیح علی الأظهر فانه و ان وقع فیه ابن أبی جید و قد نوقش فی وثاقته إلا أنه من شیوخ النجاشی بلا واسطة و هو قد وثق فی رجاله مشایخه الذین یروی عنهم بلا واسطة، فاذاً تکون الروایة معتبرة علی کل حال و واضحة الدلالة علی المطلوب ـ علی طریق الشیخ ـ.

(و ینبغی التنبیه) علی أمر و هو أنه یظهر من کلام صاحب الوسائل (قدس سره) أن الصدوق روی هذه الروایة مرتین مرة مع قید (یعنی فی السفر) و أخری بدونه و ذلک لأنه روی فی أول (باب 44) هذه الروایة عن الصدوق مع قید یعنی فی السفر فهی أول روایة هذا الباب و رواها عن الشیخ هنا إلی قوله: صنعت: و فی قرب آخر هذا الباب (ر 16) قال: و باسناده عن صفوان عن ابن مسکان عن لیث[495] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الصلاة فی الصیف فی اللیالی القصار صلاة اللیل فی أول اللیل، فقال: نعم ما رأیت و نعم ما صنعت) (ثم قال صاحب الوسائل): (و رواه الصدوق باسناده عن عبدالله بن مسکان مثله). و لا ینبغی الشک فی أن ظاهر هذا الکلام أن الصدوق روى هذه الروایة مثل الشیخ بلا جملة (یعنی فی السفر).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 296 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ولکن) الظاهر أن هذا سهو منه (قدس سره) فان الصدوق لم یروها فی الفقیه إلا مرة واحدة مع جملة (یعنی فی السفر) (ولکنه) یکفینا فی المقام روایة الشیخ لها بلا جملة (یعنی فی السفر) (علی) أنا قد استظهرنا أن هذه الجملة فی روایة الصدوق من کلامه لا من الروایة (فالمتحصل) أن المصلی فی اللیالی القصار فی الصیف له أن یصلی صلاة اللیل فی أوله سواء کان فی السفر أو الحضر.

(بقی) هنا أمران لابد من التنبیه علیهما (الأول) أن المصلی فی اللیالی القصار هل یجوز له التقدیم مطلقاً. أو فیما إذا صعب علیه القیام بعد الانتصاف لغلبة النوم أو الضعف أو نحو ذلک من الأعذار؟ الظاهر هو الثانی، فان المستفاد من أمثال هذه الروایة بمناسبة الحکم و الموضوع هو ذلک، فان الانسان فی اللیالی القصار یصعب علیه القیام بعد الانتصاف غالباً لغلبة النوم، فالمفهوم عرفاً و المتبادر من الروایة هو هذا الفرض الغالب فعلیه لا یجوز التقدیم لمن یقدر علی القیام بعد الانتصاف بلا صعوبة کما اذا کان شایباً قل نومه أو نام فی النهار مثلا.

(الامر الثانی) أن المستفاد من ذیل الصحیحه حیث قال: نعم ما رأیت و نعم ما صنعت. أن جواز التقدیم لمکان سعة الوقت بالاضافة إلی من یصعب علیه القیام بعد الانتصاف فی اللیالی القصار، فان المستفاد منه أن التقدیم أفضل من القضاء و هذا کاشف عن أن الصلاة أداء وقعت فی وقتها.

(و ممن رخص لهم التقدیم قبل الانتصاف) خائف الجنابة مع عدم تمکنه من الاغتسال بعد الانتصاف.

(و قد) دل علیه صحیحتان (احدیهما) ما رواه الصدوق باسناده عن عبدالله بن مسکان عن لیث المرادی[496] (إلی أن قال): (و سئلته عن الرجل یخاف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 297 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجنابة فی السفر أو فی البرد فیجعل صلاة اللیل و الوتر فی أول اللیل؟ فقال نعم). و قد تقدم الکلام فی سندها و قلنا: إن طریق الصدوق الی عبدالله ابن مسکان صحیح و هو و لیث المرادی ثقتان و الدلالة واضحة.

(الثانیة) صحیحة یعقوب بن سالم و هی ما رواه الشیخ باسناده عن الحسین بن سعید عن علی بن رباط عن یعقوب بن سالم عن أبی عبدالله علیه السلام[497] (قال: سألته عن الرجل یخاف الجنابة فی السفر أو البرد أیعجل صلاة اللیل و الوتر فی أول اللیل قال نعم). و هذه الصحیحة واضحة الدلالة کالصحیحة السابقة ولکنه قد یتخیل ان علی بن رباط الواقع فی سندها مردد بین الثقة و هو علی بن الحسن بن رباط الذی هو من أصحاب الرضا علیه السلام و الضعیف و هو علی بن رباط الذی کان من اصحاب الباقر علیه السلام و هو عم علی بن الحسن علی الظاهر و لم یوثق فتسقط الروایة عن الحجیة.

(ولکنه یندفع) بأن علی بن الحسن بن رباط هو المعروف المشهور و المطلق ینصرف إلی أشهر أفراده (هذا) علی أن کلام الشیخ فی الفهرست یدل علی ذلک قال: (علی بن الحسن بن رباط له کتاب أخبرنا به جماعة عن أبی جعفر بن بابویه عن أبیه و محمد بن الحسن عن سعد بن عبدالله و الحمیری عن أحمد بن محمد بن عیسى عن الحسن بن محبوب عنه) فمنه یظهر أن ما وقع فی السند هو علی بن رباط الثقة فان الشیخ یروی باسناده عنه لا عن عمه الذی لم یوثق و هو من أصحاب الباقر علیه السلام، فاذاً تکون الروایة صحیحة، (و هل یکون) التقیم هنا أداء أولا بل تعجیل و مجرد ترخیص لاتیان نافلة اللیل قبل وقتها لعذر؟ الظاهر هو الاول فان الخائف من الجنابة لا تفوته الا الطهارة المائیة بعد الانتصاف و أما الطهارة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 298 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الترابیة، فهی لا تفوته، فلو لم یکن التقدیم أداء و توسعة فی الوقت لقدمت الصلاة فی الوقت مع الطهارة الترابیة علی الصلاة فی خارجه مع الطهارة المائیة، فان مصلحة الوقت أقوی و أهم من مصلحة الطهارة المائیة، حیث إن الوقت من الارکان و به قوام الصلاة، فعلیه یکون وقت صلاة اللیل موسعاً بالنسبة لخائف الجنابة.

(ثم إن من تلک العناوین) عنوان الشیخ الذی صعب علیه القیام بعد الانتصاف نوعاً کما علیه معظم الاصحاب. (و یمکن) أن یستدل علی جواز التقدیم له قبل الانتصاف بما رواه محمد بن یعقوب عن محمد بن إسماعیل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن یحیى عن منصور بن حازم عن أبان ابن تغلب[498] (قال: قال: خرجت مع أبی عبدالله علیه السلام فیما بین مکة و المدینة، فکان یقول: أما أنتم فشباب تؤخرون و أما أنا فشیخ أعجل، فکان یصلی صلاة اللیل أول اللیل).

(و لا یخفی) أن محمد بن إسماعیل مردد بین البرمکی و النیسابوری الذی هو تلمیذ فضل بن شاذان و إبن بزیع علی بعد لبعد العهد بینه و بین الکلینی فاحتمال أن یکون ما فی هذا السند هو محمد بن إسماعیل بن بزیع الذی هو ثقة ضعیف جداً. و أما النیسابوری فهو لم یرد فیه تضعیف و لا توثبق و أما البرمکی فقد وثقه النجاشی و أما تضعیف ابن الغضائری له، فغیر ثابت لعدم ثبوت کتابه عندنا (ولکن) الذی یسهل الخطب أن هذا السند بما أنه بعینه وقع فی اسانید کامل الزیارات یکون معتبراً سواء کان الواقع فی السند هو البرمکی أو النیسابوری أو ابن بزیع لأن توثیق إبن قولویة یشمله ـ (و لا مجال) للقول: بأن تضعیف ابن الغضائری کما یعارض توثیق النجاشی کذلک یعارض توثیق إبن قولویه فتسقط الروایة عن الاعتبار. لما عرفت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 299 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من عدم ثبوت کتابه عندنا فلا عبرة بما نسب الیه من التضعیف و قد أسلفنا تحقیق الکلام فی هذا السند (فی ص 140) فراجع هذا ما یرجع إلی السند.

(و أما) دلالتها فقابلة للمناقشة، لأنها وردت فی السفر کما یستفاد من قول أبان خرجت مع أبی عبدالله (ع) فیما بین مکة و المدینة، فیستفاد منها أن الشیخ إذا کان مسافراً یجوز له التقدیم فلا یستفاد منها جواز التقدیم للشیخ مطلقا (و بعبارة أخری) القدر المتیقن من هذه الروایة هو استثناء الشیخ حال السفر، فاستنثنائه فی غیر هذا الحال یحتاج إلی دلیل و هو مفقود.

(و من جملة ما استثنی من العناوین) عنوان المریض علی ما ذکره الأصحاب کما یدل علیه ما رواه الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام (فی حدیث)[499] (قال إنما جاز للمسافر و المریض أن یصلیا صلاة اللیل فی أول اللیل لاشتغاله و ضعفه و لیحرز صلاته فیستریح المریض فی وقت راحته و لیشتغل المسافر باشتغاله و إرتحاله و سفره).

ولکنا قد ذکرنا غیر مرة أن طریق الصدوق إلی الفضل بن شاذان ضعیف، فعلیه لا یمکن الاستدلال بها لاستثناء المریض، و أما المسافر، فقد تقدم أنه یجوز له التقدیم للروایات الدالة علیه.

(و من جملة العناوین المستثناة) عنوان الجاریة حیث إنها لاشتغالها فی النهار یصعب علیها القیام بعد الانتصاف لغلبة النوم علیها. و یدل علی جواز القدیم لها صحیحة حماد بن عیسی (فی حدیث)[500] (عن أبی عبدالله علیه السلام) قلت: فان من نسائنا أبکاراً الجاریة تحب الخیر و أهله و تحرص علی الصلاة، فیغلبها النوم حتی ربما قضت و ربما ضعفت عن قضائه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 300 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[495]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 16.
[496]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 1.
[497]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 10.
[498]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 18.
[499]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 3.
[500]. الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 2.

الصفحات (301 - 350)

الصفحات (301 - 350)

(301 - 305)

(301 - 305)

و هی تقوی علیه أول اللیل فرخص لهن فی الصلاة أول اللیل اذا ضعفن و ضیعن القضاء). و هذه الروایة صحیحة سنداً و صریحة فی جواز التقدیم لهن أول اللیل ـ (ولکن) یستفاد منها أن التقدیم لهن لیس من باب التوسعة فی الوقت حتی تکون أداء بل مجرد ترخیص فی التقدیم، لأن الترخیص لهن أول اللیل فی الصلاة قد علق بما إذا ضعفن و ضیعن القضاء، فمن مفهوم الشرطیة یستفاد عدم الترخیص إذا قدرن علی القضاء و لم یضیعن، فمنه یعلم أن القضاء أفضل من التقدیم و لامعنی لأفضلیة القضاء علی الاداء (بعبارة اخری) یستفاد من الصحیحة أن القضاء راجح و التقدیم مرجوح و هو لایمکن فی فرض کون التقدیم أداء، فان القضاء مرجوح بالنسبة الی الأداء لاراجح.

(فقد تحصل مما بیناه الی حد الآن أمران (الاول) أن المستفاد من الروایات هو جواز التقدیم للطوائف الأربع(1) المسافر الخائف من الجنابة أو البرد أو کان له عذر آخر(2) الخائف من الجنابة و إن لم یکن مسافراً (3) الجاریة التی تخاف من القوت للضعف أو لغلبة النوم (4) المصلی فی اللیالی القصار إذا خاف الفوت أو صعب علیه القیام (و أما) الشیخ و المریض، فلم یدل دلیل علی جواز التقدیم لهما فی غیر حال السفر.

(الثانی) أن جواز التقدیم بالاضافة إلی المسافر و الخائف من الجنابة و المصلی فی اللیالی القصار من باب التوسعة فی الوقت و بالإضافة إلی الجاریة من باب الترخیص فی التقدیم فاتیانها بها فی خارج الوقت أفضل و لیس الأمر کما ذکره المشهور من الحکم بأفضلیة القضاء علی الإطلاق. (بقی الکلام) فی جواز التقدیم عند خوف الفوت لمطلق عذر کما إذا صعب علیه القیام بعذر آخر غیر الأعذار المتقدمة من السفر و صعوبة القیام علی الجاریة و خوف الجنابة و قصر اللیالی، فالکلام یقع فی مقامین (أحدهما)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 301 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی أصل جواز التقدیم (و ثانیهما) فی أنه إذا بنینا علی جواز التقدیم، فهل هو من باب التوسعة فی الوقت أو من باب التعجیل و جواز التقدیم علی الوقت؟

(أما الکلام) فی المقام الأول فهو أن مقتضى صحیحة أبی بصیر جواز التقدیم لمطلق عذر. عن أبی عبدالله علیه السلام[501] (قال: إذا خشیت أن لاتقوم آخر اللیل أو کانت بک علة أو أصابک برد فصل صلاتک و أوتر من أول اللیل).

فان المستفاد من هذه الصحیحة ـ کما تری ـ جواز التقدیم لمطلق العذر و إن لم یکن من الأعذار المتقدمة، فیجوز التقدیم عند الخوف من القیام فی آخر اللیل و عند وجود العلة و المرض و عند إصابة البرد، و الظاهر أنها ذکرت من باب المثال لا لخصوصیة فیها.

(ولکن) الصحیح عدم جواز الإستدلال بهذه الصحیحة و ذلک لأن الصدوق رواها بعین الفاظها عن الحلبی (إلا أنه ذکر مکان کلمة إذا کلمة إن) مقیدة بقید فی السفر و هی مارواه باسناده عن ـ الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام[502] قال: (إن خشیت أن لاتقوم فی آخر اللیل أو کانت بک علة أو أصابک برد فصل و أوتر فی أول اللیل فی السفر) و من البعید جداً أن الإمام علیه السلام ألقی هذه الألفاظ المخصوصة تارة لأبی بصیر بلا قید فی السفر ـ و أخری ـ للحلبی مع هذا القید، بل الاطمینان حاصل بانهما روایة واحدة، فعلیه نشک فی أن ماصدر عن الامام علیه السلام هل هو المطلق أو المقید و لازم ذلک عدم حجیة إطلاقها

(و لو تنزلنا) عن ذلک و قلنا إن کلا منهما صدر عن الإمام علیه السلام فمرة القاها و أخری مقیدة فلا مجال للأخذ بالإطلاق أیضاً بل لابد من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 302 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التقیید بما رواه الحلبی و ذلک لأنا و إن بنینا فی الأصول أن الوصف لیس له مفهوم الا أنا ذکرنا أنه لابد من أن یکون له خصوصیة و الا لکان ذکره فی الکلام لغواً فالوصف و ان لم یکن له مفهوم کمفهوم الشرط حتی ینتفی الحکم بانتفائه علی الاطلاق لاحتمال أن یکون هناک سبب آخر لثبوت ذلک الحکم إلا أن التقیید به یقتضی أن الحکم لیس ثابتاً للطبیعی المطلق حذراً من اللغویة، فاذاً یکون المستفاد من صحیحة الحلبی أن للسفر دخلا فی جواز التقدیم و لازم ذلک لزوم الأخذ بالقدر المتیقن و عدم صحة الالتزام باطلاق مارواه الشیخ عن أبی بصیر و نتیجة ذلک عدم جواز التقدیم فی الفروض المذکورة فی غیر السفر و هو المستفاد من صحیحة الحلبی.

(ان قلت) إن حمل المطلق علی المقید یختص بالأحکام الالزامیة و أما فی المستحبات فیحمل المقید علی أفضل الأفراد کما إذا ورد الأمر بزیارة الحسین علیه السلام مطلقة و ورد الأمر بزیارته علیه السلام لیلة الجمعة فان أبناء المحاورة یفهمون منها أن زیارته علیه السلام لیلة الجمعة أفضل الأفراد و إن کان الاستحباب ثابتا للطبیعی المطلق المنطبق علی جمیع الأفراد (قلت) ماذکرتم صح فیما إذا کان القید راجعاً إلی متعلق التکلیف کالأمر بالزیارة مطلقة و مقیدة کما مثلتم و کالامر بقراءة القرآن مطلقة و الأمر بها مقیدة بالطهارة و غیرهما من موارد کون دلیلى المطلق و المقید مثبتین، فان العرف لایفهمون منهما التنافی حتی یحمل المطلق علی المقید لرفعه بل یحملون المقید علی الأفضلیة.

و أما إذا کان القید راجعاً إلی مفاد الهیئة و نفس الحکم، فیستفاد من التقیید أن للقید دخلا فی أصل ثبوت الحکم فیکون ثبوت الحکم مختصاً بفرض وجود القید و الا لزم لغویته و المقام من هذا القبیل فان الحکم بجواز تقدیم النافلة علی انتصاف اللیل مقید بالسفر علی ما هو مقتضی صحیحة الحلبی فکیف یکون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 303 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الحکم ثابتاً فی غیر السفر هذا فی المستحبات. و أما فی الواجبات، فیحمل المطلق علی المقید، فان الالزام بخصوص المقید ینافی الالزام بالمطلق حیث ان مقتضاه جواز ترک المقید و إختیار غیره فلاجل هذا التنافی یفهم أهل المحاورة أن المراد من المطلق هو المقید و تمام الکلام فی الأصول.

(و أما الکلام فی المقام الثانی) فهو أنه لو بنینا علی جواز التقدیم لمطلق عذر و بنینا علی عدم حمل المطلق علی المقید فی المستحبات مطلقاً و إن کان التقیید راجعاً إلی الحکم نفسه، فمقتضی صحیحة أبی بصیر هو مجرد جواز تقدیم النافلة علی الانتصاف و لا دلالة لها بل لا إشعار علی أنه من باب الترخیص فی التقدیم أو من باب التوسعة فی الوقت، فلا یستفاد منها شیء من الأمرین، فلابد من مراجعة‌بقیة الروایات الواردة فی المقام و المستفاد منها هو أن التقدیم لمجرد الترخیص لا لأجل التوسعة فی الوقت و ذلک لأنها تدل علی أن القضاء أفضل من التقدیم و لازم ذلک أن التقدیم لیس باداء لأجل التوسعة فی الوقت و إلا فلا معنی لکون القضاء أفضل من الأداء (و بعبارة أخری) مادل علی أن القضاء أفضل من التقدیم یدل بالالتزام علی أن التقدیم لیس بأداء و الا لزم أفضلیة القضاء من الاداء و هو ینافی لتشریع الوقت و لا بأس بایراد بعض تلک الروایات فی المقام.

(منها) صحیحة معاویة بن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام[503](أنه قال: ـ قلت له: إن رجلا من موالیک من صلحائهم شکی إلی ما یلقی من النوم و قال: إنی أرید القیام باللیل للصلاة فیغلبنی النوم حتی أصبح فربما، قضیت صلاتی الشهر المتتابع و الشهرین أصبر علی ثقله فقال: قرة عین و الله قرة عین و الله و لم یرخص فی النوافل (الصلاة) أول اللیل و قال: القضاء بالنهار أفضل).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 304 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و رواه الشیخ باسناده عن حماد بن عیسی مثله، و زاد (قلت: فان من نسائنا انکاراً الجاریة تحب الخیر و أهله و تحرص علی الصلاة فیغلبها النوم حتی ربما قضت و ربما ضعفت عن قضائه و هی تقوی علیه أول اللیل فرخص لهن فی الصلاة أول اللیل إذا ضعفن و ضیعن القضاء).

(و منها) صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما[504] (قال: قلت: الرجل من أمره القیام باللیل یمضی علیه اللیلة و اللیلتین و الثلاث لایقوم، فیقضی أحب الیک أم یعجل الوتر أول اللیل؟ قال: لا، بل یقضی و إن کان ثلاثین لیلة).

(و یقرب) هذه الصحیحة روایة أخری لمحمد بن مسلم[505] ولکن محمد بن سنان فی سندها فلا تصلح هذه الروایة الا للتأیید، و نحوها[506] مارواه علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام فان فی سندها عبدالله ابن الحسن و هو لم یثبت وثاقته. فالعمدة فی المقام هی الصحیحتان الأولتان و دلالتهما علی أفضلیة القضاء، من التقدیم صریحة.

(ثم) إنه یمکن الاستدلال بهذه الروایات علی المقام الأول أیضاً و هو جواز تقدیم نافلة اللیل علی الانتصاف لمطلق العذر و ذلک، لأن أفضلیة القضاء لمطلق العذر کما هو مفادها یستلزم جواز التقدیم إذ لامعنی لأفضلیة القضاء مع عدم جواز التقدیم فان فی فرض عدم جواز التقدیم یکون القضاء متعیناً لا أفضل.

(إن) قبل: یمکن أن تکون هذه الروایات ناظرة إلی الموارد الخاصة التی دلت علی جواز التقدیم فیها روایات خاصة کالمسافر و الخائف من الجنابة و الجاریة، و المصلی فی اللیالی القصار، فلا یمکن الاستدلال بها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 305 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[501] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 12 و 2.
[502] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 12 و 2.
[503] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 1 .
[504] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 5 و 7 و 8.
[505] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 5 و 7 و 8.
[506] . الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 5 و 7 و 8.

(306 - 310)

(306 - 310)

 

علی جواز التقدیم لمطلق العذر.

(قلنا) قد تقدم أن التقدیم فی تلک الموارد سوی الجاریة من باب التوسعة فی الوقت ـ علی ما هو المستفاد من الروایات و هذه الروایات لایمکن أن تکون ناظرة الیها لأنها تدل علی أفضلیة القضاء و لامعنی لأفضلیة القضاء من الاداء علی ما عرفت، فهذه الروایات لاتشمل تلک الموارد فضلا عن أن تکون ناظرة إلی خصوصها.

(نعم) لم کانت هذه الروایات واردة فی خصوص الموارد المذکورة الثابت جواز التقدیم فیها بالنصوص الخاصة ـ لإقتصرنا فی الحکم بجواز التقدیم فیها مع الالتزام بافضلیة القضاء من التقدیم إلا أن الأمر لیس کذلک بل هی واردة فی فرض الفوت لمطلق العذر کما هو الظاهر منها، فانقدح مما حققناه أن المعتمد فی کلا المقامین هو مادل علی أفضلیة القضاء من التقدیم، فان المستفاد منها أمران (الأول) أفضلیة القضاء من التقدیم (الثانی) جواز التقدیم لمطلق العذر و کونه من باب مجرد الترخیص فی التقدیم لامن باب التوسعة فی الوقت.

(بقی) هنا شىء و هو أنه علی تقدیر الالتزام بجواز التقدیم مطلقاً أو فی خصوص الموارد التی دلت علی جواز التقدیم فیها نصوص خاصة، فهل یجوز الاتیان بها فی أول اللیل؟ بمعنی أن وقتها یدخل بتحقق الغروب أم لیس الامر کذلک بل لابد من التأخیر إلی ما بعد العتمة و جهان (ألأوجه) هو الأول و ذلک لعدة من الروایات (منها) صحیحة الحلبی المتقدمة[507] و مثلها صحیحة لیث المتقدمة (و منها) صحیحة عبدالرحمن بن أبی نجران فی حدیث[508] (قال سألت أبا الحسن علیه السلام عن الصلاة باللیل فی السفر فی أول اللیل؟ فقال: إذا خفت الفوت فی آخره): (و منها)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 306 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحیحة محمد بن حمران عن أبی عبدالله علیه السلام[509] (قال: سألته عن صلاة اللیل أصلیها أول اللیل؟ قال: نعم إنی لأفعل ذلک فاذا أعجلنی الجمال صلیتها فی المحمل).

و مقتضی هذه الصحاح ـ کما تری ـ جواز الاتیان بها فی أول اللیل هذا مع قطع النظر عن کونها مزاحمة للفریضة و أما مع ملاحظتها (فان قلنا) بعدم جواز التطوع فی وقت الفریضة نلتزم بعدم جواز الاتیان بها قبل المغرب و العشاء لمکان المزاحمة و إن کان الوقت بنفسه صالحاً لها. (و إن قلنا) بجوازه مع المرجوحیة نلتزم بجواز الاتیان بها فی أول اللیل قبل الاتیان بالفریضة و إن کان مرجوحاً هذا ما هو المستفاد من الروایات (ولکن) المحقق الهمدانی ذهب إلی الثانی فالتزم بأن وقتها یدخل بعد الاتیان بالعتمة لا أول اللیل و إستدل لذلک بما رواه الصدوق باسناده عن سماعة بن مهران[510] (أنه سئل أبا الحسن الأول علیه السلام عن وقت صلاة اللیل فی السفر فقال: من حین تصلی العتمة إلی أن ینفجر الصبح). بدعوی أن هذه الروایة موثقة سنداً و واضحة الدلالة علی أن الوقت یدخل بعد العتمة لا قبلها.

(و فیه) أن الاتیان بالعتمة یختلف باختلاف الأشخاص، بل باختلاف الأحوال بالنسبة إلی شخص واحد، فان بعض الناس یأتی بالعتمة فی أول الوقت و بعضهم یأتی بها فی وسطه و بعضهم یأتی فی آخره بل شخص واحد قد یأتی بها فی أول الوقت و قد یأتی فی وسطه و قد یأتی فی آخره، فلا وقت منضبط لاتیانها، فکیف یمکن الالتزام بأن وقتها المجعول شرعاً هو بعد الاتیان بالعتمة هذا مع أنه ربما یتفق أن المکلف لا یأتی بالعتمة سهواً أو نسیاناً أو عصیاناً، فیلزم أن یلتزم بعدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 307 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دخول وقت النافلة رأساً و هذا مما لا یمکن الالتزام به أصلا، فاذاً لابد من حمل الموثقة علی بیان الأفضلیة فیکون الأفضل تأخیرها عن العتمة و إن کان أصل وقتها یدخل أول اللیل هذا بناء علی أن یکون قوله (ع) (یصلی العتمة) مبنیاً للفاعل. (و أما) إذا کان مبنیاً للمفعول فمعناه أن وقت صلاة اللیل فی السفر یدخل فی وقت یصلح أن یؤتى العتمة فیه، فعلیه تکون الموثقة مثل الصحاح المتقدمة فی الدلالة علی أن مبدأ وقت صلاة اللیل فی السفر و عند الخوف من فواتها بعد الانتصاف هو أول اللیل.

بقی الکلام فیمادل علی عدم جواز الاتیان بنافلة اللیل قبل ذهاب ثلث اللیل و إن خاف الفوت بعد الانتصاف و هو ما رواه عبدالله بن الحسن عن جده علی بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر علیهما السلام[511] (قال: سألته عن الرجل یتخوف أن لا یقوم من اللیل أیصلی صلاة اللیل إذا إنصرف من العشاء الآخرة و هل یجزیه ذلک أم علیه قضاء؟ قال: لا صلاة حتی یذهب الثلث الأول من اللیل و القضاء بالنهار أفضل من تلک الساعة. (و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة لأجل عبدالله بن الحسن فانه لم یوثق فلا مجال للاعتماد علیها و رفع الید عن الصحاح المتقدمة (و ثانیاً) لو تنزلنا عن ذلک و أغمضنا عن السند، فنقول: إن جملة (لا صلاة حتی یذهب الثلث من اللیل) و إن کانت ظاهرة فی عدم المشروعیة فان کلمة لا ظاهرة فی نفی الذات و الحقیقة إلا أن جملة (و القضاء بالنهار أفضل من تلک الساعة) مجملة یحتمل أن یکون المراد من الساعة فیها قبل ذهاب الثلث فعلیه تکون الروایة ناطقة بجواز التقدیم قبل الثلث و إن کان القضاء أفضل، فلا تکون مخالفة للصحاح الدالة علی جواز التقدیم فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 308 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 10) إذا دار الأمر بین تقدیم صلاة اللیل علی وقتها أو قضائها فالأرجح القضاء (1).

 

أول اللیل.

(نعم) لو کان المراد من الساعة بعد ثلث اللیل یکون ظهور الجملة الأولی فی عدم جواز الصلاة قبل ذهاب ثلث اللیل باقیاً بحاله ـ و بما أنها باعتبار ذیلها ذات إحتمالین و تکون مجملة، فلا تصلح للاعتماد علیها فیکون المتعین هو الأخذ بالصحاح المتقدمة و الالتزام بجواز الاتیان بها قبل ذهاب الثلث أیضاً (فقد تلخص) مما ذکرناه أن آخر وقت نافلة اللیل طلوع الفجر الثانی و أول وقتها للمختار إنتصاف اللیل و للمعذور أول اللیل ـ ولکن هذا الحکم یختلف باختلاف المعذورین، فان جواز التقدیم بالاضافة إلی الخائف من الجنابة و إلی المسافر الخائف من الفوت بعد الانتصاف و بالإضافة إلی المصلی فی اللیالی القصار الذی یخاف من الفوت أو یصعب علیه القیام یکون من باب التوسعة فی الوقت، فالنافلة منهم فی أول اللیل تقع أداء و تصح منهم، نیة الاداء و أما الجاریة التی یغلبها النوم و بقیة أصناف المعذورین فجواز التقدیم لهم مجرد ترخیص و القضاء أفضل منه.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب (ولکنه) قد ظهر مما نقحناه أنه لا وجه لما ذهب إلیه المشهور: من أن القضاء أفضل من التقدیم مطلقاً بل لابد من التفصیل بین من کان التقدیم بالاضافة إلیه أداء و من باب التوسعة فی الوقت و من کان التقدیم بالاضافة إلیه مجرد ترخیص فی التقدیم علی الوقت فبالاضافة إلی الصنف الأول یکون التقدیم أرجح و أفضل لوضوح أن الصلاة فی الوقت أفضل من الصلاة فی خارجه ـ و بالاضافة إلی الصنف الثانی یکون القضاء أفضل علی ما مر تفصیله.

(ثم) إن مقتضی ما هو المستفاد من الروایات من أن آخر وقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 309 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نافلة اللیل طلوع الفجر الثانی هو أن الاتیان بها بعده و قیل فریضة الصبح من باب التطوع فی وقت الفریضة فیجری فیه ما سنحققه هناک من الجواز و المنع (ولکن) فی المقام وردت نصوص خاصة، جملة منها ناهیة عن الاتیان بها قبل فریضة الصبح علی الاطلاق و جملة أخری تدل علی الجواز کذلک و جملة ثالثة ناطقة بالجواز لخصوص من قام من النوم بعد طلوع الفجر فعلیه لابد من التعرض لها و تحقیق مدلولها و بیان ما هو وجه الجمع بینها (أما الروایات المجوزة) فمنها صحیحة عمر بن یزید عن أبی عبدالله علیه السلام[512] (قال: سألته عن صلاة اللیل و الوتر بعد طلوع الفجر؟ فقال: صلها بعد الفجر حتی یکون فی وقت تصلی الغداة فی آخر وقتها و لا تعمد ذلک فی کل لیلة و قال: أوتر أیضاً بعد فراغک منها). و هذه الصحیحة ـ کما تری ـ مطلقة فی الدلالة علی الجواز سواء کان المکلف قائماً من النوم قبل طلوع الفجر أو بعده.

(و منها) صحیحة جمیل بن دراج[513] (قال سألت أبا الحسن الأول عن قضاء صلاة اللیل بعد الفجر إلی طلوع الشمس فقال: نعم و بعد العصر إلی اللیل فهو من سر آل محمد المخزون) و هذه الصحیحة قد تقدم الکلام (ص 281) فی سندها و قلنا: إن المراد بابراهیم هو ابراهیم بن هاشم و محمد بن عمر الزیات ـ علی ما فی الوسائل بلا کلمة واو غلط، و هی أیضاً مطلقة بالاضافة إلی من قام من النوم بعد الفجر أو قبله (و أما الروایات الناهیة) (فمنها) صحیحة إسماعیل بن جابر[514] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أوتر بعد ما یطلع الفجر قال: لا) و هذه الصحیحة ظاهرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 310 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[507] . ص 302
[508] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 7.
[509] . الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 11 و 5.
[510]. الوسائل ب 44 من أبواب المواقیت ر 11 و 5.
[511]. الوسائل ب 45 من أبواب المواقیت ر 8.
[512]. الوسائل ب 48 من أبواب المواقیت ر 1.
[513]. الوسائل ب 56 من أبواب المواقیت ر 1.
[514]. الوسائل ب 46 من أبواب المواقیت ر 6.

(311 - 315)

(311 - 315)

 

فی عدم الجواز بعد الفجر علی الاطلاق (و منها) صحیحة سعد بن سعد عن أبی الحسن الرضا علیه السلام[515] (قال: سألته عن الرجل یکون فی بیته و هو یصلی و هو یری أن علیه لیلا ثم یدخل علیه الآخر من الباب، فقال: قد أصبحت هل یصلی الوتر أم لا أو یعید شیئاً من صلاته؟ قال: یعید إن صلاها مصبحاً). و هاتان الصحیحتان صریحتان فی عدم جواز الوتر بعد الفجر قبل الفریضة مطلقاً فتدلان علی عدم جواز نافلة اللیل قبلها بالأولویة القطعیة. (و أما الروایات) الدالة علی الجواز لخصوص من قام من النوم بعد طلوع الفجر (فمنها) صحیحة سلیمان بن خالد[516] (قال: قال لی أبو عبدالله: ربما قمت و قد طلع الفجر، فاصلی صلاة اللیل و الوتر و الرکعتین قبل الفجر ثم أصلی الفجر قال: قلت أفعل أنا ذا؟ قال: نعم و لا یکون منک عادة). (و منها صحیحة عمر بن یزید[517] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أقوم و قد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صلیتها فی أول وقتها و إن بدأت بصلاة اللیل و الوتر صلیت الفجر فی وقت هؤلاء، فقال: إبدأ بصلاة اللیل و الوتر و لا تجعل ذلک عادة). و هاتان الصحیحتان ـ کما تری ـ صریحتان فی جواز إتیان النافلة بعد طلوع الفجر لمن قام من النوم بعده. (إذا عرفت) ما تلوناه علیک (فنقول) لا ریب فی أن الطائفة الأولی و الثانیة متعارضتان بالاطلاق حیث إن (الطائفة الأولی) تدل علی جواز التقدیم علی الفریضة مطلقاً سواء قام من النوم بعد الفجر أو قبله.

(و الطائفة الثانیة) تدل علی عدم الجواز و المشروعیة بعد طلوع الفجر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 311 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و قبل الاتیان بالفریضة مطلقاً سواء قام قبل طلوع الفجر أو بعده (ولکن) القاعدة تقتضی الجمع بین الطائفتین، فتحمل (الأولی) علی من قام من النوم بعد طلوع الفجر (و الثانیة) تحمل علی من قام قبل طلوع الفجر فاذاً ترتفع المعارضة و هذا الجمع لیس جمعاً تبرعیاً، بل له شاهد و هو الطائفة الثالثة الدالة علی الجواز لمن قام من النوم بعد طلوع الفجر، (بیان ذلک) أن نسبة الطائفة الثالثه إلی الطائفة الناهیة نسبة المقید إلی المطلق و مقتضی قانون حمل المطلق علی المقید تقیید الطائفة الناهیة على الاطلاق بما إذا قام من النوم قبل طلوع الفجر فیکون المراد منها أن من قام من النوم قبل طلوع الفجر لا یجوز له الاتیان بالنوافل بعده قبل الاتیان بالفریضة، فحینئذ تنقلب النسبة بین الطائفتین المطلقتین إلی المطلق و المقید حیث إن الطائفة الناهیة بعد ما إختصت بمن قام قبل طلوع الفجر تکون مقیدة للطائفة المجوزة علی الاطلاق، فیکون المراد منها بعد التقیید أن من قام من النوم بعد طلوع الفجر یجوز له الاتیان بالنوافل قبل الفریضة فنتیجة الطواف الثلاث هی جواز إتیان النوافل قبل الفریضة إن قام من النوم بعد الفجر و عدم جوازه قبلها إن قام من النوم قبل الفجر (ثم) إنه یظهر مما ذکرناه فی صلاة اللیل حال صلاة الوتر أیضاً، فان الروایات المشتملة بها أیضاً علی ثلاث طوائف (فمن الروایات) المجوزة لاتیانه بعد الفجر قبل الفریضة صحیحة إسماعیل بن سعد الأشعری (فی حدیث)[518] (قال: سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الوتر بعد الصبح؟ قال: نعم قد کان أبی ربما أوتر بعد ما إنفجر الصبح). و لا یخفی أن أحمد ابن محمد الواقع فی السند ثقة سواء کان أحمد بن محمد بن عیسی أو أحمد بن محمد بن خالد و طریق الشیخ إلیه قد قوینا أخیراً صحته، فالروایة من حیث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 312 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السند صحیحة و من حیث الدلالة واضحة (و منها) صحیحة عمر بن یزید المتقدمة ( ص 310) (و أما الروایات الناهیة) فمنها صحیحة إسماعیل بن جابر المقدمة (و منها) صحیحة سعد بن سعد المتقدمة (ص 311) و أما مادل علی الجواز لمن قام من النوم بعد طلوع الفجر فما عرفت أیضا من صحیحتی سلیمان بن خالد و عمر بن یزید المتقدمتین آنفاً فجمیع ما ذکرناه فی صلاة اللیل یجری هنا طابق النعل بالنعل.

(ثم) أنه قد یتخیل أن ما ذکرناه شاهداً للجمع بین الطائفتین مبتلیً بالمعارض و هو روایتان (الأولی) ما رواه المفضل بن عمر[519] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أقوم و أنا أشک فی الفجر، فقال: صل علی شکک، فاذا طلع الفجر فأوتر و صل الرکعتین و إذا أنت قمت و قد طلع الفجر، فابدأ بالفریضة و لا تصل غیرها فاذا فرغت، فأقض ما فاتک و لا یکون هذا عادة و إیاک أن تطلع علی هذا أهلک، فیصلون علی ذلک و لا یصلون باللیل). فان جملة (و إذا قمت و قد طلع الفجر فابدأ بالفریضة و لا تصل غیرها) صریحة فی عدم جواز الاتیان بغیر الفریضة قبلها فهذه الروایة ـ کما تری ـ ناهیة عن الاتیان بالنافلة قبل الفریضة فی خصوص فرض القیام من النوم بعد طلوع الفجر فتعارض الروایات الدالة علی جواز الاتیان بالنافلة فی خصوص هذا الفرض.

(و فیه أولا) ان الروایة ضعیفة السند لأجل مفضل بن عمر فان المفید (قدس سره) و ان وثقه إلا أن النجاشی ضعّفه قال فی ترجمته: (فاسد المذهب مضطرب الروایة لایعبأًبه)و نسب الی ابن الغضائری أیضاً تضعیفه، فبعد التساقط بالمعارضة أصبح الرجل ممن لم یثبت وثاقته (علی) أنه یمکن ترجیح تضعیف النجاشی علی توثیق المفید لکون الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 313 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أضبط، فانه لم یقع التنافی بین کلماته بخلاف المفید (قدس سره) فانه قد وقع التنافی بین کلماته حیث إنه وثق فی مورد محمد بن سنان و قال: إنه کان من خواص الامام (ع) و فی مورد آخر ضعّفه، و قال: لا یعتمد علی روایاته.

(و أما) علی بن الحکم، الواقع فی سندها فقد یتخیل أنه مشترک بین ثلاثة أشخاص لم یوثق بعضهم إلا أن الامر لیس کذلک کما سنحقق فی محله من أنه إسم لشخص واحد وثق فی کتب الرجال. (و ثانیاً) أن دلالتها قابلة للمناقشة فان جملة (و اذا أنت قمت و قد طلع الفجر) ذات احتمالین (احدهما) أن یکون المراد منها القیام من النوم کما هو المراد من قوله تعالی: (اذا قمتم الی الصلاة فاغسلوا وجوهکم و أیدیکم الی المرافق) فان الروایات دلت علی أن المراد منه القیام من النوم (فعلیه) یتم الاشکال بأن هذه الروایة تعارض الروایات التی جعلناها شاهدة للجمع.

(الثانی) أن یکون المراد من القیام هو القیام من شغل آخر کما إذا قام من النوم قبل طلوع الفجر ولکنه شغل بأمر آخر من الطهارة و مقدماتها مثلا فاذا قام من شغله رأی أن الفجر طالع فعلی هذا الاحتمال لا تعارض بینها و بین الروایات المتقدمة و بما أنها ذات إحتمالین تصبح مجملة فلا تصلح للمعارضة. (ولکن) الإنصاف أن هذا الإحتمال ضعیف و خلاف الظاهر جداً، فان المتبادر من تلک الجملة هو القیام من النوم کیف؟ فان صحیحة سلیمان بن خالد مشتملة علی مثل هذه الجملة حیث قال (ربما قمت و قد طلع الفجر) و صحیحة عمر بن یزید کذلک حیث قال: (اقوم و قد طلع الفجر) و قد عرفت أن المراد منهما القیام من النوم، فلذلک تکون فیهما الشهادة علی الجمع المذکور فاذاً تکون العمدة هی المناقشة فی السند، فلا تصلح الروایة لمعارضة ما جعلناه شاهداً للجمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 314 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الروایة الثانیة) صحیحة عبدالله بن سنان[520] (قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: إذا قمت و قد طلع الفجر فابدأ بالوتر، ثم صل الرکعتین ثم صل الرکعات إذا أصبحت). فان هذه الصحیحة صریحة فی أن من قام بعد طلوع الفجر، فلیبدأ بالوتر و الرکعتین ثم یصلی نافلة اللیل عندما تنور السماء و انبسط الضوء فی الجو کله أو حین طلعت الشمس فان المراد بالإصباح لیس طلوع الفجر یقینا، لأن المفروض فی الروایة القیام من النوم بعد طلوع الفجر، فالمراد إما تنور الصبح و الانجلاء التام و إما ـ طلوع الشمس فالمستفاد منها أن من قام من النوم بعد طلوع الفجر یؤخر النافلة عن الفریضة و عن الوتر و عن رکعتى الفجر و یأتی بها عند طلوع الشمس أو تنور السماء. فتکون هذه الصحیحة معارضة للصحیحتین المتقدمتین الدالتین علی تقدیم النافلة ان قام بعد الفجر.

(و الجواب) أن هذه الصحیحة إذا ضممناها إلی ما جعلناه شاهداً للجمع تکون النتیجة هو التخییر إذ یرفع الید عن ظهور کل منهما بصریح الآخر. فالمکلف إذا قام بعد طلوع الفجر له أن یأتی بنافلة اللیل ثم بالفریضة و له إن یأتی بالفریضة ثم بالنوافل فلیس من التنافی عین و لا أثر (فتحصل) من جمیع ما ذکرناه أن من قام من النوم قبل طلوع الفجر یتعین علیه أن یبدء بالفریضة بعد طلوع الفجر و لیس له البدئة بنافلة اللیل قبلها و من قام من النوم بعد طلوع الفجر یتخیر بین البدئة بالفریضة و البدئة بنافلة اللیل ـ (و من المظنون) قویا أن صاحب الوسائل تنبه إلی الجمع المذکور حیث انه (قدس سره) عنون باباً مستقلا لتلک الروایات و قال: (باب استحباب صلاة اللیل و الوتر مخففة قبل صلاة الصبح لمن انتبه بعد الفجر ما لم یتضیق الوقت و کراهة اعتیاد ذلک).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 315 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[515]. الوسائل ب 46 من أبواب المواقیت ر 7.
[516]. الوسائل ب 48 من أبواب المواقیت ر 3.
[517]. الوسائل ب 48 من أبواب المواقیت ر 5.
[518]. الوسائل ب 48 من أبواب المواقیت ر 2.
[519]. الوسائل ب 48 من أبواب المواقیت ر 4.
[520]. الوسائل ب 46 من أبواب المواقیت ر 9.

(316 - 320)

(316 - 320)

 

 

(مسألة 11) اذا قدمها ثم انتبه فی وقتها لیس علیه الإعادة (1).

(مسألة 12) إذا طلع الفجر و قد صلی من صلاة اللیل أربع رکعات أو أزید أتمها مخففة (2) و ان لم یتلبس بها قدم رکعتى الفجر ثم فریضته و قضاها.

 

(1) صح ما ذکره اذ المستفاد من الروایات الدالة علی جواز التقدیم لمن له عذر أن الشارع قد وسع الأمر بنافلة اللیل إما من جهة التوسعة فی وقتها کما فی الموارد الثلاثة المتقدمة و إما من جهة التوسعة فی وقت الامتثال کما فی غیرها من الموارد المتقدمة و علی التقدیرین یتحقق الإمتثال فلا معنی للامتثال بعد الامتثال فان الأمر قد سقط بالامتثال الأول، فکیف یتحقق الامتثال ثانیاً بدون الأمر.

علی ما هو المشهور بین الأصحاب بل ادعی علیه الإجماع (ولکنه) لا دلیل علیه فان الشهرة و الإجماع المنقول لا حجیة فیهما بل لو فرض الإجماع المحصل فی المقام لما أمکن الاعتماد علیه لاحتمال أن المجمعین کلاً أو بعضاً إعتمدوا علی الروایات الوارده فی المقام و إن کانت ضعیفة، فان معظمهم قائلون بالتسامح فی أدلة السنن، فیمکن أن یکون مستندهم فی هذا الحکم روایتان (الأولی) ما رواه محمد بن النعمان[521] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: إذا کنت أنت صلیت أربع رکعات من صلاة اللیل قبل طلوع الفجر فاتم الصلاة طلع أو لم یطلع).

(الثانیة) ما فی الفقه الرضوی[522] (إن کنت صلیت من صلاة اللیل أربع رکعات قبل طلوع الفجر، فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم یطلع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 316 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و هاتان الروایتان و إن کانتا صریحتین فیما أفتی به المشهور إلا أنهما ضعیفتان (أما الروایة الأولی) فلأن فی طریقها أبا الفضل النحوی و هو لم یوثق و لم یذکر إسمه فی کتب الرجال و إنما ذکر بالکنیة بلا توثیق (و أما محمد ابن النعمان) فهو مؤمن الطاق الذی کان من خواص أبی عبدالله (ع) و قال الشیخ فی الفهرست: (کان ثقة متکلماً حاذقاً حاضر الجواب (أما الثانیة) فلم یثبت کونها روایة فضلا عن حجیتها ـ کما مر غیر مرة ـ فعلیه لو لم تکن الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة لکان الحکم بالإتمام فی المقام مبنیاً علی قاعدة التسامح فی أدلة السنن، فان قلنا بتمامیتها لإلتزمنا باستحباب الإتمام فی المقام لأجل روایة مؤمن الطاق و إن قلنا بعدم تمامیتها ـ کما هو الصحیح علی ما حققناه فی الأصول ـ فلا مجال للالتزام باستحباب الإتمام ولکن فی المقام لا مجال للالتزام باستحباب الاتمام و لو علی القول بتمامیة قاعدة التسامح و ذلک لأجل الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة، فان المستفاد منها إما المرجوحیة أو عدم المشروعیة و رفع کل منهما یحتاج إلی دلیل و هو مفقود هذا (علی أن) هذه الروایة معارضة بما رواه یعقوب البزاز[523].

(قال: قلت له: أقوم قبل طلوع الفجر بقلیل، فأصلی أربع رکعات ثم أتخوف أن ینفجر الفجر أبدء بالوتر أو أتم الرکعات؟ فقال لا بل أو ترو أخرّ الرکعات حتی تقضیها فی صدر النهار). فهذه الروایة تدل علی عدم الاتمام و إن تلبس بأربع رکعات ولکنها أیضاً ضعیفة السند بمحمد بن سنان و یعقوب البزاز فانهما لم یوثقا، فالمتحصل أنه لا فرق بین ما إذا تلبس بأربع رکعات أو لم یتلبس و مقتضی التفصیل المتقدم هو رفع الید عن نافلة اللیل و الإقدام برکعتى الفجر و فریضته إذ المفروض أنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 317 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و لو اشتغل بها أتم ما فی یده(1) ثم أتی برکعتى الفجر و فریضته و قضی البقیة بعد ذلک.

 

قام قبل طلوع الفجر.

(بقی الکلام) فیما ذکره الماتن و غیره من إتمامها مخففة و هذا مما لا وجه له أصلا و لم یدل علیه حتی روایة ضعیفة، فالظاهر أن التزامهم بذلک لیس إلا لأجل مناسبة الحکم و الموضوع.

