504 0 1392/05/02
التوجیهات و التوصیات التأریخیة الهامة للمرجع الدینی الکبیر سماحة آیة الله العظمی الشیخ المحقق الکابولی دام ظله الشریف إلی الأفغانیین المغتربین فی إسترالیا و أوروبا و أمیرکا.
قبل فترة و جیزة إلتقی ثلة من العلماء و المحققین الأفغانیین المقیمین فی أوروبا مع سماحة آیة الله العظمی الشیخ المحقق الکابولی دام ظله الشریف فی مکتبه الرئیسی فی قم المقدسة، و سلّموا له تقریراً عن الأوضاع الأفغانیین و الشیعة هناک کما کانت لهم الاقتراحات فی سبیل حلول المشاکل الدینیة و التربویة و الإجتماعیة بشکل عام.

و من هنا بادر سماحته بالتوجیهات الضروریة و التوصیات الهامة التی تناول حلول تلک المعضلات السائدة بین المسلمین فی بلاد الغربة ترجمها إلی العربیة الشیخ غلام حسین الشهرستانی بهذا النص

بسم الله الرّحمن الرّحیم
قال الله الحکیم فی کتابه الکریم:
«یا أیها النّاس إنّا خلقناکم من ذکر و أنثی و جعلناکم شعوباً و قبائل لتعارفوا إنّ أکرمکم عند الله أتقاکم إنّ الله علیم خبیر»


أیّها الإخوة فی الإیمان!
إنّ الدین الإسلامی الحنیف هو أکمل الأدیان السماویة و خاتمها و هو الذی نسخ تلک الأیان السابقة لأنه أتی بجمیع متطلبات البشریة من الهدایة و الکمال و السعادة للإتسان إلی یوم القیامة و لذلک هو علی أتم الاستعداد علی الإجابة لجمیع الأسئلة التی تهمّ مصیر الإنسان نحو التعبد الصحیح لله وحده سبحانه و تعالی فی إطار أصول و قواعد خاصّة.
و إنّ نبیّنا محمّد بن عبد الله صلّی الله علیه و آله و سلّم الذی جاء بالإسلام هو خاتم الأنبیاء و المرسلین، و قد بشّر به الأنبیاء السابقون کلهم کما تشهد بذلک الکتب السماویة السابقة.
و لله الحمد إنّ الإسلام قد انتشر علی ربوع الأرض أدناها و أقصاها بقوة المنطق و البراهین الساطعة و إننا نشهد بأن نفوساً حرّة هنا و ضمائر حیّة هناک قد تحرکت صوب ما کان یفقده و توجهت نحو مبتغاها و التقت بضالتها فانتمت إلیه و تعلقت به و تدافع عنه ببسالة و هذا مما یستبشربه المؤمنون بین الفینة و أخری .
إنّ الشّعب الأفغانی المسلم له المیزة الخاصة عبر التأریخ فی التمسّک و الولاء بالدین الإسلامی حیث أثبت ذلک من خلال التمسّک العملی و الدفاع المستمیت عبر النضالات البطولیة ضد الإعتداءات السافرة للأجانب من بریطانیا و أمیرکا منذ الاستقلال إلی عصرنا هذا و التأریخ یشهد بذلک و قد سجّله علی جبینه و لن ینساه أبداً.
لکن الأحداث القاسیة و الأزمات الموجعة فی العقود الأخیرة حکمت علی البلاد ظلماً فحوّلتها إلی الدمار و الویلات حیث أسفرت من جرّائها إلی مآت الآلاف من الشهداء و الملایین من الجرحی و المشرّدین، و بسبب تلک الحروب التی فرضتها قوی الاستکباریة من الخارج و المنظمات العمیلة فی الداخل قد هاجر من المواطنین ما یقارب عشرة ملایین شخصاً و انتشروا فی بلدان الجوار و الدول العربیة و دول الأجانب من أوروبا و أمیرکا و إسترالیا واستوطنوا فیها و أصبحوا مواطنین فیها و هذا الإغتراب أمر مؤسف جداً.