(1) قد یقال: إن ما أفاده الماتن (قدس سره) مبنی علی حدیث (من أدرک رکعة من الصلاة فقد أدرک الصلاة) فعلیه لابد من التفصیل بین ما إذا طلع الفجر قبل إتمام الرکعة و ما إذا طلع بعد إتمامها ففرض الأول لیس مشمولا للحدیث و الفرض الثانی مشمول له، فیختص إستحباب الإتمام بالفرض الثانی.

(و فیه) أن الأمر لیس کذلک، فان الروایات الدالة علی ذلک کلها ضعیفة إلا روایة واحدة لعمار بن موسی عن أبی عبدالله (ع)[524] (فی حدیث) (قال فان صلی رکعة من الغداة ثم طلعت الشمس، فلیتم و قد جازت صلاته). و هذه الروایة موثقة یعتمد علیها، ولکنها مختصة بصلاة الغداة و لیس فیها ما یدل علی أن هذا الحکم عام لکل صلاة غایة ما فی الباب أنّا نتعدی عن صلاة الغداة إلی کل صلاة واجبة للقطع الخارجی بعدم الفصل و المیز بینها و بین غیرها من الفرائض فی هذا الحکم و اما بالاضافة إلی النوافل فلیس لنا هذا القطع، فلا وجه للتعدی إلیها أصلا.

(ولکنه) مع ذلک صح ما أفاده الماتن (قدس سره) و هو مبنی علی قصور الروایات الناهیة و انصرافها عن هذا الفرض، فان الروایات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 318 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 13) قد مرّ أن الأفضل فی کل صلاة تعجیلها (1) فنقول: یستثنی من ذلک موارد: (الأول) الظهر

 

الناهیة عن إتیان نافلة اللیل بعد طلوع الفجر منصرفة إلی الإقدام بها بعد طلوع الفجر فلا تشمل مفروض المقام (و هو ما لو اقدم قبل الطلوع فاتفق طلوع الفجر فی الاثناء) فلا حظ صحیحة إسماعیل بن جابر المتقدمة فی (ص 310) (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أو تر بعد ما یطلع الفجر قال: لا) (ألا تری) أن هذه الصحیحة ظاهرة فی النهى عن الاقدام بالوتر بعد طلوع الفجر و لا مظرنها إلى النهى عن اتمام من أقدم بالوتر قبل الفجر ـ و یجری هذا المجری غیرها من الروایات الناهیة أیضاً، فعلیه لا مانع من شمول الاطلاقات الدالة علی الاستحباب لمفروض المقام (إن قلت): إن هذه الصحیحة واردة فی صلاة الوتر فلا تشمل غیرها (قلت) یلحق بها غیرها من نوافل اللیل بطریق أولی حیث إن النهى عن الإقدام بالوتر بعد الفجر یستلزم النهی عن بقیة النوافل جزماً فانه أهم منها کما مر، فکما هی منصرفة عن إتمام الوتر کذلک لا تشمل إتمام غیرها أیضاً فالمتحصل هو أن الروایات الناهیة لما کانت منصرفة عن مفروض الکلام لا مانع من التمسک باطلاق الروایات الآمرة و الالتزام باستحباب الاتمام فی المقام.

(1) لا إشکال فی أفضلیة التعجیل للروایات الکثیرة الدالة علی أفضلیة إتیان الصلاة فی أول وقتها و قد تقدم بعضها، (مضافاً) إلی آیتى المسارعة و الإستباق (و اما ما استثناه من الموارد فهو علی قسمین.

(القسم الأول) ما هو إستثناء حقیقة، فیکون التأخیر بعنوانه أفضل بحیث لو قدمها و أتی بها فی أول وقتها کان مرجوحاً و من هذا القبیل تأخیر المتیمم المحتمل لوجدان الماء فی آخر الوقت فانه أفضل أو متعین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 319 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و العصر لمن أراد الاتیان بنافلتهما (1).

 

علی الخلاف فی جواز البدار و عدم جوازه و سنشیر الیه عن قریب إن شاء الله.

(القسم الثانی) ما یکون التأخیر فیه أفضل لا بعنوانه بل لأجل مزاحمة التقدیم بعمل مستحب آخر أهم منه، فالتأخیر هنا بعنوانه لیس بأفضل بل الأفضل فی الحقیقة هو التقدیم، ولکنه حیث یوجب فوات مستحب آخر، فالأفضل أن یرفع الید عنه لدرک ما هو الأفضل منه کصلاتى الظهر و العصر لمن أراد الإتیان بنافلتهما.

(1) بلا إشکال فان درک فضل نافلتیهما أهم من درک فضل الفریضة فی أول الوقت ـ علی ما نطقت به الروایات الکثیرة المتقدمة فی مبحث وقت فضیلة الظهرین، فالتأخیر فی المقام إنما هو، لمکان المزاحمة بفضل النافلة فان تقدیم الظهرین فی أول الوقت بما انه یوجب فوات نافلتهما نلتزم بأفضلیة الاتیان بالنافلة من التقدیم، فعلیه لو لم یرد الإتیان بالنافلة أو کانت ساقطة عنه ـ کالمسافر ـ أو قدّمها علی الزوال ـ کما ـ فی یوم الجمعة فلا أفضلیة فی التأخیر أصلا، بل الأفضل هو التقدیم ـ کما هو المستفاد من مثل قوله (ع) إنما جعل الذراع و الذراعان لمکان النافلة، بل قد تقدم أنه لا عبرة بالذراع و الذراعین و لا بالقدم و القدمین بل العبرة بالفراغ عن النافلة ـ کما هو المستفاد من الروایات الکثیرة ـ ، بل فی بعضها الأمر بتخفیف النافلة لدرک فضیلة أول الوقت فی الجملة، و فی بعضها لا القدم و لا القدمین إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین و بین یدیها سبحة و هی ثمانی رکعات، فان شئت طولت و إن شئت قصّرت الحدیث، و قد تقدم تفصیل الکلام فی ذلک عند التعرض لوقت فضیلة الظهرین (ص 157).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 320 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[521]. الوسائل ب 47 من أبواب المواقیت ر 1.
[522]. الحدائق ص 233 من الطبع الجدید.
[523]. الوسائل ب 47 من أبواب المواقیت ر 2.
[524]. الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 1.

(321 - 325)

(321 - 325)

 

 

و کذا الفجر إن لم یقدّم نافلتها قبل دخول الوقت (1).

(الثانی) مطلق الحاضرة لمن علیه فائتة و أراد إتیانها (2)

 

(ثم)ان أفضلیة التأخیر فی المقام عند إرادة النافلة انما هو لأجل النصوص الخاصة الواردة فیه ولکنه قد یستفاد أفضلیة التأخیر من القطع الخارجی کما إذا دار الأمر بین الصلاة فی أول الوقت و قضاء حاجة المؤمن أو إعانته و لا ریب فی أن قضاء الحاجة مقطوع الأهمیة بالإضافة إلی الصلاة فی أول الوقت فتتقدم علیها بلا اشکال.

(1) صح ما ذکره فان نافلة الفجر تتقدم علی فریضته فان لم یقدمها علی طلوع الفجر یکون أول الوقت لها فتتأخر الفریضة طبعاً.

(2) ما ذکره (قدس سره) مبنی علی القول بالمواسعة فی قضاء الفوائت و إلا لکان الإتیان بالفائتة قبل الحاضرة واجباً و لا یبقی المجال للبحث عن أفضلیتها قبلها و الکلام فی تحقیق هذه المسألة یقع فی مبحث القضاء إن شاء الله، فالکلام هنا یقع علی القول بالمواسعة فی قضاء الفوائت (فقد یقال): بأفضلیة تقدیم الفائتة لصحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[525] (فی حدیث) (قال: إذا دخل وقت صلاة و لم یتم ما قد فاته، فلیقض مالم یتخوف أن یذهب وقت هذه الصلاة التی قد حضرت و هذه أحق بوقتها فلیصلها و اذا قضاها فلیصل ما فاته مما قد مضی). فان هذه الصحیحة آمرة بتقدیم الفائتة، فیکون التقدیم أفضل، ولکن بازائها صحیحتین أخیرتین.

(إحدیهما) ما رواه أبو بصیر عن أبی عبدالله (ع)[526] (قال: إن نام رجل و لم یصل صلاة المغرب و العشاء أو نسی فان إستیقظ قبل الفجر قدر ما یصلیهما کلتیهما فلیصلهما و إن خشی أن تفوته إحدیهما، فلیبدأ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 321 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالعشاء الآخرة و إن إستیقط بعد الفجر فلیبدأ فلیصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدی الصلاتین، فلیصل المغرب و یدع العشاء الآخرة حتی تطلع الشمس و یذهب شعاعها ثم لیصلها).

(الثانیة) ما رواه إبن مسکان عن أبی عبدالله علیه السلام[527] (قال: إن نام رجل أو نسی أن یصلی المغرب و العشاء الآخرة فان استیقظ قبل الفجر قدر ما یصلیهما کلتیهما فلیصلهما و إن خاف أن تفوته إحدیهما فلیبدء بالعشاء الآخرة و إن استیقظ بعد الفجر فلیصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس).

و هاتان الصحیحتان ـ کما تری ـ آمرتان بتقدیم الحاضرة و هی الصبح علی الفائتة فقد یتخیل فی بادی النظر أن الصحیحة المتقدمة‌معارضة بهاتین الصحیحتین حیث إنها آمرة بتقدیم الفائتة و هاتان آمرتان بتقدیم الحاضرة. (ولکن) التحقیق عدم المعارضة لوجهین.

(الأول) أن نسبة هاتین الیها نسبة الخاص إلی العام لأن موردهما خصوص صلاة الغداة و موردها مطلق الحاضرة فمقتضی القاعدة تخصیصها بهما و الالتزام بتقدیم الفائتة إلا فی وقت صلاة الغداة.

(الثانی) ان فی صحیحة أخری قد فصل بین خوف فوات الغداة و عدمه و هی صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام[528] (قال (فی حدیث): و إن کانت المغرب و العشاء قد فاتتاک جمیعاً، فابدء بهما قبل أن تصلی الغداة إبدأ بالمغرب ثم العشاء، فان خشیت أن تفوتک الغداة إن بدأت بهما فابدء بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء و إن خشیت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 322 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(الثالث) فی المتیمم مع احتمال زوال العذر أو رجائه (1) و أما فی غیره من الأعذار فالأقوی وجوب التأخیر و عدم جواز البدار.

 

أن تفوتک الغداة إن بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء إبدأ بأولهما لأنهما جمیعاً قضاء أیهما ذکرت فلا تصلهما إلا بعد شعاع الشمس قال: قلت: و لم ذلک؟ قال: لأنک لست تخاف فوتها).

فان هذه الصحیحة بما أنها مفصلة بین خوف فوت الغداة و عدمه تکون حاکمة علی الصحیحتین المتقدمتین فان لسانها لسان الحکومة و التفسیر فعلیه تحمل الصحیحتان علی فرض خوف فوت الغداة و تحمل الصحیحة علی فرض عدم خوف الفوت فالمتحصل من الجمع بین الروایات هو أن الأفضل تقدیم الفائتة علی الحاضرة عند عدم خوف فوت الحاضرة هذا کله بناء علی القول بالمواسعة فی قضاء الفوائت.

(1) قد تقدم الکلام حول صلاة المتیمم فی مبحث التیمم مفصلا و قلنا: لایجوز له البدار مع إحتمال زوال العذر للنصوص الخاصة الآمرة بالتأخیر معللة بأنه إن فاته الماء لم تفته الأرض، فما ذکره قدس سره من أفضلیة التأخیر لا وجه له، فان التأخیر مع إحتمال زوال العذر واجب لا أنه أفضل.

و أما غیر المتیمم من ذوی الأعذار، فیجوز لهم البدار و إن إحتملوا إرتفاع العذر و ذلک لإستصحاب بقاء العذر إلی آخر الوقت فانا قد حققنا فی الأصول أنه لا فرق فی جریان الاستصحاب بین الأمور الحالیة و الاستقبالیة.

(و أما) ما ذکره الماتن (قدس سره)، فلعله مبنی علی أن صحة صلاة المعذور متوقفة علی استیعاب العذر لجمیع الوقت فلو تمکن المکلف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 323 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(الرابع) لمدافعة الأخبثین و نحوهما فیؤخر لدفعهما (1).

 

من الصلاة الإختیاریة و لو فی الجزء الأخیر من الوقت لاتکون الصلاة العذریة مشروعة له، فان الأمر قد تعلق بالجامع بین الافراد العرضیة و الطولیة من المبدء إلی المنتهی ففی کل جزء من الوقت یتمکن من الصلاة الإختیاریة یتعین علیه الإقدام بالصلاة فی ذلک الوقت فعلیه لو إحتمل زوال العذر فی الجزء الأخیر من الوقت یتعین علیه الانتظار فان زال العذر یأتی بالصلاة الاختیاریة و إلا فبالعذریة.

(ولکن) هذا البیان صح بالاضافة إلی الحکم الواقعی و لاریب فیه و أما بالإضافة إلی الحکم الظاهری، فلا إذ لا مانع من إستصحاب بقاء العذر إلی آخر الوقت و الإقدام بالصلاة قبل ذلک و لو کان فی أول الوقت غایة ما فی اباب أنه لو انکشف الخلاف و إرتفع العذر إلی آخر الوقت تجب علیه الإعادة لما حقق فی محله من أن إمتثال الأمر الظاهری لایقتضی الإجزاء.

(1) هذا من موارد الاستثناء فان التأخیر هنا بعنوانه أفضل لا لأجل مزاحمة أمر آخر و یمکن ان یستدل علیه بروایتین (احدیهما) صحیحة هشام أو حسنته (بالبرقی) عن أبی عبدالله علیه السلام[529] (قال: لاصلاة لحاقن و لا لحاقنة و هو بمنزلة من هو فی ثوبه).

و لایخفی أن المتن هکذا فی جمیع نسخ التهذیب و الوسائل و المحاسن إلا أن فی المحاسن لم یذکر کلمة (لا) علی الحاقنة و ذکر مکان ثوبه نومه و اما الحاقب (و هو حابس الغائط) فلیس بموجود فی الصحیحة فعلیه لابد من تنقیح المناط فی تعدیة حکم الحاقن الیهو صاحب الوافی أیضا نقلها بعین هذا المتن عن التهذیب و فسر الحاقن بحابس البول و اعترف بأن نسخ التهذیب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 324 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خالیه عن هذا اللفظ (أی الحاقب) ثم قال: (إن ابن أثیر روى عن النبی (ص) أنه قال: (لا صلاة لحاقب و لا حاقن) فاحتمل أن یکون ماصدر عن الصادق علیه السلام مثل ماروی عن النبی (ص) فوقع التصرف فیه علی نحو ما نقل فی التهذیب.

(ولکن) ما ذکره من الاحتمال لایعتمد علیه أصلا فالصحیحة خالیة عن الحاقب، فلا مناص من تنقیح المناط لالحاقه بالحاقن. نعم ذکر صاحب الحدائق هذه الصحیحة هکذا: لاصلاة لحاقن و لا لحاقب و هو بمنزلة من هو فی ثیابه) (ولکنه) لایمکن الاعتماد علیه لما عرفت من ان الأصل فی هذه الصحیحة هو التهذیب و جمیع نسخه خالیة عن هذه الکلمة (تقریب الاستدلال) أن کلمة لا ظاهرة فی نفی الحقیقة و الجنس، فلو لم یکن مادل علی صحة صلاة الحاقن و الحاقنة لحکمنا فی المقام بالبطلان (ولکن) الروایات ناطقة بالجواز و الصحة، فلأجلها نحمل کملة (لا) علی نفی الکمال و الفضیلة.

(ثم) إن معنی ذیل الصحیحة أن المصلی الحاقن بمنزلة من کان البول فی ثوبه. ولکن الذیل فی المحاسن هکذا (و هو بمنزلة من هو فی نومه) و الظاهر (و الله أعلم) أن ما فی المحاسن أنسب من حیث المعنی فان الحاقن لشدة ابتلائه بالبول غیر ملتفت التفاتاً صحیحاً إلی ما یأتیه من الأفعال و الأقوال فیکون بحکم النائم و بمنزلته (و کیف ما کان) لا أهمیة لهذا الاختلاف لعدم دخله بما هو المبحوث عنه فی المقام.

(الثانیة) ما رواه أبوبکر الحضرمی عن أبیه عن أبی عبدالله علیه السلام[530] قال: إن رسول الله صلی اله علیه و آله قال: (لاتصل و أنت تجد شیئاً من الأخبثین) و هذه الروایة أیضاً ظاهرة فی الفساد لمکان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 325 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[525] . الوسائل ب 62 من أبواب المواقیت ر 1 و 3
[526] . الوسائل ب 62 من أبواب المواقیت ر 1 و 3
[527] . الوسائل ب 62 من أبواب الموقیت ر 4
[528] . الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 1
[529] . الوسائل ب 8 من أبواب قواطع الصلاة ر 2
[530] . الوسائل ب 8 من أبواب قواطع الصلاة ر 3

(326 - 330)

(326 - 330)

 

 

(الخامس) اذا لم یکن له إقبال فیؤخر إلی حصوله (1)

 

النهى ولکنه بعدما علمنا من الخارج صحة الصلاة فی هذه الحالة حملنا النهى علی الکراهة (ولکن الصحیح) عدم صحة الاستدلال بهذه الروایة و ذلک لضعف السند، فان الراوی الأول الذی یروی عن الامام علیه السلام هو أبوبکر الحضرمی و هو مردد بین ثقة و مهمل، لأن المراد بأبی بکر الحضرمی إن کان هو محمد بن شریح فأبوه شریح و هو مهمل لم یترجم فی کتب الرجال و إن کان المراد به عبدالله بن محمد فأبوه محمد ثقة إن کان هو محمد بن شریح أبا عبدالله و إن کان غیره فهو مهمل (و علی الجملة) حیث إن الراوی الأول لم یتمیز سقطت الروایة عن الإعتبار. و أما غیره ممن وقع فی السند فلا بأس به، فان أبابکر الحضرمی و ان کنا نناقش فیه سابقاً إلا أنا بنینا علی وثاقته أخیراً لأجل وقوعه فی أسانید کامل الزیارات، فیکون مشمولا لمن وثقهم ابن قولویه. (و أما)علی ابن الحکم فالظاهر أنه إسم لشخص واحد وثق فی کتب الرجال فلا بأس به.

(1) هذا من موارد الإستثناء و یدل علیه صحیحة عمر بن یزید[531] قال: (قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أکون فی جانب المصر فتحضر المغرب و أنا أرید المنزل فان أخرت الصلاة حتی أصلی فی المنزل کان أمکن لی و أدرکنی المساء أفأصلی فی بعض المساجد؟ فقال: صل فی منزلک). فان الأمر بالصلاة فی المنزل المستلزمة لتأخیرها عن أول الوقت یحمل علی الإستحباب بعد العلم بجواز الصلاة فی بعض المساجد و عد وجوب التأخیر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 326 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(السادس)لانتظار الجماعة (1) إذا لم یفض إلی الإفراط فی التأخیر.

 

(1) قد استدل علیه بما رواه الصدوق باسناده عن جمیل بن صالح[532] (أنه سأل أبا عبدالله علیه السلام أیهما أفضل یصلی الرجل لنفسه فی أول الوقت أو یؤخرها قلیلا و یصلی بأهل مسجده إذا کان إمامهم؟ قال: یؤخر و یصلی بأهل مسجده إذا کان الإمام).

(و فیه) أولا أن الروایة ضعیفة السند فان طریق الصدوق إلی جمیل ابن صالح مجهول لم یذکر فی مشیخة الفقیه، فتصبح الروایة مرسلة و أما جمیل بن صالح فهو ثقة.

(و ثانیاً) أنها أخص من المدعى حیث إنها تدل علی أفضلیة التأخیر للامام فی المسجد و المدعی هو أفضلیة التأخیر لمطلق من ینتظر الجماعة اماماً کان أو مأموماً، کان فی المسجد أو غیره فاذاً یقع التزاحم بین فضیلة أول الوقت و فضیلة الجماعة و الصحیح فی المقام هو التفصیل بین ما إذا أوجب التأخیر خروج وقت الفضیلة، فالتعجیل أفضل و ما إذا لم یوجبه، بل أدرک الجماعة فی وقت الفضیلة، فالتأخیر أفضل.

(و الوجه) فی ذلک هو أن الجماعة و إن کان لها ثواب کثیر إلا أن وقت الفضیلة أفضل منها بتقریب أن مادل علی ثواب الجماعة یدل علی أنها تفضل علی کل صلاة الفرد بأربع و عشرین درجة أو خمس و عشرین صلاة، ففی صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله (ع) هکذا [533] قال: (الصلاة فی جماعة تفضل علی کل صلاة الفرد (الفذ) بأربعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 327 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و عشرین درجة تکون خمسة و عشرین صلاة).

و فی صحیحة زرارة هکذا[534] قال: (قلت لأبی عبدالله (ع): مایروی الناس أن الصلاة فی جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرین صلاة قال: صدقوا) (الحدیث).

(و أما) ما یمکن أن یستدل به علی أفضلیة مراعاة وقت الفضیلة من صلاة الجماعة فهو مادل من الروایات علی أن التأخیر عن وقت الفضیلة تضییع للصلاة (منها) موثقة سلیمان بن خالد عن أبی عبدالله (ع)[535] قال: (العصر علی ذراعین فمن ترکها حتی تصیر علی ستة أقدام فذلک المضیع). و قریب منها غیرها، فان تضییع الصلاة بمنزلة عدم الاتیان بها و من الواضح أن فضیلة الجماعة لاتکون جابرة للتضییع و لعدم الاتیان بها فالمستفاد من هذا السنخ من الروایات أن فضیلة الوقت أولی بالمراعاة من فضیلة الجماعة.

(و أما) أفضلیة التأخیر اذا أدرک الجماعة فی وقت الفضیلة فواضحة حیث إنه یوجب الجمع بین الفضیلتین فضیلة الجماعة و فضیلة الوقت نعم البدار الیها أول الوقت و إن کان راجحاً و حسناً لصحیحة زرارة[536]و غیرها قال: (قال أبو جعفر (ع): إعلم أن أول الوقت أبداً أفضل فعجل الخیر ما استطعت) (الحدیث). مضافاً إلی آیتى المسارعة و الاستباق إلا أنه لیس بمقدار فضیلة الجماعة و الذی یدلنا علی ذلک جریان السیرة القطعیة المتصلة بزمن المعصومین علیهم السلام فانهم کانوا ینتظرون حضور المأمومین و لم یکونوا یقدمون علی الصلاة فی أول الوقت و کذا المسلمون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 328 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و کذا لتحصیل کمال آخر کحضور المسجد (1)

 

کانوا ینتظرون الجماعة بعد دخول الوقت و هذه السیرة باقیة إلی زماننا هذا فمنه نستکشف کشفاً قطعیاً أن إنتظار الجماعة أفضل إن وقعت فی وقت الفضیلة من الصلاة فی أول الوقت، و لعل ما ذکرنا هو مراد الماتن (قدس سره) حیث قیّد إنتظار الجماعة بما اذا لم یفض إلی الإفراط فی التأخیر. (و ینبغی التنبیه) علی أمر و هو أن صاحب الوسائل (قدس سره) قد عقد لأفضلیة انتظار الجماعة بابین[537] و الظاهر أنه سهو منه (قدس) لأنه لیس بین البابین فرق إلا بمقدار یسیر لایوجب تعدد العنوان.

(1) قد یستدل علیه بروایة زریق[538] قال: (سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: من صلی فی بیته جماعة رغبة عن المسجد، فلا صلاة له و لا لمن صلی معه إلا من علة تمنع من المسجد). بتقریب أن هذه الروایة تدل علی أفضلیة الصلاة فی المسجد من الإتیان بها جماعة‌فی البیت، فاذا ضممنا الیها ما تقدم من أن إنتظار الجماعة أفضل من الصلاة فی أول الوقت فرادى، تکون النتیجة أن التأخیر لحضور المسجد أفضل من الإتیان بها فی غیره و لو فی أول الوقت.

(و فیه أولا) أن الروایة ضعیفة السند لأجل زریق و هو لم یوثق فلا یعتمد علیها و أما محمد بن خالد الطیالسی الواقع فی سندها فلا بأس به لانه وقع فی اسانید کامل الزیارات.

(و ثانیاً) أن الدلالة أیضاً غیر تامة فانها تدل علی نفی الصلاة لمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 329 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أو کثرة المقتدین (1) أو نحو ذلک (السابع) تأخیر الفجر عند مزاحمة صلاة اللیل إذا صلی منها أربع رکعات (2)

 

صلی فی بیته إعراضاً عنه و کراهة للحضور فیه کما هو حال فرقة من الصوفیة، فانهم لا یصلون فی المسجد معللین بأن علیاً علیه السلام قتل فیه فلا دلالة لها علی نفی صلاة من صلی فی بیته لغرض صحیح، لا للإعراض عن المسجد. فعلیه تقع المزاحمة بین فضیلة أول الوقت و فضیلة المسجد، فیجری هنا التفصیل المتقدم فی انتظار الجماعة، فنقول: الصلاة فی المسجد إن وقعت فی وقت الفضیلة تتقدم علی الصلاة فی البیت أول الوقت لقیام السیرة القطعیة علیه، (واما) إذا دار الامر بین الصلاة فی اوّل الوقت فی البیت، و الصلاة فی المسجد بعد وقت الفضیلة فتقدم فضیلة الوقت علی فضیلة المسجد، لما عرفت من أن تأخیر الصلاة عن وقت فضیلتها تضییع لها.

(1) لا دلیل بالخصوص علی استحباب الانتظار لکثرة المقتدین فان وجد فی الروایات ما یدل علی أن کثرة المقتدین توجب کثرة الثواب و الفضل، فیجری هنا التفصیل المتقدم فی إنتظار الجماعة و المسجد حرفاً بحرف و ان لم یوجد فیها ما یدل علی ذلک ـ کما هو الظاهر ـ فلا یستحب التأخیر حتی فی فرض عدم کونه موجباً لوقوعها خارج وقت الفضیلة.

(2) قد تقدم الکلام فیه فی المسألة الثانیة عشرة و قلنا: إن مادل علیه ضعیف معارض بضعیف آخر بل قد عرفت أنه لا یتم حتی علی القول بتمامیة قاعدة التسامح فی أدلة السنن و ذلک لأجل الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة. (نعم) لو قام من النوم بعد طلوع الفجر صح تقدیم نافلة اللیل علی فریضة الصبح و ذلک للصحاح المتقدمة الناطقة بذلک فکان الأولی ان یذکر الماتن هذا الفرع مکان ذلک الفرع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 330 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[531] . الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 14
[532] . الوسائل ب 9 من أبواب صلاة الجماعة ر 1
[533] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجماعة ر 1
[534] . الوسائل ب 1 من أبواب صلاة الجماعة ر 3
[535] . الوسائل ب 9 من أبواب المواقیت ر 2
[536] . الوسائل ب 3 من أبواب المواقیت ر 10
[537] . ب 9 و 74 من أبواب صلاة الجماعة
[538] . الوسائل ب 2 من أبواب أحکام المساجد ر 7 لایخفی أن المذکور فی نسختى الوسائل و الفهرست هو زریق و الموجود فی رجالى الشیخ و النجاشی هو رزیق.

(331 - 335)

(331 - 335)

 

 

(الثامن) المسافر المستعجل (1)

(التاسع) المربیة للصبی تؤخر الظهرین لتجمعهما مع العشائین بغسل واحد لثوبها (2)

 

(1) الروایات الکثیرة دلت علی أن المسافر له أن یؤخر المغرب إلی غیبوبة الشفق و إلی ربع اللیل و إلی ثلث اللیل و إلی ستة أمیال و إلی خمسة أمیال من بعد غروب الشمس[539] فالاستدلال بها علی تأخیره لمطلق الصلوات غیر متین بل لا یتم لأنه أخص من المدعى هذا أولا.

(و ثانیاً)أنه قد تقدم فی بحث الأوقات أن وقت صلاة المغرب یمتد إلی نصف اللیل و وقت فضیلتها یمتد إلی غیبوبة الشفق، فمادل علی توسعة وقت المغرب للمسافر إلی ثلث اللیل أو خمسة أمیال أو ربع اللیل ظاهرة فی توسعة وقت الفضیلة، و إلا فأصل الوقت یمتد للحاضر إلی نصف اللیل فکیف للمسافر (ألا تری) أن صحیحة عمر بن یزید ظاهرة فیما ذکرنا[540] قال: (قال أبو عبدالله علیه السلام: وقت المغرب فی السفر إلی ثلث اللیل). و قریب منها غیرها فعلیه تکون تلک الروایات أجنبیة عن المقام حتی بالإضافة إلی صلاة المغرب لانه لا یستفاد منها أفضلیة تأخیر المسافر المغرب إلی ثلث اللیل أو ربعه بل یستفاد منها توسعة وقت الفضیلة بالإضافة الیه (نعم) لو کان التأخیر موجباً لحصول الإقبال کان أفضل کما تقدم إلا أنه لا إختصاص له بالمسافر، بل عام لکل أحد (و ثالثاً) أن الإستعجال لم یذکر فی شىء منها بل ذکر فیها عنوان المسافر مطلقاً فالتقیید بالاستعجال لا وجه له.

(2) قد تقدم الکلام فی هذا الفرع فی مبحث النجاسات مفصلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 331 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و حاصله أن ما یمکن أن یستدل به فی المقام لیس إلا روایة أبی حفص عن أبی عبدالله علیه السلام[541] قال: (سئل عن إمرئة لیس لها إلا قمیص واحد و لها مولود فیبول علیها کیف یصنع؟ قال: تغسل القمیص فی الیوم مرة). (و فیه) ان هذه الروایة ضعیفة السند فان فی طریقها محمد بن خالد و أبا حفص و محمد بن یحیی المعاذی و الأول مردد بین الأصم و الطیالسی و هما لم یوثقا فی کتب الرجال ولکن محمد بن خالد الطیالسی وقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق ابن قولویه فعلیه یکون محمد بن خالد مردداًٌ بین ثقة و ضعیف و أما أبو حفص فان کان المراد به هو أبو حفص الکلبی. فهو لم یوثق و إن کان غیره فمشترک بین الثقة و غیره. و أما محمد بن یحیی المعاذی فقد ضعفه محمد بن الحسن بن الولید (قدس سره) فانه استثنی من روایات محمد بن أحمد بن یحیی ما رواه عن جماعة منهم محمد بن یحیی المعاذی و قرره علی ذلک ابن نوح و الصدوق و یظهر من النجاشی أیضاً تقریره إلا فی محمد بن عیسی بن عبید فاذاً لا مجال للاعتماد علیها (و دعوی) الانجبار بعمل المشهور قد مر الکلام فیها مراراً و قلنا بعدم الاساس لها.

فعلیه یکون المرجع هو قاعدة العسر و الحرج و مقتضاها إعتبار الحرج الشخصی، فلو کان غسل الثوب مرتین حرجیاً علیها دون مرة واحدة فلها أن تؤخر الظهرین لتجمعهما مع العشائین بغسل الثوب مرة واحدة و لا یجوز لها أن تصلی الظهرین أو العشائین مع الثوب النجس بان تفرق بین الصلوات مع غسل الثوب مرة واحدة و ذلک لأن الضرورات تقدر بقدرها فانه لا حرج فی تأخیر الظهرین و الاتیان بأربع صلوات مع الثوب الطاهر و لزوم الحرج علی تقدیر دون آخر لا یوجب جواز الصلاة مع النجاسة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 332 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(العاشر) المستحاضة الکبری تؤخر الظهر و المغرب الی آخر وقت فضیلتهما لتجمع بین الأولی و العصر و بین الثانیة و العشاء بغسل واحد (1)

 

و إن کانت إزالتها حرجیة علی أحد التقدیرین و هو فرض التفریق و غسل الثوب مرتین.

(نعم) لو کان غسل الثوب مرة واحدة أیضاً حرجیة یسقط وجوبه فیکون الأفضل لها إتیان الظهرین فی وقت فضیلتهما و کذا لو تحملت العسر فی الفرض الأول و غسل ثوبها مرة للظهرین و مرة للعشائین لا مانع منه فلها اتیان کل صلاة فی وقت فضیلتها فی هذا الفرض أیضاً.

ثم انه لو أغمضنا عن ضعف سندها أو قلنا بانجباره بعمل المشهور فقد تقدم فی مبحث النجاسات أن مقتضاها إرتفاع اشتراط الطهارة عن الصلوات إلا عن صلاة واحدة أو صلاتین یمکن الجمع بینهما کالظهرین أو العشائین فعلیه لا یبعد القول بوجوب الجمع بین الصلاتین مع طهارة الثوب لان التفریق بین الصلاتین لیس بواجب یقیناً فمقتضی اشتراط الصلاة بطهارة الثوب هو الجمع بینهما ـ نعم لا یجب الجمع بین أربع صلوات کالظهرین و العشائین لان العشائین قبل دخول وقتهما لا فعلیة لوجوبهما کى یقتضی التحفظ علی طهارة الثوب نعم الأولی الجمع بینهما مهما أمکن و لو لأجل ذهاب المشهور الیه فقد ظهر مما ذکرنا ان عدّ هذا الفرع من موارد الاستثناء لا وجه له.

(1) هذا لیس من موارد الاستثناء لان أفضلیة تأخیر الظهر و المغرب عن أوّل وقتهما للمستحاضة الکبری لا یستفاد من الروایات کما تعرضنا له عند تعرض الماتن له فی باب الاستحاضة ـ بیان ذلک ـ أن عمدة ما یستدل به علی أفضلیة التأخیر فی المقام صحیحتان (الأولى) ما رواه حماد بن عیسی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 333 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و ابن أبی عمیر عن أبی عبدالله علیه السلام[542] قال: (المستحاضة تنظر ایامها فلا تصلی فیها و لا یقربها بعلها، فاذا جاءت أیامها و رأت الدم بثقب الکرسف ـ اغتسلت للظهر و العصر، تؤخر هذه و تعجل هذه، و للمغرب و العشاء غسلا تؤخر هذه و تعجل هذه، و تغتسل للصبح و تحتشی و تستثفر) (الحدیث).

(تقریب الاستدلال) أن هذه الروایة معتبرة سنداً فان محمد بن إسماعیل الواقع فی سندها قد تقدم أنه واقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق ابن قولویه و دلالتها علی أفضلیة التأخیر واضحة حیث قال: تؤخر هذه و تعجل هذه... الخ فان المراد هو تأخیر الظهر و المغرب إلی آخر وقت فضیلتهما و تعجیل العصر و العشاء فی أول وقت فضیلتهما.

(و فیه) ان الروایة و إن کانت معتبرة من حیث السند إلا انها لیست بظاهرة فی أفضلیة التأخیر إذ من المحتمل أنها سیقت لبیان حکم ارفاقی بالاضافة إلی المستحاضة الکبری فان الإتیان، بخمسة اغسال فی الیوم و اللیلة حیث کان عسراً علیها رخصها الشارع بالاکتفاء بثلاثة اغسال مع الجمع بین صلاتین فلا یستفاد من الصحیحة ان الاتیان بخمسة اغسال و بخمس صلوات کل فی أول وقتها مرجوح. (ثم) إن هذا الذی ذکرناه فی مدلول الروایة ظاهر بالإضافة إلی المغرب و العشاء فیکون المراد أن للمستحاضة الکبری أن تؤخر المغرب إلی آخر وقت فضیلتها و تقدم العشاء فی أول وقت فضیلتها فتصلی المغرب قرب سقوط الشفق و العشاء بعد سقوطه (فانه أول فضیلة العشاء) بغسل واحد.

(و أما) بالإضافة إلی الظهر و العصر فهنا احتمالان (الأول) أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 334 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یکون المراد من تأخیر الظهر الإتیان بها بعد نافلتها أو بعد المقدمات التی تتقدم علی الصلاة و المراد من تعجیل العصر الإتیان بها بغیر الفصل بالنافلة بینها و بین الظهر و هذا واضح بناء علی ما بنینا علیه من أنه لا موضوعیة للذراع و الذراعین و القدم و القدمین و المثل و المثلین بل العبرة فی دخول وقت فضیلتهما باتیان نافلتهما کما یدلنا علی ذلک روایات (منها) ما یکون ناطقاً[543] بأنه إنما جعل الذراع و الذراعان لمکان النافلة.

(و منها) مادل[544] علی أنه إذا دخل الوقت فلا یمنعک إلا سبحتک. (و منها) مادل[545] علی استحباب تخفیف النافلة للاتیان بالفریضة بعدها. (و منها) مادل[546] علی نفى القدم و القدمین و الذراع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 335 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[539]. راجع الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت.
[540]. الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 1.
[541]. الوسائل ب 4 من أبواب النجاسات ر 1.
[542]. الوسائل ب 1 من أبواب الاستحاضة ر 1.
[543]. کصحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام إلی أن قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان قلت: لم جعل ذلک؟ قال: لمکان النافلة الحدیث (الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 3).
[544]. کموثقة ذریح المحاربی عن أبی عبدالله (ع) قال: (سئل أبا عبدالله علیه السلام اناس و انا حاضر فقال: إذا زالت الشمس فهو وقت لا یحبسک منه إلا سبحتک تطیلها أو تقصرها الحدیث) (الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 12).
[545]. کموثقة أبی بصیر قال: (ذکر أبو عبدالله أول الوقت و فضله فقلت کیف اصنع بالثمانی رکعات؟ فقال: خفف ما استطعت) (الوسائل ب 3 من ابواب المواقیت ر 9).
[546]. کصحیحة محمد بن أحمد بن یحیى (قال: کتب بعض أصحابنا إلی أبی الحسن علیه السلام: روی عن آبائک القدم و القدمین و الأربع و القامة و القامتین و ظل مثلک و الذراع و الذراعین. فکتب (ع): لا القدم و لا القدمین اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین و بین یدیها سبحة و هی ثمانی رکعات فان شئت طولت و ان شئت قصرت ثم صل الظهر فاذا فرغت کان بین الظهر و العصر سبحة و هی ثمانی رکعات ان شئت طولت و ان شئت قصرت ثم صل العصر) (الوسائل ب 5 من أبواب المواقیت ر 13).

(336 - 340)

(336 - 340)

 

و الذراعین. فعلی هذا الاحتمال تکون الروایة مسوقة لبیان کیفیة سهلة و هی ان المستحاضة الکبری لها ان تجمع بین الظهرین بلا فصل بالنافلة بینهما و لا دلالة لها أصلا علی ان هذا النحو من الجمع و التأخیر أفضل من التفریق بالنافلة بین الصلاتین بغسلین بأن تغتسل فتأتی بنافلة الظهر معها ثم تغتسل فتأتی بنافلة العصر معها.

(الاحتمال الثانی) ان یکون المراد إما تأخیر الظهر إلی آخر وقت فضیلتها و إما تقدیم العصر علی وقت فضیلتها المختص بها و منشأ هذا الاحتمال احتمال کون (الواو) فی قوله: و تعجل هذه بمعنی أو للتخییر فانها تستعمل کثیراً بمعنی أو، و علی هذا الاحتمال أیضاً، لا دلالة لها أصلا علی انها لو قدمت الظهر بغسل و أخرت العصر بغسل آخر فقد أتت بالوظیفة المرجوحة بل تدل علی أن الجمع بین الصلاتین بغسل واحد إما بتقدیم العصر و إما بتأخیر الظهر إلی آخر وقت الفضیلة أسهل و أرفق لها. (الثانیة) صحیحة إسماعیل ابن عبد الخالق[547] قال: (سألت أباعبدالله (ع) عن المستحانة کیف تصنع؟ قال اذا مضی وقت طهرها الذی کانت یطهر فیه فلتؤخر الظهر إلی آخر وقتها، ثم تغتسل، ثم تصلی الظهر و العصر، فان کان المغرب فلتؤخرها إلی آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلی المغرب و العشاء، الحدیث).

(تقریب الاستدلال) أن هذه الروایة المعتبرة آمرة بتأخیر الظهر و المغرب إلی آخر وقت فضیلتهما، فیحمل علی الأفضلیة للعلم بجواز إتیانهما فی أول وقتهما سواء تجمع بینهما و بین العصر و العشاء بغسلین أو تفرق بینهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 336 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(الحادی عشر) العشاء تؤخّر الی وقت فضیلتها و هو بعد ذهاب الشفق (1) بل الأولی تأخیر العصر الی المثل (2) و ان کان ابتداء وقت فضیلتها من الزوال.

 

بأربعة اغسال.

(و فیه) ان الروایة و ان کانت معتبرة من حیث السند فان محمد ابن خالد الطیالسی وقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق ابن قولویه إلا أن دلالتها علی أفضلیة التأخیر ممنوعة لعین ما ذکرناه فی الروایة الأولی من انه من المحتمل قویاً ان الروایة مسوقة لبیان طریق سهل للمستحاضة الکبری إرفاقاً لها ـ فالمتحصل انه لا دلیل علی أفضلیة تأخیر المستحاضة الظهر و المغرب من أول وقتهما بل الأمر بالعکس ان أتت بأربعة اغسال لاربع صلوات لعدم ثبوت المخصص لمادل علی أفضلیة الصلاة فی أول الوقت.

(1) أفضلیة تأخیر العشاء عن أول وقتها الی غیبوبة الشفق مما لا ریب و لا إشکال فیه لإطباق عدة من الروایات علی أفضلیة ذلک کما عرفت

(2) قد مر أنه لا أولویة فی التأخیر بل المستفاد من الروایات کما اسلفنا فی محله أفضلیة التقدیم فان الروایات الواردة فی المقام و إن کانت مختلفة حیث دل بعضها علی التأخیر الى قد میم و بعضها دل على التأخیر الى أربعة أقدامو بعضها دل على التأخیر إلی المثل إلا انک قد عرفت الجمع بینهما فان الروایات الدالة علی التأخیر الی قدمین و أربعة أقدام و الذراع و الذراعین تحمل علی مراتب الفضل بالاضافة إلی الاتیان بالنافلة فالأفضل إتیان النافلة الی قدمین ثم الاتیان بالعصر و دونه فی الفضل إتیانها الی أربعة أقدام ثم الاتیان بالعصر.

(و أما) لو فرض الاتیان بها قبل ذلک فی أول الوقت فالأفضل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 337 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(الثانی عشر) المغرب و العشاء لمن أفاض من عرفات الی المشعر فانه یؤخرهما و لو إلی ربع اللیل بل و لو الی ثلثه (1)

 

الاتیان بالفریضة قبل تلک المقادیر للروایات التی أشرنا الیها آنفاً (335) فانها تدل علی انه لا عبرة بالقدم و القدمین و الذراع و الذراعین بل العبرة بالفراغ عن النافلة (و أما) مادل علی تأخیر العصر الی المثل کموثقة معاویة ابن وهب المتقدمة (ص 154) فقد عرفت سابقاً انه لا یمکن الأخذ بها لمخالفتها للروایات الکثیرة المتواترة اجمالا فاما ان تطرح او تحمل علی التقیة ـ فاذاً لا مجال لما ذکره الماتن من أولویة تأخیر العصر الی المثل بل الأفضل الاتیان بها بعد الفراغ من النافلة و لو کان بعد القدم أو القدمین.

(1) صح ما ذکره فان الروایات الواردة فی المقام علی طائفتین. (إحدیهما) دلت علی جواز اتیان المغرب و العشاء فی عرفات (الثانیة) ناهیة عن إتیانهما فی عرفات و آمرة بالإتیان فی المشعر و حیث إن الطائفة الأولی نص فی الجواز و الطائفة الثانیة ظاهرة فی المنع، فمقتضى القاعدة هو حمل الظاهر علی النص و الالتزام بأفضلیة التأخیر إلی المشعر و مرجوحیة الإتیان بعرفات.

(فمن الطائفة الأولی) صحیحة هشام بن الحکم عن أبی عبدالله علیه السلام[548] قال: (لا بأس بأن یصلی الرجل المغرب اذا أمسی بعرفة). (و منها) موثقة سماعة بن مهران[549] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: الرجل یصلی المغرب و العتمة فی الموقف. فقال: قد فعله رسول الله (ص) صلاهما فی الشعب).

(و من الطائفة الثانیة) صحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع)[550]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 338 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(الثالث عشر) من خشی الحر یؤخر (1) الظهر الی المثل لیبرد بها.

 

(قال: لا تصل المغرب حتی تأتی جمعاً و إن ذهب ثلث اللیل). (و منها) صحیحه الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام[551] قال: (قال: لا تصل المغرب حتی تأتی جمعاً فصل بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان و اقامتین) (الحدیث).

(و منها) موثقة سماعة[552] قال (سألته عن الجمع بین المغرب و العشاء الآخرة بجمع فقال: لا تصلهما حتی تنتهی إلی جمع و إن مضىِ من اللیل ما مضی فان رسول الله صلی الله علیه و آله جمعهما بأذان واحد و إقامتین کما جمع بین الظهر و العصر بعرفات). (فان) هذه الروایات المعتبرة ناهیة عن الاتیان بهما فی غیر المشعر و إن ذهب ثلث اللیل أو أکثر ـ کما هو المستفاد من اطلاق موثقة سماعة، نعم لابد من تقییدها بمادل علی إنتهاء وقتهما بنصف اللیل.

و بما أن الطائفة الأولی نص فی الجواز یحمل النهى فی هذه الطائفة علی المرجوحیة فالنتیجة هی أفضلیة التأخیر إلی أن یأتی بالمزدلفة و کان الوقت باقیاً.

(1) قد یقال: إن الدلیل علیه هو ما رواه الصدوق باسناده عن معاویة بن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام[553] (انه قال: کان المؤذن یأتی النبی صلی الله علیه و آله فی الحر فی صلاة الظهر فیقول له رسول الله صلی الله علیه و آله: أبردأبرد). (و فیه) ان الروایة و ان کانت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 339 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(الرابع عشر) صلاة المغرب فی حق من تتوق نفسه الی الافطار أو ینتظره أحد (1)

 

صحیحة السند لصحة طریق الصدوق الی معاویة بن وهب إلا انها غیر دالة علی المدعی لان ابرد بمعنی عجل مأخوذ من البرید کما ذکره الصدوق. (و کذلک) لا یصح الاستدلال علیه بروایة أبی هریرة[554] (قال: قال رسول الله (ص): إذا إشتد الحر فابردوا بالصلاة فان الحر من قیح (فیح) جهنم). لان هذه الروایة ضعیفة السند بأبی هریرة و غیره من الضعفاء.

(و یحتمل قویاً) أن یکون نظر الماتن فی هذا الاستثناء الی ما رواه زرارة[555] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت صلاة الظهر فی القیظ فلم یجبنی فلما ان کان بعد ذلک قال لعمر بن سعید بن هلال ان زرارة سألنی عن وقت صلاة الظهر فی القیظ فلم اخبره فخرجت (حرجت) من ذلک فأقرأه منی السلام و قل له: اذا کان ظلک مثلک فصل الظهر، و اذا کان ظلک مثلیک فصل العصر). فان هذه الروایة موثقة من حیث السند و واضحة الدلالة بل صریحة فی التأخیر الی المثل و المثلین فی شدة الحر ـ و تعبیر الماتن بالابراد لا ینافیه، فان التأخیر الی المثل و المثلین فی شدة الحر ـ و تعبیر الماتن بالابراد لا ینافیه، فان التأخیر الی المقدار المذکور یوجبه فی الجملة ـ (و لعل الوجه فیه) هو أن الحر اذا کان شدیداً یتأذی المصلی منه فیسلبه الخشوع و الاقبال فی الصلاة فاذا انخفضت الحرارة تمکن من ذلک.

(1) لا ریب فی أفضلیة التأخیر إذا ینتظره أحد و ذلک لما رواه الصدوق باسناده عن الحلبی عن أبی عبدالله علیه السلام[556] (أنه سأل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 340 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[547]. الوسائل ب 1 من أبواب الاستحاضة ر 15.
[548]. الوسائل ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ر 3 و 5 و 1.
[549]. الوسائل ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ر 3 و 5 و 1.
[550]. الوسائل ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ر 3 و 5 و 1.
[551]. الوسائل ب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر ر 1.
[552]. الوسائل ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ر 2.
[553]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 5.
[554]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 6 و 13.
[555]. الوسائل ب 8 من أبواب المواقیت ر 6 و 13.
[556]. الوسائل ب 7 من أبواب آداب الصائم ر 1.

(341 - 345)

(341 - 345)

 

عن الافطار أ قبل الصلاة أو بعدها، قال: فقال: إن کان معه قوم یخشی أن یحبسهم عن عشائهم فلیفطر معهم و إن کان غیر ذلک، فلیصل ثم لیفطر) و رواها الکلینی و الشیخ (قدس سرهما) أیضاً فهذه الروایة کما تری رویت بطرق مختلفة کلها معتبرة، فلا إشکال فیها من حیث السند و الدلالة.

(و اما الفرض) الآخر و هو توقان النفس الی الافطار، فلم یثبت فیه أفضلیة التأخیر بالخصوص فان ما رواه المفید (قدس سره) فی المقنعة مرسلة[557] (قال: و روی أیضاً فی ذلک أنک إذا کنت تتمکن من الصلاة و تعقلها و تأتی علی جمیع حدودها قبل أن تفطر فالأفضل أن تصلی قبل الافطار و ان کنت ممن تنازعک نفسک للافطار و تشغلک شهوتک عن الصلاة فابدأ بالافطار لیذهب عنک وسواس النفس اللوامة غیر ان ذلک مشروط بانه لا یشتغل بالافطار قبل الصلاة الی أن یخرج وقت الصلاة).

فهذه المرسلة لارسالها لا یمکن الاعتماد علیها. (علی) أنها منقولة بالمعنی ظاهراً کما انه من المطمئن به ان الذیل: (غیر ان ذلک مشروط الخ) من کلام المفید و لیس جزءاً للروایة کما قیل ـ و المراد من الوقت فی قوله إلی أن یخرج وقت الصلاة هو وقت الفضیلة لا الإجزاء فان أحداً لا یشتغل بالأکل و الشرب من المغرب إلى أن ینتصف اللیل عادة کی ینبه علی عدم جواز التأخیر الی هذا المقدار ـ علی أنه من توضیح الواضح حیث إن عدم جواز التأخیر الی هذا المقدار ـ علی أنه من توضیح الواضح حیث إن عدم جواز التأخیر الی هذا الحد غیر خفی علی أحد ـ و کیف کان هذا کلام من المفید رحمه الله فلا یصلح أن یکون مدرکاً لاستنباط الحکم الشرعی.

(ولکن) الذی یمکن الاستدلال به علی أفضلیة التأخیر فی المقام هو صحیحه عمر بن یزید المتقدمه[558] قال: (قلت لأبی عبدالله (ع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 341 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 14) یستحب التعجیل فی قضاء الفرائض و تقدیمها علی الحواضر (1)

 

اکون فی جانب المصر فتحضر المغرب و أنا أرید المنزل فان أخرت الصلاة حتی أصلی فی المنزل کان أمکن لی و أدرکنی المساء أفا صلی فی بعض المساجد؟ فقال: صل فی منزلک).

فان المستفاد من هذه الصحیحه هو رجحان التأخیر لکل ما یوجب التوجه و الاقبال فی الصلاة، و بما أن من تنازعه نفسه للافطار یخطر فی ذهنه کیفیة الأکل و الشرب فلا یحصل منه الاقبال و حضور القلب الذی هو بمنزلة الروح فی الصلاة فعلیه یکون الأفضل له هو التأخیر لغرض تحصیل ما هو روح فی الصلاة.

(1) صح ما ذکره علی القول بالمواسعة فی قضاء الفرائض إذ علی القول بالمضایقة و الالتزام بأن وقت القضاء ضیق و وجوبه فوری یجب التعجیل و حیث إن الصحیح هو القول بالمواسعة، فلا اشکال فیما ذکره الماتن (قدس سره) و الوجه فی ذلک (أى صحة القول بالمواسعة) أن الروایات الواردة فی المقام علی طائفتین (الطائفة الأولی) ـ و هی کثیرة ـ[559] دلت علی المواسعة (و الطائفة الثانیة) دلت علی المضایقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 342 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و کذا یستحب التعجیل (1) فی قضاء النوافل اذا فاتت فی أوقاتها الموظفة و الأفضل قضاء اللیلیة فی اللیل و النهاریة فی النهار.

 

و العمدة فیها صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام[560] (انه سأل عن رجل صلی بغیر طهور أو نسی صلوات لم یصلها أو نام عنها فقال: یقضیها إذا ذکرها فی أی ساعة ذکرها من لیل أو نهار) (الحدیث). فان هذه الروایة صحیحة من حیث السند و ظاهرة فی الدلالة علی المضایقة ولکن الروایات الدالة علی المواسعة تصلح لصرفها عن ظاهرها و حملها علی الاستحباب و علی أفضلیة الاتیان بالفائتة فوراً فی أی ساعة ذکرها (و أما) وجه افضلیة تقدیم الفوائت علی الحواضر فقد تقدم قریباً (ص 321).

(1) إن أراد باستحباب التعجیل إتیان النافلة الفائتة فی النهار فی نفس هذا النهار و اتیان النافلة الفائتة فی اللیل فی نفس هذا اللیل فما یمکن ان یستدل به علی ذلک روایتان.

(إحدیهما) صحیحة معاویه بن عمار[561] قال: (قال ابو عبدالله علیه السلام: إقض ما فاتک من صلاة النهار بالنهار و ما فاتک من صلاة اللیل باللیل قلت: اقضی وترین فی لیلة؟ قال: نعم إقض وتراً أبداً).

(الثانیة) موثقة إسماعیل الجعفی[562] قال: (قال ابو جعفر (ع)! أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة اللیل باللیل و قضاء صلاة النهار بالنهار قلت: و یکون الوتران فی لیلة، قال: لا، قلت و لِمَ تأمرنی ان أوتر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 343 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و ترین فی لیلة؟ فقال: أحدهما قضاء).

(ولکن) الصحیح عدم تمامیة هذا الاستدلال، فان الروایتین تدلان علی أفضلیة قضاء ما فات لیلا فی اللیل و ما فات نهاراً فی النهار مطلقاً و لم یفرض فیهما أن یؤتی بالقضاء فی نفس ذلک اللیل و ذلک النهار.

(و إن) أراد من استحباب التعجیل إتیان النافلة التی فاتت فی النهار باللیل الآتی و إتیان ما فات فی اللیل بالنهار الآتی من دون فصل بینهما فهو مما لم یقم علیه دلیل و ما رواه الصدوق مرسل لا یعتمد علیه[563] قال (أى الصدوق): قال الصادق علیه السلام: کل ما فاتک من صلاة اللیل فاقضه بالنهار قال الله تبارک و تعالی: (و هو الذی جعل اللیل و النهار خلفة لمن أراد أن یذّکّر أو أراد شکورا). یعنی أن یقضی الرجل ما فاته باللیل بالنهار و ما فاته بالنهار باللیل و اقض ما فاتک من صلاة اللیل أی وقت شئت من لیل أو نهار ما لم یکن وقت فریضة.

قال (أى الصدوق)[564] : و قال رسول الله صلی الله علیه و آله إن الله لیباهی ملائکته بالعبد یقضی صلاة اللیل بالنهار، فیقول: یا ملائکتی أنظروا إلی عبدی یقضی ما لم افترضه علیه أشهدکم أنی قد غفرت له). (و ان أراد به إتیان ما فاته بالنهار بالنهار الآتی و ما فاته فی اللیل باللیل الآتی فهذا لا دلیل علیه أصلا حتی روایة ضعیفة.

(فتحصل) أن ما ذکره الماتن (قدس سره) لا دلیل علیه بالخصوص، نعم لا شک فی کونه محبوباً لأجل آیتى المسارعة و الاستباق إلا أنه لا یختص بالمقام بل یجری فی کل عمل خیر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 344 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 15) یجب تأخیر الصلاة من أول وقتها لذوی الأعذار (1) مع رجاء زوالها او احتماله فی آخر الوقت

 

(1) قد أسلفنا الکلام فی هذا الفرع مفصلا و حاصله أن الأمر بعکس ما أفاده الماتن (قدس سره) فان غیر المتیمم من ذوی الاعذار یجوز لهم البدار و ان احتملوا ارتفاع العذر و ذلک لأن الدلیل الخاص لم یقم هنا علی التأخیر إلی أن یضیق الوقت فمقتضی استصحاب بقاء العذر جواز البدار لما حققناه فی الأصول من أنه یجری فی الأمور الاستقبالیة أیضاً ـ نعم لو انکشف الخلاف وجبت الإعادة لأن امتثال الأمر الظاهری لا یقتضی الاجزاء. (و اما) المتیمم فلا یجری فی حقه استصحاب بقاء العذر لأن النصوص الخاصة آمرة بالتأخیر الی آخر الوقت (منها) صحیحة محمد بن مسلم عن أبی عبدالله علیه السلام[565] قال: (سمعته یقول: اذا لم تجد ماءً و أردت التیمم فأخر التیمم الی آخر الوقت فان فاتک الماء لم تفتک الأرض).

(و منها) صحیحة زرارة عن أحدهما علیهما السلام[566] : (اذا لم یجد المسافر الماء، فلیطلب مادام فی الوقت، فاذا خاف أن یفوته الوقت فلیتیمم و لیصل فی آخر الوقت) (الحدیث).

(و السند) فی هاتین الروایتین صحیح و الدلالة واضحة. (و منها) موثقة عبدالله بن بکیر عن أبی عبدالله علیه السلام[567] قال: (قلت له رجل أمّ قوما و هو جنب و قد تیمم و هم علی طهور قال: لا بأس فاذا تیمم الرجل فلیکن ذلک فی آخر الوقت فان فاته الماء فلن تفوته الأرض). وهذه الموثقة أیضاً آمرة بالتأخیر کما تری ـ و قریب منها روایته الأخری

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 345 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[557]. الوسائل ب 7 من أبواب آداب الصائم ر 5.
[558]. الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت ر 14.
[559]. (منها) صحیحة عبدالله بن سنان (المرویة فی الوسائل ب 62 من ابواب المواقیت) عن أبی عبدالله علیه السلام قال: (ان نام رجل أو نسی أن یصلی المغرب والعشاء الآخرة فان استیقظ قبل الفجر قدر ما یصلیهما کلتیهما فلیصلهما و ان خاف أن تفوته إحدیهما فلیبدأ بالعشاء الآخرة و ان استیقط بعد الفجر فلیصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس). (و منها) صحیحة محمد بن مسلم (المرویة فی الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت) قال: سألته عن الرجل تفوته صلاة النهار قال: یصلیها إن شاء بعد المغرب و إن شاء بعد العشاء).
[560]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 1 و 6.
[561]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 1 و 6.
[562]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 7.
[563]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 4 و 5.
[564]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 4 و 5.
[565]. الوسائل ب 22 من أبواب التیمم ر 1 و 2.
[566]. الوسائل ب 22 من أبواب التیمم ر 1 و 2.
[567]. الوسائل ب 23 من أبواب التیمم ر 3.

(346 - 350)

(346 - 350)

 

 

ما عدا التیمم (1) کما مر هنا و فی بابه

 

فلا مانع من الأخذ بهذه الروایات و الالتزام بعدم جواز التقدیم اذا احتمل زوال العذر:

(1) قد استدل علی جواز البدار للمتیمم ـ و لو مع رجاء زوال العذر ـ بعدة روایات ـ (منها) صحیحة الحلبی[568] قال: (سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول: إذا لم یجد الرجل طهوراً و کان جنباً فلیتمسح من الأرض و لیصل فاذا وجد ماء فلیغتسل و قد أجزئه صلاته التی صلی. (و منها) صحیحة محمد بن مسلم[569] قال: (سألت أبا عبدالله (ع) عن رجل أجنب فتیمم بالصعید و صلی ثم وجد الماء قال: لایعید إن رب الماء رب الصعید فقد فعل أحد الطهورین). (و منها) صحیحة العیص[570] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الرجل یأتی الماء و هو جنب و قد صلی قال: یغتسل و لا یعید الصلاة). (و منها) صحیحة زرارة[571] قال: (قلت لأبی جعفر علیه السلام: فان أصاب الماء و قد صلی بتیمم و هو فی وقت قال: تمت صلاته و لا إعادة علیه). و قریب منها غیرها.

(تقریب الاستدلال) أن هذه الطائفة من الاخبار دلت بالمطابقة علی أن الصلاة التی اتی بها مع التیمم لا تجب إعادتها و إن وجد الماء فی الوقت، فتدل بالالتزام علی صحة التیمم الذی اتی به قبل ضیق الوقت، فعلیه لا مانع من الالتزام بجواز البدار. (و فیه) أن هذه الطائفة فی مقام بیان صحة الصلاة التی اتی بها مع التیمم و لا اطلاق لها بالنسبة الی صحة التیمم مطلقاً فاذاً تحمل علی فرض العلم بعدم إرتفاع العذر أو الیأس من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 346 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و کذا یجب التأخیر لتحصیل المقدمات غیر الحاصلة کالطهارة و الستر (1) و غیرهما

 

إرتفاعه علی سبیل منع الخلو.

(و اما الطائفة الأولی) فقد وردت فی مقام بیان أن التیمم فی سعة الوقت لایجوز بل لابد من تأخیره و بما أنها معللة بما هو ظاهر فی الرجاء و الاحتمال و هو (قوله فان فاتک المألم تفتک الأرض). فتختص بهذا الفرض.

(و علی الجملة) أن الطائفة الأولی لما کانت معللة بتعلیل ظاهر فی الرجاء و الاحتمال کانت مختصة بهذا الفرض و لاتشمل فرض العلم ببقاء العذر و الیأس من إرتفاعه.

(و اما الطائفة الثانیة) فحیث إنها ناظرة إلی صحة الصلاة الواقعة مع التیمم و لاتکون ناظرة الی أن التیمم فی أی وقت یجوز و فی أی وقت لایجوز، فلا اطلاق لها بالاضافة الی جواز البدار حتی یتمسک به، فاذاً نقتصر منها علی القدر المتیقن و هو جواز البدار إذا علم بعدم الإرتفاع أو یئس منه و تمام الکلام قد سبق فی مبحث التیمم.

(1) وجوب التأخیر فی المقام لیس وجوباً شرعیاً مولویاً حتی یترتب علی مخالفته استحقاق العقاب إذ توجه الوجوب الشرعی المولوی الی المکلف مشروط بقدرته علی متعلقه فعلا و ترکا و هنا لایتمکن المکلف من الإتیان بالصلاة المأمور بها من دون التأخیر لتحصیل المقدمات فعدم التأخیر لیس تحت إختیاره، فالتأخیر کذلک لأن القدرة انما تتعلق بما یکون ترکه و فعله تحت إختیار الفاعل فعلیه یکون وجوب التأخیر فی المقام عقلیاً بمعنی أن المکلف لابد له من التأخیر إذ لو لم یؤخر لتحصیل المقدمات لایتمکن من فعل الصلاة المأمور بها علی وجهها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 347 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و کذا لتعلم اجزاء الصلاة و شرائطها (1)

 

(و بعبارة أخری) إذا تعلق الأمر بالصلاة المقیدة بالشروط و المقدمات یحکم العقل بتحصیل تلک الشروط و المقدمات لأجل توقف تحقق الإمتثال علیها و بما أن تحصیلها یحتاج إلی زمان یکون التأخیر بالنسبة إلی من یرید الامتثال أمراً ضروریاً.

(1) إن کان المکلف جاهلا بذوات الأجزاء و الشرائط کأن لم یعلم قرائة الفاتحة و الأرکار الواجبة فی الرکوع و السجود و الرکعتین الأخیرتین فی الصلاة الرباعیة مثلا کلاً أو بعضاً فلا ریب فی أن هذا الفرض کالفرض المتقدم فی کون وجوب التأخیر عقلیاً یتوقف علیه الامتثال لعدم تمکن المکلف من الصلاة المأمور بها بدونه فی أول الوقت بلا فرق بین من کان عالماً بالمفردات و جاهلا بالهیئة الترکیبیة و من کان جاهلا بهما، فان من لم یعلم الهیئة الترکیبیة لایتمکن من الصلاة و إن کان عالماً بالمفردات و هذا واضح.

(و اما) إن کان عالماً بالمفردات و الهیئة الترکیبیة کأن یعلم الفاتحة و الأذکار علی الهیئة المشروعة، و کان جاهلا بوجهها کأن لم یعلم أو لم یمیز الاجزاء الواجبة و المستحبة، (فان) قلنا بوجوب الجزم بالنیة. فأیضاً یجب علیه التأخیر و التعلم عقلا لأنه مع الجهل بالوجوب کیف یجزم بأنه یأتی بالواجب. (و ان) قلنا بعدمه کما هو الصحیح لعدم الدلیل علیه فلا مانع من الالتزمام بعدم وجوب التعلم و التأخیر، فان له أن یعمل بالاحتیاط أو یبنی علی أحد الطرفین قاصداً للاعادة علی تقدیر عدم المصادفة للواقع، و لافرق فی ذلک بین أن یکون الإحتیاط مستلزماً للتکرار أم لا (فالأول) کما اذا سافر الی أربعة فراسخ قاصداً للرجوع فی یومه و شک فی أنه هل تجب الصلاة علیه قصراً أو تماماً؟ فله أن یحتاط بالجمع بین القصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 348 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بل و کذا لتعلم أحکام الطواریء من الشک و السهو و نحوهما (1) مع غلبة الاتفاق بل قد یقال مطلقاً لکن لاوجه له.

 

و التمام و له أن یبنی علی أحد الطرفین بقصد التعلم بعد الفراغ و الإعادة علی تقدیر عدم المصادفة للواقع. (و الثانی) کما إذا لم یعلم أن ذکر الرکوع أو السورة واجب أم لا؟ فان یأتی برجاء الأمر صحت صلاته و إن انکشف عدم وجوبه.

(1) وجوب التأخیر لأجل التعلم هنا مبنی علی القول بحرمة قطع الصلاة الفریضة، فعلیه لابد هنا من الإلتزام بوجوب التأخیر لأجل التعلم، لأنه لو بادر الی الصلاة فی أول الوقت و اتفق له الشک فی أثنائها، (فان) قطعها کان مرتکباً للحرام، و ان لم یقطعها یحتمل أن یکون مرتکباً للحرام لإحتمال کونها باطلة و مقطوعة قهراً فهذا القطع القهری علی تقدیر ثبوته واقعاً مستند الی ترکه التعلم، فعلیه یحکم العقل قبل الصلاة بوجوب التأخیر لأجل التعلم دفعاً للضرر المحتمل.

(و مما) ذکرنا یظهر) أنه لاوجه للتقیید بغلبة الاتفاق بل لابد من القول بوجوب التأخیر للمتعلم مطلقاً سواء کان ما یحتمل طروئه غالب الاتفاق کالشکوک المتعارفة أولا کالشک بین الاثنین و الست مثلا، لأن احتمال طروء الشک مستلزم لوجوب تعلم حکمه، لحکم العقل بوجوب الدفع الضرر المحتمل ـ (نعم) لو اطمئن بعدم الإبتلاء به لایجب علیها التعلم لعدم الضرر المحتمل فان الإطمئنان حجة، فلا یعتنى باحتمال یخالفه.

(ان قلت): ما ذکره الماتن (قدس سره) من إعتبار غلبة الإتفاق صحیح إذ مع ندرة الابتلاء لامانع من التمسک باستصحاب عدم الابتلاء (قلت): لا مجال لهذا الاستصحاب، أصلا لأن أدلة وجوب التعلم تشمل باطلاقها لهذا الفرض و لا ریب فی أنها حاکمة علیه، ولو لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 349 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و اذا دخل فی الصلاة مع عدم تعلمها بطلت (1) اذا کان متزلزلا و ان لم یتفق.

ذلک لجری إستصحاب عدم الإبتلاء مع غلبة الإتفاق أیضاً هذا کله بناء علی حرمة قطع الصلاة لقیام الاجماع علیه.

(و اما إن قلنا) بعدم حرمة القطع، فلا یجب التأخیر لأجل التعلم و ذلک لجواز القطع لو اتفق له شک أو سهو فی أثناء الصلاة أو البناء علی أحد الطرفین رجاء مع قصد السؤال بعد الفراغ ـ (و حیث) إنه لادلیل علی حرمة قطع الصلاة إلا الإجماع المنقول الذی لانقول بحجیته. فالاوجه لما ذکره الماتن (قدس سره) و لا یرجع إلی أساس صحیح.

(1) الظاهر أن مراده (قدس سره) من البطلان هو البطلان فی مرحلة الظاهر بمعنی أن العقل یحکم بعدم الإکتفاء بذلک فی مرحلة إلامتثال لعدم العلم بفراغ الذمة ـ لا البطلان الواقعی حتی یرد علیه أنه علی القول بعدم اعتبار الجزم بالنیة ـ کما هو الصحیح و قد اختاره ـ لا وجه للبطلان مع مصادفة الواقع و إتیانها مضافاً الی المولی ـ (و الذی) یدلنا علی ذلک أمران.

(الأول) قوله بعد ذلک: (نعم إذا أتفق شک أو سهو لا یعلم حکمه بطلت صلاته لکن له أن یبنی علی أحد الوجهین أو الوجوه بقصد السؤال بعد الفراغ و الاعادة اذا خالف الواقع). (و ذلک) لوضوح أن البطلان الواقعی لا یجتمع مع صحة البناء علی أحد الوجهین أو الوجوه و عدم الحکم بلزوم الإعادة فی ما إذا طابق المأتی به للواقع ـ و حیث إنه لافرق فی صحة البناء علی أحد الوجهین أو الوجوه بین أن یکون هذا فی الأول أو فی الاثناء کشف ذلک عن أن مراده من البطلان فی الفرع الأول أیضاً هو البطلان الظاهری.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 350 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[568]. الوسائل ب 14 من أبواب التیمم ر 4 و 15 و 16 و 9.
[569] . الوسائل ب 14 من أبواب التیمم ر 4 و 15 و 16 و 9.
[570] . الوسائل ب 14 من أبواب التیمم ر 4 و 15 و 16 و 9.
[571] . الوسائل ب 14 من أبواب التیمم ر 4 و 15 و 16 و 9.

الصفحات (351 - 400)

الصفحات (351 - 400)

(351 - 355)

(351 - 355)

و اما مع عدم التنزل بحیث تحقق منه قصد الصلاة و قصد امتثال أمر الله، فالاقوی الصحة (1) نعم اذا اتفق شک أو سهو لایعلم حکمه بطلت صلاته لکن له أن یبنی علی أحد الوجهین أو الوجوه بقصد السؤال بعد الفراغ. و الاعادة اذا خالف الواقع (2) و أیضاً یجب ألتأخیر اذا زاحمها واجب آخر مضیق کازالة النجاسة عن المسجد أو أداء الدین المطالب به مع القدرة علی أدائه أو حفظ النفس المحترمة أو نحو ذلک (3) و إذا

 

(الثانی) انه (قدس سره) قال فی المسألة السابعة من مسائل التقلید: (عمل العامی بلا تقلید و لا احتیاط باطل). ثم قال فی المسألة الأربعین: (إذا علم أنه کان فی عباداته بلا تقلید مدة من الزمان و لم یعلم مقداره فان علم بکیفیتها و موافقتها للواقع أولفتوی المجتهد الذى یکون مکلفا بالرجوع الیه فهو و إلا فیقضی المقدار الذی یعلم معه بالبرائة علی الأحوط و إن کان لایبعد جواز الإکتفاء بالقدر المتیقن). فانه یستفاد من هذین الفرعین أن مراده من البطلان فی الفرع الأول هو البطلان الظاهری لا الواقعی و إلا فلا مجال للتفصیل الذی ذکره فی الفرع الثانی ـ فمنه یعلم أن مراده من البطلان فی المقام أیضاً هو البطلان الظاهری فان المناط فی الجمیع أمر واحد و هو الإکتفاء فی مرحلة الإمتثال بمطابقة المأتی به للمأمور به مضافاً إلی المولی نحو إضافة.

(1) قد عرفت الحکم بالصحة فی فرض التزلزل أیضاً.

(2) قد ظهر الوجه فی هذا الفرع فلا حاجة الی الاعادة.

(3) الوجه فیما ذکره واضح فان مع سعة وقت الصلاة ـ کما هو المفروض ـ یجب تقدیم الإزالة و أداء الدین، لأن وجوبهما فوری (و اما)حفظ النفس المحترمة کانقاذ الغریق أو الحریق، فیقدم علی الصلاة حتی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 351 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

خالف و اشتغل بالصلاة عصی فی ترک ذلک الواجب لکن صلاته صحیحة علی الأقوی (1) و إن کان الاحوط الاعادة.

 

مع ضیق وقتها لأنه أهم من الصلاة.

(1) لا إشکال فی کونه عاصیاً بترک الإزالة أو ترک حفظ النفس المحترمة ـ (و اما) الصلاة فربما یقال بصحتها للترتب و صححها صاحب الکفایة (قدس سره) بداعی الملاک (و فیه) أنا قد ذکرنا غیر مرة أنه لا طریق لنا إلی إحراز الملاک إلا الأمر، فلو فرض عدمه لأجل عدم إمکان الأمر بالضدین فی آن واحد، فکیف یحرز الملاک ـ (و اما) الترتب و إن کان صحیحاً فی نفسه و لعل تصوره یکفی فی تصدیقه إلا أنه لا نحتاج الیه فی المقام و لیس مورداً له فان الحاجة تدعو إلی التصحیح بالترتب فی الواجبین المضیقین حیث إن الأمر بالمهم لایکون إلا بالترتب کما إذا دار الأمر بین الإنقاذ و الصلاة فی آخر الوقت.

(و أما) فی المقام فالصلاة محکومة بالصحة، و إن قلنا بعدم إمکان الترتب لأن الأمر قد تعلق بالطبیعة المطلقة الجامعة بین الأفراد العرضیة و الطولیة و الفرد المزاحم بالواجب المضیق مصداق للطبیعة المطلقة، فتکون منطبقة علیه قهراً لما حققناه فی الأصول من أن الإطلاق عبارة عن رفض القیود و لاإشکال فی وجود الأمر بالطبیعة لأن المزاحمة لم تقع بینها و بین الواجب الفوری و هو الإزالة و إنقاذ النفس بل المزاحمة واقعة بینه و بنى فرد منها و هو لایکون متعلقاً للامر حتی فی غیر مورد التزاحم فلو عصی الأمر المتعلق بالواجب الفوری و أتی بالفرد المزاحم له بداعی الأمر المتعلق بالطبیعة یحکم بصحته لإنطباق الطبیعة علیه قهراً (هذا) بناء علی عدم اقتضاء الأمر بالشىء النهى عن الضد و أما بناء علی الاقتضاء فالصلاة تبطل لأن الفرد المزاحم للواجب الفوری یکون منهیاً عنه و لو نهیاً غیریا لانه ضد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 352 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 16) یجوز الاتیان بالنافلة و لو المبتدئة فی وقت الفریضة (1) مالم تتضیق و لمن علیه فائتة علی الأقوى.

 

للواجب الفوری ولکنا لانقول بالاقتضاء کما حققناه فی الأصول.

(فصل فی التطوع فی وقت الفریضة)

(1) إختلف الأصحاب فی المقام علی قولین:

(القول الأول) عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة، فتکون الصلاة کالصوم فی ذلک ذهب الیه الشیخان و العلامة فی جملة من کتبه و به صرح المحقق فی المعتبر و إدعی أنه مذهب علمائنا و صرح الشهید الثانی فی الروض بأنه المشهور بین المتأخرین.

(القول الثانی) جواز التطوع فی وقت الفریضة إختاره الشهید الأول فی الدروس و الثانی فی الروض و قال فی الدروس: (ان الأشهر انعقاد النافلة فی وقت الفریضة أداء کانت أو قضاء) و لعل مراده من کونه أشهر أنه أشهر بین المتأخرین لعدم إمکان هذه الدعوی بالإضافة إلی المتقدمین لما عرفت من دعویالمحقق الإجماع علی عدم الجواز فلکل من القولین قائل یعتد به شخصاً و کثرة ـ (و منشأ الاختلاف) هو اختلاف الروایات و کیفیة الاستفادة منها، فالکلام یقع فی موضعین (الموضع الأول) فی بیان کیفیة الاستدلال بالروایات الدالة علی عدم جواز النافلة فی وقت الفریضة الأدائیة ـ (الموضع الثانی) فی کیفیة الاستدلال بالروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة القضائیة.

(اما الکلام فی الموضع الاول) فهو ان القائلین بعدم المشروعیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 353 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استدلوا علیه بعدة روایات (منها) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام[572] قال: (سألته عن رکعتی الفجر، قبل الفجر أو بعد الفجر فقال: قبل الفجر إنهما من صلاة اللیل ثلاث عشرة رکعة صلاة اللیل أترید أن تقائس لو کان علیک من شهررمضان أکنت تطوع؟ إذا دخل علیک وقت الفریضة فابدأ بالفریضة). (فان) هذه الصحیحة ظاهرة بل صریحة فی عدم جواز الاتیان برکعتى الفجر بعد طلوع الفجر و دخول وقت الفریضة.

(و فیه) أنها و إن کانت ظاهرة فی المنع إلا أن موردها نافلة الفجر و قد دلت الروایات الصحیحة[573] علی جواز الإتیان بها بعد الفجر، فبقرینتها تحمل هذه الصحیحة علی مرجوحیة الإتیان بها بعد طلوع الفجر.

(و لایخفی) أن قوله علیه السلام: (أترید أن تقایس لو کان علیک من شهر رمضان اکنت تطوع) یحتمل قویاً أن یکون مسوقاً لغرض تعلیم الراوی طریقة الجدل مع العامة حیث إنهم یرون جواز الاتیان بنافلة الصبح بعد طلوع الفجر مع کونهم ملتزمین بحجیة القیاس و إلا فکیف یقول الامام علیه السلام: بعدم جواز التطوع فی وقت الفریضة قیاساً لها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 354 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالصوم حیث ان التطوع بالصوم لایجوز فی وقت الصوم الواجب فان القیاس لیس من مذهبنا.

(و منها) صحیحة اخری لزرارة[574] عن أبی جعفر علیه السلام (أنه سأل عن رجل صلی بغیر طهور أو نسی صلاة لم یصلها أو نام عنها قال: یقضیها إذا ذکرها فی أی ساعة ذکرها (إلی أن قال) و لا یتطوع برکعة حتی یقضی الفریضة کلها) (تقریب الاستدلال) أن هذه الصحیحة واضحة الدلالة علی المطلوب فان النهى عن التطوع قبل الفریضة القضائیة یستلزم النهى عن التطوع قبل الفریضة الأدائیة بطریق أولی.

(و فیه أن) التحقیق الذی یقتضیه النظر الدقیق عدم تمامیة الاستدلال بها و ذلک لوجهین (الوجه الأول) عدم تمامیة دلالتها، بیان ذلک أن الصحیحة لم تذکر بأجمعها بل بقی قطعة منها واصل الروایة هکذا[575] (فقال: یقضیها إذا ذکرها فی أی ساعة ذکرها من لیل أو نهار، فاذا دخل وقت صلاة و لم یتم ما قد فاته، فلیقض مالم یتخوف ان یذهب وقت هذه الصلاة التی قد حضرت، و هذه أحق بوقتها فلیصلها فاذا قضاها فلیصل ما قد فاته مما قد مضی و لایتطوع برکعة حتی یقضی الفریضة).

و التأمل الصحیح فی هذه الصحیحة یفید أن النهى عن التطوع لیس حکماً جدیداً إستقلالیاً، بل هو متفرع علی الأمر بالقضاء حیث إنه (ع) لما أمر أولا باتیان القضاء بقوله (یقضیها إذا ذکرها الخ) فرّع علیها قوله (فاذا دخل وقت صلاة (الى أن قال) فاذا قضاها فلیصلّ ما قد فاته مما قد مضی و لا یتطوع برکعة حتی یقضی الفریضة) فمقتضی العطف ان الجملة الأخیرة أیضاً متفرعة علی الأمر بالقضاء و مقتضی التفریع ان النهى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 355 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[572] . الوسائل ب 50 من أبواب المواقیت ر 3
[573] . منها صحیحة محمد بن مسلم (المرویة فی ب 52 من ابواب المواقیت) قال: (سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: صل رکعتى الفجر قبل الفجر و بعده و عنده). (و منها) صحیحة ابن أبی یعفور قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رکعتى الفجر متی أصلیهما؟ فقال: قبل الفجر و معه و بعده). (و منها) صحیحة محمد بن مسلم قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رکعتى الفجر قال: صلهما قبل الفجر و مع الفجر و بعد الفجر). (راجع الوسائل ب 52 من أبواب المواقیت ر 1 و 2 و 3.
[574] . الوسائل ب 61 من ابواب المواقیت ر 3
[575] . راجع التهذیب المطبوع حدیثاً سنة 1378 ج 2 ص 266

(356 - 360)

(356 - 360)

 

عن التطوع تابع للأمر بالقضاء فی کونه الزامیاً أو غیر الزامی فالنتیجة أنه لو إلتزمنا بالمضایقة فی قضاء الفوائت یکون النهى عن التطوع تحریمیاً و إن التزمنا فیه بالمواسعة یکون النهى عنه تنزیهیاً، و بما أن الصحیح هو القول بالمواسعة کما یجییء فی محله فلا مجال للاستدلال بها فی المقام فاذاً یحمل النهى علی التنزیه.

(الوجه الثانی) ان مورد هذه الصحیحة هو الفریضة القضائیة و محل کلامنا فعلا البحث عن التطوع فی وقت الفریضة الادائیة فالصحیحة أجنبیة عنه إلا بناء علی دعوی الملازمة بین جواز التطوع فی وقت الفریضة القضائیة و جوازه فی وقت الفریضة الادائیة فیکون الدلیل علی احدهما دلیلا علی الآخر، (ولکنها) ممنوعة لعدم الدلیل علیها، و لاسیما علی القول بالمضایقة فی قضاء الفوائت فان الاتیان بالنافلة قبلها غیر جائز لفوریة الأمر بالقضاء علی الفرض بخلاف الفریضة الادائیة فان وقتها موسع لا مانع من تأخیرها و التطوع قبلها.

(و مما ذکرنا ظهر) أنه لاوجه لدعوی الأولویة فی المقام بأن یقال إن عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة القضائیة یستلزم عدم جوازه فی وقت الفریضة الادائیة بطریق أولی.

(و منها) ما ذکره الشهید (فی الذکری) بسنده الصحیح عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[576] (قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: إذا دخل وقت صلاة مکتوبة فلا صلاة نافلة حتی یبدأ بالمکتوبة) (الحدیث).

و هذه الصحیحة أیضاً واضحة الدلالة علی عدم مشروعیة النافلة فی وقت الفریضة قبلها). (و فیه) ان صاحب الوسائل و إن عبر عنها بقوله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 356 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ما رواه الشهید فی الذکری بسنده الصحیح) إلا أن تمامیة سندها لم تثبت عندنا بل تکون بالاضافة الینا مرسلة، لأن صحة طریقها عند الشهید لاتستلزم الصحة عندنا، لاحتمال أن تکون صحتها عنده مستندة إلی إجتهاده وحدسه.

(و منها) ما رواه الشهید الثانی فی الروض (ص 184) قال صاحب الحدائق هی ما رواه زرارة فی الصحیح (قال: قلت لأبی جعفر (ع): أصلی نافلة و علی فریضة أو فی وقت فریضة، قال: لا، إنه لا تصلی نافلة فی وقت فریضة أرأیت لو کان علیک من شهر رمضان أکان لک أن تطوّع حتی تقضیه؟ قال: قلت: لا. قال: فکذلک الصلاة قال: فقایسنی و ما کان یقایسنی). و هذه الروایة أیضاً لم یثبت إعتبارها لأنها لم تذکر فی کتب الروایات و لا فی غیرها مسندة حتی یلاحظ سندها فهی مرسلة بالنسبة الینا، فکیف یحکم بأنها صحیحة من حیث السند؟

ثم إن جماعة من الأصحاب زعموا أن أول من روى هذه الروایة هو الشهید الثانی فی الروض و قد أخذ منه صاحب الحدائق و شیخنا البهائی فی الحبل المتین و أخذها صاحب الوافی[577] من الحبل المتین. (و فیه) أن الأمر لیس کذلک، فان الشهید الأول قد سبق الشهید الثانی فی نقلها فانه تعرض لها فی الذکری (فی المسألة الثانیة من الفصل الرابع من أحکام المواقیت) وکیفما کان لا حجیة فیها لعدم ثبوت سندها عندنا.

(و منها) ما رواه ابن إدریس فی مستطرفات السرائر عن کتاب حریز بن عبدالله عن زرارة[578] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: لا تصل من النافلة شیئاً فی وقت الفریضة، فانه لا تقضی نافلة فی وقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 357 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فریضة، فاذا دخل وقت فریضة، فابداً بالفریضة) بدعوی أن هذه الروایة واضحة الدلالة علی المنع.

(و فیه) أولا أنه لا یمکن الاستدلال بهذه الروایة لعدم ثبوت سندها عندنا، فان طریق إبن إدریس إلی کتاب حریز مجهول إذ من المعلوم أن حریزاً من أصحاب الصادق علیه السلام و إبن إدریس متأخر عنه بمئات سنین[579] فمن أین یعلم أن کتاب حریز وصل الیه (نعم) یحتمل أنه وصل الیه کتابا زعم أنه کتاب حریز و لو لأجل قرائن حدسیة (ولکنه) لا ینفع بالنسبة الینا.

(فان قلت): إن إبن إدریس کان ممن لا یعمل إلا بالخبر المتواتر و مع ذلک قد روى فی مستطرفات السرائر عن کتاب حریز عدة روایات و إعتمد علیها، فمنه یستکشف أن هذا الکتاب وصل الیه بالتواتر أو بما یشبهه فاخباره عن هذا الکتاب شبیه بکونه إخباراً عن الحس فاذاً یکون ما رواه عنه فی حکم المسانید لا المراسیل.

(قلت) إن غایة ما یلزم مما ذکر أن ابن إدریس کان معتقداً أن ما وصل الیه کان کتاب حریز و لو کان إعتقاده من القرائن الحدسیة الاجتهادیة و مثل هذا الاعتقاد و الحدس لا أثر له بالنسبة الینا فعلیه لا مجال للاعتماد بما رواه إبن إدریس عن کتاب حریز مطلقاً.

(و ثانیاً) ان الاستدلال بها أخص من المدعى، و ذلک، لأن المراد من الوقت المذکور فیها هو خصوص وقت الفضیلة الذی قدّر فی الروایات بالذراع و الذراعین و القدمین و أربعة أقدام لا مطلق الوقت الذی یکون إتیان الفریضة فیه أداء و الذی یدلنا علیه أمران.

(الأول) ان القدر المتیقن من النافلة المذکورة فی الروایة بل المنصرف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 358 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منها النافلة الراتبة و هذه النافلة لا شک فی جواز إتیانها فی مطلق وقت الفریضة ألا تری أن وقت الظهرین یدخل بالزوال و نافلتهما تؤتى قبلهما و وقت العشائین یدخل بالغروب و نافلة المغرب تؤتی قبل العشاء، و لازم ذلک أن یکون المراد من الوقت الذی نهى عن إتیان النافلة فیه هو خصوص وقت الفضیلة، فاذاً یکون الدلیل أخص من المدعى، إذ المدعى عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة مطلقاً.

(الأمر الثانی) الروایات الواردة فی مقام بیان وقت الفریضة و النافلة فانها تدل علی أن الذراع و الذراعین إنما جعلت لأجل النافلة. (منها) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[580] (إلی أن قال): (أتدری لِمَ جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لِمَ جعل ذلک؟ قال: لمکان النافلة لک أن تتنفل من زوال الشمس إلی أن یمضی ذراع، فاذا بلغ فیئک ذراعاً من الزوال بدأت بالفریضة و ترکت النافلة و اذا بلغ فیئک ذراعین بدأت بالفریضة و ترکت النافلة). (و منها) موثقة زرارة (بالحسن بن محمد بن سماعة) عن أبی جعفر علیهما السلام[581] (قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم؟ قال: لمکان الفریضة لک أن تتنفل من زوال الشمس الی أن تبلغ ذراعاً فاذا بلغت ذراعاً بدأت بالفریضة و ترکت النافلة).

(و منها) موثقة اسماعیل الجعفی[582] عن أبی جعفر (ع) (قال: أتدری لم جعل الذراع و الذراعان؟ قال: قلت: لم؟ قال: لمکان الفریضة لئلا یؤخذ من وقت هذه و یدخل فی وقت هذه) و نحوها غیرها.

و هذه الروایات (کما تری) ناطقة بأن وقت الفضیلة انما جعل و قدر لئلا تکون النافلة فی هذا الوقت فبدخوله ینتهی وقت النافلة، فهذه الروایات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 359 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قرینة واضحة علی أن المراد من الوقت المذکور فی روایة إبن إدریس هو وقت الفضیلة، (فقد تحصل) من جمیع ما حققناه عدم تمامیة الاستدلال بالروایة المذکورة لعدم حجیتها أولا، و کونها أخص من المدعی ثانیاً.

(و منها) موثقة زیاد بن أبی غیاث عن أبی عبدالله (ع)[583] (قال: سمعته یقول: إذا حضرت المکتوبة فابدأ بها، فلا تضرک أن تترک ما قبلها من النافلة). (و فیه) أنه لا دلالة لهذه الموثقة علی المنع أصلا، بل هی ظاهرة فی مشروعیة النافلة فی وقت الفریضة حیث قال علیه السلام: (فلا تضرک أن تترک ما قبلها من النافلة) فان هذه الجملة ظاهرة فی جواز النافلة و أفضلیة الفریضة و أنه لا ضیرفی ترک النافلة و إن شرع فیها، فالاستدلال بها علی الجواز أولی من الاستدلال بها علی المنع.

(ثم لا یخفی) أن المذکور فی الوسائل (زیاد أبی عتاب) و کذا فی الحدائق و هو لم یوثق فی کتب الرجال بل مهمل و یظهر من صاحب الحدائق أن هذه الروایة ضعیفة حیث عبر عنها بالروایة لا بالموثقة، ولکن الصواب هو (زیاد بن أبی غیاث) کما ذکرناه و هو ثقة وثقه النجاشی و الدلیل علی ذلک أمران.

(الأول) أن فی طریق هذه الروایة ثابت بن شریح و هو یروی عن زیاد بن أبی غیاث بشهادة الشیخ و النجاشی (قال الشیخ فی الفهرست): (زیاد ابن أبی غیاث له کتاب أخبرنا به أحمد بن محمد بن موسی عن ابن عقدة عن حمید بن زیاد عن أحمد بن الحسین القزاز البصری عن صالح بن خالد المحاملی عن ثابت بن شریح عن زیاد بن أبی غیاث مولی آل دغش عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام).

و قال النجاشی: (زیاد بن أبی غیاث و إسم أبی غیاث مسلم مولی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 360 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[576] . الوسائل ب 61 من ابواب المواقیت ر 6
[577]. راجع الوافی باب کراهة التطوع فی وقت الفریضة.
[578]. الوسائل ب 35 من ابواب المواقیت ر 8.
[579]. فان حریزاً کان فی المأة الثانیة و ابن ادریس کان فی المأة الخامسة.
[580]. الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 3 و 20 و 21.
[581]. الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 3 و 20 و 21.
[582]. الوسائل ب 8 من ابواب المواقیت ر 3 و 20 و 21.
[583]. الوسائل ب 35 من ابواب المواقیت ر 4.

(361 - 365)

(361 - 365)

 

آل دغش من محارب بن خصفة روى عن أبی عبدالله علیه السلام ذکره ابن عقدة و ابن نوح ثقة سلیم (إلی أن قال) قال حدثنا أبو شعیب صالح بن خالد المحاملی عن أبی إسماعیل ثابت بن شریح الصایغ الأنباری عن زیاد بن أبی غیاث بکتابه). فبشهادة هذین العلمین یثبت أن الذی یروی عنه ثابت بن شریح هو زیاد بن أبی غیاث.

(الأمر الثانی) أن فی طریق هذه الروایة عبیس بن هشام و هو یروی عن ثابت بن شریح ـ الذی عرفت أنه یروی عن زیاد بن أبی غیاث ـ و ذلک أیضاً ثابت بشهادة الشیخ و النجاشی (أما) الشیخ فقال فی الفهرست: (ثابت بن شریح له کتاب أخبرنا به إبن أبی جید عن ابن الولید عن الحسن بن متیل عن الحسن بن علی الکوفی عن عبیس بن هشام عن ثابت ابن شریح).

و قال النجاشی فی رجاله: (ثابت بن شریح أبو إسماعیل الصایغ الأنباری مولی الازد ثقة روى عن أبی عبدالله علیه السلام و اکثر عن أبی بصیر و عن الحسین بن أبی العلاء و ابنه محمد بن ثابت له کتاب فی أنواع الفقه اخبرنا علی بن أحمد بن محمد قال حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا الحسن بن متیل قال حدثنا الحسن بن علی بن عبدالله بن المغیرة عن عبیس بن هشام عن ثابت). فقد إتضح بشهادة العلمین فی الموردین أن عبیس بن هشام یروی عن ثابت بن شریح و هو یروی عن زیاد بن أبی غیاث لا عن زیاد أبی عتاب فعلیه تکون نسخة الوسائل: (زیاد أبی عتاب محرفة)[584] فاذاً تکون الروایة معتبرة ولکن دلالتها غیر تامة کما عرفت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 361 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها روایة نجیة[585] قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: تدرکنی الصلاة و یدخل وقتها فأبدأ بالنافلة؟ قال: فقال أبو جعفر علیهما السلام: لا؟ ولکن إبدأ بالمکتوبة و اقض النافلة) لا یخفی أن صاحب الوسائل روی هذه الروایة عن الشیخ باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن مسکین عن معاویة بن عمار عن نجیة و هؤلاء کلهم ثقاة الانجیة فان نسخ الکتب فیها مختلفة ففی الوسائل نجیة و فی التهذیب نجیة و فی هامش الرجال للسید التفریشی نجیة و کذا فی رجال الکشی، و الظاهر أنه رجل واحدو لم یوثق فی کتب الرجال إلا أن الکشی حکی عن حمدویه. قال: قال محمد بن عیسی (نجیة بن الحرث شیخ صادق کوفی صدیق علی بن یقطین) و هذا الکلام لا ریب فی أنه یفید حسنه، فعلیه تکون الروایة معتبرة.

(ولکن) التحقیق أن الروایة ضعیفة السند، و ذلک، لأن الشیخ رواها فی التهذیب باسناده عن الطاطری لا عن الحسن بن محمد بن سماعة و طریق الشیخ الیه ضعیف ـ کما مر غیر مرة ـ فما فی الوسائل ـ من نقلها عن الحسن بن محمد بن سماعة ـ إشتباه من قلمه الشریف أو من النساخ هذا ما یرجع إلی سندها.

(و أما دلالتها) فأیضاً غیر تامة بل تدل علی العکس و هو مشروعیة النافلة فی وقت الفریضة ـ و ذلک، لقوله (ع): و اقض النافلة، فان الأمر بالقضاء یکشف عن وجود الأمر بها قبل الفریضة و إلا فکیف أمر (ع) بالقضاء کما أنه یکشف عن أن المراد من النافلة هو النافلة التی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 362 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کانت من الرواتب، لأنه لا قضاء لغیرها من النوافل.

(و منها) موثقة محمد بن مسلم[586] عن أبی جعفر علیه السلام (قال: قال لی رجل من أهل المدینة: یا أبا جعفر مالی لا أراک تتطوع بین الأذان و الإقامة ـ کما یصنع الناس ـ ؟ فقلت: إنا إذا أردنا أن نتطوع کان تطوعنا فی غیر وقت فریضة، فاذا دخلت الفریضة فلا تطوع). (و فیه) أنها و إن کانت معتبرة من حیث السند إلا أنها غیر تامة الدلالة لأن قوله (ع) (إذا دخلت الفریضة فلا تطوع) ناظر إلی التطوع بین الأذان و الإقامة بقرینة قول السائل: (مالی لا أراک تتطوع بین الأذان و الإقامة) فعلیه یکون الإستدلال بها أخص من المدعى، بل الإستدلال بها علی الجواز أولی و ذلک، لأن المستفاد من السؤال أن التطوع قبل الأذان أو حاله کان معهوداً من الإمام (ع)، عند السائل و لم یکن معهوداً بین الأذان و الإقامة فسأل عن سببه و وجهه.

(و منها) موثقة أبی بکر الحضرمی عن جعفر بن محمد (ع)[587] (قال: إذا دخل وقت صلاة فریضة، فلا تطوع). و هذه الروایة و إن کانت معتبرة من حیث السند، فان أبا بکر الحضرمی و إن لم یوثق فی کتب الرجال إلا أنه واقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه ـ إلا أنها غیر تامة بحسب الدلالة و ذلک لأنها أخص من المدعى إذ المراد من وقت صلاة فریضة هو وقت الفضیلة ـ کما تقدم تقریبه فی روایة ابن ادریس. (هذه) هی الروایات التی إستدل بها المانعون وقد عرفت عدم تمامیة الإستدلال بها إما للخدشة فی الدلالة أو فی السند أو فی کلیهما نعم یستفاد منها عدم الجواز فی الجملة کما عرفت.