أحبائی فی الإسلام!
إننی أوجّه خطابی و توصیاتی إلیکم أنتم الذین تقطنون بلاد الغربة و تمضون بقیة أیام حیاتکم فی الإغتراب و الهجران عن الأقارب و الأحباب و الأصدقاء و الوطن الأم، بما أن فی تلک البلاد الکافرة شیوع الفساد و مظاهر الافتتان و الإباحیات المتنوعة أکثر من البلدان الإسلامیة ممّا یبعث القلق للجمیع و یوجب الاستضعاف فی نفوس المسلمین خاصة الشباب و الیافعین إلی انجرارهم فی مستنقعات الفسق و الضلالة و الإنحراف عن جادة الصواب و بالتالی إلی الخروج عن ثوب الإیمان و الطاعة لله سبحانه و تعالی، إننی عندما ألاحظ هذه الأوضاع تعصرنی الآلام و الحسرات و دفعتنی إلی أن أمدّ یدی إلی القلم و أسطّر لکم مطالب هامّة و توصیات مصیریة جدیر بکم الإنتباه إلیها بجدیة تامّة و العمل بها قدر المسؤولیة :
1- بما أنکم تعیشون فی بلاد غیر اسلامیة علیکم الحفاظ علی معتقداتکم الإسلامیة الصحیحة التی تستوحی من مصادرها الشرعیة بعیدین عن کلّ ما لا یوافق الشرع القویم و العقل السلیم.
2- لابد الإلتزام الکامل بالأحکام الشرعیة بمعنی تطبیق الواجبات و الإجتناب عن المحرمات، و علیکم بالتجنب من الأمور الإباحیة و تکفیر الناس و تفسیقهم، و أدعوکم إلی إحترام الناس و الإلتزام بالأخوّة الدینیة مع جمیع الفرق الإسلامیة و التزموا مداراة أصحاب الأدیان غیر الإسلامیة و هذا ممّا یأمرنا به الإسلام.
3- علیکم الإهتمام بالأخلاق الإسلامیة و تطبیقها أثناء التعامل من الناس و إیّاکم أن تخالفوا القانون و النظام الإجتماعی فی الأمور المالیة و و الإجتماعیة و العمل الیومی و فی ما خصّص لعامة الناس من الحدائق و المدارس و المنتزهات والأماکن العامة، و أعتقد أن هذه الأمور تعتبر من التکالیف اللازمة علیکم أنتم المواطنون الجدد فی تلک البلاد، إذن علیکم أن تعاشروهم بالتربیة الدینیة و الآداب الإسلامیة کی تدعوهم إلی الإسلام من خلال أخلاقکم العملیة کما طلب منا أئمتنا علیهم السلام بذلک: « کونوا دعاة للنّاس بغیر ألسنتکم »
4- نؤکد لکم بالوحدة و الأخوّة الإسلامیة و نحذرکم عن التفرقة و الانخراط فی الإطار القومی و الطائفی الحزبی و غیرها من الإعتبارات غیر الإسلامیة لأن کل هذه الأمور مرفوضة فی الإسلام و لا قیمة لها بتاتاً، و إنما المعیار فی کرامة الإنسان عند الله عز و جلّ هی التقوی و الأخوّة فی إطار الإیمان و الأعمال الصالحة فحسب، و علیکم بالمعاشرة و العلاقات فیما بینکم علی أسس دینیة و إرشادات إسلامیة التی تنبثق من مدرسة و تعالیم أهل البیت علیهم السلام لأنهم سفن النجاة و أعلام الهدی إلی الحیاة السعیدة.
5- إننی أطالبکم بالتمسّک و العمل بسیرة أهل البیت علیهم السلام بأن تکون التربیة و التعلیم لأولادکم من خلال الدروس الإسلامیة الصحیحة کما یلزم أن تعلموهم المودة بالقرآن و العترة الطاهرة و علموهم الدفاع عن قادة الإیمان المعصومین علیهم السلام و بذلک تکون السعادة فی الدنیا و الآخرة.