(و قد تحصل) مما نقحناه أن الروایات المتقدمة علی طائفتین (إحدیهما)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 363 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ناظرة الی المنع عن التطوع فی وقت الفریضة القضائیة و لا یمکن الإستدلال بها علی المنع عنه فی وقت الفریضة الأدائیة. (الطائفة الثانیة) ناظرة إلی المنع عن التطوع فی وقت الفریضة الأدائیة و هی علی قسمین قسم منهما یدل علی المنع عن التطوع فی وقت فضیلة الفریضة و القسم الآخر یدل علی المنع عنه بین الأذان و الإقامة فعلیه یکون الدلیل أخص من المدعى اذ المشهور هو عدم مشروعیة النافلة فی وقت الفریضة مطلقاً.

(ثم) لو أغمضنا عما ذکرنا و سلمنا أن المراد من الوقت المأخوذ فی ألسنة الروایات الناهیة هو مطلق الوقت لا خصوص وقت الفضیلة فلا یتم الاستدلال أیضاً و ذلک لأن المراد من النافلة المأخوذة فی السنة تلک الروایات هو النافلة الراتبة إما لأجل إنصرافها الیها أو لأجل الأخذ بالقدر المتیقن منها کما عرفت. فعلیه لا مجال للمشهور أن یدعو الاطلاق لها و یقولوا: إن مقتضی الاطلاق عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة مطلقاً إلا ما أخرجه الدلیل کنافلة الظهرین قبل الذراع و الذراعین و نافلة المغرب قبل العشاء و نافلة الصبح فالنتیجة أیضاً تکون أخصیة الدلیل من المدعى.

نعم قد یتوهم أن الدلیل المطلق موجود فی المقام و هو ما نقله الفقهاء فی کتبهم من قوله: (لا صلاة لمن علیه صلاة) أى لا صلاة نافلة لمن علیه صلاة فریضة، فهو یشمل مطلق النافلة راتبة کانت أو غیرها فیقید بما قام الدلیل علی جواز اتیانه فی وقت الفریضة و یبقی ما لم یقم دلیل خاص علی جواز الإتیان به فی وقتها، فهو صالح لأن یکون مدرکاً للقول المشهور (و فیه) أن هذه الروایة نبویة رواها المفید مرسلا و لم تذکر فی کتب الروایات، فلا تصلح أن تکون مدرکاً للقول المشهور أصلا لعدم حجیة المراسیل (ثم) لو تنزلنا و سلمنا الإطلاق فی الروایات الناهیة بالاضافة الی النافلة الراتبة أیضاً بأن قلنا: ان النافلة مطلقة تشمل النافلةالراتبة و غیرها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 364 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فنقول: لابد من رفع الید عن ظهور هذه الروایات فی عدم المشروعیة و حملها علی الکراهة أو الإرشاد، لأجل الروایات المجوزة التی إستدل بها القائلون بالجواز.

(منها) موثقة سماعة[588] (قال: سألته (سألت أبا عبدالله) عن الرجل یأتی المسجد و قد صلی أهله، أیبتدیء بالمکتوبة أو یتطوع؟ فقال: إن کان فی وقت حسن، فلا بأس بالتطوع قبل الفریضة، و إن کان خاف الفوت من أجل ما مضی من الوقت فلیبدأ بالفریضة و هو حق الله ثم لیتطوع ما شاء ألا هو (الأمر) موسع أن یصلی الانسان فی أول دخول وقت الفریضة النوافل إلا أن یخاف فوت الفریضة و الفضل إذا صلی الإنسان وحده أن یبدأ بالفریضة إذا دخل وقتها، لیکون فضل أول الوقت للفریضة، و لیس بمحظور علیه أن یصلی النوافل من أول الوقت إلی قریب من آخر الوقت).

(تقریب الاستدلال) ان هذه الموثقة ظاهرة بل صریحة فی جواز التطوع فی وقت فضیلة الفریضة، و ذلک، لقوله (ع): الا الأمر موسع أن یصلی الانسان فی أول دخول وقت الفریضة النوافل (إلی أن قال) و لیس بمحظور علیه أن یصلی النوافل من أول الوقت إلی قریب من آخر الوقت). فان المراد من الوقت هو وقت الفضیلة، لأن قول السائل: سألته عن الرجل یأتی المسجد و قد صلی اهله) قرینة علی ذلک، إذ الظاهر من السؤال المذکور هو السؤال عن الرجل الذی یأتی المسجد لیصلی مع أهله جماعة، و من المعلوم أن المتعارف إقامة الجماعة فی المساجد فی وقت الفضیلة و هو أول الوقت عرفاً، فقول الامام علیه السلام: (و إن کان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 365 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[584]. قد ذکر المعلق علی التهذیب المطبوع حدیثاً فی النجف فی ج 2 ص 248) ان فی أصل النسخ التی عندنا کلها زیاد أبی عتاب و فی بعضها زیاد بن أبی عتاب و الظاهر أن فی الجمیع سهواً فی إسم عتاب فانه غیاث کما مر فی الاستبصار و هو الذی فی کتب الرجال و وجد فی بعض نسخ التهذیب.
[585]. التهذیب المطبوع حدیثاً ج 2 (ص 167) الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 5.
[586]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 3 و 7.
[587]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 3 و 7.
[588]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 1 (و راجع الکافی المطبوع سنة 1377 (ص 289) من الجزء الثالث.

(366 - 370)

(366 - 370)

 

خاف الفوت من أجل ما مضی من الوقت فلیبدأ بالفریضة الخ) ناظر إلی فوت وقت الفضیلة و إلا فوقت الإجزاء لا یخاف فوته عند فراغ أهل المسجد عن الجماعة کما هو واضح.

ثم إنه قد یورد علی الاستدلال بهذه الموثقة بأن ذیلها و هو قوله: (الا الأمر موسع إلی قوله: قریب من آخر الوقت) لم یثبت أنه من کلام الإمام علیه السلام لأن الصدوق رواها باسناده عن سماعة إلی قوله: (ثم لیتطوع ما شاء) فیحتمل قویاً أنه من کلام الکلینی و معه لا مجال للاستدلال بها. (و فیه) أن هذا الإحتمال من الغرابة بمکان، لأن ضم الکلینی الی الروایة ما أدی الیه حدسه و نظره بلا نصب قرینة علیه خیانة و هو (قدس سره) أجل من أن یرتکب مثلها فهذا الاحتمال ساقط جزماً.

(علی) ان الشیخ رواها مع هذا الذیل عن محمد بن یحیی استاذ الکلینی، فکیف یحتمل أنه من کلام الکلینی، (و اما) عدم ذکر الصدوق لهذا الذیل، فلا دلالة له أصلا علی أنه لیس من الروایة فان التقطیع فی الروایات کثیر لیس بعزیز.

هذا (علی) أن التحقیق الذی یقتضبه النظر الدقیق هو أن الموثقة تدل علی جواز التطوع فی وقت الفریضة مطلقاً (بیان ذلک) أن قوله علیه السلام: (الا الأمر موسع أن یصلی الإنسان فی أول دخول وقت الفریضة النوافل) کالصریح فی جواز الإتیان بالنوافل فی وقت یصح إتیان الفریضة فیه، و قوله (ع): (إلا أن یخاف فوت الفضل (إلی قوله): لیکون فضل أول الوقت للفریضة) ظاهر فی أفضلیة الاتیان بالفریضة فی أول الوقت و مرجوحیة الإتیان بالنافلة فیه لأنه وقت فضیلة الفریضة. و قوله (ع) بعد ذلک: (و لیس بمحظور علیه أن یصلی النوافل من أول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 366 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقت الی قریب من آخر الوقت). صریح فی جواز الإتیان بالنافلة فی وقت فضیلة الفریضة و غیره، فان المراد من قوله (ع): (من أول الوقت) فی هذه الجملة الأخیرة: ما هو المراد من قوله (ع): (فی أول دخول وقت الفریضة) بعینه کما هو ظاهر لکل من له أدنی دربة بأسالیب الکلام، و المراد منهما هو أول دخول وقت الفریضة (کالزوال فی الظهرین و الغروب فی العشائین و طلوع الفجر فی الصبح) فعلیه تکون الموثقة کالصریح فی جواز التطوع فی وقت فضیلة الفریضة و هو أول الوقت و فی مرجوحیته اذا أوجب خروج وقت فضیلة الفریضة.

(و أما) ما ذکره صاحب الحدائق من أن المراد من قوله (ع): (فی أول دخول وقت الفریضة) هو الوقت المحدود للنافلة قبل دخول وقت الفریضة و کذا المراد من قوله (ع) فی آخر الموثقة: (من أول الوقت إلی آخر الوقت) هو ذلک الوقت المحدود للنافلة قبل الفریضة ـ فهو مخالف للظاهر بل موجب لإختلال النظم و إنبتاره کما هو واضح لکل من راجع کلامه.

(و علی الجملة) لا ریب فی أن الموثقة ظاهرة بل کالصریح فی جواز التطوع فی وقت الفریضة ما لم یتضیق وقتها، و فی أن الأفضل تقدیم الفریضة علیها، فاذاً لا مناص من الإلتزام بجواز التطوع فی وقت الفریضة مطلقاً و إن کان الأفضل تقدیم الفریضة إلا ما أخرجه الدلیل کالظهرین، فان الروایات صریحة فی أن نافلتهما مقدمة علیهما کما أسلفناها فی محلها، فهذه الموثقة تنافی الروایات المتقدمة الظاهرة فی عدم مشروعیة النافلة فی وقت الفریضة، و بما أن الموثقة نص فی الجواز و تلک الروایات ظاهرة فی المنع نرفع الید عن ظاهرها إما بحملها علی بیان المرجوحیة أو بحملها علی الإرشاد، فعلی الأول یکون التطوع فی وقت الفریضة ذا حزازة و منقصة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 367 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أوجبت رجحان ترکها و علی الثانی لا یکون فیه أی حزازة و منقصة إلا أنه یوجب فوات ما هو الأفضل و هو تقدیم الفریضة علیه، فتکون الفضیلة الفائتة من المکلف أکثر من الفضل الحاصل له من التطوع لأهمیة الإتیان بالفریضة فی أول وقتها.

(و منها) صحیحة محمد بن مسلم[589] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: اذا دخل وقت الفریضة أننفل أو ابدأ بالفریضة؟ قال: إن الفضل أن تبدء بالفریضة و إنما أخرت الظهر ذراعاً من عند الزوال من أجل صلاة الأوابین).

(تقریب الاستدلال) واضح فانها کالصریح فی جواز التطوع فی وقت الفریضة و إن کان الأفضل هو تقدیم الفریضة علی النافلة إلا فی الظهرین و نافلتهما حیث ان المتعین فیهما تقدیم النافلة علی الفریضة إلی أن یبلغ الظل ذراعاً و ذراعین علی ما مضی تحقیقه.

(و أما) ما ذکره صاحب الحدائق (قدس سره) من أن الفضل بمعنی المشروعیة و متی کانت النافلة لا فضل فیها فلا یشرع الاتیان بها لأنها عبادة ـ فلا یصغی الیه أصلا لأنه مما لا یساعده العرف و لا اللغة، فان الفضل بمعنی الزیادة، و لهذا لا یطلق الفاضل علی الله تعالی حیث ان صفاته عین ذاته تعالی و لا یمکن أن یعرضه ما هو زائد علی الذات و هو أجل من أن یکون معرضاً لصفة زائدة ـ فمعنی قوله (ع): (إن الفضل أن تبدأ بالفریضة): أن زیادة الثواب فی الابتداء بها لا بالابتداء بالنافلة و إن کانت مشروعة ـ فهذه الصحیحة أیضاً قرینة علی حمل الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة علی الارشاد أو المرجوحیة علی التقریب المتقدم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 368 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ثم) إن الروایات المجوزة و إن کانت کثیرة إلا أنه لا یهمنا التعرض لجمیعها و تطویل الکلام فیها، فان فی الروایتین المتقدمتین کفایة (نعم) ینبغی فی المقام التعرض للروایتین اللتین تؤکدان ما ذکرناه.

(الأولی) صحیحة عمر بن یزید[590] (أنه سأل أبا عبدالله (ع) عن الروایة التی یروون أنه لا یتطوع فی وقت فریضة ما حد هذا الوقت؟ قال: إذا أخذ المقیم فی الإقامة، فقال له: إن الناس یختلفون فی الإقامة فقال: المقیم الذی یصلی معه). فان هذه الصحیحة صریحة فی جواز التطوع قبل الإقامة لمن یرید الجماعة، فمنه یستکشف أن الوقت قابل فی نفسه للتطوع، و الأمر بترکه و الشروع بالفریضة للمنفرد انما هو لأجل المزاحمة المذکورة، فاذاً تکون هذه الصحیحة حاکمة علی جمیع الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة، لأنها ناظرة الیها و مبینة للمراد منها حیث أجاب (ع) بأنه وقت أخذ المقیم فی الاقامة، و لما کان هذا الجواب غیر خال عن الاجمال سأله الراوی ثانیاً بأن الناس مختلفون فی الإقامة، فأجاب (ع) ثانیاً بقوله: (المقیم الذی یصلی معه) فیکون التطوع المنهی عنه فی هذا الوقت ولکنه لابد من أن یقید بمورد الجماعة لأن الروایات صریحة فی ترک التطوع و الابتداء بالفریضة ان لم یکن مریداً للجماعة، و منها الموثقة الآتیة.

(الروایة الثانیة) موثقة عمار[591] (قال: قلت: أصلی فی وقت الفریضة نافلة قال: نعم فی أول الوقت اذا کنت مع امام تقتدی به فاذا کنت وحدک فابدأ بالمکتوبة). فان هذه الموثقة صریحة فی جواز التطوع فی وقت الفریضة إذا کان منتظراً للجماعة، فمنه یستکشف أن الوقت قابل فی نفسه للتطوع، و الأمر بترکه فی فرض الإنفراد إنما هو لأجل أفضلیة الإتیان بالفریضة فی أول الوقت لا لعدم قابلیة الوقت للنافلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 369 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ثم لا یخفی الوجه) فی جعلنا هاتین الروایتین مؤکدتین للمختار و لم نستدل بهما و هو أنهما تدلان علی جواز التطوع لمن ینتظر الجماعة و لم یشرع المقیم فی الاقامة، فیحتمل أن یکون الوقت للمنفرد مغایراً له بالإضافة إلی من یرید الجماعة فقیام الدلیل علی جواز التطوع بالإضافة إلی الثانی لا یستلزم الجواز بالإضافة إلی الأول إلا انه لا یخلو عن التأکید، و التأیید. (فقد تحصل) من الجمع بین الروایات الناهیة و المجوزة أن الوقت فی نفسه قابل للتطوع و لا مانع منه ما لم یتضیق و النهى عنه إما محمول علی الکراهة أو الإرشاد الی ما هو الأفضل و هو اتیان الصلاة فی أول الوقت. هذا تمام کلامنا فی الموضع الأول.

(الموضع الثانی) فی حکم التطوع فی وقت الفریضة القضائیة و الکلام هنا یقع فی مقامین المقام الأول فیما استدل به علی عدم الجواز. المقام الثانی فیما یمکن أن یکون معارضاً له و بعبارة أخری الکلام یقع تارة فی المقتضی و أخری فی المانع (اما الکلام فی المقام الأول) فهو أنه لا إشکال نصاً و فتوی فی عدم جواز التطوع بالصوم لمن علیه قضاء الصوم الواجب و هل التطوع بالصلاة کالصوم فلا یجوز التطوع بها لمن علیه القضاء أولا؟ المشهور بین الأصحاب هو الأول، و ما استدلوا به أو یمکن ان یستدل به وجوه.

(الأول) ما تقدم من النبوی الذی أرسله المفید (قدس سره): (لا صلاة لمن علیه صلاة) (و فیه) أن إرساله مانع عن الأعتماد علیه ـ کما تقدم ـ و إلا لکان للاستدلال به مجال واسع، فان ظاهره نفى حقیقة الصلاة لمن علیه صلاة فریضة سواء کانت أدائیة أو قضائیة، و هو لا ینفک عن الفساد و عدم المشروعیة و حمل کلمة (لا) علی نفى الکمال خلاف الظاهر لا یمکن الالتزام به بلا قرینة کما فی قوله (ع): (لا صلاة لجار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 370 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[589]. الوسائل ب 36 من أبواب المواقیت ر 2 و 3.
[590]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 2 و 9.
[591]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 2 و 9.

(371 - 375)

(371 - 375)

 

المسجد إلا فی المسجد) فان الروایات دلت علی صحة صلاة جار المسجد فی غیره من البیت و الأمکنة الاخری.

(الثانی) الروایات التی دلت علی المضایقة[592] و ان القضاء یجب الاتیان به فوراً و لازمه عدم جواز التطوع قبله لأنه ینافی المضایقة و الفوریة فمن علیه القضاء لابد له من أن یقدمه علی النافلة. (و فیه) أولا أن الصحیح هو القول بالمواسعة ـ کما سیجییء ان شاء الله ـ فالاستدلال بها لا یتم لکونه مبنیاً علی بناء فاسد. (و ثانیاً) لو تنزلنا و سلمنا أنها تدل علی المضایقة فلا شک فی أنه لیس المراد منها المضایقة بحیث یجب الاتیان بالفوائت فوراً و لا یشتغل بغیرها إلا بمقدار الضرورة و رفع الاضطرار، فان إثبات هذا النحو من المضایقة دونه خرط القتاد، بل المراد منها المضایقة العرفیة بمعنی أن من علیه قضاء لابد من الاتیان به علی نحو لا یعد فی العرف انه یتوانی و لا یعبأ بالقضاء و لا ریب فی أن من علیه القضاء إذا أتی ببعض الأفعال المباحة ثم یأتی به لا یعد متوانیاً مسامحاً فی القضاء فما ظنک بمن یأتی بالنافلة قبلها.

(و ثالثاً) لو أغمضنا عن هذا أیضاً و سلمنا المضایقة الحقیقیة لأمکن الحکم بصحة النافلة قبلها أیضاً و ذلک لأن المقام یدخل فی باب التزاحم و قد حققنا فی الأصول أن من عصی الأمر بالأهم و یأتی بالمهم یحکم بصحة المهم لأجل الترتب، فالقول بالمضایقة الحقیقیة أیضاً لا یستلزم بطلان النافلة قبل الفائتة، (نعم) لازم هذا القول أن المقدم علی النافلة مع اشتغال ذمته بالفائتة عاص ولکنه لا ملازمة بین العصیان و الفساد.

(و رابعاً) لو أغمضنا عن هذا أیضاً و سلمنا عدم إمکان الترتب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 371 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فنقول: إن هذا الدلیل أخص من المدعى، لعدم الملازمة بین القول بالمضایقة الحقیقیة و عدم مشروعیة التطوع لمن علیه القضاء، و ذلک لأن المکلف بالقضاء قد یکون وظیفته التأخیر ـ کما إذا کان فاقداً للماء أو مریضاً لا یتمکن من القیام أو الاستقرار مع العلم بزوال العذر بعد زمان ـ فحینئذ یؤخر القضاء الی زوال العذر، فیأتی بالنافلة متیمماً أو جالساً أو ماشیاً مثلا لصحة التنفل فی هذه الحالات و إن علم بزوال العذر، فقد إتضح عدم صحة الاستدلال علی عدم المشروعیة بالقول بالمضایقة بوجه.

(الوجه الثالث) مادل من الروایات[593] علی تقدیم الفائتة علی الحاضرة بتقریب أنها دلت علی وجوب تقدیم الفریضة الفائتة علی الحاضرة بالمطابقة فتدل علی تقدیم الفائتة علی النافلة مطلقاً بالأولویة القطعیة. (و فیه) أن هذا الاستدلال عجیب! لأن تقدیم الفائتة علی الحاضرة عند القائلین به إنما یکون لأجل إعتبار الترتیب بینهما، فالاتیان بالحاضرة فی سعة الوقت مشروط بأن تقع بعد الفائتة ـ کالعصر بالإضافة الی الظهر ـ زعماً منهم بأنه هو المستفاد من الروایات ـ و أی ملازمة بین إعتبار الترتیب هناک و إعتباره فی المقام، فالحاق المقام بذلک من أظهر أفراد القیاس بل قیاس مع الفارق إذ الترتیب هناک بین الفریضتین و المدعى فی المقام الترتیب بین الفریضة و النافلة سواء کانت راتبة أو مبتدئة.

(و علی الجملة) الفریضة و النافلة تختلفان فی کثیر من الشروط فلا وجه لتسریة شروط إحدیهما إلی الأخری (الا تری) أن الفریضة مشروطة بالقیام و الاستقبال و الاستقرار و النافلة تصح فی حال الجلوس و المشى و الرکوب و الاستدبار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 372 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(نعم) لو کان الوجه فی إعتبار الترتیب بین الحاضرة و الفائتة عند القائلین به أهمیة الثانیة من الأولی لکان للتعدی الی النافلة مجال واسع لأن ما هو أهم من الفریضة الحاضرة أهم من النافلة مطلقاً بالأولویة القطعیة إلا أنهم لم یستندوا فی إعتبار الترتیب بالأهمیة و لم یدرجوهما فی کبری التزاحم فالتعدی مما لا مجال له أصلا.

(الوجه الرابع) صحیحة یعقوب بن شعیب[594] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: سألته عن الرجل ینام عن الغداة حتی تبزغ الشمس أیصلی حین یستیقظ أو ینتظر حتی تنبسط الشمس؟ فقال: یصلی حین یستیقظ، قلت یوتر أو یصلی الرکعتین؟ قال: لا بل یبدأ بالفریضة). فان هذه الصحیحة آمرة بالبدئة بالفریضة و ظاهرة فی المنع عن النافلة فکیف یمکن الالتزام بمشروعیة التنفل قبل الفریضة القضائیة.

(و فیه أولا) أن هذه الصحیحة فی موردها مبتلاة بالمعارض و هو موثقة أبی بصیر[595] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: سألته عن رجل نام عن الغداة حتی طلعت الشمس، فقال یصلی رکعتین ثم یصلی الغداة). و بما أن الصحیحة ظاهرة فی المنع عن البدئة بالنافلة، و الموثقة نص فی جواز البدئة بها أمکن حمل الصحیحة علی مرجوحیة البدئة بالنافلة و أفضلیة البدئة بالفریضة، حملا للظاهر علی النص.

(و ثانیاً) أنه لو تنزلنا عن هذا و قلنا: إن الجمع العرفی بینهما بعید ـ یقع التعارض بینهما فیتساقطان فتکون النتیجة عدم تمامیة الاستدلال بالصحیحة علی عدم المشروعیة. و إن لم یصح الاستدلال بالموثقة علی المشروعیة أیضاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 373 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و ثالثاً) أنه لو أغمضنا عن المعارضة فلا یتم الاستدلال بها أیضاً و ذلک لأنها وردت فی مورد خاص ـ و هو صلاة الغداة ـ فنلتزم بها فی موردها و لا یمکن الاستدلال بها علی عدم المشروعیة مطلقاً، فالتعدی عن موردها إلی غیره بلا دلیل.

ثم إن الشیخ (قدس سره) ـ بعدما أورد فی التهذیب موثقة أبی بصیر و صحیحة عبدالله بن سنان الدالتین علی أن الرسول الأکرم (ص) قدّم رکعتى النافلة علی صلاة الصبح بعد طلوع الشمس ـ قال: (فهذان الخبران المعنی فیهما أنه إنما یجوز التطوع رکعتین لیجتمع الناس الذین فاتتهم الصلاة لیصلوا جماعة کما فعل النبی صلی الله علیه و آله، فأما إذا کان الانسان وحده، فلا یجوز له أن یبدأ بشىء من التطوع أصلا علی ما قدمناه) (إنتهی) و مراده (قدس سره) الجمع بین صحیحة ابن شعیب و هاتین الروایتین بحمل الأولی علی المنفرد و حمل الأخیرتین علی من یرید الجماعة.

(و فیه) انه جمع بلا شاهد لا یمکن الالتزام به أصلا و إن صدر من الشیخ (قدس سره) (نعم) یمکن حمل فعل النبی الأکرم (ص) علی إنتظار إجتماع الناس لأجل الجماعة إلا أن صحیحة عبدالله بن سنان و غیرها مما اشتمل علی ذلک قد اشتملت علی مالا یمکن الالتزام بصحته و إلیک نص ما رواه عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام[596] (قال: سمعته یقول: إن رسول الله صلی الله علیه و آله رقد فغلبته عیناه فلم یستیقظ حتی آذاه حر الشمس ثم إستیقظ فرکع رکعتین ثم صلی الصبح فقال: یا بلال مالک؟ فقال بلال: أرقدنی الذی أرقدک یا رسول الله قال: و کره المقام و قال: نمتم بوادی الشیطان). و هذه الروایة و إن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 374 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کانت صحیحة من حیث السند إلا أنه لا یمکن الالتزام بصدورها عن الصادق علیه السلام لأنها مشتملة علی کراهته للمقام و قال: نمتم بوادی الشیطان. و هذه الجملة کاشفة عن تأثره (ص) بذلک و هو مما یوجب قلقاً فی جهة صدورها و لو لا هذا فلم یکن أی محذور فی أن ینوّم الله نبیه إلی أن یفوته صلاة الغداة لمصلحة و حکمة فیه کأن لا یعاب علی المسلم ان فاته الصلاة أحیاناً لأجل غلبة النوم و لا سیما إذا کان من الأعاظم و الأکابر کمراجع التقلید مثلا.

(و قد یقال): إن هذه الصحیحة و ما یجری مجراها من الروایات المشتملة علی نوم النبی صلی الله علیه و آله و ان لم یمکن الأخذ بدلالتها المطابقیة لما ذکر من القلق الا أنه لا مانع من الأخذ بدلالتها الالتزامیة و هو جواز تقدیم النافلة علی الفریضة القضائیة فان التفکیک بین الدلالتین بطرح الأولی و أخذ الثانیة لا محذور فیه أصلا.

(و فیه) أنه واضح الفساد بل یعد من الغرائب و ذلک، لما ذکرناه غیر مرة من أن الدلالة الالتزامیة تابعة للدلالة المطابقیة ثبوتاً و سقوطا فان کانت المطابقیة ثابتة ثبتت الالتزامیة و ان سقطت سقطت جزماً (ألا تری) أنه لو قامت البینة علی أن قطرة بول أصابت الاناء فلها دلالة مطابقیة و هو ملاقاة الاناء للبول و دلالة التزامیة و هو نجاسة الاناء فلو فرضنا العلم بخطأ البینة و سقطت الدلالة المطابقیة فهل یمکن الالتزام بنجاسة الاناء لأجل الدلالة الإلتزامیة و احتمال إصابة نجاسة أخری فیه. کلا، (ففی) المقام اذا طرحنا الروایة لإشتمالها علی بعض أمور لا یمکن الإلتزام به فلا یمکن الأخذ بالدلالة الإلتزامیة بوجه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 375 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[592]. راجع الوسائل ب 1 و 2 من أبواب قضاء الصلوات و ب 62 و 63 من أبواب المواقیت.
[593]. راجع الوسائل ب 1 و 2 من أبواب قضاء الصلوات و ب 62 و 63 من أبواب المواقیت.
[594]. الوسائل ب 61 من أبواب المواقیت ر 4، التهذیب ص 265 ج 2.
[595]. الوسائل ب 61 من أبواب المواقیت ر 2.
[596]. راجع التهذیب حدیث 95 من المواقیت ص 265، ج 2 و الاستبصار، ج 1 ص 286، حدیث 1049.

(376 - 380)

(376 - 380)

 

(الوجه الخامس) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[597] (أنه سئل عن رجل صلی بغیر طهور أو نسی صلاة لم یصلها أو نام عنها قال: یقضیها إذا ذکرها فی أی ساعة ذکرها من لیل أو نهار، فاذا دخل وقت صلاة و لم یتم ما قد فاته، فلیقض ما لم یتخوف أن یذهب وقت هذه الصلاة التی قد حضرت و هذه أحق بوقتها، فلیصلها فاذا قضاها فلیصل ما قد فاته مما قد مضی، و لا یتطوع برکعة حتی یقضی الفریضة) (و فی الوسائل): حتی یقضی الفریضة کلها). (و هذه الصحیحة) هی أحسن ما استدل به فی المقام، ولکنه قد تقدم (فی صفحة 355) عدم تمامیة دلالتها علی عدم المشروعیة، فان النهى عن التطوع (بالتقریب المتقدم) متفرع علی الأمر باتیان الفائتة قبل الحاضرة ـ إن کان وقتها واسعاً ـ و بعدها ـ إن کان وقتها ضیقاً ـ و بما أن الأمر بتعجیل الفائة محمول علی الإستحباب کان النهى عن التطوع محمولا علی التنزیه (فراجع).

(الوجه السادس) ما رواه زرارة (علی ما ذکره الشهیدان فی الذکری و الروض)[598] (قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: أصلی نافلة، و علی فریضة أو فی وقت فریضة؟ قال: لا، إنه لا تصلی نافلة فی وقت فریضة (الحدیث).

و هذه الروایة قد تقدم أن صاحب الحدائق عبر عنها بالصحیحة ولکن صحتها غیر ثابتة عندنا لمجهولیة سندها ولا ملازمة بین الصحة عند الشهید و الصحة عندنا (ألا تری) أن الکلینی (قدس سره) قد حکم بصحة جمیع ما فی الکافی مع أن کثیراً من روایاتها ضعیفة السند عندنا. (علی) أنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 376 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو أغمضنا عن سندها فلا یمکن الأخذ بظاهرها و الحکم بعدم المشروعیة و ذلک لأن ما رواه الشهید فی الذکری یفصّل بین الفریضة القضائیة و الأدائیة بجواز التطوع قبل الأولی دون الثانیة قال فی الوسائل: روی الشهید فی الذکری بسنده الصحیح عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام[599] (قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: إذا دخل وقت صلاة مکتوبة، فلا صلاة نافلة حتی یبدأ بالمکتوبة، قال: فقدمت الکوفة فاخبرت الحکم ابن عتیبة و أصحابه فقبلوا ذلک منی (إلی أن قال) فصلی رسول الله رکعتى الفجر و أمر أصحابه فصلوا رکعتى الفجر ثم قام فصلی بهم الصبح (إلی أن قال) فحملت الحدیث الی الحکم و أصحابه، فقالوا: نقضت حدیثک الأول فقدمت علی أبی جعفر علیه السلام، فأخبرته بما قال القوم فقال: یا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جمیعاً، و إن ذلک کان قضاء من رسول الله صلی الله علیه و آله).

و حیث أن هذه الروایة صریحة فی جواز تقدیم النافلة علی الفریضة القضائیة تصبح قرینة علی حمل النهى فی الروایة المتقدمة علی التنزیه و المرجوحیة أو علی الارشاد إلی ما هو الأهم و هو الاتیان بالفریضة. (فتحصل) مما ذکرناه أن شیئاً مما استدل به المانعون لا ینهض لاثبات مدعاهم من عدم مشروعیة النافلة قبل الفائتة فاذاً یکون المقتضی قاصراً فی المقام الأول.

(و أما الکلام فی المقام الثانی) فهو انه لو سلمنا الإطلاقات المتقدمة و قلنا بتمامیة المقتضی فالمانع موجود و هو مادل من الروایات علی جواز التطوع قبل الفریضة (منها) موثقة سماعة[600] قال: (سألت أبا عبدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 377 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه السلام عن الرجل یأتی المسجد و قد صلی أهله أیبتدأ بالمکتوبة أو یتطوع؟ فقال: إن کان فی وقت حسن فلابأس بالتطوع قبل الفریضة و إن کان خاف الفوت من أجل ما مضی من الوقت فلیبدأ بالفریضة و هو حق الله ثم لیتطوع ما شاء الأمر موسع أن یصلی الإنسان فی أول دخول وقت الفریضة النوافل، و الفضل اذا صلی الإنسان وحده أن یبدأ بالفریضة إذا دخل وقتها لیکون فضل أول الوقت للفریضة و لیس بمحظور علیه أن یصلی النوافل من أول الوقت إلی قریب من آخر الوقت).

(و منها) صحیحة محمد بن مسلم[601] (قال: قلت لأبی عبدالله علیه السلام: إذا دخل وقت الفریضة أتنفل أو أبدأ بالفریضة؟ قال: إن الفضل أن تبدأ بالفریضة). فان هاتین الروایتین تدلان علی جواز التطوع فی وقت الفریضة الأدائیة، فیستفاد منهما الجواز فی فرض شغل الذمة بالفریضة القضائیة بطریق أولی، و ذلک، لأنه قد ادعی إتفاق الأصحاب علی عدم جواز التطوع فی وقت الفریضة الأدائیة و اختلفوا فی مشروعیتها عند شغل الذمة بالفریضة القضائیة فذهب بعضهم الی الجواز لما رواه الشهید فی الذکری من التفصیل بین الأداء و القضاء، فاذاً لابد من حمل الروایات الناهیة علی الکراهة أو الإرشاد إلى أفضلیة البدئة بالفریضة علی التقریب المتقدم.

(و یؤید) ما ذکرناه من الجواز روایتان (إحدیهما) ما رواه علی ابن موسی بن طاووس عن حریز عن زرارة عن أبی جعفر[602] (قال: قلت له رجل علیه دین من صلاة قام یقضیه، فخاف أن یدرکه الصبح و لم یصل صلاة لیلته تلک قال: یؤخر القضاء و یصلی لیلته تلک).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 378 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و الاحوط الترک بمعنی تقدیم الفریضة و قضائها (1)

(مسألة 17) إذا نذر النافلة لا مانع من إتیانها فی وقت الفریضة و لو علی القول بالمنع هذا إذا أطلق فی نذره (2).

 

فان هذه الروایة صریحة فی الجواز و بما أن طریق ابن طاووس الی حریز مجهول لاتصلح للاستدلال فتکون مؤیدة للقول بالجواز.

(الثانیة) موثقة أبی بصیر عن أبی عبدالله علیه السلام[603] (قال: سالته عن رجل نام عن الغداة حتی طلعت الشمس، فقال یصلی رکعتین ثم یصلی الغداة). و هذه الموثقة صریحة فی جواز تقدیم رکعتى الفجر علی الفریضة القضائیة و بما أنها وردت فی مورد خاص لاتصلح أن تکون دلیلا علی الجواز مطلقاً فلهذا جعلناها مؤیدة للقول بالجواز. (فتحصل من جمیع ما حققناه) أن التطوع جائز فی وقت الفریضة الأدائیة و القضائیة و النهى عنه فی وقتهما یحمل علی الکراهة أو الارشاد الی أهمیة الفریضة من النافلة عند المزاحمة و لا یمکن أن یحمل علی أن صحة النافلة مشروطة بفراغ الذمة عن الفریضة مطلقاً.

(1) لیس مقتضی الإحتیاط تقدیم الفریضة و قضائها لأنه لایحتمل إحتمالاً عقلائیاً أن یکون الإتیان بالنافلة فی وقت الفریضة من المحرمات الذاتیة حتی یکون الإحتیاط فی ترکها ـ بل غایة ما یستفاد من الأدلة الناهیة علی تقدیر التسلیم هو أن النافلة لا أمر بها عند شغل الذمة بالفریضة الأدائیة أو القضائیة فالإتیان بالنافلة بقصد الأمر یکون محرماً بالحرمة التشریعیة، فاذاً یکون مقتضی الاحتیاط إتیانها برجاء الأمر لا بقصد الأمر الجزمی.

(2) لا إشکال فی صحة نذر النافلة و صحة الإتیان بالمنذورة فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 379 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقت الفریضة علی ما هو المختار من مشروعیة التطوع فی وقت الفریضة بل یصح النذر و إن کان المنذور هو إتیان النافلة فی وقت الفریضة فضلا عما إذا کان مطلقاً أو مقیداً بوقت أوسع من وقتها و هذا واضح.

(و أما) علی القول بعدم مشروعیة التطوع فی وقت الفریضة فان کان متعلق النذر مطلقاً کان النذر صحیحاً أیضاً لأن متعلقه أمر راجح و مقدور للناذر عقلا و شرعاً بل یصح إتیان النافلة المنذورة فی وقت الفریضة أیضاً و ذلک لأن النافلة بالنذر تکون واجبة، فلا تشملها الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة.

(و دعوی) أن الاتیان بالنافلة فی وقت الفریضة مرجوح، فلا یمکن أن یکون متعلقاً للنذر ـ مدفوعة ـ بأن متعلق النذر لیس هو إتیان النافلة فی وقت الفریضة بل المتعلق هو الجامع المطلق علی الفرض، فان الاطلاق عبارة عن رفض القیود لا أخذها ـ کما مر غیر مرة ـ فما هو المتعلق راجح لا مرجوحیة فیه و ما هو مرجوح لیس بمتعلق النذر. (و ما یقال) من أن الجامع بین المرجوح و غیر المرجوح مرجوح کلام صوری لإأساس له أصلا لأنالمرجوحیة من عوارض الفرد لا الجامع و هی غیر ملحوظة فی الجامع ـ فلو نذر المکلف صلاة جعفر مثلا کیف یکون ناذراً، لأمر مرجوح؟ و کذا إذا نذر طبیعی الصلاة فان الصلاة خیر موضوع من شاء إستکثر و من شاء إستقل.

(نعم) لو قیل: إن الممنوع من التطوع فی وقت الفریضة ما هو تطوع و مستحب بذاته و فی نفسه و مع قطع النظر عن العوارض و الطواریء الموجبة لتعنونه بعنوان الواجب ـ لکان للحکم بالبطلان مجال واسع إلا أنه لامجال لهذا المقال أصلا، لأن النهى فی الروایات الناهیة قد تعلق بعنوان النافلة أو التطوع و لا ریب فی إرتفاع هذا العنوان بالنذر و طرؤ عنوان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 380 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[597]. التهذیب ج 2، ص 266، حدیث 96 من المواقیت، الوسائل ب 61 من أبواب المواقیت ر 3.
[598]. الروض ص 184 الوافی ب کراهة التطوع فی وقت الفریضة.
[599]. الوسائل ب 61 من أبواب المواقیت ر 6، الذکری ص 134.
[600] . الکافی ج 3 ص 288 ـ التهذیب ج 2 ص 264 ـ الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 1.
[601] . الوسائل ب 36 من أبواب المواقیت ر 2
[602] . الوسائل ب 61 من أبواب المواقیت ر 9
[603] . الوسائل ب 61 من أبواب المواقیت ر 2

(381 - 385)

(381 - 385)

 

 

و اما اذا قیده بوقت الفریضة فاشکال علی القول بالمنع و ان أمکن القول بالصحة (1) لأن المانع انما هو وصف النفل و بالنذر یخرج عن هذا الوصف و یرتفع المانع، و لایرد أن متعلق النذر لابد أن یکون راجحاً و علی القول بالمنع لارجحان فیه فلا ینعقد نذره و ذلک لأن الصلاة من حیث هی راجحة و مرجوحیتها مقیدة بقید یرتفع بنفس النذر و لایعتبر فی متعلق النذر الرجحان قبله و مع قطع النظر عنه حتی یقال بعدم تحققه فی المقام.

 

الواجب و من المعلوم أن ظاهر الروایات الناهیة هو المنع عن التطوع القصدی الذی یکون حاصلا و متحققاً فی ظرف العمل و لا ظهور لها فی المنع عما کان تطوعاً و مستحباً ذاتاً و ان اتصف بالوجوب فی ظرف العمل و اشتغل ذمة المکلف به.

(1) التقیید یتصور علی نحوین (احدهما) أن یقید الناذر متعلق النذر بوقت أوسع من وقت الفریضة ـ کما اذا نذر الإتیان بالنافلة فی یوم الجمعة و کان علیه قضاء یوم واحد أو یومین أو أکثر بحیث کان یوم الجمعة أوسع من زمن یحتاج الیه القضاء و کان وافیاً بالقضاء و النافلة المنذورة معاً فهنا لاشک فی صحة النذر و إنعقاده لأن متعلقه راجح قبل تعلق النذر و مقدور للمکلف عقلا و شرعاً إذ یمکن للناذر أن یأتی أولا بالفائتة و ثانیاً بالنافلة المنذورة و بما أن النذر منعقد و ترتفع صفة التطوع به صح للمکلف أن یأتی بالمنذروة قبل الفریضة القضائیة لأن الرویات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة لا تشملها إذ لیس الاتیان بها من التطوع فی وقت الفریضة أصلا بل الإتیان بها إتیان بالواجب فی وقته.

(الثانی) أن یکون متعلق النذر مقیداً بالوقت المجعول للفریضة کان بنذر الإتیان بصلاة جعفر بعد الزوال قبل الاتیان بصلاة الظهر مثلا، ففی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 381 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الفرض اختلفت کلمات الأصحاب فی صحة هذا النذر و فساده، فمنهم من ذهب إلی فساده کالمحقق الهمدانی (قدس سره) بدعوی أن متعلق النذر لابد أن یکون راجحاً حتی ینعقد النذر و یکون مشمولا لأدلة الوفاء و التطوع فی وقت الفریضة مرجوح بل غیر مشروع علی الفرض، فکیف یحکم بصحته و انعقاده.

(و ذهب) جماعة منهم الماتن (قدس سره) إلی الصحة و استدل الماتن علیها بقوله: (لأن المانع إنما هو وصف النفل ... إلی آخر ما أفاده فی المتن). (قلت): ما إختاره الماتن من القول بالصحة و إن کان صحیحاً إلا أن ما یستفاد من ظاهر کلامه من أنه لایعتبر الرجحان فی متعلق النذر قبله بل یکفی الرجحان الآتی من قبل النذر ـ لایمکن المساعدة علیه لأنه لا دلیل علی أن النذر یوجب رجحان ما لیس براجح مطلقاً ففی کل مورد قام الدلیل علیه نلتزم به ـ کما فیالصوم فی السفر و الاحرام قبل المیقات، فانهما قبل النذر لا مشروعیة فیهما ولکن الدلیل قام علی أن النذر یوجب رجحانهما بل وجوبهما و أما فی المقام فلا دلیل علی أن النذر صحیح یوجب رجحان التطوع فی وقت الفریضة (فعلیه) یکون إطلاق مادل علی النهى فی وقت الفریضة محکماً فلابد للقائلین بالصحة من إلتماس دلیل آخر.

و یمکن أن یقرب وجه القول بصحة النذر بنحو آخر و هو أن النافلة لاریب فی أنها راجحة فی حد ذاتها فانها صلاة و هو خیر موضوع من شاء إستقلها و من شاء استکثر و مرجوحیتها إنما هی لأجل طروء عنوان التطوع فی وقت الفریضة علیها و بما أن هذا العنوان قابل للارتفاع بنفس النذر لا مانع من إنعقاده أصلا (و بعبارة أخری) الذی یعتبر فی متعلق النذر أمران.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 382 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الأول) أن یکون راجحاً فی نفسه و بحسب ذاته.

(الثانی) أن یکون مقدوراً شرعاً و عقلا فی ظرف الامتثال و کلا الأمرین متحقق فی المقام (اما) الرجحان الذاتی فواضح فان الصلاة خیر موضوع کما عرفت (و اما) القدرة العقلیة فکذلک فان العقل لایری أی مانع من إتیان النافلة فی وقت الفریضة و أما القدرة الشرعیة فهی حاصلة بنفس النذر و لا دلیل علی اعتبار القدرة فی متعلق النذر قبل النذر و مع قطع النظر عنه کما أنه لا دلیل علی اعتبار القدرة علی متعلق النذر حینه بل یکفی القدرة علیه فی ظرف الامتثال ـ (علی) أنه مقدور حین النذر أیضاً فان المقدور بالواسطة مقدور، فالمکلف قادر علی إتیان صلاة جعفر بعد الزوال قبل صلاة الظهر من الأول و ذلک لأجل قدرته علی نذرها ثم الإتیان بها، فعلیه اذا نذرها کذلک یشملها أدلة وجوب الوفاء بالنذر فیرتفع عنوان التطوع فیجب الإتیان بها قبلها فالإتیان بها قبل صلاة الظهر لایکون من التطوع فی وقت الفریضة أصلا فلا یکون مشمولا لمادل علی المنع عن التطوع فی وقت الفریضة لارتفاع موضوع التطوع وجداناً و تکویناً و لیس هذا من باب التخصیص حتی یحتاج إلی دلیل خاص بل هو من باب إرتفاع الحکم بارتفاع موضوعه.

(و مما خققناه) قد اتضح الفرق بین المقام و الصوم فی السفر مثلا فانه بالنذر لایرتفع موضوعه فانه قبل النذر و بعد النذر کذلک فلاجل هذا یحتاج انعقاد النذر إلی دلیل خاص و أما فی المقام فالتطوع قبل الفریضة یصدق قبل النذر و لایصدق بعده بل یرتفع هذا الموضوع فلاجل هذا لایحتاج إنعقاد النذر إلی دلیل خاص.

(و توضیح الکلام) فی المقام بما یزیل غشاوة اللبس و الإبهام هو أن عنوان النافلة أو التطوع المأخوذ فی ألسنة الروایات الناهیة لایخلو من أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 383 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یکون مأخوذاً علی أحد أنحاء ثلاثة.

(الأول) أن یکون مأخوذاً علی نحو الطریقیة و المعرفیة المحضة فیکون عنواناً مشیراً لما هو الموضوع واقعاً و حقیقة و لایکون له أی دخل فی متعلق النهى فعلیه یکون المنهی عنه هو ذات الصلاة، و النافلة أو التطوع عنوان مشیر الیها فالنذر لایکون منعقداً أصلا لأن متعلقه منهی عنه بنهى تعلق بذاته فیکون محرماً إما بالحرمة التشریعیة بمعنی عدم الأمر به لعدم ملاک یقتضیه و إما بالحرمة الذاتیة بمعنى أنه مشتمل علی مفسدة موجبة لمبغوضیتها و إن کان هذا الاحتمال فی غایة البعد لما أسلفناه من أن غایة ما یستفاد من الروایات الناهیة ـ علی تقدیر التسلیم ـ هو الحرمة التشریعیة (ولکن) هذا النحو من العنوان المشیر خلاف ظاهر الروایات الناهیة و بعید عن ساحتها جداً فلا یمکن الالتزام به، فان الظاهر أن للعنوان دخلا فی تعلق النهى.

(الثانی) أن یکون لعنوان التطوع أوالنافلة دخل فی تعلق النهى مع أن المراد به هو التطوع الواقعی أیضاً فیکون متعلق النهی و مرکبه أمرین (احدهما) ذات التطوع (و الآخر) عنوان التطوع الذی یتحقق بالقصد، فیکون المنهى عنه هو ذات المستحب و قصد عنوانه معاً و هذا الاحتمال فاسد جزماً بل لایمکن أن یکون مراداً من الروایات الناهیة لأن ما هو مستحب و مأمور به شرعاً و محبوب للمولی لایمکن أن ینهی عن الاتیان به بقصد الاستحباب سواء قلنا بجواز اجتماع الأمر و النهى أو بامتناعه فان النهی عن المحبوب لایمکن.

(الثالث) أن یکون المنهی عنه هو عنوان التطوع و التنفل القصدی لا ذات الصلاة و لا المرکب منها و من العنوان، فیکون مفاد الروایات الناهیة المنع عن الصلاة التی قصد بها التطوع و التنفل فی وقت الفریضة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 384 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 18) النافلة تنقسم الی مرتبة و غیرها (و الأولی) هی النوافل الیومیة التی مر بیان أوقاتها (الثانیة) إما ذات السبب کصلاة الزیارة و الإستخارة و الصلوات المستحبة فی الأیام و اللیالی المخصوصة و إما غیر ذات السبب ـ و تسمی بالمبتدئة ـ . لا إشکال فی عدم کراهة المرتبة فی أوقاتها و إن کان بعد صلاة العصر و الصبح و کذا لا إشکال فی عدم کراهة قضائها فی وقت من الأوقات و کذا، فی صلوات ذوات الأسباب. و أما النوافل المبتدئة التی لم یرد فیها نص بالخصوص و إنما یستحب الإتیان بها لأن الصلاة خیر موضوع و قربان کل تقی و معراج

 

و لازم ذلک عدم الأمر بها بهذا العنوان، فلو نذر صلاة جعفر فی وقت الفریضة ینعقد النذر لأنها راجحة فی نفسها فیرتفع عنوان التطوع و التنفل القصدی بطروء عنوان الوجوب علیها لأجل أدلة وجوب الوفاء بالنذر، فالنتیجة صحة الاتیان بها إمتثالا للأمر بوفاء النذر و لا تطوع هنا حتی یکون مصداقاً للروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة، و هذا المعنى الأخیر صحیح و هو الأظهر و یمکن أن یکون هذا مراد الماتن أیضاً بقرینة قوله: (و ذلک لأن الصلاة من حیث هی راجحة و مرجوحیتها مقیدة بقید یرتفع بالنذر)ولکن عبارته قاصرة عن إفادة هذا المعنی الذی قربناه و لو قال مکان قوله: (و لایعتبر فی متعلق النذر الرجحان قبله): و لا یعتبر فی متعلق النذر القدرة قبله و مع قطع النظر عنه ـ لکانت عبارته وافیة بالمراد و خالیة عن سوء التأدیة و الاشکال.