6- نظراً إلی أن المجتمع له دور کبیر فی تربیة الإنسان سلباً و إیجاباً لجمیع فئات من الناس خاصة الشباب و الیافعین یلزم علیکم الإهتمام البالغ فی تربیة أنفسکم و أولادکم الذین هم فلذة کبدکم و هم الذخیرة لمستقبلکم و بالتالی هم السفراء لکم المسلمین فی تلک البلاد الکافرة، و لا قدر الله إذا کنتم متساهلین فی تربیتهم السلیمة تکونوا مسؤولین أمام الله سبحانه و تعالی یوم القیامة الذی لاینفع الندم فیه، علماً أنّ القرآن الکریم یحذرنا کل یوم و ینادی: « یا أیّها الذین آمنوا قوا أنفسکم و أهلیکم ناراً وقودها الناس و الحجارة » ولتکن هذه التربیة الإسلامیة تحت إشراف عالم دینی تقی ورع مخلص و فی کل خطوة لازمة.
7- اسعوا جاهدین بأن تبعثوا عدداً من الشباب المؤهلین إلی الحوزات العلمیة مثل النجف الأشرف و قم المقدسة لتعلّم و دراسة الشریعة الإسلامیة أحکامها و معارفها و فضائلها و أخلاقها، و یکونوا هؤلاء الدارسین بعد العودة إلیکم مبشّرین و منذرین للجالیة المسلمة هناک و لمن أحبّ الإطلاع عن الدین الإسلامی.
8- کما تعلمون أنّ الأسر و العوائل فی الإسلام هی کیانات مقدسة و له العنایة الکبیرة فیها حیث شجع الشباب المؤمنین بالتحلّی بها و تکوینها منذ بلوغ الرشد تحت طائلة المسؤولیة، ولکن مع الأسف الشدید أن هذه الکیانات قد تعرضت بالإنفلات والإنهیار و الإباحیة فی زمن الإغتراب و الاستیطان فی البلدان غیر الإسلامیة فلا تماسک بینها حسب المقررات الدینیة و لا تواصل فیها کما أمر به الإسلام! و من هنا إننی أطالبکم بکلّ جدیّة أن تحافظوا علی سلامتها و صیانتها بکلّ وسائل ممکنة کی تکون بعیدة عن الفساد و الإفساد و الهلاک و الإنجذاب إلی ذلک المجتمع العلمانیة السکولاریة الرافضة کلّ الفضائل الإنسانیة، و لکی تکونوا قد أدیتم التکالیف الشرعیة تجاه الأجیال القادمة و بذلک سیزداد لکم التأریخ المشرّف مستقبلاً.
9- علیکم بالعلاقات الوطیدة و التواصل المستمر مع المؤسسات الدینیة ومکاتبنا فی إیران و أفغانستان لتتمکن الجهات المسؤولة بإرسال البعثات التبلیغیة إلیکم وقت الحاجة و لأن تستفیدوا من أفکار و نظریات العلماء الأفاضل کالمرحوم آیة الله الشیخ محمد عیسی المحقق الخراسانی (ره) و غیره، و لأن تزوّدوا من التجارب الإداریة و التربویة و التعلیمیة لهم فی قضایاکم الدینیة و الإجتماعیة و الأخلاقیة.
10- إننی أطلب من الإخوة المسؤولین فی الهیئات الإجتماعیة و المؤسسات الدینیة أن یکونوا فی صلة دائمة مع العلماء و المبلغین للتشاور معهم حول الإدارة الصحیحة للمساجد و الحسینیات و المراکز التوعویة لأن لهم الخبرة الواسعة و التجربة الکافیة فیها فلا تتغافلوا عن ذلک ما دامت المراکز الدینیة قائمة هناک.
11- أدعو و أوصی جمیع المسلمین شیعة و سنّة الذین یستوطنون فی تلک البلاد غیر الإسلامیة إلی نقطتین مهمتین:
الأولی: یلزم علیکم أن تکنّوا فی قلوبکم الإحترام البالغ للعلماء الکرام و الطلبة المحترمین، و إیّاکم التباعد عنهم لأنهم ثلّة عارفة لدینکم الإسلام العزیز و هم الذین عکفوا للتبلیغ الإسلامی فیما بینکم، و بهم یعرّف القرآن الکریم و یرفع الأذان من بیوت الله و یذکر عزّ اسمه بالغدوّ و الآصال.
الثانیة: یلزم علیکم أن تلتفتوا إلی أنّ هؤلاء العلماء هم الذخائر الدینیة و هم أصحاب الحل للمشاکل الإجتماعیة، و هم الذین یحملون أوزار العبء التربوی للجیل الحاضر و هم السبب فی إهتداء الأجیال المقبلة و رفع الشأن الإسلامی فی بلاد الغربة.
12- أطالب إخوانی العلماء و الإخوة المتخرّجین و الطلبة الأعزاء هناک أن تلتزموا بالأمور التالیة دون تساهل:
أولاً: الحضور المستمر بین هؤلاء الجالیة المسلمة للقیام فی تشریح المبادئ  الإسلامیة کما هی فی مصادرها الناصعة و أن تبلغوا الأحکام الشرعیة الصحیحة ولا تقصّروا فی تبیین المعارف الدینیة و الأخلاق الطیبة مهما أمکن.
ثانیاً: علیکم الإلتزام الدؤوب بالأخلاق الحسنة و التحلّی بالزیّ الدینی إذ لهما أثر کبیر فی نفوس المؤمنین نحو العادات الإسلامیة الجمیلة و التجربة خیر شاهد علی ذلک.
ثالثاً: علیکم بالمزید من الدراسات و التحقیقات العلمیة و الدینیة فی المجالات المختلفة  بالوسائل و الأدوات الحدیثة کی تتمکنوا بأداء التکالیف الشرعیة علی أحسن الأحوال.
رابعاً: علیکم بمصاحبة العلماء الأفاضل و المبلغین الکرام الذین لهم الباع الطویل فی اختصاصاتهم ذلک للتشاور و التباحث فی إیجاد سبل النجاح للأهداف التعلیمیة و التربویة بین المسلمین هناک.
خامساً: علیکم العنایة الخاصة للشباب الحدث و الیافعین الذین فیهم الأرضیة و الاستعدادات المناسبة فی استیعاب المعارف الإسلامیة لأن لهم القلوب الصافیة و القبول الأسرع، و قد ورد فی النصوص الدینیة روایات عدیدة تحثنا بالإنتباه إلی هذه النخبة الخاصة و منها هذه الروایة: « علیکم بالأحداث » و المقصود من الأحداث الذین بلغوا من قریب.
13- إننی أطالب کل الشباب المسلم شیعة و سنة علی أن تنتهزوا الفرص و تستغلوا الإمکانات العلمیة الهائلة و الصناعات المتطورة لدی تلک الدول الأجنبیة أن تنخرطوا فی المؤسّسات العلمیة و المدارس التجربیة لتدرسوا فیها بدقة کافیة إلی مرحلة التقانة و القدرات الحاسمة و التأهل اللازم و هذه الدراسات هی من حقکم.
وقد ورد فی الإسلام عن سید الحکماء أمیر المؤمنین علی علیه السلام یقول: « الحکمة ضالة المؤمن یأخذها حیث وجدها » و قد فسّرت الحکمة بالعلم، و کما فی کلمة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : « اطلبوا العلم ولو بالصّین » و فی حدیث مشهور عنه صلی الله علیه و آله و سلّم : « طلب العلم فریضة علی کلّ مسلم ».
ثمّ علیکم أن تعلموها إلی شبان المسلمین کما تعلمتم فإذن لا تقصّروا و لا تتوانوا منهجیة التعلم و التعلیم مدی الحیاة أین ما کنتم.