(و مما حققناه) ظهر فساد ما قد یقال من: (انه لو لم یکن النهى السابق علی النذر مانعاً عن إنعقاده لزم صحة النذر و إن کان متعلقه إحدی المحرمات الإلهیة کالکذب و السرقة و الغیبة و نحوها لأنه یصیر راجحاً بالنذر)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 385 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(386 - 390)

(386 - 390)

 

 

المؤمن فذکر جماعة أنه یکره الشروع فیها فی خمسة أوقات (أحدها) بعد صلاة الصبح حتی تطلع الشمس. (الثانی) بعد صلاة العصر حتی تغرب الشمس (الثالث) بعد طلوع الشمس حتی تنبسط (الرابع) عند قیام الشمس حتی تزول (الخامس) عند غروب الشمس أى قبیل الغروب (1).

 

توضیح الفساد أنَّ متعلق النذر راجح فی المقام و المرجوح إنما هی الخصوصیة الخارجة عن المتعلق و هو عنوان التطوع و التنفل فی وقت الفریضة، فبالنذر ترتفع هذه الخصوصیة و یبقی المتعلق ممحضاً فی الرجحان، و هذا بخلاف المحرمات الذاتیة فانها ممحضة فی المرجوحیة و لیس فیها أی جهة رجحان فکیف ینعقد نذرها؟

(1) المشهور و المعروف بینهم هو کراهة النافلة فی هذه الأوقات فی الجملة، بل ادعی الاجماع علیها و ظاهر کلمات أکثر الأصحاب عدم الفرق فی الحکم بالکراهة بین النوافل المرتبة و ذوات الأسباب و المبتدئة (ولکن) جماعة‌من الأصحاب فصّلوا بینها، فالتزموا بالکراهة فی خصوص النوافل المبتدئة دون غیرها و الماتن ـ کما تری ـ نفی الاشکال عن عدم کراهة النوافل المرتبة فی أوقاتها و عن عدم کراهة قضائها و نوافل ذوات الاسباب فی وقت من الأوقات واستشکل فی ثبوت کراهة النوافل المبتدئة فی الأوقات المذکورة کما سیجییء، و منشأ الخلاف هو إختلاف الروایات الواردة فی المقام فلابد من التعرض لها و تحقیق الکلام فیها سنداً و دلالة، فالکلام یقع ـ تارة ـ حول الروایات الدالة علی مرجوحیة النافلة بعد صلاة‌الصبح و صلاة العصر ـ و أخری ـ حول الروایات الدالة علی مرجوحیتها فی الأوقات الثلاثة الباقیة فاذاً یقع الکلام فی مقامین.

(أما الکلام فی المقام الأول) فهو انه قد استدل علی مرجوحیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 386 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النافلة فی الوقتین یجملة من الروایات:

(منها صحیحة علی بن بلال[604] (قال: کتبت الیه فی قضاء النافلة من طلوع الفجر إلی طلوع الشمس و من بعد العصر إلی أن تغیب الشمس، فکتب لایجوز ذلک إلا للمقتضی فاما لغیره فلا). (تقریب الاستدلال) أن هذه الروایة معتبرة من حیث السند حیث إن علی بن بلال هو من أصحاب الجواد علیه السلام و قد وثقه الشیخ فی رجاله و بقیة من فی السند لابأس بهم (و أما) من حیث الدلالة فهی ناطقة بعدم الجواز لغیر من علیه القضاء ولکنها تحمل علی المرجوحیة‌للروایات الناطقة بالجواز.

(و فیه) أن سندها و إن کان تاماً إلا أن دلالتها غیر واضحة فان جملة (فکتب لایجوز ذلک إلا للمقتضی) مشتبهة المراد جداً بل کادت أن تعد من أوضح أفراد المجمل إذ السؤال فیها وقع عن القضاء، فلو کان المراد من المقتضی القاضی للزم لغویة هذه الجملة إذ الجواب الکافی کان أن یکتب (ع): نعم، (علی) أنه لم یعهد إستعمال المقتضی بمعنی القاضی فی کلماتهم. (و اما) لو کان المراد منه الموجب و السبب حتی یکون المراد أنه لایجوز ذلک إلا لسبب و مقتض و موجب، فالتعریف باللام یصبح لغواً بل یکون مخالفاً لما هو المتعارف عد أهل المحاروة إذ المتعارف عندهم هو التنکیر فی أمثال المقام، فاذاً تکون الروایة مجملة ‌و ساقطة عن صلاحیة الاستدلال.

(و منها) ما رواه محمد بن إدریس فی آخر السرائر عن جامع البزنطی عن علی بن سلمان عن محمد بن عبدالله بن زرارة عن محمد بن الفضیل عن أبی الحسن[605] (فی حدیث) (أنه صلی المغرب لیلة فوق سطح من السطوح فقیل له: إن فلاناً کان یفتی عن آبائک علیهم السلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 387 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انه لابأس بالصلاة بعد طلوع الفجر إلی طلوع الشمس و بعد العصر إلی أن تغیب الشمس، فقال: کذب لعنه الله علی أبی أو قال: علی آبائی) (تقریب الاستدلال) ان هذه الروایة معتبرة من حیث السند لان ابن إدریس لایعمل إلا بالمتواتر أو ما بحکمه فاعتماده علیها یکشف عن أن جامع البزنطی و صل الیه بالتواتر أو ما یقرب منه ـ و واضحة الدلالة علی المدعی حیث إستنکر علی ما أفتی عن آبائه علیهم السلام من عدم البأس بالصلاة فی الوقتین.

(و فیه أولا) أنها ضعیفة السند لوجوه (الأول) أنه لاعلم لنا بأن جامع البزنطی و صل إلی ابن إدریس بالتواتر أو ما یشبهه لبعد العهد بینهما فیحتمل أنه إعتقد بأنه جامع البزنطی لأجل القرائن الحدسیة (الثانی) ان البزنطی یرویها عن علی بن سلمان و هو مهمل لم یذکر فی کتب الرجال فعلیه لامجال للاعتماد علیها (و دعوی) أن روایة البزنطی عنه یکفی فی وثاقته لأنه لایروی إلا عن ثقة ـ لایصغی الیها لما نری من أنه و من مثله یروی عن غیر الثقات کثیراً ـ (الثالث) أن محمد بن الفضیل ضعیف.

(و ثانیاً) أن دلالتها غیر تامة لأن المذکور فی صدرها أن الإمام علیه السلام کان یصلی المغرب و هو قرینة عن ان السؤال و الجواب الواقعین فیها ناظران إلی الصلاة الواجبة لا الی النافلة فبمناسبة الحکم و الموضوع یکون المعنی أن فلاناً کان یفتی عن آبائک ان إتیان فریضة الصبح جائز من طلوع الفجر الی طلوع الشمس و إتیان فریضة العصر جائز من العصر إلی أن تغیب الشمس فلا فرق بین أجزاء الوقت فکذّبه الإمام علیه السلام لأن الأمر لیس کذلک، فان تأخیر فریضة الصبح إلی طلوع الشمس قد عدّ صلاة الصبیان و هو تضییع لها و کذا تأخیر العصر عن وقت الفضیلة قد عدّ تضییعاً لها فعلیه تکون الروایة اجنبیة عن المقام رأساً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 388 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ثم لایخفى) أن صاحب الحدائق (قدس سره) روی هذه الروایة بتغییر یسیر فان المذکور فیها (یونس) مکان (فلاناً) و (قلت) مکان (قیل) و (محمد بن الفضیل البصری) مکان (محمد بن الفضیل) و (علی بن سلیمان) مکان (علی بن سلیمان) ولکنه لاینفع، لأن علی ابن سلیمان الذی کان سابقاً علی البزنطی أیضاً مهمل و أما محمد بن الفضیل البصری فان کان هو محمد بن القاسم بن الفضیل البصری فهو ثقة إلا أنه لم یثبت. (و علی الجملة) لامجال للعمل بهذه الروایة بوجه.

(و منها) روایة الحلبی[606] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: لاصلاة بعد الفجر حتی تطلع الشمس، فان رسول الله صلی الله علیه و آله قال: إن الشمس تطلع بین قرنى الشیطان و تغرب بین قرنى الشیطان، و قال: لا صلاة بعد العصر حتی تصلی المغرب).

(تقریب الاستدلال) واضح فانها ظاهرة فی عدم مشروعیة الصلاة فی الوقتین و بما أن الروایات ناطقة بأصل المشروعیة تحمل هذه الروایة علی الکراهة و المرجوحیة. (و فیه) أن الروایة ضعیفة السند ـ و إن عبّر عنها صاحب الجواهر و غیرها بالموثقة ـ و ذلک لأن الشیخ (قدس سره) رواها باسناده عن علی بن الحسن الطاطری و فی طریقه ألیه علی بن محمد بن الزبیر و أحمد بنعمر و بن کیسبة و هما لم یوثقا و أما أحمد بن عبدون و إن لم یوثق صریحاً فی کتب الرجال و کنا نناقش فیه ولکنا بنینا أخیراً علی وثاقته لأنه من مشایخ النجاشی بلا واسطة و هو (قدس سره) قد وثق مشایخه الذین یروی عنهم بلا واسطة. (و أما) محمد بن أبی حمزة الذی یروی عنه الطاطری فلا بأس به فانه ثقة علی الأظهر و إن ضعّفه الشهید الثانی (قدس سره).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 389 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و أما دلالتها) فهی تامة، فانها ـ و إن کانت ظاهرة فی نفى المشروعیة إلا انها تحمل علی المرجوحیة لأجل الروایات المجوزة (ولکن) الذی یوجب وههنا ـ مضافاً إلی ضعف سندها ـ هو انها تشتمل علی مالا یمکن تصدیقه و هو قوله: (إن الشمس تطلع بین قرنى شیطان الخ) فان الأمر لو کان کذلک للزم کراهة النافلة فی جمیع الأوقات فان الأرض کرویة فالشمس فی کل آن تطلع علی قوم و تغرب عن آخرین.

(و منها) روایة معاویة بن عمار عن أبی عبدالله (ع)[607] (قال: لاصلاة بعد العصر حتی تصلی المغرب و لا صلاة بعد الفجر حتی تطلع الشمس). و هذه الروایة أیضاً تامة من حیث الدلالة ولکن سندها ضعیف لعین ماعرفت فی الروایة المتقدمة، فان الشیخ رواها أیضاً باسناده عن الطاطری.

هذه هی الروایات التی استدل بها علی مرجوحیة النافلة فی الوقتین و کراهتها و قد عرفت عدم تمامیتها إما لضعف السند أو الدلالة أو کلیهما (نعم) لو قلنا بتمامیة قاعدة التسامح فی أدلة السنن فی المستحبات و قلنا باطرادها فی المکروهات ایضاً کان. القول بالکراهة فی المقام موجهاً إذ الروایتین الأخیرتین لاقصور فی دلالتهما لو أغمضنا عن السند لأجل القاعدة ولکنا قد أسلفنا فی الأصول عدم تمامیتها فی المستحبات فما ظنک بالتعدی إلی المکروهات (فقد تحصل) أن المقتضی لإثبات المرجوحیة قاصر فی المقام.

(ثم) لو أغمضنا عما ذکرنا و سلمنا تمامیة سند راویتى الحلبی و معاویة و التزمنا بمرجوحیة النافلة فی الوقتین فیقع الکلام فی أن الحکم بالکراهة و المرجوحیة هل هو عام لجمیع النوافل أو مختص بالنوافل المبتدئة و لایشمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 390 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[604] . الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 3 و 14.
[605] . الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 3 و 14.
[606] . الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 1
[607] . الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 2

(391 - 395)

(391 - 395)

 

النوافل المرتبة و قضائها و ذوات الأسباب؟ فنقول: لاینبغی الإشکال فی أنه عام بالإضافه الی ذوات الأسباب لأن الروایتین الأخیرتین حاکمتان علی جمیع الأدلة الدالة علی الإستحباب لمکان عمومهما و نظرهما إلیها فان نسبة جملة (لا صلاة بعد الفجر حتی تطلع الشمس و لا صلاة بعد العصر حتی تصلی المغرب) إلی الأدلة الدالة علی مشروعیة النوافل بأقسامها المختلفة کنسبة قوله (ع) (لارباً بین الوالد و الولد) إلی قوله (تعالی) (و حرّم الرِّبا).

فکما أنه ناظر الی عقد الوضع و شارح و مبین للمراد من قوله (تعالی) (و حرم الربا) و یکون نافیاً للحکم بلسان نفى الموضوع فکذلک المقام فان قوله: (لا صلاة بعد الفجر... الخ) حاکم علی مادل علی إستحباب صلاة الشکر مثلا کقوله (ع): (اذا أنعم الله علیک بنعمة فصل رکعتین) و شارح له و ناف للحکم بلسان نفى الموضوع فتکون النتیجة مرجوحیة صلاة الشکر فی ذلک الوقت و قس علیها غیرها من صلوات ذوات الأسباب، فعلیه لامناص من الأخذ بعموم الروایتین و الأخذ بمدلولهما إلا فی مورد قام فیه دلیل خاص ناطق بالرجحان و الاستحباب و لما لم یقم دلیل خاص ناطق برجحان صلوات ذوات الأسباب فی الوقتین کان المتبع هو عموم النفی فی الروایتین فاذاً لامجال لما ذکره الماتن من استثناء ذوات الأسباب من الحکم بالکراهة و المرجوحیة لعدم قیام الدلیل علیه.

(و أما) قضاء النوافل المرتبة فالظاهر عدم العموم للروایتین بالإضافة الیه و ذلک للروایات الواردة فی المقام الناطقة بالجواز و هی علی ثلاث طوائف (إحدیها) مخدوشة سنداً (و الاخری) مخدوشة دلالة (و الثالثة) تامة سنداً و دلالة و تحقیق المقام یقتضی التعرض لبعض کل من الطوائف الثلاث.

(فمن الطائفة الاولی) روایة محمد بن یحیی بن حبیب (أو) محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 391 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابن یحیی عن حبیب[608] (قال: کتبت إلی أبی الحسن الرضا (ع) تکون علی الصلوات النافلة متی أقضیها؟ فکتب (ع) فی أی ساعة شئت من لیل أو نهار). و هذه الروایة (کما تری) واضحة الدلالة علی الجواز ولکن سندها ضعیف فان الراوی الأخیر مردد بین حبیب و محمد بن یحیی ابن حبیب لإختلاف النسخة فیه، فان کان الصواب هو نسخه حبیب. فهو مهمل لم یذکر فی کتب الرجال أصلا، و إن کان الصواب هو نسخة محمد بن یحیی بن حبیب کما فی الحدائق فهو لم یوثق فعلی کلا التقدیرین لا یعتمد علیها.

(و منها) روایة ابن أبی یعفور[609] عن أبی عبدالله علیه السلام (فی قضاء صلاة اللیل و الوتر تفوت الرجل أیقضیها بعد صلاة الفجر و بعد العصر؟ فقال: لا بأس بذلک). و هذه الروایة صریحة من حیث الدلالة ولکن فی سندها عبدالله بن عون الشامی و هو مجهول (و منها) روایة سلیمان بن هارون[610] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن قضاء الصلاة بعد العصر قال: انما هی النوافل فاقضها متی شئت). و هی أیضاً تامة من حیث الدلالة ولکن سلیمان بن هارون مجهول فلا حجیة فی روایته.

(و منها) روایة نجیة[611] (قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام: تدرکنی الصلاة و یدخل وقتها فابدأ بالنافلة؟ قال: فقال أبو جعفر (ع) لا، ولکن إبدأ بالمکتوبة و اقض النافلة).

(تقریب الاستدلال) ان المستفاد عرفاً من جملة (إبدأ بالمکتوبة و اقض النافلة) هو الاتیان بالمکتوبة أولاً ثم الاتیان بالنافلة بلا فصل بینهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 392 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلو تحقق الفصل المعتد به بینهما ـ کما إذا أتی بالمکتوبة فی الوقت و بالنافلة بعد یوم مثلا ـ لا یصدق عرفاً انه بدأ بالمکتوبة و لا فرق فی ذلک بین أن یکون القضاء بمعناه المصطلح أو بمعناه اللغوی فان الأمر بالإبتداء ظاهر فی إتیانهما مع التوالی، و بما أنه (ع) ترک الاستفصال یکون مقتضی إطلاق کلامه جواز الاتیان بالنافلة بعد صلاة الصبح و العصر أیضاً (ولکن) سندها ضعیف لأجل طریق الشیخ الی الطاطری کما مر فی (ص 362).

(و أما الطائفة الثانیة) فمنها صحیحة زرارة[612] عن أبی جعفر (ع) (أنه قال: أربع صلوات یصلیها الرجل فی کل ساعة صلاة فأتتک فمتی ما ذرکتها أدیتها و صلاة رکعتى طواف الفریضة و صلاة الکسوف و الصلاة علی المیت هذه یصلیهن الرجل فی الساعات کلها).

و هذه الصحیحة ظاهرة فی الفرائض و ناظرة الیها فان الصلوات الواجبة علی طائفتین (إحدیهما) ما لها وقت معین محدود کالفرائض الیومیة و صلاة الجمعة و صلاة العیدین ـ حیث إنها أیضاً واجبة عند إجتماع الشرائط ـ فهذه الصلوات لا یؤتی بها إلا فی أوقاتها (الثانیة) ما لیس لها وقت معین بل یؤتی بها فی جمیع الساعات کالصلوات الأربع المذکورة فی الصحیحة، فهی فی مقام بیان هذه الطائفة و ناظرة الیها، فلا تکون ناظرة إلی النوافل أصلاً.

(و أما الطائفة الثالثة) و هی ما تکون تامة سنداً و دلالة ـ (فمنها) صحیحة جمیل بن دراج[613] (قال: سألت أبا الحسن الأول (ع) عن قضاء صلاة اللیل بعد طلوع الفجر إلی طلوع الشمس قال: نعم و بعد العصر إلى اللیل فهو من سر آل محمد المخزون). و لا یخفی أن إبراهیم الذی فی سندها هو إبراهیم بن هاشم و ذلک، لغلبة روایة محمد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 393 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحمد بن یحیی عنه و روایته عن محمد بن عمرو الزیات و أما ما فی الوسائل و هو (محمد بن عمر الزیات) فهو محرف لأن الراوی عن جمیل بن دراج هو محمد بن عمرو الزیات لا ابن عمر الزیات و هذه الصحیحة ـ کما تری ـ صریحه فی جواز القضاء فی الوقتین و منبئة عن أن العامة یستنکرون القضاء فی هذین الوقتین حیث قال: (و هو من سر آل محمد المخزون).

(و منها) صحیحة الحسین بن أبی العلاء[614] عن أبی عبدالله (ع) (قال: اقض صلاة النهار أی ساعة شئت من لیل أو نهار کل ذلک سواء). و السند فیها صحیح فان الحسین بن أبی العلاء هو الحسین بن خالد ابن طهمان الخفاف و کنیة خالد ابو العلاء و هو و إن لم یوثق فی کتب الرجال صریحاً إلا أنه ثقة لوجهین (الأول) أنه وقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق ابن قولویه.

(الثانی) ان النجاشی وثق أخاه عبدالحمید بن أبی العلاء و قال عند ترجمة الحسین بن أبی العلاء: قال أحمد بن الحسین رحمه الله: هو مولی بنی عامر و اخواه علی و عبدالحمید روی الجمیع عن أبی عبدالله (ع) و کان الحسین أوجههم). و الظاهر (بقرینة قوله رووا عن أبی عبدالله علیه السلام ان المراد من الأوجه هو الأوجهیة فی مقام الروایة فاذاً یکون توثیق أخیه عبدالحمید مستلزماً لتوثیقه بطریق أولی.

(و منها) صحیحة حسان بن مهران[615] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن قضاء النوافل، قال: ما بین طلوع الشمس الی غروبها). و السند صحیح فان حسان هو أخو صفوان بن مهران قال النجاشی: (ثقة ثقة أصح من صفوان و أوجه). و هذه الصحیحة صریحة فی ان وقت قضاء النوافل من طلوع الشمس إلی غروبها و لا ریب فی أنه شامل لما بعد العصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 394 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا فرق بینه و بین بقیة أجزاء الوقت المحدود و إلا لإستثناه و نبه علیه. و هذه الروایات تدل علی عدم مرجوحیة قضاء النوافل بعد الفجر و العصر بالمطابقة فیستفاد منها عدم مرجوحیة النافلة الأدائیة فی الوقتین بطریق أولی فلو سلمنا تمامیة الروایات الناهیة سنداً نقیدها بغیر النافلة المرتبة مطلقاً لأجل هذه الروایات.

(و منها) موثقة سماعة[616] قال: (سألته ـ سألت أبا عبدالله علیه السلام ـ عن الرجل یأتی المسجد و قد صلی أهله أیبتدیء بالمکتوبة أو یتطوع؟ فقال: إن کان فی وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفریضة و إن کان خاف الفوت من أجل ما مضی من الوقت فلیبدأ بالفریضة و هو حق الله ثم لیتطوع ما شاء ألا هو (الأمر) موسع أن یصلی الانسان فی أول دخول وقت الفریضة النوافل إلا أن یخاف فوت الفریضة، و الفضل إذا صلی الانسان وحده أن یبدأ بالفریضة إذا دخل وقتها لیکون فضل أول الوقت للفریضة و لیس بمحظور علیه أن یصلی النوافل من أول الوقت إلی قریب من آخر الوقت).

(و هذه الموثقة) کالصریح فی جواز الاتیان بالنافلة مطلقاً‌ أدائیة کانت أو قضائیة بعد الفجر و بعد العصر (توضیح) ذلک أن جملتین منها تدلان علی جواز التنفل فی الوقتین (الأولی) قوله (ع): (و ان کان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 395 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[608] . الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 3 و 10 و 11.
[609]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 3 و 10 و 11.
[610]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 3 و 10 و 11.
[611]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 5، التهذیب ج 2 (ص 167).
[612]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 1 و 14.
[613]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 1 و 14.
[614]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 9 و 13.
[615]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 9 و 13.
[616]. الوسائل ب 35 من أبواب المواقیت ر 1، ولکن فی الوسائل المطبوع حدیثاً سقطاً فلهذا عیَّنا مصدرها فی الکافی و التهذیب أیضاً، الکافی الجزء الثالث من المطبوع سنة 1377 (ص 289)/ التهذیب المطبوع سنة 1378 ج 2 (ص 264) (ولکنه یغایر ما فی الکافی تغییراً یسیراً) و هذه الموثقة حاکمة علی جمیع الروایات الناهیة عن التطوع فی وقت الفریضة و شارحة لها بأن المراد منها هو الارشاد إلی أفضلیة الاقدام بالفریضة.

(396 - 400)

(396 - 400)

 

خاف الفوت من أجل ما مضی من الوقت فلیبدأ بالفریضة و هو حق الله ثم لیتطوع ما شاء) فان هذه الجملة کالصریح فی جواز الاتیان بالنافلة اداء و قضاء بعد صلاة الصبح و بعد صلاة العصر.

(الجملة الثانیة) قوله (ع): (و لیس بمحظور علیه أن یصلی النوافل من أول الوقت الی قریب من آخر الوقت) فان هذه الجملة أیضاً کالصریح فی جواز التطوع فی الوقتین (و علی الجملة) المستفاد من الموثقة أمران (الأول) جواز التطوع قبل الفریضة و بعد ها بلا فرق بین الفرائض و لا بین أجزاء الوقت (الثانی) أفضلیة تقدیم الفریضة علی النافلة لیکون فضل اوّل الوقت للفریضة.

(فقد تحصل) من جمیع ما ذکرناه فی هذا المقام عدم تمامیة المقتضی لمرجوحیة النافلة بعد الصبح و العصر و علی تقدیر التنزل و تسلیم المقتضی فالمانع موجود و هو ما عرفت من الروایات المجوزة فهی توجب تقیید الإطلاقات الناهیة بغیر النافلة المرتبة الأدائیة و القضائیة هذا تمام کلامنا فی المقام الأول.

(المقام الثانی) فی ما استدل به من الروایات علی مرجوحیة النافلة فی الأوقات الثلاثة ـ و هی بعد طلوع الشمس حتی تنبسط ـ و عند قیام الشمس حتی تزول ـ و عند غروب الشمس ـ أى قبیله ـ (منها) صحیحة عبدالله بن سنان[617] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: لا صلاة نصف النهار إلا یوم الجمعة). بتقریب أن الصحیحة ظاهرة فی نفى المشروعیة فبقرینة الروایات المجوزة تحمل علی المرجوحیة و الکراهة فهذه الصحیحة هی المدرک لکراهة النافلة فی نصف النهار فی غیر یوم الجمعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 396 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام[618] (قال: یصلی علی الجنازة فی کل ساعة إنها لیست بصلاة لا رکوع و لا سجود و إنما تکره الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها التی فیها الخشوع و الرکوع و السجود، لأنها تغرب بین قرنى شیطان و تطلع بین قرنى شیطان). و هذه الصحیحة صریحة فی کراهة الصلاة عند طلوع الشمس و غروبها، فالمستفاد من الصحیحتین مرجوحیة الصلاة فی الأوقات الثلاثة.

(و فیه) أن التحقیق الذی یقتضیه النظر الدقیق عدم تمامیة الاستدلال بهما (بیان ذلک): أن الصحیحة الأولی ناظرة إلی الفریضة و فی مقام بیان أن فریضة الظهر تؤخر من نصف النهار لأجل الاتیان بالنافلة إلا فی یوم الجمعة و ذلک بقرینة ـ الروایات الدالة علی أن القدم و القدمین و الذراع و الذراعین إنما جعلت لمکان النافلة، و بما أن النافلة فی یوم الجمعة تتقدم علی الزوال فلا مانع من إتیان الفریضة فیه فی أول الزوال و قد تقدمت (ص 137) الروایات الدالة علی أن وقت الفریضة ـ أى الظهر أو الجمعة ـ یوم الجمعة ساعة تزول الشمس فعلیه تکون الصحیحة أجنبیة عن المقام بالکلیة.

(و مما یؤید) ما ذکرناه صحیحة أبی بصیر أو موثقته[619] (قال: قال أبو عبدالله علیه السلام: إن فاتک شىء من تطوع اللیل و النهار فاقضه عند زوال الشمس و بعد الظهر عند العصر و بعد المغرب و بعد العتمة و من آخر السحر). فانها صریحة فی جواز اتیان قضاء النافلة عند الزوال فتکون قرینة علی أن صحیحة عبدالله بن سنان لم تکن مسوقة لبیان مرجوحیة التطوع عند انتصاف النهار بل مسوقة لبیان الفرق بین یوم الجمعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 397 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و غیره علی ما عرفت.

(ثم) لا یخفی الوجه فی کونها مؤیدة لا دلیلا و هو أنها لا تکون صریحة فی نفى الکراهة بل صریحة فی الجواز و هو لا ینافی الکراهة (و أما) التردید فی أنها صحیحة أو موثقة فلاجل الحسن الواقع فی سندها حیث إنه مردد بین (الحسن بن سعید) الواقع فی سند الروایة الثامنة فی الوسائل (ب 57) و بین (الحسن بن فضال) فان الأول ثقة و الثانی موثق و علی التقدیرین تکون الروایة حجة.

(و أما الصحیحة الثانیة) فیمکن ان یناقش فیها من وجوه (الأول) أنها معارضة بعدة من الروایات ـ التی تقدمت جملة منها ـ فانها دلت علی جواز الاتیان بالنافلة القضائیة فی أی ساعة شاء من لیل أو نهار فبعد التساقط لأجل المعارضة یبقی الحکم بالکراهة بلا دلیل (إن قلت) إن الروایات المجوزة وردت فی خصوص القضاء و الصحیحة عامة للاداء و القضاء فمقتضی القاعدة هو التخصیص و الحکم بکراهة التنفل فی الوقتین إلا النافلة القضائیة.

(قلت): أولا إن الصحیحة آبیة عن التخصیص و ذلک لأنها معللة بعلة خاصة بشمول الحکم لجمیع الأفراد، فان مفاد العلة مرجوحیة الرکوع و السجود و الخشوع فی الوقتین لأن الشمس تطلع و تغرب بین قرنى شیطان و بما أن صلاة الجنازة لا رکوع و لا سجود فیها فلا بأس باتیانها فی هذین الوقتین، فمن بیان علة الحکم بالکراهة و استثناء صلاة الجنازة منه یستفاد ان الحکم بالکراهة عام لکل صلاة فیها رکوع و سجود بلا فرق بینهما فاذاً کیف یمکن الحکم بالتخصیص و الجمع العرفی.

(و ثانیاً) إن النسبة بینهما لیست هو العموم المطلق بل النسبة هو العموم من وجه إذ الروایات الناطقة بجواز القضاء لها أیضاً جهة عموم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 398 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و هو شمولها لجمیع ساعات اللیل و النهار، ففی صحیحة الحسین المتقدمة: (إقض صلاة النهار أی ساعة شئت من لیل او نهار کل ذلک سواء) فمورد الافتراق فی هذه الصحیحة إتیان القضاء فی غیر الوقتین و مورد الإفتراق فی صحیحة إبن مسلم هو الإتیان بغیر القضاء فی الوقتین و مورد الاجتماع هو الإتیان بالقضاء فی الوقتین، فعلیه یکون المتعین هو التساقط کما ذکرنا.

(الوجه الثانی) أن الحکم بالکراهة فیها قد علل بان الشمس تطلع بین قرنى شیطان و تغرب بین قرنى شیطان و هو لا یمکن تصدیقه بنفسه و ذلک لأن الأرض کرویة، فمطلع الشمس و مغربها یتفاوتان بتفاوت الأفق فی البلدان و الأمکنة، ففی کل آن تطلع الشمس علی قوم و تغرب عن آخرین، فعلیه یلزم کراهة النافلة فی جمیع الأوقات و الساعات و فساده غنی عن البیان.

(الوجه الثالث) أنها معارضة بصحیحة حماد بن عثمان[620] (أنه سأل أبا عبدالله علیه السلام عن رجل فاته شىء من الصلوات، فذکر عند طلوع الشمس أو عند غروبها قال: فلیصل حین یذکر). و هذه الصحیحة صریحه فی الاتیان فی الوقتین حیث فرض فی السؤال أنه ذکر عند طلوع الشمس أو عند غروبها، فالمستفاد منها عدم مرجوحیة الصلاة مطلقاً فی هذین الوقتین فحینئذ تسقط الصحیحة لأجل المعارضة فلا تصلح لإثبات الکراهة.

(و نظیر) صحیحة حماد روایة النعمان الرازی[621] (قال: سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل فاته شىء من الصلوات، فذکر عند طلوع الشمس و عند غروبها، قال: فلیصل حین ذکره). و هی من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 399 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حیث الدلالة تامة ولکنها ضعیفة السند لأن الشیخ رواها باسناده عن علی ابن الحسن الطاطری و فیه علی بن محمد بن الزبیر و أحمد بن عمرو بن کیسبة و هما لم یوثقا (علی) أن النعمان الرازی أیضاً لم یوثق فهی مؤیدة.

(الوجه الرابع) أن ما رواه الصدوق (قدس سره) عن مشایخه الأربعة (أی محمد بن أحمد السنانی و علی بن أحمد بن محمد الدقاق و الحسین ابن ابراهیم المؤدب و علی بن عبدالله الوراق) عن أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی واضح الدلالة علی أن هذه الصحیحة صدرت تقیة ـ روى الصدوق عن مشایخه الأربعة عن أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی[622] أنه ورد علیه فیما ورد (علیه) من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمری (قدس الله روحه): (و أما ما سألت عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها فلان کان کما یقول الناس: إن الشمس تطلع بین قرنى شیطان و تغرب بین قرنى شیطان، فما أرغم أنف الشیطان بشىء أفضل من الصلاة، فصلها و ارغم أنف الشیطان). و هذه الروایة لا بأس بسندها فان مشایخ الصدوق ـ الأربعة ـ و إن لم یوثقوا فی کتب الرجال إلا أنا نطمئن بأنهم لم یتواطئوا علی الکذب و علی جعل هذه الروایة، فاذاً یستفاد منها بوضوح أن هذا الإعتقاد و الإلتزام بکراهة الصلاة فی الوقتین من العامة و أن الأمر لیس کما زعموا فهذه الروایة أقوی شاهد علی أن صحیحة محمد بن مسلم و غیرها مما یجری هذا المجرى صدرت تقیة.

(و مما استدل به) للقول بالکراهة أیضاً روایة سلیمان بن جعفر الجعفری[623] (قال: سمعت الرضا علیه السلام یقول: لا ینبغی لأحد أن یصلی إذا طلعت الشمس، لأنها تطلع بقرنى شیطان، فاذا إرتفعت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 400 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[617]. الوسائل ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ر 6.
[618]. الوسائل ب 20 من أبواب صلاة الجنازة ر 2.
[619]. الوسائل ب 57 من أبواب المواقیت ر 10.
[620]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 16 و 2.
[621]. الوسائل ب 39 من أبواب المواقیت ر 16 و 2.
[622]. الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 8 و 9.
[623]. الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 8 و 9.

الصفحات (401 - 450)

الصفحات (401 - 450)

(401 - 405)

(401 - 405)

وضفت فارقها فتستحب الصلاة ذلک الوقت و القضاء و غیر ذلک، فاذا إنتصف النهار قارنها، فلا ینبغی لأحد أن یصلی فی ذلک الوقت لأن أبواب السماء قد غلقت فاذا زالت الشمس وهبت الریح فارقها).

(و فیه أولا) أنها ضعیفة السند لأن فیه محمد بن علی ما جیلویه و هو لم یوثق فما ذکره صاحب الحدائق ـ من أن الصدوق رواها بسند قوی عن سلیمان بن جعفر الجعفری ـ لیس فی محله (و ثانیاً) أنه یرد علیها جمیع ما أوردناه علی صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة. (و منه) یظهر حال مرسلة الصدوق[624] (قال: و قد روی و نهی عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها، لأن الشمس تطلع بین قرنى شیطان و تغرب بین قرنى شیطان). فانها مرسلة أولاً و مردودة بما أوردناه علی صحیحة محمد بن مسلم ثانیاً.

(و منها) روایة حسین بن زید عن جعفر بن محمد عن آبائه علیهم السلام (فی حدیث المناهی)[625] (قال (ع): و نهی رسول الله صلی الله علیه و آله عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها و عند استوائها). (و فیه) أنها ضعیفة السند لأجل شعیب بن واقد فانه لم یوثق بل لم یقع فی اسانید الروایات إلا هذه الروایة.

(ثم) إنه قد ذکرنا سابقاً أن مقتضی التحقیق فی مفاد الروایات هو عدم الإشکال فی إتیان قضاء النوافل فی الأوقات الخمسة، ولکنه قد یتخیل أن المستفاد من بعض الروایات هو کراهة الإتیان بقضاء الفریضة عند طلوع الشمس و هو صحیحة أبی بصیر[626] عن أبی عبدالله (ع) (قال: إن نام رجل و لم یصل صلاة المغرب و العشاء أو نسی فان استیقظ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 401 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و أما إذا شرع فیها قبل ذلک فدخل أحد هذه الأوقات و هو فیها فلا یکره إتمامها (1) و عندی فی ثبوت الکراهة فی المذکورات اشکال.

 

قبل الفجر قدر ما یصلیهما کلتیهما فلیصلهما، و إن خشی أن تفوته إحدیهما فلیبدأ بالعشاء الآخرة و إن إستیقظ بعد الفجر فلیبدأ فلیصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس، فان خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدی الصلاتین فلیصل المغرب و یدع العشاء الآخرة حتی تطلع الشمس و یذهب شعاعها ثم لیصلها). فان قضاء العشاء لو لم یکن مرجوحاً عند طلوع الشمس لم یکن وجه للامر بترک العشاء و تأخیرها إلی أن یذهب شعاعها.

(و فیه) أن هذه الصحیحة معارضة بصحیحة حماد بن عثمان المؤیدة بروایة النعمان الرازی و قد تقدمتا (ص 399) فانهما صریحتان فی عدم کراهة القضاء عند طلوع الشمس و عند غروبها. و بما أن العامه یقولون بعدم جواز الصلاة أو کراهتها عند طلوع الشمس تکون صحیحة أبی بصیر موافقة لهم، فتحمل علی التقیة و یکون الترجیح مع صحیحة حماد لأنها مخالفة لهم.

(فقد تحصل) من جمیع ما ذکرناه عدم تمامیة ما استدل به علی کراهة الصلاة فی الأوقات الخمسة و بما أن الشهرة الفتوائیة و الإجماع المنقول لا دلیل علی إعتبارهما یبقی الحکم بالکراهه بلا دلیل و لأجل ذلک قال الماتن (قدس سره): و عندی فی ثبوت الکراهة فی المذکورات إشکال.

(1) اذا بنینا علی عدم الکراهة فی الإحداث ـ کما هو الأظهر و مال الیه الماتن أیضاً ـ فلا إشکال فی عدم کراهة الإتمام (و أما) إذا بنینا علی کراهة الاحداث ـ کما ذهب الیه الجماعة ـ فلا مناص من الإلتزام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 402 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فصل فی أحکام الأوقات

(مسألة 1) لا یجوز الصلاة قبل دخول الوقت (1) فلو صلی بطلت و إن کان جزء منها قبل الوقت.

 

بالکراهة فی الإتمام أیضاً، لأن التعلیل فی صحیحة محمد بن مسلم یجری فی کل من الاحداث و الاتمام إذ المستفاد منه أن الخشوع و السجود و الرکوع مرجوح عند کون الشمس بین قرنى شیطان فان أخذنا بالصحیحة لابد من الإلتزام بالکراهة فی الفرضین و إن حملناها علی التقیة فلابد من عدم الإلتزام بها فیهما، ( وکذا) الأمر فی صحیحة عبدالله بن سنان ـ النافیه للصلاة عند إنتصاف النهار إلا یوم الجمعة ـ فان مقتضاها مرجوحیة الصلاة عند إنتصاف النهار بلا فرق بین الاحداث و الإتمام هذا بناء علی تمامیة الاستدلال بها، و أما بناء علی المختار ـ من أنها أجنبیة عن المقام و ناظرة إلی الفرق بین یوم الجمعة و غیره لأجل النافلة ـ فلا یستفاد منها کراهیة الاحداث و لا الإتمام ـ کما تقدم تفصیله.

فصل فی أحکام الأوقات

(1) بلا ریب و لا إشکال فانه هو مقتضی التوقیت المستفاد من الآیة و الروایات أما الآیة فهو قوله تعالی[627]: (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل و قرآن الفجر إن قرآن الفجر کان مشهوداً) فالتوقیت یقتضی عدم الأمر بالصلاة فی غیر وقتها فلا تکون مشروعة إلا فیه (و أما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 403 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الروایات فکثیرة[628] جملة منها صریحة أو کالصریح فی البطلان عند الإخلال بالوقت (منها)صحیحة عمر بن یزید عن أبی عبدالله (ع)[629] (فی حدیث) (قال: إنه لیس لأحد أن یصلی صلاة إلا لوقتها، و کذلک الزکاة (إلی أن قال) و کل فریضة إنما تؤدی إذا حلت).

(و منها) صحیحة زرارة[630] (قال: قلت لأبی جعفر (ع): أیزکی الرجل ماله إذا مضی ثلث السنة؟ قال: لا. أتصلی الأولی قبل الزوال؟ (و منها صحیحة أخری لزرارة[631] عن أبی جعفر علیه السلام (فی حدیث) (قال: قلت فمن صلی لغیر القبلة أو فی یوم غیم لغیر الوقت قال: یعید). (و منها) صحیحة الثالثة[632] قال: قال أبو جعفر علیه السلام: (وقت المغرب إذا غاب القرص فان رأیته بعد ذلک و قد صلیت أعدت الصلاة).

(و منها) موثقة أبی بصیر[633] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: من صلی فی غیر وقت، فلا صلاة له). (و منها) صحیحة زرارة[634] (قال: قال أبو جعفر علیه السلام: لا تعاد الصلاة إلا من خمسة الطهور و الوقت و القبلة و الرکوع و السجود).

و هذه الروایات المعتبرة تدل علی إعتبار الوقت فی الصلاة و مقتضی الإطلاق فیها إعتباره مطلقاً فی جمیع أجزاء الصلاة و فی جمیع الحالات فلو أخل به بطلت الصلاة سواء کان حاضراً أو مسافراً أو عامداً أو ساهیاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 404 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و یجب العلم بدخوله حین الشروع فیها (1)

 

أو ناسیاً وقعت جمیعها خارج الوقت أو جزئها إلا فی بعض الفروض کما إذا إعتقد دخول الوقت و شرع فی الصلاة و دخل الوقت فی الأثناء فهنا یحکم بالصحة عند المشهور لزعمهم قیام دلیل خاص علیه کما سیجییء.

و بازائها صحیحة عبیدالله الحلبی[635] عن أبی عبدالله علیه السلام (قال: إذا صلیت فی السفر شیئاً من الصلوات فی غیر وقتها فلا یضرک) و هذه الصحیحة و إن دلت علی جواز الاتیان بالصلاة فی غیر وقتها إذا کان مسافراً، (ولکنها) لایمکن الأخذ بظاهرها للروایات الکثیرة المتضافرة الدالة علی بطلان الصلاة إذا أتی بها قبل الوقت و من هنا حملها الشیخ (قدس سره) علی خروج الوقت، فتکون قضاء فیکون المراد أنه لا بأس باتیان ما فاته فی السفر فی خارج الوقت قضاء.

(و فیه) أنه حمل بعید جداً لأنه لافرق فی جواز إتیان القضاء فی خارج الوقت بین السفر و الحضر، فاذاً یکون الأولی حملها علی غیر وقت الفضیلة، فیکون المراد أنه لابأس للمسافر بأن یأتی بالصلاة فی غیر وقت الفضیلة، فانها تعادل الصلاة فی وقت الفضیلة من الحاضر، فان وقت الفضیلة بالإضافة الی المسافر أوسع منه بالإضافة إلی الحاضر کما هو المستفاد من الروایات[636] الدالة علی إمتداد وقت المغرب فی السفر إلی ثلث اللیل و إلی ربع اللیل علی ماتقدم من أنها محمولة علی وقت الفضیلة و إلا فأصل وقتها یمتد إلی نصف اللیل علی ما مر تفصیله (راجع ص 107 إلی 115).

(1) بلا إشکال إذ مع عدم العلم بدخول الوقت یجری إستصحاب عدم دخوله فیحکم ببطلان الصلاة بل الحکم کذلک و إن قطعنا النظر عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 405 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[624]. الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 6 و 7.
[625]. الوسائل ب 38 من أبواب المواقیت ر 6 و 7.
[626]. الوسائل ب 62 من أبواب المواقیت ر 3.
[627]. السورة 17 ـ الآیة 78.
[628]. راجع الوسائل ب 2 من أبواب أعداد الفرائض و ب 1 من أبواب المواقیت.
[629]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 1 و 2 و 3 و 4 و 7.
[630]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 1 و 2 و 3 و 4 و 7.
[631]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 1 و 2 و 3 و 4 و 7.
[632]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 1 و 2 و 3 و 4 و 7.
[633]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 1 و 2 و 3 و 4 و 7.
[634]. الوسائل ب 9 من أبواب القبلة ر 1.
[635] . الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 9
[636] . راجع الوسائل ب 19 من أبواب المواقیت

(406 - 410)

(406 - 410)

 

 

و لا یکفی الظن لغیر ذوی الأعذار (2)

 

الإستصحاب فان إحتمال بطلان الصلاة لأجل احتمال عدم دخول الوقت یکفی فی حکم العقل بعدم جواز الإکتفاء فی مرحلة الإمتثال بما أتی به فی حال الشک فی دخول الوقت و بوجوب الإتیان ثانیاً عند القطع بدخول الوقت فان الإشتغال الیقینی یقتضی البرائة الیقینیة و دفع الضرر المحتمل واجب هذا (علی) أن الروایات أیضاً ناطقة باعتبار العلم بدخول الوقت فی جواز الشروع فی الصلوات الموقتة کما سیجییء التعرض لها إن شاء الله.

(1) کما هو المشهور و یظهر من کلام صاحب المدارک (قدس الله سره) ثبوت الإتفاق علی أن الظن بدخول الوقت ملحق بالشک فیه فکما لایجوز الدخول فی الصلاة فی فرض الشک فکذلک لایجوز الدخول فیها فی فرض الظن (ولکن) صاحب الحدائق (قدس الله سره) قد إختار جواز الدخول فی الصلاة عند الظن بدخوله و استظهره من کلام الشیخ المفید و الشیخ الطوسی (قدس سرهما) فی المقنعة و النهایة و نسب الجواز إلی صاحب الذخیرة أیضاً و کیف کان المشهور هو القول بعدم جواز الإعتماد علی الظن و قد أدعی علیه الإجماع ولکن المهم هو التعرض لروایات الباب لعدم حجیة الاجماع المنقول و لا الشهرة الفتوائیة کما هو واضح.

و قد إستدل صاحب الحدائق لما اختاره من القول بالجواز بوجهین (الأول) ظاهر روایة إسماعیل بن ریاح عن أبی عبدالله (ع)[637] قال: (إذا صلیت و أنت تری أنک فی وقت و لم یدخل الوقت فدخل الوقت و أنت فی الصلاة فقد أجزأت عنک). قال فی الحدائق (ص 296) (و ظاهر الأصحاب حمل هذه الروایة علی صورة تعذر العلم حیث أوردوها فی تلک المسألة و هی ـ کما تری ـ مطلقة لاتقیید فیها بذلک لأن قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 406 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و أنت تری ـ أى تظن ـ أنک فی وقت أعم من أن یکون العلم ممکناً أو غیر ممکن).

(ولکن) الصحیح عدم تمامیة الإستدلال بها لضعف السند و الدلالة أما ضعف السند فلأجل إسماعیل بن ریاح فانه لم یوثق فلا یعتمد علیها و إن رواها المشایخ الثلاثة بأسانید مختلفة فان کلها ینتهی إلی إسماعیل بن ریاح فلا ینفع تعدد السند الیه (نعم) قد یقال: باعتبار هذه الروایة لوجوه:

(الأول) أن إسماعیل کان من أصحاب الصادق علیه السلام و قد وثق الشیخ المفید جمیع أصحابه (ع) فانه قال: إن أربعة آلاف کانو من أصحاب الصادق علیه السلام و کلهم کانو ثقاة. و اعتمد المیرزا النوری فی المستدرک علی توثیقه (و فیه) أنه إن أراد المفید (قدس سره) ما هو ظاهر کلامه من أن جمیع أصحاب الصادق علیه السلام وصم أربعة آلاف کلهم ثقاة فهو مقطوع البطلان،إذ الشیخ (قدس سره) مع أنه قد أتعب نفسه بعدّ أصحاب الصادق (ع) فی رجاله حتی عدّ منهم المنصور الدوانقی ـ لم یبلغ ما عدّه إلا مقدار ثلاثة آلاف ونیف فمن أین یثبت أنهم أربعة آلاف هذا من ناحیة. (و من ناحیة أخری) أن کثیراً من أصحاب الصادق علیه السلام کانوا ضعاف قد ضعّفهم الشیخ و النجاشی و غیرهما بأن فلاناً کان من أصحابه و کان و ضّاعاً و فلاناً کان کذّاباً و هکذا فکیف یمکن الاعتماد علی ما هو ظاهر کلام المفید (قدس سره).

(و إن أراد) أن أصحابة (ع) کانوا أکثر من أربعة آلاف ولکن هذا العدد کانوا ثقاتهم فهذا لا یمکن إثباته لما عرفت من أن الشیخ لم یقدر علی عدّ ما زاد عن ثلاثة آلاف ونیف نعم لا یرد علی هذا التقدیر الاشکال الثانی ولکن الاشکال الأول کاف فی منعه (و لو تنزلنا) عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 407 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذلک و سلمنا أن أصحابه (ع) کانوا أکثر من أربعة آلاف ولکن الثقاة منهم کانوا أربعة آلاف فلا یجدی فی المقام لإحتمال أن یکون إسماعیل بن ریاح ممن لم یوثقوا (و علی الجملة) لامجال للاعتماد علی ما هو ظاهر کلام المفید (قدس سره) فلابد من توجیه کلامه و رفع الید عن ظاهره ـ کما لا یعتمد علی قول العامة من أن کل من روی عن رسول الله (ص) کان ثقة.