14- إنّ من الآلیات و الوسائل المهمة فی الحیاة الثقافیة و منها الإلتفات نحو الماضی و الترابط بینه و بین الحاضر و المستقبل أمران ضروریان لا ینبغی التغافل عنهما:
الأمر الأول: إنّ اللغة الفارسیة التی هی لغة الأمّ بالنسبة لکم الجالیة الأفغانیة و هی لغة الحضارات منذ آلاف السنین و العهود الغابرة فی رقعة واسعة من البسیطة و لها دور هام فی التواصل و الترابط بین دین الإسلام و بین جموع إنسانی هائل ما هو معروف بالفرس، الفرس یعنی جمع کبیر من الناس هم أصحاب اللغة الفارسیة و یتکلم بها ما یقارب: 150،000،000 إنساناً فی العالم، إن هذه اللغة قد خدمت لنا کثیراً حیث تعرفنا من خلالها إلی دین الإسلام مبادئه و مبانیه و معارفه و أخلاقه و تربیته و تاریخه و قوانینه فلا ننساها و إن کنا فی الاغتراب.
الأمر الثانی: إنّ اللغة العربیة لها شأن کبیر فی الإسلام إذ یعتبرها لغة الشریعة و لغة القرآن و لغة أهل الجنة، و هی أدقّ اللغات فی العالم حیث ألفت مآت المجلدات من الکتب فی معرفة أصولها و قواعدها واسرارها و دقائقها،و یتکلم بها ما یقارب من: 400،000،000 شخصاً فی العالم، و من هنا أنصحکم أن لا تنسوا هاتین اللغتین و علموهما لأولادکم الذین ولدوا هناک و اجعلوهما لغة الدراسة و التعلم سیّما فی العلوم الإسلامیة لأنه کما تعلمون أنّ القرآن و الروایات و الکتب الدینیة مدوّنة بهاتین اللغتین، کما لا بأس بکم إذا تعلمتم لغات غیرهما.
15- الإخوة المؤمنین! إننی أطالبکم جمیعاً بالتأکید سیّما أولئک الذین لهم الکفاءات العلمیة والاستطاعة المالیة أن تسعوا جاهدین بإنشاء المراکز الدینیة و الهیئات التعلیمیة ذلک فی إطار المقررات الحکومیة هناک کی لا تواجهوا الاشکالیات الإداریة لاحقاً، ویکون القصد و الهدف من إنشاء هذه المراکز هو إحیاء المناسبات الدینیة و الندوات التربویة و المجالس الإجتماعیة و التأریخیة، و لیشارک فیها جمیع الأطیاف الشعبیة من الأطفال و النساء والشباب الیافعین علی مرّ الشهور و السنوات، و علیکم الإلتفات بإقامة تلک المحاضرات فی الشهور التی فیها المناسبات أکثر من غیرها مثل رمضان المبارک و محرّم الحرام و صفر الخیر.
کما یلزم علیکم أن لا تغیب عنکم إقامة صلاة الجماعات و الجُمُعة و الأعیاد و کذلک أقیموا فیها محافل تلاوة القرآن الکریم و مجالس الدعاء و المواعظ الدینیة باستمرار، ولتکن کل هذه الأمور مع التنسیق و التشاور و إشراف علماء الدین و أهل الخبرة فیها لأنّ زلة قدم واحدة لا سمح الله فی مثل هذه القضایا سوف تعکس الإسائة إلی الإسلام و المسلمین و أنتم فی بلاد کافرة یتربّص بکم الأعداء و سیأخدون علیکم ممسکاً إن لم تکونوا فی وعی و حذر، و فی الشریعة الإسلامیة نبهنا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بإتقان العمل حیث  یقول: « رحم الله إمرءاً یعمل عملاً فأتقنه ».
16- علی جمیع الإخوة المؤمنین التجنب من الإسراف و التبذیر و التجملات الزائدة و التکالیف الباهظة فی الأموال و الأعراس و الحفلات و اللبس و الأکل و الشرب، بل علیهم الإلتزام بأمرین مهمین فی الشرع الإسلامی:
الأمر الأول: دفع الحقوق الشرعیة و الصدقات الواجبة بل المستحبة منها لأنها حقوق الله سبحانه و حقوق الناس من ذوی الحقوق والفقراء و المحتاجین.
الأمر الثانی: لیعلم الجمیع أن فی وطنکم الأم أفغانستان عوائل الشهداء و المعوقون و  الفقراء و العجزة و الأیتام تعیش فی الفقر المدقع لا حول لهم سوی الأمل بالله و بأهل الخیر فلا تنسوا هؤلاء ومُدوا أیادیکم إلیهم بالمعونات و المساعدات اللازمة لیسدّوا حوائجهم الیومیة و لا شک أن هذه الإمدادات تزوّد حسنات فی سجل الأعمال الحسنة لمن قام بها خالصاً لوجه الله تبارک و تعالی.
17- إخوتی فی الإیمان! إننی أوصیکم بأن یکون تعاملکم الیومی مع المواطنین غیر المسلمین علی أسس الأخلاق الإسلامیة و لا یجوز الإسائة إلیهم و إن کانوا یخالفونکم فی الدین و الثقافة و التقالید لأن تکریم الإنسان بما هو إنسان هو من صمیم الإسلام و من الأداب الدائمة للمسلمین أینما یکونوا، علماً أن سوء التعامل مع غیر المسلمین و فی ظرف المعاشرة المشترکة سوف یبعدهم عن الإسلام و أتباعه و هذا مما لا تقبله الشریعة الإسلامیة السمحة بل علی العکس نحن مطالبون بتألیف القلوب و دعوة غیرنا إلی الإسلام بالمنطق القوی و الأخلاق الحسنة و العلاقات الطیبة.
18- إعلموا أن الإعتداء علی ممتلکات غیر المسلمین لایجوز شرعاً، سراً أم علنا، قلیلاً کان أم کثیراً، و علی هذا یلزم علی المسلمین إحترام أموال غیرهم و إلا سوف یؤدی إلی إهانة الأقلیات المسلمة هناک و بالتالی سیضرّ بکم و بالمجتمع المشترک.
19- إنّ التوهین و هتک الحرم بالقول أو الفعل علی المعتقدات و المقدسات و القیم للأدیان غیر الإسلامیة لیس من دأب المسلمین بل علیهم عند الضرورة التمسّک بالحوار السلیم و البرهان القویم و الدعوة النافعة و الموعظة الحسنة مع جمیع الطوائف الدینیة للوصول إلی المبتغی المنشود کما أمرنا بها القرآن الکریم، إذن علیکم بالإبتعاد عن جمع أشکال العنف و التحقیر و الإهانة لغیر المسلمین و یقول القرآن الحکیم: « لا تسبّوا الذین یدعون من دون الله فیسبّوا الله عدواً بغیر علم » فکما تلاحظون أن القرآن ینهانا عن السبّ علی غیرنا و هو الإسائة بالقول فقط فکیف بنا إذا قمنا بالأعمال ضد مقدسات الطوائف و الأدیان؟
20- أخیراً و لیس آخراً، أناشدکم بالإنتیاه اللازم بهذه التوصیات و المطالب الهادفة لتفعیلها و التذکر بها فیما بینکم قدر الإمکان، إننی رأیت نفسی مسؤولة أمام الله سبحانه و تعالی أن أسطّر لکم  هذه التوجیهات و التوصیات کما هو مقتضی الظروف الراهنة فی العالم الإسلامی، أسأل الله العلی القدیر أن یتحف لی و لکم التوفیق فی سبیل تطبیق الشریعة المحمدیة الطاهرة تحت ظلّ ولیّ أمرنا الإمام الحجة المنتظر عجّل الله تعالی فرجه الشریف.
« اللّهم انّا نرغب الیک فی دولة کریمة تعزّ بها الإسلام و اهله، و تذلّ بها النّفاق و اهله، و تجعلنا فیها من الدّعاة الی طاعتک و القادة الی سبیلک، و ترزقنا بها کرامة الدّنیا و الآخرة»         

      و السلام علیکم  و علی من اتبع الهدی.
الحوزة العلمیة فی قم المقدسة ـ الشیخ قربان علی المحقق الکابولی
21 / 2 / 1392 الشمسی 12 / 5 / 2013 المیلادی.
 


اهتمام

نشر تعليق