(الوجه الثانی) أن الراوی عن إسماعیل بن ریاح فی هذه الروایة هو ابن أبی عمیر و هو لایروی إلا عن ثقة کما ذکره الشیخ فی العدة من أن مراسیل ابن أبی عمیر کمسانیده لأنه لایروی إلا عن ثقة، فهو یوجب و ثاقة إسماعیل فتکون الروایة حجة.

(و فیه) أن التأمل فی کلام الشیخ یکشف عن أن هذا الکلام ناشیء عن استنباطه و حدسه حیث قال: إنی أری أنه لایروی إلا عن ثقة، فعلیه لا یمکن الاعتماد بما أفاده (قدس سره) لأنه لیس إخباراً من الحس بل مستند إلی الحدس (علی) أنه قد ثبت عندنا أن إبن أبی عمیر قد روی عن الضعفاء فکیف یعتمد علی ما أفاده الشیخ (قدس سره)؟.

(الوجه الثالث) أن الروایة و إن کانت ضعیفة السند لعدم ثبوت و ثاقة إسماعیل إلا أن الضعف منجبر بعمل الأصحاب حیث إنهم أفتوا بمضمونها. (و فیه) أنک عرفت غیر مرة أن الشهرة العملیة لاتکون جابرة لضعف السند لإحتمال أن عمل الأصحاب بالروایة الضعیفة کان مبنیاً علی قاعدة لانلتزم بها (ألا تری) أنه یظهر من کلام الکلینی و الصدوق (قدس سرهما) أنهما یعملان بکل خبر إمامی لم یرد القدح و الجرح فیه لبنائهما علی إصالة العدالة. و العلامة (قدس سره) قد صرح بذلک فی ترجمة إبراهیم بن هاشم و ترجمة أحمد بن إسماعیل بن سمکة و قد تعرضنا لکلامه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 408 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(فی ص 47) فراجع. فمع هذا الاحتمال لایحصل لنا الوثوق بصدور الروایة بمجرد عمل المشهور بها و مع عدم الوثوق فلا مجال للعمل بالروایة إذ لابد فی العمل بالروایة إما من الوثوق النوعی أو الوثوق الشخصی بالصدور (و الأول) یتحقق عند کون رواتها من الثقاة (و الثانی) یتحقق عند إکتنافها بقرائن تفید ذلک و کلا الأمرین مفقود فی المقام (أما فقدان الأول) فلما عرفت من عدم ثبوت و ثاقة إسماعیل بن ریاح (و أما فقدان الثانی) فلأن الشهرة العملیة لیست بمثابة توجب وثوق الشخصی بالصدور هذا کله ما یرجع إلی سندها.

(و أما دلالتها) فأیضاً‌ضعیفة، لأن قوله: (تری) مشتق من الرؤیة و هی بمعنی الادراک بالبصر و بما أن هذا المعنی غیر مراد قطعاً ـ إذ دخول الوقت لیس مما یدرک بالبصر فلابد من حملها علی أقرب المجازات و هو لیس إلا العلم، فیکون مفاد الروایة صحة الصلاة إذا قطع بدخول الوقت ولکنه کان جهلا مرکباً فتکون أجنبیة عن المقام.

(و لو تنزلنا) عن ذلک و سلمنا أن تری بمعنی تظن فایضا لایتم الاستدلال لأن الروایة مسوقة لبیان حکم آخر و هو صحة الصلاة إذا دخل الوقت فی الأثناء (و أما) أن المراد من الظن الذی دخل لأجله فی الصلاة هل هو الظن الخاص أو مطلق الظن فلیست الروایة فی مقام بیانه حتی یتمسک بالاطلاق من تلک الجهة فیحتمل أن یکون المراد هو الظن الذی یکون حجة لأجل الغیم و نحوه (و بالجملة) لیست الروایة فی مقام بیان حکم الظن حتی یتمسک باطلاقها و یقال بحجیة مطلق الظن فی المقام.

(الوجه الثانی) مما إستدل به صاحب الحدائق (قدس سره): الروایات الدالة علی جواز الاعتماد علی أذان المؤذنین قال فی تقریب ذلک: (فان المستفاد من الأخبار المستفیضة الاعتماد علی أذان المؤذنین و إن کانوا

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 409 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المخالفین و من الظاهر أن غایة ما یفید هو الظن و إن تفاوت شدة و ضعفاً باعتبار المؤذنین و ماهم علیه من زیادة الوثاقة و الضبط فی معرفة الأوقات و عدمه)،

(و فیه) أولا أنه سیجییء فی محله ـ إنشاء الله تعالی ـ أنه لا دلیل علی إعتبار الأذان علی الاطلاق بل الدلیل مختص بما إذا کان المؤذن ثقة فان قول المؤذن: حی علی الصلاة، یدل علی دخول الوقت بالالتزام و بما أن» خبر الثقة حجة ـ و لو فی الموضوعات علی ما هو الأظهر ـ نلتزم بجواز الدخول فی الصلاة إعتماداً علی أنانه و إن لم یفد الظن بدخول الوقت فلیس حجیة إخباره لأجل إفادته الظن حتی یقال: بحجیة مطلق الظن.

(و ثانیاً) لو أغمضنا عما ذکر و سلمنا وجود الدلیل علی إعتبار الأذان مطلقاً فنقتصر فی الاعتبار بمقدار دلالة الدلیل ـ و هو خصوص الأذان ـ و لا مجال للتعدی إلی مطلق الظن، فانه من أوضح أفراد القیاس، و لایکاد ینقضی تعجبی منه قدس سره، فانه مع تشنیعه للقائلین بالقیاس و إنکاره علیهم أشد الانکار فی موارد عدیدة کیف التزم فی المقام بالقیاس؟ و لیس إستدلاله هذا إلا من قبیل الاستدلال علی حجیة مطلق الظن بمادل علی إعتبار البینة بدعوی أن البینة لایحصل منها إلا الظن.

فالمتحصل من جمیع ما عرفت أنه لادلیل علی حجیة الظن فی المقام کما هو المشهور فان الشک فی حجیته مساوق للقطع بعدم حجیته بل الدلیل قائم علی عدم حجیته فان العمومات الناهیة عن العمل بالظن مطلقاً غیر قاصر الشمول للمقام. کقوله تعالی[638] : (إن الظن لایغنی من الحق شیئاً) و قوله تعالی[639] : (و لا تقف مالیس لک به علم). و غیرهما من الآیات و الروایات. (و لو أغمضنا) عن الأصل و العمومات، فالمتبع هو الروایات الخاصة المانعة‌عن العمل بالظن فی خصوص المقام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 410 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[637] . الوسائل ب 25 من أبواب المواقیت ر 1
[638] . السورة 10 ـ الآیة 36.
[639] . السورة 17 ـ الآیة 36.

(411 - 415)

(411 - 415)

 

(منها) صحیحة علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام[640] (فی الرجل یسمع الأذان فیصلی الفجر و لایدری طلع أم لاغیر أنه یظن لمکان الأذان أنه طلع، قال: لایجزیه حتی یعلم أنه قد طلع). و هذه الروایة رواها الشهید فی (الذکری) عن إبن أبی قرة باسناده عن علی بن جعفر و هذا السند غیر تام کما تقدم (ص 293) فان طریق الشهید إلی ابن أبی قرة مجهول و هو نفسه لم یوثق و طریقه إلی علی بن جعفر أیضا مجهول ولکنها موجودة فی کتاب علی بن جعفر، فلاجله تکون صحیحة. و دلالتها علی إعتبار العلم بدخول الوقت و عدم حجیة الظن به صریحة. قال فی الحدائق (و هی ظاهرة فی عدم جواز التعو یل علی الأذان و بها إستدل فی المدارک علی القول المشهور. و أنت خبیر بأن ماقابلها من الأخبار المتقدمة أکثر عدداً و أوضح سنداً و حینئذ یتعین إرتکاب التأویل فی هذه الروایة بأن تحمل علی عدم الوثوق بالمؤذن أو علی الفضل و الاستحباب کما هی القاعدة المطردة عندهم فی جمیع الأبواب).

(و فیه) أن ماذکره (قده) لایمکن المساعدة علیه فان الروایات الناطقة بالاعتماد علی الأذان ـ علی ما سنتعرض لها ـ بعضها مختصة بما إذا کان المؤذن ثقةً عارفاً بالوقت فنسبتها إلی هذه الصحیحة نسبة المقید إلی المطلق لأنها تدل علی حجیة أذان العام الثقة و صحیحة علی بن جعفر تدل علی عدم الاعتماد علی الظن الحاصل من الأذان و لم یفرض فیها کون المؤذن من الثقاة و العارفین بالوقت، فعلیه یحمل المطلق علی المقید و تکون النتیجة حجیة أذان خصوص الثقة العارف بالوقت فلا معارضة بینهما أصلا هذا،

(علی) أنه یمکن أن یقال: إن نسبة مادل علی حجیة أذان الثقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 411 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لعارف بالوقت إلی هذه الصحیحة نسبة الحاکم إلی المحکوم لأن هذه الصحیحة تدل علی إعتبار العلم فی جواز الدخول فی الصلاة و تلک الروایة ناطقة بأن الظن الحاصل من أذان الثقة بمنزلة العلم بل هو هو تعبداً فعلیه لامجال لدعوی المعارضة أصلا بل لابد من الالتزام بأن أذان الثقة العارف بالوقت کالعلم فی جواز الدخول فی الصلاة و أما غیره کأذان الغیر العارف و مطلق الظن فلا یعبأ به أصلا.

(و منها) روایة عبدالله بن عجلان[641] قال: (قال أبو جعفر علیه السلام: إذا کنت شاکاً فی الزوال فصل رکعتین، فاذا إستیقنت أنها قد زالت بدأت بالفریضة). و هذه الروایة من حیث الدلالة تامة إذ مفهوم الجملة الشرطیة: (إذا إستیقنت أنها قد زالت ... الخ) هو أنه إن لم تستیقن بالزوال فلا تبدأ بالفریضة، ففرض الظن بالزوال یکون داخلا فی هذا المفهوم، فالنتیجة هو عدم جواز الاعتماد علی الظن. (ولکن) صاحب الحدائق قدس سره قد أجاب عن هذه الروایة: قال: و أما ما نقله إبن إدریس فی مستطرفات السرائر (إلی أن قال): فلا منافاة فیه لما ذکرناه إذ غایة مایدل علیه و هو عدم جواز الصلاة مع الشک فی الوقت و جوازها مع الیقین و لا دلالة فیه علی التخصیص به و عدم جواز الاعتماد علی الظن الحاصل بالأذان و نحوه بل هو مطلق بالنسبة إلی ذلک فیجب تقییده بما ذکرناه من الأخبار).

(و فیه أولا) ما عرفت من أن مفهوم الجملة الشرطیة یدل علی عدم جواز الدخول فی الصلاة عند عدم الیقین بالوقت (و ثانیاً) أن المراد من الشک معناه اللغوی و هو خلاف الیقین کما مر غیر مرة فی نظیر هذه الروایة فیکون المستفاد من المنطوق و المفهوم عدم الاعتماد علی الظن نعم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 412 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یخرج عنه أذان الثقة و کل ما قام الدلیل علی إعتباره بالخصوص فلا إشکال فیها من حیث الدلالة أصلا.

(ولکنه) مع ذلک لایصح الإستدلال بها علی عدم حجیة الظن فی المقام و ذلک، لعدم تمامیة سندها، فان إبن إدریس رواها عن کتاب نوادر أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی و الفصل بینهما بمئات سنین فلا علم لنا بأن ما وصل الی إبن إدریس هو کتاب ابن أبی نصر البزنطی لأن طریقه الیه مجهول و کون ابن إدریس معتقداً أنه کتاب البزنطی لایجدی بالإضافة الینا لإحتمال أنه إعتقد بذلک لأجل قرائن حدسیة، (علی) ان کتاب سرائر فیه خلط عجیب إذ یوجد فیه أن الراوی یروی عمن تأخر عنه کأبان مثلا فانه یروی عمن تأخر عنه کثیراً، فلا یعتمد علی روایاته و إن کان ابن ادریس بنفسه ثقةً جلیلا. فهذه الروایة تکون مؤیدة لمادل علی عدم حجیة الظن فی المقام.

(و منها) روایة علی بن مهزیار[642] قال: (کتب ابو الحسن بن الحصین الی أبی جعفر الثانی علیه السلام معی: جعلت فداک قد إختلف موالوک (موالیک) فی صلاة الفجر فمنهم من یصلی إذا طلع الفجر الأول المستطیل فی السماء و منهم من یصلی إذا إعترض فی أسفل الأفق و استبان و لست أعرف أفضل الوقتین فأصلی فیه (إلی أن قال): فکتب علیه السلام بخطه و قرأته: الفجر یرحمک الله هو الخیط الأبیض المعترض و لیس هو الأبیض صعداء فلا تصل فی سفر و لا لابد نم تحصیل الیقین و التبیّن الحسّی حیث نهى عن الصلاة حتى تبیّن حضر حتی تبینه ... الخ) فان الجملة الأخیرة فی هذه الروایة تدل علی عدم جواز الإعتماد علی الظن بل الفجر. فدلالتها علی عدم إعتبار الظن واضحة (ولکن) سندها ضعیف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 413 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نعم یجوز الاعتماد علی شهادة العدلین علی الأقوی (1).

و کذا علی أذان العارف العدل (2).

 

فانها رویت بطریقین و کلاهما ضعیف، إذ فی طریق الکلینی سهل بن زیاد و فی طریق الشیخ الحصین (بن أبی الحصین) و کلاهما لم یوثقا نعم لو لم یکن فی طریق الکلینی سهل بن زیاد کان معتبراً لأن راوی الأخیر هو علی بن مهزیار لا أبو الحسن بن الحصین فانه قال: کتب أبو الحسن بن الحصین فعلیه تکون هذه الروایة أیضاً مؤیدة لا دلیلا.

(1) بلا إشکال لما تقدم فی مبحث الطهارة من أن مادل علی حجیة البینة و إعتبارها فی الموضوعات مطلق لامانع من التمسک باطلاقه مالم یقم دلیل خاص علی عدم إعتبارها فی بعض الموارد کالشهادة علی الزنا فان الدلیل قام علی إعتبار کون الشهود علی الزنا أربع و کذا الشهادة علی اللواط و علی الهلال عند بعضهم.

(نعم) لابد أن یکون إخبار البینة بدخول الوقت عن حس فلا عبرة بالإخبار الحدسی لأن ماقام دلیلا علی إعتبار البینة لایشمله إذ لا إطلاق له بالإضافة الیه فلا حجیة للبینة مطلقاً.

(2) لاوجه للتقیید بالعدل لأنه إن کان إعتبار العدالة من أجل أن الأذان مستلزم للاخبار بدخول الوقت و جوزا العمل بخیر الواحد مشروط بعدالة المخبر فهو مناقض لما أفاده بعد ذلک من قوله: (و أما کفایة شهادة العدل الواحد فمحل إشکال) (و ان) کان إعتبارها من أجل أن المستفاد من الروایات أن العدالة معتبرة فی الإعتماد علی أذان المؤذن العارف بالوقت فالأمر لیس کذلک و لایستفاد ذلک من الأخبار بل المستفاد منها إعتبار خصوص الوثاقة لا العدالة و الروایات الدالة علی الاعتماد علی الأذان و ان کانت کثیرة إلا أن أکثرها ضعاف و ما هو معتبر من حیث السند لایدل علی اعتبار العدالة أصلا و هو صحیحتان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 414 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الأولی) صحیحة ذریح المحاربی[643] قال: (قال لی أبو عبدالله علیه السلام: صل الجمعة بأذان هؤلاء فانهم أشد شىء مواظبة علی الوقت) فان هذه الصحیحة تدل علی جواز الإعتماد علی أذان العامة و من المعلوم أنهم لیسوا بعدول حتی یقال: إن المستفاد منها إشتراط العدالة فی المؤذن نعم یستفاد منها أن یکون المؤذن عارفاً بالوقت و ذلک لمکان قوله (ع) (فانهم أشد شىء مواظبة علی الوقت). فان من کان شدید المواظبة علی الوقت یکون عارفاً به لامحالة.

و یحتمل بعیداً أن یکون مراد الماتن من العدالة معناها اللغوی و هو الإستقامة، فیکون مراده إعتبار الإستقامة من حیث إنه مؤذن، فیجوز الإعتماد علی أذان من یکون له استقامة فی معرفة الوقت و کان مجداً فی تعیین الوقت و مواظباً علی أن لایؤذن قبل دخول الوقت و إن لم یکن مستقیماً فی سائر اموره فعلیه یندفع الإشکال عما أفاده من إعتبار العدالة لأنها علی هذا عبارة اخری عن الثقة العارف بالوقت ـ کما هو المستفاد من الصحیحة ـ (ولکن) هذا التوجیه بعید عن مساق کلامه غایة البعد و إن قال بعضهم: إن الماتن أراد هذا المعنی.

(و علی الجملة) الروایات التی استدل بها علی الإعتماد بأذان الثقة و إن کانت کثیرة الا أن اکثرها ضعاف و ما هو معتبر هو صحیحة ذریح المحاربی و صحیحة الحلبی الآتیة و هما لا تدلان إلا علی إعتبار أذان الثقة العارف بالوقت و لا دلالة لهما علی إعتبار العدالة أصلا بل المستفاد من الصحیحة المتقدمة عدم إعتبارها ـ کما عرفت ـ لکن الکلام یقع فی أمرین (الأول) أن صحیحة ذریح وردت فی صلاة الجمعة فهل یکون إعتبار أذان الثقة مختصا بها أو یعم جمیع الصلوات؟ لاینبغی الشک فی العموم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 415 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[640] . الوسائل ب 58 من أبواب المواقیت ر 4 عن الذکری و عن کتاب علی بن جعفر.
[641] . الوسائل ب 58 من أبواب المواقیت ر 1.
[642] . الوسائل ب 27 من أبواب المواقیت ر 4
[643] . الوسائل ب 3 من أبواب الأذان ر 1

(416 - 420)

(416 - 420)

 

و ذلک للقطع بعدم الفرق بین صلاة الجمعة و غیرها من الصلوات فی هذا الحکم و أما تخصیص صلاة الجمعة بالذکر فالظاهر أنه إنما یکون لأجل عدم مسبوقیتها بالنافلة بعد الزوال حیث إن نافلتها تتقدم علی الزوال فیکون الوقت الأفضل لصلاة الجمعة هو أول الزوال علی ما أسلفنا تحقیقه، فیکون صلاة الجمعة فی معرض الشک و الاشتباه من حیث دخول الوقت و عدمه إذا سارع المکلف إلی الاتیان بها عند أذان المؤذنین، بخلاف غیرها من الصلوات فانها بما أنها مسبوقة بالنافلة تؤخر غالباً إلی القدم أو القدمین أو الذراع أو الذراعین علی ما فی الروایات فلیست فی معرض الشک و الاشتباه مثل صلاة الجمعة، (و کیف ماکان) لا ینبغی الشک فی أنه یستفاد من هذه الصحیحة جواز الاعتماد علی أذان الثقة العارف بالوقت من حیث هو مؤذن و إن لم یکن ثقة من جهات أخری.

(الأمر الثانی) أن المستفاد منها لأجل التعلیل جواز الاعتماد علی کل خبر الثقة و إن لم یکن مؤذناً فان قوله (ع) (فانهم أشد شیء مواظبة علی الوقت) یفید أن العبرة باخبار من هو شدید المواظبة علی الوقت بلا فرق بین کون الاخبار بالمطابقة و بالالتزام، فاذا أخبر الثقة بالمطابقة بدخول الوقت یجوز الشروع فی الصلاة کما کان الأمر کذلک باخبار المؤذن به التزاما. (الثانیة) صحیحة الحلبی[644] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن الخیط الأبیض من الحیط الأسود فقال: بیاض النهار من سواد اللیل قال: و کان بلال یؤذن للنبی صلی الله علیه و آله و إبن أم مکتوم و کان أعمی یؤذن بلیل و یؤذن بلال حین یطلع الفجر، فقال النبی (ص): إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام و الشراب فقد أصبحتم). و هذه الصحیحة أیضاً تدل علی إعتبار أذان الثقة العارف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 416 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالوقت إذ من المعلوم أن حجیة أذان بلال لم یکن إلا من أجل کونه ثقةً عارفاً بالوقت (فعلیه) یکون المعتمد فی المقام هو هذه الصحیحة و صحیحة ذریح المتقدمة و أما غیرهما من الروایات الدالة علی إعتبار أذان المؤذنین، فکلها ضعاف (ولکنه) قد یتخیل أن جملة منها معتبرة من حیث السند فلدفع هذا التخیل نتعرض لها و لبیان ما فی أسانیدها حتی یتضح الأمر فنقول: (منها) روایة محمد بن خالد القسری[645] قال:‌(قلت لأبی عبدالله علیه السلام: أخاف أن نصلی ( أصلی) یوم الجمعة قبل أن تزول الشمس فقال: إنما ذلک علی المؤذنین). (قد یقال بل قیل إن هذه الروایة صحیحة من حیث السند و واضحة الدلالة علی حجیة أذان المؤذنین مطلقاً (و فیه) أنه إن أراد هذا القائل أن سندها صحیح إلی حماد إبن عثمان الواقع فی سندها الذی هو یروی عن محمد بن خالد القسری فهو صحیح إلا أنه لا ینفع فی إعتبارها لأن محمد بن خالد المذکور لم یوثق و إن أراد أنه صحیح إلی الامام علیه السلام فهو لیس کذلک لما عرفت من عدم ثبوت و ثاقة محمد بن خالد، (و یحتمل) أن یکون مراده أن حماد بن عثمان من أصحاب الاجماع و قال الکشی: إنه ممن أجمعت العصابة علی تصحیح ما یصح عنه و الاقرار له بالفقه. فکل سند کان صحیحاً إلی من هو من أصحاب الاجماع لاینظر إلی من قبله (و فیه) ما أسلفناه غیر مرة من أن المستفاد من کلام الکشی لیس إلا أن من هو من أصحاب الاجماع فهو ثقة یجب تصدیقه و البناء علی وثاقته لا أنه لا یروی إلا عن ثقة و لاینظر إلی من هو قبله فعلیه لاوجه للقول بصحة سند هذه الروایة.

(و منها) ما رواه محمد بن مسعود العیاشی فی تفسیره عن سعید

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 417 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأعرج[646]قال: (دخلت علی أبی عبدالله علیه السلام و هو مغضب و عنده جماعة من أصحابنا و هو یقول: تصلون قبل أن تزول الشمس قال: و هم سکوت. قال: فقلت أصلحک الله ما نصلی حتی یؤذن مؤذن مکة، قال: فلا بأس أما أنه إذا أذن فقد زالت الشمس) (الحدیث). قال صاحب الحدائق: (و الخبر صحیح کما تری بالاصطلاح القدیم لکون الکتاب من الأصول المعتمدة). (و فیه) أن ماذکره قدس سره خلاف التحقیق و لامجال للالتزام به أصلا لأن العیاشی و إن کان عالماً جلیلا و من أعیان الشیعة و أکابرهم و قد أعتمد علی تفسیره الکشی و غیره إلا أنه لایستلزم أن جمیع ما فی هذا التفسیر معتبرة و رواتها ثقاة، بل ما روى فی هذا التفسیر مرسل لأن الناسخ له قد ألقی أسانید روایاته إلا من هو یروی عن الامام علیه السلام زعماً منه أنه خدمة للعلم و العلماء لأجل الاختصار کما فعل ذلک فی غیره و غفل عن أن هذا لیس إلا إلغاء الروایات عن الاعتبار.

(و منها) ما رواه معاویة بن وهب عن أبی عبدالله علیه السلام[647] (فی حدیث) قال: لاتنظر بأذانک و إقامتک إلا دخول وقت الصلاة و احدر إقامتک حدراً. قال: و کان لرسول الله صلى الله علیه و آله مؤذنان أحدهما بلال و الآخر ابن اُم مکتوم و کان إبن اُم مکتوم أعمى و کان یؤذن قبل الصبح و کان بلال یؤذن بعد الصبح فقال النبی صلی الله علیه و آله: إن إبن أم مکتوم یؤذن بلیل فاذا سمعتم أذانه فکلوا و اشربوا حتی تسمعوا أذان بلال فغیرت العامة هذا الحدیث عن جهته، و قالوا: إنه (ص) قال: إن بلالا یؤذن بلیل، فاذا سمعتم إذانه فکلوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 418 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و إشربوا حتی تسمعوا أذان إبن أم مکتوم). و هذه الروایة و إن دلت علی إعتبار الأذان و قد عبر عنها فی بعض المؤلفات بالصحیحة إلا أن الأمر لیس کذلک لأن مادل منها علی أعتبار الأذان مرسلة و ما لا دلالة لها علیه صحیحة و الوجه فی ذلک أنها فی الحقیقة روایتان (إحدیهما) تبدأ من قوله: (لاتنظر) و تنتهی بقوله: (حدراً) و الاخرى تبدأ من قوله: (وکان لرسول الله) و تنتهی بقوله: (حتی تسمعوا أذان إبن أم مکتوم) فان الأولی رواها الصدوق باسناده عن معاویة بن وهب و طریقه إلیه صحیح و الثانیة رواها الصدوق عن الصادق عیه السلام بحذف الاسناد فتکون مرسلة و الأولی لا دلالة لها علی إعتبار الأذان، و الثانیة تدل علیه إلا أنها مرسلة.

و منشأ التعبیر عنها بالصحیحة هو أن صاحب الوسائل أورد الثانیة متصلة بالأولی علی النحو الذی حررناهما فتوهم أنهما روایة واحدة بتخیل أن الضمیر المستتر فی (قال) راجع إلی أبی عبدالله علیه السلام و أن ما بعده من تتمة صحیحة معاویة و الذی یدلنا علی أنهما روایتان هو أن الصدوق (قدس) ذکرهما فی بابین و لم یذکرهما فی باب واحد و مورد واحد و لو کانتا روایة واحدة‌لأوردهما فی مورد واحد و قد التفت إلی تعددهما من تصدی لطبع الوسائل جدیداً حیث عدهما روایتین و صاحب الحدائق أیضاً روی الثانیة مرسلة. هذا (علی) ان کلمة (واو) ترکت بین الروایتین فلو کانتا روایة واحدة کان اللازم ذکر کلمة واو بین (حدراً) و (قال) فمن ترکها بینهما یستشعر تعددهما کما یدرکه الذوق السلیم و من له أدتی دربة باسالیب الکلام.

بقی الکلام فیما یشتمل علیه المرسلة من قوله: (فغیرت العامة هذا الحدیث عن جهته .. الخ) و الوجه فیه أن بلالاً لما کان من محبی علی ابن أبی طالب علیهما السلام لم یرضوا له حتی هذا المدح فغیروا الحدیث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 419 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و أما کفایة شهادة العدل الواحد فمحل إشکال (1)

 

بالنحو الذی ذکر فی المرسلة. (و یؤید) ما ذکرناه ـ من اعتبار اذان الثقة ـ ما رواه زرارة عن أبی عبدالله علیه السلام[648] (أن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: هذا ابن أم مکتوم و هو یؤذن بلیل فاذا اذن بلال فعند ذلک فأمسک یعنی فی الصوم). و هذه الروایة فی سندها موسی بن بکر فلهذا لاتصلح إلا للتأیید.

(1) الأظهر کفایة شهادة العدل الواحد لأن عمدة الدلیل علی حجیة خبر العادل هی السیرة القطعیة من العقلاء ـ القائمة علی العمل بخبر العدل بل مطلق الثقة فی أمور معادهم و معاشهم ـ بلافرق بین الأحکام و الموضوعات و هذه السیرة لاریب فی انها متصلة بزمن الشارع و لم یردع عنها فمنه نستکشف أنها ممضاة عنده (نعم) لو قام الدلیل الخارجی علی إعتبار التعدد أو ضم الیمین کما فی موارد القضاء و الترافع نلتزم بخروجها عنها و إلا فلا مناص من الالتزام بمقتضی السیرة و العمل بخبر الثقة مطلقاً.

(و قد یقال): إن روایة مسعدة بن صدقة رادعة عن السیرة العقلائیة فی الموضوعات الخارجیة و هی ما رواه عن أبی عبدالله علیه السلام[649] قال: (سمعته یقول: کل شىء هو لک حلال حتی تعلم أنه حرام بعینه فتدعه من قبل نفسک و ذلک مثل الثوب یکون علیک قد اشتریته و هو سرقة (إلی أن قال): و الأشیاء کلها علی هذا حتی یستبین لک غیر ذلک أو تقوم به البینة). بدعوی أنه (ع) حصر طریق الإثبات فی الموضوعات الخارجیة بالقطع و البینة فعلیه لاعبرة باخبار العدل الواحد بالموضوع الخارجی سواء کان دخول الوقت أو غیره من الموضوعات الخارجیة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 420 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[644] . الوسائل ب 43 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ر 1.
[645] . الوسائل ب 3 من أبواب الأذان و الاقامة ر 3.
[646] . الوسائل ب 3 من أبواب الأذان و الاقامة ر 9.
[647] . الوسائل ب 8 من أبواب الأذان و الاقامة ر 1 و 2.
[648] . الوسائل ب 8 من أبواب الأذان و الاقامة ر 4.
[649] . الوسائل ب 4 من أبواب ما یکتسب به ر 4.

(421 - 425)

(421 - 425)

 

(وفیه) أن الروایة و إن کانت موثقة من حیث السند فانا و إن کنا نناقش فی سندها لأجل مسعدة بن صدقة إلا أنه وقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون السند معتبراً إلا ان دلالتها غیر تامة لانا قد اسلفنا غیر مرة أن المراد من البینة فی لسان الأخبار و الآیات لیس ما هو المصطلح عند الفقهاء بل المراد منها مطلق الحجة و الدلیل و ما به البیان و الذی یکشف عن ذلک أن طریق الإثبات فی الشریعة المقدسة لیس منحصراً فی العلم و البینة المصطلحة عند الفقهاء بل تثبت الموضوعات الخارجیة بالإقرار و الاستصحاب و حکم الحاکم أیضاً (هذا مضافاً) الی أنها فی اللغة أیضاً بمعنی الدلیل و الحجة فعلیه لا تصلح الموثقة للردع عن السیرة العقلائیة القائمة بالعمل بخبر الثقة فی الموضوعات الخارجیة فاذاً یثبت دخول الوقت باخبار العدل الواحد اذا کان عن حس لإختصاص السیرة بهذا الفرض.

و مما یؤید ذلک صحیحتان (إحدیهما) صحیحة محمد بن مسلم عن احدهما علیهما السلام[650] قال: (سألته عن الرجل یری فی ثوب أخیه دماً و هو یصلی، قال: لا یؤذنه حتی ینصرف). (الثانیة) صحیحة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله علیه السلام[651] قال: (اغتسل أبی من الجنابة فقیل له: قد أبقیت لمعة فی ظهرک لم یصبها الماء فقال له: ما کان علیک لو سکت ثم مسح تلک اللمعة بیده). فلو لم یکن اخبار الثقة حجة لم یکن أثر للایذان و لاوجه للنهى عنه و کذا لم یکن وجه للتوبیخ فی الصحیحة الثانیة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 421 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و إذا صلی مع عدم الیقین بدخوله و لا شهادة العدلین أو أذان العدل بطلت (1) الا اذا تبین بعد ذلک کونها بتمامها فی الوقت مع فرض حصول قصد القربة منه

 

(1) قد عرفت أن إخبار العدل الواحد ـ أیضاً ـ حجة فلو صلی اعتماداً علیه یحکم بالصحة و أما إذا انتفی الجمیع فیکون الحکم بالبطلان مبیناً علی (أحد أمرین) (الأول) إنتفاء قصد القربة إذ العبادة متقومة به فبانتفائه تنتفی (الثانی) البناء علی ما التزم به المحقق النائینی (قدس سره): من أن الامتثال الاحتمالی فی طول الامتثال الیقینی فمع التمکن منه لاتصل النوبة الیه ففی هذین الفرضین یحکم بالفساد و إن إنکشف أن الصلاة بأجمعها وقعت فی الوقت، فنقول: (أما الأمر الأول) فلا مناص من الإلتزام به، فان قصد القربة معتبر فی العبادات مطلقاً،‌ فبانتفائه لایتحقق الإمتثال فیها أصلا (و أما الأمر الثانی) فلا دلیل علیه علی ما حققناه فی الأصول فلا مقتضی للالتزام بأن الإمتثال الإحتمالی فی طول الامتثال التفصیلی الیقینی بل یصح الامتثال الاحتمالی ـ اذا قارن قصد القربة و انکشف مصادفته للواقع ـ ولو عند التمکن من الامتثال الجزمی التفصیلی إذ لایعتبر فی صحة العبادة إلا إتیانها مضافاً الی المولی نحو اضافة ـ فعلیه لابد فی المقام من التفصیل بحسب اختلاف الفروض.

(الفرض الأول) ما إذا شک فی دخول وقت الصلاة و أتی بها مضافاً إلی المولی اما لتخیله و إعتقاده جواز الاتیان بالصلاة عند الشک فی دخوله و إما لرجاء أن تکون محبوبة للمولی واقعاً لإحتماله دخول الوقت ثم انکشف بعد الصلاة أنها بأجمعها وقعت فی الوقت.

(الفرض الثانی) ما إذا انکشف بعد الفراغ انها بأجمعها وقعت فی خارج الوقت (الفرض الثالث) أن یظهر بعد الفراغ أن بعضها وقع فی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 422 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقت و بعضها وقع فی خارج الوقت (الفرض الرابع) أن لایظهر الحال ولکنه کان بعد الفراغ أیضاً شاکاً فی دخول الوقت (الفرض الخامس) أن لاینکشف الحال ولکنه کان فعلا متیقناً بدخوله و کان شاکاً فی أن الوقت کان داخلا عند الشروع فی الصلاة أم لا.

(أما الفرض الأول) فلا ینبغی فیه الشک فی الحکم بالصحة إذ المفروض أنه أتاها مضافة الی المولی و قد وقعت فی الوقت و لاشک فی أن الشرط هو الوقت الواقعی لا الوقت المعلوم للمکلف و الصلاة قد وقعت فی الوقت الواقعی مقترنة بقصد القربة فلا مانع من الحکم بالصحة أصلا.

(و أما الفرض الثانی) فلا ریب فی أن الحکم فیه هو البطلان لأن الصلاة متقومة بالوقت و هو رکن فی الصلاة فبالإخلال به تبطل الصلاة کما هو المستفاد من الأدلة المتقدمة (ص 404) (منها) قول أبی جعفر علیه السلام[652]: (لاتعاد الصلاة إلا من خمسة‌الطهور و الوقت و القبلة و الرکوع و السجود) ففی هذا الفرض لایمکن الحکم بالصحة أصلا (و منه) یظهر حکم الفرض الثالث أیضاً فان المستفاد من الأدلة أن الوقت شرط فی جمیع أجزاء الصلاة فما وقع فی خارج الوقت من الأجزاء یحکم بفساده و بما أن الواجب إرتباطی یحکم بفساد ما وقع فی الوقت أیضاً لعدم إمکان التفکیک بین أجزاء واجب إرتباطی فی الحکم بصحة بعضها و فساد الآخر کما هو واضح (نعم) لو قام دلیل خاص علی الحکم بالصحة لالتزمنا به فی المقام إلا أنه مفقود و ما رواه إسماعیل بن ریاح ـ مضافاً إلی ضعف سندها ـ لا تدل علی الصحة فی فرض الشک بل ناظرة إلی فرض العلم بدخول الوقت وجداناً أو تعبداً حین الشروع فی الصلاة ثم إنکشف الخلاف و عدم دخوله. هذا، (علی) أن المستفاد من حدیث لا تعاد هو البطلان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 423 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 2) إذا کان غافلاً عن وجوب تحصیل الیقین أو ما بحکمه فصلی ثم تبین وقوعها فی الوقت بتمامها صحت (1) کما أنه لو تبین وقوعها قبل الوقت بتمامها بطلت (2) و کذا لو لم تتبین الحال (3) و أما لو تبین دخول الوقت فی الاثناء ففی الصحة

 

و لزوم الاعادة (و مما ذکرنا) یظهر حکم الفرض الرابع و الخامس أیضاً فان الشرط و هو الوقت بما أنه غیر محرز، فلابد من الحکم بالبطلان إذ لیس هنا دلیل یصلح لأن یتمسک به للحکم بالصحة (و علی الجملة) مادام لم یحرز أن المأمور به جامع للاجزاء و الشرائط یحکم بفساده إلا إذا قام دلیل خاص علی الصحة (نعم) قد یتوهم أن قاعدة الفراغ تجری فی المقام و مقتضاها هو الحکم بالصحة (ولکنه) توهم فاسد لأن مجری تلک القاعدة هو ما إذا کان العمل بطبعه و مع قطع النظر عن الشک بعد الفراغ محکوماً بالصحة شرعاً ـ کما هو المستفاد من قوله (ع): (کلما مضی من صلاتک و طهورک فامضه کما هو) فان ظاهره أن ما أتی به الملکف و کان عملا شرعیاً له مع قطع النظر عن الشک بعد الفراغ یحکم بصحته و لا یعتنی بالشک المذکور و ما أتاه المکلف فی المقام لیس کذلک، فانه محکوم بالفساد شرعاً من أول الأمر لاستصحاب عدم دخول الوقت و محکوم بالفساد عقلا لأجل قاعدة الاشتغال فکیف یحکم بالصحة لأجل قاعدة الفراغ.

(1) قد ظهر وجه الحکم بالصحة مما عرفت آنفاً فان الصلاة واجدة للشرط واقعاً إذ الشرط هو نفس الوقت لا العلم به.

(2) قد عرفت آنفاً وجه البطلان و هو أن الوقت رکن للصلاة فتبطل الصلاة بالاخلال به مطلقاً.

(3) قد یتوهم أنه إذا کان حین الالتفات متیقناً بدخول الوقت فعلا تجری قاعدة الفراغ لعدم إختصاصها بما إذا إحتمل المکلف کونه ذاکراً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 424 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إشکال (1) فلا یترک الإحتیاط بالإعادة.

(مسألة 3) إذا تیقن دخول الوقت فصلی أو عمل بالظن المعتبر کشهادة العدلین و أذان العدل العارف فان تبین وقوع

 

ملتفتاً حین العمل فیحکم بصحة الصلاة (ولکنه) توهم فاسد لما حققناه فی الأصول من أن القاعدة مختصة بما إذا کان المکلف حین الفراغ محتملا لکونه ملتفتاً ذاکراً حین العمل و أما مع القطع بالغفلة حین العمل ـ کما فی المقام ـ فلا تجری القاعدة أصلا (و بعبارة أخری) أن قاعدة الفراغ تجری فیما إذا کان الشک فی صحة العمل بعد الفراغ ناشئاً من إحتمال الغفلة و السهو فان المکلف المقدم علی الامتثال بما أنه لا یترک الجزء أو الشرط عمداً یکون إحتمال الترک مستنداً إلی الغفلة و السهو فاصالة عدم الغفلة و السهو ـ التی هی من الأصول العقلائیة ـ تجری فی حقه فلا یعتنی بذلک الاحتمال و هذا هو المستفاد من أخبار الباب[653] أیضاً و أما إذا کان المکلف قاطعاً بالغفلة ـ کما فی المقام ـ فکیف یجری فی حقه الأصل العقلائی المذکور و کیف تشمله أخبار الباب.

(1) بل لا إشکال فی عدم الصحة فتجب الاعادة لما عرفت من أن المستفاد من الأدلة أن الوقت رکن یعتبر فی جمیع أجزاء الصلاة فاذا وقع بعض أجزائها فی خارج الوقت یحکم بفساده فیسری الفساد إلی الأجزاء الواقعة فی الوقت أیضاً لأن الصلاة من المرکبات الارتباطیة و الأجزاء الواقعة فی الوقت مشروطة بأن تسبقها الأجزاء السابقة الواجدة للشرط و المفروض فساد الأجزاء السابقة فلا یکون المأتی به مطابقاً للمأمور به هذا کله إذا کان غافلا عن وجوب تحصیل الیقین أو ما بحکمه حین الشروع فی الصلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 425 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[650] . الوسائل ب 47 من أبواب النجاسات ر 1 و 2.
[651] . الوسائل ب 47 من أبواب النجاسات ر 1 و 2.
[652] . الوسائل ب 10 من أبواب الرکوع ر 5.
[653]. راجع الوسائل ب 23 و 27 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة و ب 42 من أبواب الوضوء.

(426 - 430)

(426 - 430)

 

 

الصلاة بتمامها قبل الوقت بطلت و وجب الاعادة (1)

و إن تبین دخول الوقت فی أثنائها و لو قبل الصلاة صحت (2)

 

(1) بلا ریب و لا إشکال لعین ما ذکرناه فی فرض الشک فان مقتضی مادل علی أن الوقت رکن و تجب الاعادة لأجل الاخلال بالوقت هو لزوم الاعادة بل النصوص الخاصة أیضاً ناطقة بذلک (منها) صحیحة زرارة[654] قال: (قال أبو جعفر علیه السلام: وقت المغرب إذا غاب القرص فان رأیته بعد ذلک و قد صلیت أعدت الصلاة). (و منها) صحیحته الأخرى عن أبی جعفر علیه السلام[655] (فی رجل صلی الغداة بلیل غرّه من ذلک القمر و نام حتی طلعت الشمس، فأخبر أنه صلی بلیل قال: یعید صلاته). هذا إذا إنکشف الخلاف، (و أما) إذا لم ینکشف الخلاف فلا شک فی البناء علی الصحة إذ لا مقتضی لوجوب الاعادة فانه کان إما متیقناً بدخول الوقت و إما معتمداً علی حجة معتبرة علی الفرض ـ

(2) الکلام هنا یقع ـ تارة ـ فیما إذا کان دخوله فی الصلاة عن قطع وجدانی بدخول الوقت ـ و اخری ـ فیما إذا کان دخوله فیها مستنداً إلى حجة معتبرة بدخوله (أما الکلام فی الفرض الأول) فهو أنه قد یتخیل أنه لابد هنا من الحکم بالبطلان سواء نلتزم فی الفرض الآتی ـ و هو الدخول فی الصلاة إعتماداً علی الحجة المعتبرة ـ بالصحة أو البطلان و ذلک لأن الالتزام بالصحة هناک لیس إلا لأجل روایة إسماعیل بن ریاح المتقدمة و هی لا تشمل فرض القطع إذ جملة: (و أنت تری أنک فی وقت) ظاهرة فی فرض الظن بدخول الوقت لأجل قیام حجة معتبرة علیه لأن الرأى لیس إلا هو الظن المعتبر فعلیه یبقی القطع بدخول الوقت مع کشف الخلاف باقیاً تحت الاصل و القاعدة و لا شک فی أن مقتضاها عدم الاجزاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 426 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما عرفت من أن الوقت شرط فی أجزاء الصلاة و القطع المخالف للواقع لا أثر له أصلا. هذا بناء علی حجیة روایة إسماعیل بن ریاح.

(و أما) إذا لم نلتزم بالصحة هناک لضعف الروایة فالأمر فی المقام أوضح (و بعبارة أخری) لو بنینا علی البطلان هناک ـ مع قیام روایة إسماعیل علی الصحة ـ فالبناء علی البطلان فی المقام أولی لعدم مادل علی الصحة فی المقام و لو روایة ضعیفة (و فیه) أنه تخیل فاسد بل الأمر بالعکس لما تقدم (ص 409) من أن تری مشتق من الرؤیة و هی بمعنی الادراک بالبصر و بما أن هذا المعنى غیر مراد قطعاً ـ إذ دخول الوقت لیس مما یدرک بالبصر ـ فلابد من حملها علی أقرب المجازات و هو لیس إلا العلم فیکون مفاد الروایة صحة الصلاة إذا قطع بدخول الوقت ولکنه کان جهلا مرکباً. (نعم) الظن المعتبر بما أنه علم تنزیلی یلحق به فکما یصح إطلاق الرأی علی العلم الوجدانی یصح إطلاقه علی الظن المعتبر أیضاً، فعلی تقدیر العمل بالروایة لابد من الالتزام بالصحة فی کلا الفرضین و علی تقدیر طرحها لا مناص من الالتزام بالبطلان فی کلیهما و حیث إنک عرفت عدم حجیة روایة إسماعیل فالمتعین فی الفرضین هو الحکم بالفساد. هذا ما یقتضیه التحقیق فی کلا الفرضین.

(و أما تفصیل الکلام فی الفرض الثانی) فهو أن المشهور فیه هو الحکم بالصحة و لو دخل الوقت قبل التسلیم، و عن السید المرتضی و إبن أبی عقیل و إبن الجنید البطلان، و توقف العلامة فی المختلف و المحقق فی المعتبر و جماعة من المتأخرین فی کتبهم فلم یفتوا بالصحة أو الفساد ولکن نتیجة التوقف هو لزوم الاعادة لأجل قاعدة الاشتغال.

(و إستدل المشهور) بروایة إسماعیل بن ریاح المتقدمة عن أبی عبدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 427 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه السلام[656] قال: (إذا صلیت و أنت تری أنک فی وقت و لم یدخل الوقت فدخل الوقت و أنت فی الصلاة فقد أجزئت عنک). (و فیه) أن دلالتها و إن کانت تامة علی ما عرفت آنفاً إلا أنها ضعیفة السند لأجل إسماعیل فانه لم یثبت وثاقته علی ما تقدم (ص 407) فلا حاجة إلی الاعادة (ولکن) صاحب الجواهر إستدل علی القول المشهور بوجهین آخرین (الأول) إصالة البرائة عن وجوب الاعادة فان المصلی قبل أن ینکشف الخلاف له لم یکن مکلفاً بالاعادة لأنه قد أتى بما هو وظیفته علىطبق الحجةالمعتبرة فاذا شک فی وجوب الاعادة عند إنکشاف الخلاف یرجع إلی أصل البرائة و هو کاف فی المقام و إن لم یقم دلیل بالخصوص علی الاجزاء.

(و فیه) أن المورد لیس مجری لأصل البرائة فان مجراه هو الشک فی حدوث التکلیف و فی المقام الشک إنما هو فی الامتثال و سقوط التکلیف المعلوم اذ المکلف یعلم بحدوث التکلیف عند الزوال و یشک فی أن ما أتا به أوجب سقوط التکلیف أم لا؟ و لا ریب فی أن مقتضی حکم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل هو لزوم الإعادة.

(الوجه الثانی) أن المکلف إذا قام عنده الحجة المعتبرة علی دخول الوقت یتوجه الیه التکلیف بالصلاة فاذا صلی معتمداً علیها فقد أتی بما هو وظیفته واقعاً إذ التکلیف الظاهری فی ظرف الجهل هو عین التکلیف الواقعی و لا ریب فی أن إمتثال التکلیف الواقعی یقتضی الإجراء (و فیه) أن الالتزام بأن الأحکام الظاهریة فی ظرف الجهل عین الأحکام الواقعیة هو عین القول بالتصویب و لا مجال للالتزام به أصلا فانه مستحیل ـ علی ما حققناه فی الأصول ـ و هو أیضاً لا یلتزم بذلک فعلی ما هو الصحیح من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 428 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و أما إذا عمل بالظن غیر المعتبر فلا تصح و ان دخل الوقت فی أثنائها (1) و کذا إذا کان غافلا علی الاحوط ـ کما مر ـ و لا فرق فی الصحة فی الصورة الأولی بین أن یتبین دخول

 

أن حجیة الامارات من باب الطریقیة و الکاشفیة لا مناص من القول بلزوم الاعادة إذ المأتی به لیس إلا مرکباً مما أتی به فی الوقت و ما أتی فی خارجه ـ علی الفرض ـ و المأمور به لیس إلا الصلاة فی الوقت فقیام غیر المأمور به مقام المأمور به یحتاج الی دلیل و هو مفقود فاذاً لابد من القول بلزوم الاعادة هذا ما تقتضیه القاعدة (ولکنه) لما کان المشهور هو الصحة و القول بعدم لزوم الاعادة ـ کان القول بالبطلان و لزوم الاعادة مبنیاً علی الاحتیاط اللازم. (و مما ذکرنا یظهر) حکم ما إذا طرء الشک الساری کما إذا قطع بدخول الوقت و شرع فیها و فی الأثناء شک فی أن قطعه هل کان مطابقاً للواقع أم لا؟ فبناء علی المشهور ـ من حجیة روایة إسماعیل بن ریاح ـ یحکم بالصحة إن کان حین حدوث الشک الساری محرزاً لدخول الوقت و أما بناء علی المختار من عدم حجیتها فیحکم بالصحة لأجل قاعدة التجاور کما سیجییء.

(1) بلا إشکال سواء تمشی منه قصد القربة أم لا، أما فی الفرض الثانی فلان قصد القربة رکن قویم للصلاة و هی بدونه کجسد بلا روح إذ عبادیتها موقوفة علیه. (و أما) إذا تمشی منه قصد القریة ـ کما إذا أتی برجاء الأمر أو قصد القربة غافلا عن أن ظنه لیس بمعتبر أو إعتقد أنه معتبر ـ فوجه البطلان فقدانها لشرطها القویم و هو الوقت، و قد عرفت أن الأوفق بالقواعد هو الحکم بالبطلان فیما إذا دخل فی الصلاة متکئاً علی أمارة معتبرة فدخل الوقت فی الاثناء فما ظنک فیما اذا شرع فی الصلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 429 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الوقت فی الأثناء بعد الفراغ أو فی الأثناء (1) لکن بشرط أن

 

بلا أمارة معتبرة علی دخول الوقت و ملخص الکلام أن المستفاد من الأدلة أن الوقت رکن فی الصلاة و معتبر فی جمیع أجزائها فان کانت الصلاة فاقدة له کلاً أو بعضاً یحکم بفسادها و لا سیما فی المقام فان فیه لا یمکن الحکم بالصحة و ان بنینا علی حجیة روایة إسماعیل بن ریاح لما عرفت من انها لا تشمل إلا فرض القطع و الظن المعتبر بدخول الوقت.

(ولکن) المحقق الهمدانی (قدس سره) قد التزم بالصحة فیما إذا دخل فی الصلاة معتقداً بأن ظنه معتبر و ان لم یکن معتبراً فی الواقع فلا فرق بین کون ظنه معتبراً‌فی الواقع أو فی نظره فان روایة إسماعیل بن ریاح تشمل کلا الفرضین إذ المذکور فیها عنوان: (و أنت تری) و هذا العنوان کما یصدق علی فرض القطع أو الظن المعتبر بدخول الوقت کذلک یصدق علی الظن المعتبر فی نظر المصلی و ان لم یکن معتبراً فی الواقع فانه لأجل إعتقاده بحجیة ظنه یری دخول الوقت.

(و فیه) أنه لا مجال لما ذکره و إن التزمنا بحجیة روایة إسماعیل و ذلک لأن المذکور فیها هو جملة (إذا صلیت و أنت تری أنک فی وقت) فمتعلق الرؤیة هو دخول الوقت فالمستفاد منها أن من اعتقد دخول الوقت وجداناً أو تعبداً فشرع فی الصلاة و دخل الوقت فی الأثناء صحت صلاته و لا یستفاد منها صحة الصلاة فیما إذا اعتقد أن الحجة قامت عنده بدخول الوقت، فانکشف عدم قیام الحجة لأنه لم یر دخول الوقت وجداناً أو تعبداً بل رآی أنه عالم بدخول الوقت تعبداً و کم فرق بین الفرضین و المستفاد من الروایة هو صحة الصلاة فی الفرض الأول دون الثانی هذا کله اذا کان الإلتفات و تبین الحال بعد الفراغ من الصلاة.

(1) اذا التفت فی الأثناء أن بعض صلاته قد وقع قبل الوقت فهل یحکم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 430 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[654]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 4 و 5.
[655]. الوسائل ب 13 من أبواب المواقیت ر 4 و 5.
[656]. الوسائل ب 25 من أبواب المواقیت ر 1.

(431 - 435)

(431 - 435)

 

 

یکون الوقت داخلا حین التبین. و أما اذا تبین أن الوقت سیدخل قبل تمام الصلاة، فلا ینفع شیئاً.

(مسألة 4) اذا لم یتمکن من تحصیل العلم أو ما بحکمه لمانع فی السماء من غیم أو غبار أو لمانع فی نفسه من عمى أو حبس أو نحو ذلک فلا یبعد کفایة الظن (1) لکن الأحوط التأخیر حتی یحصل الیقین بل لا یترک هذا الإحتیاط

 

بالصحة مطلقاً أو یحکم بالفساد مطلقاً أو یفصل بین ما اذا کان الالتفات بعد دخول الوقت فی الأثناء ـ فیحکم بالصحة ـ و ما اذا کان قبل دخول الوقت و لو بقلیل فیحکم بالفساد وجوه: أوجهها التفصیل بناء علی حجیة روایة إسماعیل ـ کما هو مختار الماتن (قدس سره) ـ فان إطلاقها یشمل ما اذا تبین ذلک فی الأثناء قبل الالتفات أو بعد الفراغ من الصلاة بلا فرق بینهما أصلا دون ما إذا تبین أن الوقت سیدخل قبل تمام الصلاة فلا ینفع شیئاً کما ذکره الماتن إذ هذا الفرض خارج عن اطلاق روایة إسماعیل بن ریاح رأساً فلا مجال للحکم بالصحة فان المصلی یری أن الوقت لم یدخل بعد فکیف یحکم بشمولها له؟ و إندراجه فی موضوعها (و بعبارة أخری) موضوع الروایة الصلاة التی تری أنها فی وقت إما وجداناً أو تعبداً و المفروض فی المقام هو الصلاة التی تری أنها لیست فی وقت و سیدخل الوقت فی اثنائها فکیف تشملها؟

(نعم) بناء علی ما هو الأظهر من عدم إعتبار هذه الروایة لا فرق بین هذا الفرض و الفروض المتقدمة فی الحکم بالبطلان و لزوم الإعادة.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب (ولکن) ابن الجنید ذهب الی عدم جواز الإعتماد علی الظن و لزوم الصبر حتی یتیقن بدخول الوقت و مال الیه صاحب المدارک أیضاً. (و الأقوی) هو التفصیل بین العذر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 431 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النوعی و الشخصی ففی الأول یجوز الاعتماد علی مطلق الظن و فی الثانی یجب الصبر حتی یتیقن بدخول الوقت أو یقوم به امارة معتبرة فعلیه یکون الأقوال فی المسألة ثلاثة (و قد استدل علی القول المشهور) بجملة من الروایات (منها) موثقة سماعة[657] قال: سألته عن الصلاة باللیل و النهار إذا لم یر الشمس و لا القمر و لا النجوم قال: إجتهد رأیک و تعمد القبلة جهدک). بتقریب أنها مرثقة من حیث السند و ظاهرة فی الدلالة علی جواز الإعتماد علی الظن عند وجود عذر من الأعذار المانعة من رؤیة الشمس و القمر و النجوم التی بها یحصل الیقین بدخول الوقت.

(ولکن) صاحب المدارک ضعّف هذه الروایة و تبعه علی ذلک المحقق الهمدانی (قدس سره) إلا أنه التزم بجواز العمل بها لانجبار ضعفها بعمل المشهور (ولکن) الصحیح أنها موثقة لیست بضعیفة و الوجه فی ذلک أنه لا وجه لضعفها إلا أن عثمان بن عیسی فی سندها و کان شیخ الواقفة و وجهها و أحد الوکلاء ألمستبدین بمال موسی بن جعفر علیهما السلام و کان مکباً علی المال بحیث منع من إرساله الی الرضا علیه السلام بعد وفات موسی (ع) حینما بعث الیه شخصاً و طالبه منه.

(ولکن) هذا لا یوجب ضعفه لأنه لاتنافی بین أن یکون الشخص ثقةً متحرزاً عن الکذب و کونه مکباً علی مال الدنیا و حطامها کیف؟ و قد نقل الکشی عن بعضهم قولاً بأنه من أصحاب الاجماع مکان فضالة بن أیوب و لا ریب فی أن هذا الکلام یدل علی أن له شئناً عظیماً فی مرحلة نقل الأخبار و الروایات عند الأصحاب، و الکشی و إن لم یصدق ما ذکره هذا البعض إلا أنه لو لم یکن ثقةً متحرزاً عن الکذب لتعرض الکشی لرد القول المذکور و بیّن أنه لا أهلیة له لأکون یکون من أصحاب الاجماع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 432 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا، (علی) أنه وقع فی أسانید کامل الزیارات، فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه. فعلیه لا إشکال فی سندها (علی) أن الشیخ رواها باسناده عن الحسین بن سعید عن زرعة عن سماعة و هذا الطریق لا إشکال فیه أصلا (و أما) دلالتها فقد ناقش فیها صاحب الحدائق. قال فی مقام رد من إستدل بها علی القول المشهور: لا یخفی أن ما ذکره من الاستدلال بروایة سماعة مبنی علی حمل الاجتهاد علی الوقت و الظاهر بعده بل المراد إنما هو الاجتهاد فی القبلة، فیکون العطف تفسیریاً فلا تکون الروایة المذکورة من المسألة فی شیء. (إنتهی).

(و فیه) أن هذه الروایة إما ناظرة إلی جواز الاعتماد علی الظن فی خصوص الوقت (و إما) ناظرة إلی حجیة الظن فی تعیین کل من الوقت و القبلة عند عدم التمکن من الیقین بهما (و الذی یدلنا علی ذلک) هو أن الامارات الدالة علی معرفة القبلة فی کل مکان فیه المسلمون من البلاد و القری کثیرة کالمساجد و المقابر و نحوهما فلا تتوقف معرفتها علی رؤیة الشمس و القمر و النجوم إلا نادراً ـ کما فی حال السفر فی الفلاة الغیر المأهولة أو فی البحر مثلا فحمل الروایة علی خصوص معرفة القبلة حمل لها علی النادر فمع عدم إمکان الالتزام بذلک لا مناص من الالتزام بأنها مسوقة لبیان معرفة الوقت عند عدم التمکن منها علی نحو الجزم و القطع أو مسوقة لبیان معرفة کلیهما فعلیه یحمل قوله (ع). (و تعمد القبلة) علی خلاف ظاهره و هو الارشاد إلی کیفیة الاجتهاد إما بأن الموانع: من الغیم و نحوه أسرع إلی الزوال من جهة القبلة ـ علی ما یقولون ـ و إما بأن الغیم غالباً یحصل فی السماء فی فصلى الخریف و الربیع و فی هذین الفصلین تکون الشمس فی سمت الجنوب و هو قبلة أکثر البلاد الاسلامیة، فأمر الامام (ع) بتعمد القبلة إرشاد إلی أن طریق الفحص و الاجتهاد هو التوجه إلی هذه الجهة لأن الشمس فیها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 433 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(هذا مضافاً) إلی أن الظاهر من السؤال لیس الا السؤال عما یقتضیه تکلیفه بالاضافة إلی الصلوات الموقتة بالأوقات المخصوصة عند التباس أوقاتها من اللیل و النهار بواسطة إختفاء الشمس و القمر و النجوم اللاتی بها یعرف الأوقات، (فالمتحصل) أن الموثقة ناظرة إلی بیان حکم الوقت عند وجود مانع فی السماء کالغیم و نحوه فیکون مفادها حجیة الظن بالوقت الحاصل من الإجتهاد فی تلک الحالة (و لو تنزلنا) عن ذلک فلا أقل من الإلتزام بأنها ناظرة الی الوقت و القبلة معاً و أما احتمال أنها ناظرة إلی حکم خصوص القبلة عند تعذر العلم بها فهو ساقط جزماً.

(ثم) إنه قد یقال بل قیل: إن السؤال فی الموثقة بنفسه و مع قطع النظر عن الجواب ـ ظاهر فی بیان جواز الإعتماد علی الظن بالقبلة عند تعذر تحصیل الیقین بها. (و فیه) أنه أغرب مما ذکره صاحب الحدائق (قدس سره) لما عرفت من أن معرفة القبلة لاتتوقف علی رؤیة الشمس و القمر و النجوم إلا نادراً لکثرة أماراتها، فکیف یمکن دعوی ظهور السؤال بنفسه فی السؤال عن حکم القبلة و أما الوقت فکثیراً ما یشتبه عند وجود المانع عن رؤیة الشمس و القمر و النجوم فهو محتاج الی السؤال.

(ثم لایخفی) أن المستفاد من هذه الموثقة هو حجیة الظن بالوقت عند العذر النوعی عن تحصیل العلم کالغیم و نحوه لأن موردها ذلک فالتعدی عنه إلی مطلق العذر ـ و لو کان شخصیاً ـ کما علیه المشهور ـ بلا دلیل فعلیه لابد من التفصیل فی حجیة الظن بالوقت بین العذر النوعی و الشخصی فلا دلیل علی حجیة الظن بالوقت بالاضافة الی الأعمی و المحبوس و غیرهما من ذوی الأعذار الشخصیة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 434 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(تنبیهان)

(الأول) لایخفی أن هذه الموثقة التی اعتمدنا علیها فی المقام هی موثقة سماعة ولکن فی الوسائل المطبوع جدیداً (فی سنة 1376) (فی ب 6 من أبواب القبلة ر 3) هکذا: (محمد بن علی بن الحسین باسناده عن سماعة عن مهران أنه سأله عن الصلاة باللیل و النهار ... الخ) فعلیه یکون الراوی عن الإمام (ع) هو مهران لاسماعة. (ولکن) هذه النسخة محرفة جزماً، و ذلک لأن الموجود فی نفس الفقیه هو سماعة لامهران و کذا فی موردین من تهذیب (ج 2 ص 46 و 255) و کذا فی الوسائل (الباب المتقدم ر 2) و کذا فی الحدائق و غیره من الکتب الفقهیة فجمیع النسخ متفقة علی أن الراوی عن الإمام (ع) هو سماعة، فعلیه لاریب فی أنها موثقة.

(الثانی) لایخفی أن صاحب الوسائل نقل عن التهذیب روایة بعین سند الموثقة المتقدمة عن سماعة[658] قال: (سألته عن الصلاة باللیل و النهار إذا لم تر الشمس و لا القمر، فقال: تعرف هذه الطیور التی عندکم بالعراق یقال لها الدیکة؟ قال: نعم، قال اذا ارتفعت أصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس، أو قال: فصله). فلو کانت هذه الروایة کما فی الوسائل لکانت مؤکدة لما ذکرناه فی الموثقة المتقدمة من أنها ناظرة إلی إعتبار الظن فی معرفة الوقت.

(ولکن) هذه الروایة غیر موجودة فی التهذیب و لا فی الإستبصار کما نبه علیه المعلق علی الوسائل الجدید و هو الصحیح علی ما راجعنا التهذیب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 435 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[657]. الوسائل ب 6 من أبواب القبلة ر 2.
[658] . الوسائل ب 14 من ابواب المواقیت ر 1

(436 - 440)

(436 - 440)

 

و من المظنون قویاً أنه إشتباه من صاحب الوسائل و علی تقدیر عدم الإشتباه منه فالإشتباه کان فی النسخة التی کانت عنده من (تهذیب) و لم توجد هذه الروایة فی الکتب التی روت عن التهذیب کالوافی و الحدائق و غیرهما (نعم) الموجود فی التهذیب بعد الموثقة المتقدمة هکذا: (علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن أبی عبدالله الفراء عن أبی عبدالله (ع)[659] قال: قال له رجل من أصحابنا: ربما اشتبه الوقت علینا فی یوم الغیم فقال: تعرف هذه الطیور التی عندکم بالعراق یقال لها الدیکة؟ قلت: نعم، قال: إذا ارتفعت أصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس أو قال: فصله). و هذه الروایة تخالف مارواه فی الوسائل من حیث السند و السؤال و توافقها من حیث الجواب و الظاهر أن صاحب الوسائل فی مقام النقل عن التهذیب کتب السند و السؤال من الروایة السابقة فزاغ بصره و کتب الجواب من هذه الروایة لقربهما. (و مما استدل به أیضاً للقول المشهور فی المقام) عدة‌روایات دلت علی جواز الإفطار عند الظن بالغروب.

(منها) صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیهما السلام[660] (فی حدیث) (أنه قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلک، قال: لیس علیه قضاء). (و منها) روایة أبی صباح الکنانی[661] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت و فی السماء غیم فأفطر ثم إن السحاب إنجلى فاذا الشمس لم تغب فقال: قد تم صومه و لایقضیه).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 436 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(و منها) روایة زید الشحام عن أبی عبدالله علیه السلام[662] (فی رجل صائم ظن أن اللیل قد کان و أن الشمس قد غابت و کان فی السماء سحاب فأفطر ثم إن السحاب إنجلی فاذا الشمس لم تغب فقال: تم صومه و لایقضیه). (و منها) صحیحة زرارة[663] قال: (قال أبو جعفر علیه السلام: وقت المغرب إذا غاب القرص فان رأیته بعد ذلک و قد صلیت أعدت الصلاة و مضی صومک و تکف عن الطعام إن کنت (قد) أصبت منه شیئاً).

و هذه الروایات و إن کان بعضها ضعیفة کروایة الکنانی فان فی سندها محمد بن الفضیل و هو مشترک بین ثقة وضعیف و اما أبو صباح الکنانی فقد وقع فی أسانید کامل الزیارات فهو ثقة و فی سند روایة زید الشحام أبو جمیلة ـ و هو ضعیف ـ و علی بن محمد بن الزبیر ـ و هو لم یوثق ـ إلا أن بعضها الأخری صحیحة ـ کما عرفت و المستفاد من مجموعها أن الشارع قد جعل الظن بالوقت عند تعذر العلم به حجة فعلیه تتعدی عن موردها إلی المقام لأن الظن بالوقت إذا صار حجة و طریقاً الیه یثبت الوقت به تعبداً فیترتب علیه جمیع آثاره من جواز الإفطار و الدخول فی الصلاة و غیرهما.

(نعم) لما کان موارد هذه الروایات هی الأعذار النوعیة کالغیم و نحوه لامجال للتعدی عنها إلی الأعذار الشخصیة بل لابد من الاقتصار بحجیته عند الأعذار النوعیة‌فقط فالاستدلال بها علی ما ذهب الیه المشهور من حجیة الظن عند مطلق العذر لایتم.

(إن قلت): إن هذه الروایات وردت فی مورد خاص و هو جواز اعتماد الصائم علی الظن عند الافطار فالتعدی عنه الی المقام قیاس لیس من مذهبنا. (قلت) لیس الأمر کذلک إذ المستفاد من الروایات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 437 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ان الظن جعل عند تعذر العلم طریقاً شرعیاً لاثبات الوقت و معرفته، فاذا ثبت به الوقت شرعاً یترتب علیه جمیع آثاره کما عرفت و منها جواز الدخول فی الصلاة (و منه) یظهر أن الحاق المقام بجواز الافطار للصائم لیس مبنیاً علی القول بعدم الفصل و الاجماع المرکب أیضاً حتی یناقش فیه بأن جواز الافطار هناک عند الظن بالمغرب إجماعی و جواز الاعتماد علی الظن بدخول الوقت فی المقام محل کلام و خلاف فکیف یمکن الالتزام بالقول بعدم الفصل فان القائل بالفصل موجود کابن الجنید و غیره ـ بل الالحاق مبنی علی الاستفادة من الروایات ـ علی ما عرفت ـ .

ثم إن هنا روایات تؤید ما ذکرناه من جواز الاعتماد علی الظن عند تعذر العلم (منها) مارواه السید المرتضی فی (رسالة المحکم و المتشابه) عن تفسیر النعمانی باسناده عن إسماعیل بن جابر عن الصادق عن آبائه عن أمیر المؤمنین علیهم السلام[664] (فی حدیث طویل) (إن الله تعالی إذا حجب عن عباده عین الشمس التی جعلها دلیلا علی أوقات الصلاة فموسع علیهم تأخیر الصلاة لیتبین لهم الوقت بظهورها و یستیقنوا أنها قد زالت).

فان جملة (فموسع علیهم تأخیر الصلاة) ظاهرة فی جواز الدخول فی الصلاة إبتداء من دون أن یصبر لیحصل الیقین بدخول الوقت فانه لو لم یکن الدخول فی الصلاة جائزاً قبل حصول الیقین بالوقت لأوجب تأخیر الصلاة لیحصل الیقین به (نعم) مقتضی الاطلاق فیها جواز الدخول فی الصلاة و لو عند الشک فی دخول الوقت إلا أنا نرفع الید عن هذا الاطلاق للقطع بعدم جواز الدخول فی الصلاة عند الشک فی الوقت و نقیده بالظن بدخوله (و بما) أن سند هذه الروایة مجهول عندنا لعدم العلم بالطریق الذی وصل به التفسیر المذکور إلی السید المرتضی فلا تصلح للاستدلال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 438 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکنها صالحة للتأیید لأنها بالاضافة الینا مرسلة.

(و منها) الروایات الدالة علی جواز الاعتماد علی صیاح الدیک فی دخول الوقت.

(منها) مارواه الصدوق باسناده عن الحسین بن المختار[665] قال: (قلت للصادق علیه السلام: إنی مؤذن فاذا کان یوم غیم لم أعرف الوقت، فقال: إذا صاح الدیک ثلاثة أصوات و لاء فقد زالت الشمس و دخل وقت الصلاة). و قد ناقش غیر واحد من الأصحاب فی سندها بأن الحسین بن المختار لم یوثق (ولکن) الأمر لیس کذلک بل هو ثقة لوجهین.

(الأول) أن الشیخ المفید (قدس سره) قال فی الارشاد: إنه من خاصة الکاظم علیه السلام و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شیعته (الثانی) أن وقع فی أسانید کامل الزیارات فیکون مشمولا لتوثیق إبن قولویه فبهذین الوجهین یثبت وثاقته (و یؤیده) مانقله العلامة (قدس سره) عن أحمد بن محمد بن سعید المعروف بابن عورة عن علی بن الحسن بن فضال أنه (أى الحسین بن المختار) کوفی ثقة. و بما أن طریق العلامة إلی إبن عقدة مجهول عندنا لایصلح مانقله عنه إلا للتأیید و إلا لکان توثیق إبن فضال له وجهاً ثالثاً لوثاقته و کیف ماکان لاوجه للمناقشة فی سندها نعم ذکر الشیخ فی رجاله عند التعرض لأصحاب الکاظم علیه السلام أنه واقفی فعلیه تکون الروایة موثقة.

(و مما ذکرنا یظهر) أنه لیس الوجه فی جعلنا هذه الموثقة مؤیدة لحجیة الظن بالوقت کونها ضعیفة السند بل الوجه فیه هو أنها وردت فی جواز الاعتماد علی صیاح الدیک فنحتمل أن یکون له خصوصیة فی نظر الشارع، فجعله حجة لایستلزم حجیة کل مایفید الظن (ألا تری) أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 439 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشارع جعل خبر الثقة حجة دون کل ما یفید الظن مثله فاذاً لامجال للقول بأن صیاح الدیک لایفید إلا الظن فحجیته یستلزم حجیة کل ما یفید الظن بالوقت.

(و منها) مارواه أبو عبدالله الفراء عن أبی عبدالله علیه السلام[666]قال: قال له رجل من أصحابنا: ربما أشتبه الوقت علینا فی یوم الغیم فقال، تعرف هذه الطیور التی تکون عندکم بالعراق یقال لها: الدیکة؟ فقلت: نعم، فقال: إذا إرتفعت أصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس أو قال: فصله). (و فی روایة الصدوق: فعند ذلک فصل). (و علی الجملة) الروایات الدالة علی جواز الاعتماد علی صیاح الدیک تؤید ما ذکرناه من جواز الاعتماد علی الظن بدخول الوقت عند تعذر العلم بذلک إذا کان العذر نوعیاً کالغیم و نحوه.

(ثم) إن هنا روایة إستدل بها کل من القائلین بجواز التعویل علی الظن و القائلین بعدم جواز التعویل علیه علی مقصوده، و هی موثقة بکیر عن أبی عبدالله علیه السلام[667] قال: (قلت له: إنی صلیت الظهر فی یوم غیم، فانجلت فوجدتنی صلیت حین زال النهار، قال: فقال: لا تعدُ و لا تعدَ). فالقائلون بجواز الاعتماد علی الظن قرّبوا الاستدلال بها بأن الامام (ع) نهی عن الاعادة بقوله: لا تعد فهو إرشاد إلی الصحة و جواز الاعتماد علی الظن و إلا لأمر (ع) بالاعادة فعلیه یکون النهى عن العود إرشاداً إلی رجحان التأخیر. لیحصل العلم بدخول الوقت (و القائلون) بعدم جواز الاعتماد علیه یدعون إن قوله (ع) لا تعد نهى عن العود و عن الاعتماد علی الظن، و قوله (ع)، لا تعد ناظر إلی أنه لما وقعت الصلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 440 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[659] . التهذیب ج 2 (صفحة 255) الوسائل ب 14 من أبواب المواقیت ر 5 .
[660] . الوسائل ب 51 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ر 2 و 3
[661] . الوسائل ب 51 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ر 2 و 3
[662] . الوسائل ب 51 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ر 4و 1
[663] . الوسائل ب 51 من أبواب ما یمسک عنه الصائم ر 4و 1
[664] . الوسائل ب 58 من أبواب المواقیت ر 2 .
[665] . الوسائل ب 14 من أبواب المواقیت ر 2.
[666]. الوسائل ب 14 من أبواب المواقیت ر5.
[667]. الوسائل ب 4 من أبواب المواقیت ر 16.

(441 - 445)

(441 - 445)

 

فی الوقت من باب الاتفاق فیکتفی بها فی مرحلة الامتثال، لأن الاتیان بالمأمور به الواقعی یقتضی الاجزاء.

(ولکن) الصحیح أن هذه الموثقة أجنبیة عن مقصود کل من الطائفتین بالکلیة و ذلک لأنه لم یفرض فی السؤال أنه إعتمد علی الظن بالوقت فصلى حتی یقال: إن الجواب ناظر إلی إمضاء العمل بالظن أو ناظر إلی المنع عنه و عدم العود إلیه، (فاذاً) یحتمل فی بدو النظر أمور (أحدها) أن یکون إقدامه علی الصلاة لأجل الاعتقاد بدخول الوقت (ثانیها) أن یکون لأجل الاعتماد علی الحجة المعتبرة کأذان العارف بالوقت و صیاح الدیک و نحوهما (ثالثها) أن یکون لأجل الظن بدخول الوقت (رابعها) أن یکون لرجاء دخول الوقت و إحتماله و إن کان شاکاً فیه وجداناً.

(ولکن) التأمل الصحیح یقتضی بطلان الاحتمالین الأولین جزماً و ذلک لأنه مع قیام حجة عقلیة کالقطع أو حجة شرعیه کالاذان و صیاح الدیک علی دخول الوقت و مصادفتها للواقع لم یکن مجال للسؤال عن الامام علیه السلام لعدم إحتمال البطلان أصلا و لا سیما من مثل بکیر بن أعین فانه أخو زرارة و من أعیان الرواة و أکابرهم حتی أن بعضهم رجحه علی أخیه زرارة (و کذا) لم یکن مجال لنهى الامام (ع) عن العود بقوله (لا تعد) (فعلیه) یدور الأمر بین الاحتمالین الأخیرین و بما أنه لا معین لأحدهما تصبح الروایة مجملة.

(ولکن) الروایات المتقدمة الدالة علی حجیة الظن بالوقت عند العذر النوعی عن تحصیل الیقین ترفع إجمالها و تصلح لأن تکون قرینة لحملها علی الاحتمال الأخیر و هو إحتمال کون إقدامه علی الصلاة عند الشک فی دخول الوقت رجاء لکونها واقعة فی الوقت (فعلیه) یکون النهى عن الاعادة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 441 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 5) إذا اعتقد دخول الوقت فشرع و فی أثناء الصلاة تبدل یقینه بالشک لا یکفی فی الحکم بالصحة (1)

 

إرشاداً إلی صحة الصلاة المأتی بها برجاء دخول الوقت و الأمر فان رجاء الأمر یکفی فی صحة العبادة و المفروض مصادفتها للوقت و تحقق الأمر واقعاً و لا شک فی أن إمتثال الأمر الواقعی یقتضی الاجزاء (و أما) النهى عن العود فهو ناظر إلی عدم جواز الدخول فی الصلاة بقصد الأمر من دون إحرازه.

(ثم) لو أغمضنا عن ذلک و قلنا: إنها مطلقة بالاضافة إلی فرضى الظن و الشک تکون الروایات المتقدمة مقیدة لاطلاقها فتکون الموثقة مقیدة بفرض الشک و یکون فرض الظن بدخول الوقت خارجاً عن مدلولها لأجل تلک الروایات فالنتیجة واحدة.

(1) إذا لم یکن حین الشک عالماً بدخول الوقت إذ الوقت شرط. فی الصلاة و هو لم یحرز لا وجداناً و لا تعبداً أما عدم إحرازه وجداناً فواضح إذ المفروض أنه شاک فی دخوله و أما عدم إحرازه تعبداً فلعدم وجود أصل أو أمارة محرز لدخوله إلا قاعدة التجاوز و هی غیر جاریة فی المقام لأنها تجری فیما إذا کان التکلیف محرزاً و کان الشک فی مرحلة الامتثال لأجل إحتمال الغفلة و السهو أو النسیان مثلا و أما فی المقام فالشک فی أصل حدوث التکلیف لأنه لا تکلیف قبل دخول الوقت فکیف تجری القاعدة (علی) أنه لو أغمضنا عن ذلک و قلنا بجریانها و حکمنا بصحة الاجزاء السابقة لأجلها فلا یترتب علیها الفائدة بالاضافة إلی الأجزاء اللاحقة فانها بما أنها لم تحرز اقترانها بشرطها و هو الوقت یحکم بفسادها بل مقتضی إستصحاب عدم دخول الوقت هو أنها فاقدة له فالمکلف عالم تعبداً بأن ما یأتیه من الأجزاء یأتیها فی غیر وقتها و بما أن الصلاة من الواجبات الإرتباطیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 442 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إلا إذا کان حین الشک (1) عالماً بدخول الوقت إذ لا أقل من أنه یدخل تحت المسألة المتقدمة من الصحة مع دخول الوقت فی الاثناء.

(مسألة 6) إذا شک بعد الدخول فی الصلاة فی أنه راعی الوقت و أحرز دخوله أم لا؟ فان کان حین شکه عالماً بالدخول فلا یبعد الحکم بالصحة (2) و إلا وجبت الاعادة بعد الإحراز (3).

 

و الوقت معتبر فیها من التکبیر الی التسلیم یحکم بفساد جمیعها.

(1) لا أثر لهذا الشک فی هذا الفرض علی المسلک المشهور الذی إختاره الماتن (قدس سره) فان روایة اسماعیل بن ریاح دلت علی الصحة فیما إذا علم أن بعض اجزاء الصلاة وقع قبل الوقت فما ظنک بما اذا شک فی أنه وقع فی الوقت أو قبله فانها تشمل هذا الفرض بطریق أولی و الماتن تبعاً للمشهور قد التزم بحجیتها و أفتی بمضمونها ـ علی ما عرفت ـ (و أما) علی المختار من عدم الالتزام بحجیتها ـ کما عرفت ـ فلهذا الشک أثر صحیح و هو التمسک بقاعدة التجاوز فان التکلیف فی المقام محرز للعلم بدخول الوقت و الشک إنما هو فی صحة ما أتی به و فساده فلا مانع من التمسک بقاعدة التجاوز و الحکم بأن الأجزاء السابقة واجدة لشرطها تعبداً و أما الأجزاء اللاحقة فهی واجدة للشرط وجداناً فمن ضم التعبد الی الوجدان نستنتج صحة الصلاة.

(2) بل هو الأظهر إذ لا مانع من التمسک بقاعدة التجاوز أصلا فیجری هنا البیان المتقدم من أن ضم الأصل إلی الوجدان ینتج صحة الصلاة.

(3) قد ظهر الوجه فی لزوم الإعادة مما سبق فانه مع عدم الإحراز لدخول الوقت لا تجری قاعدة التجاوز بالإضافة الی ما مضی لان الشک فی حدوث التکلیف لا فی مرحلة الإمتثال (علی) أنها لا تنفع بالاضافة إلی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 443 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 7) إذا شک بعد الفراغ من الصلاة فی أنها وقعت فی الوقت أولا؟ فان علم عدم الإلتفات الی الوقت حین الشروع وجبت الإعادة (1)

 

الأجزاء اللاحقة کما عرفت.

(1) لأن قاعدة الفراغ لا تجری مع العلم بالغفلة و عدم الإلتفات نعم قد یتخیل جریان القاعدة فی مثل المقام لإطلاق أدلتها و عمومها بل التزم به جماعة منهم المحقق النائینی (قدس سره) فقالوا: إن المستفاد من نصوص الباب جریانها حتی مع العلم بالغفلة حین العمل فیکفی فی الحکم بالصحة إحتمال مصادفة الواقع من باب الإتفاق.

(و فیه) أنه قد حققنا فی الأصول أنه لا إطلاق فی النصوص من هذه الجهة فان قاعدتى الفراغ و التجاوز لیستا من القواعد التعبدیة بل من الأمور الإرتکازیة العقلائیة إذ سیرة العقلاء جاریة علی عدم الإعتناء بعد العمل بالشک الناشیء من إحتمال الغفلة، فالنصوص الواردة فی المقام أمضت هذه السیرة العقلائیة و من المعلوم أن سیرة العقلاء غیر جاریة حین العلم بالغفلة و عدم الإلتفات.

(و علی) تقدیر تسلیم الإطلاق للنصوص فالتعلیل الوارد فی بعضها مقید له مثل ما ورد فی موثقة بکیر بن أعین[668] قال: (قلت له: الرجل یشک بعدما یتوضأ قال: هو حین یتوضأ أذکر منه حین یشک). فالمستفاد من هذه الموثقة أن قاعدة الفراغ تجری فیما إذا یحتمل أنه أذکر حین العمل و من المعلوم أن من کان غافلا لا یحتمل فی حقه الأذکریة فلا تجری القاعدة بالإضافة الیه و تمام الکلام فی الأصول، ففی المقام إذا علم بأنه کان حین الشروع فی الصلاة غافلا عن الوقت غیر ملتفت الیه کیف تجری

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 444 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و إن علم أنه کان ملتفتاً و مراعیاً له و مع ذلک شک فی أنه کان داخلا أم لا یبنی علی الصحة (1) و کذا إن کان شاکاً فی انه کان ملتفتاً أم لا؟ هذا کله اذا کان حین الشک عالماً بالدخول و إلا لا یحکم بالصحة مطلقاً و لا تجری قاعدة الفراغ لانه لا یجوز له حین الشک الشروع فی الصلاة فکیف یحکم بصحة ما مضی مع هذه الحالة؟

 

القاعدة بالإضافة الیه و یقال: إنه أذکر.

(1) لأنه لا مانع هنا من التمسک بقاعدة الفراغ، و کذا الأمر فیما إذا کان شاکاً فی أنه کان ملتفتاً أم لا فان احتمال الأذکریة و الإلتفات مصحح للتمسک بالقاعدة (نعم) یعتبر فیه أن یکون حین الشک محرزاً لدخول الوقت و الا فلا تجری القاعدة و الوجه فیه ما أشرنا الیه (فی المسألة الخامسة) من أنها تجری فیما إذا کان الشک فی صحة المأمور به و فساده مع احراز أصل الأمر بحیث کان الدخول فی الصلاة مع قصد امتثال هذا الأمر المعلوم جائزاً له فعلا إذ القاعدة اعتبرت شرعاً فی مرحلة الإمتثال بعد المفروغیة عن التکلیف و نفس الأمر ـ کما اذا شک بعد الصلاة و العلم بدخول الوقت فی أنه هل أتی بالسورة أو الرکوع أو السجود مثلا أم لا فان الشک فی الصحة و الفساد بما أنه فی مرحلة الإمتثال تجری القاعدة بلا إشکال.

و أما إذا کان الشک فی الصحة و الفساد ناشئاً عن الشک فی دخول الوقت و توجه الأمر فلا مجال للتمسک بالقاعدة أصلا بل مقتضی الاستصحاب عدم دخول الوقت، فهو محرز لعدم الأمر فعلا فکیف یحکم بالصحة لأجل قاعدة الفراغ؟ فان المستفاد من الروایات هو الفراغ عما هو وظیفته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 445 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[668]. الوسائل ب 42 من أبواب الوضوء ر 7.

(446 - 450)

(446 - 450)

 

 

(مسألة 8) یجب الترتیب بین الظهرین بتقدیم الظهر

 

ففی صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام[669] قال: کلما شککت فیه بعدما تفرغ من صلاتک فامض و لا تعد).

فلو لم یکن الأمر محرزاً لا یصدق علی ما أتی به أنه صلاته فلابد من أن یکون الأمر محرزاً حتی یکون شکه متمحضاً فی المأمور به بحیث یجوز له فعلا ان یأتی به بقصد إمتثال الأمر الفعلی، و الی ما ذکرنا ناظر ما أفاده فی المتن من قوله: (لانه لا یجوز له حین الشک الشروع فی الصلاة... الخ)

(و مما ذکرنا) قد إتضح عدم جواز نقض ما أفاده الماتن بالشک فی الطهارة بعد الفراغ من الصلاة بدعوی ان قاعدة الفراغ جاریة هنا مع أنه لا یجوز للمکلف أن یدخل فی صلاه أخری من غیر تحصیل الطهارة (و ذلک) للفرق الواضح بین المقامین فان هناک یکون الشک فی مرحلة الإمتثال فللمکلف أن یحصل الطهارة و یشرع فی الصلاة بقصد الأمر المحرز المعلوم و أما فی المقام فلیس له الشروع فی الصلاة الا بعد احراز دخول الوقت وجداناً أو تعبداً حتی یحرز الأمر.

(و علی الجملة) یعتبر فی جریان القاعدة أمران (الأوّل) أن یکون محرزاً للامر لیکون الشک فی مطابقة المأتی به للمأمور به و فراغ الذمة عنه، (الثانی) أن لا یکون قاطعاً بالغفلة و عدم الإلتفات بل کان معتقداً بأنه کان حین العمل أذکر أو محتملا لذلک فبانتفاء کلا الأمرین أو أحدهما لا تجری القاعدة أصلا (و بالتأمل) فیما ذکرنا یظهر أن ما أفاده الماتن فی هذه المسألة هو الصحیح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 446 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

و بین العشائین بتقدیم المغرب (1) فلو عکس عمداً بطل و کذا لو کان جاهلا بالحکم (2)

و أما لو شرع فی الثانیة قبل الأولی غافلا أو معتقداً لاتیانها عدل (3) بعد التذکر إن کان محل العدول باقیاً و إن کان فی

 

(1) بلا ریب و لا خلاف فان المستفاد من عدة روایات[670] هو ذلک (منها) مادل علی أنه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه قبل هذه (و منها) مادل علی أنه إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتین إلا أن هذه قبل هذه (و منها) الروایات[671] الواردة فیمن نسی الظهر و المغرب و دخل فی العصر و العشاء فانها آمرة بالعدول إلی الظهر و المغرب إذا تذکر فی الأثناء. و لا شک فی أنه لا وجه للعدول إلا کون الثانیة مشروطة بالأولی و مرتبة علیها فلو أخل بالترتیب و قدم الثانیة علی الأولی عمداً تبطل الثانیة.

(2) إن کان مقصراً، فان مقتضی إطلاق مادل علی إعتبار الترتیب هو البطلان و لا دلیل علی الصحة و الاجزاء فی هذا الفرض حتی یکون مقیداً لدلیل الاشتراط (نعم) لو فرض وجود الجاهل القاصر فی المقام یحکم بصحة ما أتی به لأنه لا مانع من شمول حدیث لا تعاد لهذا الفرض ولکن الفرض بعید جداً إذا المسلم الغیر المقصر یفحص عن التکالیف و الواجبات المعلومة إجمالا لکل مسلم ـ و لا ریب فی أن مثل وجوب الترتیب بین الظهرین و العشائین یظهر له بأدنی تفتیش لأنه مما یبتلی به عامة المسلمین فالجاهل بأمثال هذه المسألة لا یکون إلا مقصراً.

(3) لا وجه للحکم بالعدول علی الاطلاق فی فرض الغفلة بل لابد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 447 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من التفصیل بین من کان غفلته ناشئاً من التقصیر و ترک التعلم و من لم یکن کذلک (فالأول) لابد له من رفع الید عما اتی به و الشروع فی الأولی من أولها و ذلک لأن تکلیف الغافل و إن کان مستحیلا فی حال الغفلة إلا أن غفلته بما أنها تنتهی إلی تقصیره و سوء إختیاره لا تکون عذراً فیحکم بفساد عمله و صحة عقوبته لو لم یأت به علی وجهه إذ الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار عقاباً و إن ینافیه خطاباً علی ما حققناه فی الأصول.

(و أما الثانی) و هو من لم تکن غفلته مستندة إلی التقصیر و ترک التعلم بل کانت مستندة إلی السهو و النسیان فلا مانع من الحکم بصحة عمله و جواز عدوله بل هو المورد لصحیحة زرارة الدالة علی العدول[672] عن أبی جعفر علیه السلام (فی حدیث) و قال: (إذا نسیت الظهر حتی صلیت العصر فذکرتها و أنت فی الصلاة أو بعد فراغک فانوها الأولی ثم صل العصر فانما هی أربع مکان أربع فان ذکرت أنک لم تصل الأولی و أنت فی صلاة العصر و قد صلیت منها رکعتین فانوها الأولی ثم صل الرکعتین الباقیتین و قم فصل العصر) (الحدیث).

هذا کله إذا کان غافلا (و أما) إذا کان معتقداً لاتیان الظهر أو إعتقد أن وقت الظهر قد مضی فشرع فی العصر عامداً عالماً بالترتیب، فلا مانع من الحکم بالصحة لأجل حدیث (لا تعاد) إذا الفائت هو الترتیب و هو لیس من الخمسة التی تعاد الصلاة من أجلها (إن قلت) إن مقتضی حدیث (لا تعاد) هو الحکم بصحة الأجزاء السابقة و أما جواز العدول إلی الأولی فلا یستفاد منه و أما النصوص الدالة علیه فهی وردت فی الناسی فلا تشمل من إعتقد أنه قد أتی بالظهر أن إعتقد أو وقت الظهر قد مضی فدخل فی العصر عن علم و عمد فکیف یحکم بجواز العدول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 448 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الوقت المختص بالأولی علی الاقوی کما مر (1) لکن الأحوط الاعادة فی هذه الصورة و إن تذکر بعد الفراغ صح و یبنی علی

 

(قلت): أما إذا إعتقد أنه أتی بالظهر فدخل فی العصر فتذکر فی الأثناء أنه لم یأت بالأولی فلا ینبغی الشک فی أن صحیحة الحلبی تشمله[673] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل أمّ قوماً فی العصر فذکر و هو یصلی أنه لم یکن صلی الأولی، قال: فلیجعلها الأولی التی فاتته و لیستأنف بعد صلاة العصر و قد مضی القوم بصلاتهم) فان هذه الصحیحة مطلقة بالاضافة إلی فرض النسیان و فرض الاعتقاد باتیان الظهر کما هو واضح (و أما) إذا إعتقد أن الوقت لم یبق إلا مقدار إتیان الثانیة فدخل فیها ثم إنکشف أن الوقت یسع کلتا الصلاتین الأمر یدور بین رفع الید عنها و إستئناف الصلاتین مع الترتیب أو إتمامها عصراً أو عشاءً ‌ثم الاتیان بالأولی ـ أو العدول إلی الأولی فی الأثناء ثم الاتیان بالثانیة لامجال للالتزام بالأول لأجل حدیث (لاتعاد) فان الفائت هو الترتیب و هو لیس من الخمسة المستثناة ـ و لامجال للثانی ـ لمنافاته لأدلة إعتبار الترتیب فان مقتضاها إعتبار الترتیب فی جمیع الأجزاء، فکیف یتمها علی مانواه من الأول مع العلم بأن ما یأتیه من الأجزاء الباقیة فاقدة للترتیب ـ فاذاً یتعین الثالث و هو العدول إلی الأولی و اتمامها ثم الاتیان بالثانیة و ذلک لأجل التحفظ علی حدیث لاتعاد و أدلة الترتیب.

(1) قد یتخیل أن البناء علی الصحة فی هذا الفرض مبنی علی عدم الالتزام بالوقت المختص بالمعنی المشهور ـ و هو عدم صلاحیته للثانیة بوجه ـ و إلا فمقتضی حدیث (لاتعاد) هو الحکم بالبطلان لأن وقت الثانیة عندهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 449 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنها الأولی (1) فی متساوی العدد کالظهرین تماماً أو قصراً ـ و إن کان فی الوقت المختص علی الأقوی ـ و قد مر أن الأحوط أن یأتی بأربع رکعات أو رکعتین بقصد ما فی الذمة.

و أما فی غیر المتساوی ـ کما إذا أتی بالعشاء قبل المغرب و تذکر بعد الفراغ، فیحکم بالصحة و یأتی بالأولی (2) و إن وقع العشاء فی الوقت المختص بالمغرب لکن الأحوط (3) فی هذه

 

یدخل بعد مضی مقدار یسع الاتیان بالأولی فالاعادة تکون لأجل الوقت و هو داخل فی المستثنی لا فی المستثنى منه فی حدیث لاتعاد. (ولکنه) تخیل فاسد لأن إطلاق صحیحة[674] زرارة یشمل هذا الفرض بلا إشکال کما مر تفصیل ذلک ( فی ص 201) فلا حاجة إلی الاعادة.

(1) علی ما هو الصحیح لأجل صحیحة زرارة المتقدمة فان المشهور و إن لم یلتزموا بها ـ إلا أنا قد ذکرنا غیر مرة أن إعراض المشهور عن روایة معتبرة لایوجب سقوطها عن الاعتبار، فعلیه یأتی بالعصر ثانیاً و قد تقدم تفصیل الکلام فی هذه المسألة بالاضافة إلی الوقت المختص و المشترک فراجع (ص 200 إلی 204) (نعم) بناء علی أن إعراض المشهور یوجب سقوط الروایة عن الاعتبار یأتی بالظهر بعد العصر لأن إعتبار الترتیب ساقط لأجل حدیث لاتعاد (ولکن) الأحوط ـ إستحباباً ـ الاتیان بأربع رکعات بقصد إمتثال الأمر الواقعی.

(2) إذ الفائت لیس إلا الترتیب و هو لایضر إذا لم یکن عمداً علی ما هو مقتضی حدیث (لاتعاد).

(3) لاوجه لهذا الإحتیاط علی ما بنی علیه تبعاً للمشهور من الإلتزام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 450 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[669]. الوسائل ب 27 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ر 2.
[670]. راجع الوسائل ب 4 و 17 من أبواب المواقیت.
[671]. راجع الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت.
[672]. راجع الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت.
[673] . الوسائل ب 63 من ابواب المواقیت ر 3. الکافی کتاب الصلاة ص 294.
[674] . الوسائل ب 63 من ابواب المواقیت ر 1 .

الصفحات (451 - 473)

الصفحات (451 - 473)

(451 - 455)

(451 - 455)

الصورة الاعادة.

(مسألة 9) إذا ترک المغرب و دخل فی العشاء غفلة أو نسیاناً أو معتقداً لإتیانها فتذکر فی الأثناء عدل (1) إلا إذا

 

بحجیة روایة اسماعیل بن ریاح المتقدمة لأنه إذا شرع فی العشاء فی أول دخول الوقت تقع رکعة منها فی الوقت المشترک و مقتضی روایة ابن ریاح أن الوقت اذا دخل فی الأثناء یحکم بصحتها بلا إشکال (نعم) لو شرع فی العشاء قبل دخول الوقت بمقدار رکعة فیما أن ثلاث رکعات منها تقع فی الوقت المختص بالمغرب کان لهذا الاحتیاط مجال هذا علی مسلکه (قده) و اما علی مسلکنا فیحکم بفسادها فی هذا الفرض لا لأجل وقوعها فی الوقت المختص بالمغرب بل لأجل ان رکعة منها وقعت قبل الوقت فتکون مشمولة فی المستثنی فی حدیث لاتعاد لأنها فاقدة للوقت.

(1) المشهور بیم الأصحاب هو جواز العدول مالم یرکع للرابعة و إن قام و أتى بالتسبیحات أوقرأ الحمد و استدل علیه بروایتین.

(الاولى) صحیحة زرارة المتقدمة[675] (إلی أن قال): فان کنت قد صلیت العشاء الآخرة و نسیت المغرب فقم فصل المغرب و إن کنت ذکرتها و قد صلیت من العشاء الآخرة رکعتین أو قمت فی الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة) (الحدیث) تقریب الاستدلال أنها صحیحة من حیث السند و واضحة الدلالة علی العدول إذا تذکر فی الأثناء.

(و فیه) أن هذه الصحیحة لاتدل علی جواز العدول علی الإطلاق بل تدل علی جواز العدول ما لم یستتبع العدول زیادة شىء من الواجبات فانها تدل علی العدول إذا کان فی الرکعة الثالثة و من المعلوم أنه لو عدل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 451 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و هو فی الثالثة لا یستتبع زیادة شىء أصلا و أما إذا کان فی الرابعة و قرء الحمد أو أتی بالتسبیحات فعدل یلزم زیادة القیام و القرائة و هذا الفرض لایکون مشمولا للصحیحة فالتعدی الیه یحتاج إلی دلیل.

(الثانیة) ما رواه عبد الرحمن بن أبی عبدالله[676] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل نسی صلاة حتی دخل وقت صلاة أخری فقال: إذا نسی الصلاة أو نام عنها صلی حین یذکرها فاذا ذکرها و هو فی الصلاة بدأ بالتی نسی و إن ذکرها مع إمام فی صلاة المغرب أتمها برکعة ثم صلی المغرب ثم صلی العتمة بعدها و إن کان صلی العتمة وحده فصلی منها رکعتین ثم ذکر أنه نسی المغرب أتمها برکعة فتکون صلاته للمغرب ثلاث رکعات ثم یصلی العتمة بعد ذلک). (تقریب الإستدلال) أن الظاهر من قوله: (فاذا ذکرها و هو فی صلاة بدأ بالتی نسی) ظاهر فی العدول و مقتضی الإطلاق عدم الفرق بین أن یستتبع العدل زیادة شىء أم لا؟ فعلیه یصح العدول إلی المغرب من الرکعة الرابعة للعشاء مالم یرکع و یصح العدول الی العصر المقصورة من الرکعة الثالثة للمغرب ما لم یرکع.

(و فیه) أن الروایة و إن کانت من حیث الدلالة تامة إلا أنها ضعیفة السند لأجل معلی بن محمد الواقع فیه فانه لم یثبت وثاقته بل قال النجاشی (معلی بن محمد البصری ابوالحسن مضطرب الحدیث و المذهب). (نعم) ورد معلی بن محمد فی أسانید کامل الزیارات (ولکنه) لاینفع لأن تضعیف النجاشی له یعارض التوثیق المستفاد من کلام ابن قولویه فبعد التعارض و التساقط یبقی الرجل بلا توثیق.

(و منه) یظهر أنه لاوجه لالتزام المحدث النوری فی المستدرک بوثاقته، فان منشأ إلتزامه بذلک لیس إلا روایة الأجلاء عنه کالحسین بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 452 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد بن عمران بن عامر، و الحسین بن سعید، و أحمد بن ادریس أبی علی الأشعری، و محمد بن الحسن بن الولید. وقد مر غیر مرة أن مجرد روایة الأجلاء عن شخص لایدل علی توثیقه، فان مثل هؤلاء الأجلاء کثیراً ما یروون عن الضعفاء، و غایة ما یمکن أن یقال: إنهم کانوا مطمئنین بعدم کذب من یروون عنه و هذا لایجدی بالإضافة الینا لاحتمال ان یکون إطمئنانهم بعدم کذبه مستنداً إلی قرائن حدسیة (ألا تری) أن الکلینی و الصدوق عدّا کل ما فی کتابیهما صحیحاً مع أنه قد ثبت عندنا ضعف کثیر من رواة روایات الکتابین.

(و أما) غیر معلی بن محمد ممن وقعوا فی سند الروایة المذکورة فکلهم ثقاة (نعم) الحسین بن محمد الأشعری الواقع فی سندها لم یوثق بهذا العنوان و لا بعنوان الحسین بن محمد من غیر التقیید بالأشعری و لا بعنوان الحسین بن محمد بن عامر بل وثقه النجاشی بعنوان الحسین بن محمد بن عمران بن أبی بکر الأشعری القمی أبو عبدالله.

(ثم) لایخفی أن جد الحسین المذکور هو عامر وجد أبیه عمران ففی کلام النجاشی أسقط کلمة عامر و الدلیل علی ذلک ماورد فی مشیخة الفقیه من قوله: جعفر بن محمد بن مسرور (رضی الله عنه) عن الحسین بن محمد بن عامر عن عمه عبدالله بن عامر. قال فی جامع الرواة: (قد نسب محمد (هو ابو الحسین) هاهنا الی جده فان الحسین هذا هو الراوی عن عمه عبدالله بن عامر کما ینبه علیه أسانید روایات کثیرة). و قد ذکر عدة أسانید یروی فیها الحسین بن محمد عن عمه عبدالله بن عامر.

(و علی الجملة) لاشک فی أن الحسین بن محمد بن عامر بن عمران ثقة. و قد نقل عن المحقق الداماد: أنه أحد أجلاء مشایخ الکلینی. و هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 453 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

دخل فی رکوع الرکعة الرابعة فإن الأحوط (1) حینئذ إتمامها عشاء ثم إعادتها بعد الإتیان بالمغرب.

 

شیخ جعفر بن محمد بن قولویه أیضاً و قد وقع فی أسانید کامل الزیارات (ولکن) الإستدلال بالروایة المذکورة لایتم لأجل معلی بن محمد کما عرفت.

(و یمکن) أن یستدل علی جواز العدول فی الفرض المذکور بما تقدمت الإشارة إلیه و هو أن المحتملات فی المقام ثلاث (الأول) أن تکون الصلاة محکومة بالفساد إذ المکلف قد أتی بما هو زائد عن القدر المشترک بین الصلاتین فلا یشمله النص الوارد فی المقام (الثانی) أن یتمها علی مانوی من الأول بلا عدول (الثالث) أن یعدل إلی الاولی و یحکم بالصحة (أما الإحتمال الأول) فلا مجال للإلتزام به لأنه مخالف لما یقتضیه حدیث (لاتعاد) فان مقتضاه الحکم بالصحة إلا فی الموارد الخمسة فالالتزام بالبطلان فی غیر تلک الموارد یحتاج إلی دلیل یخصص الحدیث.

(و أما الإحتمال الثانی) فلا مجال له أیضاً لأنه ینافیه أدلة الترتیب الدالة علی إعتباره فی جمیع أجزاء الصلاة فان الظاهر من قوله (ص): إلا أن هذه قبل هذه اعتبار الترتیب بین جمیع أجزاء الصلاتین فالالتزام باتمام الصلاة بلا عدول یحتاج إلی دلیل مخصص لأدلة الترتیب و هو مفقود (فعلیه) یتعین الاحتمال الثالث و هو العدول إلی الأولی و إتمامها ثم الإتیان بالثانیة فانه یوجب التحفظ علی ظهور کلا الدلیلین، فالعدول و إن کان علی خلاف الأصل الأولی الا أنه لا مناص منه فی المقام لما عرفت.

(1) قد تقدم منه (قدس سره) الجزم بالبطلان (فی ص 203) و هنا احتاط بالإتمام ثم الإعادة بعد المغرب. (و قد یقال): بجواز العدول فی المقام ـ أیضاً ـ بدعوی ان الرکوع حینما وقع کان صحیحاً للاتیان به بقصد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 454 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العشاء، و بالعدول لادلیل علی أن یقدح زیادته فی المعدول الیه و الإجماع علی مبطلیة زیادة الرکوع ـ لو تم ـ إنما قام علی قدح زیادة الرکوع المأتی به بقصد الصلاة إذا کان خارجاً عنها لا کل رکوع و ان کان مأموراً به (و بعبارة أخری) الدلیل علی بطلان الصلاة بزیادة الرکوع إنما هو الاجماع و القدر المتیقن منه ما إذا لم یقع مأموراً به و أما إذا وقع جزء للصلاة المأمور بها ثم خرج بالعدول عن الجزئیة فهو خارج عن معقد الإجماع و لا أقل من کونه محتمل الخروج فاذاً یجوز العدول بل یجب لعدم تحقق الإجماع علی البطلان فی المقام و لا مقتضی لا تمامها عشاء فانه یوجب رفع الید عن مادل علی الترتیب بین العشائین.

(و فیه) أن الدلیل علی بطلان الصلاة بزیادة الرکوع لیس هو الاجماع حتی یؤخذ منه بالقدر المتیقن لأجل عدم الاطلاق للادلة اللبیة بل الدلیل علی البطلان هو حدیث (لا تعاد) و مقتضی إطلاق المستثنی فیه هو بطلان الصلاة بالاخلال بالرکوع مطلقاً سواء کان بالزیادة أو النقبصة و سواء وقع حین العمل متصفاً بالوجوب أم لا.

(ثم) إن المحقق النائینیء (قدس سره) قد ذهب إلی وجوب إتمامها عشاء و عدم جواز العدول بتقریب أن حدیث (لا تعاد) کما یشمل بعد الفراغ من العمل کذلک یشمل أثناء العمل و مقتضى إطلاق المستثنی منه الغاء الترتیب مطلقاً فلا وجه للعدول کما أنه لا وجه للابطال و رفع الید عما شرع فیه فان العدول یستلزم زیادة الرکن و رفع الید عنه ـ مع الدلیل علی الصحة لا مقتضی له.

(و فیه) أن حدیث (لا تعاد) یدل علی الغاء الترتیب بالاضافة إلی الاجزاء السابقة علی الذکر حیث انها وقعت حال النسیان و أما الأجزاء الباقیة فمقتضی إطلاق مادل علی إعتبار الترتیب لزوم الترتیب فیها و لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 455 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[675] . الوسائل ب 63 من ابواب المواقیت ر 1 .
[676] . الوسائل ب 63 من ابواب المواقیت ر 2 .

(456 - 460)

(456 - 460)

 

 

(مسألة 10) یجوز العدول فی قضاء الفوائت أیضاً من اللاحقة إلی السابقة (1)

 

دلالة الحدیث (لا تعاد) علی عدم إعتبار الترتیب فی الأجزاء التی یأتی بها المکلف قبل المغرب عن علم و عمد و لیس أى نظر له إلی حال العلم و الالتفات (فعلیه) یکون مقتضی أدلة إعتبار الترتیب عدم جواز إتمامها عشاء و مقتضی کون المقام داخلا فی مستثنی حدیث (لا تعاد) عدم جواز العدول فلا مناص من رفع الید عنها و الاتیان بالمغرب ثم بالعشاء. (و مما یوهن) ما إختاره المحقق النائینیء عدم إمکان الالتزام بما ذکره هنا فی نظائر المقام (منها) ما إذا قصد المسافر الاقامة فشرع فی الصلاة بقصد التمام و عدل بعد الرکوع للرکعة الرابعة أو الثالثة الی عدم الإقامة فهل یجوز الحکم بالإتمام و صحة الصلاة؟ بدعوی أن مقتضی حدیث (لا تعاد) وجوب الإتمام و إن إستلزم زیادة رکعة أو أزید، کلا، و لا أظن أن یلتزم بذلک أحد فالصحیح هو ما إختاره الماتن سابقاً من الحکم بالبطلان و ما ذکره من الإحتیاط فی المقام لا وجه له.

(1) علی ما هو المشهور بین الأصحاب و قد استدل علیه بوجوه (الأول) أن النصوص الدالة علی العدول و إن وردت فی الحاضرة إلا أن جواز العدول فی الفائتة یستفاد منها بالأولویة القطعیة.

(الثانی) أن النصوص الدالة علی العدول إن عرضت علی العرف لا یفهمون منها خصوصیة موردها بل یفهمون منها الاطلاق (الثالث) أن القضاء هو عین الأداء غایة ما فی الباب یؤتی بها فی خارج الوقت فالحکم الثابت للأداء یجری علی القضاء لوحدة الموضوع.

(و هذه الوجوه) کلها ضعیفة لا ترجع إلی محصل صحیح، فالصحیح فی المقام أن یقال: إن جواز العدول فی الفوائت هو مقتضی القاعدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 456 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بشرط أن یکون فوت المعدول عنه معلوماً (1) و أما إذا کان احتیاطیاً فلا یکفی العدول فی البرائة من السابقة و إن کانت إحتیاطیة أیضاً (2) لإحتمال إشتغال الذمة واقعاً بالسابقة دون اللاحقة فلم یتحقق العدول من صلاة الی أخری و کذا الکلام فی العدول من حاضرة إلی سابقتها فان اللازم ان لا یکون الاتیان باللاحقة من باب الاحتیاط و إلا لم یحصل الیقین بالبرائة من السابقة بالعدول لما مر.

 

الثانویة المستفادة من الأدلة ـ و قد تقدمت ـ و هو أن المکلف اذا شرع فی العصر الفائتة غفلة أو نسیاناً فتذکر فی الأثناء أن الظهر أیضاً فاتت منه فلا یجوز له إتمامها عصراً لأنه ینافی مادل علی إعتبار الترتیب بینهما و لیس له رفع الید عنها و الإعادة، لأنه ینافی حدیث (لا تعاد)، فاذاً لابد له من العدول الی الظهر تحفظاً علی اطلاق کلا الدلیلین (نعم) ان استلزم العدول زیادة الرکن لا مجال للالتزام به لعین ما تقدم فی الحاضرة.

(1) بلا إشکال إذ لو لم یکن فوته محرزاً و المصلی شرع فیه لإحتمال الأمر یحتمل عدم وجود الأمربه واقعاً، فیکون ما أتی به لغواً فلو عدل عنه إلی السابقة کیف یحکم بصحتها و برائه الذمة عنها؟ (نعم) یحتمل کونه مأموراً به فی الواقع فیکون العدول من الواجب إلی الواجب إلا أنه لا ینفع فی مرحلة الامتثال لأن العقل یحکم بلزوم تحصیل العلم بالفراغ (نعم) لو قام دلیل خاص علی صحة العدول عما إحتمل کونه مأمور به إلی ما علم کونه کذلک کان حاکماً بل وارداً علی حکم العقل بلزوم تحصیل الفراغ الیقینی.

(2) کما إذا إحتمل بعد خروج الوقت أن صلاة عصره کانت فاقدة للرکوع مثلا فشرع فی قضائها إحتیاطاً ثم إحتمل فی الاثناء أن صلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 457 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظهره کانت فاقدة للسجدتین فلا مجال للعدول إلی الظهر لاحتمال أن العصر کانت فی الواقع واجدة للرکوع ولکن الظهر کانت فاقدة للسجدتین فان العدول هنا یکون من أمر لغو إلی صلاة فائتة و هو لا أثر له أصلا و هذا البیان بعینه یجری فی ما إذا کانت الثانیة إحتیاطیة بالاحتیاط الوجوبی کما إذا دار او الموضوعیة الأمر فی العشاء بین القصر و التمام لأجل الشبهة الحکمیة، أو الموضوعیة فصلاها تماماً ثم شرع فی القصر فتذکر فی الاثناء أنه لم یأت بالمغرب فلیس له أن یعدل إلیها لاحتمال أن یکون ما هو الواجب فی الواقع هو التمام و قد فرغ ذمته عنها فیکون العدول من القصر إلی المغرب عدولا عن أمر لغو إلی الصلاة و هو لا یجدی فی فراغ الذمة عن المغرب فالعقل لا یجوّز الاکتفاء به فی مرحلة الامتثال أصلا. إذ ما أتی به بقصد العشاء المقصورة لا یصلح أن یکون جزء للمغرب.

(نعم) لو کانت المعدول عنها و المعدول إلیها کلتاهما إحتیاطیة و کانت بینهما ملازمة واقعیة من حیث الاتصاف بالوجوب و عدمه صح العدول بل وجب ـ کما إذا کان وظیفة المصلی الجمع بین القصر و التمام فی الظهرین إحتیاطاً فلو نسی الظهر و دخل فی العصر المقصورة فتذکر فی أثنائها یجب العدول إلی الظهر المقصورة تحفظاً علی الترتیب فان المأمور به الواقعی إن کان هو القصر فقد عدل عن المأمور به إلی المأمور به و إن کان هو التمام عدل عن غیر المأمور به إلی غیر المأمور به فلو أتی بالعدل الآخر و هو التمام یقطع بفراغ الذمة.

(و هذا) بخلاف ما إذا لم یعدل و أتمها عصراً فانها مقطوعة الفساد إذ لو کان الواجب هو القصر فهی فاقدة لشرطها و هو الترتیب و إن کان الواجب هو التمام فهی لیست بمأمور بها فلو أتی بعدها بالظهر قصراً و تماماً ثم أتی بالعصر تماماً. فقط لا یحصل العلم بفراغ الذمة عن العصر إذ لو کانت الوظیفة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 458 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 11) لا یجوز العدول من السابقة إلی اللاحقة (1) فی الحواضر و لا فی الفوائت، و لا یجوز من الفائتة إلی الحاضرة (2) و لا من النافلة الی الفریضة و لا من الفریضة الی النافلة (3) إلاّ فی مسألة إدراک الجماعة و کذا من فریضة الی

الواقعیة هو القصر بقیت ذمته مشغولة لأن ما أتی به کان فاقداً للترتیب و هو غیر مغتفر فی حال الذکر (فتحصل) أنه لا یصح العدول عن الاحتیاطیة إلا إذا کان المعدول عنه و المعدول إلیه متلازمین من جهة الاتصاف بالوجوب و عدم الاتصاف به بأن کان منشأ الشک فیهما واحداً ـ علی ما عرفت ـ.

(1) لما أسلفنا من أن العدول علی خلاف الأصل فالالتزام به یحتاج الی دلیل و هو مفقود فی المقام بل الدلیل قام علی عدم الجواز و هو أنه إن کان للسابقة أمر، فالعدول مناف لإعتبار الترتیب و ان لم یکن لها أمر فلا یکون العدول من صلاة الی المأمور به بل عدول عن أمر لغو الیه ـ ألا تری ـ أن المکلف لو شرع فی صلاة الظهر فتذکر فی الأثناء أنه قد أتی بها لا یکون ما هو فیه متعلقاً للامر بل هو أمر لغو فلو عدل منه الی العصر کیف یحکم بالصحة و یحسب ما أتی به جزء للعصر.

(2) لعدم الدلیل علیه، فان قلنا: بالترتیب بین الحاضرة و الفائتة و بوجوب تقدیم الفائتة علی الحاضرة فیجری البیان المتقدم هنا بعینه (و ان لم نقل) به فیکفی فی عدم الجواز عدم الدلیل علیه لما عرفت من أن العدول خلاف الأصل فلا یمکن الالتزام به بلا دلیل.

(3) لما عرفت من عدم الدلیل علیه (نعم) قام الدلیل علی جواز العدول فی موردین (الأول) ما ذکره الماتن من العدول لإدراک الجماعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 459 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اُخری اذا لم یکن بینهما ترتیب (1) و یجوز من الحاضرة الی الفائتة (2) بل یستحب فی سعة وقت الحاضرة.

 

فان صحیحة سلیمان بن خالد ناطقة بذلک[677] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة فبینما هو قائم یصلی إذ أذّن المؤذن و أقام الصلاة قال: فلیصل رکعتین ثم لیستأنف الصلاة مع الامام ولیکن الرکعتان تطوعاً). و قریب منها موثقة سماعة[678] ولکنها فصّلت بین إمام عدل و غیره فدلت علی العدول إلی النافلة فی الأول دون الثانی و لا فرق فی جواز العدول الی النافلة هنا بین أن یدرک الفریضة بأجمعها فی الجماعة أو یخاف فوت رکعة منها.

(المورد الثانی) ما إذا أراد المکلف فی یوم الجمعة أن یصلی صلاة الظهر بسورة الجمعة فغفل و قرء سورة أخری فتذکر بعد تجاوزه النصف فهناک یجوز ان یعدل الی النافلة ثم یأتی بصلاة الظهر مشتملة علی سورة الجمعة و اما ان لم یتجاوز النصف فیعدل الی سورة الجمعة فیتمها ظهراً بلا حاجة الی العدول الی النافلة و تمام الکلام یجییء فی مبحث القرائة إن شاء الله.

(1) کما إذا شرع فی صلاة الایات مثلا فی وقت إحدی الفرائض الخمس صح له الإتمام و لا موجب للعدول فلو عدل بطلت لما عرفت من أن العدول علی خلاف الأصل لا یمکن الالتزام به بلا دلیل.

(2) بلا ریب و لا إشکال إذ لو قلنا: باعتبار الترتیب بین الحاضرة و الفائتة مطلقاً أو إذا کانت الفائتة من هذا الیوم أو إذا کانت واحدة فالمقام داخل فی کبری جواز العدول ـ فی الفریضتین المترتبتین ـ من اللاحقة إلی السابقة (و إن قلنا): بعدم إعتبار الترتیب بینهما ـ فالعدول إنما هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 460 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[677]. الوسائل ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 2.
[678]. الوسائل ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ر 1 و 2.

(461 - 465)

(461 - 465)

 

 

(مسألة 12) إذا اعتقد فی أثناء العصر أنه ترک الظهر فعدل الیها ثم تبین أنه کان آتیاً بها فالظاهر جواز العدول منها الی العصر ثانیاً (1) لکن لا یخلو عن اشکال فالأحوط بعد الإتمام الإعادة أیضاً.

 

لقیام نص خاص علیه فی المقام و هو صحیحة زرارة[679] (فی حدیث) (إلی أن قال): (و إن کنت قد ذکرت أنک لم تصل العصر حتی دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان کنت قد صلیت المغرب فقم فصل العصر و إن کنت قد صلیت من المغرب رکعتین ثم ذکرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها رکعتین ثم تسلم ثم تصلی المغرب) (الحدیث). و هذه الصحیحة صریحة فی العدول من الحاضرة إلی الفائتة.

(1) المتصور فی المقام ثلاثة فروض (الأول) أن ینوی العدول إلی الظهر فتذکر قبل أن یأتی شیئاً أنه کان آتیاً بها (الثانی) أن یعدل إلی الظهر و أتى ببعض الأجزاء التی لا تکون من الأرکان (الثالث) أن یعدل إلی الظهر و أتی ببعض الأرکان ثم تبین أنه کان آتیاً بها.

(أما الفرض الأول) فلا شک فیه فی الصحة إذا أتمها عصراً لأن العدول لم یتحقق و إنما تخیل قلب ما أتی به بقصد العصر إلی کونه جزء للظهر إذ تحقق العدول یتوقف علی أن یکون کل من المعدول عنه و المعدول إلیه مأموراً به و فی المقام لا أمر بالظهر علی الفرض فلو بنی ثانیاً علی أن یتمها عصراً ـ علی مانواه من الأول لا شک فی الصحة و لا مقتضی للبطلان إذ لم یتحقق العدول من السابقة إلی اللاحقة حتی یقال: لا دلیل علیه و لم یأت بشیء ینافی صحة الصلاة حتی یکون البطلان مستنداً إلیه. (إن قیل): یشترط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 461 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی صحة الصلاة الاستدامة بالنیة و هو قد أخل بها إذ قصد العدول إلی الظهر (قلنا): الاستدمة المعتبرة فی نیة الصلاة عبارة عن أن یصدر کل جزء من أجزاء الصلاة عن النیة و لا دلیل علی أن نیة العدول بمجردها موجبة للبطلان و مخلة بالاستدامة و إن صدر الأجزاء بتمامها عن النیة.

(و أما الفرض الثانی) فلا ینبغی الشک فیه أیضاً فی الحکم بالصحة ـ لا من جهة أن العدول من السابقة إلی اللاحقة جائز حتی یقال: لا دلیل علیه و علی تقدیر وجود الدلیل فلا أمر بالظهر و یشترط فی صحة العدول أن یکون کل من المعدول عنه و المعدول إلیه مأموراً به ـ بل لأجل أنه لم یأت بشیء یکون منافیاً للصحة فان ما أتی به بعد العدول قد صدر خطأ و بما أنه لا یکون رکناً ـ علی الفرض ـ لا یکون زیادته موجبة للفساد (فعلیه) لابد من الاتیان به ثانیاً بقصد العصر حتی یحسب جزء لها (و علی الجملة) العدول إلی الظهر لم یتحقق من الاول لعدم الامر بها غایة ما فی الباب أنه أتی بقصد الظهر ما لا یکون رکناً و بما أنه وقع خطأ لا یضر بصحة الصلاة.

(و أما الفرض الثالث) فلا مجال فیه للحکم بالصحة لأن ما أتی به بقصد الظهر بعد قصد العدول رکن علی الفرض فان لم یات به ثانیاً بقصد العصر یحکم بالفساد لنقصان الرکن و إن أتی به ثانیاً یحکم بالفساد لزیادة الرکن فلا مناص من الحکم بالبطلان. (نعم) هنا روایات کنا نحکم بالصحة للاتکال علیها إلا أن التحقیق یقتضی خلافه لأنها إما ضعیفة السند و إما ضعیفة الدلالة علی سبیل منع الخلو فینبغی التعرض لها و لبیان ما فیها.

(منها) صحیحة عبدالله بن المغیرة[680] قال: (فی کتاب حریز أنه قال: إنی نسیت أنی فی صلاة فریضة (حتی رکعت) و أنا أنویها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 462 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تطوعاً، قال: فقال علیه السلام: هی التی قمت فیها إذا کنت قمت و أنت تنوی فریضة ثم دخلک الشک فأنت فی الفریضة و إن کنت دخلت فی نافلة فنویتها فریضة فأنت فی النافلة و إن کنت دخلت فی فریضة ثم ذکرت نافلة کانت علیک مضیت فی الفریضة). و هذه الروایة من حیث السند تامة ولکن دلالتها غیر تامة بالاضافه إلی محل الکلام فانها وردت فی مورد النسیان و کانت الصلاتان مختلفتین بالفرض و النفل و محل کلامنا صلاة فریضة و صلاة خیالیة فلا مجال للتعدی منه إلیه (علی) أنه یحتمل أن یکون مورد الصحیحة من قبیل الخطأ فی التطبیق بأن کان حریز قاصداً لامتثال الامر الفعلى المتوجه إلیه و إتقد أنه أمر ندبی لاأنه کان قاصداً لامتثال الأمر الندبی و کیف ما کان لا یمکن التعدی عن مورد الروایة إلی محل الکلام أصلا.

(و منها) روایة معاویة[681] قال: (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل قام فی الصلاة المکتوبة فسهی فظن أنها نافلة أو قام فی النافلة فظن أنها مکتوبة قال: هی علی ما افتتح الصلاة علیه). (و منها) ما رواه إبن أبی یعفور عن أبی عبدالله علیه السلام[682] قال: (سألته عن رجل قام فی صلاة فریضة فصلی رکعة و هو ینوی أنها نافلة فقال هی التی قمت فیها و لها و قال: إذا قمت و أنت تنوی الفریضة فدخلک الشک بعد فأنت فی الفریضة علی الذی قمت له و إن کنت دخلت فیها و أنت تنوی نافلة ثم إنک تنویها بعد فریضة و أنت فی النافلة، و إنما یحسب للعبد من صلاته التی إبتدأ فی أول صلاته).

و هاتان الروایتان لم تردا فی مورد النسیان و لا بأس بدلالتهما ولکن سندهما ضعیف لان الشیخ (قدس سره) رواهما باسناده عن العیاشی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 463 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسأله 13) المراد بالعدول ان ینوی (1) کون ما بیده هی الصلاة السابقة بالنسبة إلی ما مضی منها و ما سیأتی.

(مسأله 14) إذا مضی من أول الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله فی ذلک الوقت من السفر و الحضر و التیمم و الوضوء و المرض و الصحة و نحو ذلک ثم حصل احد الأعذار المانعة من التکلیف بالصلاة کالجنون و الحیض و الاغماء وجب علیه القضاء و إلا لم یجب و ان علم بحدوث العذر قبله و کان له هذا المقدار وجبت المبادرة الی الصلاة و علی ما ذکرنا فان کان تمام المقدمات حاصلة فی أول الوقت یکفی مضی مقدار أربع رکعات للظهر و ثمانی للظهرین و فی السفر یکفی مضی مقدار رکعتین للظهر و أربع للظهرین و هکذا بالنسبة الی المغرب و العشاء و ان لم تکن المقدمات او بعضها حاصلة لابد من مضی مقدار الصلاة و تحصیل تلک المقدمات (2) و ذهب بعض الأصحاب إلی کفایة

 

و فی طریقه إلیه أبوالفضل و جعفر بن محمد بن مسعود العیاشی و الاول ضعیف و الثانی لم یوثق، فاذاض لا مناص من الحکم بالبطلان ـ کما عرفت و إن کان الاحوط الاتمام ثم الإعادة.

(1) کما هو المصرح به فی صحیحة[683] زرارة المتقدمة (ص 461)

(2) قد أسلفنا الکلام فی هذه الفروع[684] مفصلا و حاصله التفصیل بین طروء الحیض و بقیة الأعذار فان طرء الحیض بعدما مضی من الوقت مقدار الصلاة مع الطهارة مطلقاً مائیة کانت أو ترابیة و لم تصل المرأة وجب علیها القضاء فان کانت عالمة بطروء الحیض و لم تصل فهی عاصیة أیضاً و إلا فلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 464 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مضی مقدار الطهارة و الصلاة فی الوجوب و ان لم یکن سائر المقدمات حاصلة و الأقوی الأول (1) و ان کان هذا القول أحوط.

 

و هذا واضح و أما إذا لم یسع الوقت للصلاة مع الطهارة ولکنه یسع للصلاة فقط فلا یجب القضاء و ذلک لإطلاق مادل علی أن الحائض لا تقضی الصلاة.

(و دعوی) أن الفوت یصدق إذا مضی من الوقت مقدار یسع نفس الصلاة و ان لم یسع الطهارة لأن الإکتفاء بفعلها قبل الوقت کاف فی صدق الفوت لا من جهة الحیض ـ مدفوعة ـ بأن الطهارة قبل الوقت لیست بواجبة فکیف یکون ترکها فی خارج الوقت موجباً لصدق الفوت لا من جهة الحیض (و بعبارة أخری) إذا لم یسع الوقت للصلاه مع الطهارة لطروء الحیض یکون فوتها مستنداً الی الحیض و قد دلت الروایات[685] علی أن الحائض لیس علیها أن تقضی الصلاة. (هذا) بالإضافة إلی أول الوقت.

(و أما) اذا طهرت من الحیض فی آخر الوقت فان تمکنت من تحصیل الطهارة و إدراک رکعة من الصلاة وجبت و إن فرّطت وجب علیها القضاء إلا إذا کان الوقت ضیقاً لا یسع الا للصلاة مع الطهارة الترابیة فهنا لا یجب القضاء علیها و ان کان الأداء واجباً و ذلک لصحیحة عبید ابن زرارة[686] و تمام الکلام قد مر فی أحکام الحائض.

(و أما بقیة ذوی الأعذار) فیجب علیهم القضاء إن وسع الوقت مقدار نفس الصلاة و ان لم یسع للمقدمات و ذلک لصدق الفو ت حینئذ مع التمکن من تحصیل الشرائط قبل الوقت.

(1) قد عرفت أن الأوفق بالقواعد هو التفصیل المتقدم بین الحائض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 465 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[679]. الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 1.
[680]. الوسائل ب 2 من أبواب النیة ر 1.
[681]. الوسائل ب 2 من أبواب النیة ر 2 و 3.
[682]. الوسائل ب 2 من أبواب النیة ر 2 و 3.
[683]. الوسائل ب 63 من أبواب المواقیت ر 1.
[684]. فی مبحث أحکام الحائض مسألة 31 و فی مسألة 3 من أوقات الفرائض.
[685]. راجع الوسائل ب 41 من ابواب الحیض.
[686]. الوسائل ب 49 من ابواب الحیض ر 1.

(466 - 470)

(466 - 470)

 

 

(مسألة 15) اذا ارتفع العذر المانع من التکلیف فی آخر الوقت فان وسع للصلاتین وجبتا و إن وسع لصلاة واحدة أتی بها و إن لم یبق إلا مقدار رکعة وجبت الثانیة فقط و ان زاد علی الثانیة بمقدار رکعة وجبتا معاً ـ کما اذا بقی الی الغروب فی الحضر مقدار خمس رکعات و فی السفر مقدار ثلاث رکعات أو الی نصف اللیل مقدار خمس رکعات فی الحضر و أربع رکعات فی السفر (1) و منتهی الرکعة تمام الذکر الواجب من السجدة الثانیة (2) و إذا کان ذات الوقت واحدة کما فی الفجر یکفی بقاء مقدار رکعة.

 

و غیرها من ذوی الأعذار.

(1) قد أسلفنا الکلام فی هذه الفروع مفصلا[687] فلا حاجة إلی الإعادة.

(2) لا ریب فی أن مقتضی الروایات الدالة علی أن الوقت رکن و الروایات الدالة علی التحدید هو سقوط الصلاة إن لم یتمکن المکلف فی الوقت کصحیحةعبید بن زرارة قال[688] : (سألت أبا عبدالله علیه السلام عن وقت الظهر و العصر، فقال: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جمیعاً إلا أن هذه قبل هذه ثم انت فی وقت منهما جمیعاً حتی تغیب الشمس). فان مقتضی التحدید فی هذه الصحیحة هو ما ذکرنا.

(ولکن) عدة روایات دلت علی أن من أدرک رکعة من الصلاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 466 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فی الوقت فکأنما أدرک جمیعها و هذه الروایات و ان کان أکثرها ضعاف إلا ان فیها روایة معتبرة أیضاً و هی موثقة عمار عن أبی عبدالله (ع)[689] (فی حدیث) قال: (فان صلی رکعة من الغداة ثم طلعت الشمس فلیتم و قد جازت صلاته). و الرکعة و ان استعملت بمعنی الرکوع فی عدة روایات[690] الا أن المراد منها فی الموثقة هو الرکعة التامة بقرینة اقترانها فیها بقوله (ع): (صلی) فان الصلاة لاتصدق علی أقل من رکعة تامة إذ لامعنی لأن یقال: من صلی رکوعاً یتم صلاته فعلیه یکون تحقق الرکعة بأکمال السجدتین کما ذکره الماتن (علی) أن هذا الاستعمال هو الغالب.

(نعم) الروایات الواردة بعنوان من أدرک رکعة فقد أدرک الغداة أو من أدرک رکعة فقد أدرک الصلاة أو من أدرک رکعة فقد أدرک الشمس لاتکون ظاهرة فی الرکعة التامة بل یحتمل فیها کلا الأمرین فان بنی علی العمل بها ـ من جهة الإنجبار بعمل المشهور أو غیره لامجال للاستدلال بها علی أحد الأمرین لکونها مجملة فلابد من الرجوع الی روایات التحدید التی منها الصحیحة المتقدمة و لا ریب فی أن مقتضی التحدید عدم جواز تقدیم الصلاة و لو جزئها علی الوقت کما أن مقتضاه عدم جواز تأخیر جزء منها عنه، و لازم ذلک عدم وجوب الصلاة إذا ضاق الوقت و علم المکلف بأن جزء منها یقع فی خارج الوقت إذ المرکب الارتباطی ینتفی بانتفاء جزئه.

(ولکن) روایات التنزیل دلت علی أن من أدرک رکعة فقد أدرک الصلاة و بما أنها مجملة ـ لدوران أمرها بین الرکوع و الرکعة التامة ـ نقتصر فی التنزیل علی القدر المتیقن و هو تنزیل رکعة تامة فنقول: إنا نعلم أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 467 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(مسألة 16) اذا إرتفع العذر فی أثناء الوقت المشترک بمقدار صلاة واحدة ثم حدث ثانیاً کما فی الإغماء و الجنون الأدواری فهل یجب الإتیان بالأولی أو الثانیة أو یتخیر وجوه (1).

(مسألة 17) اذا بلغ الصبی فی أثناء الوقت وجب علیه الصلاة (2) إذا أدرک مقدار رکعة أو أزید و لو صلی قبل البلوغ ثم بلغ فی أثناء الوقت فالاقوی کفایتها (3) و عدم وجوب

 

من أدرک رکعة تامة یجب علیه الإتیان بتمام الصلاة، و أما من أدرک خصوص الرکوع فلا نعلم بوجوب الصلاة علیه أداء الشک فی أن إدراکه نزل منزلة الصلاة أم لا، بل مقتضی التحدید المستفاد من الروایات عدم الوجوب (فقد تحصل) أن العبرة فی وجوب الصلاة فی الوقت بادراک رکعة تامة ـ سواء قلنا بحجیة غیر الموثقة من روایات (من أدرک) أو لم نقل بها.

(1) قد تعرض الماتن لهذا الفرع فی آخر المسألة الثالثة من فصل الأوقات (ص 209) و مال إلی التخییر و تقدم أن الأظهر هو تقدیم الظهر لأنها غیر مشروطة بشىء بخلاف العصر فانها مشروطة بأن تقع بعد الظهر لأجل أدلة الترتیب (و منه) یظهر أنه لا وجه للقول باختصاص العصر به لأن الوقت المختص بالعصر ـ علی ما یستفاد من الروایات ـ هو آخر الوقت فالحاق المقام به قیاس لایمکن الالتزام به.

(2) لاریب و لا إشکال لعموم أدلة وجوب الصلاة بالإضافة إلی جمیع المکلفین و الصبی الذی بلغ فی الوقت منهم و هذا واضح.

(3) علی ما هو الأظهر و الأوفق بالقواعد فان الروایات[691]دلت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 468 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إعادتها و إن کان أحوط، و کذا الحال لو بلغ أثناء الصلاة.

(مسألة 18) یجب فی ضیق الوقت الاقتصار علی أقل الواجب إذا إستلزم الإتیان بالمستحبات وقوع بعض الصلاة خارج الوقت فلو أتی بالمستحبات مع العلم بذلک یشکل صحة

 

علی أن الأولیاء مأمورون بأن یأمروا أولادهم بالصلاة و هم أبناء السبع أو الست و لاریب، فی أن ظاهر تلک الروایات هو أن الطبیعة التی طلبت إیجادها من الأطفال استحباباً هو عین الطبیعة التی طلبت من البالغین وجوباً هذا من ناحیة.

(و من ناحیة اُخری) أن الأدلة الناطقة بوجوب إیجاد طبیعة الصلاة منصرفة عن الطبیعة التی وجدت فی الخارج بفعل نفس المکلف و نتیجة ذلک عدم وجوب الإعادة فی المقام. (و بعبارة أخری) قد ذکرنا غیر مرة أن عبادات الصبی مشروعة لأجل الروایات الآمرة للأولیاء بأن یأمروا أطفالهم بالصلاة و غیرها فاذا وقعت الصلاة فی الوقت بوصف المشروعیة و الإستحباب یکفی فی مرحلة الإمتثال لإنصراف الأوامر الموجهة‌ إلی المکلفین عن إیجاد هذه الطبیعة فی نفس الوقت ثانیاً. (نعم) کون المستحب مسقطاً للواجب و إن یحتاج إلى دلیل ومن هنا إستشکلنا فی سقوط التکلیف عن البالغین بفعل الصبی فی الواجبات الکفائیة کالصلاة علی المیت مثلا الا أن ذلک بالاضافة الی التکلیف المتوجه الی غیره لأنه لاوجه لدعوی الانصراف هناک و أما بالإضافة الی تکلیف نفسه فالإنصراف ظاهر (و اما) ما قد یقال: من أن الوجه فی مشروعیة عبادات الصبی هو أن حدیث الرفع یرفع الإلزام فیبقی أصل المشروعیة بحاله فلا أساس له علی ما تعرضنا له فی محله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 469 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

صلاته بل تبطل علی الأقوی (1).

(مسألة 19) اذا أدرک من الوقت رکعة أو أزید یجب

 

(1) قد یتخیل أن ماقواه الماتن من البطلان مستند الی الإتیان بالمستحب من حیث هو مستحب فیستشکل بأنه إن کان البطلان من جهة النهى فهو ـ مع أنه مبنی علی أن الأمر بالشىء یقتضی النهى عن ضده ـ إنما یقتضی بطلان ذلک المستحب لا أصل الصلاة، و إن کان من جهة، الزیادة، فهو مبنی علی أن الأجزاء الإستحبابیة مأتی بها بقصد الجزئیة و التحقیق خلافه فانها لاتؤتی بقصد الجزئیة و إلا لم تکن مستحبة بل کانت واجبة، و إن کان من جهة التشریع ـ لعدم استحباب ما یفوت به الوقت فالإتیان به بقصد العبادة تشریع محرم ـ فهو مبنی علی إبطال التشریع و التحقیق خلافه لعدم الدلیل علیه و لا ینافی التعبد بالصلاة ـ علی أنه یمکن الاتیان به لابقصد الأمر بل یأتی به بداعی محبوبیته.

(و إن) کان من جهة کونه من الکلام المبطل عمداً فهو ـ مع أنه مختص بالمستحب الکلامی و لا یجری فی الفعل المستحب کجلسة الاستراحة و نحوها ـ لا یتم لأن الذکر لیس کلاماً آدمیاً مبطلا بل عبادة مستحبة لامانع من الاتیان بها فی الصلاة (و منه) یظهر أنه لا مجال للبطلان و إن قلنا بأن الذکر و الدعاء المحرمین بوجبان بطلان الصلاة، لما عرفت من أن تحریمه غیر ثابت إذ الأمر بالشىء لایقتضی النهى عن الضد.

(ولکن) التحقیق أن البطلان لیس مستنداً إلی الاتیان بالمستحب من حیث هو کذلک حتی یستشکل علیه بما ذکر بل البطلان مستند إلی تفویت الصلاة إختیاراً فان من یأتی بالأجزاء المستحبة، فقد فوّت الوقت علی الأجزاء الواجبة عمداً و هو غیر مغتفر إذ حدیث من أدرک لایشمل التفویت الاختیاری و التأخیر العمدی.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 470 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[687] . راجع ص 200 ـ إلى 214.
[688]. الوسائل ب 4 من ابواب المواقیت ر 5، بطریق الصدوق فان طریق الشیخ ضعیف.
[689] . الوسائل ب 30 من أبواب المواقیت ر 1.
[690] . راجع الوسائل ب 11 من ابواب الرکوع.
[691] . الوسائل ب 3 من ابواب اعداد الفرائض و ب 74 من ابواب أحکام الأولاد.

(471 - 473)

(471 - 473)

 

 

ترک المستحبات محافظة علی الوقت بقدر الإمکان (1) نعم فی المقدار الذی لابد من وقوعه خارج الوقت لابأس باتیان المستحبات.

(مسألة 20) إذا شک ـ فی أثناء العصر ـ فی أنه أتی بالظهر أم لا بنی علی عدم الاتیان و عدل الیها إن کان فی الوقت المشترک و لاتجری قاعدة التجاوز (2) نعم لو کان فی الوقت المختص بالعصر یمکن البناء علی الإتیان باعتبار کونه من الشک بعد الوقت.

 

(1) الواجب هو التحفظ‌علی الوقت و بما أن إتیان المستحب یوجب فواته یجب ترکه عقلا.

(2) علی ماهو الأظهر (ولکنه) قد یقال: بجریان قاعدة التجاوز فی کلا الفرضین بدعوی أن الظهر لما کان لها موضع معین و محل مخصوص یصدق التجاوز عنها بالاضافة إلی جمیع الأجزاء بمجرد التعدی عن موضعها و الشروع فی العصر فان المناط فی جریان قاعدة التجاوز هو الشک فی الصحة أو فی الوجود بعد الدخول فی غیره مما هو بعده و مترتب علیه و لاشک فی وجود هذا المناط فی کلا الفرضین.

(و فیه) أنه إن کان الشک فی إتیان الظهر فی الوقت المشترک لم یتحقق التجاوز عن الظهر (بیان ذلک) أن عنوان المضی و التجاوز المأخوذین فی ألسنة الروایات[692] لایصدقان إلا فی موردین (الأول) أن یکون الشک فی أصل وجود الشیء مع تجاوزه عن محله فحینئذ یصدق أنه شک فی شیء بعد أن تجاوزه کما اذا شک فی القراءة بعد مارکع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 471 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو شک فی الرکوع ما سجد.

(الثانی) أن یکون الشک فی صحة شیء قد أتی به لافی وجوده فهنا یصدق حقیقة أنه شک فی شیء قد جاوزه فللمکلف أن یبنی علی الصحة و الوقوع فی هذین الموردین، و محل کلامنا لیس داخلا فی أحد من الموردین أما عدم دخوله فی الثانی، فواضح، لأن الشک فی المقام فی الوجود لافی الصحة و أما عدم دخوله فی الأول، فلأن المصلی لم یتجاوز محل الظهر فإن ظرف الشک ظرف للإتیان بها و محل لها و الذی یکشف عن ذلک هو أنه لو علم المکلف فی هذا الحال بأنه لم یأت بالظهر ینوی الظهر و یتم صلاته، فلو کان التجاوز متحققاً کیف أمکن له ذلک؟ (و هذا) بخلاف ما إذا کان الشک فی إتیان الظهر فی الوقت المختص بالعصر فان المصلی لیس له أن یعدل إلی الظهر و لو علم أنه لم یأت بها فضلا عما إذا شک فی ذلک فهنا لا ریب فی تحقق التجاوز و الرجوع إلی قاعدته فیتم مایبدئه عصراً علی ما نواه و أما الظهر فلا حاجة إلی الاتیان بها لفراغ الذمة عنها بمقتضی قاعدة التجاوز (نعم) فی الفرض المتقدم یأتی بالعصر بعد ماعدل إلی الظهر و أتمها.

الحمدلله أولا و آخراً و ظاهراً و باطناً و هو حسبنا و نعم الوکیل و صلی الله علی محمد و آله الأطهار المعصومین.

تم الجزء الأول من کتاب (تحریر العروة الوثقی) بتمامیة‌مبحث الأوقات و یتلوه الجزء الثانی من أول مبحث (القبلة) إن شاء الله تعالی و قد وقع الفراغ من هذا الجزء فی لیلة الخمیس المصادفة للیلة العید الأضحی فی سنة 1388 من الهجرة النبویة) (علی مهاجرها آلاف الصلاة و التحیة) بقلم مؤلفه الفقیر إلی رحمة ربه الغنی (قربانعلی المحقق الترکمانی) نجل المرحوم محمد رضا الأفغانی غفر الله ذنوبهما و حشرهما مع محمد و آله الطاهرین صلوات الله علیه و علیهم أجمعین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 472 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قد ذکر فی (ص 36) أن فی سند روایة سلمة معلی بن محمد و هو و ان لم یوثق فی کتب الرجال الا أنه وقع فی أسانید کامل الزیارات فتکون الروایة معتبرة. (ولکنه) یظهر من کلام النجاشی ضعّفه حیث قال فی رجاله: (معلى بن محمد البصری أبو الحسن مضطرب الحدیث و المذهب) فعلیه یکون توثیق ابن قولویه معارضاً بتضعیف النجاشی فتصبح الروایة ضعیفة کما نبّه بذلک فی (ص 452).

(2) قد ذکر فی (ص 98 و 101) أن المکلف اذا صلی الظهر قبل الزوال معتقداً لتحققه أو معتمداً علی امارة‌ معتبرة کأذان العارف بالوقت مثلا ثم إنکشف أن الزوال قد تحقق عند التشهد الأخیر فسلم یحکم بصحة صلاته (ولکن) هذا الفتوی کانت مبنیة علی العمل بروایة اسماعیل بن ریاح و بما أن سیدنا الاستاذ دام ظله العالی بنی أخیراً علی ضعفها لعدم ثبوت و ثاقة اسماعیل ـ کما تعرض لذلک مفصلا فی (ص 407) ـ تکون الصلاة فی الفرض المذکور محکومة بالفساد لفقدانها الرکن القویم و هو الوقت.

(3) قد ذکر فی (ص 105) أن روایة منصور بن حازم ضعیفة السند لأجل أحمد بن عبدون و علی بن محمد بن الزبیر (ولکن) سیدنا ألاستاذ ـ دام ظله العالی ـ قدبنى أخیراً على و ثاقة أحمد بن عبدون لأنه من مشایخ النجاشی و هو قد وثق مشایخه الذین یروی عنهم بلاواسطة فعلیه یکون ضعف الروایة من أجل علی بن محمد بن الزبیر و محمد بن الربیع حیث أنهما لم یوثقا.

(4) قد عبرنا فی (ص 180) عما رواه جارود بالروایة لا بالموثقة و ذلک لأن الراوی فی سندها مردد بین ابن رباط و اسماعیل بن ابی سماک (ل) و الاول ثقة و الثانی لم یثبت وثاقته لإجمال کلام النجاشی فیه فعلیه تکون الروایة ساقطة عن الاعتبار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [ الصفحة 473 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[692] . راجع الوسائل ب 23 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة و ب 42 من أبواب الوضوء.